سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
ياه! يبدو أنك في قلبك الكثير والكثير!
أولًا، نشكرك على رسالتك وتصفحك لموقع الأنبا تكلاهيمانوت(*).. ولكن الغريب في الرسالة هو التناقض في العرض والنتيجة! أقصد أنه يتضح من كلامك أنك تعرف أمورًا عن المسيحية أكثر من المسلم العادي، ولكن في تحليلك للموقف ولنتائج عرضك يتضح العكس تمامًا؛ عدم المعرفة بالمسيحية على الإطلاق! لا من قريب ولا من بعيد! كأن شخصًا يقرأ عناوين فصول أحد الكتب، ثم يقوم هو بتحليل ما في داخل الكتاب بناءً على العناوين التي قرأها!!
يبدو أم السائل العزيز متأثرًا بصورة كبيرة برواية عزازيل للدكتور يوسف زيدان، ولمقالاته عامة.. برغم من اعتراف الدكتور صراحة بالصوت والصورة أن رواية عزازيل هي قصة مؤلفة من الألف إلى الياء، وليست رواية تاريخية كما ادعى.. وقد وضعنا في موقع الأنبا تكلا تسجيلًا للقاء معه في برنامج العاشرة مساءً للإعلامية منى الشاذلي يعترف فيه بهذا الأمر (ستجده في أسفل المقال).. وتأثر السائل بهذه المقالات الغير علمية والغير تاريخية يتضح في نقاط مثل موضوع حرق الأناجيل الغير قانونية وغيره..
قبل كل شيء، ينبغي أن نتفق على المراجع.. فلا تلقي كلامًا في الهواء بدون مرجع موثق.. فأي جملة ذكرتها غير سليمة وتحتاج إلى مرجع، ينبغي عليك أنت إحضاره أو البحث عنه.. لأنه ببساطة لا يوجد! أما عن جوانب الصحة الموجودة في الرسالة، فسوف نوضحها، ونوضح الرأي المسيحي فيها، مع روابط متنوعة من موقع الأنبا تكلاهيمانوت من مقالات وأبحاث وكتب منشورة وغيره.. وكلٍ منها به مراجعه ومصادر للاستزادة..
النقطة الثانية: مع مَنْ تتحدث، وعن مَنْ.. أقصد لا تحدثني عما فعلت الكنيسة الغربية من أخطاء وخلافه، فأنا عندما أتحدث معك كمسلم، أتحدث معك بناءً على طائفة الإسلام التي تتبعها، وهي السنة مثلًا.. ولا أعرض عليك أمورًا في عقيدة أو تاريخ الشيعة، ولا البهائيين الذين لهم جذور من الإسلام، أو حتى القرآنيين الذين يرفضون الأحاديث والسنة ويقبلون فقط القرآن (مثل طائفة الإنجيليين البروتستانت في المسيحية)..
ولنعرض الآن ما جاء في رسالتك واحدة فواحدة:
تحدثت عن "النتائج السرية لمجمعي نيقية وخلقيدونية": ما هو المرجع الذي تعتمد عليه في وجود نتائج سرية لهذه المجامع؟ وما هو مصدرك في هذا الكلام؟! أدعوك لتصفح قسم المجامع الكنسية المسكونية لتدرس الأمر أولًا قبل ادعاء أمور غير سليمة..
ربما كنت تقصد مثلًا جلسات سرية في مجمع خلقيدونية، وإن كان هذا صحيحًا، فقد اختلط عليك الأمر في اللغة بين كلمة "نتائج" وكلمة "جلسات".. فإن كنت تقصد الجلسات.. فكلامك يكون صحيح في العرض، ولكن ليس في أسلوب العرض كأن هناك أمر مُخفى! ففي مجمع خلقيدونية سنة 451 م. كانت هناك جلسات سرية غير قانونية.. والكنيسة الأرثوذكسية وكنائس أخرى كثيرة رفضت مجمع خلقيدونية Council of Chalcedon هذا، بسبب التعاليم الغريبة التي نادى بها.. أما مجمع نيقية سنة 325 م.، فهو مجمع مُعترف به.. وتستطيع الضغط على الرابط السابق للمزيد عنه..
