St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

666- من هو الفيلسوف اليهودي السكندري "فيلون" (20 ق.م - 50 م) الذي مزج بين الفلسفة اليونانية وبين مبادئ الديانة اليهودية. وما هو مفهوم "اللوغوس" لدى فيلون؟ وهل أخذ يوحنا الإنجيلي "مفهوم اللوغوس" من فيلون؟

 

ج: أولًا: Plilion / Philo of Alexandria  فيلون (20 ق.م - 50م): وُلِدَ فيلون في مدينة الإسكندرية قبل ميلاد السيد المسيح بعشرين عامًا، من أسرة يهودية ضمن الجالية اليهودية الضخمة في الإسكندرية، والتي شغلت حي كامل من أحياء الإسكندرية السبعة حينذاك، وبينما كانت الأسوار تحيط بمدينة الإسكندرية فإن اليهود أقاموا حول الحي اليهودي أسوارًا داخل الأسوار طلبًا لحماية أكثر (راجع روايتنا البحار المُغامر). وقال القديس جيروم أن أسرة فيلون كانت أسرة كهنوتية ارتبطت بعلاقات اجتماعية مع كهنة أورشليم، وعندما شبَّ فيلون وأكمل دراسته وتمكَن من الأسفار المقدَّسة ولا سيما أنه كان تحت يده الترجمة اليونانية (السبعينية) فحاول التوفيق بين الفلسفة اليونانية ومبادئ الديانة اليهودية، أو بمعنى آخر أن يصنع صلحًا بين الفلسفة والدين، ولذلك استخدم التفسير المجازي بدلًا من التفسير الحرفي للأسفار المقدَّسة للتوفيق بين الفلسفة والنصوص المقدَّسة، واقتبس الكثير من عبارات "أفلاطون" فقد كان معجبًا بفلسفته وكان ينظر نظرة تقدير وتعظيم لأفلاطون، لكنه اعتبر أنه لا يوجد مثيل لموسى النبي، فأقوال موسى هيَ الحق المُطلّق والحكمة الكاملة. وكان "فيلون" منفتحًا على العالم كله يهود وأمم، فكان يقول أن "إسرائيل" دُعيَ بهذا الاسم لأنه ينظر إلى الله، فكل ناظر إلى الله هو إسرائيل، وأوضح أن الفلسفة الإغريقية ما هيَ إلاَّ شعاع من أشعة التوراة، ورأى أن اليهود هم الذين هدوا الأمم وأنهم أحق الناس بإعجاب الجميع، وأن حفظهم للسبت وتقديسهم ليوم الكفارة انتشر بين الأمم، فيقول "عباس محمود العقاد": "ولكن اليوم السابع الذي يستريح فيه اليهود مرعي الحرمة عند جميع الأقوام، ويوم الكفارة من كل سنة أقدس من الشهر الحرام في عرف الإغريق، إذ هو شهر يبطل فيه القتال ولكنه يُغري الناس بالإفراط في الشراب والطعام وشهوات الأجسام (لدى الإغريق) وشتان هذا من موسم الصيام عند بني إسرائيل"(248).

وقام "فيلون" بتأليف عدد كبير من المؤلفات متبعًا التأويل المجازي، فقال أن ما ورد في الأسفار المقدَّسة كتب للجميع عوام، وفلاسفة، فالنص الحرفي الظاهري هو للعوام، أما الفلاسفة والعلماء فيقدَّم لهم المعاني المخفية وراء النص من خلال التفسير المجازي، فرأى في الآباء البطاركة رمزًا لمعرفة الله، فإبراهيم يمثل التعليم، وإسحق يمثل الطبيعة، ويعقوب يمثل الزهد، وأن الله المتعالي السامي غير المُدرك يتعامل مع الإنسان عن طريق قوى غير مرئية، ولكن يمكن إدراكها بالعقل، وفي مقدمة هؤلاء الوسطاء "اللوغوس" (راجع ج. ويتلر - الهرطقة في المسيحية ص51، 52). لقد ركز "فيلون" اهتمامه على التفسير المجازي من منظار فلسفي، محاولًا الربط بين أفكار العهد القديم ومفاهيم الفلسفة اليونانية، مستخدمًا التفسير المجازي للأسفار المقدَّسة، فيقول عنه "د. محمد غلاَّب": "ومن الغريب أنه قد استطاع في هدوء واطمئنان أن يعثر في التوراة على مذاهب: فيثاغورس وأفلاطون وأرسطو والرواقيين، وأن يُعلن في أسلوب الواثق أن منبع كل هذه المذاهب يهودي... يرى أن الإله واحد لا شريك له، وأنه منزَّه عن جميع نعوت البشر إلاَّ الخيرية والإيجابية والإحسان وما أشبه هذه الصفات التي لا تحط بمقام الألوهية، وأنه يستحيل وصفه كما يستحيل حده، وأنه لكي يتنزل إلى الاتصال بالعالم المحسوس ولا يكون مسئولًا عن نقائصه، خلق كائنات أسمى من الإنسان، لتقوم بالوساطة بينه وبين العالم الأدنى.

