مقدمة | لماذا حذفها البروتستانت؟ | دراسة تاريخية | الاقتباس منها في العهد الجديد | النص الكامل للأسفار
هنا ستجد النص الكامل لهذه الأسفار باللغتين العربية Arabic Deuterocanon والأسفار القانونية الثانية بالإنجليزية. موجود في هذا القسم كل سفر في صفحة كاملة، وقد قمنا بعمل قسم آخر، وبه كل إصحاح في صفحة واحدة للتسهيل وتسريع التحميل، وأيضًا تستطيع البحث في الكتاب المقدس كاملًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت، أو في الأسفار الثانية القانونية من خلال خانة البحث بعاليه... وبالإضافة لوجود رابط لتفاسير كل سفر منهم أسفل صفحة السفر أو الأصحاح، ها هو تفاسير كل الأسفار القانونية الثانية.
فكرة عامة عن الأسفار القانونية الثانية
لم يقم البروتستانت بوضع هذه الأسفار في طبعات الكتاب المقدس الخاصة بهم، على الرغم من أن كلا من الأرثوذكس والكاثوليك قبلهما يؤمنون بقانونية هذه الأسفار. والبروتستانت يعتبرون هذه الأسفار لا ترتقي إلى مستوى الوحي الإلهي، وهي -من وجهة نظرهم- أسفارًا مدسوسة، وتضم موضوعات غير ذات أهمية وخرافات لا يقبلونها(2)! مع العلم بأن الأرثوذكس هم الطائفة المسيحية الأولى تاريخيًا في العالم، وبعدهم الكاثوليك... أما البروتستانت فهم طائفة حديثة نسبيًّا (بعد 16 قرنًا من بداية المسيحية)! ولكن تلك الأسفار مُعْتَرَف بها من قِبَل الأرثوذكس والكاثوليك.
وتتكوَّن الأسفار الثانية من أسفار كاملة أو أجزاء من سفر. وقد رفضها اليهود في مجمع جامينا (يامينا، يبنة، يافيني יַבְנֶה) Council of Jamnia أو Council of Yavne سنة 90 م.، لأنها وصلت لهم باللغة اليونانية، لكن هذا لا يعني أنها كُتِبَت باليونانية، وسبب الرفض هو أن المسيحيين استخدموا اللغة اليونانية لنشر كلمة المسيح؛ فقرَّر اليهود رَفْض كل كِتاب يوناني للتقليل من الانتشار المسيحي. وفي حين كانت هذه الأسفار مقبولة على نطاق واسع في العالم المسيحي قبل البروتستانتية، كان هناك قليل من التمييز بينها وبين باقي الأسفار بواسطة قلة من المسيحيين -الذين ربما كانوا من خلفية يهودية- بسبب التأثير اليهودي عليهم والتزامهم بنص التناخ كما كان مُتاحًا، برغم استخدامهم لها في إطار التعليم والتهذيب. وفي حين تقبل الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية هذه الأسفار، استبعدتها كنيسة المشرق الآشورية (النسطورية) إلى حدٍ ما بتمييزها عن باقي الأسفار. وقد وافَق البروتستانت اليهود في رَفْض الأسفار القانونية الثانية على هذا الأساس. ولكن اليهود عندما ترجموا الكتاب المقدس إلى اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، نقلوا مجموعة من الأسفار القانونية الثانية إلى اليونانية.
1- يقولون أن هذه الأسفار لم تدخل ضمن أسفار العهد القديم التي جمعها عزرا الكاهن لما جمع أسفار التوراة سنة 534 ق.م.
والرد على ذلك أن بعض هذه الأسفار تعذَّر العثور عليها أيام عزرا بسبب تشتت اليهود بين الممالِك. كما أن البعض الآخر منها كُتِب بعد زمن عزرا الكاهن.
2- يقولون أنها لم تَرِد ضمن قائمة الأسفار القانونية للتوراة التي أوردها "يوسيفوس" المؤرخ اليهودي في كِتابه.
