ويُسَمَّى أيضًا سر التثبيت وسر المسحة المقدسة ومسحة الروح وخاتم الروح أو الختم المقدس حيث يمسح المُعَمَّد بعد عماده بزيت الميرون المقدس ويرشم به 36 رشمًا في جميع فتحاته وحواسه ومفاصله.
ولأن الإنسان يُمسح بهذا الزيت المقدس لذلك يمكن أن يُسَمَّى مسيحًا أو ممسوحًا للرب ANOINTED. وبهذه المسحة يدشن مثلما تدشن الكنائس لله أي تقدس له أو تخصص أو تكرس. فالإنسان بالمسحة المقدسة يتخصص أو يتكرس للرب.
وكلمة ميرون كلمة يونانية بمعنى زيت أو دهن. والزيت في الكتاب المقدس كثيرًا ما يرمز للروح القدس كما يتضح من تقدمة الدقيق إذ كانت ملتوتة بزيت ومدهونة بزيت. والزيت يرمز للروح القدس كما يتضح من مسحة الملوك والكهنة بالزيت المقدس. والعذارى الحكيمات كان معهن زيتًا وهذا يعني أن معهن نعمة الروح القدس ومملوئين من الروح القدس. والكنيسة يرمز لها بزيتونة لأنها مملوءة بالزيت.
ويعقوب حين أراد أن يدشن بيتًا للرب صب زيتًا على العمود.
هنا الزيت لا يحمل معناه البسيط كمجرد مادة، إنما بالصلاة يأخذ قوة خاصة يمنح بها التقديس. وهذا هو السر أن الصلاة تحول المادة إلى شيء آخر.
لماذا نستخدم الزيت للإشارة للروح القدس؟
الميرون: نستخدم فيه زيت مخلوط بأطياب، فالزيت يُشير للروح القدس فهو يستخدم فى:
1. الإضاءة ... والروح القدس يُنير عيوننا فنعرف الله.
2. معالجة الجروح (السامري الصالح) هو لترطيب الجروح... والروح القدس يُجدِّد ويشفى طبيعتنا.
3. يخلط الزيت بالعطور (بارفان) فهو يُستخدم للتعطير والإنعاش (لو46:7)، فحينما يُسكب الزيت تخرج رائحة العطور أما الزيت فهو لإنعاش الجلد. والعطور في زيت المسحة كلها تُشير للمسيح (راجع مقدمة خيمة الاجتماع بسفر الخروج، وراجع تفسير مزمور 133). والروح حين يجدد طبيعتنا نصير"رائحة المسيح الزكية".
4. كانوا يصنعون الخبز بخلط الدقيق بالزيت. وتقدمة الدقيق كانوا يسكبون عليها زيتًا. والدقيق يُشير للمسيح البار (أبيض) المسحوق بالحزن (إش10:53). والدقيق يُصنع منه الخبز وبه نحيا جسديًا، والزيت الذي يُشير للروح القدس لأنه يثبتنا في المسيح فتكون لنا الحياة هي المسيح .
وكان حلول الروح القدس يحل في الكنيسة الأولى بوضع يد الرسل وخلفائهم ثم استعيض عنه بالزيت المقدس. ومنذ عصور الكنيسة الأولى كان الميرون أو المسحة المقدسة ينال بعد المعمودية مباشرة. وحتى في عماد المسيح نرى حلول الروح عليه بعد المعمودية مباشرة (مت16:3) وهذا حدث للسامرة (أع14:8).
والمؤمن بالمسحة المقدسة يحل فيه روح الله ويصبح هيكلًا للروح القدس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ومقدسًا بالزيت وبالروح القدس يحصن من أعمال الشياطين وحيلهم وسحرهم وأعمالهم الخبيثة. كما تتقدس الأواني بالميرون وتصبح مخصصة للرب ولا يصح استخدامها في شيء آخر. وهكذا تدشن الكنائس بمسحة الميرون وتصبح مكرسة للرب لا يصح استخدامها في شيء آخر. كذلك يتدشن جسد الإنسان نفسه بالميرون فيمسح الجسد بالزيت وتتقدس النفس بنعمة الروح القدس. ويصبح الإنسان مخصصًا للرب أو مفرزًا أو ملكًا للرب ولهذا سُمِّيَ المؤمنين "قديسين" لأنهم تقدسوا بالروح القدس وأصبحوا خاصة الرب، له وحده. وبمقدار ما ينجح المؤمن في أن يتقدس للرب وحده بمقدار ما تزداد قداسته ويقال عنه قديس.
وإذا كان الجماد يدشن بالميرون فالإنسان أفضل (1كو11:6).
وهكذا يُسَمَّى الميرون تجديد الروح القدس كما يقول المرنم "قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" ويقول بولس الرسول "خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي5:3، 6) هنا يذكر الرسول السرين معًا.
