St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   01-Sefr-El-Takween
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

التكوين 2 - تفسير سفر التكوين

آدم في الفردوس

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب تكوين:
تفسير سفر التكوين: مقدمة سفر التكوين | التكوين 1 | التكوين 2 | التكوين 3 | التكوين 4 | التكوين 5 | التكوين 6 | التكوين 7 | التكوين 8 | التكوين 9 | التكوين 10 | التكوين 11 | التكوين 12 | التكوين 13 | التكوين 14 | التكوين 15 | التكوين 16 | التكوين 17 | التكوين 18 | التكوين 19 | التكوين 20 | التكوين 21 | التكوين 22 | التكوين 23 | التكوين 24 | التكوين 25 | التكوين 26 | التكوين 27 | التكوين 28 | التكوين 29 | التكوين 30 | التكوين 31 | التكوين 32 | التكوين 33 | التكوين 34 | التكوين 35 | التكوين 36 | التكوين 37 | التكوين 38 | التكوين 39 | التكوين 40 | التكوين 41 | التكوين 42 | التكوين 43 | التكوين 44 | التكوين 45 | التكوين 46 | التكوين 47 | التكوين 48 | التكوين 49 | التكوين 50

نص سفر التكوين: التكوين 1 | التكوين 2 | التكوين 3 | التكوين 4 | التكوين 5 | التكوين 6 | التكوين 7 | التكوين 8 | التكوين 9 | التكوين 10 | التكوين 11 | التكوين 12 | التكوين 13 | التكوين 14 | التكوين 15 | التكوين 16 | التكوين 17 | التكوين 18 | التكوين 19 | التكوين 20 | التكوين 21 | التكوين 22 | التكوين 23 | التكوين 24 | التكوين 25 | التكوين 26 | التكوين 27 | التكوين 28 | التكوين 29 | التكوين 30 | التكوين 31 | التكوين 32 | التكوين 33 | التكوين 34 | التكوين 35 | التكوين 36 | التكوين 37 | التكوين 38 | التكوين 39 | التكوين 40 | التكوين 41 | التكوين 42 | التكوين 43 | التكوين 44 | التكوين 45 | التكوين 46 | التكوين 47 | التكوين 48 | التكوين 49 | التكوين 50 | التكوين كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بعد العرض السريع لخلق العالم كله وتقديس اليوم السابع حيث استراح الرب عرض الوحي الإلهي لحال الإنسان الأول في الفردوس، مظهرًا مدى اهتمام الله بسعادته.

 

1. تقديس السبت

 

1 -3.

2. آدم في الفردوس

 

4 -14.

3. وصية الله لآدم

 

15 -17.

4. خلق حواء

 

18 -25.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. تقديس السبت:

"1 فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا 2 وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ 3 وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا" [1-3].

 

ماذا يعني "استراح في اليوم السابع"؟ بلا شك الراحة هنا لا تعني التوقف عن العمل، وإنما استراح براحة خليقته، وكما يقول القديس أغسطينوس: [راحة الله تعني راحة الذين يستريحون في الله(79)]. راحته كأب سماوي أن يجد محبوبيه ينعمون بالراحة الداخلية الحقة، لذلك يقول القديس أغسطينوس: [إننا نستريح عندما نصنع أعمالًا صالحة. كمثال لذلك كُتب عن الله أنه "استراح في اليوم السابع"، وذلك عندما صنع كل أعماله وإذا بها حسنة جدًا. إنه لم يتعب ولا احتاج إلى راحة، كما أنه لم يترك عمله حتى الآن، إذ يقول ربنا المسيح بصراحة: "أبي يعمل حتى الآن" (يو 5: 17)(80)].