"كيف تم الاتفاق علي علي حرق كل النسخ التي تدعون انها غنوصية": لم تُحْضِر مرجع كلامك. احضر المراجع المُعترف بها أولًا، ثم ندرس معًا حقيقة الأمر وظروفه، والقائمين به، وكل ما يتعلق به.. أما كلام في الهواء بدون مصادر ومراجع، فهذا أمر غير سليم unprofessional!
"الاتفاق علي اربعة منها فقط هي المتداولة اليوم": هناك بالفعل كتب منحولة وغير مُعترف بها لأن تتعارض مع كتاب الله الشريف.. للمزيد حول هذا الأمر أدعوك لقراءة هذه الكتب للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير، وبها أكثر من مقال حول الكتب الأبوكريفية وغيرها: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟ - كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح ردًا على كتاب شفرة دافنشي، وخاصة الفصل الخامس والسادس والسابع: كيف قبلت الأناجيل القانونية ولماذا رفضت الكتب الأبوكريفية؟ - ما جاء بالكتب الغنوسية والفكر الغنوسي وموقف الكنيسة منها - الكتب الابوكريفيه ولاهوت المسيح..
ثم تسأل عن إنجيل يهوذا، فهل أنت تؤمن بإنجيل يهوذا؟! أمر غريب حقًا أن توافق على نقطة واحدة في كتاب، بالرغم من أنه يتعارض في أكثر من كتابك القرآن الكريم!! تذكرني ببعض البسطاء الذين كانوا يهللون عن جهل لكتاب إنجيل برنابا، ليكتشفوا بعض قراءته أنه ضد القرآن نفسه قبل أن يكون ضد كتاب الله المقدس! حول هذه النقطة، برجاء قراءة: كتاب إنجيل يهوذا، هل يؤثر اكتشافه على المسيحية؟!
أما عن موضوع صلب المسيح، فكيف أكذب مصادر معاصرة للسيد المسيح، وأكثر من مصدر، ومصادر دينية في الكتاب المقدس، ومصادر علمانية لمؤرخين رومان ويهود وغيرهم، وأصدق شخص واحد، من مصدر واحد، ولم يعاصر الحدث، وقد أتى بكلام يتعارض مع كلام الله بأكثر من ستة قرون؟! حول هذه النقطة برجاء تصفح الروابط الموجودة في سؤال حول آية قرآنية تقول "وما صلبوه". فأنت مصدرك هو شخص محمد رسول الإسلام، أما نحن فلنا مصادر وشخصيات متعددة من كتاب الإنجيل الكريم بالوحي (متى، مرقس، لوقا، يوحنا)، بخلاف الوثائق التاريخية الرومانية واليهودية.. واخبرنا إن أردت أن نقوم بعرض هذه المصادر هنا في موقع الأنبا تكلا وإحضار كافة أسماء المراجع لك إن لم تستطع الحصول عليها..
تسأل بتهكم: "اين هي النسخ ال 24000 مخطوطة للعهد الجديد هل تم إحراقها هي الاخري ام في طريقها الي محرقة هتلر": أولًا، أسلوب الحوار ينبغي أن يكون أسلوبًا متحضرًا لائقًا، هكذا علمنا الله في الكتاب المقدس.. هذه المخطوطات العديدة ليست مخطوطات كاملة بل أجزاء من العهد الجديد لنوضح الحقيقة كاملة.. وجميعها موجودة.. فهناك أكثر من 5800 مخطوطة كاملة أو متهالكة للعهد الجديد باللغة اليونانية، و10000 مخطوطة باللغة اللاتينية، و9300 مخطوطة بمختلفة اللغات القديمة مثل اللغة السريانية - اللغة السلافية - اللغة القوطية Gothic - اللغة الأرمينية - اللغة الجعزية (الحبشية Ge'ez) - بخلاف بالطبع مخطوطات باللغة القبطية.. ومادمت في مصر تستطيع مشاهدة بعض النسخ بنفسك في المتحف القبطي في مصر القديمة بالقاهرة..
