محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
قضاة: |
1. كلمة قاضي مأخوذة من أصل كنعاني والترجمة الدقيقة تفيد معنى قائد أو رئيس فالقضاة المذكورين في هذا السفر ليسوا قضاة بالمفهوم العام لنا، فلم يكن عملهم القضاء وإصدار أحكام بحسب قانون معين لتحقيق العدل، وإنما رد البر وإعادته في حياة الجماعة، والدفاع عن حقوق هذه الجماعة وتخليصها من الضيق الذي تسقط فيه، الذي سقطت فيه بسبب الخطية.
2. ظهر هؤلاء القضاة في الفترة ما بين موت يشوع وبدء عصر الملوك (بداية بشاول) فكانوا ذوي سلطة ولكن ليس كالملوك، فكان الحكم إلهيًا. بمعنى أن الله هو الملك الخفي للشعب، والقاضي يعمل كنائب لله. وكان كل سبط له رئيسه الذي يدبر أموره الخاصة، أمّا الأمور الكبرى التي تمس الجماعة على مستوى جميع الأسباط أو بعضها معًا كمحاربة الأعداء والتخلص من نيرهم فيرجع إلى القاضي.
3. كانت فترة ظهور القضاة فترة محزنة بعد موت يشوع. فإن كان سفر يشوع قد أظهر حياة الجهاد والنصرة، نجد أنه بعد موته أن الشعب انصرف إلى اللذات الوقتية ومشاركة الأمم عبادتهم الوثنية، وكان القاضي ليس لهُ أن يسن شرائع أو يضع أثقالًا على الشعب وإنما يحكم ويؤدب خاصة المنحرفين إلى العبادة الوثنية، ويقود المعارك ضد الأمم وكان ينظر للقاضي كمخلص يخلص الشعب من سطوة الأمم الوثنية ويكون ذلك بقيادتهم عسكريًا خلال التوبة والرجوع إلى الله مع الجهاد.
4. لم يكن للقضاة أجور من الشعب ولا حرس ولا أتباع ولا أحد يخدمهم بل كل منهم ينفق على نفسه. وكان الله هو الذي يقيم القاضي، وأحيانًا يختاره الشعب.
5. سفر يشوع هو سفر الخلاص المجاني، إذ يتسلم يشوع قيادة الشعب ليدخل بهم أرض الموعد (رمزًا للمعمودية الآن) ولكن سفر القضاة يكشف عن حال غالبية المؤمنين إذ يتهاونون بعطية الله العظمى ويتراخون في المطالبة بمواعيد الله المجانية، إذ فترت غيرة الشعب وانصرف غالبيته إلى مشاركة الأمم الوثنية التي تركوها وسطهم في عبادتهم والتلذذ معهم بالخطية. ونرى في هذا السفر أسلوب الله في التعامل مع أولاده إذا أخطأوا، فمن يحبه الرب يؤدبه: "الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ" (عب 12: 6). فالله لا يترك أولاده في الرجاسات بل يؤدبهم. وهناك نجد الله يؤدبهم مستخدمًا الأمم ذاتها كعصا تأديب قاسية، وكان متى يرجع الشعب يرسل لهم الله مخلصًا ينقذهم. إذًا هذا السفر هو سفر حياة كل مؤمن ذاق عذوبة الحياة الجديدة مع المسيح يسوع بكونها الأرض الروحية التي تفيض لبنًا وعسلًا، ولكن عوض الانطلاق فيها من قوة إلى قوة يتراخَى روحيًّا ويرتد لحياة اللذة الجسدانية فيؤدبه الرب حتى يرده ابنًا مقدسًا.
6. لقد أمرهم الله بإبادة الكنعانيين لكنهم إستبقوهم فصاروا عثرة لهم ونقلوا لهم وثنيتهم ورذائلهم بل كانوا سبب ارتدادهم. وهذه الشعوب هي (شعوب ما بين النهرين والموآبيين والعمونيين والكنعانيين والمديانيين والفلسطينيين) ونلاحظ أن منهم شعوبًا طلب الرب إبادتها وشعوب لم يطلب منهم ذلك بل طلب بعدم مصاهرتهم أو الاختلاط بهم وبأوثانهم. فكان أن استخدم الرب هذه الشعوب لتأديبهم وإذلالهم فالخطية عقوبتها في نفسها. وهذه الشعوب ضايقوا شعب إسرائيل على التوالي وفرضوا عليهم جزية صعبة. ولكنهم كانوا متى صرخوا إلى الله في ضيقهم وتابوا، كان الله يشفق عليهم ويقيم لهم قادة يعطيهم شجاعة وحكمة خاصة فينقذوهم من تلك الضيقات ويكونوا ولاة أمورهم. وكان القضاة يمارسون وظيفتهم حتى نهاية حياتهم.
7. غالبًا كَتَبَ هذا السفر صموئيل النبي كما جاء في التقليد اليهودي، ووافق كثير من أباء الكنيسة على ذلك. وقد كتبه بعد تأسيس النظام الملوكي (قض 19: 1 + 21: 25) وقبل أن يضم داود أورشليم (قض 1: 21 + 2صم 5: 6-8) ولذلك فقد تحدد زمن كتابته في أيّام شاول الملك، وكان نبي ذلك الزمان هو صموئيل النبي. والاعتراض على هذه العبارة التي وردت في (قض 18: 30) "إلى يوم سبي الأرض" فتصوّر البعض أن السفر كتب بعد السبي وردًا على ذلك نقول:
أ. ربما تشير هذه الآية إلى أن السبي هو المقصود به أخذ الفلسطينيين لتابوت العهد (1 صم 4: 11؛ مز 78: 60، 61).
