← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32
يبدأ من هنا الجزء الثاني من سفر الأمثال وهو الخاص بأمثال سليمان الحكيم. فالجزء الأول كان كمقدمة، فيها نرى الحكمة تنادي لكل إنسان ليتعلم ونرى هنا ماذا تقول الحكمة. وهذا الجزء عبارة عن أمثال في صورة جمل قصيرة ولكنها مشحونة حكمة، فالحكمة هي التي تنادي. وكل آية مكونة من مقطعين أو جملتين قد تفسر الجملة الثانية الجملة الأولى وقد يكون معنى الثانية التصوير المضاد للجملة الأولى (مثال: فم الصديق ينبت حكمة، أما لسان الأكاذيب فيقطع). وكل الأمثال تحث على فعل الخير وتحذر من فعل الشر وهي أمثال متفرقة لا داعي لمحاولة الربط بينها.
آية (1): "أَمْثَالُ سُلَيْمَانَ: اَلابْنُ الْحَكِيمُ يَسُرُّ أَبَاهُ، وَالابْنُ الْجَاهِلُ حُزْنُ أُمِّهِ."
وهكذا سُرَّ الله بسليمان حين طلب حكمة (2أي7:1-12)، أما رفقة فأحزنها حماقة ابنها عيسو (تك35:26). وقطعًا فالحكيم يسر أمه والجاهل يحزن أبيه.
الآيات (2، 3): "كُنُوزُ الشَّرِّ لاَ تَنْفَعُ، أَمَّا الْبِرُّ فَيُنَجِّي مِنَ الْمَوْتِ. اَلرَّبُّ لاَ يُجِيعُ نَفْسَ الصِّدِّيقِ، وَلكِنَّهُ يَدْفَعُ هَوَى الأَشْرَارِ."
كنوز الشر= المال الذي يُحْصَلْ عليه عن طريق الشر. وهو لا ينفع= لأن ما نحصل عليه بالظلم سيجعله الله يضيع منا، بل تضيع أبديتنا بسببه. والدافع للإنسان ليكنز المال بالظلم هو خوفه من المستقبل، وهو يظن أن كثرة المال فيها ضمان للمستقبل، والحكيم هنا يقول له، ولماذا الخوف من الغد فالرب لا يجيع نفس الصديق فإذا كان الله سيدبر احتياجك فلا داعي لأن تحصل على الكثير بواسطة الشر (وراجع مز 14:10 + 9:34، 10 + 25:37). ولنطمئن أن الرب مسئول عن تدبير احتياجات شعبه المادية. والشر عمومًا لا ينفع صاحبه والعكس فـ:البر ينجي من الموت = فهكذا نجا مردخاي وهلك هامان ونجا نوح وهلك العالم كله، فالشر مهلك والبر ينجي صاحبه. والبر هو العيش بالاستقامة حسب وصايا الله. فالله عادل لا يترك الأشرار دون أن يتدخل والحصاد يتبع الزرع. ولكنه يدفع هوى الأشرار= كلمة هوى معناها شهوة الأشرار الشريرة، فالله يبطل مؤامراتهم.
آية (4): "اَلْعَامِلُ بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِي."
الكتاب لا يساند الكسلان بل يطلب الجد في العمل (2تس7:3-12). وراعوث التي اجتهدت في حقل بوعز ارتفعت جزاء لجهادها.
آية (5): "مَنْ يَجْمَعُ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ ابْنٌ عَاقِلٌ، وَمَنْ يَنَامُ فِي الْحَصَادِ فَهُوَ ابْنٌ مُخْزٍ."
الصيف هو وقت الحصاد. وهذه الآية تنطبق على الجهاد المادي والجهاد الروحي، فمن يجاهد روحيًا له نصيب في الأبدية، ويجب على كل واحد أن ينتهز الوقت (أف16:5). وهذا الكلام موجه بالأكثر للخدام فـ"الحصاد كثير والفعلة قليلون" (لو 10: 2). والشباب وقت لتعلم الحكمة فمن يتعلم الحكمة في شبابه لن يخجل وهو كبير سنًا فما تعلمه في سن التعليم سينفعه كبيرًا.
الآيات (6، 7): "بَرَكَاتٌ عَلَى رَأْسِ الصِّدِّيقِ، أَمَّا فَمُ الأَشْرَارِ فَيَغْشَاهُ ظُلْمٌ. ذِكْرُ الصِّدِّيقِ لِلْبَرَكَةِ، وَاسْمُ الأَشْرَارِ يَنْخَرُ."
