St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

658- من هو "هيراقليطس" الفيلسوف الباكي، الناسك الزاهد، المعتد بنفسه محتقر العامة، الغامض الملغَّز؟ وكيف نظر هيراقليطس للكون على أنه في تغيُّر دائم مع صراع الأضدادات؟ وما هو أصل الكون لدى هيراقليطس، وهل اعتقد بوحدة الوجود؟ وإلى أي مدرسة ينتمي هيراقليطس، وهل فلسفته أثرت على سقراط وأفلاطون وأرسطو؟

 

ج: أولًا: Heraclitus هيراقليطس (535 - 470 ق.م) وفلسفته: وُلِدَ "هيراقليطس" في مدينة أفسس بمقاطعة أيونيا بآسيا الصغرى، المدينة التي حوت معبد أرطاميس الذي قيل عنه أن الشمس في دورانها لم ترى معبدًا أعظم منه، ومن أجل هذا المعبد صارت للمدينة حرمتها، حتى أوى إليها المجرمون لأنه لا يجوز القبض على أي مجرم داخل مدينة أفسس، بل وعلى مسافة محددة من أسوارها (راجع كتابنا: رسالة أفسس)، وهيَ المدينة التي كرز فيها بولس الرسول، ونصَّب تلميذه تيموثاؤس أسقفًا عليها، وهيَ المدينة التي خدم فيها يوحنا الحبيب، ومنها ذهب للنفي في جزيرة بطمس ثم عاد إليها حيث كتب إنجيله فيها يخبرنا عن "اللوغوس"، وإن كان هيراقليطس هو أول من أنشأ واستخدم مصطلح "اللوغوس"، قبل يوحنا بنحو ستة قرون. وُلِدَ "هيراقليطس" في أسرة أرستقراطية من أصل ملوكي، فجده "أندروكلوس" كان ملكًا لأفسس. وكان هيراقليطس هو ولي العهد ولكنه تنازل عن العرش لأخيه الأصغر. أحب هيراقليطس حياة الهدوء والتأمل فسكن في قرية هادئة بالقرب من معبد أرطاميس، وكان كاهنًا لمعبد وثني، وسلك في طريق الزهد والتقشف حتى كان يسعى فوق الجبال يقتات بالحشائش. يقول "دكتور علي سامي النشار": "كان هيراقليطس نتاج العبقرية اليونانية في أسمى صورها... هل كان من المبشرين بأصل واحد للأشياء، كما فعل... القدامى من قبله، أم كان ذا طابع فريد يميّزه عن كل هذا، هذا الفيلسوف المظلم المتعالي، هذا الكاهن ذو الأصل الملكي، هذا الزاهد الذي ترك كل هذا، وذهب إلى الجبال يأكل الحشائش"(171). كما يقول أيضًا "دكتور علي سامي": "كانت المدارس السابقة ارهاصات بظهور فيلسوف التغيُّر - هيراقليطس - أعظم فلاسفة اليونان قبل سقراط، بل واحد من أعاظم فلاسفة هذه الدنيا على الإطلاق، بما تركه من أثر نافذ في تاريخ الفكر الإنساني"(172).

وكرَّس "هيراقليطس" حياته للعلم والتأمل، غير أنه كان معتدًا بذاته، حتى أنه اعتبر الجماهير من عامة الشعب أنعامًا سائغة لا تدرك سوى الأكل والشرب والتناسل، واحتقر الجهلاء، فقال: "إن الفرد الواحد (المميَّز) يساوي عندي عشرة آلاف إن كان ممتازًا"(173). كان يشعر أنه وحده الذي يمتلك الحكمة، فقيل عنه أنه كان حزينًا متغطرسًا عنيدًا، هاجم المفكرين والشعراء، وصبَّ غضبه على هوميروس وهزيود لأنهما أغرقا الناس في الأساطير والخرافات والجهالات، وشبههما تارة بالأطفال، وتارة بالحمير، وتارة بالكلاب. كما احتقر فلسفة أكسانوفان وفيثاغورث وتآسى عليهما لأنهما اهتما بالعلم الطبيعي الجزئي على حساب المعاني الكلية للعالم الحقيقي، ومن جهة أخرى فإن إهمال هيراقليطس للعلوم الطبيعية أوقعه في الجهل، فكان يظن أن الشمس في غروبها تنطفئ في الماء، وأنها تتجدد كل يوم، وأن قطرها كما تبدو في الأفق قدم واحد، ولكن تعمقه في الفلسفة خلَّد اسمه للآن، فيعتبره المفكرون أنه فارس التغيير، وكان الشيء الوحيد الثابت بالنسبة لهيراقليطس هو "اللوغوس".

