1- أيها الإخوة الأحباء مع أنه يوجد لدى الغالبية منكم ذهن ثابت العزم وإيمان متين وروح متخشع لا ينزعج لكثرة أعداد الوفيات الحاضرة (في الوبأ المنتشر) بل مثل صخرة قوية وراسخة يكسر بالأحرى هجمات العالم الضاغطة (حرفيًا الهائجة) والموجات العنيفة للدهر وهو ذاته لا ينكسر ولا ينهزم، بل (فقط) يتجرب بالبلايا (حرفيًا التجارب) ولأنني ألاحظ أن بين الشعب: البعض إما لضعف الروح أو لقلة الإيمان أو لجاذبية الحياة في العالم أو لضعف الجنس أو ما هو أسوأ: بسبب الحيدان عن الحق، يقفون بثبات أقل، وغير كاشفين للقوة التي لا تُقهر لقلوبهم، فهذا أمر يلزم عدم تجاهله أو تجاوزه في صمت بل على قدر ما تستطيع قوتنا الضعيفة، بقدرة تامة وبحديث مشتق من كلام الرب ينبغي كبح جماح جُبن الذهن المحب للترف، ومن قد ابتدأ بالفعل في أن يكون إنسان الله والمسيح يلزمه أن يكون جديرًا بالمسيح والله.
2- لأنه -أيها الإخوة المحبوبون- من يخدم كجندي لله، الذي لكونه واقف في معسكر السماء يرجو الآن الإلهيات وينبغي أن يتعرف على ذاته حتى لا نخاف بعد ونتهيب العواصف وزوابع العالم إذ أن الرب أنبأ أن هذه الأمور ستحدث وهو من خلال صوته الحكيم ينصح ويعلّم ويرشد ويُعّد ويقوي شعب كنيسته ليحتمل كل الأحداث الآتية. إنه سبق وأنبأ أن الحروب والمجاعات والزلازل والأوبئة ستحدث في أماكن مختلفة ولكي لا نتزعزع من الخوف الجديد وغير المتوقع من الوسائل التدميرية، حذرنا بأن البلايا ستزداد أكثر وأكثر في الأزمنة الأخيرة. هوذا تتحقق الأشياء التي قيل عنها، وحيث أن الأمور التي تم التنبؤ بها تتحقق سيلي ذلك أيضًا ما تم الوعد به، كما يعبّر الرب ذاته قائلًا "متى رأيتم هذه الأشياء صائرة فاعلموا أن ملكوت اله قريب" (لو 21: 31).
أيها الإخوة الأحباء إن ملكوت الله ابتدأ في أن يكون حاضرًا (قريبًا). إن مكافأة الحياة وفرح الخلاص الأبدي والسعادة الدائمة وامتلاك الفردوس، الأشياء التي فُقدت سابقًا تعود الآن مع زوال العالم. السماويات الآن تلي الأرضيات، والعظيمة تلي الصغيرة، والأبديات تلي ما هو مؤقت.
أي موضع يوجد هنا للقلق والانزعاج؟ من هو خائف وحزين في وسط هذه الأمور سوى عديم الرجاء والإيمان؟ لأن الذي لا يرغب في المضي إلى المسيح هو الذي له أن يخاف الموت. له أن لا يرغب في المضي إلى المسيح من لا يؤمن أنه يبتدئ في التملك مع المسيح.
![]() |
3- مكتوب أن "البار بالإيمان يحيا" (رو 1: 17).
لو أنت إنسان بار وتحيا بالإيمان، لو بالحق تؤمن بالله، لماذا يا من أنت معيّن لأن تكون مع المسيح وواثق في وعد الرب لا تبتهج أنك مدعو للذهاب إلى المسيح وتبتهج أنك تتحرر من الشيطان؟
أخيرًا سمعان الشيخ الرجل البار الذي كان بالحق بارًا، الذي بإيمان كامل حفظ وصايا الله، عندما أعطته السماء إجابة أنه لن يرى الموت قبل أن يعاين المسيح، وعندما جاء المسيح إلى الهيكل وهو طفل مع أمه، علم بالروح أن المسيح ولد الآن والذي أُخبر بشأنه من قبل، ولدى رؤيته إياه علم أنه هو نفسه سيموت سريعًا. لذلك كان سعيدًا بأن الموت كان قريبًا الآن ولم ينزعج باقتراب أمر استدعائه وحمل الطفل بين يديه وبارك الله وهتف قائلًا "الآن يا سيدي تطلق عبدك بسلام لأن عيني أبصرتا خلاصك" (لو 2: 29)، وهو بالتأكيد يبرهن ويشهد أنه آنذاك يكون لعبيد الله سلام، آنذاك يتحرروا، آنذاك تكون لهم راحة هادئة، عندما عند انطلاقنا من عواصف العالم بحثنا عن ميناء مقرنا (مسكننا) وأماننا الأبدي، عندما عند تحقق هذا الموت نأتي إلى الخلود. لأن ذلك هو سلامنا، ذلك هو سكوننا (طمأنينتنا) الأبدي، ذلك هو ثباتنا ورسوخنا وأمننا الأبدي.