والرد على ذلك أن يوسيفوس نفسه بعد أن سَرَدَ عدد الأسفار التي جمعها عزرا (39 سِفرًا) كتب: "صحيح أن تاريخنا قد كُتِبَ منذ أرتحشستا بشكل واضح جدًا؛ ولكنه لم يُحَمَّل بنفس الوزن للسابق (أي للأسفار الـ39) من قبل أسلافنا by our forefathers؛ لأنه لم يكن هناك خِلافة دقيقة للأنبياء منذ ذلك الوقت"(1).
ومع ذلك -وعلى سبيل المثال- نرى يوسيفوس يستشهِد بسفريّ المكابيين ومحتواهم في عدة أماكن بكتاب "آثار اليهود"(13) Antiquities of the Jews عن الثورة المكابية، ويهوذا المكابي، وعيد الأنوار חנוכה (الحانوكا)، ويوناثان وسمعان المكابي... إلخ.
3- يقولون أن لفظة (أبو كريفا) Apocrypha التي أُطْلِقَت على هذه الأسفار، وهي تعني "الأسفار المدسوسة والمشكوك فيها"، كان أول مَن استعملها هو "ماليتون" أسقف مدينة ساردس في القرن الثاني الميلادي. وإذًا فالشك في هذه الأسفار قديم.
ونقول نحن أن أسفار الأبوكريفا الأصلية هي أسفار أخرى غير هذه. فهناك أسفار أخرى كثيرة كتبها أشخاص عاديون يهود وهراطقة، وقد رفضها المسيحيون بإجماع الآراء. وإذًا فلا معنى أن نضع الأسفار القانونية التي نتحدَّث عنها هنا في مستوى هذه الأسفار التي أجمع الكل على رفضها.
4- يقولون أن بعض الآباء اللاهوتيين القُدَامى والمشهود لهم -وخَصُّوا منهم أورجانيوس وإيرونيموس- لم يضمنوا هذه الأسفار في قوائم الأسفار القانونية للعهد القديم. بل أن إيرونيموس الذي كَتَبَ مقدمات لأغلب أسفار التوراة وضع هذه الأسفار في مكان خاص بها باعتبارها مدسوسة ومشكوك في صحتها.
ونرد على ذلك بأنه، وإن كان بعض اللاهوتيين أغفلوا قانونية هذه الأسفار أول الأمر، إلا أنهم -ومنهم أوريجانوس وإيرونيموس- عادوا وأقرُّوا هذه الأسفار واستشهدوا بها. كما نضيف أيضًا أن البعض القليل لم يُورِد هذه الأسفار ضمن قائمة الأسفار الخاصة بالتوراة اعتمادًا على كلام يوسيفوس المؤرخ اليهودي، أو استنادًا لآراء بعض اليهود، إلا أن الكثيرين من مشاهير آباء الكنيسة غير مَنْ ذكرنا اعترفوا بقانونية هذه الأسفار وأثبتوا صحتها واستشهدوا بما ورد فيها من آيات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومن أمثلة هؤلاء إكليمندس الروماني وبوليكربوس من آباء الجيل الأول، وإيريناوس من آباء الجيل الثاني، وإكليمندس الاسكندري وديوناسيوس الإسكندري وأوريجانوس وكبريانوس وترتوليانوس وأمبروسيوس وإيلاريوس ويوحنا فم الذهب وإيرونيموس وأغسطينوس ويوحنا كاسيان من آباء الجيل الرابع. وغير هؤلاء أيضًا مثل كيرلس الأورشليمي وإغريغوريوس النزينزي والنيصي وأوسابيوس القيصري. وكل هؤلاء نظموا هذه الأسفار ضمن الأسفار القانونية للكتاب واستشهدوا بها في كتبهم ورسائلهم وتفاسيرهم وشروحاتهم وخطبهم وردودهم على المهرطقين والمبتدعين. وقد وردت شهادات هؤلاء الآباء عن الأسفار القانونية الثانية وباقي أسفار الكتاب المقدس في الكتاب المشهور (اللاهوت العقيدي) تأليف (فياست).
