المعمودية هي أولى الأسرار السبعة أو هي المدخل إلى الأسرار السبعة وبدونها لا يتم أي سر ولعلها من أجل هذا أخذت اسم المعمودية لأنها عماد الأسرار. والأسرار تعتمد عليها أولًا: فمثلًا لا يتناول إلا من اعتمد أولًا. أما في اليونانية واللاتينية فاسمها بابتيزما Baptisma/βάπτισμα ومعناها تغطيس أو صبغة وأخذت منها الإنجليزية Baptism والفرنسية Baptême.
والمعمودية هي موت مع المسيح وقيامة معه. المسيح مات عنا لأجل خطايانا ونحن ينبغي أن نشترك معه في موته لكي ننال بركة أي قوة وفاعلية هذا الموت في حياتنا، أي تموت فينا الطبيعة القديمة العتيقة الساقطة، ونشترك معه أيضًا في قيامته لتصير لنا حياته.
فالله خلق الإنسان على غير فساد، وإذ أخطأ فسدت الخليقة الأولى ومات الإنسان، فهل يقبل الله أن تفسد خليقته؟ قطعًا لا... فإن قصد الله لا بُد وأن يتم. الله خلق الإنسان ليحيا أبديًا ويفرح ويحيا بغير فساد، فلا بُد أن يتم قصد الله في خليقته. ورأى الله أن الحل أن يُعيد خِلقة الإنسان مرة أخرى، ويصير الإنسان خليقة جديدة. فكيف يحدث هذا؟ كان ذلك بالمعمودية. وفيها نموت بإنساننا العتيق، ونقوم خليقة جديدة لها حياة أبدية.
وهكذا يقول الرسول بولس "أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت... لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير متحدين معه بقيامته (رو3:6-5).
وعملية الدفن تستلزم التغطيس في الماء. فندخل داخل الماء -فهذه عملية دَفْن كما دخل المسيح في القبر- ونغطس 3 مرّات كما أقام المسيح في القبر 3 أيام.
وأيضًا على اسم الثالوث القدوس.
فلماذا؟ أولًا لأن هذا هو تعليم ربنا يسوع المسيح "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت28: 19) فالمعمودية هي خلقة جديدة في المسيح. وكما خلقنا الله مثلث الأقانيم الخلقة الأولى. فالآب يريد أن يخلق إنسان فيقول "نعمل الإنسان على صورتنا..." (تك1: 26). والابن يُكَوِّن ويَخلِق جسد الإنسان "وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض" (تك2: 7). والروح القدس يحيي هذا الجسد "ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية" (تك2: 7).
هكذا يشترك الثالوث في الخلقة الجديدة التي في المسيح (راجع تك1: 26 + 2كو5: 17 + أف2: 10). ونرى هذا بوضوح في الظهور الإلهي يوم معمودية السيد المسيح. فالآب يريد خلاص الإنسان (1تي2: 4). والابن يموت ويقوم لنقوم نحن فيه بالمعمودية خليقة جديدة. والروح القدس يحل على جسد المسيح (كنيسته) (اف5: 30)، ليحل بعد ذلك على كل مُعَمَّد، وكان الروح القدس على هيئة حمامة (والحمام دائمًا يعود لبيته) فعمل الروح القدس أن يثبتنا في المسيح من خلال سر المعمودية، يعيد كل منا إلى الثبات في بيته الذي هو المسيح "وبيته نحن" (عب3: 6) في حالة ما ابتعدنا عن الثبات في المسيح بسبب خطايانا. وذلك عن طريق تبكيتنا ثم يعين ضعفنا، وعن طريق بقية الأسرار نعود للثبات في المسيح. وبهذا نفهم قول رب المجد ليوحنا المعمدان "نكمل كل بر" فالثالوث يكمل كل بر أي ليتبرر الإنسان بإرادة الآب ودم المسيح وتجديد الروح القدس. ويشرح القديس بولس الرسول هذا "لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع (الابن) وبروح (الروح القدس) إلهنا (الآب) (1كو6: 11)، وبهذا المعنى أيضًا يقول القديس بطرس "المختارين بمقتضى علم الله السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح" (1بط1: 2،1).
* بيته نحن = كل منا هو حجر حي في بيت الله أو هيكل الله أي جسده، نحن بيته الذي يسكن فيه إلى الأبد (1بط2: 5 + 1كو3: 16 + يو14: 23).
كذلك معنى المعمودية أنها صبغة تستلزم التغطيس لأننا لا نصبغ ثوبًا إلاّ إذا غطسناه في سائل الصبغة.
والمعتمد في نزوله إلى جرن المعمودية في الماء فهذا إشارة لموته مع المسيح ودفنه معه وفي خروجه من الماء إشارة لقيامته مع المسيح. والمسيح أسس سر المعمودية حين اعتمد من يوحنا المعمدان وهو غير محتاج، لكن كما قال القديسين أن المسيح لم يكن محتاجًا للمعمودية× فهو بلا خطية يُقَدِّم عنها توبة، لكن المعمودية كانت محتاجة للمسيح. وبمعمودية المسيح أكمل كل بر.
