محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
موضوع هذا الإصحاح هو إنسان الخطية الذي يعتبر إحدى النبوات الرئيسية في العهد الجديد. وأن مجيئه يسبق مجيء المسيح.
آيات 1، 2:- ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.
توهم التسالونيكيين أن يوم الرب الذي فيه يأتي ليأخذنا للسماء معه = واجتماعنا إليه قد اقترب وذلك:
1. بفهم خاطئ للرسالة الأولى.
2. ولا بروح ولا بكلمة = ادَّعى المعلمين الكذبة أن عندهم وحي بهذا.
3. ولا برسالة = زَوَّروا رسالة ونسبوها إلى بولس الرسول بأن اليوم قريب. فارتاعوا بسب ذلك. فأرسل لهم هذه الرسالة وأعطاهم علامة على الرسائل الحقيقية التي يرسلها هو (راجع 2 تس 3: 17، 18).
آيات 3، 4:- لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ.
كلمة ارْتِدَادُ في اليونانية تعني ثورة عسكرية وتمرد عسكري سياسي وعصيان، والمقصود ثورة على المسيح. عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا = هو سيبطل كل عبادة سواه. وهذا نص ما ذكره دانيال النبي في (دا11: 36) عن الملك المتأله. وغالبًا هو الوحش في سفر الرؤيا (ص 13، 16، 19، 20) وهو ضد المسيح في رسائل معلمنا يوحنا الحبيب. الْمُقَاوِمُ = فهو سينطق بما هو ضد العلي ويتجاسر بارتكاب أعمال شريرة ضد المسيحيين. يتركز فيه كل ارتداد شيطاني، ويخادع الناس بأنه إله، وفي كبرياء يثير الناس ضد الله.
وقد ساد في القرون الأولى اعتقاد أن هذا الإنسان يظهر بعد زوال الدولة الرومانية، وأن الإمبراطور الروماني هو القوة المقاومة لظهوره لذلك صلوا ليستقر الإمبراطور على كرسيه وتبقى الدولة الرومانية. وحدد بعض الآباء أنه سيكون يهوديًا ومن سبط دان.
وقال البعض من الآباء أن كثيرين من المقاومين لله وللمسيح كانوا رمزًا له مثل أنطيوخس أبيفانيوس آخر الملوك اليونان الذين حكموا اليهود، ونيرون الذي حسب نفسه إلهًا. ولكن من سفر دانيال يتضح تمامًا أن أنطيوخس إبيفانيوس اليوناني هو رمز لضد المسيح هذا (وراجع إصحاحات 8، 11 من سفر دانيال).
إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ
: هو عكس المسيح في كل شيء، فالمسيح هو استعلان للبر، فيه تشخيص كمال البر الإلهي، من يقتنيه إنما يقتني بر الله فيه، أما هذا فتتشخَّص فيه الخطية ببث روح الشر في أتباعه، وفي أنه يقاوم كل بر حقيقي. لذلك يُسَمَّى ضد المسيح = وهذا يعني أن المسيح كان وديعا أما هذا فسيكون دمويا (رؤ13) / المسيح كان متواضعًا أما هذا فسيكون متكبرا / المسيح كان طاهرا أما هذا فسيكون نجسا... إلخ.ابْنُ الْهَلاَكِ
= هو هالك ويسعى لإهلاك البشر، ففيه كل قدرة الشيطان (رؤ 13: 2)، هو ابن لإبليس يعمل أعمال أبيه (يو8 : 44) + (1يو3: 10). والشيطان هلك لاعتزاله الله، من يسير وراء الشيطان يهلك فهو سيعتزل الله . أتباع الشيطان يحملون صورته ويكونون على مثاله محبين لهلاك الناس، كما أن أبناء الله يحملون صورة الله. وإنسان الخطية هو إنسان حقيقي يلبسه الشيطان ليعمل فيه بكل طاقته حتى إن أمكن يضل حتى المختارين (مت 24: 24) + (رؤ 13: 2).ولاحظ أن المسيح أخلى ذاته في اتضاع عكس هذا المتكبر الذي يَدَّعي الألوهية. وهناك من فسَّر
عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا = أنه سيحتقر كل المراكز العالمية والقضاء، فالمزمور والذي استخدمه السيد المسيح ألم اقل أنكم آلهة قيل عن الملوك والقضاة ولكن الرسول يضيف ويقول إلها أو معبودا = إذًا فإنسان الخطية يتضح أن هجومه سيكون على الله الذي نعبده وبالذات على المسيح فهو سَيَدَّعي أنه المسيح الذي ينبغي أن يعبده البشر. ويقول القديس أغسطينوس أن اليهود سيقبلون هذا الإنسان على أنه المسيح "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلوني، إن أتى آخر باسم نفسه (إنسان الخطية) فذلك تقبلونه" (يو5: 43)، وباسم نفسه أي يطلب مجد نفسه في كبرياء. وهم سيقبلونه إذ يظنون أنه في كبريائه وعظمته قادر أن يعطيهم مجد العالم وحكم العالم.هَيْكَلِ اللهِ
: يرى بعض الآباء ومنهم كيرلس الكبير أن ضد المسيح يقوم بتجديد الهيكل اليهودي في أورشليم كمركز لعمله. ويرى ذهبي الفم وأغسطينوس وغيرهم أنه يتربع في هيكل الكنيسة المسيحية أي يأخذ الكنائس المسيحية ويجعلها مراكز لعبادته ، وهذا هو الرأي الأرجح لأن الرسول يسميه هيكل الله، فهل يكون هيكل منسوب لله ويقدم فيه اليهود ذبائح حيوانية. وهناك رأي أن المؤمن هو هيكل لله، تقدس بالمعمودية، وهذا سيفسد قلوب الناس ويملأها شر لحسابه. إذًا إنسان الخطية هو إنسان حقيقي يظهر قبيل مجيء المسيح، ليقيم نفسه إلهًا ويقاوم الكنيسة المسيحية كضربة نهائية من قِبَلْ الشيطان قبل أن يذهب لمصيره في البحيرة المتقدة بالنار، عند إعلان ملكوت الله الأبدي. وهو سيثير حركة إرتداد عن الإيمان ويقاوم هو وأتباعه كل حق ويقفون ضد الله . ويدنس المواضع المقدسة (دا11: 30، 31) والرسول يطلب من التسالونيكيين أن لا يظنوا أن يوم الله أتي قبل أن يظهر هذا الإنسان، ويرتد الكثيرين وسماه إنسان الخطية لأنه يصنع شرورًا لا حصر لها ويثير الآخرين لفعل ذلك، وهو ابن الهلاك فهو سيَهلك بل سيُهلك معه كل من تبعه ويكون سببًا في هلاك كثيرين. وَيُدْعَى "المقاوِم" لأنه يقف ضد الله والمرتفع إذ يقيم نفسه إلهًا.
آية 5:- أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟
يظهر من هذا القول أن الرسول سبق فحدثهم عن إنسان الخطية حين كان حاضرًا عندهم يكرز بالإنجيل، فعلى مَنْ يؤمن أن يفهم أنه عبر العصور سيقاوم إبليس الله وكنيسته، بل هذا سيحدث حتى النهاية. وهذا ما نبه له السيد المسيح بأن هناك مسحاء كذبة يقومون (مت 24: 23 – 25). الرسول هنا يشير لكلام قاله عندهم شفاهة ولم يشأ أن يكرره كتابة فيكون سببا لمتاعب كثيرة لأحد.
آيات 6، 7:- وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ.
