St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   40-Sefr-Habkouk
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

حبقوق 3 - تفسير سفر حبقوق

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب حبقوق:
تفسير سفر حبقوق: مقدمة سفر حبقوق | حبقوق 1 | حبقوق 2 | حبقوق 3 | دراسة في حبقوق

نص سفر حبقوق: حبقوق 1 | حبقوق 2 | حبقوق 3 | حبقوق كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية (1): "صَلاَةٌ لِحَبَقُّوقَ النَّبِيِّ عَلَى الشَّجَوِيَّةِ:"

صلاة لحبقوق النبي = كانت صلاة الأنبياء تعتبر نبوات تتحقق. على الشجوية وهي آلة وترية. وقد تكون مشتقة من كلمة "شجوج" العبرية بمعنى جهالة فتكون هذه الصلاة عن جهالات الشعب وبلحن شجوي أي لحن حزين. وقد لاحظنا أن النبي بدأ صلاته أو بدأ سِفره بشكوى ثم وقف على المرصد يترقب رد الله. وإذ انتصب على البرج الإلهي متحصنًا تهللت نفسه داخله بالرغم من كل الظروف القاسية المحيطة به. فهو رأى نهاية بابل الدولة التي ظلمت شعبه، بل من خلال هذه الرؤيا كشف الله له خلال الرموز خطته الخلاصية التي تمت بالصليب.

 

آية (2): "يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ خَبَرَكَ فَجَزِعْتُ. يَا رَبُّ، عَمَلَكَ فِي وَسَطِ السِّنِينَ أَحْيِهِ. فِي وَسَطِ السِّنِينَ عَرِّفْ. فِي الْغَضَبِ اذْكُرِ الرَّحْمَةَ."

سمعت خبرك فجزعت = حين عرف ما سيفعله البابليون جزع. ثم تأتي صلاة النبي وشفاعته عن شعبه. عملك في وسط السنين أحيه = هو نظر إلى أعمال الله العظيمة في الماضي، والله قد أراه المستقبل وخطته للخلاص. ولكن الآن وسط هاتين الحقبتين، وها نحن مقبلون على التأديب أحيي يا رب عملك وأظهر مجدك في وسط سنين الضيق التي ستأتي علينا. في وسط السنين عرف = في وسط سنين الضيق أظهر قوتك ليعرفك شعبك.

 

آية (3): "اَللهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ."

ابتداء من هذه الآية نجد رؤيا النبي والتي ظهر فيها استجابة الله لصلاته. وكأننا نرى النبي هنا يتذكر الأمجاد السابقة في سيناء أو أن الله يريه أن هذه الأمجاد سوف تتكرر ثانية وأنه سوف يخلص شعبه [راجع خر20:19؛ 17:24؛ تث2:33]. هذه الآيات تشير لظهور الله في مجده أمام الشعب: و"كما كان فهكذا يكون من جيل إلى جيل". وحين يأتي الله تمتلئ السموات من جلاله (جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ) فهو ساكن في السموات، والسموات تشير للنفس البشرية التي التصقت بالله فتحولت لسماء. والأرض امتلأت من تسبيحه = هذا هو الجسد الذي يسبح الله. تيمان في أدوم وفاران في سيناء وقوله الله جاء من تيمان = أي ظهر وتجلَّى مجده في تيمان. ثم يقول والقدوس من جبل فاران. وحينما نعود لأصل الآية في كلمات موسى (تث2:33) نجدها معكوسة، فموسى يقول: "جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ (حيث ظهر في مجده) وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ"، فموسى يقصد أن مجد الرب سيظهر أولًا للشعب اليهودي في سيناء ثم يظهر بعد ذلك لسعير (رمز انتشار معرفة الله في الأمم. أما حبقوق فيبدأ بسعير رمز لدخول المسيحية للأمم ثم جبل فاران حيث كان الشعب اليهودي تائهًا وذلك رمزًا لإيمان اليهود في أواخر الأيام. والأرض امتلأت من تسبيحه = إشارة للكنيسة الممتدة في العالم.