4- أي شيء يواجهنا يوميًا في العالم سوى جهاد ضد إبليس، سوى هجمات متوالية ضد سهامه وأسلحته؟ علينا باستمرار أن نحارب حرب لا هوادة فيها ضد الطمع، ضد الفسق والغضب وحب الرفعة ورذائل الجسد وإغراءات العالم.
إن ذهن الإنسان مُحاط ومُطوّق من كل جانب بهجوم لإبليس، وبصعوبة يقاوم هؤلاء الأعداء، الواحد بعد الآخر وبمشقة يعارضهم. لو انطرح الطمع إلى الأرض، تثب الشهوات علينا، لو انطرحت الشهوات، يأخذ موضعها حب الشهرة والرفعة، لو ازدرينا بحب الطموح والشهرة، يتهيج الغضب وتتضخم الكبرياء، يأتي السُكر، يدمر الحسد الانسجام وتبتر الغيرة الصداقات فتُجبر على أن تلعن الأمر الذي يمنعه الناموس الإلهي، تُجبر على أن تحلف وهذا يناقض ناموس العهد الجديد.
5- كثيرة جدًا هي الاضطهادات التي يعانيها الذهن يوميًا، والقلب يُحاط بأخطار كثيرة جدًا. فهل يبهجنا أن نبقى هنا طويلًا وسط أسلحة إبليس، بينما ينبغي لنا بالأولى أن نرغب باشتياق ونريد الإسراع إلى المسيح يساعدنا في هذا موت بمنتهى السرعة، حيث السيد المسيح نفسه يعلّمنا قائلًا "الحق، الحق أقول لكم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح. أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح" (يو 16: 20)؟
من الذي لا يشتاق أن يتحرر من الحزن؟ من لا يسارع إلى الذهاب إلى الفرح؟ أما متى سيتحول حزننا إلى فرح فهذا يخبرنا به ربنا نفسه أيضًا قائلًا "سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو 16: 22).
لذلك حيث أن بهجتنا هي في رؤية المسيح، وحيث أنه لا يمكن لأحد منا أن يفرح ما لم ير المسيح، فأي عمى وأي جنون هو في أن نحب الضيقات ومذلات punishments ودموع العالم ولا نسارع بالأولى إلى الفرح الذي لا يمكن لأحد أن ينزعه منا.
6- لكن هذا يحدث -أيها الإخوة الأحباء- بسبب نقص الإيمان، لأن لا أحد يؤمن بصدق تلك الأشياء التي يعد بها الله الذي هو صادق والذي كلمته أبدية وثابتة لمن يؤمن (به وبها). لو كان لإنسان مشهور وله نفوذ أن يعدك بشيء، ستثق في وعده ولن تتخيل إنك ستُخدع أو يغشك ذلك الإنسان الذي تعرف أنه يفي بكلامه وأعماله. الله يتحدث إليك فهل تترنح بلا إيمان في ذهنك غير المصدّق؟ الله يعدك بالخلود والأبدية لتترك هذا العالم فهل تتشكك؟ هذه ليست معرفة الله على الإطلاق. بخطية عدم التصديق هذه تسيء إلى المسيح معلّم الإيمان. ولو أن الإنسان في الكنيسة لكن هذا يعني أن لا إيمان له في بيت الإيمان.
7- يوضح السيد المسيح نفسه معلّم خلاصنا وما فيه خيرنا، ما هو امتياز أن نرحل من العالم وذلك لأنه عندما كان تلاميذه حزانى لأنه قال لهم أنه كان مزمع أن يمضي (عنهم) فكلّمهم قائلًا "لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب" (يو 14: 28)، وهكذا يعلّم ويبيّن أنه ينبغي أن يكون بفرح بالأولى عن الحزن عندما ينتقل أحد أحبائه عن العالم. وإذ انتبه بولس الطوباوي لهذه الحقيقة بيّن هذا في رسالته فقال "لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح" (في 1: 21)، معتبرًا أنه أعظم ربح أن لا يعد الإنسان ممسوكًا بعد بفخاخ العالم، لا يعود خاضع بعد لأي خطايا ونقائص الجسد، بل إذ انطلق من الضيقات المؤلمة وتحرر من الفكين السامين لإبليس، يشرع بناء على أمر السيد المسيح للانطلاق إلى فرح الخلاص الأبدي.