St-Takla.org Image: Creation Day 6, Creation of man, Adam and Eve صورة في موقع الأنبا تكلا: يوم الخليقة السادس - خلق الإنسان، آدم وحواء

St-Takla.org Image: Creation Day 6, Creation of man, Adam and Eve

صورة في موقع الأنبا تكلا: يوم الخليقة السادس - خلق الإنسان، آدم وحواء

لقد ختم الرب حديثه عن أعمال الخلق بإعلان راحته في خليقته التي حملت آثار محبته خاصة الإنسان الذي حمل صورته ومثاله، ويبقى الله في راحته ما دام الإنسان أيضًا يستريح في حضن أبيه السماوي. لهذا رأى كثير من الآباء أن وصية "حفظ السبت" والتي تعني في العبرية "الراحة" إنما هي رمز للثبوت في السيد المسيح بكونه راحة الآب، فيه يجد لذته من جهتنا، وراحتنا نحن إذ فيه ندخل إلى حضن الآب. وكأن السيد المسيح نفسه هو سبتنا الحقيقي(81)... هذا هو سر اهتمام الله بحفظ وصية السبت، وجعلها خطًا رئيسيًا في خطة خلاص شعبه، من يكسرها يكون قد نقض العهد الإلهي وحرم نفسه من عضويته في الجماعة المقدسة. لنحفظ إذًا السبت الحقيقي بقبولنا السيد المسيح القائم من الأموات كسر راحتنا الحقيقية، لنقبله قائمًا من الأموات فنحفظ السبت كل أيام حياتنا خاصة في اليوم الأول من الأسبوع، كما كان الرسل يجتمعون معًا في أول الأسبوع (الأحد) يمارسون العبادة الجماعية حول الأفخارستيا كموضوع راحتهم الحقة.

إن كان السيد المسيح هو "اليوم السابع" أو (السبت الحقيقي) الذي فيه تصالحنا مع الآب بدم صليبه، فإننا إذ نثبت فيه نحمل سماته فينا ونمتلئ ببره ونصير نحن أنفسنا موضع راحة فنحسب به "سبتًا" أو (يومًا سابعًا)، وكما يقول القديس أغسطينوس: [نصير نحن أنفسنا اليوم السابع عندما نمتلئ ببركات الله وتقديسه ونفعم بها(82)].

هذا ويلاحظ أن الكتاب المقدس لم يقل عن اليوم السابع: "وكان مساء وكان صباح يومًا سابعًا"، وكما يقول القديس أغسطينوس: [لا نجد في السبت مساءً، لأن راحتنا بلا نهاية، إذ يضع المساء نهاية(83)].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. آدم في الفردوس:

4 هذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ، يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ 5 كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ 6 ثُمَّ كَانَ ضَبَابٌ يَطْلَعُ مِنَ الأَرْضِ وَيَسْقِي كُلَّ وَجْهِ الأَرْضِ 7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً 8 وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ 9 وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ 10 وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَنْقَسِمُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ رُؤُوسٍ 11 اِسْمُ الْوَاحِدِ فِيشُونُ، وَهُوَ الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ أَرْضِ الْحَوِيلَةِ حَيْثُ الذَّهَبُ 12 وَذَهَبُ تِلْكَ الأَرْضِ جَيِّدٌ. هُنَاكَ الْمُقْلُ وَحَجَرُ الْجَزْعِ 13 وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّانِي جِيحُونُ، وَهُوَ الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ أَرْضِ كُوشٍ 14 وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّالِثِ حِدَّاقِلُ، وَهُوَ الْجَارِي شَرْقِيَّ أَشُّورَ. وَالنَّهْرُ الرَّابعُ الْفُرَاتُ

 

إن كان الله قد خلق للإنسان المسكونة كلها من أرض وجلد وفضاء وكواكب... إنما ليلمس فيها أبوة الله ورعايته الفائقة. وقد كشف عن هذه الأبوة بالحديث بعد ذلك في شيء من التفصيل عن خلق الإنسان وإقامة جنة عدن شرقًا لأجله.

 في القرن الثاني يبدو أن العلامة أوريجانوس تطلع إلى قصة آدم وحواء وما حدث معهما كقصة رمزية بحتة قدمها الوحي للكشف عن مفاهيم روحية تمس حياة الإنسان بالله، وأن الجنة لم تكن على الأرض بل في السماء الثالثة حيث كان آدم وحواء روحين بلا جسدين حقيقيين قبل السقوط، وأنهما هبطا من الفردوس أو الجنة إلى الأرض بسبب سقوطهما وأن ما نالاه من جسدين إنما هو من قبيل العقاب. هذه الأفكار هاجمها القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص في رسالته إلى القديس يوحنا أسقف أورشليم(84).

