هناك سر يترجم بالإنجليزية SECRET وهو ما لا يذاع. ولكننا في كلمة الأسرار الكنسية السبعة نترجمها SEVEN SACRAMENTS بمعنى مقدسات. وباليونانية ميستيريون μυστήριο أي شيء خفي أو مستور. وقد لا يمارس إنسان كل الأسرار. فالبتولي لا يتزوج لكنه ثمرة سر زواج. وليس كل إنسان يصير كاهنًا لكننا جميعًا نستفيد من سر الكهنوت خادم الأسرار جميعها.
1- المعمودية 2- الميرون (التثبيت) 3- التوبة والاعتراف
4- الإفخارستيا 5- مسحة المرضى 6- الزيجة
7- الكهنوت خادم الأسرار كلها. فلا يمارس أي سر إلاّ كاهن شرعي غير محكوم عليه.
وهناك أسرار لا تعاد وهي المعمودية والميرون والكهنوت. وباقي الأسرار تعاد فالإنسان يقدم توبة ويعترف ويتناول دائمًا.
ومدخل كل الأسرار هو المعمودية. فلا يتناول إنسان من سر الإفخارستيا ما لم يكن معمدًا. كما أن الشعب اليهودي لم يأكل من المن إلاّ بعد أن اجتاز البحر الأحمر الذي هو رمز للمعمودية.
وإن كان سر التوبة هو الخاص بمغفرة الخطايا إلاّ أن مغفرة الخطايا هي مع كل سر من الأسرار. ففي المعمودية غفران للخطايا (الحالية والجدية) ويخرج الإنسان مولودًا جديدًا. وهكذا في الميرون والإفخارستيا ومسحة المرضى والزيجة. لذلك يجب ممارسة الاعتراف قبل كل سر:
1) يقول الكاهن في القداس (يعطي خلاصًا وغفرانًا للخطايا).
2) وعن سر مسحة المرضى "صلاة الإيمان تشفي المريض وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع15:5).
والإنسان لكي يتقبل نعمة من الله في أي سر من الأسرار لا بُد أن يكون تائبًا ليستحق غفران خطاياه وبهذا يستحق أن يعمل فيه الروح القدس عملًا خاصًا.
أسرار الكنيسة مبنية على عمل الروح القدس. فالروح القدس هو الذي يبارك مياه المعمودية ويعطي للإنسان ميلادًا جديدًا فيعتبر مولودًا من الماء والروح. والروح القدس هو صاحب المسحة المقدسة في سر الميرون. وهو الذي يعطي غفران الخطايا في سر التوبة فلا يغفر الخطايا سوى الله وحده. والروح القدس هو الذي يحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه، والكاهن يستدعي روح الرب في سر الإفخارستيا فبروحه تتم الاستحالة Transubstantiation. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). والروح القدس هو الذي يمنح السلطان والدرجة في سر الكهنوت. وهو الذي يحول الاثنين واحدًا في سر الزواج، ثابتين في جسد المسيح كجسد واحد، ويمنحهما حبًا روحانيًا متبادلًا يحافظ على كيان الأسرة، لذلك يقول الكتاب "ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان" والروح القدس هو الذي يمنح الشفاء في سر مسحة المرضى.
إذًا الروح القدس هو العامل في الكنيسة في الأسرار المقدسة. وسميت أسرار لأجل العمل السري الذي يعمله الروح القدس دون أن يرى الناس منه شيئًا (يو3: 7، 8). ولذلك قيل أنها أسرار لأننا بها ننال نعمة سرية تعطي بواسطة شيء ظاهر، فالظاهر مثلًا هو تغطيس المُعَمَّد في الماء والسر هو ولادة جديدة = موت مع المسيح وقيامة مع المسيح. والظاهر في سر الإفخارستيا هو خبز وخمر. والسر هو عمل الروح القدس غير المنظور في تحويلهما إلى جسد الرب ودمه. لذلك فالسر الكنسي يقال عنه نعمة غير منظورة تحت أعراض منظورة والنعمة التي نحصل عليها في السر هي نعمة قابلة للزيادة والنقصان بحسب جهاد الإنسان:-
في سر الميرون يسكن الروح القدس في الإنسان بمقدار كذا |→--------?←|
بجهاد الإنسان يمتلئ بالروح وتزداد النعمة لتصير كالرسم |→---------------?←|
إذا أهمل الإنسان جهاده يحزن الروح وينطفئ لتقل النعمة كالرسم |→?←|
لذلك يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ" (2تي6:1). ويقول للجميع "امتلئوا بالروح" ويكمل شارحًا كيف نمتلئ بالروح "مكلمين بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء... خاضعين..." (أف18:5-21). ولاحظ أنه يقول إمتلئوا بالروح لأهل أفسس الذين حل عليهم الروح القدس من قبل (أف3:4، 4) ويقول لأهل كورنثوس "جسدكم هيكل للروح القدس" (1كو19:6). وينبه الرسول أيضًا قائلًا "لا تحزنوا روح الله" (أف30:4) وأيضًا لا تطفئوا الروح (1تس19:5).
