St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   judith
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   judith

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

يهوديت 11 - تفسير سفر يهوديت

 

* تأملات في كتاب يهوديت:
تفسير سفر يهوديت: مقدمة سفر يهوديت | يهوديت 1 | يهوديت 2 | يهوديت 3 | يهوديت 4 | يهوديت 5 | يهوديت 6 | يهوديت 7 | يهوديت 8 | يهوديت 9 | يهوديت 10 | يهوديت 11 | يهوديت 12 | يهوديت 13 | يهوديت 14 | يهوديت 15 | يهوديت 16

نص سفر يهوديت: يهوديت 1 | يهوديت 2 | يهوديت 3 | يهوديت 4 | يهوديت 5 | يهوديت 6 | يهوديت 7 | يهوديت 8 | يهوديت 9 | يهوديت 10 | يهوديت 11 | يهوديت 12 | يهوديت 13 | يهوديت 14 | يهوديت 15 | يهوديت 16 | يهوديت كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ الحَادِي عَشَرَ

لقاء يهوديت بأليفانا

 

(1) ترحيب أليفانا بيهوديت (ع1-3)

(2) يهوديت تخبر أليفانا بضيقة شعبها (ع4-12)

(3) يهوديت مرسلة من الله لأليفانا (ع13-17)

(4) مدح أليفانا ووعوده ليهوديت (ع18-21)

 

(1) ترحيب أليفانا بيهوديت (ع1-3):

1 حِينَئِذٍ قَالَ لَهَا أَلِيفَانَا: «لِتَطِبْ نَفْسُكِ وَلاَ يَكُنْ فِي قَلْبِكِ رَوْعٌ، لأَنِّي لَمْ أُضِرَّ قَطُّ بِرَجُلٍ آثَرَ الْخُضُوعَ لِنَبُوخَذْنَصَّرَ الْمَلِكِ. 2 وَأَمَّا شَعْبُكِ فَلَوْ لَمْ يَزْدَرُوا بِي لَمَا أَشْرَعْتُ رُمْحِي عَلَيْهِمْ، 3 وَالآنَ فَقُولِي لِي لأَيِّ سَبَبٍ فَارَقْتِهِمْ وَآثَرْتِ الْمَجِيءَ إِلَيْنَا؟»

 

ع1: لتطب نفسك: لتسترح نفسك.

روع: خوف.

آثر: فضَّل.

وبدأ اللقاء الأول بين أليفانا ويهوديت، وضباطه وقوف بين يديه في خيمته العظيمة، وهو جالس على عرشه، وبدأ حديثه مع يهوديت، مطمئنًا إياها؛ حتى لا تنزعج من بهاء المكان، وقوته، وقوة جنوده، بل طلب منها أن يهدأ بالها ويطيب قلبها.

وواضح تأثر أليفانا بجمال ووداعة يهوديت، فقد أعطاها الله نعمة ليس فقط بالجمال الجذاب، بل يشعر من يراها بالراحة والطمأنينة فيرتاح إليها، ولذلك كان أليفانا ودودًا ولطيفًا معها.

وحاول أليفانا في طمأنته ليهوديت أن يعطيها انطباعًا عن نفسه ويوحى إليها بأنه مسالم ولا يميل للأذى ولا يضر أبدًا أي إنسانًا مسالمًا خاضعًا للملك نبوكد نصر، مما يخالف الحقيقة تمامًا، كما علمنا من الأصحاحات السابقة، فالذين خضعوا له من الأمم دمر مدنهم وأحرقها وقتل الكثيرين منهم، ولكنه يحاول أن يتودد إلى يهوديت ويخرج عن طبعه الوحشي.

 

ع2: أشرعت رمحى: رفعت رمحى والمقصود أنى قررت تأديبهم.

في كلام أليفانا عن شعب يهوديت، تحدث بتأدب، معلنًا أنه لم يكن ينوى إيذاءهم وأنه اضطر لمحاصرة المدينة والاستعداد لمحاربتها بجنوده وأسلحته؛ لأنهم هم الذين ارتكبوا خطأ لا يغتفر، إذ استهانوا به في عدم تسليم أنفسهم ومدينتهم له.

