وهو اسم يطلق على عدد من الترجمات التفسيرية القديمة لأجزاء من العهد القديم إلي اللغة الأرامية.
كلمة ترجوم كلمة أرامية تعني "ترجمة" وقد ورد اصل الكلمة في القول: وكتابة الرسالة مكتوبة بالأرامية ومترجمة بالأرامية " (عز 4: 7). وقد وردت الكلمة الاكادية "ترجمانو" بمعنى "مُتَرْجَم" في ألواح تل العمارنة (حوالي 1400-1350 ق.م.) وقد حاول البعض بلا مبرر أن يرجعوا باشتقاقها إلى الأصل العبري "رجمو" بمعنى "يُرْجَم" أو "يُرْمَى بالحجارة". ومع أن كلمة "ترجوم" قد أطلقت أحيانًا على ترجمات أخرى مثل السبعينية، إلا أنها أصبحت بلا استثناء تطلق على مجموعة محددة من ترجمات العهد القديم إلى الأرامية.
ويصف الإصحاح الثامن من نحميا اجتماعًا عظيمًا انعقد في أورشليم قرا فيه عزرا ورفقاؤه " الشريعة" (التوراة) على الشعب الراجعين حديثا من السبي: "وقرأوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وأفهموهم القراءة" (نح 8: 8). وهنا يعترضنا السؤال: "لماذا استدعى الأمر في ذلك الوقت "تفسيرًا للمعنى وتفهيم القراءة" وعدم الاكتفاء بمجرد القراءة؟ هل حدث ذلك لأنه بمرور الأيام وتوالي الأحداث تغيرت اللغة العبرية تغيرا كافيا لان يجعل لغة " التوراة " لغة مهجورة بعض الشيء، أو في حاجة إلى تفسير وبخاصة بالنسبة للأجيال الجديدة من الشعب؟ أو هل لان الشعب كان في حاجة إلى توضيح أفكار وعبارات لم تعد مألوفة بعد السنين الطويلة التي قضوها في السبي، وأصبحت في حاجة إلى تفسير؟ أم حدث ذلك لان الكثيرين من الشعب قد اتخذوا من أرامية المحيطين بهم، لسانًا لهم، وأصبحوا في حاجة إلى أن تترجم لهم أقوال التوراة إلى الأرامية، لغتهم الجديدة؟
إلى عهد قريب كان إجماع العلماء ينعقد حول الافتراض الثالث، ولكن في السنوات الأخيرة حام التساؤل حول هذا الفرض، حين رأى بعض العلماء أن التحول إلى اللغة الأرامية لم يحدث إلا بعد ذلك. وعلى أي حال، لقد أصبحت الأرامية قبل عصر المسيح هي اللغة الشائعة في المجتمع اليهودي. وأصبح من المألوف في كل خدمة في المجمع في يوم السبت، عند قراءة جزء من الشريعة، أن تقرأ آية بالعبرية ثم يقوم شخص آخر بترجمتها مشافهة إلى الأرامية مع بعض التفسير لها.
ومع انه على مدى قرون طويلة، لم يروا انه من الجائز أن يقرا في خدمة المجمع سوى الأسفار المقدسة وحدها وان تترجم ارتجالا من الذاكرة، إلا انه بمرور السنين بدأت تلك الترجمات تأخذ صيغة ثابتة، ودونت هذه الترجمات إلى الأرامية ليستفيد بها الشعب في بيوتهم. وما جاء القرنان الثاني والثالث بعد الميلاد، حتى كان الكثير من المجامع قد تبنى عادة قراءة الترجمة في الخدمة. وقد انزعج بعض المعلمين اليهود لذلك واعتبروها بدعة.
وبمرور العصور بدا اليهود يتكلمون لغات مختلفة في المواقع المختلفة، كالعربية وغيرها، فبطلت قراءة الترجوم في الخدمات، ولكنه ظل يستخدم في التفسير.
حيث أن الأسفار الخمسة، كوحدة واحدة، كانت تقرأ بالتتابع في خدمات المجمع الأسبوعية، كان لترجوم الأسفار الخمسة أهمية خاصة، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وأفضل ترجوم لها معروف هو الترجوم المسمى ترجوم "أونكلوس"، وهو من أقدم الترجومات المدونة. ويرجع في أصله كمعظم الترجمات إلى فلسطين، ولكنه نقل إلى بابل حيث كانت توجد مراكز عظيمة لتعليم اليهود في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد. ولهجتها فلسطينية أساسا، ولكنها في مواضع كثيرة قد تحولت إلى اللهجة الأرامية لبلاد النهرين.