وهذه الكائنات هيَ في نفس الوقت مُثل أفلاطون (نظرية المُثل)، وعلل أرسطو، وعقل الرواقيين وشياطين الوثنيين وملائكة التوراة"(249). وأهم هذه الكائنات المتوسطة "اللوغوس" الوسيط بين الإله الحقيقي والعالم، الذي لولاه ما استطاعت النفس أن ترتقي إلى حضرة الإله، ولا استطاع الفيلسوف الحكيم أن يصل إلى حالة النقاء النفسي.

St-Takla.org Image: Philo of Alexandria, Philo Judaeus (c. 20 BCE – c. 50 CE), Hellenistic Jewish philosopher who lived in Alexandria, in the Roman province of Egypt. - from: The True Perceptions and Lives of Illustrious Greek, Latin and Pagan Men, book by André Thevet, 1584. صورة في موقع الأنبا تكلا: فيلو السكندري، فيلو جودايوس (حوالي 20 قبل الميلاد - حوالي 50 ميلادية)، فيلسوف يهودي هلنستي عاش في الإسكندرية، في مقاطعة مصر الرومانية. - من صور كتاب ملاحظات حقيقية من سير رجال مشهورين من اليونان واللاتين والوثنيين، لـ:أندريه ثيفيت، 1584 م.

St-Takla.org Image: Philo of Alexandria, Philo Judaeus (c. 20 BCE – c. 50 CE), Hellenistic Jewish philosopher who lived in Alexandria, in the Roman province of Egypt. - from: The True Perceptions and Lives of Illustrious Greek, Latin and Pagan Men, book by André Thevet, 1584.

صورة في موقع الأنبا تكلا: فيلو السكندري، فيلو جودايوس (حوالي 20 قبل الميلاد - حوالي 50 ميلادية)، فيلسوف يهودي هلنستي عاش في الإسكندرية، في مقاطعة مصر الرومانية. - من صور كتاب ملاحظات حقيقية من سير رجال مشهورين من اليونان واللاتين والوثنيين، لـ:أندريه ثيفيت، 1584 م.

وقسَّم "فيلون" الإنسان إلى ثلاثة أنواع:

1- وليد الأرض: وهو من يهتم ويسعى نحو المُتَع الجسدية.

2- وليد السماء: وهو من يسعى نحو المُتعة العقلية الفكرية.

3- وليد الله: وهو الذي يسمو فوق هذا العالم، إلى عالم لا يُفنى، بعيد عن المادة.

وشبه النفس بالقيثارة التي يعزف الرب على أوتارها فيستطيع الإنسان أن يمارس الحياة الفاضلة، وفيما بعد اقتبس أثيناغوراس هذا التشبيه فشبه الأنبياء بالناي والروح القدس ينفخ فيه فتخرج الأسفار المقدَّسة للوجود (راجع مدرسة الإسكندرية مع سيرة وكتابات أثيناغوراس وبنتينوس - دار فيلوباترون ص55). أما عن مؤلفات فيلون فيمكن تقسيمها إلى قسمين:

القسم الأول: شرح لأسفار موسى الخمسة مستخدمًا التفسير المجازي، ومن هذه المؤلفات:

1- "مسائل وحلول" حوى إيضاحات ضرورية في سفري التكوين والخروج ولم يتبقَ منه إلاَّ شذرات متفرقة.

2- "الشروح المجازية لسفر التكوين" وتبقى أكثره، وتحدث فيها عن سلسلة الخلق تمثل سلسلة تكوين النفس حتى تصل إلى كمالها متمثلة في موسى النبي.

3- "عرض القانون" فيعرض التشريعات الدينية والأخلاقية والسياسية، وبقى أكثر من نصفه.

القسم الثاني: ويشمل الدعاية الدينية، والدراسات العقلية للنظريات الفلسفية:

الدعاية الدينية، وتشمل:

  1. "موسى" وهو مؤلَّف ضخم في ثلاث مجلدات، وبقى كله.

  2. "تقريظ اليهود" وتبقى منه شذرات.

  3. "على الإنسانية".

  4. "على النوم".

  5. "على النيل".

  6. "على الحياة التأملية".

  7. "السفارة إلى كاليجولا".

الدراسات العقلية للنظريات الفلسفية: وتشمل:

  1. 1- "عبودية الغير الحكيم" وقد نفذ.

  2. "على حرية الحكيم".

  3. "دراسات على العناية".