أي أن المسيح بمعموديته كان يؤسس سر المعمودية.
نزول المسيح للماء كان إعلانًا أنه يقبل الموت عنا وخروجه من الماء كان إشارة لقيامته، حتى أن كل من سيعتمد في المستقبل يشركه الروح القدس بطريقة سرية في موت المسيح وقيامته، وبهذا يكمل كل بر، إذ أنه في خلقة آدم كان لا حل إذا أخطأ آدم سوى الموت، ولكن صار بالمعمودية حل لهذه المعضلة، فبالمعمودية يخرج الإنسان بارًا بلا خطية، وله حياة المسيح يسلك بها في حياة البر (= يكمل كل بر). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فعندما يموت الإنسان مع المسيح تسقط خطاياه وتغفر، إذ يتمم حكم الناموس بموته مع المسيح، وعندما يقوم الإنسان متحدًا بالمسيح الابن يكتسب صفة البنوة لله.
الروح القدس في سر المعمودية يعطينا أن نموت مع (في) المسيح فننفذ حكم الناموس الذي حكم بالموت على الخاطئ. لأن شرط أن نحيا بحسب الناموس هو أن ننفذ كل وصاياه "فتحفظون فرائضي وأحكامي، التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها. أنا الرب" (لا18: 5). ولا يوجد إنسان كامل لم يخطئ سوى المسيح.
بالمعمودية تغفر كل خطايا الإنسان إذ مات مع المسيح.
الروح القدس يعطينا في المعمودية أن نقوم مع المسيح متحدين به. وبالاتحاد بالمسيح ابن الله نحصل على البنوة، وعلى الحياة الأبدية لأن حياة المسيح التي صارت فينا أبدية (رو6: 9 + رو7: 4). وبهذا لم يعد للناموس سلطان علينا أن يحكم علينا ثانية بالموت، وهذا لِمَن يظل ثابتًا في المسيح وله حياته الأبدية. فكيف يموت من له حياة المسيح الأبدية.
نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ = هذه تتم على خطوتين بالمعمودية:- الأولى هي الكفارة بالدم أي أن دم المسيح يغطينا ويطهرنا من كل خطية (1يو1: 7 + رؤ7: 14). والثانية نتحد بالمسيح فتكون لنا حياته، وبها نسلك في البر، وهكذا نحسب أبرارًا فيه. وهذا معنى "لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21). وتكون أعضاءنا آلات بر (راجع رو6) ومن لا يسلك في البر يبكته الروح القدس على أنه لم يسلك في البر (يو16: 8). فبدون المسيح لا يمكن لأحد أن يصبح بارًا.
هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ = لأن الله يريد منا أن نسلك في البر، كان يليق بالله كديان عادل أن يهيئ لنا أولًا طريق السلوك في البر. ولأن المسيح يعلم ضعف الإنسان تجاه الخطية، ويعلم أننا بدونه لن نستطيع أن نعمل شيء، كما قال الرب نفسه "لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (يو15: 5). أعطانا المسيح حياته لنسلك بها في البر. ولكي يعطينا حياته، كلفه هذا الكثير – كلفه التجسد وسفك دمه على الصليب. ووافق على هذا، بل كان يتعجل ويشتهي يوم الصليب حبًّا فينا (إش27: 2-5). لذلك ذهب ليوحنا المعمدان ليعتمد، وذلك ليؤسس سر المعمودية التي بها نتحد به فتكون لنا حياته، ليمكنا أن نسلك بها في البر (رو6: 3-14). وإلا كيف يدين من يسلك في الشر إذا لم تكن له وسيلة السلوك في البر؟ كان من اللائق بإلهنا المحب العادل أن يهيئ لنا طريق البر قبل أن نقف أمامه يوم الدينونة. وهكذا قال داود النبي "لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ" (مز51: 4) وبحسب السبعينية "لكي تتبرر في أحكامك، وتغلب إذا حوكمت"، أي لو تجاسر أحد وإدعى يوم الدينونة أنه لم يكن لديه إمكانية السلوك في البر، يكون رد الله – لقد أعطيتك حياتي ودمي المسفوك لأجلك – لم أحرمك من شيء.
تموت فينا الطبيعة القديمة لنقوم كخليقة جديدة في المسيح (2كو5: 17).
نؤهل لسكنى الروح القدس بسر الميرون. فيعطينا الروح القدس قوة = النعمة نقاوم بها الخطية. ويظل الروح القدس ساكنا فينا ليثبتنا في المسيح وليجدد خليقتنا (كو3: 5 - 7).
* يقول الوحي على لسان ميخا النبي "مَن هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يسر بالرأفة. يعود يرحمنا، يدوس آثامنا، وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم. تصنع الأمانة ليعقوب والرأفة لإبراهيم اللتين حلفت لأبائنا منذ أيام القدم" (مي 7: 18 - 20).