أسئلتك هذه عن الأناجيل والمخطوطات توضح أنك وإن كنت تبحث في المسيحية، فلم تبحث في الإسلام نفسه! ليس لنا علاقة بهذا الأمر، ولكن يجب عليك أن تبحث في موضوعات هامة مثل: وقت تجميع القرآن، كيفية تجميع القرآن، موت بعض حفظة القرآن قبل تجميعه، إتلاف بعد الأصول، مصحف أبو بكر، مصحف عثمان، هل كان هناك حرق لبعض نسخ القرآن في العصور الأولى للإسلام أم ماذا، السبعة مصاحف.. كل هذه أبحاث تقوم بعملها بنفسك ولنفسك.. وربما يفيدك كذلك "كتاب المصاحف للسجستاني" عنها وعن الاختلافات بها.. إلخ.
تسأل عن كروية الأرض، ثم تعرض جملة أتت بعد قرونٍ عدة من الكتاب المقدس تقول: "وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا" (سورة النازعات 30، 31). فهل قرأت كتاب الله في قوله قبل ذلك بقرونٍ طوال: "الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ" (سفر إشعياء 40: 22).. برجاء تصفح قسم الكتاب المقدس والعلم الحديث هنا في موقع الأنبا تكلا.
سؤالك عن "الكواكب السبعة" هو أمر مماثل بالضبط لمن يقولون أن القرآن يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ" (سورة النساء 43)! هل فكرت يا أخي العزيز أن تقوم بفتح الكتاب المقدس، سواء إن كان لديك في البيت أو موقع الإنجيل لتقف بنفسك على حقيقة الأمر، لتفهم الموضوع قبل أن تسأل أسئلة تُظْهِر أن السائل لا يتبع الأسس السليمة في البحث؟! إن الرد على هذا موجود في نفس الأصحاح! وبعده ببضعة آيات قليلة!! ها هو الرد: "سِرَّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي، وَالسَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ»." (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 1: 20). إن هذه الكواكب يا عزيزي هي رموز.. والأهم من ذلك أنها ليست رموزًا فقط، بل رموزًا مشروحة!! فالكلام لا علاقة له بالكواكب والنجوم والسماء من الأساس، مما يهدم تحليلاتك وأبحاثك وإثباتاتك التي تحاول بها هدم كلمة الله عن غير حق! للمزيد أدعوك لتصفح تفاسير سفر الرؤيا في الموقع.
هناك أسئلة تأتينا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت نُقَدِّر سائِلها جدًا، ونحترم أسلوبه في الحوار والعرض والبحث.. وهناك أسئلة توضح أن السائل يتصيد الأخطاء، ويحاول أن يرى أشياءً غير موجودة من الأصل، وهذا يُسيء للسائل بدلًا من أنه هو الذي يحاول الإساءة للعقيدة القويمة..
ثم تسأل سؤالًا عجيبًا: "ومن متي وكتابكم المقدس يحتوي علي العهد القديم". والإجابة هي أن الكتاب المقدس هو قسمين "العهد القديم"، و"العهد الجديد". وهو كتابًا واحدًا.. وهو دائمًا من اليوم الأول للمسيحية وهو كتابًا واحدًا.. ولكني سألتمس لك العذر في هذا الأمر، فربما بسبب أنك تحاول تصيُّد الأخطاء بدون بحث حيادي، فهذا يجعلك تقع في أخطاء بسيطة غير مناسبة.. فدور النشر تقوم أحيانًا بطباعة أحد الأناجيل الأربعة في نبذة صغيرة، أو العهد الجديد منفصلًا، أو سفر المزامير منفصلًا.. وهكذا.. فربما رأيت أنت هذا، وقمت ببناء تحليلات غير سليمة على الأمر.. وللتبسيط أكثر، فالموضوع مشابه لما نراه مثلًا في أحد المحال من قيام صاحب المحل بتعليق نص إحدى سور القرآن، أو طباعة نبذة بها إحدى السور.. إلخ. ثم ما علاقة البابا شنوده بطباعة الكتاب المقدس وأنه هو الذي وضع العهد القديم معه؟! تستطيع تشريفنا في المكتبة الاستعارية بكنيسة الأنبا تكلاهيمانوت بالإسكندرية لترى بنفسك نسخًا من الكتاب المقدس مطبوعة قبل 100 أو 150 عامًا من نهايات القرن التاسع عشر! وهي نسخًا كاملة لا علاقة لها بما تخيلت..!
