St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   21-Nasheed-El-Anasheed
 

كتب قبطية

كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنودة الثالث

17- جبابرة.. متعلمون الحرب.. قابضون سيوفًا..
من هول الليل (نش 3: 7، 8)

 

جبابرة.. متعلمون الحرب، قابضون سيوفًا.. من هول الليل (نش 3: 7-8).

 

جبابرة الروح:

الذين يحبون حياة الروح، ينبغي أن يكونوا جبابرة فيما يخوضونه من حروب روحية، ضد الشيطان وكل قواته الشريرة.

يخيل إلي أنه حينما يرسل الشيطان واحدًا من جنوده ليحارب أحد هؤلاء الجبابرة القديسين، يصرخ ذلك الشيطان في فزع:

أتريد أن يحرقني بنار؟! لست أستطيع أن اذهب لمقاتلة هذا الإنسان الذي سيقابلني بسلاح الله الكامل.. بسيف الروح، وخوذة الخلاص، ودرع البر، وترس الإيمان.. بكلمة الله، وما يرفعه من صلاة وطلبة بكل مواظبة (أف 6: 13-18). ابعدوني عن محاربة أمثال هذا الجبار، فلست كفؤا له..

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنهم جبابرة، كلهم حاملون سيوفًا، ومتعلمون الحرب. وفي استعداد كامل ليستل كل واحد سيفه من علي فخذه من هول الليل.

St-Takla.org Image: Council of Nicaea icon صورة: أيقونة مجمع نيقية

St-Takla.org Image: Council of Nicaea icon

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة مجمع نيقية

وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحرب الروحية، ودعا إلي الاستعداد لها في رسالته إلي أفسس فقال:

أخيرًا يا أخوتي، تقووا في الرب، وفي شدة قوته. ألبسوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تثبتوا ضد مكايد الشيطان. فإن مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع أجناد الشر الروحية في السماويات.. من أجل ذلك أحملوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير. وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق.." (أف 6: 10- 14).

ومن أهمية هذه النصيحة الرسولية، يقرأ هذا الفصل من رسالة معلمنا بولس، في طقس رسامة الرهبان الجدد الذين يستعدون لخوض حرب روحية ضد الشيطان بكل حيله الرديئة، الماكرة والعنيفة. علي أن هذه النصيحة التي يقولها القديس بولس تصلح لجميع الناس في حياتهم الروحية.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حاملون سيوفًا:

مادام الشيطان لا يترك أولاد الله في هدوء، بسبب حسده لهم علي سلوكهم الطريق الروحي، إذن ينبغي أن يكونوا ساهرين باستمرار ومستعدين لقتاله. وهم يحملون سيوفهم الروحية. فشيطان يحاول أن يضللك، تحاربه بسيف الحكمة. وإن انتصرت عليه وحاربك بالكبرياء، تلاقيه أنت بسيف الاتضاع. وفي كل ما يقدمه لك من أفكار، تحاربها بسيف كلمة الله في إفراز، وأيضا بأقوال القديسين وخبراتهم في مقاتلة الشياطين.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عموما يمكنك أن تستخدم سيف الصلاة ففيه قوة الله. وكذلك سيف الجهاد والتغصب، ففيه رفضك للخطية ومصارعتك ضدها. وتذكر قول المزور:

"تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. استله وأنجح وأملك" (مز 45: 3). وعبارة "سيفك علي فخذك" تعني الاستعداد.

ليس هو سيف معلقًا في خزانة الأسلحة، وإنما هو علي فخذك، كهؤلاء الجبابرة. تستطيع أن تستله في أي وقت، وتحارب حروب الرب في يقظة دائمة واستعداد.. فمثلًا كلمة الله التي ترد بها علي كل حرب روحية، ليست هي في كتبك ومكتبك، إنما هي ذهنك، وفي ذاكرتك باستمرار، تستخدمها وأنت تتذكر قول داود النبي للسيد الرب "لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي" (مز 119).. إنها سيف علي فخذك..

إنك لا تسمح للخطية أن تحاربك، وأنت في حالة غفلة وتهاون.