* كان البحر في الهيكل يشير للمعمودية حيث يغطس الكاهن بالكامل في سن الثلاثين عند بداية خدمته، في هذا البحر (المرحضة في خيمة الاجتماع)، ثم يغتسل بيديه كل مرة يدخل فيها للأقداس أي إلى الهيكل (القدس) رمزًا لحياة التوبة، وتُسَمَّى التوبة معمودية ثانية. ونلاحظ أن هذه الممارسة كانت للكهنة فقط في العهد القديم، أما في العهد الجديد فكل المؤمنين لهم كهنوت عام ولذلك لهم الحق للدخول إلى الأقداس السمائية عن طريق المعمودية والتوبة.
* خلق الله آدم كاملًا وعلى غير فساد. وبالخطية دخل الموت والفساد إلى آدم ونسله أي كل الجنس البشري، وفسدت الخليقة الأولى. وفي هذا قال داود النبي "بالخطية ولدتني أمي". والخطية تفصل بين الله والإنسان، فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14). ولذلك دخل الموت للإنسان، لأن الله هو الحياة كما قال الرب يسوع "أنا هو القيامة والحياة" (يو11: 25)، وبالخطية صار الانفصال عن الله فمات الإنسان.
* وكان الفداء ويموت المسيح عنا حاملًا خطايانا على الصليب. ويصير هذا لِمَن آمن واعتمد كما يقول الكتاب "مَن آمن واعتمد خلص" (مر16: 16). لذلك يقول الرسول أنه بموت المسيح صولحنا مع الله (رو5: 10).
* ولكن ما زال هناك مشكلة الخليقة الأولى التي فسدت. وكان الحل أن يموت الإنسان، ويخلق الله خليقة جديدة. ولكن الله خلق آدم لأنه يحبه، ولن يقبل أن يهلك أبديًّا.
* ورأى الله أن تموت الخليقة العتيقة الفاسدة داخل الإنسان، ويقوم داخله خليقة جديدة تكون لها الإمكانية أن تحيا للأبد. وكان ذلك بأن تكون هناك طريقة يموت بها الإنسان العتيق مع المسيح ويقوم معه بحياة جديدة هي حياة المسيح القائم من الأموات. وفي هذا يقول بولس الرسول "فبالأولى كثيرًا ونحن مصالحون نخلص بحياته" (رو5: 10). ورأى الله أن يكون ذلك بالمعمودية. وكان هذا حلًّا مؤقتًا إلى أن نلبس أجسادنا الممجدة في السماء عند المجيء الثاني، حينئذٍ نحصل على كل بركات الفداء. وهذا ما قال عنه بولس الرسول فداء الأجساد "وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح، نحن أنفسنا أيضًا نئن في أنفسنا، متوقعين التبني فداء أجسادنا" (رو8: 23).
* وكانت معمودية المسيح ليؤسس سر المعمودية، أي هي الطريقة التي رأى بها الله أن نموت مع المسيح بإنساننا العتيق، ونقوم معه في حياة جديدة. حقًا كان غفران الخطايا بدم الصليب، لكن بالمعمودية يعطينا الروح القدس وبطريقة سرية أن نموت بإنساننا العتيق ونقوم مع المسيح بإنسان جديد متحدا بالمسيح. ونحن في المعمودية نموت مع المسيح فتدفن خطايانا في البحر كما قال ميخا النبي. الخطايا تطرح في البحر لنتبرر نحن كما قال الرب يسوع "نكمل كل بر".
* وبذلك شرحت المعمودية معنى قول ميخا النبي عن طرح خطايانا في البحر. المسيح بموته على الصليب حمل خطايانا. ولكن كيف نستفيد من هذا؟ يكون هذا بالمعمودية. فالمسيح وقف يوم المعمودية ليعلن أنه سيقبل الموت على الصليب كحامل لخطايانا. وكل من يعتمد بعد ذلك من الماء والروح، يجعله الروح القدس بطريقة سرية يموت ويدفن مع المسيح بإنسانه العتيق، فتدفن خطاياه كما لو تم طرحها في البحر. وكان خروج المسيح من الماء إشارة لقيامته ثانية وكل من سيعتمد بعد ذلك يخرج من المعمودية ليس فقط مبرَّرا بل متحدا بالمسيح وله حياة المسيح فيصير ابنًا لله.
* والمسيح لم يظل ميتًا في القبر بل قام. ونحن بخروجنا من المعمودية نقوم ثابتين في المسيح كخليقة جديدة. وهذا هو عمل الروح القدس في سر المعمودية، أنه يشركنا في الموت مع المسيح والقيامة معه. ويكون كل من يظل ثابتًا في المسيح يُحسب أنه بارًّا كاملًا كمن طرحت خطاياه في البحر، وهذا كما يقول القديس بولس الرسول "الذي ننادي به منذرين كل إنسان، ومعلمين كل إنسان، بكل حكمة، لكي نحضر كل إنسان كاملًا في المسيح يسوع" (كو1: 28) وراجع أيضًا (أف1: 4 + رو8: 1).
