* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِىِّ
الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
(1) المقدمة (ع 1-3)
(2) مخاطبة السبع كنائس (ع 4-8)
(3) حال يوحنا ودعوته للرؤيا (ع 9-11)
(4) شخص المتكلم (ع 12-20)
1 إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ، لِيُرِىَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ، وَبَيَّنَهُ، مُرْسِلًا بِيَدِ مَلاَكِهِ، لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا، 2 الَّذِى شَهِدَ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِكُلِّ مَا رَآهُ. 3 طُوبَى لِلَّذِى يَقْرَأُ، وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ.
ع1: إعلان:
رؤيا أو كشف لسرّ أو إظهار لإرادة الله.يسوع المسيح: أي أن الرب يسوع هو مصدر هذا الإعلان وليس غيره.
أعطاه الله إياه: الآب يحب البشر وأرسل ابنه لفدائهم، وهو له كل ما للآب كالإعلان للبشر ودينونتهم أيضًا.
عن قريب: ليس مقصودًا زمنًا بعينه كما فهم البعض؛ "فيوم واحد كألف سنة في عينيه" (2 بط3: 8).
بيد ملاكه: وهو وسيلة الإبلاغ، وفي الواقع هم أكثر من ملاك تبادلوا الإعلانات خلال السفر.
يبدأ القديس يوحنا في نقل رؤياه لنا بتأكيد أن ما رآه هو رؤيا نبوية رآها وهو مستيقظ وليس حلمًا أثناء نومه، ويؤكد أن مصدر هذه الرؤيا هو الرب يسوع وغرضها "أن يرى عبيده" أي أن يُبلِّغ الله إرادته لأبنائه الأحباء واستخدم الله أحد خدامه (الملائكة) لإبلاغ القديس يوحنا بهذا الإعلان.
ع2: الكلام هنا يعود كله على القديس يوحنا الذي شهد للمسيح بكرازته وإنجيله ورسائله الثلاث بالإضافة إلى ما رآه ودوَّنه في هذا السفر أيضًا.
ع3: طوبى: أي يا سعادة.
يحث القديس يوحنا ويشجع المؤمنين للقراءة والإستماع لمضمون هذه النبوة والتأمل وتذكر معانيها بحفظها في القلب والعمل بها، وفي تشجيعه يُذكِّر المؤمنين بما قاله سابقًا بأن الوقت قريب.
† ليتك تظهر للآخرين أهمية كلام الله في الكتاب المقدس وأهمية حضور الكنيسة والتمتع بتعاليمها وأسرارها، لأن زحام الحياة المادية يشغلهم عنها؛ وثق أنك عندما تشجع الآخرين تنتعش أنت أولًا وتتشجع ويزداد ارتباطك بالكنيسة.
4 يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ، مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِى كَانَ وَالَّذِى يَأْتِى، وَمِنَ السَّبْعَةِ الأَرْوَاحِ الَّتِي أَمَامَ عَرْشِهِ، 5 وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، 6 وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، آمِينَ.
7 هُوَذَا يَأْتِى مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ، آمِينَ. 8«أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ.» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِى كَانَ وَالَّذِى يَأْتِى، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ.
ع4: السبع كنائس: هي أشهر الكنائس التي أُنشِأَت واستقرت في ذلك الزمان في منطقة تركيا الحالية وسيأتي ذكرها بالتفصيل في الأصحاحات التالية، وترمز أيضًا للكنيسة كلها في كل زمان ومكان.
الكائن والذي كان: أُستُخدِمَ هذا التعبير لأول مرة في إعلان الله عن ذاته لموسى النبي في (خر3: 14) عندما قال "أهيه.. الذي أهيه" ولأن هذا التعبير يرمز للذات الإلهية فهو إعلان عن الله الآب.
السبعة أرواح: وهذا الإعلان من الروح القدس الواحد أيضًا، أما تعبير سبعة فلا يعني التعدد بل يعني كمال تنوع مواهب وعطايا الروح القدس.
يبدأ القديس يوحنا حديثه للسبعة كنائس بالتحية المسيحية المعتادة "النعمة والسلام" وهي طلبة وصلاة أكثر منها تحية، ويوضح أن مصدر كل نعمة وسلام هو الله الآب الأبدي الأزلي والروح القدس.
