← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24
آية (1): "الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ."
هناك من يعتزل الشر والأشرار حتى لا يصيبه ضرر. أما الشرير فهو يعتزل القديسين لأنه لا يحتمل أن يسمع من يوبخ ويدين خطاياه وشهواته (يه19). هؤلاء ليس لهم الروح القدس.
آية (2): "اَلْجَاهِلُ لاَ يُسَرُّ بِالْفَهْمِ، بَلْ بِكَشْفِ قَلْبِهِ."
الجاهل لا يُسَّرُ بطرق الله، بل يدعي أنه هكذا ليكون له كرامة وسط الأشخاص الروحيين. وتجد مثل هذا يتكلم كثيرًا عن خبراته الروحية والصلوات التي يصليها والكتب التي يقرأها.
آية (3): "إِذَا جَاءَ الشِّرِّيرُ جَاءَ الاحْتِقَارُ أَيْضًا، وَمَعَ الْهَوَانِ عَارٌ."
إذا وصل الشرير إلى مجلس، يأتي ومعه كلمات الإحتقار والإستهزاء لله ولمن يسلك في طريقه ولخدامه بل بكل أحد وبكل شيء. وهؤلاء سيهانون لأن الله سيهينهم وسيجلبون العار على أنفسهم وعائلاتهم وعلى من يعرفونهم، بل أن سمعة الشرير سيئة حتى وسط الأشرار.
"إني أكرم الذين يكرمونني ، والذين يحتقرونني يصغرون" (1صم2: 30).
آية (4): "كَلِمَاتُ فَمِ الإِنْسَانِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ. نَبْعُ الْحِكْمَةِ نَهْرٌ مُنْدَفِقٌ."
قارن هذه الآية بما ورد في (يو37:7، 38). فالمملوء من الروح القدس تفيض منه الحكمة. وسليمان هنا يشبه كلمات الإنسان الحكيم بأنها مياه عميقة لا تنضب وصادرة من نبع حكمة هو قلب الحكيم. وهي مياه نبع جاري أي نقية منعشة مفيدة تروي كل ظمآن وتعطيه حياة.
آية (5): "رَفْعُ وَجْهِ الشِّرِّيرِ لَيْسَ حَسَنًا لإِخْطَاءِ الصِّدِّيقِ فِي الْقَضَاءِ."
الله لا يقبل الظلم في القضاء
وإظهار البريء أنه خاطئ لمحاباة الغني لِغِناه أو لمركزه، ففي هذا إهانة لله العادل.
الآيات (6-8): "شَفَتَا الْجَاهِلِ تُدَاخِلاَنِ فِي الْخُصُومَةِ، وَفَمُهُ يَدْعُو بِضَرَبَاتٍ. فَمُ الْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ، وَشَفَتَاهُ شَرَكٌ لِنَفْسِهِ. كَلاَمُ النَّمَّامِ مِثْلُ لُقَمٍ حُلْوَةٍ وَهُوَ يَنْزِلُ إِلَى مَخَادِعِ الْبَطْنِ."
هذه الآيات ضد كل كلمة بطالة ففي (6) نجد الجاهل المستعد دائمًا للدخول في أي خصومة ويقول كلام بجهل وبلا حكمة فيلهب الموقف، وربما كلمات من نوع طلب الثأر أو العقوبة أو الانتقام، هي كلمات تهييج = فمه يدعو بضربات. وفي (7) نجد أن كلام الجاهل قد يكون مهلك له فهو قد يتورط باندفاعه ويهدد هذا أو ذاك ويصبح خصمًا لأحد الأطراف. وفي (8) صورة أخرى للكلام الباطل وهي النم أي إذاعة أسرار تدمر سمعة صاحبها. وكلمات النم تكون حلوة في فم قائلها، يُسَّر بإذاعتها ولكنها كأقراص السم المغطى بالسكر طعمها حلو في الفم ولكن متى وصلت للمعدة فهي قاتلة = مخادع البطن = بعد جلسة النم حين يستيقظ الضمير يكون ما قيل مؤذي جدًا لضمير النمام بعد أن كان حلوًا في فمه.
آية (9): "أَيْضًا الْمُتَرَاخِي فِي عَمَلِهِ هُوَ أَخُو الْمُسْرِفِ."
المتراخي يضيع وقته والمسرف يضيع مقتنياته وماله، وكلاهما ذاهب للفقر. والترجمة الأدق للآية هكذا "المتراخي في عمله هو أيضًا أخو المسرف".
آية (10): "اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ."