* وبهذا صار لنا خلقتين، الأولى في آدم ونولد بها من آبائنا الجسديين، والثانية في المسيح كما قال القديس بولس الرسول "ونحن عمله (الخلقة الأولى) مخلوقين في المسيح يسوع ..." (الخلقة الثانية) (أف2: 10). ويستمر هذا الوضع حتى نموت بالجسد وتنفصل الروح عن الجسد. فيذهب الجسد للتراب، أما الروح المتحدة بحياة المسيح تظل لها حياة أبدية ولا تموت. ولذلك تصلي الكنيسة "ليس موت لعبيدك يا رب بل هو انتقال". وعند المجيء الثاني تلبس أرواحنا الأجساد الممجدة (2كو5: 1 - 4).
* وللخليقة الجديدة ميزة كبيرة ، وهي أن الروح القدس يسكن في المُعَمَّد بسر الميرون. والروح القدس يعطي قوة تعين الإنسان المُعَمَّد على أن يستمر ثابتًا في المسيح وهذه القوة هي ما نسميها النعمة.
ونخرج من المعمودية ليس فقط أبرارًا ولكن متحدين بالمسيح لنصبح أبناء الله في المسيح. لذلك يطلب المسيح منا "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4).
ولهذا السبب تصلي الكنيسة في كل صلواتها بلذة وفرح وتردد دائمًا عبارة.
فلنشكر... أو فلنسأل...الله الآب ضابط الكل أبو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح...
1) فكون يسوع المسيح هو ابن الله، فهذا صار سببًا لبنوتنا نحن لله لأننا اتحدنا بابنه في المعمودية.
2) كون الله هو ضابط الكل "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب1: 3)، فهذا يعني أنه يتحكم في كل الخليقة (السمائيين والأرضيين، الملائكة والبشر، الخليقة العاقلة وغير العاقلة كالطيور والحيوانات والجراثيم...)، والجماد (الأرض بكل ما فيها من جبال وأنهار وبحار، ومما يخيف كالزلازل والبراكين...) بل والشياطين. فلماذا الخوف من أي شيء في الوجود وحياتي في يد أبي الذي يحبني كل هذا الحب وهو القدير القوي ماسك كل خيوط الخليقة في يده، وكل شيء بسماح منه؟! هل يؤذيني من بذل ابنه لأجلي؟!
عندما طعن الجندي السيد المسيح على الصليب خرج من جنبه دم وماء. والدم يعطي معنى الفداء. ولكن كيف ننال نحن هذا الفداء؟ نناله بالمعمودية. الفداء قدمه لنا الدم (دم المسيح). ونحن ننال استحقاقات هذا الدم بالميلاد من الماء والروح.
وفي موت الإنسان في المعمودية يموت إنسانه العتيق القديم وفي خروجه من مياه المعمودية يخرج إنسان جديد على شبه المسيح. في مياه المعمودية يغطس ابن الإنسان الملوث بالخطية الأصلية التي لجده آدم ويقوم ابنًا لله الذي أخذ بالمعمودية نعمة التبني.
ولكي ينزل الإنسان للمعمودية ينزع عنه ثيابه إشارة إلى نزع الطبيعة العتيقة منه، وفي خروجه من المعمودية يلبس ثيابًا بيضًا إشارة إلى ثوب البر الذي لبسه بالمعمودية ويضعوا على ثيابه البيض زنارًا أحمر إشارة لأن هذا البر تم بدم المسيح (رؤ14:7). وفي موت الإنسان في المعمودية يرمز إلى قطعه من الزيتونة العتيقة وفي خروجه من المعمودية يرمز إلى تطعيمه في الزيتونة الجديدة (رو17:11).
وعن عملية الموت والقيامة في المعمودية قال الرسول مشبهًا المعمودية بالختان "وبه أيضًا ختنتم ختانًا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح مدفونين بالمعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه بإيمان عمل الله (كو11:2، 12). وبهذا كان الختان في العهد القديم رمزًا للمعمودية في العهد الجديد، من حيث هو قطع جزء من جسد الخطية وموت هذا الجزء إشارة لموت الإنسان مع المسيح. وبهذا يأخذ الختان معنى روحي في الموت عن جسد الخطية. وكان المختون يصبح من شعب الله، أي في عهد مع الله (تك17: 10). أما غير المختون قيل عنه "تقطع تلك النفس من شعبها" (تك17: 13). وبهذا نرى أن الختان بمعنى الموت الروحي عن الخطية أو موت الإنسان العتيق هو شرط للدخول في عهد مع الله. ومن هو في عهد مع الله يحيا أي لا تقطع تلك النفس من شعبها. المختون صارت له حياة جديدة إشارة للخروج من المعمودية بحياة جديدة هي حياة المسيح الأبدية.
