ما هي الفضيلة ؟ وما معنى عبارة "إنسان فاضل" ؟
الفضيلة قد تعنى البر والنقاوة. والإنسان الفاضل هو الإنسان الخيّر، البار، الذي يحب الخير ويفعله... وقد تعنى الفضيلة أيضًا قوة في النفس، تمكّنها من الانتصار على كل نوازع الشر وإغراءاته، وتسير في طرق الله...
وربما تعنى الفضيلة: الارتفاع فوق مستوى الذات:
بحيث يخرج الإنسان من التركيز على نفسه فقط، إلى الاهتمام بالآخرين. والى محبة الله والناس. نقول هذا لأن الخطيئة كثيرًا ما تكون انحصارًا حول الذات. حيث يريد الإنسان أن يرفع ذاته ، ويُشبع رغبات ذاته ويمتعها..
والفضيلة هي أيضًا ارتفاع فوق مستوى اللذة:
لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذة حسية، أو لذة نفسية. فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أو النفس، وتصبح لونًا من إشباع الذات، وبطريقة خاطئة. فالذي يحب المال أو المقتنيات، إنما يجد لذة في المال وفي المقتنيات. وكذلك من يحب الزينة أو الطعام، ومن يحب المناصب والشهرة، إنما يجد لذة في كل هذا... ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد. ومن ينتقم لنفسه يجد لذة في الانتقام...
الخطيئة إذن هي سعى وراء اللذة، أما الفضيلة فهي ارتفاع فوق مستوى اللذة حتى تجد إشباعًا لها في السعادة الروحية .
والسعادة غير اللذة، وكذلك الفرح غير اللذة.
اللذة غالبًا ترتبط بالحسّ ، بالجسد والمادة. أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح. ولذلك فالفضيلة إذن تكون ارتفاعًا فوق الخضوع للمادة.
1- المصدر الأول للفضيلة هو الحفاظ على المبادئ والقيم.
فالإنسان الروحي المتمسك بالمبادئ والقيم، يمكنه أن يحيا حياة الفضيلة، لأن القيم التي يؤمن بها تحصنه فلا يستطيع أن يخطئ مهما حورب بالخطية، مثال ذلك يوسف الصديق .أما الإنسان الخاطئ فلا قيم عنده. والفضائل ليست لها قيمة حقيقية في نظره.إنه يكذب مثلًا، لأن الصدق لا قيمة له في نظره.
وبسبب ضياع القيم، يقع في الاستهتار واللامبالاة. فلا الواجبات لها قيمة، ولا النظام العام، ولا القانون ولا التقاليد. فهو لا يعبأ بشيء منها.
2- من مصادر الفضيلة أيضًا: قوة الإرادة والعزيمة:
فقد لا يستطيع أن يسلك في الفضيلة، لأنه مغلوب من نفسه. فمهما أحب الخير، لا يفعله لأنه ضعيف الإرادة. وبسبب الضعف يقع في الخطية لأنه لا يستطيع أن يقاومها. والوقوع في الخطية يؤدى إلى مزيد من الضعف. ولهذا فإن كثيرين- لكي يحيوا في الفضيلة- يسلكون في تداريب روحية لتقوية إرادتهم.
لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوى.. قوى في الروح، وفي الفكر، وفي العزيمة والتنفيذ. إنه قوى في الانتصار على النزعات الداخلية، وقوى في الانتصار على الحروب الخارجية.
أما الذي تستعبده عادة رديئة، فهو ضعيف. والذي لا يستطيع أن يتحكم في لسانه، ولا في أعصابه، ولا في فكره، هو إنسان ضعيف. وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة. وحتى إن تاب عن الخطية يرجع إليها مرة أخرى..
3- ومن مصادر الفضيلة، الحكمة والمعرفة.
وهى المعرفة التي تميز بدقة بين الخير والشر، وبين اللائق وغير اللائق...