وتعتبر المسحة المقدسة ختمًا يختم به الإنسان فيصير مميزًا أو مفروزًا للرب. (اف30:4) + (2كو21:1، 22) وهنا يذكر المسحة والختم والتثبيت وعربون الروح في آية واحدة. أما قوله عربون الروح. فهذا:-
1- لأن هذه المسحة المقدسة تتبعها مواهب الروح المتعددة فهي مقدمة لثمار الروح ومواهب الروح وسلطان الروح وعمل الروح. ثمار الروح ذكرت في (غل22:5، 23) وهذه تزداد وتكون لمن يصلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل24:5). ومواهب الروح مذكورة في (1كو12). وسلطان الروح ظهر واضحًا في سر الكهنوت إذ نفخ المسيح في وجه الرسل وقال "مَن غفرتم خطاياه غُفِرَت، ومَنْ أمسكتموها عليه أُمْسِكَت" (يو22:20، 23). وأما عمل الروح فهو متعدد الجوانب. وفي كل مؤمن يعمل الروح معه. ولذلك يُسَمَّى المؤمن شريكًا للروح القدس وهذه هي شركة الروح القدس.
2- لأن الامتلاء يكمل في السماء حين يقتادنا الخروف الذي في وسط العرش إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيوننا" (رؤ7: 17) فهو الروح المعزِّي (يو15: 26) والتعزية تبدأ هنا أيام ضيقتنا على الأرض، ولكن تكمل تعزيتنا وأفراحنا في السماء حينما نمتلئ من الروح القدس.
والروح القدس يعمل فينا للتوبة والتبكيت (يو8:16، 9) والتعليم (يو26:14) ويعطينا معونة (رو26:8)، فيحمسنا أن نسير في طريق الله. وكلما استسلمنا لعمل الروح فينا نأخذ باقي عمل الروح. فهناك من يحزن الروح (أف30:4) وهناك من يطفئ الروح (1تس19:5). ولكن العكس فكلما يجاهد الإنسان يعمل فيه الروح القدس "أضرم موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ" (2تي6:1) ومن يجاهد يمتلئ من الروح (اف: 18-21). ولكن من لا يجاهد ينطفئ فيه عمل الروح. لذلك نصلي "روحك القدوس جدده في أحشائنا" إشارة للماء الجاري الذي يحمل الوساخات من مجرى النهر. أما الماء الراكد فيمتلئ وساخات. هكذا لو تجدد داخلنا الروح القدس فهو ينقينا من الخطايا ويخلق فينا قلبًا نقيًا. وهذا معنى إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة (2كو17:5).
والروح إذًا يثبتنا في المسيح بالمعمودية. ولأن المعمودية لا تفقدنا حريتنا ولهذا نحن معرضين للخطأ، كان هناك سر آخر به يسكن فينا الروح القدس بالميرون، فيبكتنا ويعيننا لنظل ثابتين في المسيح فنحيا، لذلك هو الروح المحيي. وفي ضيقاتنا يعزينا. وأمام الولاة يعطينا حكمة ويعطينا ما نتكلم به (مت10: 19). وهو روح القوة والمحبة والنصح (2تي 1: 7) فنتخذ القرارات الصائبة في حياتنا فلا نتخبط في قراراتنا. وهو يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله المسيح. ويحكي لنا عن المسيح فنعرفه ومن ثم نحبه، وبهذا نفهم كيف يسكب محبة الله في قلوبنا (رو5: 5)، وهي محبة فائقة المعرفة (اف3: 19) وهذه تعني أنه يكشف عن عيوننا ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن...(1كو2: 9، 10). وهو يشفع فينا أي يجعلنا مقبولين أمام الله، فحينما يخدعنا عدو الخير في أثناء ضيقاتنا وتجاربنا بأن الله تركنا في قسوة لنتألم وتخلى عنا، يقنعنا الروح القدس بمحبة الله الأبوية وأنه لا يمكن أن يتخلى عن أولاده إلا إن كان هذا لصالح خلاص نفوسهم (ار20: 7) والروح يبدأ بالإقناع العقلي وحينئذٍ نصرخ في دالة "يا آبا الآب" (غل4: 6)، ثم يتدرج بسكب مشاعر الحب تجاه الله وقد لا نجد ما نعبر به عن مشاعرنا فنئن (رو8: 26). ويمكننا القول باختصار أن الروح القدس هو رفيق حلو معزي في طريقنا للسماء.
والروح القدس يسكن في المؤمن (1كو16:3) أما غير المؤمنين فيعمل معهم من الخارج ليقنعهم "فلا أحد يقول المسيح رب إلاّ بالروح القدس" (1كو3:12). وبعد أن يعتمدوا ويمسحوا بالميرون حينئذ يسكن الروح القدس داخلهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/85n5dsy