 

آية (4): "وَكَانَ لَمَعَانٌ كَالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ، وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ."

كان لمعان كالنور = الله نور، بل موسى حين رأى على قدر ما يحتمل من مجد الله إستنار وجهه، ولمع جلد وجهه. ونور الله يكشف الظلمة، وهكذا شريعة الله التي أخذوها على جبل سيناء، وحين ظهر لهم الله رأوا نورًا (خر10:24، 17). وكأن النبي يريد أن يقول "حين سمعت بخبر الكلدانيين تصورت أن أمورنا في يدهم وهم خارجين عن سلطانك، لكن الآن قد علمت أنك تعلم كل شيء نورك يفضح هؤلاء السالكين في الظلمة. له من يده شعاع = هو البرق الذي يصاحب العاصفة، فالله على أعدائه يكون كعاصفة تدمرهم، وبرق يصعقهم. وهناك إستتار قوته = إن الله لا يتعامل مع أعداء شعبه كما نتصور نحن البشر أو نتمنى، فهو لا ينتقم منهم فورًا، بل يعطيهم فرصة [1] لعلهم يتوبون [2] يتم عمل التأديب فينا.

وحينئذ سيدرك الكل قوة الله التي كانت مستترة إلى حين. لكن هذه الآية تشير لتجسد المسيح الذي هو نور من نور هو شعاع (نور) في يد الله، فيد الله أو ذراع الله إشارة للمسيح (إش5:51 + إش9:51). لكن حين تجسد المسيح إستتر نور مجد لاهوته في جسده. وهو أيضًا كان مستترًا في نبوات العهد القديم. ومجد الله ظهر في المسيح لكن على قدر ما نحتمل.

 

آية (5): "قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى."

قدامه ذهب الوبأ = أي هو ضرب فرعون بالوبأ. والمسيح بظهوره طرد وباء الشر وهزم وباء الموت (هو14:13 + 1كو54:15، 55). وعند رجليه = فالمسيح بموته داس الشيطان والموت، فهو له سلطان. خرجت الحمى = هرب الموت من قدامه وبالنسبة لضربات فرعون فالحمى قد تشير لجمر نار أي ضربة النار والبرد.

 

آية (6): "وَقَفَ وَقَاسَ الأَرْضَ. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ."

وقف وقاس الأرض = حين قسمها لشعبه على يد يشوع. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ = الكل رجفوا من شعب الله مثل الكنعانيين والموآبيين. وَدُكَّتِ الجبال الدهرية= الله له القدرة على دك الجبال، وقد تعني الأمم المتكبرة أو ملوك هذه الأمم أو تعني الشياطين فهم أول المتكبرين. والله القادر على دك الجبال قادر على دك خطايانا وعاداتنا الرديئة. والمعنى وراء هذه الآية أن الله أرعب الشياطين ودكهم وقسم الأرض (أي السماء) لشعبه الذي سيرث الله، يرث مع المسيح. مسالك الأزل له = كل طرق الله متفقة مع مشورته الأزلية، وكما عمل في القديم في جبل سيناء، هكذا سيعمل في تأديب شعبه وإهلاك أعدائهم بعد أن يؤدبوا شعبه = "يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8).

 

آية (7): "رَأَيْتُ خِيَامَ كُوشَانَ تَحْتَ بَلِيَّةٍ. رَجَفَتْ شُقَقُ أَرْضِ مِدْيَانَ."