ع5: من يسوع المسيح: أي أنه مصدر للنعمة والسلام أيضًا كما الآب والروح القدس (أي الثالوث الأقدس كله).
الشاهد الأمين: أي بحياته على الأرض، كان المسيح شاهدًا للآب بأمانة (يو18: 37) وشهد بقيامته على لاهوته الذي لا يغلبه الموت.
البكر من الأموات: أي أول من أقام نفسه بنفسه وقيامته كانت بلا موت ثانٍ.
هذا العدد استكمال لما جاء في العدد السابق في أن المسيح هو مصدر النعمة والسلام، ولكن يوحنا يستطرد هنا في إبراز بعض صفات المسيح في أنه بحياته وموته وقيامته صار شاهدًا أمينًا لكل ما تكلم به عن نفسه وعن أبيه وعن الروح القدس. ومن صفاته أيضًا أنه فوق كل رياسة وسلطان (ملوك الأرض)، والذي عبَّر عن حبه، بتجسده وفدائه لنا بدمه الأقدس الذي فيه مغفرة خطايانا وننال قوته في أسرار الكنيسة التي أولها الغسل بماء المعمودية. وكلمة بكر أيضًا تعني أنه بكر لكل البشر الذين يدخلهم معه إلى الفردوس والملكوت فهو "بكر بين إخوة كثيرين" (رو8: 29).
ع6: وجعلنا -المسيح- ملوكًا روحيين نملك على إرادتنا التي كانت سابقًا مغلوبة، وكهنة نقدم له أنفسنا ذبائح حية مرضية أمامه بالجهاد في الوصية وتقديم ذبائح الصلاة والتسبيح أيضًا لله صاحب كل مجد وكرامة وسلطان.
†
ليتنا نراجع أنفسنا قبل كل تصرف، هل يصح أن يصدر هذا الأمر من ملك أو كاهن؟!
ع7:
مع السحاب: يرمز السحاب إلى مجد الله (مت24: 30)، وكذلك إلى مخافته (مز97: 2، 3)، ولهذا ففى القداس الإلهي عندما نتذكر مجيء السيد المسيح نقول عنه "المخوف المملوء مجدًا".كل عين: تعبير ينقلنا من حدود المكان المادي إلى المقاييس الروحية الغير مدركة للبشر، فمهما كان مكان الإنسان في الكرة الأرضية، سوف يرى هذا المجيء المهوب.
هنا إشارة إلى مجيء المسيح الثاني الذي ذكر في (أع1: 11) ووصف لحال منتظرى مجيئه، وهم فريقان ..
الأول: وهم الأبرار الذين تتعلق قلوبهم بمجيئه وتنتظره وسيكون مجيئه لهم هو سر سعادتهم وبداية ميراثهم الأبدي.
أما الفريق الثاني: هم الذين "طعنوه... وينوح" أي اليهود اللذين صلبوه وطعنوه ورفضوه، وكذلك كل العالم الذي لازال يرفضه أو صار مسيحيًا بالاسم، والنوح هنا هو تعبير عن الحزن والرهبة والندم الذي لا ينفع صاحبه في ذلك الوقت.
ع8:
من أقوى الآيات التي تثبت لاهوت المسيح ...الألف والياء: تشبيه جاء في صورة الكناية ويزداد وضوحًا في الجملة اللاحقة "البداية والنهاية" فكما أن لحروف اللغة حرف أول وأخير هكذا الله هو أول ومصدر كل شيء ونهاية وآخر كل شيء، فلا شيء قبله ولا شيء بعده، وهو ما نُعَبِّر عنه لاهوتيًا بأزلية وأبدية الله.
الكائن والذي كان: تعبير يدل على الذات الإلهية "أقنوم الآب" كما في (خر3: 14) عندما أعلن الله عن ذاته لموسى بنفس الكلمات، وهنا يستخدم نفس التعبير عن المسيح "الابن" أيضًا، لأنه قال بعد ذلك "الذي يأتي" وهو ما يخص المسيح فقط.
القادر على كل شيء: إثبات لاهوته بكونه الخالق وضابط الكل.
يوضح المتكلم أنه هو المسيح الأزلي الأبدي والذي تجسد في ملء الزمان والقادر على كل شيء أي هو الله.