بركات على رأس الصديق= الله يفيض بركاته على الصديق على الأرض وفي السماء ويفيض عليه بركات روحية ومادية. وقوله على رأسه، معناها ستكون ظاهرة أمام الجميع. فم الأشرار.. يغشاه ظلم= بينما يلاحظ الناس البركات التي يسكبها الله على الصديق سيلاحظ الجميع أيضًا أن فم الشرير لا يكف عن النطق بالظلم والغش والشر. ذكر الصديق للبركة واسم الأشرار ينخر= أثار البر والشر تبقى على الأرض بعد الموت (مز3:112، 6، 9 + عب2:11) ولنرى الأنبا بولا وقد ترك كل ثروته لأخيه، وكيف نذكر الأنبا بولا، ونتساءل هل يعرف أحد اسم أخيه. ونعرف لعازر الفقير والملائكة قد حملت نفسه واسم الغني لا أحد يعرفه، بل المسيح لم يذكره. وبولس الرسول الذي ضرب وسُجِنَ أين هو الآن من الذي سجنه أو ضربه.
آية (8): "حَكِيمُ الْقَلْبِ يَقْبَلُ الْوَصَايَا، وَغَبِيُّ الشَّفَتَيْنِ يُصْرَعُ."
حكيم القلب= دائمًا صامت، يسمع ليتعلم ويحس أنه جاهل يريد أن يعرف. أما غبي الشفتين= أي من يتكلم كثيرًا ظانًا أنه يعرف كل شيء فهو لا يسمع لذلك لا يتعلم ويُصْرَعُ لجهله.
آية (9): "مَنْ يَسْلُكُ بِالاسْتِقَامَةِ يَسْلُكُ بِالأَمَانِ، وَمَنْ يُعَوِّجُ طُرُقَهُ يُعَرَّفُ."
يَسْلُكُ بِالاسْتِقَامَةِ = السلوك بالاستقامة أي يسير مع الله بأمانة مثل يوسف، وهذا سيعيش في أمان= أما من يعوج طريقه يُعرَّفْ= يُعرَّف أي يكشف ويكون واضحًا للجميع انحرافه حتى ولو بعد حين.
آية (10): "مَنْ يَغْمِزُ بِالْعَيْنِ يُسَبِّبُ حُزْنًا، وَالْغَبِيُّ الشَّفَتَيْنِ يُصْرَعُ."
من يغمز بالعين= هو يدبر الشر للآخرين، يتكلم كلامًا حسنًا عنهم أو أمامهم، ويغمز بعينيه لأصدقائه بإشارات تظهر لهم أن قلبه يضمر كلامًا آخر، وهذا يسبب حزنًا = سيكون هذا الإنسان سببًا في حزن الأبرياء الذين دبر لهم الشر. والحكيم أضاف هنا أن غبي الشفتين يُصرع مع أنه قالها من قبل، فمن يغمز بعينيه يكون غبي الشفتين ومصيره الهلاك فالله القدوس لن يقبل الشر. غبي الشفتين في (آية 8) هو مَن يتكلم كثيرًا ظنًا منه أنه يفهم أكثر، أما غبي الشفتين هنا هو من يقول شيء ويغمز بعينيه في خبث لأصدقائه ليدبر شرا للآخرين.
آية (11): "فَمُ الصِّدِّيقِ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ، وَفَمُ الأَشْرَارِ يَغْشَاهُ ظُلْمٌ."
الصديق هو من يعمل بحسب وصايا الله. وفم الصديق= هو الذي يُعَلِّمْ كلام الله وطوبى لمن عمل وعلَّمَ. فهذا يكون ينبوع حياة للآخرين و"يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (مت 5: 19)، كلماته ستكون لها قوة وتأثير على من يسمعها لأنها ستكون متطابقة مع حياته، وسيكون فيها تعزية للحزين، وتبكيتًا للخاطئ وتشجيعًا للتائب، كلماته ستكون منعشة في رحلة الحياة كما أن البئر بمياهه الباردة يكون منعشًا للمسافر في الصحراء.
وَفَمُ الأَشْرَارِ يَغْشَاهُ ظُلْمٌ = أما الشرير يدبر ظلما للناس. فلا يخرج من فمه سوى الإفتراء على الناس والنم عليهم، والكذب عليهم وترديد الإشاعات ونشر الفضائح.
آية (12): "اَلْبُغْضَةُ تُهَيِّجُ خُصُومَاتٍ، وَالْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ كُلَّ الذُّنُوبِ."