فأولاد الله: كل واحد سيفه علي فخذه، من هول الليل.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هول الليل:

والليل يشير إلي الظلام، كرمز إلي الخطية وحروبها الخفية، حيث لا نور ولا حرارة. فيكون هذا وقتًا مناسبًا لعدو الخير يهجم فيه. وقد يعني الليل وقت النوم، حيث لا يكون الإنسان منتبهًا لحرب تأتيه وهو غير منتبه لها وغير مستيقظ. هذا هو هول الليل، هول الخطايا التي تأتي في الظلام ولا تنتبه النفس لها، لأن البصيرة الروحية غير قوية.

أما أولئك الجبابرة، فهم ساهرون، متنبهون، كل واحد سيفه علي فخذه من هول الليل. كالرعاة في قصة ميلاد الرب، الذين قيل عنهم إنهم:

"يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم" (لو 2: 8).

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لذلك لا تطمئن من جهة الحرب الروحية، بل تقلد سيفك علي فخذك.

لا تهمل في احتياطاتك. لا تقل إنك الآن في حالة قوة، وقد مرت عليك أسابيع لا تسقك خلالها!! فأنت لا تعرف متى يحاربك الشيطان، وفي أية خطية، وكيف؟!

ليكن سيفك إذن علي فخذك من خوف الليل، من الحرب المجهولة في نوعها وفي موعدها. لتكن صلاتك باستمرار في قلبك وعلي لسانك. ولتكن كلمة الله في ذهنك وذاكرتك. ولتكن تداريبك الروحية سائرة في حزم كل حين. لا تلق سلاحك عنك..

بل كن قابضًا علي سيفك من هول الليل..

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ليتنا نكون من هؤلاء الجبابرة، القابضين علي سيوفهم، حتى يمكن أن يقودنا الله في موكب نصرته (2 كو 2: 14) متجاوبين مع نعمته.

ليتنا نكون من أولئك الغالبين الذين طوبهم الرب وأعطاهم وعوده (رؤ 2؛ رؤ 3).. لا ننهزم في الحروب. وإن انهزمنا في معركة، ننتصر في المعركة التي تليها، قائلين مع النبي "لا تشمتي بي يا عدوتي. فإني إن سقطت، أقوم" (مي 7: 8) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). و"الحرب للرب" (1 صم 17: 47). " وليس عند الله مانع من أن يخلص بالكثير وبالقليل" (1 صم 14: 6).

والله قادر أن ينصرنا علي الرغم من ضعفنا..

غير أنه يجب أن تكون لنا خبرة بالحروب الروحية.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فقد قيل عن أولئك الجبابرة القابضين علي سيوفهم إنهم:

متعلمون الحرب:

أي أن لهم دراية بالحروب الروحية. لا يجهلون حيل الشيطان، بل يعرفون أفكاره (2 كو 2: 11). يعرفون من أين تأتي الخطية؟ وما وسيلة مقاومتها؟

إن حاربك الشيطان بالكسل، تقاتله بالتغصب. وإن حاربك بالمجد الباطل، ترد عليه بتذكر خطاياك وضعفاتك. وإن حاربك باليأس، تتذكر مراحم الله التي لا تحصي. وإن حاربك بصعوبة الطريق. تذكر عمل الروح القدس، والمعونة الإلهية التي تمنحها النعمة. وأنت لست وحدك.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أحد القديسين كان -إذا حاربه الشيطان بالمجد الباطل- يقول: ألعلي بلغت ما بلغه الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا؟! إنني إنسان خاطئ مهمل في روحياتي.. وإن قال له الشيطان: "أنت إنسان خاطئ، وأجرة الخطية هي موت".. يجيبه: "وأين مراحم الله الذي يغفر للخطاة؟!". فكانوا يتعجبون منه قائلين: "إن رفعناك، اتضعت، وإن وضعناك ارتفعت!!"

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنه واحد من المتعلمين الحرب. يعرف نوع السلاح الصالح لاستخدامه في كل نوع من أنواع الحروب.

الإنسان المتعلم الحرب، يعرف ضربات اليمين وضربات الشمال..