ثم تستمر في التحليلات التي لا مصدر لها سوى عقلك، عن اليهود والبابا شنوده وبولس الرسول.. فمن جانب نحن نحب الجميع، ولا ننفر من أحدًا، حتى وإن كان لاديني أو ملحد.. "اللهَ مَحَبَّةٌ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8، 16). وقد علَّمنا الله محبة كل الناس، حتى مَنْ يُعادونا: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (إنجيل متى 5: 44؛ إنجيل لوقا 6: 27). وهناك فرق كبير بين الرأي السياسي والرأي الديني.. فنحن ضد ما تقوم به إسرائيل من تجاوزات في حق أخوتنا الفلسطينيين، بنفس القدر الذي نحن به ضد ما يفعل المسلمون بعضهم ببعض سنة وشيعة في العراق وغيره من قتل ودمار، بنفس القدر الذي به نحن ضد أي تجاوز لحقوق الإنسان، بغض النظر عن جنسه أو دينه أو توجهه العقيدي أو الطائفي أو غيره..
وما تراه في تحليلك أن بولس الرسول ضد اليهودية، هو أيضًا من ذاتك وليس من الواقع.. فبالتأكيد أنت لم تدرس رسائل بولس الرسول لتستطيع أن تجمع رأيًا متكاملًا غير مُقتطَع حسبما ترى يفيد غرضك.. فالرسول بولس الذي تتحدث عنه هذا هو نفسه القائل عن اليهود: "لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 1: 16)، "لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالْيُونَانِيِّ، لأَنَّ رَبًّا وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، غَنِيًّا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 10: 12)، "كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ." (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 32)، "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 28).. كل هذا وغيره يتحدث عن إيمان اليهود، والدعوة لهم، ومحبتهم، وكونهم متساوون مع المؤمنين في إيمانهم المسيحي، إلى غير ذلك..
تحدثت عن الخمر، وربطت بينها وبين سر التناول.. ولا علاقة بين هذا وذلك.. اضغط على الروابط السابقة لتعرف الفرق بينهما.. ولا علاقة أيضًا بهذه الموضوعات بالكأس التي تحدث عنها السيد المسيح في بستان جثسيماني! اقرأ التفسير يا أخي في هذه الآية لترى بنفسك..
قلت: وجعل بولس "المسيح ملعونا لأجلكم برفعه علي الصليب" مع ان العهد القديم قال "ان المعلق علي خشبة نجس ملعون": تضع الآن نصوصًا من عندك، بدلًا من وضعها كما هي، كما نفعل نحن في موقع الأنبا تكلا هذا بوضع نصوص الآيات القرآنية كما هي، بل وبالتشكيل.. الآيتان هما: "فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ" (سفر التثنية 21: 23)، "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»." (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 13). في هذه النقطة، لم توضح ما هو التناقض فيها؟! أو ما هي مشكلتك فيها؟ ربما أردت أن تتحدث عن نقطة الصليب نفسه، وبسبب اقتطاعك للآيات رأيت فيها تناقضًا غير موجود.. فالآيتان متفقتان..