إن قوة تأثير أولاد الله الودعاء على أهل العالم الشرير تحولهم إلى الوداعة وتهدئ من طبعهم الوحشي، فالحملان عندما ترسل وسط الذئاب، كما قال السيد المسيح لتلاميذه (لو10: 3) تستطيع أن تغير طباع الذئاب الوحشية إلى طبع الحمل الوديع، فالحملان أقوى من الذئاب، إذ أن فيها قوة الله.

ليتك لا تقابل غضب الآخرين بغضب أكبر، ولا كبرياءهم بتكبر أصعب، بل باتضاعك ووداعتك تكسر كل غضب وكبرياء، وكما يقول الكتاب المقدس: "الجواب اللين يصرف الغضب" (أم15: 1).

 

ع3: وبعد أن طمأن أليفانا يهوديت وأعلن محبته وتسامحه وتقديره لها، طلب منها أن تشرح له سبب تركها لمدينتها وحضورها إليه وتفضيلها اللجوء إلى الأشوريين. رغم أن سبب حضورها قد وصل إليه عن طريق طلائع جنوده، التي أسرتها عند نزولها من الجبل، ولكنه أراد أن يتحقق بنفسه ويعرف كمسئول الحقائق منها بالتفصيل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) يهوديت تخبر أليفانا بضيقة شعبها (ع4-12):

4 فَقَالَتْ لَهُ يَهُودِيتُ: «اسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ، فَإِنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ قَوْلَ أَمَتِكَ يُتِمُّ الرَّبُّ الأَمْرَ لَكَ. 5 لِيَحْيَ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ الأَرْضِ، وَلْتَحْيَ قُوَّتُهُ الَّتِي فِيكَ لِتَأْدِيبِ جَمِيعِ الأَنْفُسِ الْغَاوِيَةِ، لأَنَّهُ لاَ النَّاسُ فَقَطْ يَخْضَعُونَ لَهُ بِكَ بَلْ وُحُوشُ الْبَرِّ أَيْضًا تَنْقَادُ لَهُ، 6 لأَنَّ ذَكَاءَ عَقْلِكَ قَدْ شَاعَ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ وَأَهْلُ الْعَصْرِ كُلُّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّك أَنْتَ وَحْدَكَ صَالِحٌ وَجَبَّارٌ فِي جَمِيعِ مَمْلَكَتِهِ وَحُسْنُ سِيَاسَتِكَ مَشْهُورٌ فِي جَمِيعِ الأَقَالِيمِ، 7 وَلَيْسَ بِخَافٍ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَحْيُورُ وَلَمْ يُجْهَلْ مَا أَمَرْتَ أَنْ يُصِيبَهُ، 8 وَمِنَ الْمُحَقَّقِ أَنَّ إِلهَنَا قَدْ بَلَغَ مِنْ غَضَبِهِ مِنَ الْخَطَايَا أَنَّهُ أَرْسَلَ أَنْبِيَاءَهُ إِلَى شَعْبِهِ بِأَنَّهُ سَيُسَلِّمُهُمْ لأَجْلِ خَطَايَاهُمْ، 9 وَلِعِلْمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَأَنَّهُمْ قَدْ أَهَانُوا إِلهَهُمْ قَدْ حَلَّ رُعْبُكَ عَلَيْهِمْ. 10 وَفَضْلًا عَنْ ذلِكَ، فَإِنَّ الْجُوعَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُمْ وَهُمْ مَعْدُودُونَ فِي الْمَوْتَى مِنْ عَوَزِ الْمَاءِ، 11 حَتَّى عَزَمُوا أَنْ يَذْبَحُوا بَهَائِمَهُمْ لِيَشْرَبُوا دِمَاءَهَا، 12 وَأَقْدَاسُ الرَّبِّ إِلهِهِمِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ لاَ تُلْمَسَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ قَدْ هَمُّوا أَنْ يُنْفِقُوهَا وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مَا لاَ يَحِلُّ حَتَّى لَمْسُهُ بِالأَيْدِي، فَحَيْثُ إِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ هذَا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ سَيُسَلَّمُونَ لِلْهَلاَكِ.

 

ع4: وبدأت يهوديت حديثها الطويل مع أليفانا باتضاع، إذ أعلنت أنها جاريته وعبدته واستأذنته أن يصغى إليها، بل جذبت قلبه إليها، ليس بالجمال فقط، بل بالحكمة، فقد وعدته بالنصرة وتحقيق أهدافه، إذا سمع كلامها.

