+ مَن يتطلع إلى رسائل القيامة التي سجلها أثناسيوس الرسولي لشعبه في خلال نصف قرن تقريبًا نجد أن النصيب ألأكبر من رسائله يتحدث في أمرين هما: الشكر لله الذي بذل ابنه من أجلنا، والتجاوب مع عمل المصلوب في حياتنا.
+ لأنه ماذا يعني العيد سوى خدمة النفس؟!
+ وما هي هذه الخدمة ألا الصلاة الدائمة لله والشكر المستمر؟! فغير الشاكرين البعيدون عن هذا هم بالحق محرومون عن الفرح النابع من هذا لأن الفرح والبهجة منزوعان عن أفواههم...
+ فالذي أخذ الوزنة الواحدة ولفها في منديل وخبأها في الأرض طرد أيضًا لتذمره وعدم شكره سامعًا تلك الكلمات (أيها العبد الشرير والكسلان عرفت إني أحصد حيث لم أزرع وأجمع من حيث لم أبذر فكان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة فعند مجيء أخذ الذي لي مع ربا فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذي له العشر الوزنات) (مت26:25).
+ لأنه عندما طلب منه أن يعطي سيده حساب الوزنة كان يلزمه أن يعرف شفقة سيده الذي أعطاه هذه الوزنة ويعرف قيمة هذه العطية...
+ لكن خدام الله الأمناء الحقيقيون لا يكفوا عن تمجيد الله إذ يعرفون أن الله يحب الشاكرين وهم يقدمون له الشكر في وقت الضيق كما يقدمون في وقت الفرح والتسبيح لله بشكر غير مبالين بهذه الأمور الزمنية (سواء كان الوقت حزن أو فرح) بل متعبدين لله إله كل الأزمنة...
+ إذن لنقتف أثار هؤلاء الرجال فلا يمر علينا وقت دون أن نشكر الله خاصة الآن فإذ نحن في شدة بسبب الهراطقة الأريوسيين الذين يضادوننا نسبح الله وننطق بكلمات القديسين قائلين (هذا كله جاء علينا وما نسيناك (مز17:44).
+ نعم فإننا حتى وإن كنا نتضايق محزونين فإننا نشكر الله لأن الرسول الطوباوي الذي يقدم الشكر في كل وقت يحثنا أن نسلك في نفس الطريق على الدوام بقوله "فِي كُلِّ شَيْءٍ... مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ" (في 4: 6)...
+ وإذ يرغب منا أن نثبت على هذا الموقف يقول "صلوا بلا انقطاع أشكروا في كل شيء" (1تس18،17:5). "لأنه عارف أن المؤمنين يكونون أقوياء طالما يشكرون وأنهم يفرحون هادمين حصون الأعداء (الشياطين) كأولئك القديسين الذين قالوا "لأني بك اقتحمت جيشًا وبإلهي تسورت أسوارًا" (مز29:18).
+ إذًا لنثبت في كل الأوقات خاصة الآن رغم ما يحيق بنا من أحزان وما يثيره الهراطقة الأريوسيون ضدنا...
+ دعنا إذن أيها الأخوة الأحياء نعيد بشكر هذا العيد المقدس الذي يقترب منا ممنطقين أحقاء أذهاننا متشبهين بمخلصنا يسوع المسيح الذي كتب عنه (ويكون البر منطقة متينة والأمانة منطقة حقويه" (1بط13:1).
+ لهذا ألا نعرف يا أحبائي النعمة التي تنبع علينا من قدوم العيد؟! أما نرد شيئًا لذاك الذي هو محسن علينا؟! حقًا إنه يستحيل علينا أن نرد لله حسناته علينا لكنه أمر شرير أن نأخذ الهبات ولا نعرف قيمتها.
+ والطبيعة نفسها تشهد بعجزنا لكن إرادتنا توبخ جحودنا لهذا فإن بولس الطوباوي عندما كان يتحجب من عظم بركات الله قال "من هو كفؤ لهذه الأمور" (2كو17:2). "لأنه قد تحرر العالم بدم المخلص وبالموت داس الموت ممهدًا طريق الأمجاد السماوية بغير عقبات أو حواجز لهؤلاء الذين ينمون...
+ لهذا عندما أدرك أحد القديسين النعمة مع عجزة عن أن يرد لله مقابلها قال "ماذا أرد للرب من أجل كثرة حسناته لي" (مز2:116).
+ لأنه عوض الموت تقبل حياة وبدل العبودية نال حرية وبدل القبر وهب له ملكوت السموات.