أما عن موضوع فلك نوح، فلا تعتمد في مصادرك على المصادر العربية المترجمة، بل ابحث في المصادر الأصلية.. وإن كان مصدرك هو موسوعة ويكيبيديا Wikipedia، فهي في أحيانٍ كثيرة مجرد موسوعة إسلامية غير حيادية وغير موثقة بالمراجع والمصادر وغير كاملة.. إذا قرأت مثلًا الجزء الخاص بهذا الموضوع في الموسوعة بالعربية، ستجد تناقضات كوميدية بينه وبين النسخة الإنجليزية الحيادية الموثقة بالمصادر والمراجع، فترى تأكيدات في الموسوعة العربية لأحداث، هي غير مؤكدة على الإطلاق في الموسوعة الأصلية.. ربما نقوم بعمل بحث عن هذا الموضوع ونشره هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت حول هذا الأمر إذا رأينا حاجة له..
موضوع ظهورات السيدة العذراء مريم موجود وموثق في كل أنحاء العالم وليس في مصر فقط.. وقد شاهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر الظهورات بنفسه في الستينيات من القرن الحادي والعشرين في ظهور السيدة العذراء بالزيتون.. وغير مرتبط بزمن ولا بوقت ليل أو نهار كما تدعي بدون دراسة.. وحدث في فترات كثيرة قبل التكنولوجيا وقبل كل ما تظنه.. وهذه المرأة التي تتحدث عنها هي أعظم نساء العالمين وأعظم من أم المؤمنين في الإسلام وأعظم من أمهات أنبياء الإسلام، وذلك بشهادة القرآن نفسه: "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (سورة آل عمران 42).
ثم عرجت على موضوع الطوائف المسيحية، وقد تحدثنا عنه كثيرًا في الموقع.. نحن كمسيحيين يجب علينا أن نوضح إيماننا وعقائدنا، ونرفض العقائد الغير سليمة، والتي يحاول البعض ابتداعها.. بنفس المنطق الذي ترفض فيه أنت كسُنّي مسلم كثير من عقائد الشيعة أو القرآنيين أو غيرهم.. وما تتحدث عنه من موضوع الخلاص والعدل وخلافه له علاقة بالتوبة.. فليس معنى قول السيد المسيح «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» (إنجيل متى 15: 24) جميع بني إسرائيل مُخَلَّصون.. بل العِبرة بالإيمان.. فإن قبل الناس كلام الله حسنًا، وإن لم يقبلوا فهذه حرية شخصية، والثواب يكون للمؤمن وليس لرافض الإيمان بالمنطق!
وعن موضوع اليهود والأمم، اضغط على الروابط لمعرفة المزيد عن كلٍ منهما، وقبول المسيح للجميع.. والسيد المسيح نفسه الذي قال هذا قال أيضًا: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (إنجيل مرقس 16: 15). بل الأعجب من هذا كعادة السائل العزيز أنه يهدم تحليلاته بنفسه! فإن الموقف الذي تحدث عنه وقال فيه السيد المسيح هذا لامرأة غير يهودية، قال لها في نهاية الحوار في نفس الأصحاح: "يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ" (إنجيل متى 15: 28).
تحدثت عن موضوع الليزر، ووضعت اسمًا (قمنا بمسح الاسم لأن السائل العزيز يتهم أحد الأشخاص بالاسم)، فما هو مصدرك لهذا الكلام؟ وثانيًا هل قمت بدراسة موضوع الليزر هذا وحدوده وإمكانياته؟ وإن كان ما تقوله صحيحًا، فربما يكون الشخص الذي تتحدث عنه يتحدث عن إمكانيات الليزر.. وهل قام أحد الأخوة غير المسيحيين بعمل هذه التجربة ونجحت؟! والأعجب من هذا كله، أن الأجانب الملحدين أو البروتستانت الذين يشككون في هذه الظهورات بالخارج، لم يستخدم أحد منهم حجة الليزر Laser هذه على الإطلاق، بالرغم من التطور التكنولوجي الأكبر لديهم في الخارج! ولكن نحن بسبب بساطة عقولنا ومحدودية معرفتنا، نتشبَّث بأمور ساذجة...