والجميل أنها لم تترك إيمانها وعقيدتها في كلامها، بل أعلنت أن هذا من قبل الرب، لدرجة أنه في نهاية الحديث (ع21) أعلن أليفانا استعداده للخضوع لإلهها العظيم، فكانت كمبشرة له ولجنوده؛ لعلهم يؤمنون. وفى حكمتها واتضاعها تشبه آبيجايل في حديثها مع داود (1 صم25).

 

ع5: الأنفس الغاوية: النفوس التي تمتلئ بالشر وتتمرد وتضل فلا تخضع لأليفانا.

وحوش البر: جميع الوحوش التي تحيا على الأرض.

تنقاد له: تخضع له.

وبعد أن جذبت يهوديت أليفانا بالأمل في تحقيق مقاصده، مدحته هو وسيده الملك نبوكدنصر، فدعت له بالحياة وهذا ما يتمناه كل إنسان عظيم أن يبقى في عظمته، وأعلنت سلطانه على الأرض كلها؛ لاستيلائه على كثير من مدن العالم المحيط به. وكان هذا يعنى بالنسبة لسامعيها الأمل في الاستيلاء على جميع ممالك الأرض، ومجدت قوة الملك، التي تظهر في أليفانا وبهذا حولت المديح إلى أليفانا، بل اعتبرته القوة الحقيقية، التي ينبغى أن تمدح، فبدونه نبوكد نصر السيد لا يساوى شيئًا.

ومدحت أيضًا سلطان أليفانا ونبوكدنصر في إخضاع كل من يعاديهما، أو يغويه قلبه لمعارضتهما، وبهذا يخضع لهما كل البشر، بل والحيوانات والوحوش أيضًا.

 

ع6: وأثنت يهوديت أيضًا على ذكائه وحكمته في تدبير مثل هذا الجيش الجبار، والممالك التي استولى عليها، بل أن الكل يجمع أن أليفانا هو وحده المتميز بالقوة الجبارة، التي لا ينافسه فيها أحد عند الملك نبوكد نصر، خاصة بعد استيلاء أليفانا على البلاد الكثيرة وإخضاعه لها، فهو صالح في تدبيره وقوته الحربية التي تخضع الأمم له. وهذا الكلام حقيقي وليس نفاقًا من يهوديت؛ لأنه فعلًا ذكى وقوى وسياسى محنك.

كل إنسان يتأثر بالمديح، والكلمة الطيبة تفرح القلوب، لذا إن أردت أن تكسب قلب أي إنسان، مهما كانت قسوته، أو بعده عنك، قدم له كلمة مديح أو تشجيع. ليتك ترى فضائل الآخرين، وتمتدحهم عليها، فتشجعهم وتكسبهم وفى نفس الوقت تستفيد من هذه الفضائل؛ لتقتنيها وتنمو في حياتك الروحية.

 

ع7: بعد أن افتتحت كلامها بالمديح، وأصبح قلب أليفانا مستعدًا لتصديق وقبول كل ما تقوله، أخبرته أنها تعلم قراراته ضد أحيور، وأعلنت أنها تعلم حديث أحيور مع أليفانا، إذ أن أحيور رواه لأهل بيت فلوى، عندما دخل مدينتهم.

 

ع8: وفى نفس الوقت أيدت ما قاله أحيور، فهي لم تتنازل عن إيمانها بقوة إلهها الساحقة، ولكن أكدت الحقيقة التي أوضحها لهم أحيور، أن إله إسرائيل الجبار يكون ضدهم عندما يخطئون إليه، وبالتالي سيسهل على أليفانا الانتصار عليهم، وأكدت يهوديت كلامها بتوبيخات الله لشعبه على فم أنبيائه؛ لأجل خطاياهم، وتوعده لهم بالهلاك لأجل شرورهم.

 

ع9: ثم وصفت حالة شعبها بأنهم في رعب شديد، منذ أن سمعوا أخبار جيش أليفانا، الذي يحاصرهم، وأرجعت ذلك إلى خطئهم في حق إلههم. وهي بهذا لا تكذب؛ لأن الإنسان القوى في إيمانه، والكامل في ثقته بالله، لا ينزعج أبدًا. ولكن ليس معنى هذا أن الله سيهلكهم؛ لأن الله يلتمس العذر لأولاده، ويعين ضعف إيمانهم.