اسم الرب= أي نلجأ للرب نستنجد به مستخدمين اسمه القدوس ونستغيث به (في6:4، 7). والبار بإيمانه وصلاته واستخدامه الدائم لاسم يسوع يجري نحو الله كمدينة ملجأ يشعر فيها بالاطمئنان (لذلك فكثير من الآباء ينصح باستخدام صلاة يسوع دائمًا وهي "يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ"). والأبرار يهربون من شرور العالم ويحتمون في اسم يسوع المسيح مسلمين له كل حياتهم فيجدون سلامًا واطمئنان كمن في برج حصين. واسم الله له القدرة غير المحدودة على أن يحفظ من يلجأ إليه (يو 17: 11)
آية (11): "ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ، وَمِثْلُ سُورٍ عَال فِي تَصَوُّرِهِ."
هذه حالة عكسية لما سبق في آية (10) فنحن هنا نجد غنيًا يجهل أن اسم الرب برج حصين، فلا يفكر أن يلجأ لله، ويتصور لجهله أن غناه هو حصنه، ولكن الغني أو المركز أو الواسطة أو القوة البشرية هي حصون غير منيعة سرعان ما تنهار فهي مبنية على الرمل: [يا غبي في هذه الليلة تؤخذ نفسك] (مت19:6، 20؛ مر24:10؛ لو24:6؛ 12: 20).
وقارن مع رسالة السيد المسيح لملاك كنيسة لاودكية (رؤ 3).
آية (12): "قَبْلَ الْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ الإِنْسَانِ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ."
الله يخفض المتكبر ويرفع المتضع فتكون له كرامة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والكبرياء سبب الخراب.
آية (13): "مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ، فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ."
الأحكام الطائشة المتسرعة باندفاع تعرض صاحبها للعار بعد فحص الأمر بدقة.
آية (14): "رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟"
إذا امتلأ إنسان من الروح القدس امتلأ فرحًا ومثل هذا الإنسان تصير روحه نشطة قوية بل تسند ضعف جسده، أما حامل الهم فهو بلا رجاء فمن يسنده؟!.
فالفرح الذي يعطيه المسيح لا ينزعه أحد حتى الأمراض (يو16: 22). لذلك علينا أن نجاهد الآن ونحن أصحاء لنختبر حلاوة العشرة مع المسيح، فإذا جاء المرض نجري على المسيح الذي إختبرنا حلاوة تعزياته فلن نخرج فارغين بل فرحين. أما من لا يعرف تنكسر روحه مع أي تجربة.والجروح الخارجية يحتملها الإنسان إذا كانت النفس في حالة فرح. أما لو غضب الله على الإنسان بسبب خطيته، أو لو دخل الإنسان في حالة يأس من رحمة الله أو الخلاص من أي تجربة تكتئب النفس.
آية (15): "قَلْبُ الْفَهِيمِ يَقْتَنِي مَعْرِفَةً، وَأُذُنُ الْحُكَمَاءِ تَطْلُبُ عِلْمًا."
الحكيم يطلب المعرفة ويسعى إليها لذلك يحصل عليها. فهو له رغبة قلبية أن يسمع وما يسمعه ينفذه، والله لا يُرجع من يطلب فارغًا. الحكيم إذا سمع يُدْخِلْ الكلام لقلبه ويحتفظ به.
آية (16): "هَدِيَّةُ الإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ الْعُظَمَاءِ."
من يريد أن يقابل عظيمًا يعطي هدايا لمرؤوسيه فيسهلوا له مأموريته. وهناك قول رائع للقديسة الشهيدة دميانة. ففي أثناء عذاباتها وشفاء الله العجيب لها وفرحها بهذه العذابات كان الجنود الذين يرونها يؤمنون فيقتلهم الأمير، ومرة قال لها الأمير ألا تخجلين فكل هؤلاء ماتوا بسببك فردت عليه الشهيدة "أنت حينما تذهب لملكك ترسل له هدايا قبل أن تصل وهكذا أفعل مع ملكي المسيح فكل هؤلاء الشهداء هم هدايا تفرح قلبه" وكل خدام الله الذين يخدمون أولاده يقدمون هدايا لله هي القلوب التائبة. وهناك من يفهم هذه الآية أنها عن الرشوة التي تعوج القضاء،
والتفسير الأول أدق.
آية (17): "اَلأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ، فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ."
قارن مع آية (13) والمعنى أن لا تسمع من طرف واحد وتحكم، بل الأحسن أن نسمع الطرفين ونواجههم. فالإنسان تعود أن يلقي اللوم على الآخرين منذ فعلها آدم مع الله نفسه. فمن تسمعه أولًا تظن نفسك أنك قد عرفت منه كل الحق ولكن إذا أتى الطرف الآخر وفند ما سمعته من الطرف الأول قد يظهر أن الطرف الأول هو الخاطئ. يفحصه = يكشف خداعه.