هذه الأفكار ترفضها الكنيسة تمامًا إذ تشوه من النظرة إلى العالم الذي خلقه الله كعلامة حب لنا، وتفسد نظرتنا لتقديس الجسد... هذا وقد أعلن السيد المسيح ورسله القديسين أحداث الخلق الأولى كأحداث واقعية لا رمزية:

أولًا: يقوم الكتاب بعهديه على إعلان ذبيحة الخلاص التي احتاجت إليها البشرية بعد سقوط أبوينا آدم وحواء في جنة عدن... (راجع رو 5)، وأن سقوط آدم استلزم عمل المسيح الخلاصي لإقامة الإنسان ككل بروحه وجسده معًا، وليس لخلاص روحه وحدها فلو أن الجسد الإنساني وليد خطايا ارتكبها الروح قبلًا لما كانت هناك حاجة للتجسد الإلهي وخلاص الجسد مع الروح.

ثانيًا: حينما تحدث السيد المسيح نفسه عن الزواج قدم على أساس ما حدث في بدء الخليقة كحقيقة تاريخية، مانعًا الطلاق (مت 19: 3-6؛ مر 10: 2-9).

St-Takla.org Image: The Garden of Eden (Genesis 2:8) صورة في موقع الأنبا تكلا: جنة عدن (تكوين 2: 8)

St-Takla.org Image: The Garden of Eden (Genesis 2:8)

صورة في موقع الأنبا تكلا: جنة عدن (تكوين 2: 8)

ثالثًا: أشار السيد المسيح إلى قصة سقوط أبوينا في بدء الخليقة، موضحًا دور إبليس وخداعه (يو 8: 44).

رابعًا: حينما تحدث الرسول بولس عن الكنيسة كعروس السيد المسيح تحدث عن خداع الحية لحواء كقصة واقعية (1 كو 11: 3).

خامسًا: في نسب السيد المسيح ذكر الإنجيلي لوقا آدم كأول إنسان في الخليقة (لو 3)

سادسًا: تحدث الرسول بولس عن هابيل (ابن آدم وحواء) كشخصية واقعية وليس رمزًا (عب 11: 4).

 إن كنا لا ننكر حقيقة هذه الجنة كتاريخ واقعي عاشه آدم، لكننا نرى أيضًا في هذه الجنة رمزًا للسيد المسيح الذي جاءنا من الشرق، فيه يدخل آدم ليجد شبعه وفرح قلبه. فإن كانت كلمة "عدن" تعني (بهجة) أو (نعيم)، فإن السيد المسيح ربنا هو البهجة الحقيقية وسر نعيمنا الأبدي.

إن كانت الجنة ترمز للسيد المسيح بكونه سر بهجتنا، فإنها من الجانب الأخر ترمز للكنيسة بكونها جسد المسيح، تحمل في داخلها "شجرة الحياة" في وسطها كرمز للسيد المسيح رأس الكنيسة وسر حياتها.

لقد نزل السيد المسيح إلى العالم ليعلن عن ذاته أنه شجرة الحياة المغروسة في كنيسته من ينعم به يتمتع بالحياة والحكمة، وكما يقول القديس جيروم: [يقول سليمان: "هي شجرة حياة لممسكيها" (أم 3: 18)، متحدثًا عن الحكمة. فإن كانت الحكمة هي شجرة الحياة، فالحكمة بالحقيقة هي المسيح... إذ غُرست هذه الشجرة في جنة عدن، نُغرس نحن جميعًا هناك(85)]. بمعنى آخر ما كان يمكن أن يكون لنا نصيب كأشجار حيَّة مغروسة في الفردوس لو لم ينزل شجرة الحياة في وسطه ويعلن ذاته كسر حياة لنا.

أما شجرة معرفة الخير والشر فتشير إلى "المعرفة" التي في ذاتها هي نعمة وبركة، ولكنها إن اتجهت إلى خبرة الشر تصير علة للهلاك. يقول القديس ثاوفيلس الأنطاكي: [شجرة المعرفة في ذاتها صالحة، وثمرها صالح. ليست الشجرة هي التي حملت الموت كما يظن البعض، إنما العصيان هو الذي حمله في داخله، ليس شيء آخر في الثمرة سوى المعرفة وحدها، وهي صالحة إن استخدمت بفطنة(86)].