5- يقول البروتستانت أن اليهود لم يعترفوا بهذه الأسفار، خصوصًا وأنها في الغالب كُتِبَت في وقت متأخر بعد عزرا، فضلًا عن أن هناك أمور تحمل على الظن أن هذه الأسفار كُتِبَت أساسًا باللغة اليونانية التي لم يكن يعرفها اليهود.
ونرد على هذا بالقول أن اليهود -وإن كانوا قد اعتبروا هذه الأسفار أولًا في منزلة أقل من باقي أسفار التوراة، بسبب أن تعاقب الكتبة الملهمين لم يكن عندهم في تمام التحقيق كقول يوسيفوس بعاليه- إلا أن بعضهم بعد ذلك اعتبر هذه الأسفار في منزلة واحدة مع باقي الأسفار. كما أن الظن بأن هذه الأسفار غالبًا كُتِبَت أصلًا باللغة اليونانية، يلغيه أن الترجمة السبعينية Μετάφραση των Εβδομήκοντα التي ترجمت بموجبها جميع أسفار التوراة من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية، وكانت ترجمتها في الإسكندرية في عهد الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس سنة 285 ق.م. لفائدة اليهود المصريين الذين كانوا لا يعرفون العبرية بل اليونانية... هذه الترجمة لأسفار التوراة تَضَمَّنَت الأسفار المحذوفة (أي التي يعتبرها البعض محذوفة) دليلًا على أنها من الأسفار المُعْتَمَدَة من اليهود، ودليلًا على أنها لم تُكْتَب أصلًا باليونانية. هذا بالإضافة إلى أن النسخ الأثرية القديمة المخطوطة الأخرى من التوراة، وهي النسخ السينائية والفاتيكانية والإسكندرية، وكذلك النسخة المترجمة للقبطية -التي تُعْتَبَر أقدم الترجمات بعد السبعينية- وكذا الترجمات القديمة العبرية، ومن بينها ترجمات سيماك وأكويلا وتاودوسيون والترجمة اللاتينية والترجمة الحبشية، تَضَمَّنَت جميعها الأسفار المحذوفة حتى الآن في مكتبات لندن وباريس وروما وبطرسبرج والفاتيكان...
6- يقول البروتستانت أن هذه الأسفار لا ترتفع إلى المستوى الروحي لباقي أسفار التوراة، ولذا فلا يمكن القول أنه مُوحَى بها.
ونحن نقول أن البروتستانت اعتادوا فيما يتعلق بالعقائد الأساسية والمعلومات الإيمانية أن يقللوا من أهمية الدليل على صدقها دون أن يبينوا سبب ذلك بوضوح. وهى قاعدة واضحة البطلان. ونضيف أن الأسفار التي حذفها البروتستانت من كتبهم اعتمادًا على اليهود، تَتَضَمَّن أحداث تاريخية لم يختلف المؤرخون على صدقها. كما أنها تعرض لنماذج حيَّة من الأتقياء القديسين. فضلًا عن أنها تَتَضَمَّن نبوءات عن السيد المسيح، وكذا أقوالًا حكيمة غاية في الكمال والجمال، ولا معنى إذًا للقول أن الأسفار التي حذفوها غير موحَى بها.
مع احترمنا لمبدأ الحوار والمناقشة الحرة مع البروتستانت، وقد سبق أن فَنَّدنا ادعاءاتهم بشأن عدم قانونية الأسفار القانونية الثانية، نأتي هنا ببعض الكلمات والأحداث التي لا سبيل لإنكارها لنؤكد صِدق وصحة هذه الأسفار:
1- واضح من دراسة تاريخ البروتستانت Protestant والكنيسة أنها مذهب مبني على المُعَارضة والاحتجاج protest، وقد قامت بالفعل حروب بين البروتستانت والكنيسة البابوية برئاسة البابا ليون العاشر قُتِلَ فيها عشرات الآلاف وأحرقت ودمرت فيها بعض المدن ومئات من الكنائس والأديرة. وقد اشتهر (مارتن لوثر Martin Luther) قائد الثورة البروتستانتية وبعض أتباعه بالشطط والكبرياء. ومن أقوال لوثر المشهورة ما معناه: إنني أقول بدون افتخار أنة منذ ألف سنة، لم ينظف الكتاب أحسن تنظيف ولم يُفَسَّر أحسن تفسير، ولم يُدْرَك أحسن إدراك أكثر مما نظفته وفسرته وأدركته(14)، ونراه ينتقِد التفاسير السابقة له بحدة. ونظن أنه بعد هذا الكلام لا نتوقع منة إلا أن يحذف من الكتاب بعض الأسفار الموحَى بها. بل إن لوثر وأتباعه حقَّروا في زمانهم من أسفارًا أخرى من العهد الجديد مثل رسالة يعقوب (أسماها لوثر "رسالة القش"(15) epistle of straw). وفعلوا كذلك بسفر الرؤيا. فقام لوثر بوضع رسالة يعقوب في نهاية ترجمته الألمانية للكتاب المقدس، وأشار إليها باعتبارها أقل مصداقية من الكتب الأخرى.