وكان "هيراقليطس" متشائمًا بسبب تعرُّض بلاده للغزو الفارسي، ورأى أن إصلاح العالم أمر عبثي ومستحيل، فكان دائم البكاء على فساد شعب أفسس، فدعوه بالفيلسوف الباكي، وقال عن مواطنيه: "خير للأفسسيين أن يشنقوا أنفسهم وأن يتركوا السياسة للأطفال"(174). ووضع "هيراقليطس" كتابًا واحدًا "في الطبيعة" شمل ثلاثة أقسام:

  1. الوجود.

  2. السياسة.

  3. اللاهوت.

وأهدى كتابه هذا إلى معبد أرطاميس بأفسس، المدينة التي وُلِدَ فيها، ولم يتبقى من كتابه هذا سوى (139) شذرة، وقد رفض الأسلوب السلس الإنشائي الخطابي، مفضلًا تسجيل عبارات تثير تساؤلات وتحتمل عدة معاني، فاستخدم في كتاباته الأسلوب المخفي الملغَّز مستخدمًا الرموز والتشبيهات، فدُعي الإنسان الغامض المُظلم الملغَّز، حتى قال عنه "أرسطو": "إن وضع التنقيط (لتحديد نهاية الجمل) عند هيراقليطس ليس عملًا سهلًا، لأننا لا نستطيع أن نخبر ما إذا كانت كلمة معينة تخص ما يسبق أو ما يلحق"(175). وقال عنه "أكليمنضس السكندري" أنه: "أحب أن يخفي الميثافيزيقيا في لغة من الأسرار"(176). ومن أقواله إشارة للجهلاء: "تُفضل الحمير التبن على الذهب"(177). ووصف هيراقليطس أسلوبه فقال عن نفسه: "إنه لا يفصح عن الفكر ولا يخفيه، ولكن يشير إليه"(178). وجمع "هيراقليطس" في منهجه الفلسفي بين المنطق والتصوُّف، وكان يدعو لإعمال العقل، وأنه على الإنسان أن ينمي فكره بنفسه ولا يتبع الآخرين وأن يهتم بالتأمل.

 

St-Takla.org Image: Heraclitus, the philosopher (535-470). - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: هيراقليطس الفيلسوف (535-470 ق. م.) - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Heraclitus, the philosopher (535-470). - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: هيراقليطس الفيلسوف (535-470 ق. م.) - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

ثانيًا: فلسفة التغيُّر وصراع الأضدادات: بينما اعتقد أصحاب المدرسة الإيلية بثبات الكون وثبات الوجود (راجع س 657)، فإن هيراقليطس يُعد رائد التغيُّر، فهو أول من وضع فكرة التغيُّر المستمر للأشياء، فكل شيء في الكون دائم التغيُّر، حتى أنه قال:

- " أنك لا تستطيع النزول مرتين في النهر نفسه لأن مياه جديدة تنساب فيه باستمرار".

- " الزمان طفل يلعب بالنرد، والقوة الملكية قوة طفل".

- " كل شيء ينساب ولا يسكن، كل شيء يتغيَّر ولا شيء يدوم على الثبات".

- " الأشياء الباردة تصير حارة، والأشياء الحارة تصير باردة، ويجف الرطب ويصبح الجاف رطبًا".

- " كل شيء موجود وغير موجود لأن كل شيء في سيلان دائم".

- " يتبقى أن نعرف أن الحرب هيَ الحال السائدة وأن الصراع عدل".

- " النهار والليل والشتاء والصيف والحرب والسلام والجوع والشبع متصلة، ففي طبيعة كل شيء جزء من ضده".

- " إن التخالف يجلب الائتلاف، ومن التخالف يأتي أجمل ائتلاف".

- " الناس لا يفهمون كيف أن الشيء الذي يختلف على نفسه يكون متفقًا مع نفسه، فإن هناك ائتلافًا في الميل كالحال مع القوس والقيثارة".

(راجع د. علي سامي النشار- هيراقليطس فيلسوف التغيُّر ص39، 117، 132، ودكتورة أميرة حلمي مطر - الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها ص69).