8- ينزعج البعض من أن وبأ هذا المرض يكتسح شعبنا مع الوثنيين على حد سواء كما لو أن المسيحي يعتقد بهذه الغاية أنه بخلّوه من ملامسة الشرور ينبغي له أن يستمتع بسعادةٍ بالعالم وهذه الحياة ويُحفظ للسعادة الآتية دون أن يعاني هذه البلايا هنا. يزعج البعض أننا نتشارك مع الآخرين في وبأ الموت هذا. لكن ما الذي لا نشارك فيه الآخرين في هذا العالم طالما أن هذا الجسد -بمقتضى قانون ولادتنا الأصلي- لا يزال قاسم مشترك بيننا، طالما نحن هنا في العالم فنحن متحدين في الجنس البشري في تساوي هذا الجسد وإن كنا منفصلين في الروح. ولذلك إلى أن يلبس هذا العنصر الفاسد عدم فساد، ويقبل هذا العنصر المائت الخلود، ويقودنا الروح إلى الله الآب، فنحن نتشارك مع الجنس البشري في كل مساوئ الجسد أيًا كانت. لذلك عندما لا تجود الأرض بمحاصيل وتنتشر المجاعة لا تستثني أحد، كذلك عندما يهاجم الأعداء أية مدينة، يسري الأسر على كل سكان المدينة، عندما يمتنع المطر يصيب الجفاف الكل، عندما تصطدم سفينة بالصخور فتغرق لا يُستثنى منها أحد من الركاب، وأمراض العيون وكل بقية أمراض بقية أعضاء الجسم والحمى نتشارك فيها مع الآخرين طالما نحن نحمل هذا الجسد المشترك في هذا العالم.
9- بل بالأحرى لو يعرف المسيحي ويدرك تحت أي قانون هو آمن، سيعرف أنه ينبغي له أن يكدّ (يتعب) في هذا العالم أكثر من الآخرين إذ ينبغي له أن يباشر جهاد أعظم ضد هجوم إبليس. يعلّمنا الكتاب الإلهي ويحذرنا قائلًا "يا بُني إذا تقدمت لخدمة الرب أعدد نفسك للتجربة" (سيراخ 2: 1)، وأيضًا "كلما أتاك فاقبله واصبر على الوجع وفي اتضاعك كن صبورًا. لأن الذهب يُجرّب بالنار والناس المقبولون يُجرّبون في أتون التواضع" (سيراخ 3: 4-5).
10- هكذا أيوب بعد فقده ممتلكاته، بعد موت بنيه، وبعد تعذبه بشدة بالقروح والدود لم ينهزم بل (فقط) تجرب، فهو الذي أظهر صبره ذهنه التقي في وسط بلاياه وأتعابه، فقال "عريانًا خرجت من بطن أمي وعريانًا أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ -كما يبدو حسنًا للرب هكذا فليفعل- ليكن اسم الرب مباركًا" (انظر أي 1: 21)، وعندما حثته زوجته أيضًا في طياشة لحدة آلامه أن يجدف على الله فأجابها قائلًا "تتكلمين كإحدى الجاهلات. الخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل؟" (أي 2: 10) في كل هذا لم يخطئ أيوب بشفتيه أمام الله. ولذلك يشهد له الرب قائلًا (للشيطان) "هل جعلت قلبك على عبدي أيوب. لأن ليس مثله في الأرض، رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر" (أي 1: 8). وطوبيا بعد أعماله الرائعة بعد الاستحسانات المجيدة لرحمته قد عانى من عمى عينيه لاتقائه الله ومباركته له في بليته، ازداد امتداحه (من قبل الله) بتلك البلية ذاتها التي لجسده. وزوجته أيضًا حاولت أن تفسده قائلة "أين أعمال إحساناتك هوذا أنت تعاني!" (انظر طو 2: 16) لكنه صمد وثبت في مخافته لله وتسلّح في كل أتعابه بإيمانه التقوي ولم يستسلم في بليته لإغراءات زوجته الضعيفة بل استحق الكثير (من التطويب) من الله بسبب صبره العظيم. وبعد ذلك امتدحه الملاك روفائيل قائلًا [11- أما أنا فأعلن لكما الحق وما اكتم عنكما أمرًا مستورًا. 12- انك حين كنت تصلي بدموع وتدفن الموتى وتترك طعامك وتخبأ الموتى في بيتك نهارًا وتدفنهم ليلًا كنت أنا أرفع صلاتك إلى الرب. 13- وإذ كنت مقبولًا أمام الله كان لا بد أن تمتحن بتجربة. 14- والآن فإن الرب قد أرسلني لأشفيك وأخلص سارة كنتك من الشيطان. 15- فإني أنا رافائيل الملاك أحد السبعة الواقفين أمام الرب. (طو 12: 11-15).].