  4. "الإسكندرية".

 (راجع د. محمد غلاَّب - الفلسفة الإغريقية جـ 2، ص276، 277).

وقد صاحب فيلون البعثة اليهودية التي أبحرت إلى روما للقاء الإمبراطور الروماني "غايس" بسبب تعديات الإغريق والمصريين على يهود الإسكندرية، وسجل هذا الحدث ضمن كتاباته: "السفارة إلى كاليجولا"، ورغم فصاحة فيلون وفلسفته إلاَّ أنه لم يجد أذانًا صاغية من الإمبراطور، بل تعرض للسخرية وخطر الموت، لأن الإمبراطور غايس أمال أُذنه إلى أبيون أحد مندوبي اليونان الذي كال الشتائم لليهود لأنهم لا يؤلهون الإمبراطور ولا يعاملونه معاملة الآلهة. ومن تلاميذ فيلون "أبلوس" السكندري الجنس الذي اعتمد بمعمودية يوحنا ثم صار مسيحيًا وبشَّر في أفسس، والتقى مع أكيلا وبريسكلا اللذان علماه الإيمان بأكثر تدقيق (أع 18: 24 - 28).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

ثانيًا: مفهوم "اللوغوس" لدي فيلون: عاش فيلون في الإسكندرية في بداية القرن الأول الميلادي، مدينة العلوم والثقافة، وفيها امتزجت حضارة الغرب مع حضارة الشرق، ففيلون يمثل نموذجًا جديدًا من الفلاسفة بسبب خلفيته اليهودية وأسرته الكهنوتية، كما أنه عاش في ظل الثقافة الهلينستية التي جاءت بعد الفلسفة اليونانية القديمة، فجاءت فلسفة فيلون خليطًا بين الديانة اليهودية مُستخدمًا التفسير المجازي للأسفار المقدَّسة، وبين الفلسفة الهلينستية. وقد أراد فيلون أن يقدم العقيدة اليهودية في ثوب جديد يتوائم مع العقلية اليونانية ذات النزعة الفلسفية، واعتمد في دراسته للأسفار المقدَّسة على الترجمة السبعينية التي عُرفت وأُشتهرت، مع استخدامه للتفسير المجازي الرمزي، فكان يعتبر النص التوراتي هو الجسم، والمعنى المجازي الرمزي هو الروح. يقول عنه "عباس محمود العقاد" أنه: "مزج في فلسفته بين عقائد عصره ومذاهبه الفلسفية من كل منبت ولا سيما منبت الإغريقية الإسكندرية، وقد أخذ القول بالكلمة Logos من الرواقيين عن هيراقليطس أول القائلين بها في الزمن القديم"(250).

كما يقول "الدكتور حسن مجيد العبيدي": "يتفق معظم الدارسين على أن أول من صاغ مصطلح (اللوغوس) هو الفيلسوف اليوناني هيراقليطس، إذ قصد به القانون الضروري الذي بمقتضاه يحدث الدور التام أو (السنة الكبرى)، من جراء هذا الاستعمال الهيراقليطي للوغوس استمرت دلالته المتعددة في تاريخ الفلسفة والدين فيما بعد، حتى جاء الفيلسوف اليهودي المعروف فيلون السكندري... ليضع له صياغة تتناسب مع البُعد اللاهوتي عند فيلون السكندري: "الوسيط" الذي خلق الله العالم به، كما يصنع الفنان بآلة، فعن طريق اللوغوس على حد تعبير فيلون نعرف الله وهو ما يشفع لنا عند الله، وهو طور "ملاك الله" المذكور في التوراة أنه ظهر للآباء وأعلن إليهم أوامر الله، فهو مرة "قانون العالم" على حد تعبير هيراقليطس والرواقيين، وهو "النموذج" أو "المثال" على حد تعبير أفلاطون. وكهذا كانت مهمة فيلون السكندري حول الإفادة عن البُعد الفلسفي للوغوس بمعناه اليوناني أن يوظفه عقيديًا لصالح التوراة عن طريق التوفيق بين المعطى الفلسفي اليوناني المتمثل بهيراقليطس وأفلاطون والرواقية وبين الديانة اليهودية ذات البُعد الإيماني الروحي"(251).