وَالآنَ تَعْلَمُونَ
= مما كنت شرحته لكم وأنا عندكم.مَا يَحْجِزُ
= الرسول كتب بطريقة غامضة عن قوة ستظهر أو ظهرت في التاريخ ستكون مانعة لظهور هذا الأثيم، ولكنها حينما تنتهي سيظهر ضد المسيح هذا. لذلك فهم الآباء أنها الدولة الرومانية، ولكنها أي قوة؟ لا نعلم، لكن يبدو أن الرسول في تعليمه لأهل تسالونيكي كان أكثر وضوحًا.وأصحاب رأي الدولة الرومانية يقولون أنه كما أن مملكة الفرس قامت على أنقاض مملكة بابل ومملكة اليونان قامت على أنقاض مملكة الفرس ومملكة الرومان قامت على أنقاض مملكة اليونان هكذا ستقوم مملكة ضد المسيح على أنقاض
دولة الرومان. ويكون ذلك قبل مجيء المسيح ليملك على كنيسته للأبد. وكان هذا لأن الكنيسة الأولى كانت تتصور أن مجيء المسيح على الأبواب ولم يتصوروا أن هناك دولة أخرى يمكنها أن تحل مكان الدولة الرومانية القوية. وأصحاب هذا الرأي يقولون أن بولس أخفى اسم الدولة الرومانية كحاجز حتى لا يثير الإمبراطور الروماني بقوله أن دولته ستنتهي.ولكن الدولة الرومانية انتهت منذ زمن بعيد ولم يأتي ضد المسيح هذا، لذلك نفهم أن قوة أخرى أو هرطقة أخرى غالبًا هي بدعة أريوس التي أنكرت ألوهية المسيح هي ما يقصدها الرسول ولم يشأ توضيح الأمر. وما علينا أن نسكت حتى يُستعلن في وقته كما يقول الرسول، فإن كان الله أراد إخفاء شيئًا ما، فعلينا أن نصمت ونراقب. ولكن ما نفهمه أن إنسان الخطية هو محتجز الآن بأمر إلهي، إذ الشيطان
مقيد حتى الآن. ولكن في الأيام الأخيرة يطلق الشيطان، فيعطي كل قوته وقدرته لضد المسيح ليصب الشيطان كل جامات غضبه على الكنيسة، وسيقيم نفسه في أورشليم (رؤ 11) . ولكن الله لن يترك شعبه دون تدخل بل يرسل نبييه إيليا وأخنوخ . ويمكننا أن نرى الآن مقدمة لذلك في انتشار الأفكار الإلحادية والفلسفات المقاومة للحق، تحتل قلوب بعض المؤمنين بدلًا من أن تكون هيكلًا لله.وبمقارنة هذا مع (رؤ17: 7 – 11) نفهم أن ضد المسيح سيكون ثامنًا لسبعة ممالك، كل مملكة قامت على أنقاض الأخرى وهي مصر / أشور / بابل / الفرس / اليونان / الرومان،
وكلها قاومت شعب الله. أما ضد المسيح فسيخرج بعد القوة السابعة، وهي غالبًا الهرطقات التي خرجت بعد الدولة الرومانية وكانت تنكر لاهوت المسيح.لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ
= منذ بداية المسيحية هاج الشيطان وبدأ في العمل على هدم ملكوت الله سواء بتشكيك أو بهرطقات أو إثارة شهوات وخطايا، ولكن في نهاية الأيام ستكون الحرب علنًا. فكلمة سر هي في مقابل استعلان أو يستعلن، فالشر يعمل الآن ولكن خفية، أما حين يظهر ضد المسيح فسيكون علانية. ما قبل ضد المسيح كان المسحاء الكذبة يعملون العداء للمسيحيين سرًا وبالخديعة، وأما أعمال ضد المسيح هذا فستظهر علانية (1يو2: 18).الخلاصة أن هناك أضداد كثيرين للمسيح يعملون الآن سرًا ولكن سيأتي الوقت المناسب حين ينزع حاجز ما (لا نعلمه) فيظهر ضد المسيح علنًا ولكن بشاعة ما يفعله ضد المسيح علانية تتضاءل أمامه كل أعمال الشيطان السابقة.