البغضة تهيج خصومات= الإنسان الذي ملأت الكراهية قلبه ضد شخص يأخذ في النم عليه وسرد قصص مختلقة ضده، أو سرد ضعفاته، وهذا يهيج الخصومات. وعكس هذا فـ:المحبة تستر كل الذنوب= (1بط8:4). وهكذا فعل أبو مقار، فهو ستر خطية من كان يزني ولكنه طلب منه أن يكف عن الخطية وهكذا فعل السيد المسيح مع الزانية.
آية (13): "فِي شَفَتَيِ الْعَاقِلِ تُوجَدُ حِكْمَةٌ، وَالْعَصَا لِظَهْرِ النَّاقِصِ الْفَهْمِ."
العصا لظهر الناقص الفهم= هذه انطبقت على رحبعام الذي قبل مشورة الأحداث، والله له وسائل كثيرة يستخدمها كعصا تأديب، فهناك لسعات الضمير وهناك إهانات من ألسنة الناس وهناك عصا الملك وأخيرًا فهناك عقوبات الله.
آية (14): "اَلْحُكَمَاءُ يَذْخَرُونَ مَعْرِفَةً، أَمَّا فَمُ الْغَبِيِّ فَهَلاَكٌ قَرِيبٌ."
بينما أن الحكماء يذخرون
معرفة نجدهم لا يتكلمون، وبينما الحكيم ينصت ليسمع، نجد الجهلاء يتكلمون كثيرًا، وثرثرتهم بأفواههم تكشف جهلهم أمام الناس، ومن يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا. والحكيم يخزن حكمة في قلبه وفي وقت الاحتياج نجده يخرج من مخزون قلبه ما ينفع سامعيه وما يستفيد منه هو شخصيًا، أما الغبي فهو يخزن كلام باطل في قلبه، ونجده يخرج من كنز قلبه الباطل في كل وقت ما يسبب له مشاكل. هلاك قريب= مصيبة وشيكة.
آية (15): "ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ. هَلاَكُ الْمَسَاكِينِ فَقْرُهُمْ."
هذا المثل موجه للكسالى حتى يجتهدوا ويكون لهم ثروة تحميهم، أما كسلهم وعدم جهادهم سيكون سببًا لفقرهم. وقد يفتقر الإنسان بسبب تصرفاته الطائشة مثل ضمان الآخرين أو خطاياه التي يبدد فيها نقوده. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفقره الذي تسبب هو فيه بنفسه سيكون سببًا في هلاكه. أما الثروة مع إنسان عاقل فستحميه. ولكن لننظر نظرة أخرى لهذا المثل، فلو ظن الغني أن ثروته تحميه بدون الله يكون هذا سببًا في هلاكه، ولو ظن الفقير، الذي لا ذنب له في فقره، أن فقره سبب تعاسته ويبدأ يتخاصم مع الله ويقول لماذا يا رب جعلتني هكذا.. ويظن في نفسه أن المال هو الضمان للمستقبل، فهذا أيضًا يهلك. وهنا نقول أن الغني الذي يتصور أنه يتكل على ماله، والفقير الذي يتصور أنه لو حصل على المال حصل على الاطمئنان.. فكلاهما يحتاج للإيمان بالله حتى لا يهلكا.
آية (16): "عَمَلُ الصِّدِّيقِ لِلْحَيَاةِ. رِبْحُ الشِّرِّيرِ لِلْخَطِيَّةِ."
عَمَلُ الصِّدِّيقِ لِلْحَيَاةِ = كل جهاد للصديق يؤدي به للحياة الهنيئة على الأرض وللحياة الأبدية في السماء بعد ذلك، أما الشرير فهو يصرف على شهواته وخطاياه كل ما يأتيه، فيتقسى قلبه بالأكثر في طريق الخطية، ويضر نفسه.
آية (17): "حَافِظُ التَّعْلِيمِ هُوَ فِي طَرِيقِ الْحَيَاةِ، وَرَافِضُ التَّأْدِيبِ ضَالٌّ."
حافظ التعليم= هو إنسان لا يثق في نفسه بل يعتمد على كلمة الله، يحفظها فتكون له حياة، ويحفظها أي ينفذ ما يتعلمه ويحيا به. أما رافض التأديب ضال= وتصور إنسان تائه في الصحراء ولا يريد أن يسمع نصيحة أحد فهو سيستمر في ضلاله وتوهانه ويهلك.
آية (18): "مَنْ يُخْفِي الْبُغْضَةَ فَشَفَتَاهُ كَاذِبَتَانِ، وَمُشِيعُ الْمَذَمَّةِ هُوَ جَاهِلٌ."