وإن كان "مفهوم اللوغوس" في الثقافة اليونانية اتخذ منحى فلسفي، فأنه لدى فيلون اتخذ منحى ديني، ويقول "عبد الرحمن بدوي" عن فيلون: "أنه فيلسوف يُعد لاهوتيًا أكثر مما يُعد فيلسوفًا، لأن الأصل عنده لم يكن الفلسفة وإنما كان الدين، ولأول مرة سنجد هذا النزاع القوي بين الفلسفة وبين الدين... الدين اليهودي. يمتاز فيلون عمن سبقوه من المفكرين اليهود بأننا نجد لديه لأول مرة الحقيقية الدينية وقد وضعت في صيغة فلسفية... فيلون الذي استطاع أن يجمع بين الثقافة اليونانية... وبين الفكر اليهودي الذي كان يؤمن به... فلم يكن له حينئذٍ أن يرفض الواحد لحساب الآخر"(252). كما يقول "عبد الرحمن بدوي" أيضًا: "يمكن أن يُقال أن الأصل في التفكير عند فيلون ليس هو الفلسفة ثم انتقل منها إلى الدين، وإنما يجب أن يُقال أن الأصل هو الدين، وليست الفلسفة... وقد قلنا أن فيلون شخصية لاهوتية قبل كل شيء، وقلنا أيضًا أنه بدأ من الدين واستعان بالفلسفة، لا العكس... ولهذا نجد أن الحقيقة الدينية عنده هي الأصل في كل تفكير"(253).

ومع ذلك كان فيلون بعيدًا عن التعصب الديني، لا يحتقر المعتقدات اليونانية، وينظر نظرة تقدير لأفلاطون وأرسطو وفيثاغورث وزينون، كان يعتقد أن الدين اليهودي كان له تأثيره على الثقافة اليونانية، وكان يميل للنزعة الصوفية.

واعتمد "فيلون" في فلسفته عن "اللوغوس" على مصدرين أساسيين، وهما المصدر الديني، والمصدر الفلسفي:

أولًا: المصدر الديني: أوضح فيلون أن "اللوغوس" في الأسفار المقدَّسة هو "الحكمة" أو "الكلمة" الحكمة التي تسوس العالم، حكمة الله القدير، يعتمد على ما جاء في سفر الحكمة، مثل:

" يا إِلهَ الآبَاءِ يَارَبَّ الرَّحْمَةِ يَا صَانِعَ الْجَمِيعِ بِكَلِمَتِكَ. وَفَاطِرَ الإِنْسَانِ بِحِكْمَتِكَ لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الْخَلاَئِقِ الَّتِي كَوَّنْتَهَا. وَيَسُوسَ الْعَالَمَ بِالْقَدَاسَةِ وَالْبِرِّ وَيُجْرِيَ الْحُكْمَ بِاسْتِقَامَةِ النَّفْسِ" (حك 9: 1 - 3).

"هَجَمَتْ كَلِمَتُكَ الْقَدِيرَةُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْعُرُوشِ الْمَلَكِيَّةِ عَلَى أَرْضِ الْخَرَابِ بِمَنْزِلَةِ مُبَارِزٍ عَنِيفٍ" (حك 18: 15).

واللوغوس في الفكر اليهودي هو "الميتاترون" Metatron هو "الميمرا" Memra. ويقول "الفريد أدرشيم": "وتكررت كلمة اللوغوس ولكن بتعبير يهودي هو Memra بمعنى الطريقة التي يُظهِر بها الله ذاته أي عمله في الخليقة. ووردت هذه الكلمة في ترجوم أونكليوس 179 مرة وفي ترجوم أورشليم 99 مرة وفي ترجوم يوناثان 321 مرة... ما هو أبعد من هذا في اللاهوت اليهودي، أنه احتفظ لنا بأن هناك تمايز داخل الطبيعة الإلهية. ونفهم نحن الآن كمسيحيين أن Memra هو الأقنوم. ولكن لليهود لم يكن هذا واضحًا. وكان هناك فرق في المفهوم بين فيلو والربيين، فإن Memra عند الربيين فكرة لاهوتية وعند فيلو فكرة فلسفية" (راجع الفريد أدرشيم - كتاب حياة السيد المسيح والزمان الذي عاش فيه - موقع الأنبا تكلا). وقال "زوهر" أن اللوغوس عند فيلون هو الوسيط الوحيد بين إيلوهيم والإنسان، فهو يمثل الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية كقول دانيال النبي: "مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دا 7: 13-14)، و"اللوغوس" يتصرف بسلطة إلهية وهو المتسلط على العالم، ولكن المفاهيم عن اللوغوس لم تكن واضحة تمام الوضوح لدى اليهود، لأن النبوات لا تُفهم بالكامل إلاَّ عند تحقَّقها (راجع د. غالي - موقع هوليبايبل - الطوائف اليهودية ومنشأها وفكرها عن المسيا).