11- كان للبار (طوبيا) هذا الاحتمال دائمًا. وأكدّ الرسل هذا المبدأ من شريعة الرب بألا نتذمر في البلية بل نقبل بشجاعة وصبر كل ما يحدث (لنا) في العالم، إذ أن الشعب اليهودي كان يخطئ في هذا أنه كان كثير التذمر ضد الله، كما يشهد بهذا الرب الإله في سفر العدد فيقول "لتكف تذمراتهم عني لكي لا يموتوا" (عد 17: 10).
ينبغي لنا أيها الإخوة الأحباء أن لا نتذمر في البلية بل يلزمنا أن نحتمل بصبر وشجاعة كل ما يحدث إذ أنه مكتوب "القلب المنكسر والمتضع لا يرذله الله" (مز 51: 17). أيضًا ينصحنا الروح القدس في سفر التثنية على فم موسى فيقول "تتذكر كل الطريق التي سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر لكي يذّلك ويجرّبك ليعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا؟" (تث 8: 2)، وأيضًا "الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم" (تث 13: 3).
12- هكذا أرضى إبراهيم الله إذ لكي يرضي الله لم يخف على فقد ابنه ولا رفض ذبحه. أنت لا يمكنك (أن تقبل)فقد ابنك بواسطة قانون وفرصة الموت الحالية، فماذا كنت ستفعل لو أُمرت بقتل ابنك؟ ينبغي لمخافة الله والإيمان أن يجعلانك مستعدًا لكل شيء. سواء كان يتحتم فقدان ثروة خاصة، سواء كان بمرض عنيف ومستمر لأعضاء الجسم، سواء كان انتزاع مُبكي ومحزن للزوجة أو الأولاد أو رحيل أحد الأعزاء، لا تدع مثل هذه الأمور تكون حجر عثرة لك بل جاهد ولا تدعها تُضعف أو تسحق إيمانك المسيحي بل بالأحرى اجعلها تكشف قيمته في النزال إذ ينبغي لكل جُرح ينشأ من الشرور الحالية أن يكون نورًا من خلال الثقة في الخيرات الآتية. ما لم تكن هناك معركة في الأول، لا يمكن أن يوجد انتصار، وعندما نحرز الانتصار في عراك المعركة، آنذاك يُعطى إكليل للفائزين. يُعرف الربان في العاصفة ويُختبر الجندي في خط النار. زهيد هو الافتخار عندما لا توجد أخطار، واجتياز المحن والبلايا هو محك اختبار للحق. لا تتزعزع الشجرة -التي هي مثبتة بشدة بجذور عميقة- بالرياح المندفعة (بعنف)، ولا تتحطم السفينة التي لها زوايا ربط قوية بضربات الأمواج وعندما يتم درس الحنطة في الحصاد يتطاير القش بعيدًا بينما حبّات الحنطة تزدري بالرياح.
13- كذلك أيضًا بولس الرسول بعد غرق السفن به، بعد الجلدات، بعد العذابات الكثيرة الشديدة للجسد واللحم يقول إنه ما كان ينزعج من البلية (التجربة)، بل كان يتقوم بها، لكي كلما كان يُبتلى بشدة أكثر كلما كان بالحق يُجرّب أكثر. إنه يقول "أُعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل" (2كو 13: 7-9). لذلك عندما تهاجمنا بلية ما، مرض أو حزن، آنذاك تكمل قوتنا، آنذاك يتكلل إيماننا إذ ولو أنه تجرب لكنه صمد كما هو مكتوب "يمتحن الأتون أواني الخزّاف، وتجربة البلية تمتحن الأبرار" [(سيراخ 27: 5) بحسب النص]. أخيرًا هذا هو الفرق بيننا وبين من لا يعرفون الله، هو أنهم يشتكون ويتذمرون في البلية، بينما البلية لا تحيدنا عن صدق الفضيلة والإيمان بل نحن نتزكى في المعاناة.