كُوشَانَ = هذا الاسم لم يَرِد إلا هنا وقد يكون اسمًا قديمًا لمديان. والمعنى من الآية أن كل الممالك المجاورة قد انزعجت (قض8:3). هكذا ترتجف الشياطين أمام أولاد الله. كأن النبي رأى عمل الله القادم على الصليب وانزعاج الشياطين من خلال رعب الموآبيين. وقد يكون كوشان = ما يختص بكوش (قاموس الكتاب). وماذا يختص بكوش إلا اللون الأسود، لون الخطية (أر23:13). فتصبح خيام كوشان إشارة للجحيم مسكن الشياطين، وهؤلاء أرعبهم المسيح. رَجَفَتْ شُقَقُ.. مِدْيَانَ = سمح الله لمديان أن تذل شعب الله فترة بسبب خطية الشعب، وعاد الله وأرسل لهم جدعون، وكان جدعون رعبًا لأهل مديان، بل حطمهم، وهذا رمز لعمل المسيح الذي حطم إبليس، المملكة التي استعبدت البشر فترة من الزمان.

 

آية (8): "هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ حَمِيَ يَا رَبُّ؟ هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ غَضَبُكَ؟ أَوْ عَلَى الْبَحْرِ سَخَطُكَ حَتَّى إِنَّكَ رَكِبْتَ خَيْلَكَ، مَرْكَبَاتِكَ مَرْكَبَاتِ الْخَلاَصِ؟"

هنا تساؤل من النبي: هل حمى غضب الرب على الأنهار والبحار؟ (هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ حَمِيَ يَا رَبُّ؟ هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ غَضَبُكَ؟ أَوْ عَلَى الْبَحْرِ) = والأنهار تشير لشعب الله والبحار تشير للشعوب الوثنية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولقد حَمِيَ غضب الله عليهم جميعًا إذ أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (رو3). ولقد كان المتصور أن الله يبيد الجميع ولكن العجب أن الله ركب مركباته وأتى للخلاص (إِنَّكَ رَكِبْتَ خَيْلَكَ، مَرْكَبَاتِكَ مَرْكَبَاتِ الْخَلاَصِ) = وكل ما حدث أن الله استخدم الأمم الوثنية ضد شعبه ليؤدبهم، بل استخدم الأمم الوثنية ضد بعضها البعض ليؤدب الجميع.

 

الآيات (9-13): "عُرِّيَتْ قَوْسُكَ تَعْرِيَةً. سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ. سِلاَهْ. شَقَّقْتَ الأَرْضَ أَنْهَارًا. أَبْصَرَتْكَ فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ. سَيْلُ الْمِيَاهِ طَمَا. أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا. رَفَعَتْ يَدَيْهَا إِلَى الْعَلاَءِ. اَلشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَقَفَا فِي بُرُوجِهِمَا لِنُورِ سِهَامِكَ الطَّائِرَةِ، لِلَمَعَانِ بَرْقِ مَجْدِكَ. بِغَضَبٍ خَطَرْتَ فِي الأَرْضِ، بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. خَرَجْتَ لِخَلاَصِ شَعْبِكَ، لِخَلاَصِ مَسِيحِكَ. سَحَقْتَ رَأْسَ بَيْتِ الشِّرِّيرِ مُعَرِّيًا الأَسَاسَ حَتَّى الْعُنُقِ. سِلاَهْ."

