← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28
الآيات (1-12) هنا تعالج موضوع الجاهل. والمقصود بالجاهل والأحمق في هذا السفر الشخص الخاطئ المعاند الذي لا يريد أن يقدم توبة بل يفرح بالإثم رافضًا صوت الحكمة.
آية (1): "كَالثَّلْجِ فِي الصَّيْفِ وَكَالْمَطَرِ فِي الْحَصَادِ، هكَذَا الْكَرَامَةُ غَيْرُ لاَئِقَةٍ بِالْجَاهِلِ."
الثلج في الصيف شيء غريب وغير ممكن حدوثه، بل لا يحدث في الطبيعة، وإذا حدث لعَوَّق نمو النبات وهكذا المطر وقت الحصاد شيء لا يحدث ولو حدث لأدى لتلف المحصول، هكذا لو أعطيت الكرامة لجاهل تفسده لأنه سيغتر ويتكبر.
آية (2): "كَالْعُصْفُورِ لِلْفَرَارِ وَكَالسُّنُونَةِ لِلطَّيَرَانِ، كَذلِكَ لَعْنَةٌ بِلاَ سَبَبٍ لاَ تَأْتِي."
الجهال يسارعون إلى صب اللعنات، ومن لا يثق في الله يخشى هذه اللعنات. ولكن من يثق في الله وحمايته يعرف أن هذه اللعنات ما هي إلا كلمات فارغة في الهواء، مثل عصفور لا يؤذي، يطير ويمر أمامك ويختفي بسرعة عن الأنظار. هكذا اللعنة التي بلا سبب لا تؤذي وكمثال على ذلك لعنات جليات لداود ولعنات ربشاقَى وسنحاريب ضد حزقيا، بل أن الطائر إذا طار فإنه لا بُد وسيعود إلى عشه هكذا فإن هذه اللعنات ستعود على رأس من أطلقها وهذا ما حدث مع جليات وسنحاريب.
آية (3): "اَلسَّوْطُ لِلْفَرَسِ وَاللِّجَامُ لِلْحِمَارِ، وَالْعَصَا لِظَهْرِ الْجُهَّالِ."
الجاهل عرضة للخطأ والعناد وينبغي تقويمه بضربات كثيرة لوقف عناده. فالخاطئ مثل الحمار الأرعن لا يستجيب إلا لصوت السوط خائفًا منه ومن العقاب. والإنسان ولد بالخطية ولذلك يحتاج لتأديب وترويض. وهناك من تم تأديبه بالنعمة الإلهية فلا يحتاج للتأديب وهناك من رفض عمل النعمة فيحتاج للتأديب.
الآيات (4، 5): "لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ. جَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ يَكُونَ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ."
هناك تناقض ظاهري في العددين والمعنى أن هناك وقتًا لكل شيء. وهناك وقت نجاوب فيه الجاهل ووقت لا يصح أن نجاوبه. فمجاوبة الجاهل بنفس أسلوبه الساخر المستهزئ معناه الانحدار لمستواه، ولكن من ناحية أخرى لو تركنا أقوال الجاهل بلا رد يظن في نفسه أنه حكيم وكلامه هو الصواب. فهناك وقت للسكوت ووقت لإظهار ضآلة الجاهل. فإذا تكلم الخاطئ باستهزاء لا يجاوبه الحكيم باستهزاء وإلا صار مثله وليس من الحكمة الإجابة في جو السخرية عمومًا ولكن لو فُهِم السكوت على أنه ضعف وجب الرد وإلا ظن أن حججه الواهية هي بلا رد.
الآيات (6-9): "يَقْطَعُ الرِّجْلَيْنِ، يَشْرَبُ ظُلْمًا، مَنْ يُرْسِلُ كَلاَمًا عَنْ يَدِ جَاهِل. سَاقَا الأَعْرَجِ مُتَدَلْدِلَتَانِ، وَكَذَا الْمَثَلُ فِي فَمِ الْجُهَّالِ. كَصُرَّةِ حِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ فِي رُجْمَةٍ، هكَذَا الْمُعْطِي كَرَامَةً لِلْجَاهِلِ. شَوْكٌ مُرْتَفِعٌ بِيَدِ سَكْرَانٍ، مِثْلُ الْمَثَلِ فِي فَمِ الْجُهَّالِ."
