St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Enjil-Loka
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لوقا:
تفسير إنجيل لوقا: مقدمة إنجيل لوقا | تسلسل الأحداث في إنجيل لوقا | لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24

نص إنجيل لوقا: لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | لوقا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

الآيات (1-12): في كتاب إنجيل متى (مت16:10-42 وما بعده‌)

آية (10): في كتاب إنجيل متى (مت22:12-37 وما بعده‌)

 

الآيات (13-21):

الآيات (13-21): "وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا قَائِلًا: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلًا: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ»."

الغني الغبي:- من الآلاف الموجودين حول الرب كان هناك شخص له مشكلة ميراث مع أخيه، وأراد أن يكون المسيح قاضيًا بينهما. ولكن المسيح جاء يدعونا للسماويات ولم يُرِدْ أن يتدخل في الأرضيات فهذه لها قضاة، بينما المسيح بالجسد لم يكن له حق الحكم بين الناس كقاض. وقوانين الميراث واضحة في الشريعة (البكر له ضعف نصيب إخوته وكل الإخوة متساوين). ونلاحظ أن المشكلة هي مشكلة طمع، فإما الأخ الأكبر طماع وأخذ كل الميراث، أو أن يكون الشاكي وهو الأصغر وأنه غير راضي عن أن يكون نصيبه نصف أخيه البكر ويريد أن يقتسمه مع الأكبر.

في الآيات السابقة كان المسيح يكلمهم عن الكرازة بلا خوف والضيقات التي ستأتي. فارتفع صوت شخص يشتكي أخيه الذي ظلمه في الميراث. ويظهر هنا التناقض، فلو فهم هذا الشخص كلام المسيح الذي يعني أنه في هذا العالم سيكون ضيق مستمر، ولكن الروح القدس يساندنا وفي النهاية من يثبت يعترف به المسيح، لاحتقر هذا الشخص الماديات كلها فماذا ستنفعه أمواله وقت الاضطهاد والاستشهاد، وماذا سيخسر هذا حينما يقف مُعْتَرَفًا به أمام الله. المسيح واضح هنا أنه يريد رفع مستوى تفكيرنا إلى السماويات، وإيماننا بأننا غرباء في هذه الأرض. لذلك ينبه أن الطمع هو أخطر عدو يقابل المسيحي، لذلك أسماه بولس الرسول عبادة أوثان (كو5:3). لأن الطماع ينسى انتمائه للسماء ويظن أنه سيعيش للأبد على الأرض (هذا هو معنى المثل الذي قاله هنا السيد المسيح). لنثق أن المال لا يعطي سلامًا، الله هو الذي يعطيه. والسيد المسيح رفض أن يأخذ دور السلطة الزمنية أي القضاة وصمم على أن يكون دوره روحيًا. هو تحاشى أن يضع قوانين أرضية للميراث وخلافه بل هو السماوي، أتى من السماء ليرفعنا للسماويات، المسيح يريدنا أن نشعر بأننا غرباء على الأرض. هو يريد أن يحل المشاكل بإصلاح الداخل، ومنع الطمع المفسد للحياة السماوية. ولاحظ فإن المسيح لا يدين الغني بل الطمع. والطمع هو الشعور الدائم بعدم الاكتفاء والنهم للأرضيات والماديات، والانشغال بالماديات عن الروحيات، وعدم الاهتمام بأن يكون للشخص كنز سماوي. من أقامني قاضيًا= المسيحية لم تضع أي قانون للميراث. فالمسيح أتى لنرث السماء.