 

ثانيًا: المصدر الفلسفي: المصدر الثاني الذي اعتمد عليه "فيلون" في فلسفته عن مفهوم اللوغوس بعد المصدر الأول الديني، هو المصدر الفلسفي من الفلسفة اليونانية، ولاسيما مفهوم اللوغوس لدى هيراقليطس والرواقيين الذين اعتبروا أن اللوغوس هو القوة المتغلغلة في جميع الأشياء، هو الله، ولكن فيلون اقتصر على أن "اللوغوس" هو الوسيط الوحيد بين الله والخليقة. يقول "عبد الرحمن بدوي": "فإن "الكلمة" عند فيلون تحتفظ بدرجة وسطى بين الله أو الألوهية وبين المخلوق، بينما نجد "الكلمة" عند الرواقية قد أصبحت هيَ الإله الأكبر وهي باطنه في جميع الموجودات... قد نظر الرواقيون إلى الكلمة على أساس أنها الله وأنها القوة الحافظة لجميع الأشياء، وأن هذه القوة تسود الموجودات جميعًا لأنها الحافظة لها كلها. وفيلون يضيف إلى "الكلمة" هذه النعوت، فهو ينعتها بأنها القوة السائدة في الكون، وبأنها حالة في كل مكان، وبأنها باطنة في الموجودات وبأنها كقوة الحياة المتطورة في الموجودات" (254). ففيلون رأى أن "اللوغوس" ليس هو الله، إنما هو وسيط وحيد بين الله والخليقة.

ونستطيع أن نقول أن نقطة البداية في فلسفة فيلون هيَ طبيعة الله، فاللَّه واجب الوجود، لا متناه، أزلي، غير متغيّر، مفارق للعالم، هو العلة الأولى لوجود العالم، بسيط كل البساطة، له صفتين أساسيتين هما الخير والقوة، وصفة "الخير" تعبر عن طبيعته أكثر من صفة "القوة"، فهو الخير الأعظم، ولا يمكن إدراكه بالعقل لأنه يسمو فوق كل ما هو مادي، لا يُعبَّر عنه ولا يُنطق به، هو فوق العقل وفوق الفكر لا يمكن للإنسان أن يصل إليه إلاَّ عن طريق الانخطاف العقلي. أما "اللوغوس" لدى فيلون فهو القوة الصادرة من الله، وهو النموذج الأول لكل الأشياء، وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها، اللوغوس هو الذي يدفع الإنسان للتفكير والعمل، كما يساعده على الفهم والإدراك. وإن كان الله بمثابة "الربان" لهذا الكون، فإن "اللوغوس" يشبه الدفة، اللوغوس مثل الكاهن الذي يسمو بالإنسان أمام الله، فيساعد النفس في الالتقاء باللَّه (راجع القس حنا جرجس الخضري - تاريخ الفكر المسيحي جـ 1 ص 392، 393)، واللوغوس يمثل فكر الله المطبوع على العالم، هو الكائن الوسيط بين الله والعالم، وبين الله والنفس، هو الوسيط الذي يكشف به الله عن ذاته وعن عنايته الإلهية. دعاه "فيلون" "ابن الله البكر"، و "ملاك الرب (يهوه)"، و"الملاك الأعلى"، و"صورة الله"، و"سفير الله"، و"أداة الله"، و "الإنسان الإلهي"، و"قانون العالم"، و"الوثاق" الذي يربط أجزاء العالم المختلفة، و"العامل في الكون"، و"القوة الفاعلة في الكون"، و"الحكمة الإلهية"، و"الخير الإلهي".

وقد تأثر "فيلون" بالنظرة الغنوسية للمادة على أنها شر، لذلك قال أن الله خلق العالم المعقول البعيد عن المادة مثل عالم الملائكة، ولم يخلق العالم المحسوس، إنما الذي خلقه فهو اللوغوس، و"اللوغوس" عند فيلون ليس هو الله يهوه، وليس أزليًا بأزلية الله، وإنما هو فوق مستوى المخلوقات والخليقة، وهو خاضع ليهوه وتابع له، واستخدم فيلون تعبير "اللوغوس" في كتاباته أكثر من (300) مرة، ليس بمعنى واحد، بل بعدة معاني مختلفة، حتى أن بعضها يناقض البعض، حتى قيل عن فلسفة فيلون في اللوغوس أنها زئبقية وغير مستقرة (راجع الفلسفة اليونانية أصولها وتطوراتها - ترجمة د. عبد الحليم محمود وأبو بكر زكري ص 259، 260) ويرى عبد الرحمن بدوي أن فيلون اتخذ موقفًا متناقضًا، فتارة يحتفظ للَّه بالعلو، وتارة يقول أن اللوغوس يمثل صفة العلم في الله، أي أنه من ذات الله، وتارة يقول أن اللوغوس صادر عن الله، وقد انفصل عنه، وتارة يقول أن اللوغوس ليس أزليًا بأزلية الله، كما أنه ليس فانيًا كالمخلوقات (راجع خريف الفكر اليوناني ص 97 - 103).

