St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   bible-history-edersheim-2
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تاريخ العهد القديم للعلامة ألفريد إدرشيم: الجزء الثاني: الخروج والتيه في البرية - القمص أنجيلوس المقاري

21- الفصل الحادي والعشرون: مسيرة بني إسرائيل حول أرض أدوم - الحيات المحرقة والحية النحاسية - إسرائيل تدخل أرض الآموريين - الانتصار على سيحون وعوج ملكي الآموريين - إسرائيل يعسكر في عربات موآب بالقرب من نهر الأردن (عد 21: 3-35؛ 33: 35-49؛ تث2-3)

 

الفصل الحادي والعشرون

مسيرة بني إسرائيل حول أرض أدوم - الحيات المحرقة والحية النحاسية - إسرائيل تدخل أرض الآموريين - الانتصار على سيحون وعوج ملكي الآموريين - إسرائيل يعسكر في عربات موآب بالقرب من نهر الأردن (عد 21: 3-35؛ 33: 35-49؛ تث2-3)

 

مقاومة أدوم وهجوم ملك عراد بدون أي استفزاز من جانبهم، يلزم أنه أقنع بني إسرائيل بأن أكثر المشاكل والصعاب الخطيرة لمسيرهم قد بدأت الآن. كان من الطبيعي جدًا أنه أثناء السنوات الثماني والثلاثين عندما كانوا مبعثرين أعلى وأسفل شبه جزيرة سيناء تركهم جيرانهم الأقوياء ولم يزعجوهم مثلما هو حال البدو الرحل إلى هذا اليوم(196).

لكن عندما تجمع إسرائيل ثانية وتقدموا إلى الأمام كجيش، آنذاك أخبار العجائب التي صنعها الله لهم والتي عادة يتم تناقلها بكل ملابساتها ستثير رعبًا ممزوجًا بتصميم على مقاومتهم. ربما يمكن مقاومة إسرائيل، لكن هم رأوا أن مقاومة الله باطلة وغير مجدية إذ تم إدراك أن إله إسرائيل أقوى من كل آلهة الأمم الأخرى. عابدي الوثن في الشرق من الطبيعي لهم أن يفسروا ويعللوا الأمور هكذا، ومعرفة هذا سوف يساعدنا على فهم الرواية الكتابية.

الاتجاه العام لمسيرة إسرائيل بقصد الدوران حول أرض أدوم كان أولًا نحو رأس خليج إيلة للبحر الأحمر أو خليج العقبة. ومن هناك على بعد ساعات قليلة من عصيون جابر يدخلون الجبال وبعد ذلك يجتازون شمالًا ويسيرون تجاه موآب على الطريق الذي يجري بين أدوم والمسطح الجيري للصحراء الشرقية الكبيرة(197) (قارن تث 2: 8).

ربما كانوا هم مستعدين لأن يقاتلوا لأجل كل تقدم جديد يحرزوه تجاه الشمال. لكن الجزء الأول من سيرهم كان بخلاف ذلك من باب الامتحان لهم. فالغم والضيق الشديدين للعربة التي اجتازوها - إذ كانت برية شديدة الحرارة ولا خضرة فيها ووعرة ومهجورة ومن حين لآخر تهب عليها عواصف رملية مرعبة، كانت هي بالأساس "القفر العظيم المرعب" الذي ذكّر به موسى الشعب فيما بعد (تث 1: 19). فمع سأم وإرهاق الطريق والافتقار إلى الماء ولكل أنواع الطعام الأخرى ما عدا المن: "ضَاقَتْ نَفْسُ الشَّعْبِ فِي الطَّرِيق. وَتَكَلمَ الشَّعْبُ عَلى اللهِ وَعَلى مُوسَى قَائِلِينَ: «لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي البَرِّيَّةِ! لأَنَّهُ لا خُبْزَ وَلا مَاءَ وَقَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ».

