محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
دانيال + تتمة السفر: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13
يُسَمَّى هذا الإصحاح إصحاح القيامة العامة. فبعد أن انتهى الإصحاح السابق بأخبار ضد المسيح الذي يأتي في نهاية الأيام. ينبؤنا هذا الإصحاح بأحداث نهاية الأيام والقيامة. ولأن هذا السفر يحدثنا عن ملكوت الله، فنجد ختام السفر يكلمنا عن القيامة التي فيها سيظهر ملكوت الله بصورته الكاملة.
الآية (1): "«وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ."
هذه الأيام الأخيرة مع ظهور الوحش (ضد المسيح) ستكون أيام ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ = وما يجعلنا نفهم هذه الآيات من سفر دانيال أنها على الأيام الأخيرة، أن هذا هو نفس ما قاله السيد المسيح وبنفس الكلمات عن الأيام الأخيرة "لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ٱبْتِدَاءِ ٱلْعَالَمِ إِلَى ٱلْآنَ وَلَنْ يَكُونَ" (مت21:24). وسيكون ذلك نتيجة تسلط الشيطان الذي سمح الله بأن يُحَّل. حتى أن السيد المسيح قال "لو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت22:24) . ولكن نشكر الله فهم لهم سلطان على الجسد فقط، أي الشيطان وضد المسيح وأتباعهم. هؤلاء لهم سلطان على الجسد فقط. والضيق سيكون ناشئًا من أن شعب المسيح لن يقبل سمة الوحش وبذلك لن يستطيع أن يبيع أو يشتري. وأيضًا الضيق سيكون في صورة اضطهاد جسدي يصل للاستشهاد ولكن الله لن يتخلى عن شعبه. وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك (رؤ7:12-11) . وسيرسل الله شاهدين (إيليا وأخنوخ) ضد هذا الوحش ليحاربوه ويفسدوا أعماله ضد شعب الله (رؤ3:11) . وهذه هي الأيام التي يُنَجَّى [فِيهَا] شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ، قارن مع (رؤ5:3)، فهناك سفر للحياة مكتوب فيه أسماء الذين يرثون الحياة. ولكن من هم هؤلاء الذين ينجوا؟ هم المؤمنين بالمسيح الذين يغلبون، وهذا واضح من نفس الآية "مَنْ يَغْلِبُ.. لَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ" (رؤ 3: 5). وأيضًا قد تشير هذه الآية لليهود الذين سيؤمنون بالمسيح في نهاية الأيام فينجوا. وما أجمل أن نشعر بأن الله يرسل لنا قوَى غير مرئية مثل الملاك ميخائيل مع قوَى مرئية مثل إيليا وأخنوخ ليدافعوا عن الكنيسة وعن شعب الله، بل وبأحداث عجيبة في الطبيعة كالزلزال المذكور في (زك14: 3-5)، حقًا [إن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساكم] (إش 49: 15). وقد سبق الملاك أن أخبر دانيال عن ميخائيل في (دا 21:10) أنه صديق وشفيع ومحارب عن الكنيسة.
وَيُنَجَّى شَعْبُكَ = لا يجب أن نفهمها أن الله سينجي شعبه من الاستشهاد فهذا ليس في فكر الله. ولو كان هذا في فكر الله فلماذا سمح بعصور استشهاد طويلة في الماضي ولكن ما تقصده الآية هو النجاة من الهلاك الأبدي (رؤ15:20) والدخول للأمجاد.
آية (2): "وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ."
هذه هي القيامة العامة. كل من مات ودفن في تراب الأرض سيقوم كما قال الرب يسوع "تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ، وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ (يو28:5-29).
كثيرون = لماذا يقول كثيرون بينما أن الكل سيقوم؟
1) قوله كثيرون يقصد بهم الأبرار الراقدين، لذلك يضيف أنهم يستيقظون للحياة الأبدية (يَسْتَيْقِظُونَ.. إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ) أي يقومون لقيامة الحياة (يو5: 28).