يعرف متى يصمت ومتى يتكلم؟ متى يأكل ومتى يصوم؟ يعرف الطريق الوسطي التي خلصت كثيرين. ومتى يقف في موقف سليم، بين الإفراط والتفريط.

يقول القديس بولس الرسول "في كل شيء وفي جميع الأشياء، قد تدربت أن أشبع وأن أجوع. أن أستفضل وأن أنقص" (في 4: 12).

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هناك أشخاص ليسوا فقط متعلمين الحرب، وإنما صاروا بالأكثر قادة في الحروب. يشرحون لغيرهم الطريق، ويرشدونهم فيه.

القديس مار أوغريس له كتاب عن محاربة الأفكار، يشرح فيه أنواع الأفكار: التي من الله، والتي من النفس، والتي من الشيطان. ويشرح طريق الرد علي كل فكر خاطئ مستخدمًا آيات الكتاب.

وثيؤفان الناسك له كتاب عن "الحروب الروحية". والقديس يوحنا الأسيوطي له مقالات عديدة في هذا المجال. وكذلك مار اسحق، والشيخ الروحاني لهما ميامر كثيرة تحت عنوان "رؤوس المعرفة" يشرحان فيها معرفة الطريق الروحي، ويعلمان أولادهما الحرب.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والقديس الأنبا أنطونيوس كان يعلم أولاده "الإفراز".

أي التمييز والمعرفة، لكي يتعلموا الحرب. وفي إحدى المرات قال لتلميذه القديس بولس البسيط الذي كان يسكن بجواره "اذهب واسكن إلي بعيدًا في مغارة وحدك، لكي تختبر حروب الشياطين". والقديس يوحنا الرسول يكتب لنا ويقول "لا تصدقوا كل روح. بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله" (1 يو 4: 1). وكذلك القديس بولس الرسول نصح الناس ألا ينخدعوا بحيل الشياطين ومناظرهم. "لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلي شبه ملاك نور."

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وكان هذا هو عمل المرشدين الروحيين وآباء الاعتراف:

يجلس معهم المبتدئ لكي يتعلم الحرب، ويميز الأرواح، ويفصل "الجداء من الخراف" (مت 25: 32). ويعرف صوت الله من صوت عالي (1 صم 3: 4- 10). بل يعرف أيضًا الأحلام والرؤى: وهل هي من الله؟ أم من الشيطان؟ أم من مصدر آخر؟ ويعرف نوع السلاح الذي يستخدمه في كل حرب روحية..

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإنسان المتعلم الحرب، يتفادى السقوط. وإن سقط بسرعة. بل بسرعة يقوم. ولا يتكرر سقوطه. ويكتسب درسًا من كل سقطة.

كما قال أحد القديسين: "لا أتذكر أن الشياطين أطغوني في خطية واحدة مرتين".. والتعلم الحرب له خبرات في الحيلة الروحية. لقد درس الطريق وعرف علاماته ومعالمه. ويستطيع أن يرشد غيره في الطريق.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الشيطان حيله كثيرة وماكرة. ولكنها مكشوفة أمام المتعلمين الحرب.

إنهم لا يجهلون حيله، بل يدركونها من بعيد مهما لبست ثياب الحملان (مت 7: 15). يعرفون وسائله وطرقه وأساليبه. ويستنتجون مواعيد هجومه. كل خططه مكشوفة أمامهم. مخابراتهم الحربية تدرك كل أعماله، وتعرف كل جنوده. هؤلاء هم المتعلمون الحرب، الذين يربطون الشيطان ويطردونه. ولا يكون له موضع فيهم.

والقديسون يتعلمون الحرب: لا بطول مدتها، وإنما بعمق خبرتها:

يتعلمون الحرب بالحرب، وبالتدقيق والحرص، وبالمعرفة والحكمة. وبما يكشفه لهم الرب. وبما يمتصونه من روح الآباء والمعلمين والمرشدين، بكثرة المشورة. وبما يأخذونه من التأمل. وبما يمنحهم الرب من حكمة نازلة من فوق (يع 3: 17).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/21-Nasheed-El-Anasheed/Song-of-Songs_17-Strong.html

تقصير الرابط:
tak.la/9amcbq9