* من كل هذا يتضح أن المعمودية ليست مجرد شكل أو علامة إنما هي حياة جديدة أخذها الإنسان بعد أن مات عن الحياة القديمة. وعملية الموت والقيامة تتم بعمل سري بفاعلية الروح القدس في الإنسان. ولذلك نحن نستدعي الروح القدس بصلوات الكاهن لكي يقدس مياه المعمودية فتصبح قادرة على تقديس الإنسان الذي ينزل فيها. وعملية التقديس هذه هي عملية سرية غير منظورة تتم عن طريق العمل المنظور في المعمودية. فالروح القدس إذًا يحل على مياه المعمودية كما كان روح الله يرف على المياه في العهد القديم. ففي اليوم الأول كان يرف على المياه فأوجد خليقة جديدة. هكذا روح الله على مياه المعمودية يوجِد طبيعة جديدة للإنسان المعتمد.
وطالما المعمودية هي موت مع المسيح فاللص اليمين مات فعلًا مع المسيح. والشهداء غير المعمدين في ماء المعمودية اعتمدوا بمعمودية الدم فهم ماتوا مع المسيح باستشهادهم.
وليس معنى الطبيعة الجديدة أننا نفقد حرية الإرادة، فالإنسان يمكنه أن يخطئ. لكن المعمودية أعطت للإنسان طبيعة جديدة، ولكن يبقى للإنسان حرية الإرادة أن يختار بين البقاء كخليقة جديدة أو يعود للعتيقة [راجع تفسير (رو6)]. والروح القدس الذي نحصل عليه في سر الميرون يبكت المُعَمَّد إذا أخطأ ويعطيه معونة ويجذبه للرجوع إلى الله (رو8: 26). فالمعمودية قوة سرية داخلية وليست شيئًا ملموسًا.
المعمودية هي أيضًا غسل من كل الخطايا سواء الأصلية أو الفعلية أو حتى التي نسيها الإنسان أو التي يجهلها. هي تطهير وتقديس للإنسان. يخرج الإنسان من المعمودية بلا خطية. هي الخطوة الأولى لخلاص الإنسان. وقد شبهها بطرس الرسول بفلك نوح "الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية، لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح (1بط20:3، 21). أي أن المعمودية ليست حميمًا للجسد فقط إنما هي غسل للنفس أيضًا أسماها الكتاب "غسل الميلاد الثاني" (تي5:3) وقال أيضًا "بغسل الماء بالكلمة" (أف26:5) ولاحظ قول حنانيا لشاول الطرسوسي (بولس الرسول) "قم واعتمد واغسل خطاياك" (أع16:22).
والمعمودية ولادة جديدة من فوق، من الماء والروح كما قال السيد المسيح لنيقوديموس (يو5:3) وبغيرها لا يمكن أن يدخل أحد ملكوت الله (يو5:3). لذلك قال المسيح من آمن واعتمد خلص (مر16:16). وحيث أن الإنسان يولد من الروح القدس، والروح القدس هو الله، فبها يصير الإنسان ابنًا لله. أما البروتستانت فيرون أن البنوة لله تأتي بالإيمان والمعمودية مجرد علامة. لكن المسيح قال "يجب أن الإنسان يولد من الماء والروح"... وليس الروح فقط. لذلك فالماء في المعمودية بعد الصلاة لا يظل ماءً ساذجًا إنما يعطيه الروح القدس قوة خاصة.
ولنفهم ذلك لنقارن قول يوحنا المعمدان "هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (مت3: 11) مع قول السيد المسيح "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح..." (يو3: 5)، ففي الآيتين نجد الروح القدس في كليهما بينما في إحداهما نجد الماء، وفي الأخرى نجد النار. إذًا نستنتج أن الماء قد تغيرت طبيعته وصارت له طبيعة نارية لها فعل الإحراق والتطهير بعمل الروح القدس روح الإحراق (اش4: 4).
ولذلك نُسَمِّي المؤمنين أولاد معمودية ولدتهم الكنيسة في جرن المعمودية.
ولقد قال القديس إغريغوريوس أسقف نيصص عن المعمودية أنها قبر وأم. ففي المعمودية يدفن الإنسان العتيق، ويقوم إنسانًا جديدًا يكون ابنًا لله.
ولا بد أن نفهم أن المعمودية ليست تقييدا لحريتنا، بل من يريد أن يرتد لحياة الخطية هو حر، لكن النعمة تساند (راجع تفسير رو8: 3). لذلك على المُعَمَّد أن يفهم أنه لكي يظل ثابتًا في المسيح فعليه أن يقف أمام الخطية كميت. لذلك يقول رب المجد "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4). ونلاحظ أن القديس بولس الرسول يشرح هذا في الآيات التالية:-
* "دفنا معه بالمعمودية للموت" (رو6: 4).
* "إحسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية" (رو6: 11). وهذه ما نسميها حياة الإماتة.
* "لأنكم قد متم (بالمعمودية) وحياتكم مستترة مع المسيح (قمنا مع المسيح متحدين به) ... فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض (حياة الإماتة) ..." (كو3: 3 - 6).