+ لأنه منذ وقت قديم (تسلط الموت من آدم إلى موسى) أما الآن فإن الصوت الإلهي قال (اليوم تكون معي في الفردوس " وإذ يشعر الإنسان القديس بهذه النعمة يقول "لولا أن الرب كان معي لهلكت نفسي في الهاوية".
+ علاوة على هذا يشعر الإنسان بعجزة عن أن يرد للرب عن إحساناته لكنه يعرف عطايا كاتبًا في النهاية " كأس الخلاص أتناول وباسم الرب أدعو... عزيز في عيني الرب موت أتقيائه" (مز15،13:116).
+ أما عن الكأس فقد قال الرب (أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا؟!) (مت22:20) ولما قبل التلميذان هذا قال لهم "أما كأسي فتشربانها... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعد لهم من أبي" (مت23:20).
+ لهذا يلزمنا أيها الأحباء أن تكون لنا حساسية من جهة العطية حتى وإن وجدنا عاجزين عن رد إحسانات الرب إنما يلزمنا أن ننتهز الفرصة. فإن كنا بالطبيعة عاجزين عن أن نرد "للكلمة" أمور تليق به عن تلك البركات التي أغدق بها علينا فلنشكره إذ نحن محفوظون في التقوى وكيف يمكننا أن نربط بالتقوى إلا بتعرفنا على الله الذي من أجل حبه للبشر قدم كل هذه البركات؟! فإننا بهذا نحفظ الشريعة في طاعة لها سالكين في الوصايا لأنه بكوننا غير جاحدين بل شاكرين إياه لا نكون مخالفين للناموس ولا مرتبكين لأمور مكروهة لأن الله يحب الشاكرين".
+ وأيضًا عندما نقدم أنفسنا للرب مثل القديسين عندما نصف أنفسنا بأننا لا نحيا لنفوسنا بل للرب الذي مات من أجلنا كما فعل بولس الطوباوي عندما قال (مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ).
+ إذًا ما هو عملنا يا إخوتي تجاه هذا الصنيع سوى أن نمجد الله ونشكر ملك الكل...؟!
+ لنهتف بكلمات المزامير قائلين "مبارك الرب الذي لم يسلنا فريسة لأسنانهم" (مز6:124) أي نصرنا ضد الشيطان والخطية).
+ لنحفظ العيد بهذه الكيفية التي أشار بها إلينا مخلصنا... حتى نقدس العيد الذي في السموات مع الملائكة...!
+ لقد كان الشعب قديمًا ينشد مسبحًا عندما يخرج من الحزن...
+ وفي أيام أستير حفظوا عيدًا للرب (أش9:3 ؛ 21:9) "إذ أنقذوا من المنشور المهلك الذي ينادي بالموت حاسبين هذا عيدًا مقدمين الشكر للرب وممجدين إياه"...
+ ليتنا نفي نذورنا للرب معترفين بخطايانا حافظين للرب في أحاديثنا وسلوكنا وطريقة حياتنا مسبحين ربنا الذي أدَّبنا إلى قليل لكنه لم يتركنا ولم يهلكنا... ولا ابتعد صامتًا عنا...
+ وإذ هي عادة رسولية (أن أرسل إليكم رسالة في عيد الفصح) لهذا فان أضداد المسيح وأصحاب الانشقاقات رغبوا في أن يفسدوا هذه العادة ويوقفونها لكن الله بهذا بل جدد وحفظ ما قد أمرنا به بواسطة الرسول حتى تحفظ العيد مع بعضنا البعض حافظين يومًا مقدسًا حسب تقليد الآباء ووصيتهم...
+ فليتنا لا ننسى ما قد سلمه بولس لنا... أي عن قيامة الرب إذ يقول عنه أنه أباد الذي له سلطان الموت أي الشيطان وأنه أقامنا معه إذ حل رباطات الموت ووهبنا بركة عوض أللعنة وأعطانا الفرح عوض الحزن وقدم لنا العيد عوض النوح ذلك في الفرح المقدس الذي لعيد القيامة العيد الدائم في قلوبنا إذ نفرح به على الدوام كأمر بولس "صلوا بلا انقطاع أشكروا في كل شيء" (1تس17:5). وهكذا لا نتغافل عن أن نقدم التعاليم في هذه المواسم كما تسلمنا من الآباء.
+ مرة أخرى نكتب لكي نحفظ التقاليد الرسولية مذكرين بعضنا بعضًا بالصلاة حافظين العيد معًا بفم واحد شاكرين الرب بحق.
+ وهكذا إذ نقدم الشكر للرب مقتدين بالقديسين فإن لساننا يمجد الله اليوم كله كقول المرتل. وإذ نحفظ العيد كما ينبغي نتأهل للفرح الذي في السماء.
