محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
هوشع: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9
هذا الإصحاح يختلف عمّا سبق، فما سبق كان يتكلم عن غضب الله وعقوبة الخطية بينما نجد هنا دعوة للتوبة ووعود بالمراحم للتائبين وهذا الإصحاح درس للتائبين. هذا الإصحاح هو دعوة العريس لعروسه.
الآيات (1-3): "اِرْجِعْ يَا إِسْرَائِيلُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ، لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِإِثْمِكَ. خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَمًا وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: «ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَاقْبَلْ حَسَنًا، فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا. لاَ يُخَلِّصُنَا أَشُّورُ. لاَ نَرْكَبُ عَلَى الْخَيْلِ، وَلاَ نَقُولُ أَيْضًا لِعَمَلِ أَيْدِينَا: آلِهَتَنَا. إِنَّهُ بِكَ يُرْحَمُ الْيَتِيمُ»."
اِرْجِعْ يَا إِسْرَائِيلُ
= هي دعوة الله الحنون ليس بالعنف ولكنه يستعطف إسرائيل ويستعطفنا نحن أيضًا بحبه. مقدرًا لنا حريتنا الإنسانية في أن نختاره أو نختار الخطية، ولكنه يشرح هنا أن الخطية تعثرنا = لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِإِثْمِكَ = بخطاياك وبأوثانك تعثرت فانفصلت عن الله وبذلك تجئ عليك اللعنة والخراب والألم فتكون كمن يتعثر ويتخبط ولا حل لهُ غير التوبة. فإن فهمنا أن الأيام اقتربت فلنستعد وكفانا ما مضى في الخطية.وفي (2) خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَمًا = أي قدِّموا لله صلوات معترفين فيها بأنكم أخطأتم. والله لا يطلب منهم ذبائح بل تضرعات وتوسلات من القلب. ثمار شفاه، ليس من اللسان فقط بل من القلب، على القلب أن يملي اللسان ما يقوله. وعليهم أن يصلوا بالروح أي يعطيهم الروح ما ينبغي أن يقولوه، وكما قال الآباء "سكت لسانك فيتكلم قلبك، سكت قلبك فيتكلم الروح" . والروح لن يعطي هذا سوى بتوبتنا لذلك يقول وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ هو رجوع داخلي لله، ورجوع خارجي بتغيير كل طرق حياتنا لنرضي الله. والله هنا يعلمهم ماذا يقولون = ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ = هم الآن تحت عقوبات وآلام بسبب خطاياهم ولكن عليهم أن يصلوا ليس لطلب رفع الآلام بل رفع الآثام. فحين ترفع الأثام لا نعود نتعثر وتنتهي الآلام. لذلك حين أراد المسيح شفاء المفلوج قال له "مغفورة لك خطاياك" والإحساس بعمق الخطية وفضح بشاعة الخطية هو عمل الروح القدس الذي "يبكت على خطية" وخطايانا هي التي كانت تمنع عنّا كل إحسانات الله. ولذلك نصلي اقْبَلْ حَسَنًا = فحين ترفع الخطية يقبلنا الله وتعود إلينا إحساناته ونعود نتمتع ونتلذذ بحبه. وحين نفرح بإحساناته ومحبته نشكره ونسبحه = فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا = وفي السبعينية يقول "نقدم ثمار شفاهنا" وهكذا قالها بولس الرسول (عب15:13). وما هي عجول شفاهنا أو ثمار شفاهنا؟ نفس كلمة ثمار استخدمت عن ذبيحة المحرقة والعجول تستخدم لتقديم ذبائح المحرقة وبهذا نفهم أن المتألم إذا وقف أمام الله في ألمه ولا ينسب لله خطأً في ألمه، بل ينسبه لنفسه معترفًا بذنوبه وأنه يستحق ما يقع عليه من ألم ويسبح الله ويشكره (ذبيحة تسبيح)، بهذا يصبح هذا المتألم كمن يقدم نفسه ذبيحة محرقة، وتصبح كلمات التسبيح والاعتراف على شفاهه افضل من تقديم عجول كذبيحة . وفي (3) لاَ يُخَلِّصُنَا أَشُّورُ = أي لا نعود يا رب نعتمد على أحد سواك، أنت مخلصنا الوحيد. لقد أخطأنا بإلتجائنا لغيرك ولن نضع ثقتنا حتى في قوتنا = لاَ نَرْكَبُ عَلَى الْخَيْلِ، وَلاَ نَقُولُ أَيْضًا لِعَمَلِ أَيْدِينَا: آلهتنا أي سنترك أصنامنا ولا نعود نسميها آلهة. وليبحث كل منا عما يعتبره إلها يعبده ويشبعه ويعطيه لذاته وإطمئنانه، وليتخلى عنه.