وحاليًا نرى ترجمات الكتاب المقدس الألمانية اللوثرية تضع الأسفار التالية في نهاية الكتاب المقدس (في الترتيب الأخير)، وذلك لأن لوثر كان لديه تحفظات لاهوتية حول محتواها، وخاصة توافقها مع عقيدته في التبرير بالإيمان وحده!! وهذه الأسفار هي: رسالة العبرانيين Hebräer - رسالة يعقوب Jakobus - رسالة يهوذا Judas - سفر الرؤيا Offenbarung (يهوذا والرؤيا مكانهما في الترتيب المُعتاد، ولكن ليس في الترتيب العادي لكونه نفس الترتيب، بل بسبب قيمتها الأقل حسبما قال). والمصطلح المُستخدم لهذا هو "الأسفار المرفوضة" Antilegomena (أنتيلجومينا)، وهي النصوص المكتوبة التي تكون صحتها أو قيمتها محل نزاع حسب وجهة نظر مؤسسي وأتباع هذه الطائفة المنحرفة عن الإيمان القويم، والتي وصلت بهم لأسفار العهد الجديد نفسها.
2- لعل مما خلط على الأذهان فيما يتعلق بموقف البروتستانت بعد ثورتهم على الكنيسة الكاثوليكية البابوية من هذه الأسفار، أن ما دعوه بالأبوكريفا لم يكن فقط هذه الأسفار التي اعتبرها الأرثوذكس والكاثوليك قانونية، ولكن كانت هناك أسفار أخرى مرفوضة تمامًا حتى من الكاثوليك والأرثوذكس ولم تقرها أي كنيسة في العالم، مثل سفر عزرا الثالث وسفر عزرا الرابع(16) وسفر أخنوخ وغيرها.
3- العجيب أن بعض الكنائس البروتستانتية تختلف فيما بينها حول قانونية هذه الأسفار. ويكاد يميل إلى قبولها من بين هذه الكنائس الأسقفية الإنجليكانية (مع عدم قبولهم لها بصفة رسمية، يتضمنونها في العبادة "لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2 تي 3: 16)) والكنيسة البروتستانتية الألمانية.
4- لما حدث مناقشة عن قانونية هذه الأسفار في الأجيال الأولى للمسيحية، تقرَّر بالإجماع تضمينها كتب القراءات الخاصة بالخدمات الكنيسَّة. وفى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية نَقرأ فصولًا من هذه الأسفار ضمن قراءات الصوم الكبير وأسبوع الآلام اعتبارًا من باكر يوم الجمعة من الأسبوع الثالث للصوم إلى صباح سبت الفرح وحتى ليلة عيد القيامة ذاتها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكذلك تعترف معنا بها كنيسة أنطاكية والكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة اليونانية الأرثوذكسية والكنيسة البيزنطية وباقي الكنائس التقليدية الأصلية.