2) وقوله كثيرون يذكرنا بما جاء في سفر الرؤيا "بعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلْأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ ٱلْعَرْشِ وَأَمَامَ ٱلْخَرُوفِ" (رؤ7: 9).
3) أي أن الوحي يريد أن ينوه على أن عدد الذين يخلصون هم عددًا هائلًا. فكلما زاد عدد المُخَلَّصين يكون هذا سببًا لفرح السماء (لو15: 7). ولذلك يقول الوحي أن عدد الذين يخلصون كثيرون. هؤلاء مصدر فرح الله والسمائيين. هذا الفرح الإلهي بعودة أبناء الله إلى حضنه هو ما جعل الآب يقول "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" يوم معمودية المسيح، فبالمعمودية نتحد بإبنه فنصير له أبناء.
4) وبهذا يتمجد الله ففداء المسيح لم يذهب سُدَى.
5) وهذا يُعطي اطمئنانًا ورجاءً لكل مَن يجاهد لخلاص نفسه، أن المخلصين كثيرون.
وأما الباقين فهم الأشرار قال عنهم وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. هذه الآية تذكرنا بماقيل عن لعازر والغني "فَمَاتَ ٱلْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ ٱلْمَلَائِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ ٱلْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ" (لو16: 22). هنا نجد العلاقة واضحة بين الملائكة والأبرار.
ولاحظ أنه يسمي الأموات "راقدين"، وهذه تسمية العهد الجديد كما قال المسيح "حَبِيبُنَا لِعَازَرُ قَدْ نَامَ" (يو 11: 11)، ونلاحظ أن هناك مكانين فقط بعد الموت، إذًا أين المُلْك الألفي وأين المطهر؟!!
وهذه الآية مناسبة هنا جدًا، فمع هذه الضيقات الشديدة سنجد كثيرين يخورون مدَّعين أنه لا أحد يستطيع إحتمال هذا العذاب. ولكن ترد عليهم هذه الآية بأن كثيرين (كَثِيرُونَ) يخلصون ويثبتون محتملين هذه الألام. وهذه الآية تشجع كل من يصبر على ضيقات هذا العالم.
آية (3): "وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ."
من عرف المسيح وامتلأ من الروح القدس يعطي له الروح فهمًا. وحين يظهر هذا الوحش سيعرفونه من العلامات التي ذكرها الكتاب (العلامات في إصحاح دا 11). وحين يخدع وحش الأرض الناس بخداعاته (رؤ13) سيكتشفها هؤلاء الفاهمين. ويشرحوا لمن ليس له فهم وخَدَعَتْهُ حيل هذا المضل. ولكن من يشهد للمسيح في هذه الأيام سيعرض نفسه للاستشهاد والضيق ، ولكن "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو 17:8). وهؤلاء مجد "الرب الإله ينير عليهم" (رؤ5:22) والقديسين سيكونون في السماء كالكواكب لأن المسيح سيكون هو شمس البر الذي يضيء لهم.
آية (4): "« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. كَثِيرُونَ يَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ تَزْدَادُ»."
إخفِ الكلام = الملاك جبرائيل كان يشرح الكثير لدانيال، ولكن الرب منع دانيال من إعلان كل ما عرفه كما منع يوحنا الرائي من إعلان ما قالته الرعود السبعة (رؤ10: 4).
معنى الكلام أن كلمات هذا السفر ستكون غامضة إلى وقت النهاية. وقرب النهاية ستتضح معاني الكلمات حتى تكون شاهدًا، ومؤيدة بعلامات تكشف هذا الوحش. وفي وقت النهاية كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد (إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. كَثِيرُونَ يَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ تَزْدَادُ) بخصوص علامات هذه الأيام. ويتأكدون من صدق مواعيد الله، فهو قد سبق وأخبرهم بكل شيء، وهذا مما يزيد الثقة والاطمئنان.