St-Takla.org Image: The parable of the foolish rich man - Jesus said this to warn us from greed and dependence on money or else we would be like this man that God said to him, 'Fool! This night your soul will be required of you; then whose will those things be which you have provided?' (Luke 12:20) - Bible Clip Arts from NHP صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الغني الغبي - هذا المثل ذكره السيد المسيح ليحذرنا من الطمع والاتكال على المال لئلا يكون مصيرنا كذلك الرجل الذي قال له الله: "يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟" (إنجيل لوقا 12: 20) - صور الإنجيل من إن إتش بي

St-Takla.org Image: The parable of the foolish rich man - Jesus said this to warn us from greed and dependence on money or else we would be like this man that God said to him, 'Fool! This night your soul will be required of you; then whose will those things be which you have provided?' (Luke 12:20) - Bible Clip Arts from NHP

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الغني الغبي - هذا المثل ذكره السيد المسيح ليحذرنا من الطمع والاتكال على المال لئلا يكون مصيرنا كذلك الرجل الذي قال له الله: "يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟" (إنجيل لوقا 12: 20) - صور الإنجيل من إن إتش بي

يا معلم قل لأخي= كان وظيفة معلمي اليهود أن يتدخلوا لحل هذه المشاكل.

مثل الغني الغبي: هل خطأ أن يفكر إنسان أن يقيم مخازن؟ قطعًا هذا ليس خطأ، فما هو إذًا خطأ هذا الغني الذي جعله غبيًا؟

1. هو كان يفكر في الحاضر فقط والمستقبل على أنه سيعيش دائمًا وربما للأبد. ولم يفكر أنه في هذه الليلة ستؤخذ نفسه. فعلينا أن نعمل بجد ولكن لا ننسى أننا هنا غرباء، قد نترك العالم في أي لحظة.

2. إذا فهمنا أنه يمكن لنا أن نترك العالم في أي لحظة، فما الذي أعددناه للسماء. هذا الغني كل ما فكر فيه كان يخص حياته على الأرض، فأين هي كنوزه التي في السماء (أي أين صلاته وأصوامه وصدقاته..).

3. عطايا الله له حَسِبَهَا تخصه وحده= أثماري غلاتي خيراتي فهو نسب الخير لنفسه ولم يذكر أن الله أعطاه الكثير فيشكر الله وليعطي هو من ليس لهم، فنحن وكلاء على ما عندنا.

4. أنظر ما يفكر فيه يا نفسي كلي واشربي وإفرحي= فكل ما يفكر فيه هو ما يشبع الحيوانات أيضًا، ولكن أين نصيب الروح. هدف السيد من المثل أننا مخلوقات تنتمي للسماء وغرباء على الأرض فلنهتم بالسمائيات.

5. لكِ خيرات يا نفسي= هو اعتبر أن الخيرات هي الماديات فقط وتناسى أن الخيرات الحقيقية هي الفضائل فهذه توصلنا للسماء أما الأموال فهذه يمكن توجيهها لتكون خيرًا ويمكن توجيهها لتكون شرًا.

6. هو إفترض أن غناه سيكون سببًا في راحته، مع أنه أصبح همًا ثقيلًا عليه وشاغلًا يشغل باله ويملأه قلقًا. لقد ظن أنه يملك المال لكن المال هو الذي امتلكه. أمّا الراحة الحقيقية هي في المسيح. غنيًا لله= أي يكون غناه هذا لمجد الله وليس لراحته هو شخصيًا.

7. يقول يا نفسي لكِ خيرات كثيرة، موضوعة لسنين كثيرة= ولم يخطر على باله أي اعتبار أن كل شيء هو ملك لله، وأننا وكلاء على ما بين أيدينا. وأن الله سيحاسب كلٌ منا حسب ما سوف يتصرف في أمواله. ولاحظ قوله سنين كثيرة، هو لا يفكر أنه يمكن أن ينتقل في أي لحظة. هذا الإنسان ربط نفسه بالأرضيات وبالتالي فهو لا يصلح للسماويات. فمن يصلح للسماويات هو من عاش في الأرض سماويًا غريبًا عن الأرض.

8. حينما زادت خيراته فكر في زيادة مخازنه بدلًا من أن يفكر في احتياج الفقراء لهذه الزيادات.

ملحوظة: ما يحكم نظرتنا للمال هو أنه مال الله وأنا أمين عليه + لو ضاع المال لا أهتم فالله قادر أن يعوض + لا تعارض بين عدم الطمع والطموح. فالطموح مطلوب لكن على ألا يتعارض مع واجباتي نحو الله + لا يكون بظلم الآخرين + شعوري بأن ضمان المستقبل ليس في أموالي بل أن لي إله غني قدير يحبني.