من يخفي البغضة فشفتاه كاذبتان= (أمثلة قبلة يهوذا الغاشة/ يوآب مع أبنير) وهذا يسمى مرائي. ومشيع المذمة هو جاهل= النمام الذي يتكلم رديًا على الأبرياء وهذا سريعًا ما ينكشف أمام الناس فالله سيكشف بر الذي يشيع عنه أقوالًا كاذبة [فليس خفى إلا ويعلن] (مت 10: 26؛ لو 12: 2)، وفي (الآية 6) في هذا الإصحاح نجد أن الله يعلن بر الصديق "بَرَكَاتٌ عَلَى رَأْسِ الصِّدِّيقِ". عمومًا فالأفضل من الرياء أو إشاعة المذمة أن نعاتب في محبة من لنا عتاب معه.
آية (19): "كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ، أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ."
مَن يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا (جا1:5-7؛ مت36:12، 37؛ يع1:3-18).
آية (20): "لِسَانُ الصِّدِّيقِ فِضَّةٌ مُخْتَارَةٌ. قَلْبُ الأَشْرَارِ كَشَيْءٍ زَهِيدٍ."
فضة مختارة، أي نقية مصفاة من الغش والرياء والخبث والشر= لِسَانُ الصِّدِّيقِ (كلام الصديق). وإذا فهمنا من (مز6:12) أن كلمة الله فضة مصفاة فنفهم أن ما يجعل كلام الصديق فضة مختارة، هو أنه يلهج في شريعة الله دائمًا (مز15:119). قلب الأشرار كشئ زهيد= أي تافه عديم القيمة. ولاحظ أن اللسان يعبر عما في القلب فمن فضلة القلب يتكلم اللسان.
آية (21): "شَفَتَا الصِّدِّيقِ تَهْدِيَانِ كَثِيرِينَ، أَمَّا الأَغْبِيَاءُ فَيَمُوتُونَ مِنْ نَقْصِ الْفَهْمِ."
راجع آية (11). فحديث الصديق يقود للتوبة. أما الغبي فحديثه تافه، غير قابل للتعليم وسيموت ويهلك لنقص حكمته.
آية (22): "بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا."
يخطئ من يظن أنه بوسيلة عالمية غاشة يزيد ثروته فأي ظلم أو غش فيه خراب أما بركة الرب لمن يطيع وصاياه فهي تغني. ولا يزيد معها تعب= الإنسان العالمي حين يصنع ثروته يتعب ليحميها من اعتداء الآخرين. أما من يعطيه لنا الله من بركات يحميه من اعتداء الآخرين. وتعني أن بركة الرب أهم بما لا يقاس من تعب الإنسان. فالإنسان عليه أن يعمل ويجاهد وبلا كسل لكن الله هو الذي يبارك. وهذه تقال لمن يحمل همًا ليزيد ثروته ويضمن مستقبله.
آية (23): "فِعْلُ الرَّذِيلَةِ عِنْدَ الْجَاهِلِ كَالضِّحْكِ، أَمَّا الْحِكْمَةُ فَلِذِي فَهْمٍ."
الجاهل الأحمق يفعل الخطية بسرور فهو أعمى لا يرَى، وإن نبهه أحد أن تصرفه خاطئ يستهزئ به. أَمَّا الْحِكْمَةُ فَلِذِي فَهْمٍ = أما من يفهم يكون قراره أن يتبع وصايا الله. وتجده ينفر خائفًا من الخطية، فكما شرح سليمان الحكيم من قبل أن رأس الحكمة هو مخافة الله. فمن يخاف الله يجد البركة في حياته ويضمن أبديته. ومخافة الله تظهر في طاعة الوصية.
الآيات (24، 25): "خَوْفُ الشِّرِّيرِ هُوَ يَأْتِيهِ، وَشَهْوَةُ الصِّدِّيقِينَ تُمْنَحُ. كَعُبُورِ الزَّوْبَعَةِ فَلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَأَسَاسٌ مُؤَبَّدٌ."
الشرير لا يعرف معنى السلام الداخلي مهما تظاهر بذلك، وهو دائمًا في خوف من المستقبل، وليست له الحكمة التي بها يقرر أن يتوب، ومن المؤكد أن ما يخاف منه فسوف يحدث، فهذا نتيجة طبيعية للشر. وهذا الشرير يزيله الله بعاصفة غضبه. أما الصديق فشهوة قلبه هي إرضاء الله وشهوة قلبه في السماء ورجاؤه وإيمانه مبنيين على أساس ثابت دائم، وسيحصل على ما يشتهيه.