ثالثًا: هل أخذ يوحنا الإنجيلي مفهوم اللوغوس من فيلون؟ قال كثير من النُقَّاد أن يوحنا الإنجيلي أخذ فلسفة "اللوغوس" من الفلسفة اليونانية القديمة مرورًا بفيلون الفيلسوف اليهودي السكندري الذي عاش في النصف الأول من القرن الأول الميلادي (20 ق. م - 50م). وقد مزج بين مفهوم "الكلمة" أو "الحكمة" في الأسفار المقدَّسة، ولاسيما ما جاء في سفر الحكمة (حك 9: 1 - 3؛ 18: 15)، وبين مفهوم اللوغوس لدى هيراقليطس والرواقيين (راجع د. علي سامي النشار - هيراقليطس فيلسوف التغيير ص 273، 274، ودكتورة أميرة حلمي مطر - الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها ص 290، 391 - 392).

والحقيقة أن يوحنا الرسول استخدم تعبير "اللوغوس" الذي عُرف في الثقافة اليونانية القديمة، ولكن استخدمه بمعنى جديد يختلف عن المعنى الذي قصده هيراقليطس أول من استحدث واستخدم اللفظ (راجع س658)، وأيضًا خالف الرواقيين، وفيلون، وكل من تحدث عن اللوغوس من قبل. يقول "د. رشدي حنا عبد السيد": "وقد بحث كثير من المؤلفين في كتابات فيلون عن اللوغوس الإلهي واحتمال تأثر القديس يوحنا بهذه الكتابات. ولكننا نؤكد أن الاصطلاح نفسه أي لفظ اللوغوس ليس من ابتكار القديس يوحنا الرسول، ولا من ابتكار فيلون، ولكنه فقط معروف منذ القدم في الفلسفة اليونانية، وقد استخدمه الوحي الإلهي في إنجيل يوحنا باعتباره الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس أي الله نفسه، أما عند فيلون فهو... تارة الأداة التي خلق بها الله العالم، وتارة الكائن المتوسط أو الإله الثانوي، ومرة هو الملاك أو الإلهي، مرة هو قانون العالم أو القَدَرْ إلى غير ذلك من الصورة المتعدة لذلك... نؤكد أن التعليم المسيحي يتعارض كل المعارضة مع نظرية فيلون، ويخطئ أكبر الخطأ كل من يريد أن يفهم العقيدة المسيحية بخصوص اللوغوس الإلهي على أساس نظرية فيلون" (255).

"اللوغوس" عند فيلون مخلوق، فليس هو الله، ولا أزلي بأزلية الله، بل هو خاضع وتابع للَّه، فيقول "عبد الرحمن بدوي": "فيلاحظ أولًا أن فيلون ينعت اللوغوس بأنه ليس أزليًا كاللَّه، كما أنه ليس فانيًا كالمخلوقات، وإنما هو في مركز بيّن من هذه الناحية، بين الله وبين المخلوقات" (256). ويقول "يوسف كرم" أن فيلون جمع أفكارًا شتى عن اللوغوس من الفلاسفة الذين سبقوه: "الفكرة الأساسية (عن اللوغوس لدى فيلون) هيَ فكرة إله مفارق للعالم، خالق له، معني به... وفكرة أخرى هيَ أن العناية ليست مباشرة ولكنها تتخذ وسطاء، وكذلك لا تبلغ النفس إلى الله إلاَّ بوسطاء، والوسيط الأول هو "اللوغوس" أو الكلمة ابن الله... فاللوغوس هو تارة الوسيط الذي خلق الله العالم به كما يصنع الفنان بآلة، والذي نعرف الله به، والذي يشفع لنا عند الله، وهو طورًا ملاك الله المذكور في التوراة أنه ظهر للآباء وأعلن إليهم أوامر الله، وهو مرة قانون العالم وقدره على مذهب هيراقليطس والرواقيين. ومرة أخرى هو المثال والنموذج الذي خلق الله العالم على حسبه كما يقول أفلاطون، وغير ذلك كثير" (257). إذًا آراء فيلون في اللوغوس هيَ آراء زئبقية غير مستقرة تصل إلى حد التناقض. بينما رأي يوحنا الإنجيلي في اللوغوس واضح وحاسم وقاطع، فهو الله " وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله" (يو 1: 1)، وهو خالق كل شيء ما يُرىَ وما لا يُرىَ، سواء العالم المادي المحسوس أو العالم الروحاني المعقول: "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يو 1: 3)، وهو الأزلي الكائن منذ البدء، البدء الذي ليس قبله بدء: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ" (يو 1: 1)، وهو الأقنوم الثاني، أقنوم الكلمة، ابن الله بالحقيقية " وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ الله" (يو 1: 1)، فهو الكائن مع أبيه في ذات الجوهر الإلهي: "اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ" (يو 1: 18). "اللوغوس" لدى يوحنا هو الغير محدود والغير متناه: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يو 3: 13). ليس هو أدنى من الآب، فهو الذي قال للآب: "وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي" (يو 17: 10)... إلخ.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