كل ثنائية من هذه الثنائيات الأربع تعالج نفس الموضوع العام. وهو أن إئتمان الجاهل على رسالة يبلغها هو خطأ كبير سيعود على من أرسله بالضيق والخسارة. وشبه ذلك بأنه كقطع الرجلين= أي كأن المرسل قطع رجليه لو أرسل جاهلًا برسالة فالرسول هو رجلي المرسل، وكأن الجاهل بأقواله الخاطئة أو ربما بغضبه أو شره أو خبثه، كأن المرسل لم يرسل شيئًا مما أراده بل الأسوأ أنه قد أفسد وشوه صورة من أرسله وكأن المرسل يشرب ظلمًا= أي يتجرع غضب الناس بسبب من أرسله وهو نفسه مظلوم والعيب في الرسول الجاهل. ولكن الناس تحكم على الشخص بحسب رسوله الذي أرسله، لذلك نفهم خطورة مركزنا كمسيحيين ونحن نسعى كسفراء كأن المسيح يعظ بنا، ليرى الناس أعمالنا الحسنة ويمجدوا أبانا الذي في السموات.
ساقا الأعرج متدلدلتان= الخاطئ حين يحاول أن يتكلم بكلام حكمة يشبه الأعرج، أي إحدى رجليه طويلة والأخرى قصيرة، فأقواله كأنها طويلة وأفعاله الشريرة تشير لها الرجل القصيرة وبهذا يعرج أي يناقض نفسه. وهكذا الرسول الجاهل سيتعطل عمله وسيتعطل عمل الذي أرسله كمن أرسل أعرج لأن عديم الحكمة سيكون كلامه غير مقبول لدى الناس ويتعطل عمل إرساليته، وهذه تنطبق على الخادم الذي لا تتطابق حياته مع أقواله. كصرة حجارة كريمة في رجمة= تكريم الجاهل كمن يرمي مجموعة أحجار كريمة وسط كومة أحجار على قارعة الطريق. شَوْكٌ مُرْتَفِعٌ = شوكًا مرتفعًا = غصنًا من الشوك في يد سكران سيؤذيه ويؤذي كل من يمر بجانبه. هكذا لو أخذ الجاهل موقع المعلم سيؤذي نفسه ومن يسمعه.
آية (10): "رَامٍ يَطْعَنُ الْكُلَّ، هكَذَا مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْجَاهِلَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ الْمُحْتَالِينَ."
منتهى الجهل استئجار أناس أغبياء خطاة وتسليمهم أعمالًا هامة، فيكون مثل هذا كمن يرمي سهامًا غير عابئ أين تذهب ومن ستصيب، بل هي تصيب من أرسله.
آية (11): "كَمَا يَعُودُ الْكَلْبُ إِلَى قَيْئِهِ، هكَذَا الْجَاهِلُ يُعِيدُ حَمَاقَتَهُ."
عادة الكلب الحقيرة أن يأكل مرة أخرى من الطعام القذر الذي تقيأه، وهكذا من يترك خطيته ليعود إليها ثانية إذا تعرض للغواية (2بط2: 22).
آية (12): "أَرَأَيْتَ رَجُلًا حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ؟ الرَّجَاءُ بِالْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ الرَّجَاءِ بِهِ."
الرجل الحكيم في عيني نفسه هو من يتصور أنه يعرف كل شيء ولا حاجة له أن يتعلم؟ والجاهل هنا هو الذي يعرف أنه الجاهل وبالتالي يقبل أن يتعلم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). مثل هذا الجاهل الذي يعرف أنه جاهل فيقبل التعليم، فخلاصه يكون أسهل كثيرًا من الذي يظن أنه حكيم أي مملوء كبرياء.
الآيات (13-16): "قَالَ الْكَسْلاَنُ: «الأَسَدُ فِي الطَّرِيقِ، الشِّبْلُ فِي الشَّوَارِعِ!». اَلْبَابُ يَدُورُ عَلَى صَائِرِهِ، وَالْكَسْلاَنُ عَلَى فِرَاشِهِ. اَلْكَسْلاَنُ يُخْفِي يَدَهُ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى فَمِهِ. اَلْكَسْلاَنُ أَوْفَرُ حِكْمَةً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ مِنَ السَّبْعَةِ الْمُجِيبِينَ بِعَقْل."