إن قصاص الحَيَّاتِ المُحْرِقَة التي أرسلها الرب على الشعب لمعاقبتهم والتي بسببها مات كثيرين تحمل تشابه مميز لكل معاملات الله السابقة. مرة أخرى هو لا يخلق شيء جديد لتنفيذ مقاصده بل هو فقط يوجه بسلطانه ما هو موجود من قبل. أعطى الرحالة والمسافرون تأكيدًا وشرحًا لعدد وسُمّية الحيات في تلك المنطقة(198). هكذا كتب واحد من المنطقة المجاورة للخليج: "أظهر الرمل على الشاطئ آثار لحيات في كل اتجاه. فهم زحفوا هناك في مختلف الاتجاهات. بعض الآثار ظهر أنها من فعل حيوانات قطرها لا يقل عن بوصتين. أخبرني المرشد المرافق لي أن الحيات كانت شائعة جدًا في تلك المناطق". ورحالة آخر سار على نفس الطريق الذي سار فيه بني إسرائيل قرر الآتي: "في المساء جيء لنا بحية كبيرة مبرقشة (مليئة بالنقط الملونة)، تتميز ببقع نارية وخطوط حلزونية، والتي من الواضح من تركيبة أسنانها أنها تنتمي لواحدة من الأنواع الأكثر سُمّية... يقول البدو عن هذه الحيات والتي يخشوها جدًا أنها تتواجد بأعداد كبيرة في هذه المنطقة"(199).

St-Takla.org Image: Exaltation of the brazen serpent (Numbers 21: 6-9) - from: Chronicle of the World: Weltchronik (manuscript), by Rudolf von Ems, between 1350 and 1375. صورة في موقع الأنبا تكلا: رفع الحية النحاسية (العدد 21: 6-9) - من مخطوط كتاب تاريخ العالم (ويلتكرونيك)، رودلف فون إمس، في الفترة ما بين 1350-1375 م.

St-Takla.org Image: Exaltation of the brazen serpent (Numbers 21: 6-9) - from: Chronicle of the World: Weltchronik (manuscript), by Rudolf von Ems, between 1350 and 1375.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رفع الحية النحاسية (العدد 21: 6-9) - من مخطوط كتاب تاريخ العالم (ويلتكرونيك)، رودلف فون إمس، في الفترة ما بين 1350-1375 م.

من حقيقة أن الحية النحاسية دُعيت أيضًا "نارية - ساراف بالعبرية שָׂרָף)، يمكننا أن نستنتج أنه يصف بالأحرى مظهر هذه الحيات النارية أكثر مما يصف تأثير لدغتها.

شيئان مميزان جدًا في هذه الرواية، توبة سريعة لإسرائيل ملتحفة بلغة أتضاع غير معتادة (عد 21: 7)، والتعلم العجيب للرمز الذي من خلاله من لدغوا لدغة الموت تم استرداد الحياة والصحة لهم. وجّه الله موسى لأن يصنع حية نحاسية ويضعها على راية وكل من يتطلع إليها ينال في الحال الشفاء. من تعليم ربنا يسوع (يو 3: 14-15)، نعرف أن هذا كان رمز مباشر لرفع ابن الإنسان: "أن كل من يؤمن به لا يهلك بل تكون له حياة أبدية".

بساطة الدواء؛ فقط أن تتطلع بإيمان، فورية مفعول العلاج وكماله كما أيضًا حقيقة أن هذا كان العلاج الوحيد وأيضًا كلي الكفاية للدغة المميتة للحية، كلها تجد ما يقابلها في الإنجيل.

لكن من أجل فهم صحيح لكل من الرمز ولكلمات ربنا يسوع، يلزمنا أن نبحث عن الأسلوب الذي به سيرى ويفهم إسرائيل رفع الحية النحاسية والشفاء الذي ينبع منها. بدون شك إسرائيل سيربط في الحال بين هذا الموت بسبب الحيات المحرقة بدخول الموت إلى الفردوس من خلال الحية(200). فالآن رُفعت حية نحاسية وصُنعت على شكل الحية المحرقة لكن بدون لدغتها السامة. وهذا كان لشفاء إسرائيل.

إذًا من الواضح أن السم المميت للحية المحرقة تمت إزالته برفع الحية النحاسية! كل هذا سيرجع بالذهن إلى الوعد الذي أُعطي عندما شعر المرء في البدء باللدغة السامة للحية بأن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية وأن في سحقه لرأسها سوف تسحق عقبه. بهذا المعنى حتى سفر الحكمة (المنسوب لسليمان) يقول عن الحية النحاسية بأنها علامة للخلاص (حك 16: 6).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وهكذا نحن تعلمنا بوضوح أن: "َاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَد" (رو 8: 3)، وأنه: "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَة" (1بط 2: 24).

المعنى الثمين للرمز هكذا استنتجه أحد البارزين من السمات الثلاثة العظيمة لعلامة الخلاص هذه.

