محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب حبقوق: |
حبقوق= المُحتضن أو المُعانق.
الوحي الذي رآه حبقوق النبي = وحي = ثقل أو حمل ثقيل.
ماذا يحمل حبقوق من أثقال؟
هو رأى خطايا الشعب من ظلم واغتصاب. فالغني يغتصب الفقير والقوي يغتصب الضعيف وذهب يشتكي لله.
ذهب بهذا الحِمل إلى الله... والله يُحِب هذا فهو قال:
"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (مت 11: 28).
والله رد عليه بسرعة... ولماذا رد الله بسرعة؟
فأحمال حبقوق التي يحملها وتُضايقه هي نفسها التي تُضايق الله. وكان رد الله بأنه سيُرسل بابل لتؤدب شعب اليهود. وكان رد الله على حبقوق سريعًا لأن هناك اتفاق بين قلب الله وقلب حبقوق.
أمة مُرّة قاحمة (اُمَّةَ الْمُرَّةَ الْقَاحِمَةَ)... |
الكلدانيون (البابليون في منتهى القسوة) ومسرعين للاقتحام. |
|||
سالكة في رحاب الأرض... |
استولوا على كل الأرض. |
|||
تملك مساكن ليست لها... |
استولوا على كل بلاد العالم المعروفة. |
|||
هائلة ومخوفة... |
أقوى دولة ولم يقف أمام قوتهم أحد. |
|||
خيلها أسرع من النمور... |
الخيل أداة الحرب للهجوم. |
|||
أحّد من ذئاب المساء... |
التي قضت نهارها جائعة لذلك تخطف بشراهة. |
|||
فرسانها يأتون من بعيد... |
من حيث لا ينتظر أحد. |
|||
يأتون: يَطِيرُونَ كَالنَّسْرِ الْمُسْرِعِ إِلَى الأَكْلِ.... |
النسر يأكل الجيف النتن. |
|||
تضحك على كل حصن وتُكوِّم التراب... |
لا يوجد حصن يحمي سكانه أمام البابليين لكن ما تجمعه لا قيمة له بل هو مجرد تراب. |
|||
وهذه هي نفسها مواصفات الشيطان الذي يتركه الله في العالم ليؤدب أولاده:
|
|
|||
أمة مُرّة قاحمة (اُمَّةَ الْمُرَّةَ الْقَاحِمَةَ)... |
الشيطان قاس ويسبب المرارة لمن يقتحمه. |
|||
سالكة في الأرض... |
كان يجول في الأرض يلتمس من يبتلعه. |
|||
تملك مساكن ليست لها... |
الشيطان سكن في قلوب الناس التي هي أساسًا مسكن لله. |
|||
هائلة ومخوفة... |
فالشيطان منع الملاك جبرائيل من الذهاب لدانيال. |
|||
خيلها أسرع من النمور... |
هم في حالة هجوم دائم على الناس وكلهم خطية. |
|||
أحد من ذئاب المساء... |
من يذهب لأماكن الخطية معرض للافتراس. |
|||
فرسانها يأتون من بعيد... |
لقد حارب إبليس المسيح على جناح الهيكل. |
|||
يَطِيرُونَ كَالنَّسْرِ الْمُسْرِعِ إِلَى الأَكْلِ... |
حيث توجد الجثة تجتمع النسور (مت24 : 28) (الجثة = الأموات بالخطية . والنسر= جيش بابل). |
|||
تضحك على كل حصن وتُكوِّم التراب... |
من يحيا في الخطية فهو تراب، يُكوِّمه أي يمتلكه إبليس. |
ولما رأى حبقوق هذا، صرخ لله، هو رأى صورة مما سيفعله البابليون بشعبه وقال:
لِمَ تنظر إلى الناهبين وتصمت حين يبلع الشرير (بابل) من هو أبر منه (اليهود)؟
الله لم يرد على حبقوق بسرعة كالمرة الأولى وتباطأ في الرد، فلماذا؟
حبقوق أخطأ في أنه اعترض على حكم الله، هذا كبرياء أن ينسب لله أنه أخطأ.