الباب يدور على صائره= كانت الأبواب قديمًا تدور حول محور فلم يكن هناك مفصلات. والصائر هو محور الباب. وكما أن الباب يدور حول محوره ولكنه لا يتحرك من مكانه هكذا الكسلان في سريره يتقلب ولا يتحرك من مكانه ليعمل. يتصور أنه سيقوم ثم إذ به يتقلب على الجنب الآخر. ونجد في (15) أن الكسلان لا يغذي نفسه واللقمة في يده. والكسلان روحيًا لا يغذي نفسه بكلمة الله وهي في متناول يده. وهو أَوْفَرُ حِكْمَةً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ مِنَ السَّبْعَةِ الْمُجِيبِينَ بِعَقْل = الكسلان يقدم حجة وراء حجة حتى لا يعمل. والحكماء يفندون حججه حتى يقنعونه بأنه لا أسد في الشوارع فعليه إذًا أن يقوم ويعمل. ولكنه في نظر نفسه أحكم من كل الحكماء (رقم7 رقم الكمال أي كل الحكماء) وهكذا هناك خدام كسالَى لا يريدون الخدمة فيتصورون أن هناك عراقيل.
آية (17): "كَمُمْسِكٍ أُذُنَيْ كَلْبٍ، هكَذَا مَنْ يَعْبُرُ وَيَتَعَرَّضُ لِمُشَاجَرَةٍ لاَ تَعْنِيهِ."
الحكيم سبق أن نصح بأن لا ندخل في خصومات حتى إذا كانت تخصنا. فبالأولى لا ندخل في خصومات لا تخصنا ولا تعنينا. فالتدخل في مشاحنات الناس قد يأتي علينا بالمشاكل وهذا ما حدث مع موسى مرتين في مصر، وبسبب هذا مات يوشيا. ولكن إن كان يمكن أن نصنع سلامًا فلنصنع.
الآيات (18، 19): "مِثْلُ الْمَجْنُونِ الَّذِي يَرْمِي نَارًا وَسِهَامًا وَمَوْتًا، هكَذَا الرَّجُلُ الْخَادِعُ قَرِيبَهُ وَيَقُولُ: «أَلَمْ أَلْعَبْ أَنَا!»."
نجد هنا شخص عجيب يدبر خدعة لشخص بريء كنوع من السخرية منه، ويجد في هذا نوع من التسلية، أو هو يتسلى بإطلاق الشائعات الكاذبة على شخص بريء ولمجرد العبث، وحينما يظهر ضرر خداعاته وتحدث أذية للشخص البريء يقول أنه كان يقصد التفكه (الهزار). مثل هذا لا يهتم بإيذاء الآخرين وإيلامهم. ضرر مثل هذا الشخص كضرر رجل مجنون يرمي الناس بالنار والسهام ويعتبر هذا لعبًا.
الآيات (20-22): "بِعَدَمِ الْحَطَبِ تَنْطَفِئُ النَّارُ، وَحَيْثُ لاَ نَمَّامَ يَهْدَأُ الْخِصَامُ. فَحْمٌ لِلْجَمْرِ وَحَطَبٌ لِلنَّارِ، هكَذَا الرَّجُلُ الْمُخَاصِمُ لِتَهْيِيجِ النِّزَاعِ. كَلاَمُ النَّمَّامِ مِثْلُ لُقَمٍ حُلْوَةٍ فَيَنْزِلُ إِلَى مَخَادِعِ الْبَطْنِ."
نجد هنا مساوئ النميمة والوشاية. وكم من أناس يأخذون كلام النمام على أنه لقمة سائغة تنزل إلى أعماقهم وتستقر ولا تمحى. ولكن لو وجد من يقف في وجه هذا النمام يتوقف امتداد النيران لأنه لن يوجد وقود لها. وتخمد الشائعات القديمة.
الآيات (23-28) نجد فيها كلامًا عن المخادع الذي يضمر شرًا ويظهر غير ذلك.