أحد الآراء والتي ترفضها كنيستنا تقول أن المحتجز هنا هو كنيسة الأمم التي تُحْجَز حتى تكمل أما رفع الحاجز من الوسط فيعني عند أصحاب هذا الرأي اختطاف كنيسة الأمم مع عريسها لكي يأتي الارتداد ويستعلن إنسان الخطية، عندئذ يقبل اليهود الإيمان في آخر الأزمنة (رو 11: 25، 26). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويستند هؤلاء على قول المسيح حينئذ يكون اثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر (مت 24: 40، 41). ويقولون أن كنيسة الأمم ستختطف قبل الارتداد. وترفض كنيستنا هذا الرأي للأسباب الآتية:-
1. القول بأن الاختطاف يتحقق قبل مجيء السيد المسيح الأخير، بل وقبل ظهور إنسان الخطية إنما يعني ظهور السيد 3 مرات:
أ. عند تجسده.
ب. قبل ظهور الخطية لاختطاف كنيسة الأمم.
ت. للدينونة.
ومن أصحاب هذا الرأي الأدفنتست أي المجيئيين. ولكن السيد المسيح كما نفهم من باقي الكتاب المقدس سيأتي مرة واحدة للدينونة العامة.
2. إن كان اليهود يقبلون الإيمان بالسيد المسيح عند دخول ملء الأمم، فهذا لا يعني انعزالهم ككنيسة مستقلة، إنما يصيرون أعضاء متفاعلة معًا في الجسد الواحد، فالكنيسة الآن ليست كنيسة الأمم، بل هي كنيسة واحدة جمعت الأمم واليهود واندمج الجميع (غل 3: 26: 28).
3. إن كان الاختطاف لكنيسة الأمم يتحقق قبل ظهور إنسان الخطية فمن هم الذين يقاومهم إنسان الخطية، هل اليهود؟ وكيف يقبلون الإيمان والكنيسة مختطفة؟ إن سفر الرؤيا يروي لنا الحرب المريرة التي ستعانيها الكنيسة في أيام ضد المسيح.
4. حدد بولس الرسول فئتان عند مجيء المسيح:
أ. الراقدين.
ب. الأحياء وذلك في (1تس 4: 13-18).
فمن أي فئة تكون كنيسة الأمم المختطفة، هم ليسوا بأحياء فالأحياء بحسب نظرية الاختطاف هم اليهود الذين آمنوا، وهم ليسوا براقدين لأنهم اختطفوا أحياء. نحن الآن أمام 3 فئات وهذا ضد ما قاله الرسول.
5. حديث المسيح عن "يكون إثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر" معناه أن الإنسان الروحي ينطلق إلى السيد المسيح في مجده ليكون معه في الميراث بينما يبقى الآخر كمن في مكانه أي في حرمانه من المجد الأبدي. ولكن كلام السيد معناه أنه يكون في مجيء المسيح عنصر المفاجأة، فينعم الواحد بالميراث ويحرم الآخر منه، أحاديث المسيح رمزية عن هذا اليوم، فزيت العذارى ليس زيتا حقيقيًا ولا هناك مصابيح حقيقية للعذارى.
6. قال السيد صلوا لئلا يكون هربكم في سبت فهل الأشرار سيصلون، وهل تقبل صلواتهم وصلاة الأشرار مكرهة للرب (أم15: 8).
7. يقول الكتاب:
أ. يضل ولو أمكن المختارين (مت 24: 24).
ب. من أجل المختارين تقصر تلك الأيام (مت 24: 22) إذًا المختارين سيكونون موجودين وقت الضيقة.
