"كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3: 8).
لا تقل أنا تعبان في الخدمة، ولا يشعر بي أحد!
كلا، فإن الله يقول لك تلك العبارة التي كررها لكل ملاك من ملائكة الكنائس السبع: "أنا عارف أعمالك" (رؤ 2، 3). حتى إن لم تجد تقديرًا على الأرض، ستجد كل التقدير في السماء. والأعمال المخفاة سوف تظهر، وتنال عليها أجرًا أكبر.. بل صدقني، حتى أتعابك التي قد نسيتها أنت، هي نسيتها أنت، هي محفوظة عند الله. إنه يذكرها لك، لن ينساها. وسوف يقول لك في ذلك اليوم،، مع كل أخوتك الذين تعبوا مثلك وخدموا:
"تعالوا يا مباركي الرب. رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34).
إن الله لا يمكن أن ينسي تعبك وخدمتك. بل أقول إنه حتى الرسل لم ينسوا أبدًا الذين تعبوا معه في الخدمة. هوذا بولس الرسول يقول في رسالته لأهل رومه "سلموا على مريم التي تعبت لأجلنا كثيرًا.. سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب. سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب" (رو 16: 6، 12). وعندما أرسل إلى تلميذه تيموثاوس، أوصاه أن يقيم اعتبارًا حسنًا، فليحسبوا أهلًا لكرامة مضاعفة، ولاسيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم" (1 تي 5: 17).
فإن كان الرسول يذكر الذين تعبوا، فكم بالأكثر يذكرهم الله.
لذلك لا تفكر أبدًا أن تعطي نفسك راحة في خدمتك. بل اتعب في تحضير الدروس وفي الإطلاع، واتعب في الافتقاد وفي حل مشاكل الناس. واصبر في احتمال المقاومات التي تصادفك في الخدمة، ولا تترك خدمتك بسببها. اتعب في إعادة الشاردين من الله الرافضين التوبة، وكما قال الرسول "خلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار" (يه 23). واذكر قول الكتاب:
"من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20).
حقًا إن النفس الثمينة التي مات المسيح لأجلها، تستحق منك أن تبذل كل تعب في سبيل خلاصها. لذلك جاهد ولا تيأس، حتى إن تأخر ثمر تعبك في الظهور. استمر. لا تترك غيرك يتعب، وأن تدخل على تعبه (يوم 4: 38). بل اشترك في التعب، أيًا كان الجهد الذي تبذله.
ولا تقف لتتفرج على الذين يتعبون. فملكوت الله ليس للمتفرجين.
إنما الملكوت للذين يتعبون في بنائه. تأمل كيف تعب القديس أثناسيوس الرسولي في حفظ الإيمان وفي مقاومة الأريوسيين، حتى أنه نفي عن كرسيه أربع مرات. وتأمل كيف تعب بولس الرسول، واستطاع أن يقول أخيرًا:
"جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان. وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر.." (2 تي 4: 7).. تأمل أيضًا كيف تعب نحميا كثيرًا يبني سور أورشليم. وكيف لاقي مقاومات، وصبر عليها حتى أكمله عمله..
واعلم أنك في خدمتك، سيشترك الله معك. ولن يتركك تتعب وحدك.
ونحن نصلي في الكنيسة ونقول للرب "اشترك في العمل مع عبيدك". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). والقديس بولس الرسول يقول عن نفسه وعن أبلوس "نحن عاملان مع الله" (1 كو 3: 9).. إن الله باستمرار يعين خدامه في خدمتهم: يعمل معهم، ويعمل فيهم، ويعمل بهم. لذلك في خدمتك، حاول أن تكون مجرد آلة في يد الله يعمل بها. وصل في قلبك هذا المزمور:
"إن لم يبن الرب البيت، فباطلًا تعب البناءون" (مز127: 1).
لذلك فالخدمة تحتاج أيضًا إلى تعب في الصلاة لأجلها، لكي يتولاها الله بعنايته، ولكي تشعر بيد الله فيها. لأنك ربما تفكر أن التعب في الخدمة، هو مجرد تعب ذراعك البشري. كلا. فقد قال الرب "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). لذلك جاهد في أن تشرك الله معك في الخدمة، بصلوات، بأصوام، بمطانيات metanoia، بصراع مع الله..
وحذار من أن تبحث عن الخدمات السهلة، أو تدخل إلى الخدمة من الباب الواسع!
ذلك لأن كثيرين من الذين لا يحبون التعب في الخدمة،
يهربون من الخدمات التي تحتاج إلى جهد كبير، أو التي تصادفها بعض
المشاكل! ولا يقبلون إلا الخدمة السهلة. وقد يبررون المر ببعض
كلمات تواضع! كأن يقول الشخص "أنا أصغر من هذا الأمر. أنا لم أصل
إلى مستوى هذه الخدمة. أنا ليست لي مواهب".. والرب يرفض كل هذه الاعتذارات. وقال
لإرميا "لا تقل إني ولد. لأنك إلى كل مَن أرسلك
إليه تذهب، وتتكلم بكل ما آمرك به" (أر 1: 7).
الخدمة الصعبة تظهر فيها يد الله، كما يظهر فيها بذل
الإنسان وتعبه.
كما تظهر فيها محبته للملكوت، ومحبته لخلاص الناس، وعدم اهتمامه بنفسه وبراحته، واستعداده لحمل الصليب في الخدمة، وعدم تذمره على الضيقات في الخدمة.. ومثل هذه الخدمة لها أجر كبير. وهي التي دعا إليها الرب تلاميذه، حينما قال لهم "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب" (مت 10: 16).. ولم يهرب تلاميذ الرب من خدمه كهذه:
نعم، خير لنا أن نتعب لكي يستريح الناس.
لا أن نستريح نحن، ونتركهم يتعبون..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/t69r9mh