14- كون الإنسان مُصاب بإسهال شديد يستنفذ قوة الجسم، كون الحمى تصيب حتى نخاع العظام وتسبب قروح في الحلق، والأمعاء تتزعزع بالقيء المستمر والعيون ملتهبة بالاحتقان، والقدمين أو جزء منهما تم بتره بسبب الغرغرينا وكون الضعف يستشري بخسارات وإصابات في الجسد سوء ضعف الخطوات أو يتلف السمع أو يعمي البصر، فكل هذا يساهم في تزكية الإيمان. أي عظمة للنفس أن تحارب بقوى الذهن غير متزعزعة ضد الهجمات الكثيرة للدمار والموت؟ أي سمو أن تقف (النفس) منتصبة وسط حطام الجنس البشري ولا تنطرح مع من لا رجاء لهم في الله، وتبتهج بالأولى وتنتهز هذه الفرصة الموهوبة من الله والتي بينما نحن نعبّر عن إيماننا بثبات، وإذ احتملنا الأتعاب نتقدم إلى المسيح على طريقه الضيق، يتحتم لنا أن ننال كمكافأة لطريقه (الضيق) والإيمان بكونه هو دياننا!
بالتأكيد -ليخف من الموت- الذي لكونه لم يولد ثانية من الماء والروح يُسلّم إلى جهنم النار. ليخف من الموت من لم يسجل (اسمه) تحت صليب وآلام المسيح. ليخف من الموت من سيعبر من هذا الموت إلى الموت الثاني. ليخف من الموت من عند رحيله من العالم سيعذبه اللهيب الأبدي بعقوبات أبدية.
15- يموت كثيرون منا في هذا الوبأ، أي كثيرون منا يتحرروا من العالم. هذا الوبأ هو بلية لليهود وغير المؤمنين وأعداء المسيح ولكن لعبيد الله هو رحيل خلاصي. أما لحقيقة أن البار يموت مع الأثيم بدون تمييز في الجنس البشري، فليس لك أن تظن أن الهلاك هو مشترك لكل من الصالح والطالح. البار يُستدعى إلى التعزية، ويُحمل الأثيم إلى العذاب. تُعطى الحماية بسرعة أكثر إلى المؤمنين، بينما العقوبة لغير المؤمنين.
أيها الأحباء نحن غير حكماء وجاحدين للنعم الإلهية ولا نعرف (قيمة) ما الذي وهب لنا. هوذا العذارى يرحلن في سلام، يذهبن آمنين مع مجدهن غير خائفات من تهديدات ضد المسيح ومواخيره ومفاسده. يفلت الصبيان من خطر سنهم غير المستقر ويأتون بسعادة إلى مكافأة عفتهم وبراءتهم. لا تعود ربة البيت الضعيفة تخشى آلات العذاب إذ بموت سريع اقتنت هروبًا من خوف الاضطهاد وأيدي الجلادين وعذاباتهم. من خلال فزعهم من الوبأ والمناسبة (الراهنة) استيقظ الخائفين من غفلتهم ورجع المهملين عن إهمالهم وتحرك الكسالى وأُجبر الهاربين على العودة وغير المؤمنين على الإيمان واُستدعي المؤمنين الكبار في السن إلى الراحة، وجُمع للمعركة جيش جديد وعديد وله قوة أعظم والذي إذ يدخل الخدمة في وقت الوبأ سيحارب الموت بلا خوف عندما تحين المعركة (أي يتدربوا على عدم الخوف من الموت عندما يحل الاضطهاد).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
16- ما المغزى لكل هذا أيها الإخوة الأحباء؟ كم يليق، كم يلزم أن هذا الوبأ والضربة التي تبدو مرعبة ومميتة تفحص استقامة كل واحد منا وتمتحن أذهان البشر: إن كان الصحيح يعتني بالمريض، إن كان الأقارب يقومون بواجب الحب لأقاربهم كما ينبغي، إن كان السادة يُظهرون شفقة لعبيدهم المرضى، إن كان الأطباء لا يتخلون عن المبتلين الطالبين مساعدتهم، إن كان العنيفون يتخلون عن عنفهم، إن كان الطماع -ولو بدافع الخوف من الموت- يطفئ النار التي لا تشبع لجشعهم الهائج، إن كان المتصلفين يتضعون، إن كان الوقحين يخففون وقاحتهم، إن كان الأغنياء ولو عندما يموت أعزائهم ويكونون هم على وشك الموت دون وريث لهم يمنحوا ويعطوا شيء (كصدقة)!
ولو أن هذا الوبأ لم يساهم بشيء آخر، فإنه على الأخص أتم هذا للمسيحيين وعبيد الله، أننا ابتدأنا نطلب الاستشهاد بمسرة بينما نحن نتعلم ألا نخاف الموت. هذه الميتات هي تمارين تدريبية فهي تعطي الذهن مجد الثبات وبازدرائنا للموت تعدنا للإكليل (الذي للاستشهاد).
17- لكن ربما يعترض البعض قائلًا: "هذا الوبأ الحالي هو مصدر حزن لي إذ أنا الذي أعددت نفسي للاعتراف وكرست ذاتي بكل قلبي وشجاعتي لاحتمال المعاناة أُحرم من استشهادي إذ هذا الموت يفوّت علي هذه الفرصة".
