يعلل القديس بولس ضرورة افتداء الوقت بأن الأيام شريرة، هناك أعداءً كثيرين يتربصون به، وهُوى عديدة تحيط بالناس من كل جانب، فإن لم ينتبه الإنسان ويعي جيدًا ما يدور من حوله، فسوف يُبتلع بسهولة داخل هذا الخضم من الشرور.
لأن الأيام شريرة؟
لست أعلم إن كانت الأيام هي التي تزداد شرا مع الوقت، وينحدر الزمن من رديء إلى أردأ، أم أن الإنسان هو الذي يعتق في الشرور؟ هل تحوّل الناس إلى أشرار بسبب أن العالم شرير، أم أن العالم قد أصبح شريرًا بسبب شرور الناس؟ تلك الشرور التي بدأت مبكرًا جدًا مع العائلة البشرية الأولى! لقد قال الله لآدم عقب السقوط: "ملعونة الأرض بسببك" (تكوين17:3) وإشـارة أخرى ترد في بدايات سفر ، تبعث على الألم والأسف: "ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسَّف في قلبه" (تكوين 6: 5، 6). التكوين
وفي فجر العهد الجديد يشير القديس بولس إلى الفساد المستشري آنذاك "لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة .." (عب12: 1) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). فمنذ البدايات والخطية تُعرض نفسها ما بين النجاسة بشتى صورها، والفساد والبحث عن مظاهر اللذة بكافة الطرق، والعنف والمقاتلة. وإلى سبعة عشر من أشكال الخطية يشير القديس بولس قائلًا: " وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى. عهارة. نجاسة. دعارة. عبادة الأوثان. سحر. عداوة. خصام. غيرة. سخط. تحزب. شقاق. بدعة. حسد. قتل. سكر. بطر. وأمثال هذه التي أسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضا أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غلاطية 5: 19- 21).
وهي شريرة أيضًا: بسبب المفاجآت التي تصدم آذاننا وعيوننا ومشاعرنا كل يوم، من أخبار مؤلمة وحوادث مرعبة لم نكن نتوقعها، ولم نتقابل معها إلاّ من خلال القصص الخيالية والبوليسية لألفريد هتشكوك أو أجاثا كريستي وغيرهم.. الجرائم الغريبة التي نسمع عنها الآن مثل قتل الآباء والأمهات لأطفالهم، وقتل الأبناء والبنات لآبائهم. التلاميذ لمعلميهم والمعلمون لتلاميذهم؟ وحيث ينتشر الفساد والمخدرات، والمواقع الرديئة مجهولة المصدر على شبكة الانترنت... إلخ. حتى أصبح الواقع اليومي للشرّ والجريمة أكثر إثارة للرعب والاستياء من الأفلام وقصص الجيب! وحتى أصبحت عناوينًا تقليدية في الصحف، وأخبارًا لا يتوقف عندها الناس دائمًا بسبب كثرتها!
ومما يجعل الأيام شريرة أيضًا: المفاهيم التي تختلط مع الوقت، ما بين الخطية والخطأ من جهة، وبين الخطأ والسلوك العادي من جهة أخرى. ولأن العالم وُضِعَ في الشرير "نعلم أننا نحن من الله والعالم كله قد وُضِعَ في الشرير" (1يو19:5). ولأن الشيطان هو رئيس هذا العالم، وهو شرير وكذَّاب وأبو الكذاب ومنه تنبع الشرور، وهو يشتكي على أولاد الله ويزرع الخصومات بين الناس، يهيج الأشرار على الأبرار، بينما يشكك الأبرار ويخيفهم. "إنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب" (يو 44:8).
إنها حياة مشوبة بالنقص وعدم الكمال وعدم الثبات، وكل من يرغب في ضمان مستقبله عليه التمسك بالبر والالتصاق بالمسيح، وليس بهذا العالم الشرير غير الكامل. "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو2:3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q8rcsn2