5- كما أوضحنا في المقدمة أنه كان هناك قبول عام لهذه الأسفار منذ بداية المسيحية، إلا لقلة من الذين تأثَّروا بنص التناخ اليهودي (قبول انتقائي أو ترتيبي بمستويات)، ولكن لاحظ أن اليهودية لم تعد هي الدين الحقيقي، لكونهم رفضوا المسيَّا. فنرى أن هذه الأسفار وردت بصور أو صِيَغ أو أسماء مختلفة في قوائم عدة، وحتى إن وُجِدَ ترتيب أو تصنيف في وضعها، يم يقل ذاكروا الآتي بيانهم أنها بها أخطاء أو لا ترقى لمستوى الوحي أو أي من هذا الكلام، بل في الترتيب توضع بصيغة "نوصيكم بأن تعلموا أحداثكم (سفر كذا)..." إلخ.
فنرى ورودها ضمن الكتب القانونية في قوانين الرسل القديسين (القانون 85) والبيذاليون(17).
وقد استشهد بها البابا أثناسيوس (من القرن الرابع الميلادي) في أكتر من مصدر، حيث استشهد بسيراخ وأستير ويهوديت وتتمة دانيال والمكابيين وباروخ وحكمة سليمان... إلخ.
وفي حين أورد الشيخ الصفي بن العسال (القرن الثالث عشر) بعض هذه الأسفار مع الأسفار الأولى (مثل يهوديت والحكمة)، وبعضها في تقسيم مختلف (مثل سيراخ والمكابيين)، وذلك في كتابه "مجموع القوانين" [المجموع الصفوي] (18)، نجد الناشِر "جرجس فيلوثاوس عوض" أضاف تذييل (حاشية) على نص الكتاب يقول أن هذه الأسفار "تعتبر من قبيل الكتب الأيبوكريفية أي الغير قانونية ليس عند جميع المسيحيين، بل عند فريق منهم"، أي أنها قانونية لدى الجميع، ومرفوضة "عند فريق منهم"(19)، ويكمل أن السبب هو أنها ليست مذكورة في كتب العبرانيين. ومما يؤكد أن ما أورده الشيخ الصفي لا يمكن أن يُسْتَخْدَم كحجة ضد استخدام أو قانونية هذه الأسفار، سترى عزيزي القارئ في النقطة التالية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كيف استشهد بها أخيه المُعاصِر له كأسفار موحَى بها:
استشهد أخيه المؤتمن أبو إسحق بن العسال بهذه الأسفار في كتابه "مجموع أصول الدين" في أكثر من قسم، وبصيغة لا تحمل الشك في استخدامها كأسفار قانونية. فنرى على سبيل المثال استشهاده بسفر الحكمة(20) في (الباب 19: 43) أثناء كلامه عن الأقانيم، حيث يعرض لكلام الوحي الإلهي في المزامير وملاخي والحكمة، واضعًا نص الآية: "فأمَّا سياستك، أي الآب، فَتُدَبِّر الكل" (حك 14: 3)، كما ذكر من نفس السفر نص الآية (حك 18: 13) عن فرعون والخروج في (الباب 19: 47)(21). وفي (الباب 56: 132) يستشهد -بصورة عامة- بقصة سوسنَّة من تتمة سفر دانيال(22).
وتبعهُمَا أيضًا القس شمس الرياس المُلَقَّب بـ"ابن كبر" في كتابه "مصباح الظلمة"، حيث ذكر: سيراخ، المكابيين، يهوديت، طوبيا، الحكمة(23)، كما ذكر (المزمور 151)(24).
6- عُقِدَت أيضًا مجامع كثيرة على ممر العصور لتأكيد عقيدة الكنيسة في قانونية هذه الأسفار. ونذكر منها مجمع هيبو عام 393 م. الذي حضرة القديس أغسطينوس. ومجمع قرطاجنة عام 397 م.، ومجمع قرطاجنة الثاني عام 419 م، ومجمع ترنت عام 1456 م للكنيسة الكاثوليكية، ومجمع القسطنطينية الذي كمل في ياش Synod of Jassy عام 1642 م.، ومجمع أورشليم للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية عام 1982 م.