هنا في آية (9) نرى الرب كجبار يخرج قوسه (عُرِّيَتْ قَوْسُكَ) ويظهره ويوجه سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ ضد أعداء شعبه. فالله أظهر قوته في غزو كنعان بحسب وعده لشعبه في كلمته للآباء بأنهم يرثون الأرض (وكلمة الله كاملة فرقم 7 رقم كامل والمعنى أن وعود الله لا يسقط منها حرف). شَقَّقْتَ الأَرْضَ أَنْهَارًا = حين إنشقت الصخرة وخرج منها أنهار ماء تروي الشعب في البرية سَيْلُ الْمِيَاهِ طَمَا = في ترجمات أخرى توقف فيضان النهر إشارة لشق نهر الأردن ، وذلك بقوة جبارة أوقفته. فَـ:أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا = كأن المياه زمجرت أمام هذه القوة التي صدتها عن المسير. رفعت يديها إلى العلاء = هذا يشير إلى أنها أي المياه أمام قوة جبارة لا تستطيع أي شيء أمامها. وفي (11) إشارة لحادثة وقوف الشمس والقمر مع يشوع حتى يكتمل انتصاره على أعدائه. وذلك حتى يكون هناك نور للسهام الطائرة من شعب الله إلى الأعداء. ولاحظ أن السهام هي سهام الله، وفي هذه المعجزة الجبارة ظهر مجد الله كالبرق اللامع. وفي الآيات (12، 13). هنا يتضح أن الله هو الذي داس الأمم الكنعانية أمام شعبه، وهو الذي خرج أمام شعبه، لخلاص مسحائه أي ملوك شعبه، وملوك يهوذا الأتقياء بالذات. على أن هذه الآيات فيها نبوات واضحة عن الخلاص بالمسيح:- عُرِّيَتْ قَوْسُكَ = تشير للتجسد الإلهي الذي به كشف المسيح عن قوته في حربه ضد إبليس. وبالتجسد تمتعنا بكلمة الله كسهم يحطم الشر الذي تملك في داخلنا. ويحل كلمة الله فينا كسهم حقيقي يجرح قلوبنا ويوقظ ضمائرنا لينزع عنا كل فساد خبيث. وعمل كلمة الله في داخلنا عمل كامل = سباعيات سهام كلمتك ورقم 7 يشير للكمال. وكلام الرب نقي كفضة محماة سبع مرات (مز6:12) ونلاحظ أن المسيح على الصليب نطق 7 كلمات (مت 27: 46؛ لو 23: 34، 43، 46؛ يو 19: 26، 27، 28، 30). شققت الأرض أنهارًا = هذا رمز لفيض الروح القدس (الأنهار) (يو37:7-39) الذي تفجر بعد صلب المسيح (الصخرة) وحين امتلأ المؤمنون رفعوا أيديهم إلى العلاء (رَفَعَتْ يَدَيْهَا إِلَى الْعَلاَءِ). لكي يسبحوا = فَـ:أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا. الأرض التي شقها الله هي أنا وأنت. وَشَقَّقْتَ = تذكرنا بأن الحيوانات الطاهرة تكون مشقوقة الظلف = وهذا يشير لأن الإنسان الطاهر هو من قدم جسده ذبيحة حية. والروح القدس يبدأ معنا هذا في المعمودية التي فيها ندفن مع المسيح . ثم يأتي سر الميرون ويسكن فينا الروح القدس. فبعد أن كنا أرضًا بورًا جاء المسيح وآمنا به وأرسل لنا الروح القدس فجرى من بطننا (أرضنا) أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ (يو 7: 38). أبصرتك ففزعت الجبال= تشير الجبال للملوك الجبابرة الذين فزعوا من شعب الله. وتشير للشياطين المتكبرين، وللخطايا التي كانت تجثم على قلوبنا. هم أبصروا عمل المسيح ففزعوا، وبهذا استطعنا أن نرفع أيدينا بالتسبيح وبينما المسيح معلق على الصليب ارتجَّت الأرض وخرج كثيرين من الذين ماتوا. وأظلمت الشمس = الشمس والقمر وقفا. وفي هذه اللحظات كان المسيح يقبض على الشيطان ليقيده = نور سهامك الطائرة الموجهة ضد إبليس. سيل المياه طما = هذه إشارة لتوقف سلطان الموت فبينما كان من يعبر النهر وسط الماء لا بُد وأن يغرق ["قد اكتنفتني مياه إلى النفس" (يون 3:2، 5)]. ونلاحظ أن رحلة خروج بني إسرائيل من مصر تشير لرحلة حياتنا على الأرض. فعبور البحر الأحمر يشير للمعمودية، وتوهان الشعب في البرية لمدة 40 سنة يشير لفترة عمر الإنسان على الأرض وجهاده، وفي النهاية فإن عبور الأردن ودخول كنعان يشير للموت ودخول الراحة السماوية. وبعد الصليب أصبحنا نقول أين شوكتك يا موت لأن المسيح بموته داس الموت والأمم الشياطين. وتوقف نهر الأردن يشير لتوقف سلطان الموت. خرجت لخلاص شعبك. لخلاص مسيحك = في ترجمات أخرى "خرجت لخلاص شعبك مع مسيحك"، وبهذا تكون الآية نبوة واضحة عن الخلاص الذي بالمسيح وفيه سَحَقْتَ رَأْسَ.. الشِّرِّيرِ  = أي الشيطان، وهذا تحقيقًا لقول الله "هو يسحق رأسك" (تك15:3). معريًا الأساس حتى العنق = عنق البيت هو مكان وصلة الجدران مع السقف. والمعنى أن المسيح كشف بيت إبليس أي كل حيله وضعفه وحقارته وحقده على البشر. سلاه = وقفة تأمل وسط المزمور.

