* تأملات في كتاب نحميا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ
قضى نحميا اثنى عشر عامًا في أورشليم (نح 5: 14)، أتم فيها بناء السور والاهتمام الروحي للشعب، ولعله يكون قد عاد إلى الملك في هذه الفترة مرة، أو مرات، لكنه لم يُذْكَر شيءٌ عن ذلك في الكتاب المقدس.
بعد اثنتى عشرة سنة عاد نحميا إلى الملك، وقضى فترة عنده غير معروف مدتها، فقد تكون شهورًا أو سنين، عاد بعدها إلى أورشليم؛ لأن قلبه كان متعلقًا بها، ففوجئ بانتشار الشر وسط الشعب. ولأن نحميا لم يكن يهمه فقط التحصين الخارجي لأورشليم، بل بالأحرى رعاية الشعب، تأثر قلبه جدًا، إذ وجدهم ساقطين في خطايا كثيرة أهمها:
الاختلاط بالعمونيين والموآبيين.
تدنيس الهيكل بإدخال الأمميين فيه.
إهمال جمع العشور وبالتالي لم يجد اللاويون قوتهم، فتركوا خدمة الهيكل، وتوقفت العبادة في الهيكل.
كسر يوم السبت.
التزوج بالوثنيات وبالتالي الارتباط بآلهتهن.
رغم كل هذه المفاسد لم ييأس نحميا بل اتكل على الله وبدأ في إعادة تطهير الشعب وإرجاعه لله، فما هي الإصلاحات الثانية التي قام بها نحميا؟!
(1) طرد العمونيين والموآبيين (ع1-9)
(2) جمع العشور (ع10-14)
(3) حفظ السبت (ع15-22)
(4) الانفصال عن الزيجات الأجنبية (ع23-31)
1 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قُرِئَ فِي سِفْرِ مُوسَى فِي آذَانِ الشَّعْبِ، وَوُجِدَ مَكْتُوبًا فِيهِ أَنَّ عَمُّونِيًّا وَمُوآبِيًّا لاَ يَدْخُلُ فِي جَمَاعَةِ اللهِ إِلَى الأَبَدِ. 2 لأَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْخُبْزِ وَالْمَاءِ، بَلِ اسْتَأْجَرُوا عَلَيْهِمْ بَلْعَامَ لِكَيْ يَلْعَنَهُمْ، وَحَوَّلَ إِلهُنَا اللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ. 3 وَلَمَّا سَمِعُوا الشَّرِيعَةَ فَرَزُوا كُلَّ اللَّفِيفِ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 4 وَقَبْلَ هذَا كَانَ أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْمُقَامُ عَلَى مِخْدَعِ بَيْتِ إِلهِنَا قَرَابَةُ طُوبِيَّا، 5 قَدْ هَيَّأَ لَهُ مِخْدَعًا عَظِيمًا حَيْثُ كَانُوا سَابِقًا يَضَعُونَ التَّقْدِمَاتِ وَالْبَخُورَ وَالآنِيَةَ، وَعُشْرَ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ، فَرِيضَةَ اللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ، وَرَفِيعَةَ الْكَهَنَةِ. 6 وَفِي كُلِّ هذَا لَمْ أَكُنْ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنِّي فِي السَّنَةِ الاثْنَتَيْنِ وَالثَّلاَثِينَ لأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ بَابِلَ دَخَلْتُ إِلَى الْمَلِكِ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ اسْتَأْذَنْتُ مِنَ الْمَلِكِ 7 وَأَتَيْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفَهِمْتُ الشَّرَّ الَّذِي عَمِلَهُ أَلْيَاشِيبُ لأَجْلِ طُوبِيَّا، بِعَمَلِهِ لَهُ مِخْدَعًا فِي دِيَارِ بَيْتِ اللهِ. 8 وَسَاءَنِي الأَمْرُ جِدًّا، وَطَرَحْتُ جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طُوبِيَّا خَارِجَ الْمِخْدَعِ، 9 وَأَمَرْتُ فَطَهَّرُوا الْمَخَادِعَ، وَرَدَدْتُ إِلَيْهَا آنِيَةَ بَيْتِ اللهِ مَعَ التَّقْدِمَةِ وَالْبَخُورِ.
اللفيف: الأمميون الذين ساروا مع بني إسرائيل وسكنوا وسطهم، ولم ينضموا إلى إيمان اليهود وكان منهم عدد كبير من الموآبيين والعمونيين، الذين يسكنون ملاصقين لشعب الله.