† أخي الحبيب: إن مشهد مجيء المسيح الثاني لمشهد رهيب ومرهوب، جعله أباؤنا القديسون أمام أعينهم فاستقامت حياتهم، وتجاهله آخرون، فغُلِبوا من شهواتهم ولكل منهم مصير يختلف تمامًا عن الآخر. سؤال يا صديقى أوجّهه لنفسى معك ... أين نقف نحن؟
9 أَنَا يُوحَنَّا، أَخُوكُمْ وَشَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ، وَفِى مَلَكُوتِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَصَبْرِهِ. كُنْتُ فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي تُدْعَى بَطْمُسَ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 10 كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ، وَسَمِعْتُ وَرَائِى صَوْتًا عَظِيمًا كَصَوْتِ بُوقٍ، 11 قَائِلًا: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِى تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ، وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ.»
ع9: أنا يوحنا .. أخوكم: يعلن القديس يوحنا عن اسمه هنا وهو شيء ضرورى لكسب الثقة وتأكيد أنه مصدر كل أقواله الآتية، وأضاف كلمة أخوكم مع كونه من الرسل الاثنى عشر الأطهار في نوع من اتضاع الأب مع أبنائه عند تبسطه معهم.
شريككم في الضيقة: كانت الكنيسة قد بدأت رحلة آلامها بالاضطهاد الروماني واستشهاد الكثيرين أي كانت في ضيقة شديدة، وكان يوحنا في ضيقة من نوع آخر إذ تم نفيه إلى "جزيرة بطمس" اليونانية في عهد الإمبراطور "دومتيانس"، وأراد القديس أن يشعر أولاده بالمساندة القلبية لهم ويشجعهم، فهو يحتمل مثلهم الضيقة وليزيد من رجائهم يذكرهم أيضًا أنهم شركاء جميعًا في مجد "ملكوت يسوع المسيح".
من أجل شهادة: أي سبب هذه الضيقة هو شهادتنا وكرازتنا باسم المسيح ولهذا فالضيقة هي سبب فخرنا في الوقت نفسه.
يكرر كاتب السفر أنه يوحنا لأهمية معرفة مصدر كل كلمة تُذكَر فيه، ويوضح أيضًا أنه يشارك الكنيسة في زمانه وفي كل زمان في الضيقات التي تمر بها، إذ كان منفيًا في جزيرة بطمس من أجل المسيح.
ع10: كنت في الروح: وهي الحالة التي تلقّى فيها القديس يوحنا الرؤيا وتشابه ما أعلنه بولس في (2 كو12: 2) عن رؤياه أيضًا وما أعلنه بطرس كذلك في (أع10: 10)، وهي حالة فوق كل حس مادي معروف إذ يخضع فيها الإنسان بالكلية للروح القدس فيكون كما في غيبة فيرى ويسمع ما لا يراه ويسمعه سواه
يوم الرب: أي حدث هذا يوم أحد. وبدأ كل شيء عندما سمع صوتًا قويًا كصوت البوق آتيا من خلفه، والبوق يعني الإنذار أو التحذير من خطر مقبل..
يبين القديس يوحنا أن الرؤيا كانت في يوم الأحد وكان في حالة روحية كأنه متغيب عما حوله من ماديات رغم أنه مستيقظ، وسمع صوتًا قويًا ينبهه كصوت البوق.
ع11: أنا هو الألف والياء: بدأ صاحب الصوت بتعريف نفسه ليوحنا بأحد صفاته التي تظهر لاهوته وهي الأزلية والأبدية (راجع شرح ع8).
الذي تراه... أكتب: بعد التعريف أتى الأمر المباشر من صاحب الصوت - الله الابن- إلى القديس يوحنا في تكليف محدد بأن يكتب كل ما سوف يراه في كتاب ويرسل هذا الكتاب إلى السبع كنائس والتي سبق ذكرها في (ع4) وإن كان هنا أضاف صاحب الصوت أسماءها والتي سوف يأتي الحديث عنها بالتفصيل في الأصحاحين التاليين (رؤ 2، 3).
أعلن صاحب الصوت أنه هو الله وأمره أن يكتب كل ما يراه ويرسله إلى كنائس آسيا الصغرى السبعة.