آية (18): "اَلْقُرْعَةُ تُبَطِّلُ الْخُصُومَاتِ وَتَفْصِلُ بَيْنَ الأَقْوِيَاءِ."
إلقاء القرعة يمنع الخصومات. وكانت القرعة عند اليهود طريقة للرجوع إلى الله ليختار.
آية (19): "اَلأَخُ أَمْنَعُ مِنْ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَالْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ قَلْعَةٍ."
هناك مَنْ يَفهم هذه الآية على أنها تعني الإخوة المتحابين المتحدين. ولكن البعض الآخر يفهمهما بالعكس خصوصًا أن نصف الآية الثاني يتكلم عن المخاصمات، وهؤلاء يفهمونها بأن الأخوة إذا تخاصموا يصعب حل المشاكل بينهم ويكونون في مخاصماتهم كقلعة مغلقة بباب له عارضة. والرأي الأول يفسرها بأن الإخوة المتحابين هم كقلعة في اتحادهم ضد من يخاصمهم. المهم أن كلا الرأيين صحيح وبالنسبة للرأي الثاني فيجب حل المشاكل بين الأخوة قبل أن تتفاقم وتصبح عسيرة وتصبح القلوب كقلعة مغلقة. فالإهانات المتبادلة تجعل الثقة تنعدم فتتقسى القلوب وكلٌ منهم ينغلق بسبب كبريائه المجروحة.
الآيات (20، 21): "مِنْ ثَمَرِ فَمِ الإِنْسَانِ يَشْبَعُ بَطْنُهُ، مِنْ غَلَّةِ شَفَتَيْهِ يَشْبَعُ. اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ، وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ."
من يزرع بشفتيه برًا وسط الناس يحصد غلة وفيرة من الفرح. وزرع البر هو كلام الله الذي يقود أناس للتوبة ويقود آخرين لأن يعرفوا الله أو يتصالحوا معه ويقود آخرين لأن يصطلحوا معًا. هنا يتحول زارع البر لمصدر حياة يفرح الآخرين ومن ثم يفرح هو ويشبع بخدمته. والعكس فالأحمق ينشر موتًا بين الناس وخصامًا وبطنه تشبع مرارًا. والبطن هنا إشارة للضمير الذي يفرح ويستريح إذا تكلم الإنسان حسنًا فالراحة الداخلية النفسية التي نشعر بها تعتمد على شهادة ضميرنا.
آية (22): "مَنْ يَجِدُ زَوْجَةً يَجِدُ خَيْرًا وَيَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ."
الزوجة الصالحة هي من عند الرب، بل هي برهان على رضى الرب عن الشخص. وعلى الرجل الذي يجد زوجة صالحة أن يشكر الله على عطيته، فالزوجة الصالحة تقود رجلها لحياة صالحة بل لخلاص نفسه. لذلك من المهم أن يسبق الاختيار الصلاة والصوم وطلب الإرشاد من الله. ولنثق أن الله إذا أراد بعد ذلك سيسهل الطريق.
آية (23): "بِتَضَرُّعَاتٍ يَتَكَلَّمُ الْفَقِيرُ، وَالْغَنِيُّ يُجَاوِبُ بِخُشُونَةٍ."
هذه حقيقة واقعة للأسف ولكن ليعلم الغني أن عيني الله ترى ظلمه لأخيه الفقير. أما الفقير ففي حالته المتواضعة يتعلم أن يكون متواضعًا ويتكلم بأسلوب فيه تضرع وتوسل ومثل هذا من السهل أن يصلي لله فيتقرب من عرش النعمة، أما الغني المتكبر الذي تعود أن يتكلم بعنف لا يستطيع أن ينكسر أمام الله في الصلاة ولنعلم أننا كلنا فقراء أمام عرش النعمة الإلهية.
آية (24): "اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَلكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ."
المقصود بالأصحاب الذين هم من العالم ومعرفتهم مضيعة للوقت، وبكثرة الولائم والهدايا التي تفوق ميزانيات الأسرة تخرب ميزانيات الأسرة، وقد يكونوا هم الأصدقاء البطالون الذين يعلمون الإنسان طريق الشر. أما المحب الألزق من الأخ (مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ) فهو المسيح الذي في القرب منه السلام والفرح. وهناك أصدقاء يتركون الإنسان لو افتقر (أصدقاء الابن الضال) أما المسيح فهو الصديق الوفي في أثناء الضيقة [إدعني وقت الضيق..] (مز 50: 15).
← تفاسير أصحاحات أمثال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أمثال سليمان 19 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أمثال سليمان 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9mt3545