في المعمودية دفنا مع المسيح وصُلِب إنساننا العتيق، وقمنا بحياة جديدة متحدين بالمسيح (رو3:6-6)، فهل جسد الخطية بَطُلَ لكل المعمدين؟! قطعًا لا... إذًا لماذا؟ هذا لأن ليس كل المعمدين يجاهدون، ولهذا تضمحل النعمة التي حصلوا عليها. فصلب الإنسان العتيق هو قرار شخصي بحريتي، لذلك يقول بولس الرسول "قدموا أجسادكم ذبيحة حية..." (رو12: 1). وبالنسبة لنفسه يقول "أقمع جسدي وأستعبده" (1كو9: 27) . ومن يقرر ويفعل يمتلئ من ثمار الروح (غل5: 24).
كسر الخبز فتح عيني تلميذيّ عمواس فعرفوا المسيح (لو30:24، 31). وفي قسمة للقديس كيرلس (رقم 19/20 في الخولاجي eu,ologion على موقع الأنبا تكلا هيمانوت) يقول (وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من أعضائنا بنعمتك) فهل كل إنسان يتناول تنفتح عينيه فيعرف المسيح وتضمحل الخطية من أعضائه؟ لا... والسبب يرجع للتراخي وعدم الجهاد.
في سر الزيجة يمنح الروح القدس نعمة المحبة للزوجين، فهل كل زوجين نالا سر الزيجة هما في محبة روحانية؟ لا... والسبب راجع لعدم الجهاد. فالبيت الذي فيه صلاة وكتاب مقدس وتوبة وجهاد، تزداد فيه نعمة الروح القدس الممنوحة للزوجين في سر الزيجة وبالتالي لا بُد وأن يمتلئ البيت محبة وفرح.
وبنفس المفهوم يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الذي حصل على سر الكهنوت "إلى أن أجئ أعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك، المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة... لاحظ نفسك والتعليم" (1تي12:4-16). فتيموثاوس حصل على نعمة الكهنوت بوضع يد المشيخة (وضع يد بولس الرسول الرسولية الكهنوتية) وهذه النعمة تزداد بالقراءة (يعلم نفسه) والوعظ والتعليم أيضًا بمعنى (يعلم شعبه) فالمُروي هو أيضًا يُروَى (أم25:11).
والسر هو عمل مقدس يتم بالصلاة واستخدام وسائط حسية منظورة ننال بها نعمة الله ومواهبه غير المنظورة. ولذلك قال أغسطينوس أن (السر هو الشكل المنظور لنعمة غير منظورة). والله أراد أن نستخدم أشياء منظورة لأننا الآن في الجسد، والجسد هو شيء مادي لا يُدرك سوى الماديات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الإنسان روح وجسد، والروح تدرك الروحيات والجسد لا يُدرك سوى الماديات. لذلك فاستخدام المواد في الأسرار هام حتى يُدرك الجسد ما يحصل عليه. (التفاصيل تجدها في موضوع الرموز في الكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت).
المقصود بمادة السر هو المادة التي يحدث لها التحول.
1) في المعمودية الماء وهو مادة مناسبة، فبالماء يغتسل الإنسان لينظف جسده وفي المعمودية غسيل من الخطايا. والماء مادة مناسبة يغطس فيها الإنسان ويخرج إشارة للدفن مع المسيح والخروج حيًا معه مرة أخرى.