والحكيم يسلك بالضرورة في حياة الفضيلة، بينما نصف الخاطئ بأنه جاهل مهما كان من العلماء! إنه جاهل بطبيعة الخير والشر وجاهل بمصيره الأبدي، وجاهل بما تجلبه الخطية من نتائج سيئة. جاهل لا يعرف خيره من شره، ولا نفعه من ضره. وبالمثل نقول عن الملحد إنه إنسان جاهل حتى لو كان من الفلاسفة!
ولا نقصد بكلمة (جاهل) المعنى السطحي للكلمة التي تعنى إنه لم يتعلم في مدارس أو على أيدي أساتذة. إنما هو جاهل من جهة الحكمة الإلهية، وجاهل من جهة المعرفة الحقيقية. وهو يحتاج إلى توعية وإرشاد.
وكلما يتعمق الإنسان في الحكمة، فعلى هذا القدر يتعمق في فهم الأمور، ويعرف ما ينبغي أن يفعل...
4- ولعل من أهم مصادر الفضيلة: مخافة الله
فالإنسان الذي توجد مخافة الله في قلبه، لا يمكن أن يخطئ. وكما قيل في المزمور"رأس الحكمة مخافة الله".
إن الإنسان الروحي يخاف أن يكسر وصايا الله (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)، ويخاف من اليوم الذي يقف فيه أمام الديان العادل. إنه يخاف من العقوبة، ويخاف أن يفقد نقاوته وطهره. ويخاف أيضًا على سمعته، ويخاف من أن يكون عثرة لغيره. وهو أيضًا يبعد عن الخطية حتى بالفكر وبالنية، لأنه يخاف الله الفاحص القلوب والعارف بالنيات. وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة، وبممارسة الفضيلة يحبها. وهكذا يسلك فيها عن حب وليس لمجرد الخوف...
5- من مصادر الفضيلة أيضًا: الجهاد الروحي.
فالحياة الفضلى على نوعين: نوع يولد الإنسان بها، كما يقول المثل العامي"مالك متربي؟ قال من عند ربي". وقد يرث الفضيلة والطبع الهادئ الطيب عن والديه، أو بالتربية السليمة والقدوة الحسنة.
أما النوع الآخر من الفضيلة، فهو ما يجاهد الإنسان لكي يصل إليه..
وحتى الذين يولد بالفضيلة، يحتاج إلى جهاد لكي يحافظ عليها...
ذلك لأن الشيطان عدو الخير لا يشاء أن يتركه في راحة، بل يحاربه محاولًا أن يفقده في فضائله. لهذا يلزم للإنسان أن يجاهد لكي يصمد أمام حروب العدو، ولكي يثبت في الخير ولا يتزعزع...
أيضًا يجاهد لكي يصل إلى أكمل مستوى في حياة الفضيلة. هنا الجهاد للنمو في عمل الخير، وليس لمجرد مقاومة الخطيئة..
6- من مصادر الفضيلة أيضًا: النعمة الإلهية..
فمهما جاهد الإنسان، قد يفشل إن لم تساعده نعمة الله وتقويه. على أنه يجب عليه أن يتجاوب من عمل النعمة. وبهذا يثبت نيته الطيبة في محبة الخير. والاعتماد على نعمة الله لا يعني تكاسلنا وتراخينا...
7- من مصادر الفضيلة أيضًا الضمير الحي.
وكما قال أحد الحكماء: إن الفضيلة بطبيعتها مغروسة فينا. وبهذا تكون الخطية هي مقاومة هذا الغرس الإلهي، أي الضمير الذي يدعو إلى الخير، ويبكت على الشر. إنه يمثل الشريعة الطبيعية، غير المكتوبة التي تبكتنا إن بعدنا عن الفضيلة.
لذلك نجد أن الذي يخطئ، يشعر بالخجل والخوف والارتباك، طالما كان ضميره حيًا: هذا إذا ارتكب إثمًا لا توافق عليه القيم المغروسة فينا بالفطرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v3zz46p