ومن أسباب تهليلك لنتيجة الليزر هذه كلامك أن كل الظهورات ليلًا! وهذا أيضًا غير سليم.. فهناك ظهورات كانت في أوقات النور على مدار اليوم وفي الصباح، من ضمنها ظهور السيدة العذراء في الزيتون في مصر سنة 1968. كانت هناك ظهورات على مدار اليوم، صباحًا ومساء.. وفي أوقات متفرقة..
ثم في سلسلة التناقضات التي يضعها الباحث المسلم العزيز في رسالته فيقول: "كفاكم ادعاء بانكم اهل الحق فما انتم الا اهل الضلال وقد كنتم أهل الحق بشهادة القرآن كما ذكر كتيب البابا شنودة ولكنكم ضللتم بعد هذين المجمعين اللذان استفسر عنهما منكم". فمن جانب، يعترف السائل العزيز أن المسيحية كانت على حق في بداية الإسلام بشهادة القرآن، والقرآن كُتِب في القرن السادس الميلادي، ثم يعطي التناقض العجيب "ضللتم بعد هذين المجمعين"، وهذين المجمعين كانوا في القرن الرابع والخامس! أي قبل الإسلام.. فكيف من جانب تكون المسيحية صحيحة في القرن السابع الميلادي، وهي قد تغيرت في القرن الرابع أو الخامس!
أما كلامك عن قسطنطين الملك، وآريوس، ولاهوت المسيح.. فهو تحليل مكتظ بالأخطاء التاريخية.. برجاء قراءة الروابط السابقة، وخاصة قسم تاريخ الكنيسة لتقف على حقيقة الأمر بنفسك.. فموضوع ألوهية السيد المسيح ليس أمر حديث في زمن آريوس أو قسطنطين، بل هي عقيدة أساسية من القرن الأول الميلادي، وواضحة جليًا في كتاب الله عزَّ وجل. فما قاله آريوس كان هو الهرطقة الجديدة، وليس موضوع لاهوت السيد المسيح.
إن كنت تريد أن تتحدث عن أخطاء الملك قسطنطين فهي كانت في حضوره أحد المجامع، وتصديقه وختمه على نتائج المجمع، مما جعل الكنيسة الغربية تبدأ في الانسياق في موضوعات كثيرة مثل تدخل الدين في الدولة وغير ذلك.. ولكن الكنيسة الأرثوذكسية القويمة لم توافق على هذا حينها، ولم تطبقه في مصر، ورفضنا الحروب الصليبية (حروب الفرنجة) وغيرها.. بل الكنيسة القبطية عانت الكثير والكثير بسببها..
قلت: "لا تلوا السنتكم بالقرآن لتنتزعوا منه ما يؤيدكم": والغريب في قولك هذا أنك أنت الذي كنت تقوم في رسالتك باستقطاع الأحاديث والأحداث التاريخية حسبما يوافق تحليلاتك الشخصية، التي تناقض الواقع والتاريخ، قبل أن تناقض الإيمان والعقيدة..!
ثم تكمل: "فانتم في رأينا كفارا بمحمد": نعم، نحن كفار بمحمد، ولكن مؤمنون وموحِدون بالله.. نحن نؤمن أن "لا إله إلا الله" فقط، ولا نُشرِك به أحدًا بإضافة اسم إنسان آخر في نفس الشهادة مع الله! حاشا!