St-Takla.org Image: Adam in the Garden of Eden (Genesis 2:8-15) صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم في جنة عدن (تكوين 2: 8- 15)

St-Takla.org Image: Adam in the Garden of Eden (Genesis 2:8-15)

صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم في جنة عدن (تكوين 2: 8- 15)

يروي الجنة نهر قيل عنه: "وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس" [10]. إن كانت شجرة الحياة تشير إلى السيد المسيح واهب الحياة، فإن النهر الذي يسقي الجنة هو الروح القدس الذي يفيض على أرضنا خلال مياه الروح القدس فيحول قفرنا إلى جنة تفرح قلب الله. تحدث السيد المسيح عن هذا النهر، قائلًا: "من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 38). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويعلق الإنجيلي على هذه الكلمات الإلهية بقوله: "قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه، لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد". أما انقسامه إلى أربعة رؤوس فيشير إلى فيض الروح على الكنيسة في العالم من المشارق إلى المغارب ومن الشمال إلى الجنوب.

إن كان النهر يشير إلى الروح القدس الذي يحل على المؤمنين لتقديسهم فإن انقسامه إلى أربعة رؤوس إنما يشير إلى تقديسه للجسد الذي يرمز له برقم 4، بكونه مأخوذًا من الأرض (أربع جهات المسكونة)؛ وكأن الإنسان في علاقته بالله يصير بالروح القدس جنة عدن الجديدة التي يقدسها الروح القدس، عاملًا في النفس البشرية كما في الجسد.

أما بالنسبة لموقع الجنة فللآن لم يستقر اللاهوتيون والجغرافيون على الموقع، فالبعض يظن أنها كانت في أرمينيا لأن الفرات ودجلة ينبعان فيها، أما الرأي السائد فهو أن نهر عدن الذي تفرع إلى أربعة رؤوس ما هو إلا نهر الفرات - دجلة الذي يصب في شط العرب، (في الخليج الفارسي) منقسمًا إلى عدة فروع، فجنة عدن في رأيهم هي القسم الجنوبي من العراق، حيث الخصب. ويعللون ذلك بأن أرض الحويلة حيث الذهب [11] هي جزء من جزيرة العرب الذي يجاور العراف في جنوبه الغربي؛ أما أرض كوش
[13] فغالبًا ما تعني أرض عيلام التي عُرفت إلى زمان طويل باسم كاشو "
Cashshu, Cossean" ، كما أن سهل بابل كان يُدْعَى عدنو edinu(87).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. وصية الله لآدم:

15 وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا 16 وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا 17 وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ»

 

"وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها" [15].

St-Takla.org Image: The tree of life (Genesis 2:9) صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة الحياة (تكوين 2: 9)

St-Takla.org Image: The tree of life (Genesis 2:9)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة الحياة (تكوين 2: 9)

 قبل أن يقدم الله لآدم وصية الحب والطاعة، وضعه في جنة عدن ليعمل ويحفظ الجنة؛ إن كان بإقامته الجنة لحسابه أعلن حبه ورعايته له، فإذ أقامه للعمل وحفظ الجنة إعلان عن تقدير الله للإنسان... لقد هيأ له كل وسائل الراحة وأعطاه إمكانيات الفكر والتعقل لهذا لم يقمه في الجنة ليأكل ويشرب ويلهو وإنما أقامه كائنًا له عمله وتقديره في عيني الله.

هكذا قدس الله العمل فأقام أكمل خليقته الأرضية لكي يعمل، ووهبه الحكمة لكي يحفظ الجنة، وكأن الله أقام وكيلًا له على عمل يديه ليمارس العمل ببهجة قلب وبتعقل!

 إذ وهبه الله هذه العطية، عطية العمل في الجنة وحفظها، قدم له وصية: "من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت" [16، 17].

 ربما يتساءل البعض: هل من حاجة لهذه الوصية؟ نجيب بأن الوصية تكرّم من شأن الإنسان إذ تعلن حرية إرادته؛ فقد أراد الله أن يتعامل معه على مستوى فائق، فأعطاه الوصية ليفتح باب الحوار العملي معه، فتكون طاعة آدم لله ليست طاعة غريزية آلية تحكمها قوانين الطبيعة كسائر المخلوقات، وإنما تقوم على إنسانيته المقدسة وحبه الحق الخارج من أعماقه بكمال حريته. فالوصية ليست حرمانًا للإنسان ولا كبتًا له، وإنما هي طريق للتمتع بقدسية الإرادة الحرة. وقد سبق لنا الحديث عن: "الوصية والحب" في كتيب مستقل.