كما تغيرت النصوص في بعض المواضع أيضًا لتغير الظروف. وترجوم "أونكلوس" يبدو في مجموعه ترجمة حرفية أكثر من أي ترجوم آخر، وإن كان كثيرًا ما يكشف عن آراء معينة، كتفسيره المسياني لما جاء في (التكوين 49: 10) و(العدد 24: 17). وقد وصل إلينا عدد محترم من نسخ ترجوم "أونكلوس ".
أما الترجومات الأخرى للأسفار الخمسة، فأطول بصورة واضحة م ترجوم "أونكلوس" فأحد الترجومات الذي وصل إلينا ويكاد يكون كاملًا، ويطلق عليه اسم "ترجوم يوناثان المزيف" لأنه كان يظن في وقت من الأوقات أن الذي كتبه هو كاتب أفضل ترجوم معروف لأسفار الأنبياء.
كما وصلت إلينا مخطوطات أخرى تحتوي على أجزاء من ترجوم للشريعة، وعلى اعتبار أنها جزء من ترجوم لتقليد مختلف، للشريعة، وعلى اعتبار أنها جزء من ترجوم الفلسطينيين أو ترجوم أورشليم.
وأعلن بروفسورا أ. ديزماكو في 1956، أنه قد اكتشف رقا مسموحًا أعيدت الكتابة عليه، في متحف الفاتيكان يطلق عليه "ينوفيتى رقم 1" هو في حقيقته نسخة كاملة من ترجوم الفلسطينيين.
ينسب أفضل ترجوم معروف للأنبياء لـ"يوناثان بن عزيئيل" تلميذ المعلم اليهودي العظيم "هليل". وهو في مجموعه ترجمة جيدة إلى حد ما لأسفار الأنبياء، ولكنه يشتمل على كثير من الصيغ التوضيحية والعبارات الإضافية. ويظن أن هذا الترجوم قد نقل أيضًا مثل ترجوم أونكلوس إلى بابل حيث تعرض لبعض التنقيح.
وكمثال للصيغ التوضيحية في ترجوم يوناثان، ما جاء في (إشعياء 52: 13 - 53: 12) حيث يذكر "عبد الرب" باسم "المسيا"، ولكن كل الآيات التي تتكلم عن آلامه فيما عدا آية واحدة إما أسقطت أو فسرت بصورة تجعل هذه الآلام تنطبق على أمة إسرائيل أو أعدائها وليس على "عبد الرب" نفسه.
وهى أحدث الترجومات التي وصلت إلينا، ولعله كانت هناك ترجومات أقدم لهذه الأسفار، ولكنها لم تصل إلينا. فالتلمود يشير إلى ترجوم لسفر أيوب كان يستخدمه المعلمون اليهود في القرن الأول، وقد وجد جزء من هذا الترجوم في قمران.
وهناك ترجومات لجميع أسفار الكتاب، ما عدا عزرا ونحميا ودانيال، والسبب في ذلك واضح ومفهوم حيث أن عزرا (عز 4: 8؛ 6: 18؛ 7: 12-26) و(دانيال 2: 4؛ 7: 28) كُتِبَا أصلًا بالأرامية فلم تكن هناك حاجة إلى ترجمتهما.
لا أهمية مطلقًا للترجومات في تحقيق النصوص، حيث أنها في معظمها ترجمات توضيحية وليست ترجمات مباشرة. ولكن للترجومات أهميتها من جهة بعض التفسيرات اليهودية في القرون التي أعقبت زمن المسيح. ولكن يقلل من هذه الأهمية أن معظمهما يشتمل على إضافات كثيرة أو تغيرات حدثت في أزمنة متأخرة، فيحتوي الترجوم الفلسطيني مثلا على إشارة واضحة محددة إلى مدينة القسطنطينية التي لم تؤسس إلا في 325 م. كما أنه ينسب إلى إسماعيل زوجة وابنة بأسماء من القرن السابع الميلادي. ولكن أحيانًا يعطينا الترجوم المعنى الدقيق لكلمة عبرية نادرة كانت تستخدم في أوائل العصر المسيحي، وإن كان ذلك يستلزم حرصا شديدا
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gvxh8q9