لقد رأى "هيراقليطس" أن الأشياء تتغير من حال إلى حال، فهنا صراع بين الأضدادات، وهذا الصراع هو سُنة الحياة، وعلة الحركة، فكل شيء له ضده، مثل: النور والظلمة، الصحة والمرض، الشبع والجوع، الحياة والموت، النهار والليل، الخير والشر، وكل شيء ينتقل إلى الضد، فالليل يعقبه نهار، والشتاء يعقبه ربيع، والمرض يعقبه صحة، والطفل مع الأيام يصبح صبيًا ثم شابًا ثم رجلًا ثم كهلًا ثم شيخًا ثم يموت، فلا يوجد أي شيء ثابت على الإطلاق إلاَّ "اللوغوس"، فهناك صراع دائم بين الأضدادات، وهذا الصراع هو شرط لاستمرارية الحياة، ولكل شيء نقيضه، وقال "هيراقليطس": "أليست النار تحيي موت الهواء، والهواء يحيي موت النار، والماء يحيي موت التراب، والتراب يحيي موت الماء، والحيوان يحيي موت النبات، والإنسان يحيي موت الاثنين؟"(179). وقال "يوسف كرم" عن فلسفة هيراقليطس: "فالوجود موت يتلاشى، والموت (هو) وجود يزول، كذلك الخير شر يتلاشى والشر خير يزول، فالخير والشر والكون والفساد أمور تتلازم وتنسجم في النظام العام بحيث يمتنع تعيين خصائص ثابتة للأشياء"(180) (راجع أيضًا د. علي سامي النشار - هيراقليطس فيلسوف التغير ص266).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

ثالثًا: أصل الكون ووحدة الوجود لدى هيراقليطس: بينما اعتقد "طاليس" أن أصل الكون هو الماء، واعتبر "أنكسيمندريس" أن أصل الكون هو اللامتناهي، وأرجع "أنكسيمانس" أصل الكون للهواء، واعتبر "إمبادوقليس" أن العالم تكوَّن من أربعة عناصر هيَ الماء والهواء والنار والتراب، وقال "فيثاغورث" أن الأعداد هيَ مبادئ الموجودات، فإن "هيراقليطس" اعتبر أن أصل الكون هو النار، ولا يقصد النار العادية، بل قال عنها أنها النار الإلهيَّة الأزلية، وهيَ نار لطيفة أثيرية حية عاقلة، عندما تخبو تتحوَّل إلى نار عادية محسوسة. قال "هيراقليطس": "إن هذا العالم، وهو واحد للجميع، لم يخلقه إله أو بشر، ولكنه كان منذ الأزل وهو كائن وسوف يكون إلى الأبد نارًا حية تشتعل بحساب وتخبو بحساب"(181)، فهيراقليطس كان يعتقد بوحدة الوجود، أي أن الله كل شيء، وكل شيء هو الله، مثل فلاسفة ملطية، فرأى أن النار هيَ المبدأ الأول الذي تصدر منه كل الأشياء، وترجع إليه كل الأشياء، كل الأشياء تنبثق وتخرج من النار، وإليها تعود، فيقول "هيراقليطس": "إن تغيرات النار هيَ: أولًا البحر، ثم يصير نصف البحر أرضًا، ويصير النصف الآخر بروقًا"(182). ويشرح "يوسف كرم" معنى النار التي يقصدها هيراقليطس والتي تعبّر عن الألوهية، فيقول: "لا النار التي ندركها بالحواس، إنما نار لطيفة جدًا أثيرية، نسمة حارة حية عاقلة أزلية أبدية تملأ العالم، يعتريها وهن فتصير نارًا محسوسة، ويتكاثف بعض النار فيصير بحرًا، ويتكاثف بعض البحر فيصير أرضًا، وترتفع عن الأرض والبحر أبخرة مرطبة تتراكم سحبًا فتلتهب وتنقدح منها البروق وتعود نارًا، أو تنطفئ هذه السحب فتكون العاصفة وتعود النار إلى البحر، ويرجع الدور، فالتغيُّر يجري في طريقين متعارضين: طريق إلى أسفل وطريق إلى أعلى مع بقاء كمية المادة الأولى أو النار واحدة، ومن تقابل هذين التيارين يتولد النبات والحيوان على وجه الأرض... تتكرَّر (هذه الدورة) إلى ما لا نهاية بموجب قانون ذاتي ضروري - " لوغوس " - فالمبادلة متصلة من الأشياء إلى النار، ومن النار إلى الأشياء، كما يُستبدل الذهب بالسلع، وتُستبدل السلع بالذهب... هذه النار هيَ الله... { واللَّه نهار وليل، شتاء وصيف، حرب وسلم، وفرة وقلة، يتخذ صورًا مختلفة كالنار المعطرة تُسمى بِاسم العطر الذي يفوح منها }. أما النفس البشرية فهي بخار حار... هيَ قبس من النار الإلهيَّة تدير الجسم كما تدير النار العالم... وتقمع الشهوة"(183). فكان "هيراقليطس" يرى أن النفس البشرية متصلة بالنار الإلهيَّة العاقلة، والنفس الجافة الصالحة هيَ أكثر إتصالًا باللوغوس، أما النفس الرطبة الفاسدة من كثرة الشراب والملذات فتنقطع صلتها عن اللوغوس.

