غطاء الرأس الطبيعي. في مصر قديمًا يحلقون شعور رؤوسهم، وفي حالة الحزن لا يحلقونه والآشوريون أطلقوا شعرهم إلى الكتفين أما بنو إسرائيل فقد تركوا شعرهم ينمو، وقصّوه فقط حتى لا يطول جدًا (عد 6: 5؛ 2 صم 14: 26). وقد منعت الشريعة قص الشعر مستديرًا كالوثنيين (لا 19: 27).
كان العبرانيون لا يحلقون شعورهم بموس أو بسكين (اش 7: 20؛ حز 5: 1) إلا أنهم كانوا يتركونه غير محلوق وفاء لنذر أو إتمامًا لفرض (قض 13: 5). وكانوا أحيانًا يقصّونه بالمقص (حز 44: 20). وفي ذلك تجنبوا تطرف كهنة الوثنيين الذين يحلقون رؤوسهم. وكان سكان أرض كنعان يحلقون بعض أجزاء رؤوسهم. وكانوا يدهنون الشعر بزيت عطر سواء عند السيدات أو الرجال (مز 23: 5؛ مت 6: 17). وكانوا يزينون الشعر بالجواهر والأحجار الكريمة ويضفرونه (1 تي 2: 9؛ 1 بط 3: 3). فمثلًا كان شعر شمشون مضفورًا في سبع خُصل.
وفي أيام بولس لم يكن الرجال يرخون الشعر (1 كو 11: 14). وقد ندد الكتاب المقدس بالإسراف في تزين الشعر (1 تي 2: 9؛ 1 بط 3: 3).
وأمرت الشريعة بأن تحلق رأس المرأة الأسيرة التي تتزوج من يهودي، والأبرص يوم تطهيره، والنذير يوم انتهاء نذره (لا 14: 8، 9؛ تث 21: 12؛ عد 6: 18). أما حلق الرأس للدلالة على الحزن والتوبة عن الخطيئة فكان دأب الأمم قديمًا (اي 1: 20؛ ار 7: 29).
وكان إرخاء الشعر علامة النذير مدة النذر، وكان صموئيل نذيرًا للرب كل أيام حياته. وكان كل لاوى بالميلاد يكون للرب. ورأينا نذر أم صموئيل له: "وَنَذَرَتْ نَذْرًا وَقَالَتْ: «يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلاَ يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى»" (سفر صموئيل الأول 1: 11).
بحث تفصيلي:
الشعر ما ينبت علي رأس وجسم الإنسان وبعض الحيوانات مما ليس بصفوف ولا وبر. وكثيرًا ما يُذكر الشعر في الكتاب المقدس وبخاصة شعر الرأس. وقد اختلفت الأمم كثيرًا في عوائدها في العناية بالشعر وتهذيبه.
كان الرجال يحلقون شعورهم إلا في وقت الحزن لميت، حتى رؤوس الأطفال كانوا يحلقونها ولا يتركون إلا خصلًا قليلة علامة علي الفتوة. وعندما كانوا يأتون بالأسري أو العبيد من الأقطار الأخرى للخدمة في بلاط الملك، كانوا يحلقون شعورهم ولحاهم قبل مثولهم أمام فرعون (تك 41: 14). أما النساء فكن يحتفظن بشعورهن طبيعية طويلة مضفورة. وكان أحيانًا ينزل في شكل ضفائر رفيعة أشبه بالخيوط إلي ما تحت الكتفين. وكن أحيانا يلبسن شعرًا مستعارًا للتنكر. وكان الأشراف يلبسون أيضا شعرًا مستعارًا ينزل إلي الكتفين. وكان الفرعون يلبس لحية مستعارة تشبهًا بالآلهة.
كان الأشوريون-علي عكس المصريين القدماء-يسمحون لشعور رؤوسهم ولحاهم أن تنمو إلي أطول حد، وكانوا أحيانًا يضفرون شعور رؤوسهم ولحاهم، ويضيفون إليها شعرًا مستعارًا ويجعلون منه غطاء لرؤوسهم.
كان اليونانيون -عمومًا- يُعْجَبون بالشعر الطويل علي الرجال والنساء علي السواء، فكانوا يعتقدون أن الشعر هو أرخص حلية. ولكن العادات كانت تختلف بين وقت وآخر، فكانوا في البداية يطيلونه، ثم بدأوا يعقصونه فوق رؤوسهم، وفي الأزمنة المتأخرة أخذوا في تقصيره.
أما الرومانيون فكانوا في البداية يطيلون شعورهم ثم بدأوا في تقصيره قبل الميلاد بنحو ثلاثة قرون، بل كان البعض يحلقونه. وكانوا يعتبرون إطالة اللحية علامة علي الإهمال والقذارة. وكانت النساء يبالغن في ضفر الشعر وتزيينه مما جعل الرسوليين بولس وبطرس يحذران المؤمنات من ذلك (1 تي 2: 9؛ 1 بط 3: 3).