7- نرى على سبيل المثال في القرون الأولى للمسيحية: ما هو موجود في كتاب الصلاة لأوريجانوس (184-253 م.): Origen on Prayer في أوائل القرن الثالث الميلادي، حيث نجد العديد من الاستشهادات بأكثر من سفر من الأسفار القانونية الثانية، مما يوضح وجودها من ضمن الكتاب المقدس من البداية، وبدون أي جدل حولها. ففيه ذِكر لأسفار: طوبيا(3) - المكابيين الثاني(4) - يهوديت(5) - تتمة سفر دانيال(6) - تتمة سفر أستير(7) - حكمة سليمان(8).. ونفس الحال في كتب آبائية قديمة كثيرة...
ونفس الحال رأيناه في استشهاد البابا أثناسيوس بهذه الأسفار في مصادر عدة.
بهذا السؤال ورد اعتراض على قانونية الأسفار التي حذفها البروتستانت بحجة أن كَتَبَة العهد الجديد لم يستشهدوا بها أو يقتبسوا منها. والرد على ذلك أن عدم الاستشهاد بأسفار من العهد القديم في العهد الجديد لا يقوم دليلًا على عدم قانونية هذه الأسفار، وإلا لكان يلزمنا أن نقول أن أسفارًا مثل أستير والجامعة ونشيد الأنشاد وراعوث والقضاة وسفريّ أخبار الأيام الأولى والثاني هي الأخرى غير قانونية ومدسوسة ومشكوك في صحتها، لأنه لم تَرِد اقتباسات منها في أسفار العهد الجديد! ورغم ذلك نقول أيضًا:
1- أن السيد المسيح نفسه تحدث في (إنجيل يوحنا 10) مع اليهود في عيد التجديد. فقد ذكر في هذا الأصحاح قول الوحي "وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ شِتَاءٌ. وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ، فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا». أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي" (يو 10: 22-25). والعجيب أن عيد التجديد هذا لم يرد ذكره إطلاقًا في أسفار التوراة القانونية المعروفة. غير أنة ورد ذكره في أحد الأسفار التي حذفها البروتستانت وهو سفر المكابيين الأول (1مكا 4: 59)، حيث ثبت أن يهوذا المكابي هو أول مَن رسم مع أخوته أن يحتفل اليهود بهذا العيد مده ثمانية أيام في كل عام، تِذكارًا لتطير الهيكل وتجديد المذبح وتدشينه. فإذا كان السيد المسيح تَكَلَّم مع اليهود في هذا العيد، وإذا كان يوحنا الرسول كتب في إنجيله عن هذا العيد الذي لم يَرِد ذكره إلا في سفر المكابيين الأول الذي حذفه البروتستانت مع احتفال المسيح بهذا العيد ومع استشهاد الرسول يوحنا به في إنجيله، إلا إذا كان سفر المكابيين الأول وغيرة من الأسفار التي حذفها البروتستانت هي أسفار صادقة وصحيحة وقانونية وموحَى بها؟!
2- اقتبس كتبة أسفار العهد الكثير من الأسفار القانونية الثانية. وسنذكر على سبيل المثال لا الحصر العديد من هذه الاقتباسات أو الاستشهاد، وستجدونها في مقدمة كل سفر:
سفر طوبيا: (طو 4: 7، 10، 11) ← (لو 14: 13، 14) / (طو 4: 13) ← (1 تس 4: 3) / (طو 4: 16) ← (مت 7: 12) / (طو 4: 23) ← (رو 8: 18).
سفر يهوديت: (يهو 8: 24، 35): ← (1 كو 10: 9) / (يهو 13: 23) ← (لو 1: 42).
سفر الحكمة: (حك 2: 6) ← (1 كو 15: 32) / (حك 3: 7) ← (مت 13: 43) / (حك 3: 8) ← (1 كو 6: 2) / (حك 4: 4) ← (مت 7: 27) / (حك 13: 1، 5، 7) ← (رو 1: 18، 21) / (حك 15: 7) ← (رو 9: 21).