ثم تلوِّح بالتكفير لهذا ولذاك وعلى ألسنتنا.. ويبدو أنك بدأت تتأثر بأفكار بعض المتطرفين في الساحة المصرية الآن بعد ثورة 25 يناير 2011.. ولكن يا أخي العزيز كما أخبرتك أننا لا نُكَفِّر أحدًا، بل الأمر له علاقة بالإيمان.. والاختلاف في الدين لا يعني صلاحية هذا الدين على ذاك أو العكس.. بل الله الذي خلقك هو الذي خلقني.. بل كما يقول القرآن الكريم: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (سورة هود 118)، "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ؟!" (سورة يونس 99). ولكن الفرق أن المسيحية عندما تتحدث عن شخص يختلف معها في الدين، فهو حوار متحضر راقي بالشواهد والإثباتات، أما التفكير في دين آخر فهو يعني لبعض المتطرفين قتل الآخرين واستحلال دمهم ومالهم وأعراضهم.. فلتقرأ سورة التوبة بنفسك مثلًا لترى الأمر، أو ما يعتمد عليه الإرهابيون في هذه الجرائم.. في حين أن مصر كانت دائمًا مظلة للإسلام المتسامح المعتدل.. ولا نعرف مصادر هذه التطرفات من أين..!
أما عن رأينا كمسيحيون في الطوائف الأخرى، فهي لها علاقة بتوضيح العقائد المسيحية.. فإن رأيت مسيحيًا ينادي بأمور غير سليمة، ينبغي عليَّ ككنيسة أن أصحح المفاهيم لئلا ينساق إليها بعض البسطاء.. ولكن إن أتت تلك الأمور الغير سليمة من شخص غير مسيحي، فهي لا قيمة لها، لأنه لا علاقة له بالإيمان من قريب ولا من بعيد.. ولهذا مثلًا رأينا كيف وقفت الكنيسة في العالم أجمع ضد أريوس الهرطوقي، ولم تقف ضد الرسول محمد رسول الإسلام لقوله أمورًا لا علاقة لها بالمسيحية في القرآن من زواج الله بصاحبة، أو أن هناك ثلاثة آلهة أو غير ذلك.. الأمر الأول هام لأنه أتى من شخص مسيحي، أم الثاني فالعذر فيه عدم معرفة العقائد المسيحية نفسها، وأنه شخص غير مسيحي.. وهناك فرق كبير..
ثم تستشهد بكلام قاله الأستاذ ماكس ميشيل، ومثله مثل آريوس خارج عن الكنيسة، وبالتالي لا مصداقية لكلامه كمرجع..
وتتحدث في النهاية عن الأعداد، فاخبرنا مصادر الإحصائيات الرسمية التي تتحدث عنها.. فالكلام في الهواء بدون مصدر أو مرجع لا يُعتَد به.. هذا من جانب، من جانب آخر، فلا قيمة للعدد في المسيحية.. إن وضعت أديان قيمتها بعدد تابعيها، فماذا تقول مثلًا عن الهندوس الذين عددهم يقترب من المليار (بحسب إحصاءات نهاية التسعينيات من القرن الماضي)؟! أما في المسيحية -فبرغم كونها الديانة الأولى من حيث عدد التابعين في أنحاء العالم- فلا قيمة للعدد بدون إيمان حقيقي.. فمؤمن حقيقي واحد في نظر الله هو مقبول أكثر من ملايين البشر من المؤمنون بالاسم فقط..
ثم تختم رسالتك في اتهام عن "بطش البابا".. وبخلاف نقطة أن هذا الكلام صحيح ومجرد كلام بلا أي دليل، وحتى وإن كنت تراه صحيحًا -وهو غير ذلك- فخطأ شخص، يختلف عن أمر إلهي بالبطش!! فإن أخطأ شخصًا في المسيحية فهو خطأ شخصي، أما إن بطش شخصًا بالآخرين في الإسلام، فهو أمر إلهي!! وهناك فرق يا عزيزي.. أما عما تقول عن قداسة البابا فهو كلام غير سليم، بل بالعكس تمامًا.. ما رأيك في قول نبي الإسلام في الحديث الصحيح: "مَنْ بدَّل دينه فاقتلوه" (رواه البخاري 2794)، فإن كان القرآن يقول: "أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ" (سورة النساء 59)، فالقتل هنا هو بأمر إلهي!!
نسأل الله الهداية للجميع..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j63cxh4