* "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع (نقف أمام الخطية كأموات = حياة الإماتة) لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا (نشعر بفاعلية الإنسان الداخلي الجديد ونصرته على الخطية). لأننا نحن الاحياء نسلم دائمًا للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا المائت" (2كو4: 10 ، 11).
تقول الطوائف البروتستانتية أن المعمودية هي علامة فقط ولكن لا مفاعيل لها!
1) ولنرجع لقول الرب يسوع المسيح نفسه "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو5:3). فالرب يقول أن هناك ولادة جديدة. أليست هذه مفاعيل للمعمودية، أنه بالمعمودية نولد، ألا يكفيكم أن تكون هناك ولادة لتؤمنوا أن هناك مفاعيل للولادة وأنها ليست علامة فقط.
2) كيف تتم الولادة الجديدة؟ راجع سر الإفخارستيا لترى أن المسيح احتفظ في جسده بكل ما حدث لجسده على الأرض:-
المسيح احتفظ بجسده وهذا ما رآه القديس يوحنا في رؤياه، فهو رآه في شكله الإنساني الذي يعرفه.
المسيح مات بحياة آدم التي حصل عليها من العذراء مريم أمه. واحتفظ بفعل موته في جسده (المسيح مات بحياة آدم التي أخذها من أمه العذراء).
المسيح قام بحياة أبدية واحتفظ جسده بفعل هذه الحياة الأبدية.
المسيح تمجد بجسده الإنساني. وسيحتفظ بهذا المجد في جسده للأبد. ونراه يطلب من الآب أن نراه في مجده لنعكس مجده فنتمجد (يو24:17) ونتغير من طبيعتنا الترابية الوضيعة ونأخذ شكل مجده (في 21:3 + 1يو2:3).
ولأن المسيح احتفظ بفعليّ الموت والقيامة في جسده رآه القديس يوحنا بهذا المنظر العجيب خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ.
نفهم أن المسيح احتفظ في جسده بفعل الحياة الأبدية واحتفظ بالمجد الذي حصل عليه ولكن لماذا احتفظ في جسده بفعل الموت؟
(هو مات بحياة آدم التي أخذها من أمه العذراء).
احتفظ المسيح بفعل الموت لكي نموت معه في المعمودية بحياة آدم التي فينا كما يقول القديس بولس الرسول "لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أيضًا بِقِيَامَتِهِ" (رو5:6). ويقول أيضًا "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي ٱلْمَعْمُودِيَّةِ، ٱلَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أيضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ ٱللهِ، ٱلَّذِي أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَات" (كو12:2). فقوله مدفونين معه تؤكد أن المسيح احتفظ بفعل الموت. ولأن المسيح محتفظ بفعل الموت، نجد أنه حين ينزل المُعَمَّد في ماء المعمودية يوحده الروح القدس في جسد المسيح الميت، فيموت مع المسيح. وحين يخرج المُعَمَّد من المعمودية يوحده الروح القدس مع المسيح الحي فتكون له حياة أبدية هي حياة المسيح فيقول "لي الحياة هي المسيح" (في 21:3).
باتحاد المُعَمَّد بالمسيح المحتفظ بفعل موته في جسده تموت خطاياه، لماذا؟ حين صُلِب المسيح على الصليب كان حاملًا لخطايانا، ومات بها فأمات خطايانا، وكل مَن اتحد به في المعمودية يثبت فيه وتموت خطاياه، لأنه اتحد بالمسيح الذي أمات الخطية في جسده. لذلك طالما الخطايا قد ماتت نقول أن المُعَمَّد يخرج وقد غفرت خطاياه. ولأنه قد اتحد بالمسيح الحي نقول أنه قد اتحد بالمسيح ابن الله فصارت له بنوة لله أي صار ابنًا لله.
3) ولذلك نقول أن مفاعيل المعمودية هي:-
· يخرج المُعَمَّد متحدًا بالمسيح.
· ولادة جديدة بها نصبح أولادًا لله.
· فيها غفران للخطايا.
· تكون للمعمد حياة أبدية.
تكامل الأسرار
*في سر المعمودية حصلنا على غفران الخطية والحياة الأبدية.
ولكن لأن سر المعمودية لم يحرمنا من حريتنا، فنحن قابلين للخطأ ونخطئ، وهذا ما قاله القديس يوحنا اللاهوتي عن العالم الذي نحيا فيه "نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ ٱللهِ، وَٱلْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي ٱلشِّرِّيرِ" (1يو19:5). والخطية تفصلنا عن المسيح الذي إتحدنا به في المعمودية. فما هو الحل؟ وكيف نعود للثبات في المسيح؟ الحل في بقية الأسرار:-
1) الميرون: وفيه يسكن الروح القدس فينا، وهو الذي يعطينا النعمة أي القوة التي تساندنا أن نثبت في المسيح، ونستعير تعبير من الترجمة الإنجليزية (حز7،6:41) supported but not fastened ومنها نفهم أننا لنا قوة تساندنا على الثبات في المسيح ولكن لا ترغمنا على ذلك. بل نسمع قول مخيف للرب يسوع للفاتر، الذي لا يريد الثبات في المسيح بل يطلب خطايا العالم "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ16:3).