أولًا ليس الاستشهاد في مقدورك بل هو عطية من الله ولا يمكنك القول أنك فقدت ما لا تعلم إن كنت تستحقه أم لا.
ثانيًا الله هو مختبر القلوب والكلى ويرى ويحكم على المخفيات وينظرك ويمتدحك ويرضى عنك. وهو الذي يدرك أن فضيلتك جاهزة سيكافئك لأجلها (حتى لو لم تنفذها عمليًا).
هل كان قايين قد قتل بالفعل أخيه عندما كان يقدم تقدمته لله؟ ولكن الله ببصيرته أدان مقدمًا القتل الذي تصور في ذهنه. كما أن الفكر الشرير والنية الخبيثة قد سبق فرآها الله الحكيم في تلك اللحظة، كذلك أيضًا في حالة عبيد الله الذين يتفكرون في الاعتراف وتتصور فكرة الاستشهاد في أذهانهم، فإن النيّة المكرسة للخير يكللها الله الديان. أن تكون النفس عديمة النية من جهة الاستشهاد فهذا شيء، وشيء غيره أن تكون لديها النية ولكن الظروف غير مواتية. الحالة التي سيجدك فيها الله عندما يستدعيك هي التي سيدينك عليها إذ هو نفسه يشهد ويقول"ستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب" (رؤ 2: 23) لأن الله لا يطلب دمنا بل إيماننا، لأن إبراهيم وإسحق ويعقوب لم يستشهدوا ولكن مع ذلك تم إكرامهم لأجل استحقاقات إيمانهم وبرّهم فاستحقوا أن يكونوا الأوائل بين آباء الآباء وإلى وليمتهم يجتمع كل من وجد أمين وبار وجدير بالمدح.
18- يلزمنا أن نتذكر أنه ينبغي لنا أن لا نعمل مشيئتنا بل مشيئة الله بحسب الصلاة التي أمرنا أن نتلوها يوميًا.
كم يكون سخيفًا، كم يكون ضلالًا أنه بينما نطلب أن تتم مشيئة الله، عندما يدعونا هو ويستدعينا من هذا العالم لا نطيع في الحال أمر مشيئته! نجاهد في اعتراض ومقاومة وعلى نمط العبيد المعاندين نُحضر بحزن وأسى أمام الله، فنرحل من هنا تحت وازع الإلزام وليس طاعة لمشيئتنا، ونرغب (بعد كل هذا) في أن نُكرّم بمكافآت السماء بواسطة من نأتي إليه مُرغمين.
لماذا إذن نصلي ونتوسل أن يأتي ملكوته إن كان الأسر الأرضي يبهجنا؟ لماذا في صلواتنا التي نكررها كثيرًا نطلب ونتوسل أن يأتي ملكوته سريعًا إن كان يوجد اشتياقات أعظم ورغبات أقوى لخدمة إبليس هنا عن أن نملك مع المسيح؟
19- أخيرًا لكي تصير علامات العناية الإلهية ظاهرة بوضوح أكثر، أن الرب إذ يسبق ويعرف المستقبل، يتطلع إلى الخلاص الحقيقي لنا، عندما أحد زملائنا ورفقائنا الكهنة وقد أنهكه المرض وأنذر مواجهة بدنو الموت فصلي لأجل مهلة لنفسه وبينما هو يصلي وهو في النزع الأخير وقف بجانبه شاب مهوب في الكرامة والمجد نبيل القوام بهي المنظر ولا يمكن لأحد أن ينظره بعيني الجسد إلا من كان على وشك الرحيل من العالم. فقال له الشاب دون أن يخلو ذهنه وصوته من بعض الضيق وكلّمه بغضب قائلًا: "أنت خائف من التألم، أنت لا تريد أن ترحل فماذا أفعل معك؟"
(هذا) الصوت هو صوت من ينتهر ويحذر.
إن زميلنا ورفيقنا الذي كان على وشك أن يموت سمع ما كان عليه أن يقوله لآخرين. لأنه ما الذي يمكنه أن يتعلّمه الآن بينما هو على وشك الرحيل؟ بل بالأحرى هو عرفه لأجلنا نحن الباقين إذ من معرفتنا أن الكاهن الذي صلى لأجل مهلة قد تم انتهاره، نتعلّم ما هو مفيد للكل.