يرى البعض أن الله قدم للإنسان هبات عظيمة، لكنه حتى بعد إقامته في الجنة أراد أن يزكيه ويكرمه بعطايا أعظم -ربما خلال أكله من شجرة الحياة- لو أنه عاش في طاعة للوصية الإلهية يعلن حبه العملي لخالقه وصديقه الأعظم. يقول القديس ثاوفيلس الأنطاكي: [أراد الله تزكية بخضوعه للوصية، وفي نفس الوقت أراد في الإنسان أن يبقى كطفل في بساطة وإخلاص إلى وقت أطول(88)].

لما كان جزاء العصيان "موتًا تموت" ظن البعض أن قصة سقوط أبوينا الأولين رمزية، قائلين بأن الجزاء صعب للغاية ولا يتناسب مع الوصية بعد الأكل من ثمرة شجرة معينة. لكن يجيب الدارسون على ذلك بالآتي:

 أولًا: أن الجزاء ليس بسبب نوع الوصية إنما بسبب الفكر الداخلي الذي قابل محبة الله الفائقة ورعايته للإنسان بالجحود. العقوبة هي ثمرة طبيعية للخطية، أيًا كانت، كما أن الفردوس ببهجته الأولى يناسب حالة الإنسان الملتصق بإلهه.

St-Takla.org Image: The tree of the knowledge of good and evil (Genesis 2:9) صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة معرفة الخير والشر (تكوين 2: 9)

St-Takla.org Image: The tree of the knowledge of good and evil (Genesis 2:9)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة معرفة الخير والشر (تكوين 2: 9)

ثانيًا: بشاعة العقوبة تتناسب مع عطية الحرية الإنسانية وتقدير الله للإنسان.

ثالثًا: بشاعة العقوبة تبرز قوة الخلاص الذي يقدمه الله للإنسان يبذل الابن الوحيد الجنس.

رابعًا: العجيب أن العقوبة سقطت بثقلها على الأرض والحية، فلم يلعن الله آدم ولا حواء لكنه لعن الحية بسبب مخادعتها للإنسان، وللأرض بسبب الساكن فيها! الله في محبته أبرز مرارة الخطية، لكنه لم يلعن الإنسان... أي حب أعظم من هذا.؟!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4. خلق حواء:

18 وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ» 19 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا 20 فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ 21 فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا 22 وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ 23 فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ» 24 لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا 25 وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ.

 

"وقال الرب الإله: ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينًا نظيره" [18].

 إن كان خلق العالم ككل قد احتاج إلى ملايين السنوات، لكن الوحي سجله في أصحاح واحد باختصار شديد لكي يبقى الكتاب المقدس كله يعلن اهتمام الله بالإنسان على وجه الخصوص، مركز العالم في عيني الله. أهتم بأموره المادية والنفسية كما الروحية... والآن إذ يراه وحيدًا في الجنة أراد أن يصنع له معينًا نظيره. جاء تعبير: "معينًا نظيره" يكشف عن مفهوم الحياة الزوجية، علاقة آدم بحواء، أو الرجل بالمرأة. فالزوجة معينة لرجلها، كما أن الرجل معين لزوجته، وهي نظيره لا تتشامخ عليه ولا هي أقل منه! كأن الحياة الزوجية تقوم على أساس الوحدة الحقة التي تعين الاثنين خلال الاحترام المتبادل.

St-Takla.org Image: Adam give names to the living creature (Genesis 2:18-20) صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم يعطى أسماء للحيوانات (تكوين 2: 18- 20)

St-Takla.org Image: Adam give names to the living creature (Genesis 2:18-20)

صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم يعطي أسماء للحيوانات (تكوين 2: 18- 20)

حدثنا عن خلقه حواء كزوجة وحيدة لآدم، جلبها له من جنبه بعدما أوقع عليه سباتًا فنام... فرأي آدم أنها عظم من عظامه ولحم من لحمه [23]، وقد دعاها امرأة لأنها من امرئ (إنسان) أُخذت. خلال هذا الموقف وضع الكتاب مبدأ الزواج: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونا جسدًا واحدًا" [24].