2) سر التوبة والاعتراف: التوبة هي قرار بالموت عن الخطية "كذَلِكَ أَنْتُمْ أيضًا ٱحْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَلَكِنْ أَحْيَاءً لِلهِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. إِذًا لَا تَمْلِكَنَّ ٱلْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ ٱلْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ" (رو12،11:6). وبالاعتراف للكاهن يصلي الكاهن بالسلطان الذي منحه المسيح للكهنوت صلاة التحليل، وبالتحليل ينقل الروح القدس خطايا المعترف التي اعترف بها إلى المسيح والذي سيقدم ذبيحة حية يتناول منها المعترف بعد الاعتراف. والكاهن صار له هذا الحق بنفخة الروح القدس من المسيح لتلاميذه "وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «ٱقْبَلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ" (يو23،22:20).
3) الإفخارستيا: الإفخارستيا هي ذبيحة حية، هي ذبيحة (إذًا فيها فعل الموت) وهي حية (فيها فعل الحياة فالمسيح قام من الأموات بحياة أبدية). ومن يتناول يتحد بهذه الذبيحة. هو يأتي للتناول من الجسد المكسور فيتحد بفعل موت المسيح الحامل خطايا المعترف ومات بها على الصليب، فتموت خطيته فتغفر. فحينما يتحد الخاطئ بالمسيح الذي ماتت الخطية فيه تموت خطية الخاطئ فتغفر. ثم يذهب للتناول من دم المسيح فيتحد بالمسيح الحي. فحينما يشرب من الدم يحصل على الحياة الأبدية (فالدم حياة). لذلك نقول عن الإفخارستيا "يُعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه" لذلك نقول أن الإفخارستيا هي إمتداد للمعمودية لكي نظل ثابتىن في المسيح.
1) قول الرب يسوع لنيقوديموس "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5).
2) معمودية الرب يسوع المسيح نفسه لتأسيس سر المعمودية.
3) كان هذا أمر الرب يسوع لتلاميذه "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت28: 19).
4) الرب يسوع عمَّد تلاميذه وكانوا هم يعمدون الناس باسم المسيح، [راجع تفسير الآيات: راجع يو3: 22 + يو4: 1 ، 2].
ولاحظ أهمية المعمودية في الكنيسة منذ بدايتها ففي اليوم الذي تأسست الكنيسة فيه يوم الخمسين مورِسَت المعمودية في نفس اليوم وعمد الرسل 3000 نفس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولو كان الإيمان وحده يكفي، فما كان أسهل على الرسل أن يقولوا يكفيكم الإيمان، لكن بطرس نجده يقول "توبوا وليعتمد كل واحد منكم..." (أع37:2-41) ونلاحظ أن المعمودية يسبقها توبة واعتراف كما قال القديس بطرس. لذلك لا يصح أن نعمد أحد إذا بقي على خطيته أو دون أن نتأكد من صحة إيمانه، فلا نلصق عضوًا نجسًا بجسد المسيح، ولهذا ظهر في الكنيسة الأولى صفوف الموعوظين، وهؤلاء كانت الكنيسة تلقنهم الإيمان قبل أن يعتمدوا، وكانوا يخرجون من الكنيسة قبل قداس المؤمنين.
معمودية الكبار تستلزم تعليمهم أولًا وتوبتهم واعترافهم قبل المعمودية (مت28: 19 ، 20).أما الأطفال فلم يكن هناك ما يعوقهم عن الإيمان بل في بساطة قلوبهم ما يسمح لهم بعدم معارضة الحقائق الإيمانية. وكان أهلهم يلقنونهم الإيمان فيما بعد. فسجان فيلبي اعتمد هو وأهل بيته بما فيهم الأطفال وهكذا كرنيليوس. وعماد الأطفال يتيح لهم ممارسة أسرار الكنيسة بعد ذلك كالإفخارستيا.
* يقول المعترضون على تعميد الأطفال: أنهم لا يفهمون معنى المعمودية، أتركوهم ليختاروا بحريتهم الطريق الذي يريدونه! ولكن
* لاحظ أننا لا نمنع الطعام أو الدواء أو التعليم عن الأطفال بينما هم لا يقدرون قيمة ما يأخذونه. ولكن من محبتنا لهم نعطيهم ما يحتاجونه ليحيوا حياة صالحة، فكم بالأولى حياتهم الأبدية.
* بل من يقرأ (رو6) وحدها ويفهم أننا في المعمودية نقوم متحدين بالمسيح ولنا حياته الأبدية، ثم يمنع المعمودية عن ابنه فهو قد حرم ابنه من نعمة الحياة.
* ولاحظ قول الكتاب عن معمودية كل أهل سجان فيليبى (أع16: 28 - 34) "... فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسلهما من الجراحات، واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون ...". ونرى أن الأطفال دخلوا البحر الأحمر مع آبائهم، إذًا هم اعتمدوا مع آبائهم.