حتى يبدأ نحميا في إصلاحاته اهتم بقراءة الكتاب المقدس علنًا على الشعب المجتمع أمامه في الهيكل. وبتدبير الله في ذلك اليوم قرأوا في الأصحاح الثالث والعشرين من سفر التثنية، فوجدوا مكتوبًا فيه أن الشريعة تنص على الابتعاد عن العمونيين والموآبيين؛ لأنهم يحملون عداوة لبنى إسرائيل وبالتالي يجذبونهم لعبادة آلهتهم (تث23: 3-5).
فتجاوب الشعب مع كلمة الله وأطاع الشريعة، فأفرزوا وأخرجوا من عندهم كل الموآبيين والعمونيين، وبهذا تخلصوا مما يعثرهم ويبعدهم عن الله. ونص الشريعة هنا لا يقصد التفرقة العنصرية ولكن الابتعاد عن الشر والخلطة الشريرة التي تسقط أولاد الله وتبعدهم عنه مثلما أسكن سبط رأوبين الموآبيين في وسطه، وقادوا اليهود في عبادة كموش إلههم، وأكثر من هذا استعبدوهم تحت قيادة عجلون ملكهم ثمانية عشر سنة، سمح الله للغرباء الذين ينضمون إلى الإيمان به أن يقدموا ذبائح له (عد15: 14) وقبل انضمام راعوث الموآبية إلى شعبه، فتزوجت من بوعز، بل وأكثر من هذا أتى المسيح من نسلها.
ع4، 5: نتيجة تهاون الكهنة وتزوجهم بأجنبيات من الأمم، كانت هناك قرابة بين ألياشيب رئيس الكهنة، وبين طوبيا العمونى، الذي قاوم بناء السور، مما كون صداقة بينهما، فبعد هدوء الأمور ومرور السنوات بعد بناء السور، استطاع طوبيا بنفوذه أن يقنع ألياشيب رئيس الكهنة، أن يخصص له حجرة كبيرة في الهيكل؛ ليقيم فيها عندما يزور أورشليم. وكانت هذه الحجرة مخصصة لتخزين التبرعات التي يقدمها الشعب من البخور وأوانى الهيكل وكذلك عشور الشعب من القمح والخمر والزيت والتي كانت توزع على اللاويين والكهنة، فأفرغ ألياشيب الحجرة وهيأها مسكنًا لطوبيا قريبة، مع أن الشريعة تمنع دخول الأمم إلى الهيكل؛ وخاصة العمونيين (ع1؛ تث23: 3) فكيف يدخل طوبيا ويقيم هناك؟!
وبهذا نرى تهاون ألياشيب الشديد في أمرين:
إدخال طوبيا إلى الهيكل؛ ليقيم بجواره، نتيجة القرابة التي بينهما متحديًا الله وشريعته.
إهماله لاحتياجات اللاويين وأمتعة الهيكل، فأخرج كل ما في المخازن؛ مما يعرضها للتلف.
ولعل تهيئته "للمخدع العظيم" لطوبيا كان عن طريق شراء أثاث فاخر، أو ضم بعض الحجرات لبعضها لتكون مسكنًا يليق بطوبيا قريبه.
ع6، 7: هذا الخطأ العظيم الذي وقع فيه ألياشيب كان أثناء غياب نحميا عند الملك أرتحشستا، فانتهز ألياشيب فرصة عدم وجود نحميا في أورشليم، وأكرم طوبيا على حساب بيت الله. ولعل التزاوج قد تم بين نسل ألياشيب ونسل طوبيا في هذه الفترة، وحدثت زيارات بينهما، وتبادل هدايا وتكريم، منها هذا التكريم بتهيئة مخدع لطوبيا في الهيكل.
وهذا يبين أهمية وجود القائد الروحي، فكان نحميا يمثل الحق وصوت الله، فخاف الشعب والكهنة، مع أنه كان المفروض أن يكون ألياشيب رئيس الكهنة هو القائد الروحي، الذي يعلن مخافة الله، وضرورة التمسك بشريعته، وهذا يذكرنا بخطية هارون عندما صنع العجل الذهبى في فترة غياب موسى على الجبل لاستلام وصايا الله وشريعته (خر32: 4).
ورجوع نحميا إلى الملك في السنة الثانية والثلاثين لملك أرتحشستا، أي بعد إثنى عشر عامًا قضاها في أورشليم، كان إما بسبب ميعاد أتفق مع الملك عليه ليعود فيه إلى بابل، أو لاستدعاء الملك لنحميا؛ ليطمئن على أحوال أورشليم واليهودية، التي كان نحميا واليًا عليها من قبل الملك.
† تمسك بالحق ووصايا الله، حتى لو ابتعد من حولك عنه، فبهذا تحمى نفسك من حروب إبليس، وتتمتع برعاية الله وتكون نورًا للعالم. ويعطيك الله مهابة في أعين الآخرين؛ حتى لو تظاهروا بمقاومتك، أو استهزأوا بك، فقوة الله التي فيك ستؤثر على قلوبهم.