† إذا كنت غافلا عن بعض الأمور الضرورية لخلاصك وألقيتها وراء ظهرك ثم نبهك الله إليها عن طريق أحد المحيطين بك، مثل الكلام عن الصلاة أو الصوم أو الصدقة، فلا تهمل الكلام لأنه كلام الله مرسل إليك شخصيًا وحدِّد سريعًا ما ستبدأ به.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
12 فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِى. وَلَمَّا الْتَفَتُّ، رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ، 13 وَفِى وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلًا بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقًا عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. 14 وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. 15 وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِى، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 16 وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ، وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِىَ تُضِىءُ فِي قُوَّتِهَا. 17 فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَىَّ، قَائِلًا لِى: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، 18 وَالْحَىُّ وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَىٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، آمِينَ. وَلِى مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ. 19 فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَذَا. 20 سِرَّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِى، وَالسَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا، هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ.
ع12: التفت يوحنا الرسول إلى الخلف نحو مصدر صوت المتحدث فرأى سبع مناير من ذهب، والمنارة الذهب كانت معروفة لليهود إذ كانت من مشتملات خيمة الاجتماع وأمر الله بصنعها لتضيء القدس (خر25: 31)، ولكن هنا يوضح لنا القديس يوحنا أنها ترمز للكنائس السبع (ع20)، فالكنيسة في نظر الله هي المنارة التي تضئ للعالم في ظلامه، وهي من ذهب لأنه يرمز لنقاوة المؤمنين الذين هم جسد المسيح نفسه، والذهب يرمز أيضًا للمُلك أي سلطان الكنيسة على العالم.
ع13: يصف يوحنا المسيح الذي ظهر له ويسرد في هذا العدد والأعداد التالية صفاته وهي:
1- ابن إنسان: لقب أطلقه المسيح على نفسه أثناء تجسده وهو لقب يدل على ناسوته الكامل، يلاحظ أيضًا أن دانيال في رؤياه للمسيح ذكر هذا اللقب ذاته (دا7: 13).
2- متسربلا بثوب إلى الرجلين: كثياب رئيس الكهنة وهي ثاني صفة يقدمها لنا يوحنا للمسيح في رؤياه، فهو أولًا ابن الإنسان المتجسد وثانيًا رئيس كهنتنا (عب5: 5)، أما المنطقة الذهب فتشير إلى ملكه وسلطانه الدائم.
ع14: يستمر القديس يوحنا في وصف منظر المسيح، ويُلاحظ هنا أن هيئة المسيح تخالف شكله المعتاد لنا والراسخ في أذهاننا أثناء تجسده، لأن التركيز هنا على صفاته ولاهوته بالأكثر.
3- رأسه وشعره فأبيضان: اللون الأبيض دائمًا يرمز للطهارة والنقاء والقداسة، وعندما يوصف الشعر بالبياض فهو إشارة إلى حكمة الشيوخ ويرمز أيضًا لقدم وأزلية المسيح.
4- عيناه كلهيب نار: أي نفاذ بصيرته فهو وحده العالم بخفايا قلوب الناس وفاحصها، وتعنى أيضًا عدل الله وحزمه وعدم تهاونه مع الخطية أو الأشرار.
ع15:
5- رجلاه شبه النحاس النقى: ذكر دانيال في رؤياه "رجلاه نحاس مصقول" (دا10: 6) والنحاس النقى أو المصقول هو نحاس أضيف له القليل من الذهب أو الفضة لتزيده لمعانًا، فرجلاه يشيران إلى القوة والصلابة واتحاد اللاهوت بالناسوت في طبيعة المسيح الواحدة.
وكذلك يمكن القول أن كلمة رجلاه تمثلان صفتى العدل والرحمة في حكم الله ودينونته للبشرية.
6- صوته كصوت مياه كثيرة: أي صوته عميق مرهوب وهو كالمياه التي تحمل الخير والخصب والبركات لكل من تصل إليه.
ع16:
7- يده اليمنى: ترمز للقوة والرعاية والقيادة.
السبعة كواكب: أي السبعة أساقفة المسئولون عن الكنائس السبع .. (ع20).
8- سيف .. ذو حدين: أي كلماته الخارجة من فمه ولها قوة السيف النافذ إلى أعماق النفس والروح (عب4: 12). والحدان يرمزان أيضًا للعهد القديم والجديد.
يستكمل القديس يوحنا وصف السيد فيراه ممسكًا بالسبعة أساقفة في يمينه إظهارًا لسلطانه وقوته عليهم من جهة، وتمتعهم بحمايته وإرشاده من جهة أخرى. ويمكن القول أيضًا أنهم أدوات في يد الله لإعلان مشيئته وإرادته للكنيسة.