الوضع الآن مختلف عن المرة السابقة، فهذه المرة كان حبقوق في تصادم مع الله، لا يتقبل أحكامه.
والله لم يَرُّد ليترك حبقوق حتى يتواضع وينسحق وتنخفض كبرياؤه، وهذا ما عمله الله مع إيليا حين هرب من إيزابل. فالله تركه حتى ذهب للجبل ثم كلمه هناك وسأله: ما لك ههنا يا إيليا؟
هذا سؤال عتاب من الله. أبعد ما عملته معك. وبأوامرك وقف المطر، وبأوامرك نزل المطر... إلخ تهرب خائفًا من إيزابل... ولم يفهم إيليا غرض الله من السؤال، وأجاب: غرت غيرة للرب لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك
فبقيت أنا وحدي، وفي هذا كبرياء... فكيف يسمع صوت الله الهادئ الوديع؟:
فإذا الرب عابر وريح عظيمة وشديدة قد شقت الجبال وكسّرت الصخور أمام الرب ولم يكن الله في الريح.
وبعد الريح زلزلة، ولم يكن الرب في الزلزلة، وبعد الزلزلة نار ولم يكن الله في النار، وبعد النار صوت منخفض خفيف.
فلما سمع إيليا لفّ وجهه بردائه وخرج ووقف في باب المغارة وإذا بصوت إليه يقول... ما لك ههنا يا إيليا.
لاحظ أن الريح، والزلزلة، والنار كانت لتحطيم كبرياء إيليا، ولكن كل هذا كان لإعداد إيليا ليستطيع أن يميز صوت الله. وهذا نفس ما عمله الله حين كلم الشعب وهم في سيناء (خر 24: 17 + عب12: 18-24). ولاحظ أن إيليا النبي من خبراته السابقة مع الله يعرف طريقة الله في الحديث معه، فصوت الله لا يسمع إلا في الهدوء والسلام الداخلي. [فَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ] (يع 3: 18) ولذلك ولأن الله كان يريد أن يكلم إيليا كان الله يعد قلبه ليسمع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وإيليا الآن في حالة ثورة على تهديد إيزابل له. لذلك لم يفهم السؤال للمرة الثانية وأنه عتاب من الله على خوفه وهروبه، وتكلم الله في أشياء كثيرة ثم قال لينهي كبرياء إيليا: وقد أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف كل الركب التي لم تجث للبعل. فقول الله هذا لإيليا والأحداث التي حدثت كانت لإعداد قلب إيليا ليسمع صوت الله الهادئ.
ولكن يُحسب لحبقوق أنه تمسك بالله في حُبْ: عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ، وَعَلَى الْحِصْنِ أَنْتَصِبُ، وَأُرَاقِبُ لأَرَى مَاذَا يَقُولُ لِي، وَمَاذَا أُجِيبُ عَنْ شَكْوَايَ (حب 2: 1).
إذًا هناك شروط لاستجابة الله:
1. الانسحاق: ولذلك لم يجاوب الله حبقوق مباشرة.
2. انتظار الرد: فهناك صلوات خاطئة، إذ نلقي كلمتين أمام الله ثم ننصرف دون أن ننتظر الرد = عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ.
3. تمسكه بالله وإحتماءه بالله: وعلى الحصن أنتصب، ولاحظ اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع، إذًا هو يتحصن بالله ولم يترك الله وتشبث به وإنتظر رده لكي يفهم:
وهذا معنى اسم حبقوق = معانق لله
فهو إعترض على أحكام الله، ولكنه في حُبْ لم ينفصل عن الله، وهنا جاءه الرد:
بابل المتكبرة ستنهي دورها الذي حددته لها في تأديب شعبي، ثم ستُذَل. هي بمثابة خرزانة يستعملها الأب في تأديب ابنه، ثم يرميها بعد أن يكبر ابنه وينضج، وبعد أن أدت دورها. بل كشف له الله خطته الخلاصية... فصار نبيًا تنبأ عن المسيح.