أشياء كثيرة بدأت تَتَكَشَّف الآن:-
• بدأنا نعرف كيف يصنع الوحش علامة بها يبيع أتباعه ويشترون(1) (رؤ13).
• بعد الفضائيات فهمنا كيف يرى العالم كله جثتيّ النبيين(2) (رؤ11).
آية (5): "فَنَظَرْتُ أَنَا دَانِيآلَ وَإِذَا بِاثْنَيْنِ آخَرَيْنِ قَدْ وَقَفَا وَاحِدٌ مِنْ هُنَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، وَآخَرُ مِنْ هُنَاكَ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ."
هنا دانيال يرى ملاكين كل منهما على ضفة من ضفاف النهر. فالله يحيط شعبه دائما بملائكته ليقووا ويساندوا شعبه في كل مكان = ملاك على كل شاطئ.
آية (6): "وَقَالَ لِلرَّجُلِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ الَّذِي مِنْ فَوْقِ مِيَاهِ النَّهْرِ: «إِلَى مَتَى انْتِهَاءُ الْعَجَائِبِ؟»"
أما الرجل اللابس الكِتّان فهو المسيح. وواضح اهتمام الملاك بالبشر وهو الذي يسأل إلى متى انتهاء العجائب = أي متى ستكون هذه النهاية. أو متى تأتي وتنتهي هذه الأحداث. وقد سمع دانيال سؤال الملاك للمسيح ورد المسيح عليه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولاحظ أن المسيح مكانه هنا فَوْقِ مِيَاهِ النَّهْرِ = والنهر هو نهر دجلة الذي قيل عنه في (دا 4:10) وعرفنا سابقًا أن جريانه السريع واندفاعه وعمقه تشير للأحداث الرهيبة الأخيرة أو المعارك الحربية الأخيرة التي كانت رمزًا لها حروب الماضي بين اليونان والفرس. وفي الأيام الأخيرة تشير لأحداث صاخبة مثل اندفاع مياه دجلة. ولكن أليس من المعزي جدًا والمبهج لنا جدًا أن المسيح فوق هذه الأحداث أي يسيطر عليها ويتحكم فيها لصالح شعبه. والمسيح عمل نفس الشيء وسار فوق البحر الهائج بل جعل بطرس يعمل نفس الشيء. وهذه العبارة تتكرر ثانية في آية (7) كتأكيد لهذا، أن الله هو ضابط الكل. وكيف يستغل الله هذه الأحداث لصالح شعبه. راجع الآية (10) من هذا الإصحاح كثيرون يتطهرون ويبيضون ويمحصون = هذه هي فوائد الضيقات. وكان سير المسيح على مياه البحر بنفس المعنى [حتى البحر يطيعه] (مر 4: 41). ويبدو أن الملاك سأل هذا السؤال نيابة عن دانيال الذي خشى أن يسأله وذلك لأن المسيح أراد هذا. فهو كان يرد على أسئلة التلاميذ التي يريدون أن يسألوها (يو19:16) ولاحظ قوله يتطهرون ويبيضون.. وقارن مع قصة الثلاثة فتية في أتون النار فالله يسمح بالضيقات حتى نتطهر ونتحرر من قيودنا (كما إحترقت أربطة الفتية ولم تحترق ثيابهم) ويكون هو معنا في وسط الضيقة يعزينا كما كان ابن الإنسان في الآتون مع الفتية.
آية (7): "فَسَمِعْتُ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ الَّذِي مِنْ فَوْقِ مِيَاهِ النَّهْرِ، إِذْ رَفَعَ يُمْنَاهُ وَيُسْرَاهُ نَحْوَ السَّمَاوَاتِ وَحَلَفَ بِالْحَيِّ إِلَى الأَبَدِ: « إِنَّهُ إِلَى زَمَانٍ وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفٍ. فَإِذَا تَمَّ تَفْرِيقُ أَيْدِي الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ تَتِمُّ كُلُّ هذِهِ»."
الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ = المسيح يظهر في ملابس الكهنة، فهو يشفع فينا بدم ذبيحة نفسه التي قدمها على الصليب. وهذا يعطينا الاطمئنان وسط هذه الضيقة العظيمة أننا لنا شفيع قوي يسندنا وسط هذه الضيقة.
الإجابة كانت زَمَانٍ وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفٍ زمان = هذه الإجابة الرمزية تتكرر كثيرًا. وهي تعني [1] ملء الزمان أي حينما تنضج الأحداث وتكتمل ويرى الله هذا مناسبًا [2] هي فترة ضيقات ولكنها مؤقتة وتنتهي بمجد لله [3] قد تعني نصف الأسبوع الأخير من نبوة السبعين أسبوعًا (دا 9) أي ½3 سنة [4] ولها تفسير آخر، كتأمل:-
فَـ:زَمَانٍ = تعني أنه ملء الزمان أي أفضل توقيت لحدوث هذا في علم الله الكامل.
وَزَمَانَيْنِ = بالنسبة للبشر فهم متسرعين، لكن عليهم أن يتعلموا الصبر فهم يريدون تنفيذ الأحداث الآن، أو نهاية الضيقات الآن. لكن الله يقول لا.. فعليكم أن تعتبروا مدة تنفيذ هذه الأحداث ضعف ما تتصورون، أي لا داعي للعجلة.
وَنِصْف زمان = هذه بالنسبة للمتهاونين، هؤلاء عليهم أن يعلموا أن المسيح سيأتي بأسرع مما يتصورون فالوقت منذ الآن مُقَصَّر [ويوم الرب يأتي كلص] (2 بط 3: 10). وحين تتم الأحداث سيجد الإنسان أن الوقت كان أسرع مما يتصور. بل أن الله نفسه مشتاق أن يعود الإنسان إلى صورة المجد والبهاء التي خلقه عليها أولًا بل ستكون أفضل (رو5: 15).
وهذا الوقت تم التعبير عنه في سفر الرؤيا بنفس الأسلوب. وهذا الوقت تم بقسم فقد رفع لابس الكتان كلتا يديه، وهكذا صنع في سفر الرؤيا (رؤ 5:10، 6). أي تأكيد أكثر من هذا؟! فحين يأتي أحد وينكر المجيء الثاني فأي دينونة تنتظره (2بط4:3).
فإذا تم تفريق أيدي الشعب المقدس. ويعود في (11) ويحدد بدءها إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب. فقد يعني هذا سيطرة كاملة للوحش أو ضد المسيح مما يتسبب في تعطيل العبادة في الكنائس. وإقامة رجس المخرب. من المحتمل أن يكون هذا بجلوس ضد المسيح في الهيكل مظهرًا نفسه أنه إله. ويمكن بعدها حساب مدة الآلام بالأيام كما في آية (11). رِجْسِ الْمُخَرَّبِ = الرجس هو انتشار الخطية – وهذا يكون سببًا للخراب = الْمُخَرَّبِ. فالخراب هو النتيجة المتوقعة لانتشار الخطية، فالله قدوس ولا يمكن أن يتغاضى عن الشر. وقوله إقامة تعني بدء الخراب نتيجة الرجس الذي حدث بل وإنتشر إنتشارا - [راجع تفسير "على جناح الأرجاس مُخَرَّبٌ" (دا9: 27)].
الآية (8): "وَأَنَا سَمِعْتُ وَمَا فَهِمْتُ. فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدِي، مَا هِيَ آخِرُ هذِهِ؟»"
هذا سؤال كل محب للكنيسة هنا دانيال هو الذي يسأل، وما آخر كل هذا الشر الذي في العالم. ودانيال يعبر هنا عن عدم فهمه فلنتضع ونقول ونحن أيضًا لا نفهم. وبنفس المعنى صرخت النفوس التي تحت المذبح في السماء قائلة (رؤ6: 10).
الآية (9): "فَقَالَ: «اذْهَبْ يَا دَانِيآلُ لأَنَّ الْكَلِمَاتِ مَخْفِيَّةٌ وَمَخْتُومَةٌ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ."