ع8، 9: تضايق جدًا نحميا عندما رأى تدنيس الهيكل بإقامة طوبيا الوثني داخله، وتهاون ألياشيب الذي كان من المفروض أن يكون أول المدافعين عن الهيكل والحريصين على طهارته. فتقدم بشجاعة غير خائف من نفوذ طوبيا ولا سلطان ألياشيب رئيس الكهنة، فأخرج كل أمتعة طوبيا وألقاها خارج الهيكل، ثم أمر فطهر الكهنة المخدع، الذي سكن فيه طوبيا؛ حسبما تقضى الشريعة. وبعد ذلك أعاد إلى المخدع آنية بيت الرب والبخور وكل العطايا التي قدمها الشعب إلى الهيكل لتكون نصيبًا لللاويين.
ونلاحظ هنا عدة أمور:
إذ تهاون ألياشيب تقدم نحميا وعمل ما كان ينبغى أن يعمله ألياشيب ولم يصمت لأنه الوالى وليس رئيس الكهنة، بل اهتم بتنفيذ الشريعة، ما دام رئيس الكهنة قد تهاون.
لم يأخذ نحميا أمتعة طوبيا لنفسه بل أراد التخلص منها، بإلقائها خارج الهيكل؛ ليأخذها ألياشيب، أو طوبيا ولكن لا تدنس هيكل الله، وهو بهذا يشبه المسيح، الذي طرد الباعة من الهيكل، هم وكل أمتعتهم؛ ليظل بيت الله بيت الصلاة (مت21: 13)
اهتمام نحميا باحتياجات الكهنة واللاويين حتى لا يتعطلوا عن خدمتهم للهيكل.
إكرامه لآنية بيت الرب واحتياجاته من البخور وغيره.
† إن سقط إنسان في خطية ينبغى التخلص من كل مصادرها وأن يطهر نفسه بالتوبة والاعتراف؛ حتى يستطيع أن يتقدم للتناول من الأسرار المقدسة ويصبح قلبه مسكنًا لله وحده؛ كما تخلص نحميا من أمتعة طوبيا وطهر المخدع، ثم أدخل آنية بيت الرب وعطايا الشعب إلى المخدع.
10 وَعَلِمْتُ أَنَّ أَنْصِبَةَ اللاَّوِيِّينَ لَمْ تُعْطَ، بَلْ هَرَبَ اللاَّوِيُّونَ وَالْمُغَنُّونَ عَامِلُو الْعَمَلِ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى حَقْلِهِ. 11 فَخَاصَمْتُ الْوُلاَةَ وَقُلْتُ: «لِمَاذَا تُرِكَ بَيْتُ اللهِ؟» فَجَمَعْتُهُمْ وَأَوْقَفْتُهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ. 12 وَأَتَى كُلُّ يَهُوذَا بِعُشْرِ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ إِلَى الْمَخَازِنِ، 13 وَأَقَمْتُ خَزَنَةً عَلَى الْخَزَائِنِ: شَلَمْيَا الْكَاهِنَ وَصَادُوقَ الْكَاتِبَ وَفَدَايَا مِنَ اللاَّوِيِّينَ، وَبِجَانِبِهِمْ حَانَانَ بْنُ زَكُّورَ بْنِ مَتَّنْيَا لأَنَّهُمْ حُسِبُوا أُمَنَاءَ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى إِخْوَتِهِمْ. 14 اذْكُرْنِي يا إِلهِي مِنْ أَجْلِ هذَا، وَلاَ تَمْحُ حَسَنَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا نَحْوَ بَيْتِ إِلهِي وَنَحْوَ شَعَائِرِهِ.
ع10:
لاحظ نحميا عندما دخل إلى الهيكل؛ لتطهيره من أمتعة طوبيا عدم تواجد اللاويين في الهيكل، فلم يسمع تسبيح المغنيين، وعلم أن الشعب لم يعد يقدم عشوره وعطاياه في الهيكل وقد يكون السبب علم الشعب بأن عطاياه قد طرحت من الهيكل؛ لتهيئة مخدع لطوبيا، أو استيلاء طوبيا أيضًا عليها، فلم يعودوا يقدمون تقدماتهم. وبالتالي لم يجد اللاويون احتياجاتهم، فاضطروا أن يذهبوا إلى الحقول ليعملوا فيها حتى يجدوا قوتهم وتركوا خدمة بيت الرب. والعجيب أن كل هذا لم يهم ألياشيب رئيس الكهنة لانغماسه في إكرام طوبيا ولم يهم أيضًا الولاة، أي رؤساء الشعب، فانشغلوا بمراكزهم ولعلهم سقطوا في خطية الاستيلاء على جزء من أنصبة اللاويين وقُسمت العطايا بين الكهنة والولاة والخلاصة لم يجد اللاويون قوتهم، فبحثوا عن أعمال أخرى ليسدوا احتياجاتهم.