 

آية (14): "ثَقَبْتَ بِسِهَامِهِ رَأْسَ قَبَائِلِهِ. عَصَفُوا لِتَشْتِيتِي. ابْتِهَاجُهُمْ كَمَا لأَكْلِ الْمِسْكِينِ فِي الْخُفْيَةِ."

تسبحة النبي على هذا الخلاص ثقبت بسهامه رأس قبائله = تشير هذه لما حدث مع المديانيين، فقد أثار الرب ارتباكًا في صفوفهم أمام جدعون "جعل الرب سيف كل واحد بصاحبه" (قض22:7) والمعنى أن الله بعدما كشف إبليس وحيله، فحينما يوجه إبليس سهامه ضد شعب الله ترتد هذه السهام وتحطمه فهو لا سلطان له علينا. ولقد دبر إبليس مؤامرة الصليب ليهلك المسيح، فارتد هذا العمل ضده، وصار الصليب يحرقه. ولقد سمعنا كثيرًا في قصص القديسين أنهم حين يصرخون لله ويرسمون علامة الصليب أن الشيطان يحترق ويتحول إلى دخان. عصفوا لتشتيتي = هنا النبي يتكلم باسم شعب الله ويرى الأعداء كالعاصفة يقومون ضده ليشتتوه بعيدًا عن أرضه وهدفه (هذا ما فعله فرعون مثلًا في خروجه وراء الشعب) ابتهاجهم كما لأكل المسكين في الخفية = هم يسرون بالظلم أما الصالحون فيسرون بالرب.

 

آية (15): "سَلَكْتَ الْبَحْرَ بِخَيْلِكَ، كُوَمَ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ."

إشارة إلى هلاك المصريين في البحر. والمعنى أنه كما خلص الرب شعبه من مصر، هكذا بالتأكيد سيخلصهم من يد بابل ومن كل أعدائهم. وهنا يصور النبي كأن الله في المعركة يقود شعبه (خيله) فهو الذي يركب على الفرس الأبيض، "وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤ2:6) وهو قاد شعبه للنجاة وسط كوم المياه الكثيرة = أكوام المياه.

 

آية (16): "سَمِعْتُ فَارْتَعَدَتْ أَحْشَائِي. مِنَ الصَّوْتِ رَجَفَتْ شَفَتَايَ. دَخَلَ النَّخْرُ فِي عِظَامِي، وَارْتَعَدْتُ فِي مَكَانِي لأَسْتَرِيحَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ، عِنْدَ صُعُودِ الشَّعْبِ الَّذِي يَزْحَمُنَا."

حينما نظر أولًا لضعف الشعب وقوة العدو ارتعد، ارتعد إذ رأى شعب الكلدانيين أتى ليزحم شعب الله، وهو عرف قوة الكلدانيين وجبروتهم ولكنه لجأ إلى الله فتحول ارتعاده إلى فرح، إذ أعلن له الله، أن هذا الضيق هدفه التأديب، وأن كل الأمور تعمل معًا للخير لمن يحبون الله. ولنفهم أن الخوف والرعدة يكونان سببًا في النجاة. فنوح حينما خاف من الطوفان صنع فلكًا فنجا، والذين لم يخافوا بل استهتروا هلكوا. وابتهاج النبي ظاهر في آية (18). وإبليس قوته مرعبة ولو عرفناها نرتعب، لكن بالمسيح إذ نلجأ إليه نطمئن ونهزمه فنفرح.