 

ع10: أخذ منهم: زاد عليهم.

عوز الماء: الحاجة إلى الماء.

وصورت معاناتهم وضيقتهم، وجوعهم الشديد، وإذ زاد العطش عليهم وقاربوا الموت. وهذا فعلًا حقيقي، ولكن الله يتمجد في الضعفاء وكلما زادت الضيقة كلما إقتربت من الحل.

 

ع11: وإظهارًا لخطأ شعب الله، روت يهوديت كيف أن العطش قد زاد بهم جدًا، حتى أنهم مزمعين أن يذبحوا البهائم لشرب دمائها، مما يخالف الشريعة.

 

ع12: وكذلك العشور والبكور التي يقدسونها لله، كادوا يأخذونها من شدة العطش والجوع، مع إنهم لم يفعلوا أيًا من ذلك بعد، ولكن يهوديت تحاول أن تعطى مبررات منطقية لغضب الله منهم، إذ سوف يكسروا الشريعة فيتركهم الله. غير أن الله رحوم، ويقدر ضيقة أولاده، فلا يغضب عليهم، إذ هم في حالة موت وليس استهانة بأقداس الله، أو نية لكسر الشريعة.

إن الله عادل ورحوم، وقد ركزت يهوديت على الصفة الأولى، ولكنها لا تقوم بدون الثانية، وبهذا أيدت أليفانا، وفى نفس الوقت لم تكذب ولكن ستظهر رحمة الله التي تعين شعبه وتنقذهم من أجل فضل نعمته وليس استحقاقهم لأنهم خطاة. إن كانت يهوديت ركزت على جزء من الحقيقة وهي العدل ولم تذكر الرحمة، فليس هذا تصريحًا لك أن تذكر أنصاف الحقائق دائمًا، فقد تعطى معنى عكس الحقيقة ونؤكد هنا أن يهوديت كانت في ظروف صعبة جدًا، تنتظر الموت وتحاول الدفاع عن نفسها وشعبها.

ليتك تكون مع عدلك رحيمًا في إلتماس الأعذار للآخرين، خاصة لو كنت مسئولًا عنهم وتعطيهم فرصة لإصلاح خطئهم وتشجعهم، كما يعاملك الله برحمته ومحبته.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) يهوديت مرسلة من الله لأليفانا (ع13-17):

13 وَبِمَا أَنَّ أَمَتَكَ قَدْ عَلِمَتْ بِهذَا، هَرَبْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ، وَقَدْ بَعَثَنِي الرَّبُّ لأُخْبِرَكَ بِهذَا. 14 وَأَنَا أَمَتُكَ أَعْبُدُ اللهَ حَتَّى الآنَ عِنْدَكَ أَيْضًا، وَأَمَتُكَ تَخْرُجُ وَتُصَلِّي إِلَى اللهِ، 15 فَيَقُولُ لِي مَتَى يَرُدُّ عَلَيْهِمْ خَطِيئَتَهُمْ، فَأَجِيءُ وَأُخْبِرُكَ بِذلِكَ حَتَّى آخُذُكَ إِلَى وَسَطِ أُورُشَلِيمَ وَيَكُونُ لَكَ جَمِيعُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ مِثْلَ الْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا وَلاَ يَنْبِحُ عَلَيْكَ كَلْبٌ. 16 وَهذِهِ كُلُّهَا قَدْ لُقِّنْتُهَا مِنْ عِنَايَةِ اللهِ، 17 وَحَيْثُ أَنَّ اللهَ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِمْ، فَأَنَا مُرْسَلَةٌ لأُخْبِرَكَ بِهذِهِ الأُمُورِ».

 

ع13: وتواصل يهوديت حديثها باتضاع، فتصف نفسها بعبدة. وأنها علمت واستوعبت كل ما حدث لشعب الله، فأرسلها الله لتخبر به أليفانا.

وهذا يبين مدى إيمان يهوديت بما أعلنه الله لها وأرسلها في هذه المهمة الخطيرة وهذا الإعلان قد يكون عن طريق رؤيا، أو حلم كما ظهر في الكتاب المقدس في مواضع كثيرة، مثل أحلام يوسف (تك37: 5) ورؤى وأحلام بولس (أع16: 9 ؛ 18: 9).