ع11: أول إصلاح قام به نحميا هو أن وقف خصمًا للولاة ووبخهم لأنهم لم يقفوا ضد ألياشيب وتركوا عطايا الهيكل تلقى خارج المخازن؛ حتى شك الشعب في وصول عطاياه إلى اللاويين ولم يشجعوا الشعب على العودة لدفع العشور، وثانى إصلاحاته كانت أنه أرسل فدعى لاويين من كل مكان في اليهودية وجمعهم إلى الهيكل، وأوقف كل واحد منهم في خدمته بحسب الترتيب الذي كان معمولًا به قبل أن يسافر إلى الملك، وبهذا عادت الخدمة إلى الهيكل كما كانت.
ويلاحظ أنه لم يوبخ اللاويين، لأنهم معذورون؛ إذ اضطروا للبحث عن قوتهم بالعمل في الحقول، فلم يكن في نيتهم ترك خدمة الهيكل، ولكن خطأ الياشيب وخطأ الشعب في حقهم - كما ذكرنا - هو الذي ألجأهم إلى ترك الهيكل. وكان نحميا إيجابيًا فهو إن لم يكن قد لامهم لتركهم الخدمة ولكنه أرجعهم إلى خدمتهم وبالتالي تركوا تعلقهم بالحقول والمكاسب المادية، أي أعادهم للتفرغ لخدمة الله.
ع12: تحرك الولاة مساعدو نحميا، أي رؤساء الشعب، ودعوهم لتقديم العشور والتبرعات إلى الهيكل، كما تعهدوا قديمًا (نح 10: 39)، فتشجعوا إذ وجدوا حماس نحميا الأمين على بيت الرب، وقدموا عطاياهم من قمح وخمر وزيت.
ع13: تنظيمًا لجمع عطايا الشعب وتوزيعها على الكهنة واللاويين، أقام نحميا مجموعة من الكهنة واللاويين، عُرفت عنهم الأمانة والدقة وتحمل المسئولية، وأعطاهم مسئولية المخازن في الهيكل، هذا هو ثالث إصلاح قام به نحميا وهو يبين تميزه في الإدارة وتنظيم الأعمال.
ع14: إن نحميا في كل ما عمله لم يرجُ مكافأة من أحد، بل عمل كل شيء لأجل الله، وهو رجل صلاة أنهى ما عمله في الآيات السابقة بصلاة، طلب فيها من الله أن يذكره بالرحمة لغفران خطاياه وترجى الله أن ألا ينسى أي عمل حسن قد عمله بقوة الله في أورشليم، مثل بناء السور.
ما سبق وما يأتي في هذا الأصحاح يبين أهمية القائد في قيادة الآخرين لطاعة الله ووصاياه، ففى وجود نحميا عمل إنجازات عظيمة رأيناها في الإثنى عشر أصحاحًا الأولين في هذا السفر، ولكن عندما غاب قليلًا عند الملك عاد الشعب إلى خطاياه وتهاونه، ولكن بنعمة الله وأمانة نحميا عادوا ثانية إلى الله، كما يظهر من هذا الأصحاح.
† كن مدققًا بالتمسك بوصايا الله وإتمام مسئولياتك؛ لأنك مسئولًا عمن حولك، فاقترابك إلى الله يقربهم إليه، وابتعادك عنه يعثرهم ويبعدهم عنه.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
15 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ رَأَيْتُ فِي يَهُوذَا قَوْمًا يَدُوسُونَ مَعَاصِرَ فِي السَّبْتِ، وَيَأْتُونَ بِحُزَمٍ وَيُحَمِّلُونَ حَمِيرًا، وَأَيْضًا يَدْخُلُونَ أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بِخَمْرٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَكُلِّ مَا يُحْمَلُ، فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَيْعِهِمِ الطَّعَامَ. 16 وَالصُّورِيُّونَ السَّاكِنُونَ بِهَا كَانُوا يَأْتُونَ بِسَمَكٍ وَكُلِّ بِضَاعَةٍ، وَيَبِيعُونَ فِي السَّبْتِ لِبَنِي يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ. 17 فَخَاصَمْتُ عُظَمَاءَ يَهُوذَا وَقُلْتُ لَهُمْ: «مَا هذَا الأَمْرُ الْقَبِيحُ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ وَتُدَنِّسُونَ يَوْمَ السَّبْتِ؟ 18 أَلَمْ يَفْعَلْ آبَاؤُكُمْ هكَذَا فَجَلَبَ إِلهُنَا عَلَيْنَا كُلَّ هذَا الشَّرِّ، وَعَلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ؟ وَأَنْتُمْ تَزِيدُونَ غَضَبًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِذْ تُدَنِّسُونَ السَّبْتَ». 19 وَكَانَ لَمَّا أَظْلَمَتْ أَبْوَابُ أُورُشَلِيمَ قَبْلَ السَّبْتِ، أَنِّي أَمَرْتُ بِأَنْ تُغْلَقَ الأَبْوَابُ، وَقُلْتُ أَنْ لاَ يَفْتَحُوهَا إِلَى مَا بَعْدَ السَّبْتِ. وَأَقَمْتُ مِنْ غِلْمَانِي عَلَى الأَبْوَابِ حَتَّى لاَ يَدْخُلَ حِمْلٌ فِي يَوْمِ السَّبْتِ. 20 فَبَاتَ التُّجَّارُ وَبَائِعُو كُلِّ بِضَاعَةٍ خَارِجَ أُورُشَلِيمَ مَرَّةً وَاثْنَتَيْنِ. 21 فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ بَائِتُونَ بِجَانِبِ السُّورِ؟ إِنْ عُدْتُمْ فَإِنِّي أُلْقِي يَدًا عَلَيْكُمْ». وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْتُوا فِي السَّبْتِ. 22 وَقُلْتُ لِلاَّوِيِّينَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَيَأْتُوا وَيَحْرُسُوا الأَبْوَابَ لأَجْلِ تَقْدِيسِ يَوْمِ السَّبْتِ. بِهذَا أَيْضًا اذْكُرْنِي يَا إِلهِي، وَتَرَأَفْ عَلَيَّ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِكَ.
ع15:
لاحظ نحميا أيضًا عند تجوله في أورشليم، أن هناك بعض اليهود يدوسون العنب في المعاصر لعصره وكان ذلك في يوم السبت الممنوع فيه القيام بأى أعمال مادية؛ حتى يتفرغ اليهود لعبادة الله.ورأى أيضًا في الحقول الفلاحين يجمعون حزم محصولهم ويربطونه، والحمالين يحملون الحمير أحمالًا لنقلها من مكان إلى مكان وكل هذه الأعمال كانت ممنوعة في يوم السبت (خر34: 21 ؛ تث 5: 14 ؛ ار17: 21)، فاليهود لا يعملون، وكذلك يريحون بهائمهم يوم السبت.
ووجد أيضًا يوم السبت يهودًا يأتون من البلاد المختلفة إلى أورشليم معهم بضائع من الخمر والعنب والتين لبيعها في ذلك اليوم، وبالطبع التجارة كانت ممنوعة في يوم السبت.
يظهر هنا تدقيق نحميا الذي كان يجول بنفسه لرعاية شعبه وإصلاح أخطائه، خاصة بعد أن وجد انحراف الكهنة برئاسة ألياشيب وتخاذل الولاة، فاعتمد على نفسه في فحص كل شئ؛ حتى تستقيم الأمور، وبعد هذا كل واحد يقوم بعمله.
يعلن بوضوح أنه أشهد عليهم، أي عرفهم بخطيتهم في كسر السبت، فهو لم يعاقبهم ولكن علمهم الشريعة ودعاهم لاتباعها. وهو بهذا ليس عنده غضب شخصى عليهم، بل حزمًا في تنفيذ وصية الله، التي هي الوصية الرابعة من الوصايا العشر التي تقضى بحفظ السبت (خر20: 8).
ع16: كانت صور مدينة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط، وكانت أشهر مدن العالم في التجارة، وكانت تقع بجوارها صيدون المشهورة بصيد السمك، فكانوا يأتون بهذا السمك؛ ليبيعونه في أورشليم، ولوجود مسافة ليست بقليلة بين صور وأورشليم، كانوا غالبًا يملحون السمك، فيحتمل السفر. وكان هؤلاء الصوريون لهم مساكن مؤقتة في أورشليم، أما أماكن إقامتهم الدائمة كانت في صور.
ولأن اليهود كسروا السبت، فكانوا يبيعون ويشترون فيه، شجع هذا الصوريين، أي الأمميين أن يأتوا ليبيعوا هذا السمك وكل بضائعهم في أورشليم والمدن المحيطة.
ع17: وقف نحميا خصمًا لشيوخ ورؤساء الشعب، ووبخهم على كسرهم وصية الله الرابعة وهي تقديس يوم السبت لعبادته، فهم بهذا يدنسون يوم السبت ويغضبون الله.
ونحميا هنا يرمز للمسيح الديان، الذي سيحاسب الكل على خطاياهم؛ لأن خطية الرؤساء ليست فقط أنهم باعوا واشتروا في السبت، بل أباحوا للشعب ذلك، فأعثروهم بهذا التهاون. وقد يكون تصرفهم هذا أدى إلى التهاون في السبت بعمل أي أعمال غير التجارة.
