هنا النقطة المطلوبة، حيث موطن الداء، لا تغطية الطقوس والممارسات.
الخطية لا تُمحى بأعمال بِر أخرى، إنما بالتوبة.
لذلك لا تضل الطريق، فحيثما توجد خطيئتك حاربها وقاومها... ولا تقل: سأصوم يومين. أو سأعطى أموالي للفقراء... كل هذا لا يُقْبَل منك، إن كنت ما تزال مستبقيًا الخطية في قلبك... إنما واجه حقيقة نفسك في صراحة. واستفد دروسا لحياتك من قصص الكتاب.
وخُذ كمثال: قصة الشاب الغني (متى 19: 16-22).
كان إنسانًا يهتم بأبديته، ويسأل "أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية. وكان يحفظ وصايا الرب منذ حداثته. ولكن كانت هناك نقطة ضعف واحدة فيه، وهي محبة المال.
وقد ركز المسيح على نقطة الضعف هذه بالذات.
فقال له: "إن أردت أن تكون كاملًا، اذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء". وهنا وضع الرب يده على الجرح الذي كان يؤلم هذا الشاب، فمضى حزينًا لأنه كان ذا أموال كثيرة.
ووضع الرب يده أيضًا على الجرح الذي كان يتعب أيوب.
كان أيوب الصديق "كاملًا ومستقيمًا" بشهادة الرب عنه (أي 1: 8)، "وليس مثله في الأرض". وكان يشفق كثيرًا على الفقراء، وينقذ الضعفاء من ظالميهم. و"عيونًا للعُمي، وأرجلًا للعُرج" (أي 29). وباختصار كان رجلًا بارًا. فماذا كانت نقطه الضعف إذن؟
كان بارًا، ويعرف عن نفسه أنه بار. فأتعبه البر الذاتي (أي 32: 1). وهكذا جرده الرب من كل شيء: من أولاده وغناه، ومن صحته وكرامته، ومن احترام الناس له. ولم يبق له شيئًا. ودخل مع الله في عتاب. وأخيرًا قال "قد نطقت بما لم أفهم. بعجائب فوقي لم اعرفها. أسالك فتعلمني... لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد" (أي 42: 3- 6). ولما وصل أيوب إلى التراب والرماد، تخلص من بره الذاتي. ورفع الله عنه تجربته. وصار أكمل مما كان. انتصر في نقطة الضعف أيضًا.
وكان بلعام نبيًا. وكانت له نقطة ضعف أهلكته.
ظهر له الرب وكلمه (عدد 22: 12). ولما طلب منه بلعام أن يلعن الشعب، قال "الكلام الذي يضعه الله في فمي، به أتكلم" (عدد 22: 38). وأقام سبعة مذابح، وقدم سبع ذبائح. "ووضع الرب كلاما في فمه" (عدد 23: 5)... وتكلم كلامًا طيبًا، وتنبأ نبوءات عن السيد المسيح "وحي بلعام بن بعور... وحي الذي يسمع أقوال الله. الذي يرى رؤيا القدير مطروحا وهو مكشوف العينين... أراه وليس الآن. أبصره وليس قريبا. يبرز كوكب من يعقوب. ويقوم قضيب من إسرائيل..." (عدد 24: 3، 4 15 - 17).
ثم سقط بلعام بنقطة الضعف التي فيه، حبه للمال. وتحدث الكتاب عن ضلالة بلعام إنها مأساة...
وسقط سليمان بنقطة ضعف هي محبة النساء ومجاملتهن.
كان أحكم هذه الأرض، بحكمة من الله نفسه. وقد ظهر له الله مرتين وكلمه. وهو الذي بَنَى الهيكل، وبارك الشعب. وكتب أسفارًا عديدة من الكتاب المقدس. ومع ذلك كانت فيه نقطة ضعف واحدة هي محبة النساء، فتزوج أجنبيات، وجرته هذه الخطية الواحدة إلى السقوط، فمال قلبه إلى آلهة زوجاته.
وبنفس نقطة الضعف الواحدة هذه، سقط شمشون الجبار، نذير الرب، الذي حل روح الرب عليه وكان يحركه!
ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن نقط ضعف أتعبت الأنبياء.