 

الآيات (22-31): في كتاب إنجيل متى (مت25:6-34‌) وما بعده.

 

الآيات (لو32:12-48):- "«لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا. «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ».فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ:«يَا رَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟ طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ، فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ. وَأَمَّا ذلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلاَ يَسْتَعِدُّ وَلاَ يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلًا. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ. "

في الآيات السابقة دعوة السيد لأولاده ألا يقلقوا فالله يعول أولاده ويهتم بهم.

لا تخف= من الغد أو من قلة الغذاء والكساء أو من إنسان عدو أو من شيطان، فإن كان الله قد سُرَّ أن يعطيكم الملكوت فهل يبخل عليكم بالجسديات.

القطيع الصغير= فالمدعوون كثيرون والمنتخبون قليلون، الذين يخلصون هم قليلون. وفي أول لقاء مع تلاميذه أعطاهم الرب صيدًا وفيرًا بلا عدد (لو 5) وفي آخر لقاء أعطاهم 153 سمكة هم القطيع الصغير. وفي مثل عرس ابن الملك كان المدعوون كثيرين، ولكن عاد وأخرج من ليس عليهم ثياب العرس. وهم قطيع صغير لقلة عددهم وسط عالم كبير وأعداء كثيرين أشداء. وهم قطيع صغير لقلة إمكانياتهم البشرية.

لأن أباكم= ربما هم بلا حول ولا قوة في العالم، لكن أنظر لأبيهم الذي سر بهم ومدى محبته لهم، وماذا أعد لهم؟ الملكوت. ولاحظ أن عدد المؤمنين في القطيع الصغير معروف عدده لا يهلك منه أحد/ بل هو معدود واحدًا فواحدًا (رمزيًا هم 153 = 100 + 50 + 3 = فهم [100] خروف لو ضل أحدهم يذهب الراعي ليفتش عليه حتى يجده، وقد حررهم الروح القدس [50] وقاموا من موت الخطية [3]). فهو راعي وهو أب.

بيعوا ما لكم= من آمن وصدَّق أن الله أعد له الملكوت سيبيع بسهولة الأرضيات، ويعطي صدقة فيكنز له كنزًا سماويًا حيث يثق أنه ذاهب، هو ينقل بهذا أمواله إلى بنك السماء حيث هو ذاهب. ومن هذه الآية نفهم استحالة الجمع بين كنزين إذ لا يمكن أن يتوزع القلب بين اثنين الله والمال. بهذا يتوقف المسيح عن الكلام في الماديات وينتقل للروحيات. وقوله بيعوا لا تعني أن نبيع كل شيء ونفتقر بل أن نتوقف عن التعلق بها أو الاعتماد عليها أو في أنها تحمينا. أن نفهم بقلوبنا تفاهتها، فلنا أب سماوي هو يعولنا. أكياسًا لا تفنى= الاتكال على الله هو كمن له كيس لا يفنى ما فيه من نقود مثل كوز زيت الأرملة في قصة إيليا. فالله مصدر لا نهائي لكل ما يحتاجه أولاده. ولكن هذا لمن إهتم أن يكون له كنز في السموات= أي تكون حياته سماوية وتكون أمواله لخدمة المحتاجين.

لتكن أحقاءكم ممنطقة= ثياب الشرقيين طويلة، وإذا لم يتمنطقوا تعوقهم ثيابهم عن العمل والرحيل لأنها تشتبك بأقدامهم. إذًا المعنى الروحي أن لا يرتبك المؤمن بالمعوقات العالمية التي تعوقه عن الخدمة وعن انتظار الرب بفرح، ويكون هذا بضبط النفس عن الإسترسال في الشهوات والانغماس في ملذات الدنيا، والاهتمام بحياة الفضيلة والأعمال الصالحة. إذًا هي اعتبار الجسد ميت عن ملذات العالم والخطية (كو5:3) (جهاد سلبي) وعمل أعمال بر وخدمة (جهاد إيجابي). فمن باع العالم أي لم يعد يهتم به يسهل عليه تركه.