ع18: وأضاف نحميا، فذكر الرؤساء بأن التهاون في كسر السبت وغيره من وصايا الله هو الذي جلب على أورشليم واليهودية السبي البابلي، بعد أن سبيت مملكة إسرائيل ولأن الشعب قديمًا أهمل الراحة في السنة السابعة وزرع الأرض ضد وصية الله، فاستوفت الأرض سبوتها، أي استراحت الأرض من الزراعة سبعين عامًا، هي مدة السبي البابلي بدلًا من إهمال اليهود لوصية السنة السابعة لمدة 490 عامًا (2 أى36: 21).
وقال نحميا للرؤساء أمام الشعب أنكم بهذا تزيدون غضب الله على مدينته أورشليم، فبكت الرؤساء والشعب كله؛ لأجل كسرهم السبت وصاروا مستعدين لتنفيذ الوصية.
ع19: اتخذ نحميا قرارات محددة من جهة حفظ السبت هي:
أشهد مساعديه على التجار الذين يبيعون ويشترون يوم السبت (ع15).
وبخ الرؤساء الذين يمثلون كل الشعب على كسرهم يوم السبت، وبالتالي تعريض أنفسهم للغضب الإلهي (ع17، 18).
في نهاية يوم الجمعة، عندما غطى الظلام أبواب أورشليم، معلنًا بداية ليلة السبت، أمر نحميا بإغلاق الأبواب وعدم فتحها إلا بعد انتهاء يوم السبت كله.
ثم أقام نحميا من مساعديه مراقبين لأبواب أورشليم كلها؛ للتأكد من تنفيذ وصية حفظ السبت.
ع20، 21: رغم أن أوامر نحميا كانت محددة وقوية لكن التجار ظنوا أنه مجرد تشدد مؤقت منه، سينساه وينشغل عنه مع الوقت؛ لذا جاءوا ببضائعهم في السبت التالي، ولكن ظلت أبواب أورشليم مغلقة ولم يدخل أحد. ولما تكرر هذا الأمر في السبت الذي يليه وعلم نحميا، أشهد عليهم هذه الخطية وهي نيتهم كسر السبت.
ولم يكتف نحميا بهذا، بل هددهم إن حضروا في السبت التالى ببضائع وباتوا خارج المدينة عند الأبواب، أن يقبض عليهم ويلقيهم في السجن لمحاولة كسر السبت.
وهنا نجد حزم نحميا في تنفيذ الوصية ومراقبته للأبواب لمنع كسر السبت، بل وتهديده لمحاولى كسر الوصية، فاستطاع أن ينهى هذا الشر، خلال أسبوعين.
† كن متشددًا ضد الخطية وإيقاف مصادرها مع مراجعة نفسك كل يوم والالتزام بسر الاعتراف، فتستطيع أن تتخلص منها بقوة الله.
ع22: لاستمرار إغلاق أبواب أورشليم يوم السبت أقام نحميا مسئولين من اللاويين على كل باب، ليضمن تنفيذ الوصية، وبهذا حفظ الشعب السبت وتفرغوا فيه لعبادة الله.
وقد استمر التمسك بهذه الوصية من أيام نحميا، أي في القرن الخامس قبل الميلاد، حتى أيام المسيح؛ لدرجة أن الكتبة والفريسيين كانوا يتمسكون حرفيًا بحفظ السبت بكل دقة، حتى أنهم كانوا يقاومون المسيح، عندما يظنون أنه كسر السبت مع أنه لم يكن يكسره في أي أمور مادية، بل كان يعمل الخير في السبت وهو شفاء المرضى.
ينهى نحميا عمله في حفظ السبت بصلاة يطلب فيها من الله أن يباركه ويرحمه ويبارك تمسكه بالوصية. وهذا يؤكد أن نحميا رجل صلاة ومتضع يطلب رأفة الله ومراحمه، فهو لا يتباهى بعمل الخير، بل يشعر أنه خاطئ محتاج لرحمة الله.
طلب نحميا من اللاويين أن يتطهروا، أي يستحموا ويغسلوا ثيابهم ويبتعدوا عن أية نجاسة، قبل حراستهم لأبواب أورشليم، باعتبار أن هذه الحراسة عمل مقدس؛ لأنه تنفيذ للوصية الرابعة فأشعرهم بأهمية حراسة الأبواب، خاصة وأنه كان مزمعًا أن يعود للملك بعد فترة، فيكون قد وضع هذه الحراسة في أيدي أمينة وهم اللاويين؛ ليحفظوا الوصية من أجل محبتهم لله.