كان إبراهيم أبو الآباء كاملًا في كل شيء وبارًا. ولكن وجدت نقطة ضعف فيه هي الخوف، وبالخوف وقع في خطايا (تك 12، 20). وكان بطرس تلميذ الرب قديسًا عظيمًا. وكانت فيه نقطة ضعف هي الاندفاع. كما كانت نقطة الضعف عند توما الرسول هي الشك. وكانت نقطة الضعف التي أتعبت أبانا يعقوب أبا الآباء، هي الاعتماد على الحيل البشرية.
وبعض الخطاة كانت نقطة ضعف واحدة تضيعهم:
خطية الحسد هي التي ضيعت قايين، وقادته إلى قتل أخيه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى).
وخطية الكبرياء وحدها أسقطت كثيرين. وكذلك خطية الزنا.
وربما إنسان تكون فيه فضائل كثيرة. ولكن يسقط لعدم ضبطه لسانه، حسب قول الكتاب بكلامك تتبرر وبكلامك تدان.
وإنسان آخر يسقطه العناد.
والشيطان أسقطته خطية الكبرياء وحدها.
هي الخطية الوحيدة التي تحدث عنها الكتاب في قصة سقوط الشياطين، كما رواها أشعياء النبي (أش 14: 13، 14). ثم دخلته خطية الحسد، ثم الكذب ثم تعددت خطاياه. ولكن هذا كله جاء بعد خطية الكبرياء التي سقط بها من طهره الملائكي.
والهراطقة كذلك: لكل منهم سقطته الخاصة.
فلا تظنوا أن الهراطقة كمان كل تعليمهم هرطوقيًا، أو كان كل كلامهم بدعا في الدين. هناك منهم من له عظات عميقة مثل ترتليانوس الذي وقع في الهراطقة المونتانيين Montntists وصار قائدهم. ومثل أوطاخي الذي كان من أكثر الرهبان روحانية في القسطنطينية، ثم وقع في بدعته.
إنها نقطة واحدة أهلكت كلا من هؤلاء. والأمثلة كثيرة.
وكل إنسان له نقطة ضعف خاصة هي سبب سقوطه.
فتأمل ما هي نقطة الضعف التي فيك. وما هي خطيتك المحبوبة التي بها تسقط، والتي تضعف مقاومتك أمامها.
وفي توبتك، ركز على هذه النقطة كل جهادك، وكل صلواتك، وكل ما وتأخذه من المعونة النعمة. فإن انتصرت عليها، سيخاف الشيطان من محاربتك فيما بعد. وبتركك هذه الخطية المحبوبة منك، تعبر على أن محبتك لله هي التي تقود حياتك، وليس حبك لشهواتك
احذر من أن تحتفظ بهذه الخطية المحبوبة وتقول للرب:
أحبك يا رب من كل قلبي. لكن أترك لي هذه النقطة وحدها.
فقولك هذا يدل على انك لا تحب الله من كل قلبك، إذ يوجد له منافس في قلبك هو هذه الخطية بالذات. وأنت تحبها أكثر مما تحب الله.
وكأن الله يقول لك: قد وضح لك الآن الميدان الحقيقي الذي ينبغي لك أن تحارب فيه، وهو هذه النقطة بالذات.
إن الشيطان لا يحاربك في كل الخطايا، إنما يختبرك أولًا.
يمر في أرضك، ويجسها، ويعرف ما هي نواحي الضعف فيها. وبكل ذكاء يعرف في أي الخطايا يحاربك، وفي أيها تكون أسهل سقوطًا، وأكثر لاستجابة له وعليك أن تكون صريحًا مع نفسك، وتفحصها وتعرف من أين تسقط. وإن لم تستطع أن تهرب وتبعد عن العثرات، احترس في هذه النقطة بالذات، بكل حيطة. واطلب من الرب معونة ليقف معك في حروبك.
ولا تضع لنفسك برنامجًا روحيًا طويلًا لتسير فيه.
إنما ركز في الميدان الأساسي سواء بالهروب أو بالحروب.
في النقط التي تعكر نقاء قلبك وصفاء روحك، والتي هي ميدان هزيمة لك في الماضي، وخذ في جهادك درسًا من داود النبي.
لا تقل أنا انتصرت على جليات الجبار وهزمته، وانتصرت على الدب والأسد وانتزعت منهما الفريسة. وانتصرت كذلك في مطاردة شاول لي. احتملته وانتصرت على نفسي... لا تقل هذا، إنما قل: ميدان حربي هي بثشبع. وهناك يجب أن انتصر.
وليكن الرب معك...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9xdzrj7