يقول الإخوة البروتستانت أن بولس الرسول قال لسجان فيليبى "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك". ويقولون أن الرسول بولس لم يُشِرْ في كلامه للمعمودية كشرط للخلاص ولكن:-
1) هل كان من المتصور أنه حين يسأل السجان بولس الرسول عن كيفية الخلاص، أن بولس يبدأ يعلمه الكتاب المقدس من سفر التكوين حتى النهاية. أو أن الأفضل أن يسهل له الطريق. ويكون الإيمان هو المدخل للطريق.
2) نرى أن بولس الرسول قام بعماده هو وكل أهل بيته.
3) لو كان العماد بلا فاعلية للخلاص فلماذا عمدهم الرسول.
4) إذًا نفهم من قول بولس الرسول "آمن" أنها الخطوة الأولى وتشمل بعد ذلك كل ما يخص هذا الإيمان، ومن ضمن هذا الإيمان المعمودية ثم العقائد وكل التعاليم المسيحية. وإلا فهل إيمان السجان وحده كان كافيا لخلاص عائلته، إنما إيمانه كان بداية لسلسلة طويلة تبدأ بالعماد ثم التعليم والرعاية له ولعائلته.
* ويقولون دعوا الأطفال يختارون طريقهم حين يكونون قادرين على التمييز ويكون لهم حرية الاختيار! ولكن من قال أن المعمودية هي تقييد للحرية - وراجع قول الرب لملاك كنيسة اللاودكيين "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ3: 16) لمجرد أن الرب رأى أنه لا يشعر باحتياجه له. فكم بالأولى لو أراد شخص معمد أن يترك الإيمان: الله لا يجبر أحد أن يظل في إيمانه، الله سيحاول معه مرات لإثنائه عن ترك الإيمان، لكن في حالة إصراره فالله لن يجبره على شيء.
وكان العماد بالتغطيس حتى في معمودية يوحنا قيل أن المسيح صعد من الماء، وكذلك في قصة الخصي الحبشي نزل إلى النهر. وهذا يظهر خطأ فكرة الرش. ومن الناحية الأثرية نجد أن أجران المعمودية كبيرة وعميقة والرش لا يحتاج لمثل هذه الأجران.
والمعمودية كانت من حق الرسل فقط وبالتالي الأساقفة ثم بعد ذلك صارت للكهنة فالسيد المسيح قال لتلاميذه فقط "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم..." (مت19:28). إذًا فالسيد المسيح هو الذي وضع أساس هذا السر. ولاحظ أنه كلف الرسل أيضًا بتعليم هؤلاء الذين يعمدونهم حتى يثبتوا في الإيمان.
وكان في أيام الرسل أنهم كانوا يمارسون سر المعمودية بالانفصال عن سر المسحة المقدسة أي سر التثبيت (الميرون حاليًا). وكان هذا السر المقدس ينال بوضع أيدي الرسل ثم بوضع أيدي خلفاءهم من الأساقفة قبل أن يحل الميرون ومسحته.
والآباء الرسل هم من وضعوا فكرة الرشم بالميرون مع انتشار المسيحية. ونلاحظ قول القديس يوحنا "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء" (1يو2: 20). إذًا فكرة المسحة كانت موجودة من أيام القديس يوحنا الإنجيلي.
ووضع اليد لنوال الروح القدس للمؤمن العادي غير وضع اليد لنوال نعمة الكهنوت بالنسبة لأشخاص معينين مختارين للخدمة. وهذا وذاك غير وضع اليد لنوال البركة كما بارك يعقوب ابني يوسف.
- وعبور البحر الأحمر كان رمزًا للمعمودية (1 كو 1: 10، 2) وبعد ذلك تأهلوا لأكل المن (الطعام الروحي الذي هو رمز للإفخارستيا)... وشربوا شرابًا واحدًا روحيًّا...والشراب الروحي رمز للروح القدس الذي يحل على المُعَمَّد بعد المعمودية (1كو10: 3)... وهذا لأن المعمودية مدخل لكل الأسرار ومن رموز المعمودية أيضًا المرحضة في خيمة الاجتماع، ثم البحر في الهيكل. ولاحظ أن الماء والأنهار والمطر من رموز الروح القدس (يو7: 37-39) وأيضًا راجع باب الرموز في نهاية كتاب الأسرار.
- أحد التناصير في الصوم الكبير هو الذي كان يتم فيه عماد الموعوظين، ويقرأ فيه فصل المولود أعمى، الذي اغتسل في بحيرة سلوام (أي المرسل = المسيح) وكأنها المعمودية التي هي موت مع المسيح وقيامة مع المسيح وفيها خلقة جديدة؛ فالأعمى صار له عينٌ جديدةٌ لم تكن عنده، ومن الطين كما خلق آدم من تراب الأرض، وهذه العين الجديدة لها معنى آخر غير أنها خليقة جديدة، وهو أن العين تعطي معنى الاستنارة، فالمعمد بسهولة يتعرف على الحقائق الإيمانية ويستوعبها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z6ttkyq