23 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَيْضًا رَأَيْتُ الْيَهُودَ الَّذِينَ سَاكَنُوا نِسَاءً أَشْدُودِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَمُوآبِيَّاتٍ. 24 وَنِصْفُ كَلاَمِ بَنِيهِمْ بِاللِّسَانِ الأَشْدُودِيِّ، وَلَمْ يَكُونُوا يُحْسِنُونَ التَّكَلُّمَ بِاللِّسَانِ الْيَهُودِيِّ، بَلْ بِلِسَانِ شَعْبٍ وَشَعْبٍ. 25 فَخَاصَمْتُهُمْ وَلَعَنْتُهُمْ وَضَرَبْتُ مِنْهُمْ أُنَاسًا وَنَتَفْتُ شُعُورَهُمْ، وَاسْتَحْلَفْتُهُمْ بِاللهِ قَائِلًا: «لاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ، وَلاَ تَأْخُذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ لأَنْفُسِكُمْ. 26 أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الْكَثِيرَةِ مَلِكٌ مِثْلُهُ؟ وَكَانَ مَحْبُوبًا إِلَى إِلهِهِ، فَجَعَلَهُ اللهُ مَلِكًا علَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. هُوَ أَيْضًا جَعَلَتْهُ النِّسَاءُ الأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ. 27 فَهَلْ نَسْكُتُ لَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا كُلَّ هذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ بِالْخِيَانَةِ ضِدَّ إِلهِنَا بِمُسَاكَنَةِ نِسَاءٍ أَجْنَبِيَّاتٍ؟» 28 وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي يُويَادَاعَ بْنِ أَلْيَاشِيبَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ صِهْرًا لِسَنْبَلَّطَ الْحُورُونِيِّ، فَطَرَدْتُهُ مِنْ عِنْدِي. 29 اذْكُرْهُمْ يَا إِلهِي، لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا الْكَهَنُوتَ وَعَهْدَ الْكَهَنُوتِ وَاللاَّوِيِّينَ. 30 فَطَهَّرْتُهُمْ مِنْ كُلِّ غَرِيبٍ، وَأَقَمْتُ حِرَاسَاتِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ، كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ، 31 وَلأَجْلِ قُرْبَانِ الْحَطَبِ فِي أَزْمِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْبَاكُورَاتِ. فَاذْكُرْنِي يَا إِلهِي بِالْخَيْرِ.
ع23، 24: في تهاون عصى شعب الله شريعته وتزوجوا بالوثنيات من البلاد المحيطة بهم، وهي أشدود التي هي من مدن الفلسطينيين الخمسة الكبار، التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، أي غرب سكن شعب الله وبجواره، ملاصقين له. وتزوجوا أيضًا من موآب وبنى عمون وهما شعبان يسكنان شرق بلاد اليهود وملاصقين له.
أدت هذه الزيجات إلى إنجاب أبناء لا يجيدون التكلم بلغة شعب الله، وهي اللغة العبرانية، التي احتفظوا بها طوال فترة السبي. واللغة الأشدودية قريبة في النطق من العبرانية ولكنها تختلف عنها، فتضايق نحميا جدًا عندما لاحظ هذا النطق الغريب منتشرًا بين شعب الله.
ويلاحظ أن عزرا منذ سنوات قريبة قد قام بدور كبير في الابتعاد عن الزوجات الأجنبيات (عز9، 10) ولكنهم تهاونوا وعادوا إلى هذه الزيجات، فظهرت أهمية متابعة نحميا لتنفيذ الشريعة بالذات في هذا الأمر، الذي يؤدى للأسف إلى عبادة الأوثان، إذ يعبد الشعب الآلهة الوثنية إكرامًا لزوجاتهم.
ع25: رأى نحميا انغماس الشعب في التزوج بالوثنيات وارتباطهم بهن لدرجة يصعب فصلها، فنفذ الشريعة كما هي (تث7: 3) وقام بهذه الأعمال معهم؛ لفصلهم عن الأجنبيات:
خاصمهم، أي وقف خصمًا لهم معلنًا شريعة الله التي تدينهم.
لعنهم، أي أعلن لهم اللعنات الإلهية، التي يستحقونها لكسرهم الشريعة.
ضربهم كما نصت الشريعة (تث25: 2، 3) وبالطبع تم هذا الضرب عن طريق مساعديه.
نتف شعورهم وهذا ليس فقط تأديبًا، بل احتقارًا لهم؛ لأن شعر الذقن يمثل المهابة والاحترام الذي للشيوخ.
استحلفهم، أي جعلهم يقسمون، أن ينفصلوا عن الزيجة بالأجنبيات وعدم التزوج بعد ذلك بأية أجنبيات، أو السماح لأولادهم بهذه الزيجات الخاطئة.