 

رابعًا: إلى أي مدرسة ينتسب هيراقليطس؟ وهل كان له تأثير على عظماء الفلاسفة؟... اختلف الدارسون في تصنيف هيراقليطس، فالبعض احتسبه أنه من المدرسة الأيونية (الطبيعية) وهو رابع فلاسفتها، بدليل أنه أرجع أصل الكون إلى النار، مثلما أرجعه "طاليس" إلى الماء، و"أكسيمانس" للهواء. والبعض الآخر احتسبه مستقلًا لأن هناك تباينات شديدة بينه وبين فلاسفة المدرسة الأيونية، فهؤلاء اهتموا بدراسة الطبيعة، أما هيراقليطس فركز على فكرة التغيُّر والتحوُّل والصيرورة، والوحدة والتكثير، والاجتماع والتفرق، وهذا لم يخطر على بال الأيونيين، ويقول "د. محمد غلاَّب" عن فكر هيراقليطس عن الأضدادات: "لأن كل شيء في الوجود يشتمل على متعارضين لا يزالان يتصادمان أبدًا. ومن تصادمهما تقع كل أصوات العالم من: حياة وموت، وكون وفساد، ونهار وليل، وصيف وشتاء"(184). كما قال "هيراقليطس" بنظرية "الناموس" أو "العقل" أو "القانون" أو "العدالة الخالدة" أو "القوة المدبرة" فالكون وكل ما فيه له قانون يسير بموجبه، فالشمس لا تتأخر لحظة عن موعد غروبها أو شروقها، وهذا التغيُّر مستقر وثابت بفعل "اللوغوس". ويعتبر هيراقليطس من أقدم وأهم الفلاسفة الإغريق، عاش قبل سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وجميعهم تأثروا بفلسفته، حتى أن العقل الأوربي تأثر بهذه الفلسفة الإغريقية سواء من جهة التأملات الفلسفية في عالم الطبيعة (الفيزياء) أو ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا)... محور فلسفة هيراقليطس أن الكون في حالة تغيُّر ثابت، ووراء هذا التغيُّر هو "اللوغوس" Logos، وقانون التغيُّر يسري على كل شيء، فكل شيء في الوجود في حالة فيضان وتدفق وحركة مستمرة، يتغيّر يومًا فيومًا، بل لحظة بلحظة، وكانت الصورة التي استلهمها هيراقليطس أنك لا تستطيع أن تضع قدميك مرتين في مجرى الينبوع الواحد، لأن المياه تتغيَّر والمياه دائمة الجريان، فالمياه التي تلامس قدميك في المرة الثانية غير المياه التي لامست قدميك في المرة الأولى.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(171) هيراقليطس فيلسوف التغيُّر وأثره في الفكر الفلسفي، ص223.

(172) المرجع السابق، ص319.

(173) دكتورة أميرة حلمي مطر - الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها، ص57.

(174) المرجع السابق، ص67.

(175) د. علي سامي النشار وآخرون - هيراقليطس فيلسوف التغيُّر وأثره في الفكر الفلسفي، ص149.

(176) المرجع السابق، ص149.

(177) المرجع السابق، ص117.

(178) يوسف كرم - تاريخ الفلسفة اليونانية، ص30.

(179) يوسف كريم - تاريخ الفلسفة اليونانية، ص31.

(180) المرجع السابق، ص31.

(181) دكتورة أميرة حلمي مطر - الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها، ص62.

(182) دكتور علي سامي النشار - هيراقليطس فيلسوف التغير، ص49.

(183) تاريخ الفلسفة اليونانية، ص31، 32.

(184) الفلسفة الإغريقية، جـ 1، ص72.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/658.html

تقصير الرابط:
tak.la/d8gc8t3