2) في الإفخارستيا الخبز والخمر. والخبز مادة مناسبة، فبالخبز يحيا الإنسان جسديًا ويشبع، وحينما يتحول الخبز إلى جسد المسيح يحيا به الإنسان روحيًا ويشبع بالمسيح (أي يشعر بأنه يكتفي بالمسيح ولا يحتاج لسواه). ورغيف الخبز يتكون من حبات كثيرة من القمح تطحن لتتحد مع بعضها (الطحن يشير لألام هذا العالم الواقعة على شعب الله) وتعجن بالماء لتصير خبزة واحدة (الماء يشير للروح القدس الذي يوحد الكنيسة كجسد واحد "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). ولاحظ أن المسيح كان حبة القمح التي دفنت في الأرض وماتت لتأتي بثمر كثير هم حبات القمح الكثيرة أي المؤمنين (يو12: 24). ولا حياة بدون خبز والمسيح مصدر الحياة. والخمير الذي يخبز به الخبز يشير للخطية التي حملها عنا المسيح، ومات بها على الصليب، وكما تميت نار الفرن الخميرة أمات المسيح الخطية بموته على الصليب. والخمر مادة للفرح ويستخدم كرمز للفرح في الكتاب المقدس في العهد القديم (نش1: 2 ، 7: 9). ويشرح نيافة الأنبا رافائيل سبب إستخدام عصير عنب مختمر قليلًا في السر، أي به نسبة قليلة من الكحول:- يُسَمَّى الكحول في اللغة الإيطالية سبرتو وتعني الروح (الروح بالإنجليزية = spirit). فالعنب حينما يختمر يوجد فيه نسبة من الكحول وهو مادة متطايرة تشير للروح الإنسانية التي تفارق الجسد عند الموت. ومن هنا جاءت تسمية المشروبات الكحولية بالمشروبات الروحية. فالكحول في عصير العنب يشير لوجود روح حياة المسيح التي في الدم. هذا بالإضافة إلى اللون الأحمر لون عصير العنب وهو لون الدم، ولذلك يُسَمَّى عصير العنب دم العنب. والمسيح إستخدم رمز الكرمة للإشارة له وللكنيسة جسده (يو15: 1). فالكرمة تكون شجرة واحدة لكنها تظل تمتد لتشمل حديقة بأكملها، إشارة لنمو الكنيسة وإمتدادها في كل العالم. ورمز الكرمة إستخدم في العهد القديم للإشارة لإسرائيل. لذلك حين إستخدمه الرب عن نفسه وعن الكنيسة قال "أنا هو الكرمة الحقيقية وأنتم الأغصان". هو جذر الكرمة والتلاميذ هم ساق الكرمة ونحن الأغصان. وكل عنقود عنب في الكرمة يمثل كنيسة مكونة من حبات العنب، ويسري في الكنيسة عصارة واحدة هي دم المسيح. ولذلك كانوا يزرعون في الكنائس قديمًا كرمة عنب. وحينما يتم التحول يصير الجسد والدم مصدرًا للشبع الروحي وللفرح الروحي.
3) سريّ الميرون ومسحة المرضى الزيت وكان العبرانيون يستخدمون الزيت في:
1. الطعام: أرملة صرفة صيدا (1مل12:17). وكانوا يصنعون الخبز بالزيت.
2. الإضاءة: مثل العذارى + (أم18:31)
3. مسح الأجساد: داود اغتسل وادَّهَن بعد أن مات ابنه (2صم20:12) وكانوا يستعملون الزيت بعد تعطيره بالعطور الشرقية في احتفالاتهم دليلًا على الفرح (مز5:23) وعدم إستخدامه دليل الحزن (مت17:6).
4. معالجة الجروح: (إش6:1 + لو34:10) (السامري الصالح).
وكان هناك استخدامات مقدسة (أي خاصة بالعبادة في العهد القديم) مناظرة لهذه:-
أ- تقدمة الدقيق يسكب عليها زيت (لا2).
ب- المنارة تستخدم الزيت (داخل الخيمة).
ت- مسح الملوك ورؤساء الكهنة وبعض الأنبياء وتدشين الأماكن.
ث- مسح المرضى بالزيت (مر13:6).
والزيت يشير لعمل الروح القدس في المؤمنين الآن في العهد الجديد
1- الإضاءة قديمًا ... والروح القدس يعطينا إستنارة فهو يُنير عيوننا فنعرف الله.
2- معالجة الجروح (السامري الصالح) هو لترطيب الجروح قديمًا... والروح القدس يُجدِّد ويشفى طبيعتنا.
3- يُخلط الزيت بالعطور (بارفان) فهو يُستخدم للتعطير والإنعاش (لو46:7)، فحينما يُسكب الزيت تخرج رائحة العطور أما الزيت فهو لإنعاش الجلد. والعطور في زيت المسحة كلها تُشير للمسيح (راجع مقدمة خيمة الاجتماع بسفر الخروج، وراجع تفسير مزمور 133) ... والروح حين يجدد طبيعتنا نصير"رائحة المسيح الزكية".
4- كانوا يصنعون الخبز بخلط الدقيق بالزيت. وتقدمة الدقيق كانوا يسكبون عليها زيتًا... والدقيق يُشير للمسيح البار (أبيض) المسحوق بالحزن (إش10:53). والدقيق يُصنع منه الخبز وبه نحيا جسديًا، والزيت الذي يُشير للروح القدس لأنه يثبتنا في المسيح فتكون لنا الحياة هي المسيح .
4) وفي سر الاعتراف يكون وضع يد الكاهن وصلاة التحليل من الكاهن إعلانًا لغفران الله للمعترف. والمادة هنا هي المعترف الذي يخرج وخطاياه قد غفرت.
5) الزيجة والمادة فيها هما العروسان اللذان يصبحا واحدًا.
6) الكهنوت ومادة السر هنا هو الكاهن الذي يخرج وله السلطان أن يستدعي الروح القدس ليعمل في الأسرار. والمادة هي وضع اليد ونفخة الأسقف في فم الكاهن، مع قول الكاهن "فتحت فمي وإجتذبت لي روحًا".
في سر المعمودية النعمة هي
في سر الميرون النعمة
في سر التوبة النعمة هي
في سر الكهنوت النعمة هي
← انظر أيضًا: كتاب الأصول اليهودية لسر الإفخارستيا - برانت بيتري.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7d3bv32