ومن قوة كلامها أقنعت أليفانا فآمن أن إلهها قد أرسلها إليه، فاطمأن ووعدها بوعود كثيرة كما يظهر في (ع20، 21).

وهكذا تظهر خطة الله التي نفذتها يهوديت بعدة وسائل هي:

  1. جمالها المبهر.

  2. مديحها لأليفانا.

  3. خضوعها له.

  4. إقناعها لأليفانا أن شعبها مخطئ ويستحق العقاب الإلهي.

  5. كلامها بثقة أنها مرسلة من الله إلى أليفانا لمصاحبته في دخوله بيت فلوى (فقد دخلت بالفعل ورأسه معها).

 

ع14، 15: غنم لا راع لها: تعبير معروف في الكتاب المقدس يعنى غياب القيادة وضعف الشعب، كما ورد في (عد27: 17، 1 مل22: 17، مت9: 36).

لا ينبح عليك كلب: تعبير عند الساميين، أي القبائل القديمة التي سكنت في آسيا، ويعنى الهدوء وغياب المعارضة والمقاومة من الناس، أو حتى الحيوانات مثل الكلب.

ثم أعلمته بنيتها أنها سوف تعبد الله في صلوات وتمسك بالشريعة، حتى يعلن الله لها عن الوقت المناسب الذي تصحب فيه أليفانا إلى وسط أورشليم.

وهكذا أقنعت أليفانا بأن يدعها تمارس عبادتها عنده، لأن في ذلك منفعته،وهى في الحقيقة تريد أن تصلى، وتستند على ذراع الله القوية، ليتمم خلاصه على يديها.

وحقًا كان شعب إسرائيل مخطئين، ومضطربين كغنم لا راع لها وفعلًا لم يكن أحد يقدر أن يصمد في وجه أليفانا، بل سيكون مصيره الهلاك، هذا ما قصدته يهوديت، ولكن إن تشكك أحد في أن كلام يهوديت غير الدقيق يقع تحت بند الكذب الصريح والخداع، فلنلتمس لها العذر إذ أن ظروفها صعبة، وهي في حالة دفاع عن النفس، إذ تواجه وشعبها، خطر الموت. ونكرر، أن هذا ليس تصريحًا لأحد أن يخادع في الكلام إلى درجة الكذب، إلا في الحرب والمناورات العسكرية، كما خدعت ياعيل سيسرا (قض4: 17-22) وكما أرسل يشوع جاسوسين إلى أريحا (يش2: 1-7).

ولعل أليفانا عندما سمع هذه الكلمات من يهوديت ظن أنها نبية، أو كاهنة عند إلهها وتستطيع أن تسمع صوته وتخبر بالمستقبل والإرشادات الإلهية. فقد كان هذا معروفًا في العبادات الوثنية وكانوا يحترمون جدًا النبيات والكاهنات في معابد الآلهة الوثنية.

ما أعظم أن يتمسك الإنسان بحياته الروحية في أصعب الأماكن والظروف المعاكسة والله سيعطيه حكمة وفرصة أن يتمم عباداته، بل ويجعل الآخرين يوافقونه ولا يعطلونه.

 

ع16: ويظهر من كلام يهوديت علاقتها العميقة بالله وصلواتها الحارة، التي اعتادتها في وحدتها على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة. وحين إجتاحت هذه الشدة مدينتها، أرشدها الله لهذه الوسيلة، لتخلص شعبها، فهي مرسلة منه؛ لتتمم هذا العمل الذي نعتقد أن الله قد أعلنه لها بوضوح وإن كان لم يذكر جهارًا في هذا السفر، ولكن يفهم من هذه الآية وباقى الآيات الواردة في هذا الأصحاح وما قبله وما بعده؛ لأنه من المستحيل على إنسان أن يعرف هذه الخطة الغريبة لإنقاذ شعبه. ورغم هذا الإعلان الإلهي ليهوديت فتنفيذها لخطة الله يظهر :

  1. إيمانها القوى بكلام الله.

  2. شجاعتها التي تفوق الوصف في مواجهة أقسى شخصية في العالم وقتذاك.

  3. نسكها الشديد وتمسكها بالعبادة بكل تفاصيلها من صلوات وأصوام.