ولكن هذه الكلمات ستظل مختومة وغير
مفهومة حتى وقت النهاية "حين تزداد المعرفة" ويكون لهذه الآيات فائدة وربما لو عُرف معناها الآن تمامًا لتعطلت خطة الله، وهذه هي طبيعة النبوات فهي تفُهم بعد تنفيذها أو بالقرب من موعد تنفيذها ليكون لها فائدة.
آية (10): "كَثِيرُونَ يَتَطَهَّرُونَ وَيُبَيَّضُونَ وَيُمَحَّصُونَ، أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَفْعَلُونَ شَرًّا. وَلاَ يَفْهَمُ أَحَدُ الأَشْرَارِ، لكِنِ الْفَاهِمُونَ يَفْهَمُونَ."
هذه الآلام يكون لها عمل النار المطهرة للمؤمنين وأما الأشرار فيزدادون تجديفًا على الله، ولن يقدموا توبة. [راجع (رؤ20:9)] [فلم يتوبوا بعد..] بالرغم من الضربات التي بيضت وطهرت غيرهم + (رؤ9:16) فهم [لم يتوبوا بل هم جدفوا أيضًا] + (رؤ10:16) [يَعَضُّونَ أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْوَجَعِ].... وهذا ما يُسَمَّى روحيًّا "خطية مصر".
وأما الذين أعطاهم الروح القدس فهمًا فسيفهمون ويقدمون توبة والآن نجد كلا القمح والزوان في الحقل وكلاهما ينميان معًا حتى يوم النهاية. وهذه الآية هي نفسها (رؤ11:22) "مَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ".
أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَفْعَلُونَ شَرًا =the wicked will persist in doing wrong الأشرار يستمروا في العناد ويخطئوا.
وَلاَ يَفْهَمُ أَحَدُ الأَشْرَارِ
= the wicked will never understand وهؤلاء الأشرار سَتُعْمَى عيونهم ولن يفهموا أن النهاية قد اقتربت (2بط4:3). فالخطية تعمي العيون (مت14:13، 15؛ يو19:3).لكِنِ الْفَاهِمُونَ يَفْهَمُونَ = who are wise will understand الحكماء يستفيدون من التجربة. والفهم والحكمة هم للمملوء من الروح القدس، روح الحكمة والفهم، روح النصح (إش11: 2 + 2تي 1: 7). الفاهمون سيكتشفوا خداعات ضد المسيح، وسيكشفوها للآخرين وسوف يرشدهم الروح القدس للتصرف الحكيم وقتها.
آية (11): "وَمِنْ وَقْتِ إِزَالَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَإِقَامَةِ رِجْسِ الْمُخَرَّبِ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَتِسْعُونَ يَوْمًا."
1290 يومًا هي المدة التي تبطل فيها الشعائر الدينية، حين يبطل الوحش العبادة، هذه التي قال عنها "وبه أبطلت المحرقة الدائمة" (دا8: 11) وهذه تعني بالنسبة للكنيسة تعطيل صلوات الكنائس وسر الإفخارستيا. مع ملاحظة أنه في خلال هذه المدة ولمدة 1260 يومًا سيشهد للمسيح شاهديه إيليا وأخنوخ (رؤ3:11) بينما سيدوس الأمم المدينة المقدسة 42 شهرًا أي 1278 أو 1279 يومًا وهنا مجرد تصور لتقسيم هذه المدة وهي محاولة للفهم(3)، هي مجرد محاولة لكن الأمر سيظل غامضًا إلى أن يتضح في حينه.
آية (12): "طُوبَى لِمَنْ يَنْتَظِرُ وَيَبْلُغُ إِلَى الأَلْفِ وَالثَّلاَثِ مِئَةٍ وَالْخَمْسَةِ وَالثَّلاَثِينَ يَوْمًا."