سفر يشوع بن سيراخ: (سي 2: 1) ← (2 تي 13: 12) / (سي 2: 18) ← (يو 14: 23) / (سي 3: 20) ← (في 2: 3) / (سي 11: 10) ← (1 تي 6: 9) / (سي 11: 19، 20) ← (لو 12: 19، 20) / (سي 13: 21، 22) ← (2 كو 6: 14، 16) / (سي 14: 13) ← (لو 16: 9) / (سي 14: 18) ← (1 بط 1: 24) / (سي 15: 3) ← (يو 4: 10) / (سي 15: 16) ← (مت 19: 17) / (سي 15: 20) ← (عب 4: 13) / (سي 16: 15) ← (رو 2: 6) / (سي 17: 24) ← (1 تس 5: 17) / (سي 19: 13) ← (مت 18: 15؛ لو 17: 3) / (سي 19: 17) ← (يع 3: 8) / (سي 25: 11) ← (يع 3: 2) / (سي 28: 1، 2) ← (مر 11: 25، 26) / (سي 35: 11) ← (2 كو 9: 7) / (سي 41: 27) ← (مت 5: 28).
سفر المكابيين الأول والثاني: (1 مك 4: 59) ← (يو 10: 22-25) / (2 مك 6: 9-19) ← (عب 11: 35-37) / (2 مك 8: 5، 6) ← (عب 11: 33، 34).
1- سفر طوبيا: ويضم 14 إصحاحًا، ومكانه بعد سفر نحميا.
2- سفر يهوديت: ويضم 16 إصحاحًا، ومكانه بعد سفر طوبيا.
3- تتمة سفر أستير: وهو يكمِّل سفر أستير الموجود في طبعة دار الكتاب المقدس، ويضم الإصحاحات من 10-16.
4- سفر الحكمة: لسليمان الملك، ويضم 19 إصحاحًا، ومكانه بعد سفر نشيد الأنشاد.
5- سفر يشوع بن سيراخ: ويضم 51 إصحاحًا، ويقع بعد سفر الحِكمة.
6- سفر نبوة باروخ: ويضم 6 إصحاحات، ومكانه بعد سِفر مراثي إرميا.
7- تتِمة سفر دانيال: وهو مكمِّل لسفر دانيال الذي بين أيدينا، ويشمل بقية إصحاح 3، كما يضم إصحاحين آخرين هما 13 و14.
8- سفر المكابيين الأول: ويضم 16 إصحاحًا، ومكانه بعد سفر ملاخي.
9- سفر المكابيين الثاني: ويضم 15 إصحاحًا، ومكانه بعد سفر المكابيين الأول.
10- المزمور 151: مكانه آخر سفر المزامير لداود النبي والملك.
*
قسم سنوات مع إي ميلات الناس - أسئلة وأجوبة عن الكتاب المقدس
*
قسم سنوات مع إي ميلات الناس - أسئلة وأجوبة عن العقيدة والإيمان
* كتاب قاموس الكتاب المقدس
*
تفاسير الأسفار القانونية الثانية
- الكتاب المقدس: الأسفار القانونية الثانية - إصدار مكتبة المحبة 1989
_____
(1) كتابه ضد إيبون، رأس 8.
Josephus, Flavius. Josephus: Complete Works. Translated by: Whiston, William. Kergel Publications: Grand Rapids, MI, 1981,
(Against Apion) p 609.(2) مكتبة المحبة، الكتاب المقدس: الأسفار القانونية الثانية، رقم الإيداع بدار الكتب: 7573/1989 م.، الترقيم الدولي: 977-187-274-5، بتصرف عن المقدمة، ص. 5-16.
وهي منقولة بدورها من سلسلة كتب تفاسير القمص بيشوي عبد المسيح.
(3) كتاب الصلاة للعلامة أوريجانوس، تعريب القس موسى وهبه، إصدار كنيسة مارمرقس القبطية الأرثوذكسية: جمعية أصدقاء الكتاب المقدس القبطية الأرثوذكسية، مطبعة دار العالم العربي بالظاهر بالقاهرة، رقم الإيداع بدار الكتب: 3421/1975، ص. 29.
(4) المرجع السابق، ص. 29.
(5) المرجع السابق، ص. 34.
(6) المرجع السابق، ص. 34.
(7) المرجع السابق، ص. 40.
(8) المرجع السابق، ص. 115.
(9) المرجع السابق، ص. 29.
(10) المرجع السابق، ص. 29.
(11) المرجع السابق، ص. 29.
(12) المرجع السابق، ص. 29.
