(1) الحياة في الأبدية والاستعداد لها (ع 1 - 10)

(2) دفاع بولس عن نفسه أمام المعلمين الكذبة (ع 11-13)

(3) مصالحة الناس مع الله فيحيوا لمحبته (ع 14-21 )

يقول بولس أن كل مؤمن يعلم علم اليقين والإيمان أنه إن مات أو استشهد نتيجة للضيقات والآلامات أو المشقات المحيطة به، فله في السموات حياة أبدية دائمة. ويشبه الجسد بخيمة أرضية يمكن أن تنقض في أي وقت، ولكنها إن انقضت تنقلنا إلى بناء عظيم سماوي غير مصنوع بيد إنسان، ولكن الله سيلبسنا جسد نورانى والمقصود به جسد القيامة.

ع2: هذه: الخيمة أي الجسد.

نئن: نتوجع من الآلام والاضطهادات التي تمر بنا في الحياة.

مسكننا الذي من السماء: أجسامنا النورانية التي سنحيا بها في الملكوت.

ع3: لابسين: الأجسام الروحانية.

عراة: الروح بدون جسد.

يكمل الرسول حديثه عن اشتياقه للمجئ الثاني وتغير الجسد الترابى إلى جسم نورانى، فيقول أنه سيصير لابسا هذا الجسم الجديد ولا توجد روحه عارية بدون جسد. أي أن الإنسان سيحيا في السماء بروحه وجسده ولكن بجسد جديد نورانى يليق بحياة السماء.

ع4: يؤكد بولس الرسول أن أتعاب الجسد تجعله يشتاق ليس للموت ووضع جسده في القبر، بل إلى سرعة مجيء المسيح، فيتغير جسده إلى جسم نورانى. ويشبه الجسم النورانى بثوب يغطى الجسم الترابى فيبتلعه. وهكذا يتغير الترابى إلى نورانى.

ع5: صنعنا: خلقنا.

لهذا عينه: لنحيا في الملكوت.

عربون الروح: تذوق علاقة روحية مع الله على الأرض.

يظهر بولس أن غرض الله من خلقتنا هو أن نحيا معه في السماء، وان حياتنا الأرضية مؤقتة، ولهذا يعطينا بالروح القدس عربون ملكوت السموات ونحن على الأرض، أي يمتعنا بعلاقة مع الله من خلال الممارسات الروحية وأسرار الكنيسة حتى نستطيع أن نحتمل أتعاب الأرض وفي نفس الوقت تزداد أشواقنا نحو السماء.

ع6: مستوطنون في الجسد: متعلقون بشهوات الجسد.

يؤكد الرسول حقيقة ثابتة وهي أنه إن انشغلنا بالشهوات الجسدية، سنصير غرباء عن الله، بعيدين عن الحياة الروحية.

ع7:أولاد الله المؤمنون يرون الله بالإيمان، فلا ينشغلون بما يروه بعيونهم من شهوات الجسد الشريرة لأنهم يخافون الله ويحبونه ويستعدون للأبدية.

ع8:الوضع الطبيعي لأولاد الله أن يبتعدوا عن الشهوات الشريرة ليصيروا أبناء حقيقيين لله، أي مواطنين صالحين للحياة السمائية.

ع9: إن غرض وهدف حياة الإنسان هو إرضاء الله، سواء كان في الجسد على الأرض أو ترك الجسد وارتفع إلى السماء. فالأرضيون والسمائيون هدفهم هو إرضاء الله.

ع10: نظهر أمام كرسى المسيح: الدينونة الأخيرة.

ما كان بالجسد: أعمال الإنسان على الأرض.

الخلاصة أنه ينبغي ألا ننسى أننا سنقف أمام الله في يوم الدينونة، ونحاسب على كل كلامنا وأعمالنا وأفكارنا، فنكافأ بالملكوت إن كنا قد فعلنا خيرا أو نعاقب بالعذاب الأبدي إن كنا قد فعلنا شرا.

† هل تفكر في السماء وتشعر أن حياتك الأرضية ما هي إلا فترة وجيزة وأنه لا بُد وأن نذهب من أرض الغربة إلى الفردوس؟ وهل تشتاق إلى الله وتشعر بثقل الأمور المادية التي تحرمك من الله والعشرة معه؟

ع11: مخافة الرب: أي متذكرين دائما يوم الدينونة، فنترك الخطية ونحيا للبر.

نقنع الناس: التبشير بالمسيح المخلص والاستعداد للأبدية.

إذ يتذكر بولس الدينونة الأخيرة، تتولد فيه مخافة الله ويكرز ويعلم بذلك حتى يستعد الكل للأبدية. وهو إذ يخاف الله، يشعر أن الله يرى كل ما في داخله من تغرب عن الشهوات الشريرة واشتياق للحياة الروحية. ويتمنى أن يكون المؤمنون في كورنثوس عالمين وفاهمين لهذا عن طريق ضميرهم الحي أي صوت الله فيهم، بمعنى أن يثقوا في بولس أنه يخاف الله ويهتم بأبديته.

لم يقصد بولس الرسول في دفاعه عن نفسه أن يمدحها، بل أراد أن يثبت رسوليته ليؤكد تعاليمه، وإذ يرى المؤمنون في كورنثوس علاقته القوية مع الله يردون على المعلمين الكذبة، الذين يشككون في تعاليمه ويفتخرون بأمور ظاهرية ليبعدوا المؤمنين عن الإيمان السليم الذي ينادى به بولس.