قصة: حينما أتت ساعة الموت من شخص مريض طريح الفراش، كان ينام على وسادة، وجدوه يحتضن وسادته بعنف، وحاولوا أخذ الوسادة منه ليجعلوه ينام عليها ويستريح، فكان يرفض بشدة محتضنًا وسادته حتى مات، ولما مات فتحوا الوسادة، فوجدوه قد أخفى ثروته فيها. هذا كان رافضًا للموت متعلقًا بثروته. فكل من تعلق بالعالم لا يريد أن يتركه. = حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضًا.

أحقاؤكم= مفردها حُق وهو حُق الفخذ الذي يُرْبَطْ حزام الوسط فوقه فيشد قامة الإنسان ويرفع ملابسه فوق الأرض ويجعله بهذا مستعدًا للمشي والرحيل.

سرجكم موقدة= يحتاج الإنسان في الليل لسراج موقد يسير به في الظلام. لئلا يصيب الإنسان ما أصاب العذارى الجاهلات. وهذا إشارة لضرورة الامتلاء من الروح القدس وسط ليل هذا العالم. وهذا يكون بطلب الروح القدس بلجاجة في الصلاة. فيمتلئ الإنسان ويحل المسيح (النور) في قلبه. فينير هو أيضًا.

ينتظرون سيدهم متى يرجع= إشارة للمجيء الثاني، أو ساعة الانتقال. ساهرين = ساهر على أن يكون مصباحه مملوءًا بالزيت كالعذارى الحكيمات وساهر على أولاده وبيته، والخادم ساهر على كنيسته حتى لا يخطف عدو الخير أحد أولاده، ساهرًا أن يؤدي خدمته بأمانة. وكل إنسان يكون ساهرًا على أن تكون عبادته بأمانة، والساهر يأخذه رب المجد للمجد. وقد يكون العبيد إشارة لطاقات الإنسان (الجسدية والروحية) التي ينبغي أن تكون في خدمة السيد المسيح.

يتمنطق.. ويخدمهم= لا ولائم في السماء ولكن المعنى أن الله لن يحرمنا في السماء من شيء من الفرح والبركات والمجد الذي أعده لنا. هو يتمنطق ليخدم الذين سبقوا وتمنطقوا في العالم. وهو يمنطق حقويه استعدادًا للدينونة وفيها يكرم الساهرين، ويحكم على الأشرار. وعربون هذا هو الفرح والسلام اللذان يحيا فيهما أولاد الله الآن على الأرض.

ولكن قوله يتمنطق ويخدمهم هو إعلان عن محبة المسيح واشتياقه الشديد أن يرى أولاده معه في السماء وفي المجد، فمن أكرمه على الأرض سيكرمه المسيح في السماء "أنا أكرم الذين يكرمونني" (1صم30:2)

الهزيع الثاني أو.. = اليهود يقسمون الليل إلى أربعة هُزع. ويقسمون عْمر الإنسان لأربعة أقسام (الطفولة/ الشباب/ الرجولة/ الشيخوخة) وأشار هنا إلى الليل الذي يشير لفترة وجودنا على الأرض. ولكنه أشار لثلاثة هُزُعْ فقط. وقد يكون الهزيع الرابع هو:

والمعنى هو الاهتمام بالسهر وسط ليل هذا العالم. وهو يُشَبِّه الموت بلص يأتي فجأة دون انتظار. لذلك على الإنسان أن يسهر أي يكون مستعدًا في كل وقت بتوبة مستمرة.

وكان رد السيد على سؤال بطرس ألنا تقول هذا.. أم للجميع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أن ما قيل كان يخص كل خادم وكل راعي يقيمه السيد ليخدم شعبه. بل أن هذا المثل يمتد لكل من أعطاه السيد وزنة يخدمه بها. فالغني الغبي أعطاه الله وزنة هي المال الوفير، وكان هناك حوله جوعي، فهو كوكيل على هذه الأموال لم يكن أمينًا على هذه الوكالة وهكذا. والسيد يطوب كل من كان أمينًا في وزنته (آية43).