ومن الفروق البينة في "مفهوم اللوغوس" بين القديس يوحنا، وأي من الفلاسفة الذين تحدثوا عن اللوغوس، فكرة "التجسد الإلهي" التي ينفرد بها القديس يوحنا في حديثه عن اللوغوس: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا" (يو 1: 14)، وأيضًا حقيقة الفداء إذ سُفِك دم اللوغوس على عود الصليب من أجل فداء الإنسان، وكذلك حقيقة اللوغوس الديان الذي في مجيئه الثاني يدين المسكونة... إلخ. يقول "د. رشدي حنا عبد السيد": "ولا بد أن نعرف أنه ليس في نظرية فيلون عن اللوغوس أية إشارة إلى تجسد الله، فاللوغوس عنده أقرب إلى الأفلاطونية المحدثة منها إلى العقيدة المسيحية... واللوغوس عنده متميّزًا تميُّزًا تامًا عن الكائن الأعظم (يهوه)، إذ اللوغوس كائن خاضع للَّه، وأن اللوغوس ليس هو كلمة الآب المتحد معه في الجوهر كما يؤمن المسيحيون، أي ليس الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس. فاللوغوس عند فيلون هو دون الله، بل أنه يتبع فئة "ما هو موجود"... التي تحتوي على كائنات أخرى كثيرة إلى جانب اللوغوس الإلهي، ولو أن اللوغوس الإلهي أسمى منهم جميعًا، ويدعوه فيلون بعدة أسماء تدل على أنه الكائن المتوسط منها: ملاك الله... خادم الله..." (258).

وإذا تساءلنا: لماذا استخدم "فيلون" تعريفات عديدة للوغوس حتى أن بعضها يناقض البعض؟ فهذا يرجع إلى أنه أخذ من الفلسفات المختلفة بدون تدقيق ودون تمييز، فأخذ من هيراقليطس مفهوم "اللوغوس الإلهي"، وأخذ من الرواقيين وصف اللوغوس بأنه القوة الفاعلة والحيوية، وأخذ من أفلاطون نظرية المثل. تارة يعتبر فيلون اللوغوس أنه عقل الله الباطن فهو من نفس الكيان الإلهي، وتارة يعتبره أنه الوسيط بين الله والعالم، وهو الذي يملأ الأشياء بالنور الإلهي والحياة ويحكم بالحكمة والمحبة والعدالة. وخلط فيلون بين اللوغوس والبارقليط، فيقول "د. رشدي حنا عبد السيد": "هل اللوغوس الإلهي عند فيلون كائن قائم بذاته يتميّز عن الله، أم مجرد قوة من قوى الله أو صفة من صفاته تعالى؟ الحق أن فيلون في كتاباته غامض في ذلك كل الغموض، ونظريته في اللوغوس الإلهي هيَ كنظريته في الكائنات المتوسطة... قد يكون فيلون قد فهم اللوغوس على أنه حكمة الله أو عقل الله... متأثرًا في ذلك بالكتاب المقدَّس، ولكن حتى في هذه الحالة لازال الفرق واضحًا بين فكرة فيلون عن اللوغوس الإلهي، والتعليم المسيحي بخصوصه... أن فيلون لم يصل إلى حل حاسم يفيدنا في معرفة إن كان اللوغوس الإلهي هو كائن قائم بذاته متميز عن الله، أو هو العقل الإلهي، أو قوة من قوى الله، أو صفة من صفاته. ولكن يبدو لنا أن اللوغوس عنده هو اللوغوس عند الرواقيين" (259).