وهذا الاستحلاف هو الذي نصت عليه الشريعة (تث7: 3). وبهذا وضع هؤلاء الرجال المتعدين على الشريعة في مواجهة مع الله؛ حتى يخافوا بعد ذلك كسر الشريعة وإن كسروها يستحقون العقاب.
ع26: أظهر نحميا للشعب خطورة الزيجة بالأجنبيات؛ ليس فقط أنها ضد شريعة الله (ع25)، بل أعطى أيضًا مثالًا عمليًا لشناعة هذه الخطية وهو ما حدث مع سليمان الملك الذي كان محبوبًا من الله ولكن هذه الخطية جلبت غضب الله عليه، فظهر مقاومون له في ملكه تمردوا عليه، وكان ملكًا على كل إسرائيل، فانقسمت المملكة من بعده؛ لأنه أرضى زوجاته الوثنيات وصنع تماثيل للآلهة الغريبة في أورشليم مما أغاظ الله جدًا. وهكذا فقد عظمته في الحكمة والغنى لارتباطه بالوثنيات. وبالتالي فكل شخص معرض للضياع إذا ارتبط بوثنية؛ لأنه ليس أفضل من سليمان الحكيم جدًا.
ع27: من أجل كل ما سبق من الكلام عن خطورة خطية الارتباط بالوثنيات أعلن نحميا أنه لن يسكت عن هذا الشر القائم، أي الزيجات الغريبة الموجودة أمامه وقتذاك. فقد أقنع نحميا الناس بالقرار الذي سيأخذه وهو الانفصال عن الوثنيات، قبل أن يتخذ القرار وهكذا تظهر قدرة نحميا في إدارة أمور المملكة؛ حتى في أصعب الأمور وهي الزيجات القائمة والتي أنجبت أبناء محرمين؛ لأنه أقنع الشعب أنها خيانة عظيمة في حق الله.
ع28: ظهرت شجاعة نحميا عندما وجد أحد أحفاد رئيس الكهنة ألياشيب متزوجًا بوثنية، هي ابنة سنبلط الحورونى، الذي كان يقاوم نحميا في بناء السور، فوبخه وطلب منه الانفصال عن زوجته والرجوع إلى الله، فرفض، فاضطر نحميا أن يطرده من الكهنوت ومن عضوية شعب الله، فاستقبله سنبلط بالترحاب كما يذكر يوسيفوس المؤرخ وأقام له هيكلًا ليخدم فيه للآلهة الوثنية في جبل جرزيم وكان اسم هذا الكاهن منسى. ولعل هذا الجبل هو المقصود في كلام السامرية مع المسيح (يو4: 20).
ع29: كان نحميا في غضب شديد من أجل تنجيس هذا المكان ولعل كان معه كهنة آخرون ولاويون ارتبطوا هم أيضًا بزيجات وثنية، فقد كان المنتظر من الكهنة واللاويين أن يكونوا قدوة للشعب في التمسك بالشريعة؛ لذا طلب نحميا من الله أن يذكرهم لينبههم ليتوبوا عن شرهم وينفصلوا عن الزيجات بالوثنيات، أو يسمح لهم بضيقات لعلهم يشعرون بشناعة خطاياهم فيتوبوا. وتعنى أيضًا التماس نحميا لعدل الله الذي يعاقب المصرين على كسر شريعته.
ع30، 31: طهر نحميا الشعب كله من كل زيجة غريبة وذلك بالانفصال عن هؤلاء الزوجات والابتعاد عنهن ومن أصر على الارتباط بزوجته طرده وفرزه من شعب الله.
وبعد طرد المصرين على الشر لم تهتز الخدمة، فأعاد نحميا توزيع الكهنة واللاويين على خدماتهم المختلفة؛ ليسد مكان من أصر على الزيجة الوثنية وابتعد عن الخدمة، فنظم خدمة الحراسة وقربان الحطب وجمع الباكورات، كل تقدمة في ميعادها، وكذلك جميع أعمال الخدمة داخل الهيكل.
في النهاية يرفع نحميا رجل الصلاة قلبه إلى الله، ملتمسًا منه البركة والخير، فهو يعمل كل هذا لأجله وحده ولا يطلب شيئًا لنفسه؛ لأن خيره يأتيه من الله.
† احترس أن ترتبط بأى شخص يبعدك عن الله، مهما كانت الدوافع، فخلاص نفسك أهم من أي شيء في العالم. وإن كنت قد ارتبطت، فاطلب معونة الله؛ لتتخلص بشجاعة مما يعطلك عن نموك الروحي.
← تفاسير أصحاحات نحميا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير نحميا 12 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/nehemiah/chapter-13.html
تقصير الرابط:
tak.la/2mpvvf3