8. صورة النهاية كما نراها في (يو 5: 28، 29) يقوم الصالحين إلى قيامة الحياة والذين صنعوا السيئات إلى قيامة الدينونة. إذًا هناك فئتين فقط واتجاهين للناس:
أ. إما قيامة الحياة.
ب. أو قيامة الدينونة ولا مكان للاختطاف.
آية 8:- وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ.
حينئذ سيستعلن الأثيم = أي حينما تختفي هذه القوة الغامضة التي كانت تقاوم مملكة المسيح سرًا. ويسميه الأثيم لأن ما يثيره الشيطان من إثم عبر العصور يتجلى علانية في إنسان الخطية، لقد ظل إبليس منذ بدأت الكرازة يثير كل أصناف التشكيك والهرطقات ويريد أن يستعلن ضد المسيح هذا، ولكن كان الله يمنعه إلى أن تزول هذه القوة فيستعلن ضد المسيح، الله لن يسمح به إلا في الوقت المحدد ولكن سيظهر قليلًا ثم يبيده الله بنفخة فمه = هكذا تحول تمثال نبوخذ نصر إلى عصافة حملتها الريح فلم يوجد لها مكان، والتمثال إشارة لممالك هذا العالم، إذًا نهاية هذا الأثيم هي نهاية لهذا العالم بصورته الحالية تمهيدًا لظهور ملكوت الله. راجع (دا 2) + (أش 11: 4) + (رؤ 19: 15).
يبطله بظهور مجيئه = كل أعمال الشيطان وخداعاته لا تثبت حين يظهر الله.
آيات 9، 10:- الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا.
الشيطان يعلن مملكته ببث طاقاته فيه (في إنسان الخطية) فيضلل الناس وينحرف بهم عن الحق إلى مملكة الظلم. هو في خداعه سيحاول أن يتشبه بالمسيح، فيصنع ما يُسَمَّى معجزات وعجائب لكنها كاذبة لأنها من صنع إبليس المخادع الذي يُدعَى الكذاب وأبو الكذاب، هو يصنعها في كبرياء وليس في محبة كالمسيح، والشيطان قادر أن يصنع أعاجيب، بل أن يظهر في هيئة ملاك نور (2 كو 11: 14). وسفر الرؤيا يحدثنا أنه يشفي جرح أحد تابعيه ويجعل نارًا تنزل من السماء ويجعل صورة تتكلم (رؤ 13: 12-15).
لأنهم لم يقبلوا محبة الحق = هؤلاء يحبون الكذب، ولهم الاستعداد لقبول الكذب، هؤلاء يتركهم الله حتى يصدقوا الكذب، ومن يسرون بالضلال يسر الله بأن يسلمهم للضلال، ضلالهم. فالمسيح حين جاء جذب إليه محبي الحق، وضد المسيح حين يجيء يجذب إليه محبي الضلال.
آيات 11، 12:- وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.
لماذا يسمح الله بفك الشيطان من أسره وظهور هذا الأثيم؟ لسبب واحد، أن الناس سيكونون رافضين لله طالبين الشر والخطية، ويقول الروح القدس على فم داود النبي في المزمور "الرب يعطيك حسب قلبك ويتمم مشورتك" (مز20: 4)، والناس الآن صاروا لا يريدون المسيح بل يريدون الشر فسيعطيهم الله بحسب قلبهم، وسيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذاب = والله بهذا يفضح أعماقهم الشريرة ويمتلئ كأسهم = لكي يدان هذا الأثيم سيحطم من حطموا أنفسهم بأنفسهم بسرورهم بالإثم ورفضهم للحق (رو 1: 28) + (مت 25: 29).