آية (26): "كَالْخَلِّ لِلأَسْنَانِ، وَكَالدُّخَانِ لِلْعَيْنَيْنِ، كَذلِكَ الْكَسْلاَنُ لِلَّذِينَ أَرْسَلُوهُ."
الخل= حامض قوي يجعل الأسنان تضرس والدخان= يلهب العينين. هكذا يحدث لك إذا أرسلت شخص كسلان غير مكترث وكلفته بمهمة، فهذا يتباطأ في تنفيذها فهو لا يهتم إن نجحت المهمة أو فشلت. ومصيبة أن يوجد وسط الخدام شخص كهذا، هذا يسمع القول المرعب [ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة] (إر 48: 10).
الآيات (27-30): "مَخَافَةُ الرَّبِّ تَزِيدُ الأَيَّامَ، أَمَّا سِنُو الأَشْرَارِ فَتُقْصَرُ. مُنْتَظَرُ الصِّدِّيقِينَ مُفَرِّحٌ، أَمَّا رَجَاءُ الأَشْرَارِ فَيَبِيدُ. حِصْنٌ لِلاسْتِقَامَةِ طَرِيقُ الرَّبِّ، وَالْهَلاَكُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ. اَلصِّدِّيقُ لَنْ يُزَحْزَحَ أَبَدًا، وَالأَشْرَارُ لَنْ يَسْكُنُوا الأَرْضَ."
هنا مقارنة بين الأشرار والأبرار وتنطبق على الحياة الحاضرة والأبدية فبينما الأبرار لهم حياة (27) وفرح (28) وقوة (29). مُنْتَظْر الصديقين مُفَّرِحْ فأفراح الأبدية التي ينتظرها الصديقون أكيدة. نجد الأشرار تقصر حياتهم= سِنُو الأَشْرَارِ.. تُقْصَرُ = فالخطية لها أثارها المدمرة على الصحة والعمر. وأما رجاء الأشرار فيبيد كان رجاء الأشرار في مجد هذا العالم. وهو سيبيد فالأرض كلها ستزول.
الآيات (31، 32): "فَمُ الصِّدِّيقِ يُنْبِتُ الْحِكْمَةَ، أَمَّا لِسَانُ الأَكَاذِيبِ فَيُقْطَعُ. شَفَتَا الصِّدِّيقِ تَعْرِفَانِ الْمَرْضِيَّ، وَفَمُ الأَشْرَارِ أَكَاذِيبُ."
نجد هنا مثلين عن اللسان، فحديث كل إنسان يكشف ما في قلبه. واللسان يدين صاحبه أو يبرره (مت37:12). والله يعطي الصديق حكمة كمكافأة على بره (جا26:2) والذي يسلك بالبر يمتلئ من الروح القدس روح الحكمة، والصديق يمجد الله الذي أعطاه الحكمة بلسانه وأقواله = شَفَتَا الصِّدِّيقِ تَعْرِفَانِ الْمَرْضِيَّ = فهو بحكمته يعرف ما يرضي الله فيقوله.
ملحوظة: نفهم من (يع3) أن اللسان يقود الحياة كلها بمعنى أنه لو تقدس اللسان بكلام تسبيح يتقدس القلب والحياة فاللسان مثل الدفة تقود السفينة كلها. ونسمع السيد المسيح يقول "مِنْ فضلة القلب يتكلم اللسان" أي ما نقوله يفضح ما في قلوبنا. وبوضع الفكرتين معًا نفهم أن نبدأ بأن نلجم ألسنتنا ونرغم أنفسنا على أن نقول ما يمجد الله ولا نتكلم بالباطل ولا بالغش ولا بالكذب ولا كلمات نجسة بطالة، وكمكافأة من الله يقدس القلب ويعطي حكمة. ومن مخزون هذه الحكمة سينطق اللسان بأقوال حكمة. امتناعنا عن الكلام البطال هو جهادنا والحكمة التي تنسكب علينا هي من نعمة الله ليس لنا فضل فيها. لذلك فهناك من يدرب نفسه على صلاة يسوع "يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ" وهناك من يدرب نفسه على ترديد تسابيح وألحان وتماجيد، وهناك من يدرب نفسه على حفظ المزامير. والقديسين الآباء قالوا من يحفظ المزامير تحفظه المزامير.
← تفاسير أصحاحات أمثال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أمثال سليمان 11 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أمثال سليمان 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/sthc96x