الوكيل = كل إنسان هو وكيل على شيء في هذه الأرض التي هي ملك لله "للرب الأرض وملؤها" (مز 24: 1). فإرميا النبي وكله الله على الشعوب ليقلع ويهدم.. ويبني ويغرس..(أر1: 10، 17) أي بكلمة يضعها الله في فمه يحدث هذا، والإكليروس وكلاء سرائر الله (1كو4: 1)، وكل إنسان أخذ موهبة من الله (1بط4: 10)، والله سيحاسب كل إنسان على أمانته وكم تاجر بما أعطاه له الله وكم ربح.

العلوفة= هي كمية الأكل المخصصة لكل واحد والمعنى الغذاء الروحي اللازم والمناسب لكل واحد. وسؤال بطرس غالبًا لأنه فهم من أقوال المسيح الكرامة التي ستنال الخادم الساهر، فسأل ليتأكد بالأكثر. وبمقارنة النص هنا بما ورد في نظيره في إنجيل (مت42:24-45) نجد فرقين:

متى (يكتب لليهود)

 

لوقا (يكتب للأمم)

 أقامه

 طعام

 

يقيمه

علوفة

فيقول لليهود أقامه فلطالما أرسل الله لليهود أنبياء، أما للأمم فهو مزمع أن يقيم لهم رعاة. ولليهود أرسل الله لهم طعامًا فهم أبناء وقد أرسل لهم ناموس ونبوات. أمّا للأمم فيشير لطعامهم بقوله علوفة، فهم كانوا بلا إله غارقين في شهواتهم كالبهائم.

يضرب الغلمان ويأكل ويشرب = هو اهتم بملذاته، وأعثر أولاد الله ومنعهم أو صدهم عن الشبع بكلمة الله، في قسوته عليهم لم يكن صورة للمسيح فصدهم عن معرفة المسيح والشبع به.

يقيمه على جميع أمواله = يوحده فيه كعروس مع عريسها ويعطيه مجدًا، لا مجدًا أرضيًا بل سماويًا. أي يعطيه الملك الأبدي.

تطبيق عام على كلمات الرب = على كل واحد منّا أن يكون أمينًا في وزناته أمينًا على جسده وصحته وأعضاءه وعواطفه وغرائزه وعمله وخدمته التي أستأمنه الله عليها، ليكن كل ما سلمنا الله إياه هو أمانة بين أيدينا، نشبع حياتنا بطعام الروح حتى لا تهلك.

ونرى في كلام السيد أن مسئولية كل إنسان ستكون بحسب معرفته، ولكن هذا ليس مبررًا أن نهمل المعرفة، فقلة المعرفة قد تسبب الهلاك بل هي من المؤكد ستسبب الهلاك "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4)

وهنا نرى أن من لا يعلم يعاقب أيضًا، فهو أهمل في أن يعرف. فمن يعرف ويهمل يضرب كثيرًا، ومن لا يعرف لأنه لم يطلب المعرفة يضرب قليلًا. كلاهما يضرب أي يهلك.

سيدي يبطئ قدومه= من يتصور أن ساعة موته بعيدة فيجري وراء شهوات العالم. يقطعه= ينهي حياته.

 

الآيات (49-53): في كتاب إنجيل متى (مت37:10-39 وما بعده‌)

الآيات (54-59): راجع كتاب إنجيل (متى 1:16-3‌)

راجع كتاب إنجيل متى (مت 25:5، 26)

 

الآيات (54-59): "ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوعِ: «إِذَا رَأَيْتُمُ السَّحَابَ تَطْلُعُ مِنَ الْمَغَارِبِ فَلِلْوَقْتِ تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَأْتِي مَطَرٌ، فَيَكُونُ هكَذَا. وَإِذَا رَأَيْتُمْ رِيحَ الْجَنُوبِ تَهُبُّ تَقُولُونَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ حَرٌّ، فَيَكُونُ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا هذَا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لاَ تُمَيِّزُونَهُ؟ وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟ حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى الْحَاكِمِ، ابْذُلِ الْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الْحَاكِمِ، فَيُلْقِيَكَ الْحَاكِمُ فِي السِّجْنِ. أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ»."