أولًا الحية التي صنعها موسى بناء على أمر من الله كان لها أن تكون من النحاس أي لونها أحمر مثل الحيات المحرقة التي كان لونها أحمر وتحرق في لدغتها، لكن بدون سم.

ثانيًا الحية النحاسية كان لها أن تُرفع على راية لتكون علامة (قارن كو 2: 14 إلخ.).

ثالثًا: الذين يودون الشفاء من لدغة الحياة المحرقة يلزمهم أن يتطلعوا إلى الحية النحاسية المرفوعة على راية، عليهم أن يؤمنوا وإلا لن يمكنهم أن يستعيدوا صحتهم وحياتهم.

وبالمثل علّق ناقد ألماني حديث على (يو 3: 14) هكذا: "المسيح هو المرموز إليه بهذه الحية بقدر ما هو أخذ على عاتقه وحمل الخطية بالنيابة عنا والتي هي الأكثر سُمية لكل القوى الضارة والمؤذية.

إنه لأمر في غاية الأهمية والمتعة أن نتابع مسيرة بني إسرائيل عندما المسافة اليومية التي يقطعوها تقربهم أكثر لأرض الموعد كهدف لهم. بالنسبة لهم لم تكن كما هو الحال لنا أرض خرائب وذكريات، بل كانت أرض الجمال والرجاء. لشعب كل ما رأوه وعرفوه على مدى حياتهم ليس سوى القفر بكل متاعبه، فإن خصوبة وغنى والجمال المتنوع لفلسطين كما كان آنذاك، يلزم أنه امتلك سحر وجاذبية لا يمكننا تخيله.

لذا كل خطوة يتقدمونها -إن جاز القول- تحت قيادة مباشرة من الله وبمعنى ما تُعتبر معجزة، بينما مثل كل هذا التقدم والمعجزات كانت في حد ذاتها عربون لمعجزات أخرى تليها فيما بعد.

إن أبحاث الرحالة المحدثين(201) سوف تمكننا تقريبًا من مصاحبة بني إسرائيل في مسيرهم هذا. كما سبق أن قلنا، فإن التشبث العجيب الذي به تواصل الأسماء القديمة للأماكن تواجدها في الشرق الأقصى يساعدنا على اكتشاف البقع ذاتها التي للمشاهد الكتابية، بينما من ناحية أخرى فإن وصف هذه المواقع طرح مزيد من الضوء والحيوية على الروايات الكتابية وقدم الدليل على كونها جديرة بالتصديق.

ينبغي للقارئ أن يتذكر أن الطريق الذي يقع أمام إسرائيل كان في جزء منه نفس الطريق الذي لا تزال تجتازه القوافل الكبيرة من دمشق إلى مكة. المناطق التي اجتازوها على التوالي أو دخلوا فيها كان فيها من يشغلها وذلك على النحو التالي.

أولًا إسرائيل دارت على مدى كل الحدود الشرقية لأدوم وتركتها على يسارها. الحدود الغربية لأدوم والتي طلبت إسرائيل أن تجتازها عند بدأت من قادش (عد 20: 18)، سيكون من السهل جدًا الدفاع عنها ضد الإسرائيليين لقلة معابرها ووعورتها الجبلية. لكن كان الوضع بخلاف ذلك من الخط الشرقي للتخوم الأمامية والتي تقع مفتوحة أمام إسرائيل لولا أن إسرائيل بتوجيه من الله مُنعت من محاربة بني أدوم (تث 2: 4-6). لكن هذا يفسر الموقف والاتجاه الودي الذي وجد الأدوميين أنه من الحكمة تبنيه عبر تخومهم الشرقية (تث 2: 29)، مع أن جيشهم منذ وقت قليل مضى كان مستعدًا لمحاربتهم من حدوده الغربية.

عند "إيجي عباريم(202)" Ije Abarim الأطلال أو "تلال العبور" أو "على الأجناب" ربما "التلال الجانبية" كان الإسرائيليون يقتربون من البرية التي تقع إلى الشرق من موآب. إن غدير أو وادي زارد (عد 21: 12) يشكل هنا الحدود بين أدوم وموآب. لكن إسرائيل من حيث كونه تلقي أيضًا أمر إلهي بعدم محاربة موآب (تث 2: 9)، فتركوا مقاطعتهم أيضًا بدون أن يمسوهم بأذى واستمروا في التقدم نحو الشمال مباشرة مجتازين برية موآب إلى أن وصلوا إلى نهر أرنون، وهو وادي موآب في الوقت الراهن والذي شكّل الحدود بين الموآبيين والآموريين.

