كلمة λόγος (لوغوس) كلمة واسعة المعنى(1), فهي تعني في الأساس "كلمة - word", ولكنها تعني أيضًا: "كلام – قول - خبر- حكاية"’ وكلها مفردات تحمل ذات المعنى، إلًا أن الكلمة تعني أيضًا: "علًة – سبب – دعوي – حق – أمر", كما تشير أيضًا إلى: "حساب – يحاسب – يحتسب" . وكل هذه المعاني السابق ذكرها قد وردت في كتاب العهد الجديد تحت كلمة λόγος.
و"اللوغوس" أي "الكلمة" هو اللقب المُقابِل للقب "الابن" عند آباء ما قبل نيقية, ليشرحوا به علاقة الابن بالآب كعلاقة تنأى عن أي رباط مادي, أو في المقابل تحمي أي انفصال للإبن عن كيان الآب. وليس "كلمة الله" هو مجرد صفة الله الذاتية (الأقنوم ليس مجرد صفة ذاتيًة لله)(2).
وفي ذلك يقول العلًامة أوريجانوس(3): {كما تخرج الكلمة من العقل دون أن تمزًقه, أو تُحسب الكلمة منفصلة أو منقسمة عن طبيعة العقل, هكذا وعلى هذا النمط ينبغي أن ندرك علاقة الابن بالآب الذي هو صورته}(4).
فالله الابن هو العقل الأزلي, والكلمة الأزلي, لأن الله أزلي في إدراكه. واللوغوس كنطق الله صار وسيط الخلق من العدم عندما قال الله ليكن فكان, وهو ما نقرأه عند الشهيد يوستينوس مثلًا.
والمسيح هو قوة الله وحكمة الله, وهما صفتان أزليتان في الله, لأن الله لم يكن قط بدون حكمة أو بدون قوًة كما يذكر القدًيس باسيليوس الكبير (330-379 م.).
وكلمة "لوغوس" كانت معروفة من قبل في الآثار الوثنيًة واليهوديًة: وأول استخدام لها كان في كتابات هيراقليطس Heraclitus الأفسسي حوالي سنة 500 ق.م. وعند فيلو كان اللوغوس هو "العقل الإلهي" الذي يحكم العالم, وهو الوسيط بين الله والكون المادي.
أما أول من استخدمها في العهد الجديد فهو القدًيس يوحنا اللاهوتي. ولكنه استخدم الكلمة بطريقة جديدة أبعد بكثير من فكر الأقدمين عنها. واستخدمها أيضاَ القدًيس إغناطيوس الأنطاكي (35-107 م.). أما العلًامة كليمندس الإسكندري (150- 215 م.) فجعله المحور الرئيسي في تعليمه, حتى جاء القدًيس أثناسيوس الرسولي (328-373 م.) فربط ربطا محكمًا وكاملًا بين هذا اللقب وبين تعليمه عن الفداء والخلاص.
ولا زال هذا الاصطلاح "اللوغوس" مستخدمًا حتى اليوم في تسبيح الكنيسة القبطيًةً, كما في ثيؤطوكيًة الاثنين والثلاثاء, كمثل قولنا: "كلمة (لوغوس) الله الحي الذي للآب, نزل ليعطي الناموس على جبل سيناء" وأيضًا: "يسوع المسيح الكلمة (لوغوس) الذي تجسد بغير تغيير وصار إنسانًا كاملًا".
_____
(1) عن كتاب "معجم المصطلحات الكنسية"، الجزء الثالث ط-ي - (موضوع في موقع الأنبا تكلاهيمانوت بإذن المؤلف)، مقدمات في طقوس الكنسية 8/2، الراهب القس أثناسيوس المقاري، الطبعة الثانية، سبتمبر 2008 م.، ص. 192.
(2) عن محاضرة الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة بعنوان "علاقتنا بالثالوث القدوس" (د. 3): Mar 2, 2019 + فيديو بعنوان "لمحة سريعة عن الثالوث القدوس - الأنبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة" - د. 4، Apr 30, 2019.
(3) (185-254 م.).
(4) في حين ذكر أوريجانوس من ضمن أخطاؤه أن "اللوغوس" في الأصل كان أحد الأرواح التي خلقها الله في البداية، وقد تحوَّل -من خلال حبَّه الكامل لله- إلى "الكلمة" (اللوغوس): انظر:
Greggs, Tom (2009), Barth, Origen, and Universal Salvation: Restoring Particularity, Oxford, England: Oxford University Press, ISBN 978-0-19-956048-6, p. 61.
Ehrman, Bart D. (2003), Lost Christianities: The Battles for Scriptures and the Faiths We Never Knew, Oxford, England: Oxford University Press, ISBN 978-0-19-514183-2, p. 155.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4484ar2