آية (23): "فِضَّةُ زَغَل تُغَشِّي شَقْفَةً، هكَذَا الشَّفَتَانِ الْمُتَوَقِّدَتَانِ وَالْقَلْبُ الشِّرِّيرُ."
الشفتان المتوقدتان= أي اللتان تنطقان بكلمات رائعة ناعمة مملوءة محبة حارة. ولكنهما مع القلب الشرير. تشبهان شقفة= قطعة مكسورة من إناء خزفي مغطاة بطبقة من فضة زغل= أي صدأ الفضة. فالشقفة تشير للقلب والفضة الزغل تشير للكلمات فهو قلب رخيص لأنه مملوء كراهية وحتى الكلمات هو حاول أن يجعلها كلمات حب وكأنها فضة ولكنها لكل رجل حكيم يستطيع أن يكتشف أنها ليست أكثر من شوائب فضة.
الآيات (24-26): "بِشَفَتَيْهِ يَتَنَكَّرُ الْمُبْغِضُ، وَفِي جَوْفِهِ يَضَعُ غِشًّا. إِذَا حَسَّنَ صَوْتَهُ فَلاَ تَأْتَمِنْهُ، لأَنَّ فِي قَلْبِهِ سَبْعَ رَجَاسَاتٍ. مَنْ يُغَطِّي بُغْضَةً بِمَكْرٍ، يَكْشِفُ خُبْثَهُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ."
فيهم استمرار لآية (23) فنرى المخادع جوفه يضع غشًا أي هو مملوءًا به. لكنه بشفتيه يقول كلامًا حلوًا مخادعًا (يوآب مع عماسا كمثال). مثل هذا يكتشفه الحكماء وعلينا أن لا نأتمنه. ففي قلبه سبع رجاسات = أي مملوءًا تمامًا ولا فائدة منه فهو مثل الحية مملوء سمًا. فعلينا أن لا ننخدع بكلمات المحبة الظاهرية سريعًا ولا نصدق إلا من نعرفه جيدًا. فأبوينا آدم وحواء سقطا بكلام الحية الذي كان فيه نغمة الإخلاص ولكنه مملوء خبثًا وخداع. وأشهر مخادع هو إبليس كلامه يبدو فيه الإخلاص وقلبه مملوء بغضًا تمامًا.
آية (27): "مَنْ يَحْفِرُ حُفْرَةً يَسْقُطُ فِيهَا، وَمَنْ يُدَحْرِجُ حَجَرًا يَرْجعُ عَلَيْهِ."
هذا حدث مع هامان وحدث مع رجال داريوس الذين حملوه على إلقاء دانيال في جب الأسود + (عو15). ولاحظ مقدار التعب الذي يبذله الشرير في حفر الحفرة وتغطيتها لتصبح شركًا، أو لدحرجة حجر ليسقط على قريبه ثم كيف أن الله يأخذ الشرير بشره وخديعته.
آية (28): "اَللِّسَانُ الْكَاذِبُ يُبْغِضُ مُنْسَحِقِيهِ، وَالْفَمُ الْمَلِقُ يُعِدُّ خَرَابًا."
اللسان الكاذب
= هو الذي ينشر إشاعات سيئة عن الناس كذبًا فهو يكره من يتكلم عنهم، وبكلامه يسبب لهم حزنًا شديدًا وآلامًا وضررًا بالغًا، وهو يتكلم سرًا فلا يعطيهم فرصة الدفاع عن أنفسهم. وهذا النوع من الإيذاء واضح ويعرفه كل أحد. ولكن وبنفس المقدار هناك إيذاء يدل على الكراهية وبنفس المقدار هو مخرب ومدمر ألا وهو اللسان الملق (الْفَمُ الْمَلِقُ) = الذي يخدع الآخرين وينافقهم فهذا يقودهم أيضًا للخراب، لأنه بينما هو كان قادرا أن يمنع الخراب عن صاحبه لو قال له الحق وحذره بدلا من أن ينافقه . هذا الشخص هو كمن يضع السم في العسل أو الموت مع القبلات. اللسان الكاذب يبغض منسحقيه = أي صاحب هذا اللسان هو يكره من يتسبب بأكاذيبه في أن ينسحقوا.
← تفاسير أصحاحات أمثال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أمثال سليمان 27 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أمثال سليمان 25 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d7grx4m