وطوبى لمن ينهي فترة الـ1335 يومًا وما زال على الإيمان = طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى (12) أي يحتمل الآلام التي سيثيرها هذا الوحش ضد المؤمنين وهذه تساوي قوله من يغلب في سفر الرؤيا.
آية (13): "أَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ إِلَى النِّهَايَةِ فتَسْتَرِيحَ، وتَقُومَ لِقُرعَتِكَ فِي نِهَايَةِ الأَيَّامِ»."
لاحظ أن الموت راحة. (وهذه هي الكلمة التي تستخدمها كنيستنا مع المنتقلين، ونستعملها بالنطق السرياني "تنيح" أي "استراح"، و"نِياح" أي "راحة"). ولاحظ أن الآية تتكلم أيضًا عن القيامة = وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام = قرعتك تعني نصيبك وميراثك. وَنِهَايَةِ الأَيَّامِ تعني مجيء المسيح الثاني للدينونة وفيها مكافأة الأبرار مثل دانيال.
وكان دانيال في هذا الوقت قد وصل لشيخوخة كبيرة، لم يستطع بسببها غالبًا أن يعود إلى وطنه، رغم أن كورش كان قد سمح بعودة اليهود سنة 536 ق.م. وغالبًا فقد مات دانيال سنة 534 ق.م. أي بعد هذه الرؤيا مباشرة. وقد دُفِنَ في برج كبير في عاصمة مادي كان مثوى لملوك مادي وفارس وتعيد كنيستنا القبطية لنياحته في يوم 23 برمهات بركة صلاته تكون معنا آمين.
هناك رقم آخر نضعه أمام عيوننا وهو الـ2300 يومًا (إصحاح 8).
وكمجرد تصور لمعاني الأرقام يكون:-
الـ2300 يوم من يوم ظهور هذا الوحش كقوة عالمية مؤثرة.
الـ1335 يوم من يوم ظهوره كقوة شريرة تقاوم الله وتضطهد كنيسته.
الـ1290 يوم من يوم إستيلاءه على الكنائس وتعطيل سر الإفخارستيا.
الـ1278 من يوم دوس أورشليم.
الـ1260 يوم من يوم ظهور الشاهدين إيليا وأخنوخ حتى يقتلهما الوحش.
بعد 3 أيام يقوم الشاهدان ويصعدان للسماء في السحابة (رؤ 13).
يتبقى أسبوعين على نهاية العالم لمن يتحرك قلبه ويفهم فيتوب.
ولكن يبدو أن هذه الأرقام تحمل معاني خفية لن نفهم معناها الآن وكأنها
مكتوبة بالشفرة. ولكنها سوف تنبئنا بما يجب علينا أن نعمله أيام ضد المسيح
هذا. الله لن يتركنا وسط الضيقة وحدنا ولكنه سيقودنا وسطها ويرشدنا، وذلك
عن طريق معلومات أخفاها في الكتاب ستتضح معانيها في نهاية الأيام، أيام ضد
المسيح، أيام الضيقة العظيمة.
_____
(1) إضافة من الموقع: يقصد مثل ما قبل عن استخدام شريحة داخل جسم الإنسان مثل
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(2) إضافة من الموقع: يقصد أنه من الممكن في لحظة إذاعة بث مباشر لأمر ما أو أي حَدَث عالمي عبر الفضائيات للعالم كله في لحظة واحدة، فيراه معظم الناس في نفس الوقت على الفور، أو عبر الإنترنت وتسجيلاته..
(3) إضافة من الموقع: تلخيض الشواهد حسب أرقام الرسم:
1260 يومًا (رؤ 11: 3).
1278/1279 يومًا هو حاصل ضرب 42 شهرًا في عدد أيام كل شهر ما بين 28/29/30/31، وذلك حسب (رؤ 11: 2).
1290 يومًا (دا 12: 11).
1335 يومًا (دا 12: 12).
← تفاسير أصحاحات دانيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير دانيال 13 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير دانيال 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4ksda2r