  4. استعدادها للموت من أجل طاعة الله وإنقاذ شعبها، فهي ترمز للمسيح الفادى، فقد دخلت إلى الموت أي حجرة أليفانا الخاصة وخرجت غالبة ورأس أليفانا معها، كما مات المسيح وقيد الشيطان.

 

ع17: أكدت يهوديت في النهاية أن الله قد غضب على شعبه لكثرة خطاياهم وبالتالي فالطريق مفتوح لأليفانا لمحاربتهم والاستيلاء على مدينتهم. ولم تذكر أن الله في رحمته يسامح شعبه إن عاد إليه وبالتالي يصير أليفانا عاجزًا أمام قوة الله التي تحميهم.

جيد أن تكون حياتك إرسالية من الله، لتعمل مشيئته، وأن يكون هدفك الوحيد، هو خلاص نفسك والآخرين، فلا تنزعج إذا ظن الناس فيك سوءًا، ولم يفهموك، ما دمت تتمم مشيئة الله بقلب نقى.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(4) مدح أليفانا ووعوده ليهوديت (ع18-21):

18 فَحَسُنَ هذَا الْكَلاَمُ كُلُّهُ لَدَى أَلِيفَانَا وَعَبِيدِهِ، وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حِكْمَتِهَا وَيَقُولُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: 19 «لَيْسَ مِثْلُ هذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى الأَرْضِ فِي الْمَنْظَرِ وَالْجَمَالِ وَالْحِكْمَةِ فِي الْكَلاَمِ». 20 فَقَالَ لَهَا أَلِيفَانَا: «قَدْ أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكِ إِذْ أَرْسَلَكِ أَمَامَ الشَّعْبِ لِتُسَلِّمِيهِ أَنْتِ إِلَى أَيْدِينَا. 21 وَبِمَا أَنَّ وَعْدَكِ حَسَنٌ إِنْ فَعَلَ إِلهُكِ لِي ذلِكَ، فَهُوَ يَكُونُ إِلهًا لِي، وَأَنْتِ تَكُونِينَ عَظِيمَةً فِي بَيْتِ نَبُوخَذْنَصَّرَ وَيُنَوَّهُ بِاسْمِكِ فِي كُلِّ الأَرْضِ».

 

ع18، 19: عندما سمع أليفانا، وجنوده الواقفين حول يهوديت، هذا الكلام وكل حديثها السابق، شعروا بما تتمتع به من حكمة، والتي لا تقل عما تتمتع به من جمال ساحر، وامتدحوا رجاحة عقلها، وحسن منظرها اللذين لم يروهما في امرأة أخرى قط.

أنها نعمة الله التي يفيضها على أولاده، فيجعل أهل العالم يمجدونهم ويخضعون لهم، لأن القوة الحقيقية في الإنسان هي القوة الكامنة في داخله، أي قوة الله الساكن فيه، وليست قوة المظاهر الخارجية. وهذه القوة هي التي تخضع الكل له.

 

ع20: ثم تكلم أليفانا، فمدح إله إسرائيل، الذي أرشد يهوديت أن تسلم بيت فلوى له، حيث أن أليفانا - كأى إنسان - يفكر في مصلحته، فقد أعجب بإله إسرائيل، لأنه يحقق مصالحه ومصلحة يهوديت أيضًا، التي ستنقذ من الهلاك مع باقي المدينة.

 

ع21: ينوه: يُشار إليها أو يُذكر اسمها.

ووعد يهوديت، بأنه إذا أتمت مهمتها واستولى هو على المدينة؛ فسيتخذ إله إسرائيل إلهًا له، أي أحد الآلهة التي يعبدها. ووعدها أيضًا أن تصير لها مكانة خاصة في قصر الملك نبوكدنصر وأنه سيشهد لها ويعظم مافعلته؛ لأجل خدمة الأشوريين.

هل تعبد الله لأنه يحقق مصالحك ومطالبك؟ أم لأنك تأثرت بمحبته وتريد أن تعبده حبًا فيه؟ إياك أن ينشغل قلبك بوعود العالم المادية من غنى وعظمة، فهذه كلها زائلة، المهم حقًا هو مكانتك عند الله وحياتك الأبدية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يهوديت: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16

 


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/judith/chapter-11.html

تقصير الرابط:
tak.la/4m6trap