(13) المرجع رقم (1): كتاب 12: الفصول 6-11 تتوازَى مع (1 مك 1-6) - كتاب 13: الفصول 1-7 تتوازَى مع باقي أصحاحات المكابيين الأول وبعض من سفر المكابيين الثاني.
(14) لم نستطِع الوصول لنص جملة شبيهة لمارتن لوثر، ولكننا نرى الافتخار الزائف له في عدة أماكن أن تفاسيره هي الأفضل والأصح بالمقارنة مع سابقاتها... فمثلًا:
مناظرة لايبزيج The Leipzig Debate سنة 1519 م.: نراه يصرح بأن الكنيسة الكاثوليكية قد انحرفت عن تعاليم الكتاب المقدس لعدة قرون، مما يشير ضمنيًا إلى أن فِهمه يعيد النية الأصلية للنصوص المقدسة.
مقدمة لوثر للكتاب المقدس الألماني Introduction to Luther’s German Bible، سنة 1534 م.: انتقد لوثر التفسيرات السابقة لكونها غير مفهومة أو مشوهة.
(15) في مقدمة لوثر للعهد الجديد، 1522 م.
(16) عزرا الثاني هو سفر نحميا.
(17) كتاب "مجموعة الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة التي وضعتها المجامع المسكونية والمكانية المقدسة وما قبله المجامع المسكونية من قوانين الرسل و قوانين بعض الآباء القديسين مع، فصول مفيدة في أعمال المجامع وأسباب انعقادها وفي العقائد والبدع والتقليد الشريف ونظام الإدارة الكنسية وحواش تفاسير متنوعة" - جمع وترتيب وتنسيق الأرشمندريت حنانيا إلياس كسّاب، مع توطئة لغبطة البطريرك إلياس الرابع، الطبعة الثانية، 1998، منشورات النور، بيروت، لبنان، ص. 869-871.
(18) المجموع الصفوي (يتضمن القوانين التي جمعها العلامة الشيخ الصفي أبي الفضائل بن العسال)، اعتنى بنشره وشرح مواده وإضافة تذييلات عليه الفقير إلى رحمة مولاه جرجس فيلوثاوس عوض، الجزء الأول، طبعة خاصة لدارسي القانون الكنسي، الباب الثاني، ص. 11-13.
(19) وقد أضاف كتب أخرى تعتبر من الكتب التاريخية وليست القانونية، مثل المكابيين الثالث والرابع وغيره [وهناك رأي بأن هذه الأسفار ما هي إلا نفس السفر مُقَسَّم، أي أن (1مك) مقسم للأول والثاني، و(2مك) مقسم للثالث والرابع]. كما أضاف الناشر في التذييل بعض أسماء الكتب التي لا تعتبر قانونية من الأساس، مثل "سفر الحروب" وسفر "الأبرار" وغيره.. فهي كانت كتب أشعار محلية أو كتب تاريخية، وليست كتبًا موحَى بها.
(20) المؤتمن بن العسّال، مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين، المجلد الأول: نص المقدمة والأبواب التسعة عشر الأولى، سلسلة دراسات شرقية مسيحية: أبحاث مفردة، تحقيق الأخ وديع الفرنسيسكاني، مؤلفات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية، ومطبعة الآباء الفرنسيسيين، القاهرة-القدس 1998 م.، ص. 413.
(21) المرجع السابق، ص. 414.
(22) المؤتمن بن العسّال، مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين، المجلد الثاني: نص الأبواب 20-70 والخاتمة، سلسلة دراسات شرقية مسيحية: أبحاث مفردة، تحقيق الأخ وديع الفرنسيسكاني، مؤلفات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية، ومطبعة الآباء الفرنسيسيين، القاهرة-القدس 1999 م.، ص. 363.
(23) ابن كبر، القس شمس الرياسة أبو البركات المعروف بـ. مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة، الجزء الأول، الناشر: مكتبة الكاروز، رقم الإيداع بدار الكتب: 6345/1970 م.، الباب السادس، ص. 209-2011.
(24) المرجع السابق، ص. 231.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/aa3gx2k