20- مرارًا ما كُشف لنا نحن أيضًا الأقل وآخر الكل، كم من مرة وبوضوح أُمرت -بتعطف من الله- أن عليّ أن أشهد دائمًا، أنه ينبغي لي أن أعظ علانية أنه لا ينبغي لنا أن نبكي أخوتنا الذين تحرروا من العالم بأمر الله، لأننا نعلم أنهم غير مفقودين بل أرسلوا قبلنا، أنهم في رحيلهم يسبقوننا وأنه لا ينبغي أن نبكيهم بل نشتاق إليهم كما اعتدنا أن نفعل مع المسافرين، وأنه لا ينبغي لنا أن نلبس الملابس السوداء لمن يلبسون الآن الملابس البيضاء هناك، وأنه لا ينبغي أن تعطي الفرصة لغير المؤمنين أن يسخروا منا عن حق وجدارة على أساس أننا نحزن لأجل من نقول أنهم يحيون مع الله كما لو كانوا هلكوا تمامًا وفقدوا، وأننا لا نظهر بشهادة القلب والمشاعر الإيمان الذي نعلنه في الحديث والكلام!
نحن مراوغون لرجائنا وإيماننا لو أن ما نقوله يبدو فيه ادّعاء وتزييف وكذب. لا يفيد شيء أن نظهر الفضيلة في الكلمات ونلاشي الحق في الأفعال.
21- أخيرًا يحذر ويوبخ ويلوم بولس الرسول من هم حزانى لموت أحد أعزائهم فيقول "لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضًا معه" (1تس 4: 13-14). إنه يقول الذين لا رجاء لهم هم الذين يحزنون لموت أحد أعزائهم. لكن نحن الذين نحيا في الرجاء ونؤمن بالله ولنا إيمان أن المسيح تألم لأجلنا وقام ثانية، نقيم في المسيح ونقوم ثانية من خلاله وبه لماذا نحن ذواتنا إما غير راغبين في الرحيل عن هذا العالم أو لماذا نبكي ونحزن لأجل أعزائنا الراحلين كما لو كانوا هلكوا إذ المسيح ربنا وإلهنا ذاته ينصحنا فيقول "أنا هو القيامة (والحياة). من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الموت" (يو 11: 25-26)؟ لو لنا إيمان في المسيح، ليكن لنا إيمان في كلماته ووعوده لكي نحن من لن نموت إلى الأبد نأتي بفرح واثق إلى المسيح الذي معه ننتصر ونملك إلى الأبد.
22- بالنسبة لحقيقة أنه بينما نموت نعبر بالموت إلى الخلود، كذلك لا يمكن للحياة الأبدية أن تلي ما لم يتم رحيلنا من هنا. ليس الموت هو نهاية بل هو ممر، رحلة زمنية نجتازها، عبور إلى الأبدية. ألا نريد الإسراع إلى الأشياء الأفضل؟ من لن يصلي ليتغير بسرعة أكثر ويتحول إلى صورة المسيح ولكرامة النعمة السماوية، حيث يعلن بولس الرسول "فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا (ليكون) على صورة جسد مجده (في 3: 20-21)؟
المسيح ربنا أيضًا يعد أننا سنكون هكذا إذ يصلي لأبيه لأجلنا لكيما نكون معه ونفرح معه في المظال الأبدية والملكوت السماوي قائلًا "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو 17: 24). الذي له أن يأتي إلى الإقامة مع المسيح وإلى مجد الملكوت السماوي، لا ينبغي له أن يحزن بل بالأولى، بحسب وعد الرب وبحسب الإيمان في الحق أن يبتهج في رحيله وانتقاله هذا.
23- كذلك نجد أخيرًا أن أخنوخ أيضًا الذي أرضى الله قد نُقل كما يشهد بهذا الكتاب المقدس في سفر التكوين فيقول "وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك 5: 24). فهذا الإنسان لكونه مرضي عنه أمام الله، لذلك استحق أن يُنقل من عدوى هذا العالم. لكن الروح القدس يعلّمنا أيضًا بفم سليمان أن الذين يرضون الرب يأخذهم من هنا مبكرًا ويطلقهم بسرعة أكثر لئلا بينما يتعوقون طويلًا جدًا في هذا العالم يتدنسوا باحتكاكاتهم بالعالم فيقول "الذي يرضي الله يكون محبوبًا وعائشًا بين الخطاة نُقل وخُطف قبل أن تغيّر الرذيلة فهمه أو يطفئ الغش نفسه" (حكمة سليمان 4: 10-11). كذلك أيضًا في المزامير أن النفس المخلصة لإلهها في إيمان روحي تسارع إلى الله كما هو مكتوب "ما أحلى مساكنك يا رب الجنود. تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب" (مز 84: 1-2).