ع13: اتهم المعلمون الكذبة بولس بالاختلال العقلى، ولعل أكبر الأسباب هو اهتمامه بتبشير الأمم، فاغتاظ اليهود من ذلك واتهموه بالاختلال. وهو يقبل أن يتهم بالاختلال من أجل خدمة الله، ولكن ينبه المؤمنين في كورنثوس أنه عاقل في كل تعليم بشرهم به وليس هناك أي هذيان أو اختلال في تعاليمه لهم عن المسيح.

† دافع عن نفسك من أجل مجد الله وخدمته وليس لأجل تمجيد نفسك وكرامتك. إبحث عن مجد الله وليس عن مجد نفسك، واحتمل الآلام لأجله فيمجدك في أعين الناس ولو بعد حين، ثم في ملكوت السموات.

واحد: المسيح.

لأجل: بدلًا من.

مات المسيح عنا، فبدلًا من أن نموت كلنا، مات هو بدلًا منا. فبموته قد تم موتنا، وبقيامته نقوم جميعا. فما أعظم محبته لنا، إذ اشترانا بدمه فنحيا له كل أيامنا.

ع15: يؤكد بولس الرسول هنا أن موت المسيح عنا ليس فقط يدفعنا للموت عن الخطية بتركها، بل نشعر أننا ملك له، لأنه اشترانا بدمه، فنقوم معه لنحيا له ونعيش في البر.

ع16: لا نعرف أحدا حسب الجسد: أي بكونه يهوديا أو أمميا، فقيرا أو غنيا، رجل أو إمرأة.....

المسيح حسب الجسد: المسيح كإنسان يحيا كرجل يهودي.

لا نعرفه بعد: بعد الإيمان نرى المسيح الإله المخلص.

حيث أن المسيح اشترانا نحن المؤمنين به وصرنا أبرارا فيه، فلا ننظر للآخرين المؤمنين بحسب ظروفهم البشرية وجنسهم ومستواهم الاجتماعى والمالى، ولكن ننظر إليهم كأبناء الله وأعضاء في الكنيسة. وأيضا المسيح، نراه الله المخلص رأس الكنيسة وليس مجرد إنسان يهودي صالح قد عاش فترة من الزمن على الأرض.

 

St-Takla.org Image: Therefore if any man be in Christ, he is a new creature: old things are passed away; behold, all things are become new (2 Co. 5: 17) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2 كو 5: 17) - تصميم مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

ع17: إذا آمنا بالمسيح ننال سر المعمودية الذي نولد فيه ولادة جديدة، ونحصل على طبيعة جديدة، أي نصير خليقة جديدة تميل إلى البر وتتباعد عن الخطية. وهكذا تمضى عنا الأشياء العتيقة، أي الخطايا واهتمامات العالم الزائلة، ونميل للتمثل بالله وإرضائه، فتصير كل حواسنا وإمكانياتنا نقية تسعى للحياة مع الله.

ع18-19: الكل: المؤمنين بالمسيح الذين نالوا الطبيعة الجديدة.

خدمة المصالحة أو كلمة المصالحة: التبشير بالمصالحة بين الله والإنسان، أي التبشير بالمسيحية.

إن تجديد كل المؤمنين هي نعمة من الله، الذي أزال العداوة والحاجز بيننا وبينه، وهو الخطية، بموت المسيح عنا وبهذا تصالحنا مع الله لأن سبب الخصام والإنفصال قد زال وهو الخطية وهذا ما نناله في أسرار المعمودية والاعتراف والتناول. وزادت محبته للبشر إذ أعطى بعض أولاده أن ينادوا ويبشروا الآخرين بالمصالحة مع الله، وهذه هي الخدمة التي يقوم بها الرسل والكهنة والخدام في كل جيل.

ومن روحانية طقس القداس الإلهي، رتبت الكنيسة أن أول صلاة في قداس المؤمنين هي صلاة الصلح لتعلن لنا وتذكرنا بالمصالحة التي صنعها المسيح بذبيحة جسده حتى نثبت في هذه المصالحة بالتناول من جهة وبحياة التوبة والقداسة من جهة أخرى.

ع20: يعتبر الرسل والخدام في تبشيرهم للمسيح سفراء عن الله، عندما يعظونهم ويدعونهم للإيمان به وقبول التصالح معه. وهذا لا يحدث فقط عند المناداة لغير المؤمنين ولكن أيضًا للمؤمنين بقبولهم المصالحة عندما يخطئون ويتصالحوا في سر التوبة والاعتراف، ثم يتناولون من الأسرار المقدسة، فيتحدوا بالله.

يا لتواضع الله، الذي يسعى للتصالح مع خليقته العاصية والرافضة له.

ع21: يعلن الله محبته، التي لا يُعبَر عنها، في ابنه يسوع المسيح القدوس البار، كما قال هو عن نفسه للجموع "من منكم يبكتنى على خطية" (يو8: 46)، أن جَعَلَه بحَمْلِه خطايانا على الصليب، ملطخًا بالخطية لأجل حبه لنا. فمن ينظر إليه وهو مصلوب يراه يعذب ويموت كخاطئ رغم بره الكامل. وبموت المسيح عنا، صرنا أبرارا وأنقياء من الخطية من خلال سر المعمودية، ومن يرانا يرى بر الله فينا خلال طبيعتنا النقية الخارجة من جرن المعمودية.