وكانت منطقة الأموريين تمتد من أرنون إلى يبوق. ولقد كانت في الأصل تنتمي للموآبيين (عد 21: 26)، لكنهم طُردوا جنوبًا بواسطة الأموريين. لم يكن هناك أمر من الله بمنع إسرائيل من محاربة الأموريين ولذا عندما رفض سيحون ملكهم أن يسمح لهم بالعبور في الطريق العام عبر مملكته، بتوجيه من الله قاموا بمحاربته عندما تقدم لملاقاتهم بقومه وانتهت الحرب بهلاك سيحون وامتلاك إسرائيل لأرضه.

عند وادي زارد على الحدود الغربية لموآب، كان الإسرائيليون فعلًا على تماس مع البحر الميت، تاركين إياه بالطبع بعيدًا عن شمالهم. نهر أرنون أيضًا والذي شكّل الحدود بين موآب والأموريين، يتدفق إلى البحر الميت تقريبًا في اتجاه حصون تامار (تك 14: 7) والتي هي عين جدي (2أخ 20: 2). هذه المنطقة التي تحمل الآن اسم البيلقا el- Belkah معروفة لقارئ العهد القديم باسم أرض جلعاد، بينما في أزمنة العهد الجديد شكلت مقاطعة بيرية. أخيرًا المنطقة التي إلى الشمال من يبوق وشرق الأردن كانت باشان قديمًا أو حاوران Hauran حديثًا.

حقيقة أن الأرض التي إلى الشمال من أرنون قبل استيلاء الأموريين عليها، كانت في يد الموآبيين طويلًا يفسر اسم "صحراء موآب" (عد 21: 20) كذلك يُطبق على التلال المرتفعة لجلعاد، مثلما الجزء الغربي للأردن يحمل أيضًا اسم "عربات موآب"، أو بالأحرى "أراضي موآب المنخفضة" (عد 22: 1).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

كان بنو إسرائيل لا يزالوا مُعسكرين على الجانب الغربي من أرنون عندما أرسلوا وفد إلى سيحون يطلبون منه السماح بأن يجتازوا عبر أرضه. أعطى كانون تراسترام وصف يشيع حيوية للصدع الذي منه ينبع نهر أرنون. لقد تم حساب عرضه فوجد حوالي ثلاثة أميال من قمة جانب إلى قمة الجانب الآخر وعمقه 2150 قدم من قمة الجزء الجنوبي ومن الحافة الشمالية كان العمق 1950 قدم. بالطبع لم يمكن لجيش إسرائيل أن يجتاز النهر هنا، بل من موقع أعلى، إلى الشرق "في البرية" (عد 21: 13). ربما هم انتظروا إلى أن عاد الرسل من عند سيحون. أما كيف كانت معنوياتهم والثقة التي نشأت بالله عندما وصلتهم الأخبار بأن سيحون وكل جيشه كان قادم لملاقاتهم فهذا يتضح حتى من تلك القطع الشعرية التي تشكل خاصية مميزة جدًا لسفر العدد والتي تُقرأ مثل مقاطع شعرية لأغاني وأناشيد الحرب عند خط النار(203). من شواطئ أرنون كان طريق بني إسرائيل بدون شك تجاه الشمال إلى أن وصلوا إلى باموت أو باموت بعل "مرتفعات بعل" (عد 21: 19)، أحد المحطات التي اتخذها فيما بعد بلعام وبالاق (عد 22: 41).

"وَمِنْ بَامُوتَ إِلى الجِوَاءِ (الوادي الواسع) التِي فِي صَحْرَاءِ مُوآبَ عِنْدَ رَأْسِ الفِسْجَةِ التِي تُشْرِفُ عَلى وَجْهِ البَرِّيَّةِ" (عد 21: 20)، أي على منطقة الأرض التي تمتد إلى الشاطئ الذي في شمال شرق البحر الميت (عد 21: 20).

من هذا المسطح على جبال عباريم والذي من قمتيه الفسجة ونبو، أطل إسرائيل لأول مرة على أرض الموعد وبالأخص بحر الملح الذي سطحه اللامع والمناطق المحيطة به والتي تشبه الموت سوف يستدعون إلى الذاكرة ذكريات رهيبة وتحذيرات.