هنا يؤنب السيد من له حكمة زمنية بها يعرف علامات الجو، ومتى ستمطر السماء، ومتى يكون الجو صحوًا. وفي نفس الوقت لا يميز الوقت المقبول للتوبة والإيمان والتصالح مع الله. وبنفس المفهوم يؤنب السيد الذين يسعون لمعرفة زمان مجيئه الثاني الذي سيكون للدينونة ويتركون معرفة قيمة الزمان الحاضر، وهو زمان المصالحة وإمكانية التوبة والخلاص. والرب واقف على الباب يقرع، هو زمان ترحيب الله بكل تائب. أما في مجيئه الثاني سيغلق باب التوبة والمراحم.

والأمطار = ترمز للنعم السمائية. وريح الجنوب حارة ترمز للحرارة الروحية التي يعطيها الروح القدس للتائب. وهذا ما تم بالمسيح وفدائه. وكم من إنسان أتت عليه نعم الله وأدرك أنها من الله فسبح الله.

أما هذا الزمان فكيف لا تميزونه = هذا القول للفريسيين هو عتاب أنهم لم يميزوا أن الذي أمامهم هو المسيح بعد كل ما سمعوه من أقواله ورأوه من أعماله ومقارنة هذا بالنبوات، وهذا راجع لكبريائهم وريائهم. وهذا القول لنا لننتهز الفرصة، فرصة هذه الحياة للتوبة والتصالح مع الله، وخطورة إهمال ذلك.

ولاحظ أن هذا الكلام يأتي بعد نبوة المسيح عن الاضطهاد القادم حتمًا فهو جاء ليلقي نارًا وانقسامًا (آيات 49-53). وهذه الاضطهادات لن يحتملها سوى التائبين والمتصالحين مع الله، فهؤلاء سيتمتعون بالتعزية التي بها يحتملون الآلام. أمّا الفاترين، أو المنغمسين في الخطية ورافضي التوبة، حينما تأتي الآلام سيتركون المسيح لأنهم لم ولن يستطيعوا أن يميزوه= لماذا لا تحكمون بالحق من قبل نفوسكم= امتدادًا لعدم التمييز لا يُحاسب الإنسان نفسه فيقدم توبة، ويرفض الخضوع للحق الإلهي ويتمادى في الخطية مبررًا نفسه أما من يحيا حياة التوبة سيقتني المسيح داخله فيميز الحق، وهؤلاء الفريسيين مملوئين رياء وحسد لذلك لا يستطيعون أن يميزوا الحق، والمنغمسين في خطاياهم أيضًا لن يستطيعوا تمييز المسيح، لذلك سيتركونه إذا جاءت آلام واضطهادات. وبالنسبة لنا حتى يمكننا أن نحكم بالحق علينا أن نقتني الحق في داخلنا أي المسيح وهذا لا يكون سوى بتقديم توبة حقيقية.

وبعد أن وبخ المخلص السامعين على عدم تمييزهم للأزمنة وعدم إنتهازهم فرصة عهد النعمة لإتمام التوبة، أخذ يبين لهم الخطر العظيم الذي ينجم عن ذلك، فشبه الخاطئ برجل أخذه خصمه للقاضي ليحاكمه. هذا الخصم هو ناموس الله ووصاياه العادلة وقد يكون الخصم هو صوت تبكيت الروح القدس، وهو يطلب استيفاء حقوقه كاملة والقاضي هو الديان العادل الذي يجلس للقضاء يوم الدين، والطريق هو فرصة هذا العمر. والحاكم هو من يلقي في السجن أي الملائكة التي تضع النفس في مكان العذاب الأبدي. والتخلص من الخصم هو التصالح معه قبل الوصول إلى كرسي القضاء. أي نطلب العفو والمغفرة ونقدم توبة لله قبل انتقالنا للعالم الآخر. وإلا سنوضع في السجن حتى نوفي آخر فَلْس (أصغر عملة إشارة لأصغر خطية). وكيف نوفي ما علينا ونحن في العذاب الأبدي، فإن لم يبررنا دم المسيح فسنظل هناك للأبد، فلا شيء يفوق دم المسيح قادر أن يبرر.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-12.html

تقصير الرابط:
tak.la/xq7aynp