 جاءت قصة خلق حواء تحمل رمزًا لخلق الكنيسة عروس المسيح، التي من أجلها أخلى العريس ذاته ليلتصق بها وينطلق بها إلى سمواته. وقد جاءت كتابات الكنيسة الأولى تحمل فيضًا من الحديث عن خلق حواء وعلاقتها بالكنيسة عروس المسيح؛ نقتطف منها القليل من كلمات القديس أغسطينوس في هذا الشأن:

[متي خلقت حواء؟ عندما نام آدم!

متى فاضت أسرار الكنيسة من جنب المسيح؟ عندما نام على الصليب(89)].

[إن كان المسيح يلتصق بكنيسته ليكون الاثنان جسدًا واحدًا، فبأي طريقة يترك أباه وأمه؟ لقد ترك أباه بمعنى أنه "إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد" (في 2: 6-7) بهذا المعنى ترك أباه لا بأن نسيه أو انفصل عنه وإنما بظهوره في شكل البشر... ولكن كيف ترك أمه؟ بتركه مجمع اليهود الذي وُلد منه حسب الجسد، ليلتصق بالكنيسة التي جمعها من كل الأمم(90)].

[(في حديثه عن سر الوحدة بين السيد المسيح وكنيسته كعريس وعروسه) يقول الرسول عنه: "هذا السر عظيم ولكنني أقول من نحو المسيح والكنيسة" (أف 5: 32)... نحن معه في السماء بالرجاء، وهو معنا على الأرض بالحب(91)].

 [يتحدث ربنا يسوع بشخصه بكونه رأسنا، كما يتحدث بشخص جسده الذي هو نحن كنيسته هكذا تصدر الكلمات كما من فم واحد، فنفهم الرأس والجسد متحدين معًا في تكامل غير منفصلين عن بعضهما البعض، وذلك كما في الزواج، إذ قيل: "ويكونا جسدًا واحدًا" [24](92)].

نختم حديثنا هنا بكلمات القديس أمبروسيوس الذي يرى في "الجسد الواحد" وحدة الإرادة خلال الحب بين الرجل وامرأته، إذ يقول: [وضع الله مشاعر الإرادة الصالحة في الرجل والمرأة، قائلًا: "يكونا جسدًا واحدًا" ويمكن أن يُضاف "وروحًا واحدًا"(93)].

St-Takla.org Image: Creation of Eve (Genesis 2:21, 22) صورة في موقع الأنبا تكلا: خلق حواء (تكوين 2: 21، 22)

St-Takla.org Image: Creation of Eve (Genesis 2:21, 22)

صورة في موقع الأنبا تكلا: خلق حواء (تكوين 2: 21، 22)

أخيرًا بعد أن تحدث عن خلق حواء والتصاقها بالحب مع آدم، قال: [وكان كلاهما عريانين آدم وحواء وهما لا يخجلان] [25]. كان عريانين جسديًا، ومستورين روحيًا لهذا لم يجدا ما يخجلهما، لأن ما يخجل الإنسان ليس جسده بل الفساد الذي دب فيه بسبب الخطية. لهذا يرى بعض الآباء في الدخول إلى جرن المعمودية عراة عودة إلى الفردوس حيث كان الإنسان في نقاوة قلبه عريانًا حسب الجسد ولا يخجل.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(79) City of God 11: 8.

(80) On Ps. 93.

(82) City of God 22: 30.

(83) On Ps. 93.

(84) See St. Jerome: Ep 51.

(85) On Ps. hom 1.

(86) To Autolycus 2:25.

(87) ممكن الرجوع لملخص النظريات الخاصة بموقع جنة عدن في كتاب:

New Westminster Sict. Of the Bible, P. 238, 239

(88) To Autolycus 2: 25.

(89) On Ps. 41 (See on Ps 127).

(90) In Ioan, tr 9: 10.

(91) On Ps. 55.

(92) Ibid 41.

(93) Duties of clergy 1: 32.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات التكوين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/01-Sefr-El-Takween/Tafseer-Sefr-El-Takwin__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/7w5vams