Epiphanius of Salamis
لم تقدم لنا جزيرة قبرص إلا كاتب لاهوتي واحد كبير الأهمية، ذاك هو القديس أبيفانيوس أسقف قسطنطينية Costantin التي كانت تُعرف قديمًا باسم سلاميس، وقد وُلد نحو عام 315 م. في قرية صغيرة بالقرب من Eleutheropolis القريبة من غزة في فلسطين، فنال المعرفة في سن مبكر باللغة اليونانية والعبرية والقبطية وبعض اللاتينية كما يخبرنا القديس چيروم، وكمؤيد قوى للحركة الرهبانية، أسس بعد زيارته لأشهر رهبان فردوس برية مصر سنة 335 م، ديرًا بالقرب من مكان ميلاده، وتولى رئاسته لمدة تقرب من الثلاثين عامًا، وإذ اشتهر بمحبته للعلم والقداسة وحياة الفضيلة والتقوى، اختاره أساقفة قبرص في سنة 367 م. مطرانًا لهم، وهكذا جلس على كرسي قسطنطينية لمدة جيل كامل.
وتعكس لنا حياته وكتاباته حماسة وغيرة ملتهبة في الدفاع عن نقاوة وسلامة العقيدة الكنسية الأرثوذكسية، وهو أقدم ممثل لمدرسة فكرية تسمى التقليدية الواقعية traditionalistic realistic، ولأنه كان راسخًا وثابتًا على إيمان الآباء، لذا كان يرفض كل تأملات تجريدية ميتافيزيقية، وهذا يفسر لنا معارضته الشديدة لكتابات العلامة أوريجانوس السكندري، الذي قال عنه أنه مسئول عن الاريوسية، وان تفاسيره الرمزية هي جذر كل الهرطقات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فأدان الاوريجانية معتبرًا أنها أخطر بدعة، وكان مجاهدًا في مقاومتها، وهكذا سافر في عام 392 إلى أورشليم، موطن الغالبية العظمى من اتباع اوريجانوس، وفي حضور يوحنا أسقف أورشليم وحضور شعب كثير في كنيسة القبر المقدس، ألقى عظة قوية ضد تعاليم أوريجانوس، ونتيجة لهذه العظة، غير چيروم – آرائه وحاول أن يجعل يوحنا الأورشليمي يدين أوريجانوس، وعندما رفض يوحنا، قطع ابيفانوس شركته الكنسية معه، وفيما بعد، وعندما حدثت مشكلة الأخوة الطوال القامة الرهبان في جبل نتريا مع البابا ثيوفيلس السكندري بسبب تأييدهم للعلامة اوريجين، والتجأوا إلى يوحنا فم الذهب، واشتكوا للملكة التي أقنعت زوجها بضرورة عقد مجمع لمحاكمة البابا ثيوفيلس يرأسه فم الذهب، أرسل البابا ثيوفيلس إلى القديس أبيفانيوس رسالة خاصة يحثه فيها على عقد مجمع بقبرص لإدانة الاوريجانية وإرسال قراراته إلى القسطنطينية وقد ترجم القديس چيروم هذه الرسالة إلى اللاتينية، وهذا نصها:
"ثيوفيلس إلى السيد المحبوب جدًا الأخ والأسقف الشريك ابيفانيوس.
قال الرب لنبيه "أنظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقطع وتهدم... وتبنى وتغرس" (أر 1: 10)، وفي كل عصر يمنح الله كنيسته ذات النعمة لكي يحفظ جسده كاملًا لا يقوى عليه سم الأفكار الهرطوقية في أي موضع.
والآن ها نحن أيضًا نجد الكلمات تتحقق، لأن كنيسة المسيح التي "لادنس فيها ولا غصن أو أي شيء من مثل ذلك" (أف 5: 27) تقطع بسيف الإنجيل الحيات الاوريجانية الزاحفة من جحورها، وتنقذ خوارس رهبان نتريا المثمرين من وبائها المميت. لقد بعثت إليك صورة مختصرة لما فعلته معهم في الرسالة العامة التي وجهتها للجميع.
ولما كنتم غبطتكم دائمي النضال في جدالات مثل التي أمامي، فان واجبكم يحتم عليكم اليوم ان تسندوا الأيدي العاملة في الحقل، فتجمعون أساقفة جزيرتكم (قبرص) جميعهم لهذا الهدف، كمل يليق بكم أن تبعثوا رسالة مجمعية إلىّ ولأسقف القسطنطينية وللأساقفة الآخرين الذين ترون أن ترسلوا إليهم، كي يدان اوريجين مع الهرطقة الردية التي أسسها وذلك بجهاد جماعي.
لقد نما إلى علمنا أن جماعة من المفترين ضد الإيمان الحق، يدعون امونيوس ويوسابيوس وافتيموس (أي الأخوة الأربعة الطوال القامة عدا ديسقورس الأسقف) مملوئين حماسًا زائدًا لهذه الهرطقة، قد أبحروا إلى القسطنطينية لكي يلقوا شباك خداعاتهم هناك.
احرصوا على وضع الأمور بين يدي الأساقفة في Isar وبمفيلية والإبروشيات المجاورة.
علاوة على هذا تستطيع أن تضم رسالتي (إلى قرار مجمعكم) إن رأيت ذلك، فلتجمع الكل معًا بروح واحد، وبقوة ربنا يسوع المسيح تسلم هؤلاء للشيطان لهلاك الشر الذي ملك عليهم (1كو 5: 4،5) ولكي تتأكد من سرعة وصول مراسلاتك إلى القسطنطينية، ابعث رسولًا مجتهدًا، احد الكهنة، يقدر أن يروى الأحداث. اطلب إليك فوق الكل أن تقدم للرب صلوات حارة، حتى نستطيع أن ننال الغلبة في هذا الجهاد, فان قلوب الناس في الإسكندرية وفي كل بقاع مصر تفرح فرحًا ليس بقليل، من اجل استبعاد قلة من الناس عن الكنيسة حتى تحفظ جسدها طاهرًا.
سلام للأخوة الذين معك، الشعب الذي معنا يحييك إلى الأبد".
فعقد القديس أبيفانيوس مجمعًا في جزيرة قبرص، اجتمع فيه عدد كبير من أساقفته ودحضوا فيه أعمال أوريجانوس، وبعد ارفضاض المجمع، أرسل نسخة من قراراته إلى الأساقفة وخاصة يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية، وكذلك أرسل نسخة إلى چيروم مع رسالة خاصة له يطلب منه فيها أن يترجم قرارات المجمع إلى اللاتينية ويبشره بنجاح المجمع ويعتبر نفسه سعيدًا بأن يقوم بهذا العمل المجيد في شيخوخته.
وقد ذهب القديس أبيفانيوس إلى القسطنطينية بالرغم من سنه الكبير إذ كان يناهز الخامسة والثمانين من سني عمره، ليفند الآراء الأوريجانية ويقنع رهبان نتريا المؤيدين لها، معتبره شرفًا عظيمًا أن يتحمل مشاق ومتاعب السفر ليقضى على هذه الهرطقة ويقاومها ويقف جنبًا مع البابا ثيوفيلس، ولكنه غادر القسطنطينية عائدًا إلى كرسيه قبل انعقاد مجمع السنديانة الذي خُلع فيه القديس يوحنا ذهبي الفم، وتنيح في السفينة في 12 مايو سنة 403، بركة صلاته تكون معنا آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-abifanios/epiphanius.html
تقصير الرابط:
tak.la/xshdjw7