24- له أن يرغب في البقاء طويلًا من يبهجه العالم، من يغريه العالم بتملقات ويخدعه بإغراءات اللذة الدنيوية. علاوة على ذلك حيث أن العالم يبغض المسيحي فلماذا تحب ما يبغضك وليس بالأحرى تتبع المسيح الذي فداك ويحبك؟ يهتف يوحنا الرسول في رسالته ويخبرنا ويحضنا لئلا في سعينا إلى اللذة الجسدانية نحب العالم فيقول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو 2: 15-17). بل بالأحرى -أيها الإخوة- بذهن سليم، بإيمان ثابت، بفضيلة ذات قوة عزيمة، لنكن مستعدين لكل إعلان لإرادة الله، إذ تحررنا من رعبة الموت لنفكر في الخلود الذي يلي. لنظهر أن هذا هو ما نعتقده لكيما لا نبكي وفاة ولو أعز من لدينا ولكي عندما يحين يوم استدعائنا نمضي إلى الرب بدون تردد بل نلبي دعوته بمنتهى السعادة.
25- بينما كان دائمًا على عبيد الله أن يفعلوا هذا، ينبغي أن يفعلوا هذا بأكثر سرعة الآن مع سقوط العالم ومع عواصف الهجمات الشريرة التي تضغط عليه، حتى أننا نحن الذين ندرك أن أمور محزنة قد ابتدأت بالفعل ونعلم أن أمورًا أكثر إحزانًا مزمعة أن تحدث، ينبغي لنا أن نحسب هذا أعظم مكسب لو كان لنا أن نغادر العالم بسرعة. لو كانت حوائط منزلك تتأرجح من الانحلال decay، لو كان السقف فوقك يهتز، لو البيت يبلى الآن واُستهلك تمامًا بفعل الزمن، أما كنت ستغادره بكل سرعة؟ لو بينما كنت تبحر في سفينة واجتاحتها عاصفة شديدة جدًا والأمواج لاطمت السفينة بعنف كان ينبئ بغرق السفينة، ألا تطلب بسرعة ميناء؟ هوذا العالم يترنح ويتداعى ويشهد لخرابه ليس بفعل الزمن الآن (أي شيخوخته) بل بسبب النهاية، وأنت ألا تشكر الله، ألا تهنئ ذاتك أنك أُنقذت منه برحيل مبكر، بأنك تحررت من الخراب والكوارث التي تهدده!
26- ينبغي لنا أيها الإخوة أن ننظر ونفكر باستمرار أننا جحدنا العالم ونحن نقيم هنا لبعض الوقت كنزلاء وغرباء. لنحتضن اليوم الذي يعين لكل واحد منا موضعه (الأبدي) والذي عند إنقاذنا من هنا وتحررنا من فخاخ العالم يعيدنا إلى الفردوس والملكوت. أي إنسان بعد وجوده خارج البلاد أما يسارع إلى العودة إلى وطنه؟ من عندما يسارع للإبحار إلى أسرته، ألا يشتاق بالأكثر لريح مواتية لكي يلتقي بسرعة بأحبائه؟ نحن نعتبر الفردوس وطننا، وقد بدأنا ننظر إلى آباء الآباء على أنهم والدينا. لماذا لا نسارع ونركض لكي يمكننا رؤية وطننا، لكي يمكننا أن نسلّم على والدينا؟ كثير من الأعزاء ينتظروننا... آباء وإخوة، أبناء، جمع ضخم ينتظرنا، وهم آمنين في موضعهم لكنهم لا يزالوا متلهفين لخلاصنا. كم تكون فرحة عظيمة لهم ولنا سويًا أن نقابلهم ونحتضنهم! أية مسرة توجد في الملكوت السماوي دون خوف من الموت وبحياة أبدية على أعلى ما يمكن وبسعادة دائمة، هناك خورس الرسل المجيد، هناك جمع الأنبياء المتهللين، هناك جموع لا تُحصى من الشهداء لابسين أكاليل بسبب مجد وانتصار جهادهم وآلامهم، هناك العذارى المنتصرات اللاتي قد أخضعن شهوات الجسد بقوة عفتهن، الرحماء يستمتعون (هناك) بمكافآتهم، الذين صنعوا أعمال برّ بإعطاء طعام وصدقة للفقير، والذين مراعاة منهم لوصايا الرب نقلوا ثروتهم الأرضية إلى كنوز السماء!
لنسارع أيها الإخوة الأحباء إلى هؤلاء باشتياق متلهف!
لنصلّي لكيما نلحق بهم بسرعة، لنأتي بسرعة إلى المسيح.
ليت الله يرى أن هذا هو هدفنا. ليت السيد المسيح يتطلع لهذا التصميم الذي لذهننا وإيماننا والذي سيعطي مكافآت سخية من محبته لمن اشتياقاتهم إليه أعظم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/cyprian-treatises/plague-of-mortality.html
تقصير الرابط:
tak.la/3wyngm6