اطمئني.. اطمئني..
لا أظن أن تلك هي سمة الوحش، لأكثر من سبب...
أولًا، لمن لا يعرف.. RFID أو Radio-frequency identification هي رقاقة راديو لاسلكية لتحديد الهوية باستخدام موجات الراديو، وهي شريحة يتم وضعها في البضائع أو الحيوانات الأليفة للتعرف عليها ومتابعة مكانها من خلال إرسال واستقبال البيانات.. وهي أمر شبيه بالباركود barcode.. ويُستخدم لتلافي مشاكل الوصول السريع لما هو مطلوب، أو الحماية من السرقات والضياع وخلافه.. بل يستخدمه البعض مع الحيوانات الأليفة (توضع تحت الجلد) والمرضى المصابين بمرض ألزهايمر Alzheimer لئلا يضلوا بعيدًا، أو في مراقبة المرور للعربات.. وقيل مؤخرًا أن خطة حكومة أوباما لحماية المرضى Obamacare تنوي وضع هذه الشريحة في المواطنين للحصول على خدمة الرعاية الصحية بكفاءة، ومتابعة حالات المرضى وخلافه..
ولكن هذه النقطة الأخيرة غير أكيدة، بل هي مجرد شائعة انتشرت، وليس لها أساسًا من الصحة حتى وقت كتابة هذا الكلام هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أواخر أغسطس 2012.. وإن كان، فأعطني مقالًا واحدًا من أي موقع رسمي يناقش هذا الأمر، أو حتى أي موقع إخباري موثوق فيه يتحدث عن هذا الأمر ويحدد قرارًا رسميًا تم اتخاذه.. لا يوجد.. لا تعطي اهتمامًا وقلقًا بالشائعات.. فليس أي كلام يُكتَب يُصَدَّق..
ذكّرني هذا بقصة درامية ديوستوبية* من خيال العِلم الاجتماعي اسمها ألف تسعمائة وأربعة وثمانون (1984) للكاتب جورج أورويل George Orwell.. بجملتها الشهيرة: "BIG BROTHER IS WATCHING YOU" أي "الأخ الكبير يراقبك".. لا تقلقي..
هذا من الجانب العملي والواقعي.. وها هي بعض النقاط الأخرى من الجانب المنطقي والجانب الديني:
أولًا هذه الرقاقة لم يتم اتخاذ قرار بتعميمها على الجميع في أمريكا ولا في أي بلد في العالم.
من خلال بحث بسيط على الإنترنت، رأيت أنه قد حدثت قرصنة hacking لهذه الرقاقة من قبل بعض المُبَرْمِجين على سبيل التجربة وإثبات أنها ليست آمنة 100%.. فمن المستحيل أن يتم تعميمها وبها مشاكل في الأمن security.
لا أظن أن المجتمع سيقبل بهذا الأمر، لما فيه من انتهاك للحقوق الشخصية والحريات.. وهي فكرة بها الكثير من الجدل والخلاف..
سمة الوحش مرتبطة بالشر، أما هذه الرقاقة فلا علاقة لها بالخطية أو الشيطان.. بل هي أمر اجتماعي أو سياسي أو طبي أو غيره إن حدثت.. ولا تعني أنه ينبغي أن يترك مَنْ يضعها الله، أو يؤمن بدين جديد..!
سفر الرؤيا يوضح أن ليس الجميع سيقبلون سمة الوحش.. أي أن هناك اختيارًا.. أما إن كانت فرضًا من الحكومة على المجتمع، ففي تلك الحالة ليس هناك اختيار.. فإن كانت هي كما تتخيلين، فمستحيل أن يُحاسِب الله شخصًا على شيء فُرِضَ عليه..
يقول الكتاب أيضًا عن نهاية العالم: "فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الْكَذَّابِ مَعَهُ، الصَّانِعِ قُدَّامَهُ الآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 19: 20) يقول: "الذين قبلوا".. أي أنه في حالة سمة الوحش الحقيقية، سيرفض البعض هذه السمة، أي أن هناك اختيارًا.. هذا من جانب، ومن جانب آخر القبول مرتبط بالعبادة للشر (الذين سجدوا لصورته)، وثالثًا فهم بالطبع يعلمون كما تسألين بما أن لهم الإمكانية في القبول أو الرفض..
نحن كأقباط أرثوذكس نضع أحيانًا وشم على شكل صليب على اليد اليُمنى.. ونرى في بعض الأخوة المسلمين "زبيبة الصلاة" التي تظهر على الهامة من احتكاك الرأس بالأرض في وضع السجود المتكرر.. فهل أي شيء يوضع على اليد أو الجبهة هو سمة للوحش أو علامة شريرة؟! غير منطقي، وغير مقبول..
سفر الرؤيا كذلك ليس سفرًا حرفيًا.. بل هو سفر رمزي.. فليس شرطًا أن تكون سمة الوحش هي سمة بالفعل أو علامة ظاهرة أو مادية.. فقد رأينا مثلًا أن "كواكب" كانت رمزًا للكهنة في السفر، و"المناير" كانت رمزًا للكنائس (رؤ 1: 20)؛ "رؤوس" هي رمزًا لجبال وملوك (رؤ 17: 9)، و"قرون" هي ملوك (رؤ 17: 12).. إلخ.
إذن، لا نستطيع أن نجزم أن هذه هي سمة الوحش أم لا، ولكن حتى الآن، وحسب النقاط السابقة، لم يبدو في الأمر شيئًا من هذا القبيل بعد. ولكن إن حدث شيئًا كهذا فهو أمر خطير، قد يسمح بالتحكم في الأفكار أو المشاعر والتصرفات وخلافه..
_____
← المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت www.st-takla.org (م. غ.) - مراجعة لغوية: سامي فانوس.
* الديستوبيا Dystopia هي ضد اليوتوبيا، وهي مفهوم فلسفي عكسي لفكرة المدينة الفاضلة
Utopia..الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j3yrw7p