ويقول "ألفريد أدرشيم" عن مفهوم اللوغوس لدى فيلون: "هو ليس شخص ذا شخصية واضحة ثابتة، وهو ليس بخاصية إلهية، ولكنه هو الظل حينما يسقط نور الله على شيء، ولو كان هو النور فهو انعكاس لظهور نور الله... ويقول فيلو أن اللوغوس هو صورة الله (إيكون) والتي عليها خُلق الإنسان، وبالتعبير الأفلاطوني فهو النموذج الأولي أو النموذج الأصلي، وهو الأداة التي استخدمها الله في خلق كل شيء. وبالنسبة للعالم فاللوغوس هو وجوده الحقيقي وهو النموذج الأصلي الذي من خلاله خلق كل شيء. وإذا قلنا أن اللوغوس يفصل بين الله والعالم فهو كوسيط يوحّد بينهما. هو يُعلن للإنسان ويترجم له إرادة الله وفكره. هو يعمل كوسيط هو الكاهن الأعظم الحقيقي وبنقائه ينقي العالم من الخطية ويشفع فيه، وبشفاعته يجلب لنا رحمة الله. ولذلك قال عنه أنه ليس فقط رئيس كهنة بل هو الباراقليط. وهو الشمس الذي بنوره ينير الإنسان، وهو الوسيط أو الوسيلة الذي به تُعلَن الألوهية للروح، وهو المن، وهو الذي يدعم الحياة الروحية، وهو يساكن الروح... اللوغوس عند فيلو هو ظلال وشيء غير حقيقي وليس له شخصية. وبالمقارنة مع فكر العهد الجديد الذي قال أن اللوغوس هو ابن الله الذي صار جسدًا وصار المسيح رئيس كهنتنا الحقيقي الذي يشفع فينا بدمه شفاعة كفارية. تجد أن أفكار فيلو قد تكون قد اقتربت من فكر العهد الجديد لكنها أفكار مشوشة ضبابية، بل هيَ أفكار متضاربة في كثير من الأحيان. وقطعًا إذا كان اللوغوس بلا شخصية فلا يوجد عند فيلو فداء ودم وكفارة وذبيحة كأساس لشفاعته" (260). وأخيرًا نقول لو أن القديس يوحنا تأثر بفكر فيلون، فلماذا لم يأخذ من فيلون نظرته الغنوسية للمادة على أنها شر؟!! ألم يقل فيلون: "أن حياة الله لا يمكن أن تتنازل إلينا، ولا يمكن أن تتضع إلى مستوى حاجاتنا" (261)، فالتجسيد الإلهي بعيد عن فكر فيلون وبقية الفلاسفة.

وجاء في "دائرة المعارف اليهودية": "ولأن فيلو وصف المادة والعالم كشر فقد وضع الله خارج العالم... هذا الفكر تشكَّل من العناصر المختلفة التي للفلسفة اليونانية والمفاهيم الكتابية" (راجع القمص عبد المسيح بسيط - وكان الكلمة الله). وتقول "د. أميرة حلمي مطر" عن فكر فيلون في الله والعالم (المادة): "أن يهوه إله اليهود الذي آمن به فيلو هو الإله المفارق للعالم المحسوس، وهو الإله المتعالي اللامتناهي في صفات الكمال... لذلك فهو لا يمكن وصفه إلاَّ بالسلب كقولنا غير المحوي غير المحدود غير المتناهي... غير أنه لفرط علوه عن العالم ولعظم الهوة التي تفصله عنه، لا يؤثر مباشرة في العالم، بل يؤثر عن طريق وسائط أو قوى إلهية... أولها وأهمها هيَ: الكلمة أو "اللوغوس"..." (262). ففي إنجيل يوحنا لا يوجد أي أثر للخصومة بين الله والمادة، لأن أقنوم الكلمة "اللوغوس" اتخذ له جسدًا بشريًا ماديًا، مع روح بشرية: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا" جسد يأكل ويشرب ويتعب ويضطرب ويتألم ويبكي ويموت. لقد قدس الله المادة، فعندما اعتمد الله الكلمة (اللوغوس) من يوحنا المعمدان ونزل إلى الماء فأنه قدَّس المياه، وعندما بارك الطعام وأشبع الجموع فأنه قدَّس الطعام، وعندما تفل على الأرض وصنع عينين للمولود أعمى فأنه قدَّس تراب الأرض، كما أنه قدَّسه أيضًا عندما سال دم يسوع المصلوب عليه، فالدم المسفوك على عود الصليب أزال اللعنة التي حلت بالأرض.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(248) حياة المسيح، ص61.

(249) الفلسفة الإغريقية جـ 2، ص278، 279.

(250) حياة المسيح، ص59.

(251) أورده د. ياسين حسين الويسي - الكلمة واللوغوس في الفكر الفلسفي والديني، ص9.

(252) خريف الفكر اليوناني، ص89.

(253) المرجع السابق، ص91، 93.

(254) خريف الفكر اليوناني، ص98.

(255) فلسفة الكلمة "اللوغوس" جـ 1 من رسالة الدكتوراه، ص274.

(256) خريف الفكر اليوناني، ص101.

(257) تاريخ الفلسفة اليونانية، ص288.

(258) فلسفة الكلمة "اللوغوس" جـ 1 من رسالة الدكتوراه، ص262، 263.

(259) المرجع السابق، ص264، 265.

(261) أورده وليم باركلي - شرح بشارة يوحنا جـ 1، ص88.

(262) أورد د. موريس تاوضروس - اللوغوس مفهوم الكلمة في العهد الجديد جـ 1، ص72.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/666.html

تقصير الرابط:
tak.la/g54zh35