هو تسبحة لله حين فهم أحكام الله.
عملك في وسط السنين أحيه = كما كان وهكذا يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الداهرين. هو تذكر أعمال الله مع شعبه ويقول أعدها يا رب وخلص شعبك. ثم تمتد الصلاة ويتنبأ عن عمل المسيح الخلاصي:-
1. التجسد: كان لمعان كالنور. له من يده شعاع (المسيح نور من نور) وهناك استتار قدرته (ناسوته أخفى مجد لاهوته).
2. جاء ليهزم الموت: قُدَّامه ذهب الوبأ. بل أيضًا الخطية.
3. أعطانا السماء ميراثًا: وقف وقاس الأرض. كما فعل يشوع ليورث الشعب أرض الميعاد.
4. دك الشيطان: رجف الأمم ودُكّت الجبال الدهرية.
ثم يتساءل النبي : هل على الأنهار (شعب الله من اليهود "فالروح القدس كان يعمل معهم") حَمىَ يا رب غضبك أو على البحر (الأمم الوثنية) سخطك. والعجيب أنه لا يغضب بل يأتي لخلاص الجميع يهودًا وأمم: حتى أنك ركبت خيلك مركباتك مركبات الخلاص.
5. والمعنى المسيح أتى لخلاص الجميع
6. كشف المسيح كل حيل إبليس وسحقه: سحقت رأس بيت الشرير معريًا الأساس حتى العنق= المسيح كشف حقارة إبليس وضعفه.
7. كل مؤامرات إبليس ضد المسيح وضد شعب المسيح تتحول لطعن إبليس، وكله للخير=ثقبت بسهامه رأس قبائله
فالشيطان دبّر الصليب (سهامه) فثقب الصليب رأس الشيطان، وبهذا وضحت قوة عمل الصليب.
ولاحظ أن التسبحة بدأت بارتعاد حبقوق من أحكام الله، ولكن الله بعد صلاة حبقوق أظهر له أن كل أحكامه هي للخلاص، وأن كل تأديب لا بُد أن تأتي من ورائه ثمار، قد لا تظهر الثمار مباشرة... ولكن من المؤكد أنها ستظهر، فمع أنه لا يُزهر التين ولا يكون حمل في الكروم، يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعامًا، ينقطع الغنم من الحظيرة ولا بقر في المذاود، إذًا هو لا يرى ثمار ولا غنم لكنه واثق في حكمة أعمال الله وأن الثمار ستظهر بعد ذلك، لذلك تَحوَّل حزنه إلى فرح... فقال إني أبتهج بالرب وافرح بإله خلاصي. ثم ينهي تسبحته بهذا: الرب السيد قوتي ويجعل قدميّ كالأيائل ويمشيني على مرتفعاتي، وهذا هو عمل الله وحكمته في كل ما يصنع، أنه يقودنا للسماويات، وهذا هو ما يُفرِّح.
والعكس فمن يرفض ويترك الله ولا يتشبث بالله ويتمسك فيه بقوة، ينزل لأسفل ولا يزيد عن كونه تراب يكومه إبليس،
تكوم التراب = من تركوا أنفسهم لإبليس إعتبرهم إبليس كنزا له هؤلاء يصيرون طينًا كثيفًا = المثقل نفسه رهونًا (لِلْمُثَقِّلِ نَفْسَهُ رُهُونًا) = بقدر ما يزداد عدد من يسقطهم إبليس بخداعاته يسقط هو وهم لأعماق الجحيم كثقل يسقط لأسفل. ومن يؤمن بالله ويتشبث به قال عنه الله الآية التي إقتبسها بولس الرسول ثلاث مرّات والبار بايمانه يحيا يحيا في السماويات وفي فرح.
← تفاسير أصحاحات حبقوق: مقدمة | 1 | 2 | 3
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حبقوق
3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2k63mmm