ب. أضيفت هذه العبارة في عصر لاحق للإشارة لوثنية دان. وممّا يدل أن السفر لم يكتب بعد السبي خلوه من آية كلمة كلدانية ومن المعروف أن عزرا في أثناء تجميعه لأسفار العهد القديم كان يفعل ذلك.
8. يمكننا القول أن فترة القضاة إتسمت بالارتداد، ولكن وُجِدت قلة من المؤمنين عبدوا الله كما يشهد بذلك وجود خيمة الاجتماع في شيلوه (قض 18: 31) والاحتفال بالعيد السنوي (قض 21: 19) ووجود رئيس الكهنة والاهتمام بتابوت العهد (قض 20: 27-28) وتقديم ذبائح لله (قض 13: 15، 16..) وممارسة الختان والنذور (قض 11: 30؛ 14: 3؛ 15: 18).
9. مع أن هناك بعض النواحي الإيجابية التي تشير لوجود بعض المؤمنين إلا أنها في مجملها تظهر بصورة باهتة جدًا حتى أننا لا نسمع عن اللاويين سوى مرتين اقترنوا بفضائح وظهر وجود رئيس الكهنة كمرور عابر وهذا يعبر عن:
أ. انحدار الحالة الدينية.
ب. لإظهار شخص المسيح كقاضي وديان وليس رئيس كهنة. فالمسيح هو القاضي الحقيقي لنا.
10. المسيح حين يقوم بدوره كرئيس كهنة فهو الشفيع الكفاري ولكنه في هذا السفر يظهر بصورة القاضي الذي يؤدب شعبه إذا أخطأ وينقذهم إذا تابوا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي خلاصهم بيد القاضي نرى صورة المسيح المخلص القوي الذي ينقذنا من عبودية الخطية والشيطان. ولكن إذا أخطأنا يسمح للشيطان أن يضرب الجسد لتخليص الروح (قض 1كو 5 : 5).
11. أحداث هذا السفر تبدأ بوفاة يشوع وتنتهي بموت شمشون أو قبيل بداية صموئيل ويصعب جدًا تحديد مدة هذه الفترة من خلال السفر نفسه، لأنه لو جمعنا الفترات التي حكم فيها القضاة مع فترات الضيق أو العبودية للأمم حيث لم يكن يوجد قضاة لوجدناها 410 عامًا هذا بفرض أن القضاة جاءوا على التوالي وتحسب هكذا:
أ. العبودية لكوشان رشعتايم |
8 سنين. |
ب. قضاء عثنئيل |
40 سنة. |
ج. العبودية لعجلون |
18 سنة. |
د. سلام في أيام أهود وشمجر |
80 سنة. |
ه. مضايقة يابين |
20 سنة. |
و. فترة قضاء دبورة وباراق |
40 سنة. |
ز. الاستعباد لمديان |
7 سنوات. |
ح. فترة قضاء جدعون |
40 سنة. |
ط. حكم أبيمالك (ليس قاضيًا) |
3 سنوات. |
ي. فترة قضاء تولع |
23 سنة. |
ك. فترة قضاء يائير |
22 سنة. |
ل. مضايقة العمونيين لهم |
18 سنة. |
م. فترة قضاء يفتاح |
6 سنوات. |
ن. فترة قضاء إبصان |
7 سنوات. |
س. فترة قضاء إيلون |
10 سنوات. |
ع. فترة قضاء عبدون |
8 سنوات. |
ف. الاستعباد للفلسطينيين |
40 سنة. |
ص.فترة قضاء شمشون |
20 سنة. |
ولكن هذا هو الغالب بالتأكيد أن القضاة لم يخلفوا بعضهم الآخر بل كان يعاصر أحدهم الآخر. وكان كل قاضي مسئول عن جزء من البلاد وليس كل البلاد، أي أن سلطة القاضي كانت لا تشمل كل الأسباط. إذًا سلطة القضاة كانت محلية وليس على مستوى الشعب كله ولم يمثل القضاة حلقة متصلة كالملوك ونلاحظ أن:-
أهود ويفتاح وإيلون ويائير |
شرق الأردن |
|||
باراق وتولع |
شمال كنعان |
|||
عبدون |
وسط كنعان |
|||
أبصان وشمشون |
جنوب كنعان |
ولذلك تحدد فترة القضاة بحوالي 200-300 سنة ولا يمكن تحديدها بالضبط.
12. نلاحظ يد الله الرحيمة بالرغم من خطايا شعبه ففترات التأديب والعبودية كانت (قض 8 + 18+20+7+3+18+40 = 114 سنة). بينما فترات السلام (410-114 = 296 سنة). وكأن فترات الضيق حوالي ربع المدة كلها.
13. القضاة الآخرون الذين خارج هذا السفر هما عالي وصموئيل النبي.
14. يظهر في السفر عمل الروح القدس بقوة، روح القوة الذي به انتصر القضاة على الأمم وهو بذاته الروح الناري الذي يعطينا النصرة لا بعمل بشري إنما بعمله فينا.
15. ينقسم سفر القضاة إلى 3 أجزاء:
أ. حال الشعب بعد يشوع (مقدمة السفر) ص 1-2.
ب. عصر القضاة من عثنئيل إلى شمشون = ونجد فيه ضيق الشعب بسبب خطاياهم ثم نجاتهم العجيبة حين يتوبون بواسطة القضاة ص 3-16.
ج. حادثتان أثناء عصر القضاة. يدلان على مدى انغماس شعب إسرائيل في الوثنية وفسادهم والمصيبة التي حلَّت بسبط بنيامين لأنه حمى فاعلي الشر ص17-21.
* انظر أيضًا: مقال "القضاة" في قسم قاموس الكتاب المقدس، مع جدول القضاة ومدة خدمة كل منهم.
← تفاسير أصحاحات القضاة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5z3fafa