أخيرًا كان هدف رحلتهم أمام أعينهم! المعركة الحاسمة التي كانت بين سيحون وإسرائيل تقريبًا كانت على مرمى البحر الميت. والانتصار في ياهص حيث قُتل سيحون بحد السيف -أي بدون شفقة- أعطى لإسرائيل أن تمتلك كل أرضه بما فيها حشبون وكل قراها، أي البلاد التابعة لها، من أرنون إلى يبوق العليا (نهر عمان حاليًا). والنهر الأخير كان يشكل الحدود الفاصلة بين أهل أرنون وبني عمون.

ما وراء هذا النهر لم يستطع أهل أرنون أن ينفذوا ويخترقوا: "لأَنَّ تُخُمَ بَنِي عَمُّونَ كَانَ قَوِيًّا" (عد 21: 24). وإسرائيل أيضًا امتنع عن التقدم أكثر، ليس على نفس أسباب الأموريين (بكون تخوم بني عمون كانت قوية)، بل بسبب أمر صريح من الله (تث 2: 19). لذلك إذ تركوا أرض عمون دون أن يمسوها تحرك بني إسرائيل بعد ذلك تجاه الشمال وهزموا عوج ملك باشان واستولوا أيضًا على أرضه وعلى جبال جلعاد(204). كل الأرض إلى الشرق من الأردن صارت الآن ملكًا لإسرائيل، وعبور ذلك النهر لا يمكن الجدال فيه.

لكن قبل أن يدخلوا فعليًا الميراث الذي وُعدوا به منذ وقت طويل مضى، كانت هناك بعض دروس عظيمة لابد من تعلمها. سيقع حدث سيحدد ويعلّم إلى الأبد العلاقة بين ملكوت الله وملكوت هذا العالم. ينبغي أيضًا لمهمة موسى عبد الرب أن تنتهي وأن تُعمل الترتيبات المطلوبة للاستيلاء على أرض فلسطين وتملكها. لكن كل هذا يختص -لو نتكلم بتدقيق- لفترة أخرى من تاريخ إسرائيل.

عندما أُقيمت خيام محلة إسرائيل في شطيم من هذا الجانب الشرقي للأردن مقابل أريحا، منتظرًا الإشارة لعبور الحد الفاصل، كانت فترة تيه بني إسرائيل قد انتهت فعليًا.

تم الانتهاء من ترجمة هذا الكتاب الجمعة 27 يونيه 2008 م الموافق نياحة أليشع النبي.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(196) Palmer’s Desert of the Exodus, Part 2., pp.517, etc.

(197) Desert of the Exodus, vol. 2 p. 523.

(198) Mr. Wilton’s Negeb, p. 47, etc.

(199) Kurtz, History of the Old Covenant, vol. 3. pp. 343, 344, English translation. 

(200) كل من ترجوم أورشليم ويوناثان يحتوي على إشارة إلى هذا.

(201) لا يمكننا هنا بالطبع أن نتقدم لوصف هذه المواقع كشرح للكتاب المقدس مهما كان الموضوع ممتع وشيق. ولأجل مزيد من المعلومات نحن نوجه القارئ بجانب أعمال الأستاذ روبنسون وكانون وليم والسيد والتون والأستاذ بالمر، أن يقرأ لكتاب كانون تراسترام "أرض موآب" وبالأخص شرحه لهذا الجزء من التاريخ.

(202) يوجد مبرر للافتراض أن عباريم أو معابر كان اسم عام للجبال التي تحد مقاطعة موآب.

(203) ليس أقل من ثلاثة من هذه الأناشيد مقتبسة في (عد21). لا يمكننا هنا أن نشير أكثر من هذا إلى تلك التآليف العميقة الأهمية. كذلك من المستحيل أن ندخل في تفاصيل جغرافية أوفى أو أن نقارن قائمة المحطات في (عد21) مع تلك التي في (تث2)، لكن انسجام في غاية الكمال يسود بينهما.

(204) هذه المناطق ومواقعها القديمة تم زيارتها مؤخرًا وقام بوصفها رحالة مثل كانون تراسترام والأستاذ بالمر وغيرهما.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/bible-history-edersheim-2/edom-fiery-serpent.html

تقصير الرابط:
tak.la/gxzwzt9