وكلماته حاسمة ونافذة سواء كانت في العهد القديم أو العهد الجديد (حدى السيف).
9- وجهه المضيء كالشمس: فيرمز إلى جمال وبهاء وجهه وإلى مجد لاهوته الذي لا يدنى منه.
ع17: من شدة بهاء وجمال وعظمة المنظر الذي لا يُعَبَّر عنه سقط يوحنا خائفًا -كميت- عند الرجلين ولكن المسيح في حنانه لمسه بيده الطاهرة، وبصوته الهادئ المطمئن شجعه قائلًا لا تخف؛ ثم يعلن المسيح عن لاهوته بقوله "الأول والآخر" أي أنا الإله الأزلي الأبدي كما جاء في ع8.
† إلهي الحبيب: كم كان رهيبًا وعجيبًا وسمائيًا هذا الذي رآه القديس يوحنا حتى سقط كميت وهكذا شاركه كل من إشعياء وحزقيال عندما شاهدوك في رؤياهم (إش6: 5)، (حز10) ولكنى أشتكى نفسي إليك يا سيدى فلازلت لا أشعر بمهابتك ومخافتك عندما أقف أمامك، فكثيرًا ما يغلبنى الكسل والتراخى في صلاتى لأنى أنسى مجد من أقف أمامه... أرجوك يا إلهي إغفر لى واغرس مخافتك في لحمى وفي قلبى.
ع18: يعلن المسيح عن نفسه بوضوح أكثر ليوحنا ولنا نحن أيضًا فيقول عن نفسه:
الحى: تأتي في زمن الإستمرار، أي كنت حيًا ولا زلت حيًا ومصدر الحياة ومانحها ويلاحظ أن هذا اللقب من صفات الله ذاته (مت16: 16، رو9: 26).
كنت ميتًا: أي جزت الموت وذقته بالجسد، وهذا ما يعلمه يوحنا جيدًا عن شخص المسيح.
إلى الأبد: تأكيد على أبدية الله.
لى مفاتيح الهاوية والموت: الهاوية هي مكان انتظار الأشرار بعد موتهم (الجحيم)، والمفاتيح تعني سلطان المسيح المطلق على هذه النفوس وعلى المكان نفسه، ويمكن أن نفهم قول المسيح هنا بجانب إعلان سلطانه، أنه يشجع أبناءه ويبعد عنهم شبح الخوف من الجحيم إذ انتصر وفتح أبوابه مرة وأخرج كل النفوس التي كانت تنتظر فداءه، وبالتالي تعتبر هذه الآية من أقوى الآيات التي تعبر عن لاهوت المسيح وتثبته بلا أدنى شك، فهو الأزلي الأبدي (ع17) وكان متجسدًا ومات وقام وله سلطان على الهاوية كما سبق وشرحنا، وهي أمور لا يمكن أن تنطبق إلاّ على الله وحده...، فالمسيح هو إذًا الله ذاته.
ع19: أكتب ما رأيت: أي ما رآه يوحنا من بدء الإعلان وصفات المسيح في الأصحاح الأول.
وما هو كائن: في الزمن الحاضر وهي الأحداث المتعلقة بالسبعة كنائس وتشغل الأصحاحين الثاني والثالث.
وما هو عتيد أن يكون: أي النبوات التالية والمستقبلية والتي ستحدث على مر الأزمان حتى النهاية والأبدية وتشغل من الأصحاح الرابع حتى نهاية السفر.
ع20: في نهاية الأصحاح يوضح القديس يوحنا ما لا يستطيع الإنسان إدراكه بمفرده فيوضح لنا أن السبعة كواكب هي أساقفة السبع كنائس وأن المناير السبع هي السبع كنائس نفسها.
ملاك: إستخدم الوحى الإلهي كلمة ملاك للتعبير عن أساقفة الكنائس. وكلمة ملاك في أصلها ومعناها هي الخادم المرسل من قبل الله لإبلاغ رسالة للبشر ... وهكذا نتعلم أن الله يصف وكلاء أسراره بالملائكة لجلال وأهمية عمل الكهنوت في كنيسته.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
مقدمة سفر الرؤيا |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/apocalypse/chapter-01.html
تقصير الرابط:
tak.la/2dkv272