 

آية (17): "فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ"

هو رأى هذا العدو يأتي ليخرب الأرض من ثمارها (التين والكروم) بل من بهائمها. والنبي يقول في (آية 18) أنه يبتهج مع أن العدو أزال كل الخيرات فلماذا يبتهج؟ هو فهم أن كل تأديب سيأتي بنتيجة وتوبة للشعب (عب11:12) وطالما قدم الشعب التوبة فهو واثق أن الثمار ستظهر ثانية لذلك يبتهج. لقد امتد بصره لبعيد ليرى الخلاص العتيد، فلم يحزن بسبب الخسائر الحالية، الخيرات العالمية يفرح بها العالميون، أما نحن فنبحث أولًا عن رضا الله، وهذا يأتي بالتوبة، وإذا قدمنا توبة لا بُد وستأتي بركات الله ثانية بعد أن ضاعت منا بسبب الخطية (وهذا ما حدث للابن الضال).

 

آية (18): "فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي."

بالرغم من الآلام فإن فرحة النبي لأنه رأى الخلاص، وبروح النبوة رأى خلاص المسيح. ولاحظ لقد بدأ سفره بالحزن، لكن من يستطيع أن يصلي في حزنه ويلجأ لله سيحول الله حزنه إلى فرح. (يو22:16).

 

آية (19): "اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي، وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي."

سر الفرح أن إلهه قوته، يمشيني في مرتفعاتي (اَلرَّبُّ.. قُوَّتِي.. يُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي) = يقودني للسماويات. كالأيائل أي بسرعة.

تأملات:

1. الخاطئ المستمر في خطيته تضيع منه بركاته. وحين يتوب قد تتأخر هذه البركات لبعض الوقت، ولكن في ثقة نستطيع أن نقول أن البركات ستعود ثانية = فمع أنه لا يزهر التين.. فإني أبتهج لثقتي في رحمة الله وأن البركات ستعود طالما هناك توبة.

2. عمومًا المؤمن يبتهج ويفرح بالمسيح حتى مع أنه لا يزهر التين = أي أنه لا توجد بركات مادية، لأن المؤمن الحقيقي لا يفرح بالماديات، لأنه يؤمن أنه سيفرح في النهاية في الأبدية، حتى لو هناك ضيقات الآن.

3. قد تشير هذه الآيات لنهاية الأيام والضيق العتيد أن يحدث (آية 16) سمعت فإرتعدت (دا 1:12 + مت21:24). وعن هذه الأيام يقول السيد المسيح "لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين" ويقول [حين يأتي ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟!] (لو 18: 8)، ويشير لهذا آية (17) فالتين إشارة للأمة اليهودية التي لعنها المسيح، أو هي تشير للمحبة التي كادت أن تنعدم في تلك الأيام (أيامنا الحالية). والكرمة تشير للكنيسة التي تشتتت لمئات الطوائف الضعيفة وتشير للفرح الروحي الذي كاد أن يختفي. والزيتونة التي تكذب تشير للعذارى الجاهلات اللواتي بلا زيت في آنيتهن. ولا بقر في المذاود = أي لا مؤمنين في الكنائس لأنه لا يوجد طعام روحي. ومع هذه الصورة القاتمة فالمؤمن الحقيقي في فرح (18).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات حبقوق: مقدمة | 1 | 2 | 3

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/40-Sefr-Habkouk/Tafseer-Sefr-Habakouk__01-Chapter-03.html

تقصير الرابط:
tak.la/f764rcs