وكيف يفعل الله هذا مع أنه "يريد أن الجميع يخلصون" (1تى2: 4)؟
الله أعطى الوصايا حرصا على أن نحيا في فرح وسلام بقدر الإمكان وسط هذا العالم. ولكن في الأيام الأخيرة ومع ازدياد الشر يطلب الناس الخطية، رافضين تنفيذ وصايا الله، ظانين أن الله يقيد حريتهم وسعادتهم، وأن السعادة هي في الخطية. لذلك فالله سيطلق الشيطان لينشر هذه الخطايا التي ظن الناس أن فيها سعادتهم، ولكنهم سيكتشفون أن فيها أحزان يعضون بسببها ألسنتهم من الوجع (رؤ16: 10)، فمن يفهم سيقدم توبة ويرجع إلى الله، وبسبب هؤلاء التائبين سمح الله بإطلاق الشيطان ليعرفوا أن الله لم يمنعنا عن الخطية ليتحكم فينا ويحرمنا من سعادة نتوهمها، بل ليحفظنا من آلام ناتجة عن ذل الشيطان واستعباده لنا حين نسقط.
أما من يرفض فستكون هذه هي الفرصة النهائية لهؤلاء قبل الدينونة العامة، ويبدو أن هؤلاء سيكونوا هم الأغلبية للأسف (رؤ9: 20 + 16: 9، 11). ولكن سيكون الله قد استنفذ معهم كل الوسائل الممكنة لخلاص أنفسهم "لكي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت".
آية 13:- وَأَمَّا نَحْنُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ.
حتى لا يرتاعوا من هذه الأخبار، فهو يطمئنهم ويشكر الله لأجلهم أن الله اختارهم للخلاص بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ = تقديسنا أي تخصيصنا أو تكريسنا لله بروحه القدوس. وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ = أي الإيمان بالمسيح الذي هو الحق. والرب لأنهم محبوبون أرسل لهم ابنه الحق (المسيح) ليقبلوه. الآب قدم لهم الابن الحق فقبلوه وصدقوه وآمنوا به. لاحظ عمل الثالوث، فالله الآب يختار للخلاص والابن يُخلِّص بدمه، والروح القدس يقدس أرواحنا فتقبل الحق (الابن) فتدخل إلى حضن الآب بالمسيح.
آية 14:- الأَمْرُ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
الإنجيل وكرازة بولس الرسول كانت هي إنجيل الخلاص، كان دعوة لمن قد اختاره الآب وليخلصه الابن ويقدسه الروح القدس فيتمجد مع الابن.
آية 15:- فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا.
الله لم يبخل علينا بشيء، فقد أحبنا واختارنا وخلصنا ووهبنا تقديس الروح مقدمًا لنا الحق ذاته يسكن فينا، واهبًا إيانا إنجيل الخلاص كطريق للتمتع بمجد ربنا يسوع المسيح، فماذا نقدم لله مقابل هذا؟ فأثبتوا إذن أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم (صحة ترجمة الكلمة هو "التقاليد") = فلنتمسك بتقاليد الكنيسة سواء شفوية أو كتابية هذه التي سلمها بولس الرسول لأهل تسالونيكي لنعيش إنجيل ربنا يسوع كحياة إيمانية عملية تترجم خلال العبادة والسلوك. التقليد الذي تسلمناه ليس محاكاة للماضي لمجرد أنه ماضي، لكنه هو وديعة الإيمان الحي.
آيات 16، 17:- وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِي أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَل صَالِحٍ.
نلاحظ هنا أن الرب يسوع يأتي ذكره قبل الله الآب وهذا يدل على المساواة التامة. والرسول هنا يختم وصيته لهم بالثبات في الرب والتقليد الكنسي بصلاة قصيرة يقدمها عنهم لكي تسندهم.
كما يصلي عنهم نجده في بداية الأصحاح الثالث يطلب صلواتهم عنه، هنا نرى دور العلمانيين ومشاركتهم في الخدمة بصلواتهم عن الخدام.
← تفاسير أصحاحات تسالونيكي الثانية: مقدمة | 1 | 2 | 3
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير تسالونيكي الثانية 3 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير تسالونيكي الثانية 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/p38nxmz