+ فلترنم الآن بترنيمة العيد ناطقين بتسبحة النصرة... قائلين "أرنم للرب فإنه قد تعظم الفرس وراكبه طرحهما في البحر" (خر1:15).
+ إذًا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق (1كو8:5).
+ وإذ نخلع الإنسان العتيق وأعماله نلبس الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله (أف24،22:4) ونلهج في ناموس الله نهارًا وليلًا بعقل متضع وضمير نقي.
+ لنطرح عنا كل رياء وغش
مبتعدين عن كل كبرياء ومكر.
+
ليتنا نتعهد بحب الله ومحبة القريب لنصبح خليقة جديدة متناولين خمرًا
جديدًا.
+ إذًا لنحفظ العيد كما ينبغي.
+ آه يا أخوتي ما أعجب حب المخلص المملوء ترفقًا؟!
+ بأي قوة وبأي بوق يلزمنا أن نهتف صارخين ممجدين بركاته علينا؟! فلا نحمل صورته فحسب بل ونأخذ منه مثلًا ونموذجًا للتعييد السماوي وكما ابتدأ هو هكذا يلزمنا نحن أن نكمل فلا نرتعب من الآلام ولا نشتم من يشتمنا بل نبارك لأعيننا ونسلم أمورنا في كل شيء لله الذي يقضي بعدل (1بط21:2-23).
+ لأن أولئك الذين طبعوا على هذا وشكلوا أنفسهم حسب الإنجيل يكونون شركاء مع المسيح.
+ حسن يا أحبائي أن نخرج من عيد إلى عيد فان احتفالات العيد والأسهار المقدسة التي ترتفع في عقولنا تدعونا إلى حفظ السهر على التأمل في الأمور الصالحة.
+ ليتنا لا نترك هذه الأيام تمر علينا مثل تلك التي حزنا فيها إنما إذ نتمتع بالغذاء الروحي تخمد شهواتنا الجسدية.
+ بهذه الوسيلة نقدر أن نغلب أعداءنا (الشياطين والشهوات) كما صنعت يهوديت المباركة (يهو 8:13) إذ تدربت أولًا على الأصوام والصلاة وبهذا غلبت الأعداء وقتلت أليفانا.
+ وعندما كان الخراب سيحيق بكل جنس أستير لم تفسد ثورة الطاغية إلا بالصوم والصلاة إلى الله وهكذا حولت هلاك شعبها إلى حفظهم في سلام (أش16:4).
+ وإذا كانت الأيام التي فيها يقتل العدو أو تباد مؤامراته تعتبر بالنسبة لهم أعيادًا... لذلك أمر موسى المبارك أن يعيد بعيد الفصح العظيم لأن فرعون قد قتل والشعب خلص وتحرر من العبودية...
+ والآن يا أحبائي... قد ذبح الشيطان ذلك الطاغية الذي هو ضد العالم كله فنحن لا نقترب من عيد زمني بل عيد دائم سمائي معلنين إياه لا خلال ظلال (وحروف) بل في الحق لأن أولئك بعدما شبعوا من جسد الخروف الأبكم تمموا العيد وإذ مسحوا قوائم بيوتهم بالدم نجوا من المهلك أما الآن فإذ نأكل "كلمة "الأب وتمسح قلوبنا بدم العهد الجديد نعرف النعمة التي يهبنا إياها المخلص الذي قال "ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو19:10). لأنه لا يعود يملك الموت بل تتسلط الحياة عوض الموت إذ يقول الرب "أنا هو الحياة" (يو6:14). حتى أن كل شيء قد امتلاء بالفرح والسعادة كما هو مكتوب "الرب قد ملك فلتفرح الأرض". لأنه عندما ملك الموت "على أنهار بابل جلسنا فبكينا "ونحن لأننا قد شعرنا بمرارة الأسر وأما الآن إذ بطل الموت وانهدمت مملكة الشيطان لذلك امتلاء كل شيء بالفرح والسعادة...
+الأمور الباقية واضحة يا أحبائي أنه يلزمنا أن نقترب إلى عيد كهذا لا بثوب مدنس بل أن تلتحف نفوسنا بأثواب طاهرة. يلزمنا أن نلبس ربنا يسوع (رو4:13) حتى نستطيع أن نعيد العيد معه
+ الآن نحن نلبسه عندما نحب الفضيلة ونبغض الشر عندما ندرب أنفسنا على العفة ونميت شهواتنا عندما نحب البر لا الإثم عندما نكرم القناعة ويكون لنا عقل راسخًا عندما لا ننسى الفقير بل نفتح أبوابنا لجميع البشر عندما نعين الضعفاء وننبذ الكبرياء
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6t2ychv