يا رب خلاصنا لا يتم بذراع بشري بل بك أنت وحدك (فعمل أيدينا إن فكرنا أنه يخلصنا، فهذا ما نسميه البر الذاتي) وأنا واقف أمامك يا رب كيتيم بلا قوة وأنت بِكَ يُرْحَمُ الْيَتِيمُ = بل أنا في خطيتي، كأني يتيم بدونك، فارحمني.
الآيات (4-7): "«أَنَا أَشْفِي ارْتِدَادَهُمْ. أُحِبُّهُمْ فَضْلًا، لأَنَّ غَضَبِي قَدِ ارْتَدَّ عَنْهُ. أَكُونُ لإِسْرَائِيلَ كَالنَّدَى. يُزْهِرُ كَالسَّوْسَنِ، وَيَضْرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنَانَ. تَمْتَدُّ خَرَاعِيبُهُ، وَيَكُونُ بَهَاؤُهُ كَالزَّيْتُونَةِ، وَلَهُ رَائِحَةٌ كَلُبْنَانَ. يَعُودُ السَّاكِنُونَ فِي ظِلِّهِ يُحْيُونَ حِنْطَةً وَيُزْهِرُونَ كَجَفْنَةٍ. يَكُونُ ذِكْرُهُمْ كَخَمْرِ لُبْنَانَ."
الارتداد عن الله هو مرض خطير والطبيب هو الله وحده، فعلينا أن نأتي إلى الله كطبيب ونقبل وسائل علاجه. إسرائيل هنا صار في حالة مرضية يصعب علاجها سوى بواسطة الله = أَنَا أَشْفِي ارْتِدَادَهُمْ. وهنا نجد رد الله على الصلوات التي قدَّموها سابقًا = أُحِبُّهُمْ فَضْلًا = أي مجانًا. وهذا الحب ظهر على الصليب "لَيْسَ.. حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يو13:15) الله أبغضهم حين إنغمسوا في الخطية (هو15:9) أماّ بعد فداء المسيح نسمع غَضَبِي قَدِ ارْتَدَّ = والآن الله يحب مجانًا من يقدم توبة، نحن لا نستحق هذا الحب ولا هذا الفداء ونحن لم نصنع ما نستحق عليه هذا الحب ولا هذا الفداء لكنه أُحِبُّهُمْ فَضْلًا. ولكن الغضب لا يرتد إلاّ بالتوبة والله سريعًا ما يتصالح مع التائب. وفي (5) أَكُونُ لإِسْرَائِيلَ كَالنَّدَى = الله لا يعطيهم ما يطلبونه فقط بل يكون هو لهم كل شيء (سواء عطايا مادية أو روحية). كان الله يمطر على اليهود منًا والآن هو لنا المن السماوي نأكله فنحيا. هو لنا الندى الذي يرطب آلام تجارب هذا العالم وضيقاته التي كحر الشمس "انه هكذا قال لي الرب أني اهدا وانظر في مسكني كالحر الصافي على البقل كغيم الندى في حر الحصاد" (إش18: 4). هو لنا الندى الذي ينعش ويعزي فتكون أرواحنا كجنة = يُزْهِرُ كَالسَّوْسَنِ = هذا النبات يختفي في الأرض طوال فترة الشتاء ثم مع ندى الربيع ينمو بسرعة كبيرة ومنظره جميل. والسوسن هو المسيح أي أن التائب يعطيه المسيح نموًا سريعًا ليكون على صورته (نش2: 1، 2، 16). وَيَضْرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنَانَ = لا يوجد تشبيه كامل فالسوسن سريعًا ما يجف ويذبل لكن الله هنا يعود ويقول بل تكون جذوركم قوية، كأشجار الأرز لا يمكن قلعها أو قطعها (عا15:9). والله يهتم بالعطايا الروحية وهي داخلية كالجذور بعيدة عن نظر الآخرين. وستكون لهم ثمار وامتداد في كل مكان = تَمْتَدُّ خَرَاعِيبُهُ أي فروعه = وَيُزْهِرُونَ كَجَفْنَةٍ = أي كرمة. والكرمة تمتد ثمارها وأغصانها في كل مكان أكثر من أي شجرة أخرى. وَيَكُونُ بَهَاؤُهُ كَالزَّيْتُونَةِ = وهي دائمًا خضراء. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا الكنيسة بطاعتها للمسيح دائماَ فيها حيوية ومادامت خضراء فورقها لن ينتثر. والتائب الثابت في المسيح يكون له بهاؤه أمام الله والناس. والتائبين يسكب الله رائحته فيهم فتكون لهم رائحة المسيح الذكية = وَلَهُ رَائِحَةٌ كَلُبْنَانَ.. [و]ذِكْرُهُمْ كَخَمْرِ لُبْنَانَ. والخمر رمز الفرح والمعنى أن ذكرهم يجعل من يسمع سيرتهم يفرح. وهنا تم تشبيه التائب بزيتونة (كَالزَّيْتُونَةِ) (رمز للامتلاء من الروح القدس = الزيت) وبجفنة (كَجَفْنَةٍ) = بكرمة (رمز الفرح) وهي أشجار لها ثمار حلوة بل هؤلاء التائبين سيكونون كشجرة مظللة يظللون على غيرهم من المتعبين = يَعُودُ السَّاكِنُونَ فِي ظِلِّهِ يُحْيُونَ = فهم يحملون المسيح فيهم وبهذا تكون لهم القلوب المنفتحة بالحب ليضموا تحت ظلهم كثيرين يقدمون لهم كلمة الحياة = يُحْيُونَ.
الآيات (8، 9): "يَقُولُ أَفْرَايِمُ: مَا لِي أَيْضًا وَلِلأَصْنَامِ؟ أَنَا قَدْ أَجَبْتُ فَأُلاَحِظُهُ. أَنَا كَسَرْوَةٍ خَضْرَاءَ. مِنْ قِبَلِي يُوجَدُ ثَمَرُكِ». مَنْ هُوَ حَكِيمٌ حَتَّى يَفْهَمَ هذِهِ الأُمُورَ، وَفَهِيمٌ حَتَّى يَعْرِفَهَا؟ فَإِنَّ طُرُقَ الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ، وَالأَبْرَارَ يَسْلُكُونَ فِيهَا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَيَعْثُرُونَ فِيهَا."
هنا حوار بين الله وإفرايم. فإفرايم يعلن توبته = يَقُولُ أَفْرَايِمُ: مَا لِي.. وَلِلأَصْنَامِ = هذه توبة قلبية يعلن فيها الإنسان تخليه عن غباوته السابقة وتركه لخطاياه التي جَرَّت عليه الآلام فيقول مالي وهذه الخطايا التي تجلب الآلام سوف أتركها هذه لغة التائب. والله يجيب = أنا قد أجبت فألاحظه = كأن الله كان مترقبًا رجوعنا وملاحظًا كل ما في داخلنا منتظرًا أدنى تحرك من جانبنا كي يتحرك نحونا بحبه (مثال الابن الضال) أنا كسروةٍ خضراء = شجر السرو في هذه البلاد كبير وكثيف والمعنى أن الله يقول اتركوا هذه الأصنام واتركوا خطاياكم التي جلبت عليكم الآلام وأرجعوا إليَّ، فأنا وحدي قادر أن أحميكم كسروةٍ خضراء من آلام حر وشمس ضيقات وآلام هذا العالم. الحوار هنا هو كلام الله الذي يريدنا أن نقوله.. مالنا وخطايانا. وهو واهب ثمرنا = من قبلي يوجد ثمرُكِ ولكن لا توجد ثمار بدون توبة والله يعطينا كل الوسائط لنثمر وفي آية (9) نصيحة يقدمها الله لنا جميعًا لنتعقل ونرجع وننال ثمرها من هو حكيم.. حتى يعرفها = سبق وقيل " هلك شعبي من عدم المعرفة (هو6:4). والآن فالروح القدس يعطي حكمة للتائب يفهم بها طريق الحياة ويعرف بها الله وطرق الله.
← تفاسير أصحاحات هوشع: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
دراسة في كتاب هوشع |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير هوشع 13 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w9p2jkb