كان العبرانيون يعتبرون الشعر جزءًا هامًا في المظهر الشخصي الجمالي للإنسان، للكبير وللصغير علي السواء (أم 16: 31؛ نش 5: 11). وكانت النساء تتميزن بالشعر الطويل (لو 7 : 38؛ يو 11: 2؛ 12: 3؛ 1 كو 11: 6). أما الرجال فكانوا يقصونه ليصبح طوله معتدلًا. وكان ألا يحلقوا رؤوسهم، وألا يدعوا شعرهم يطول كثيرًا بل يجزونه جزاَّ (لا 21: 5؛ حز 44: 20). والأرجح أن سائر الشعب كانوا يحذون حذوهم. وكان شعر أبشالوم الطويل موضع الإعجاب (2 صم 14: 26).
وكان علي النذير ألا يحلق شعره كل أيام نذره (عد 6 : 5). وكان العبرانيون يفزعون من القراع لأنه كان -علي الأغلب- نتيجة مرض البرص (لا 13: 40)، لذلك كان قول صبيان بيت إيل لأليشع النبي: "يا أقرع" شتيمة مقصودة (2 مل 2: 23). وكان الشعر يُحلق تمامًا في أوقات الضيق والحزن (إش 3: 17، 24؛ إرميا 7: 29؛ 48: 37؛ عا 8: 10). وقد جَزَّ أيوب شعر رأسه عندما حاقت به المصائب (أي 1: 20).
وكان اللون المفضل للشعر -عادة- هو اللون الأسود (نش 5: 11). ويقول يوسيفوس إنه كانت تُرش أحيانًا ذرات من الذهب علي الشعر، ولكنهم لم يكونوا يصبغون الشعر. وكان الشعر الأبيض النقي يستخدم للتعبير عن جلال الله (دانيال 7: 9؛ رؤ 1: 14). كما كان الشعر الأشيب يعتبر بهاء للشيوخ (أم 20: 29) يتفق مع وقار عمرهم (أي 15: 10؛ 1 صم 12: 2؛ مز 71: 18). كما كان الشعر المُجَعَّد -سواء طبيعيًّا أو صناعيًّا- يُعْتَبَر من علامات الجمال. وقد حاولت إيزابل إغراء ياهو بأن "كحلت بالأثمد عينيها وزينت رأسها" (2 مل 9: 30).
وكان شعر شمشون مضفورًا في سبع خصل (قض 16: 13، 19). كما كان الشعر -أحيانًا- يُزَيَّن بأمشاط ودبابيس كما جاء في التلمود، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. كما كان الشعر يدهن بالأطياب والزيوت العطرية (راعوث 3: 3؛ 2 صم 14: 2؛ مز 23: 5؛ 45: 27؛ إش 3: 24)، بُخاصة في الاحتفالات والأعياد (مت 6: 17؛ 26: 7؛ لو 7: 46) . وقد وُجد الحلاقون منذ أقدم العصور (حزقيال 5: 1).
وكانت اللحية تُعامَل -تقريبًا- مُعاملة شعر الرأس، ولكن معظم الآسيويين كانوا يعتبرون اللحية من علامات الرجولة، ولم يكن العبرانيون يحلقون اللحية، ولكنهم كانوا يهذبونها ويعُنون بها (2 صم 19: 24). ولكنهم كانوا يحلقونها أو ينتفونها في أوقات النوح (إش 50: 6؛ إرميا 41: 5؛ عز 9: 3)، وقد تُهمل أيضا علامة علي الحزن (2 صم 19: 24).
وكان حَلْق شعر اللحية والرأس واجِبًا عند تطهير الأبرص (لا 14: 9). وكانت الشريعة تنهي عن قص الشعر مستديرًا: "لا تقصروا رؤوسكم مستديرًا ولا تفسد عارضيك" (لا 19: 27) مثلما كان يفعل العرب [مقصوص الشعر مستديرًا - (إرميا 9: 26؛ 25: 23؛ 49: 32)]، ولعلهم كانوا يفعلون ذلك كطقوس وثنية أو حزنًا علي ميت (انظر تث 14: 1؛ إرميا 16: 6)، فنهي الله إسرائيل عن فعل ذلك.
أُستخدم الشعر تعبيرًا عن العدد الذي لا يحصي (مز 40: 12؛ 69: 4)، وعن أقل ما في الإنسان (1 صم 14: 45؛ 2 صم 14: 11؛ دانيال 3 : 27؛ مت 10:30؛ لو 12: 7؛ 21: 18؛ أع 27: 34). وكان الشعر الأبيض أو الشيب علامة علي الوقار والاحترام للتقدم في العمر (لا 19: 32؛ أم 16: 31)، ولذلك أستخدم للتعبير عن هيبة الله وجلاله (دانيال 7: 9؛ رؤ 1: 14).
كما كان حلق الشعر أو نتفه علامة علي الضيق أو الفقر أو الخزي. كما كان تعبيرًا عن الخراب الكامل نتيجة دينونة الله للشعب (إش 7: 20). وأستخدم هوشع "الشعر الأشيب" رمزًا لانحلال مملكة إسرائيل (هوشع 7: 9).
كما أن قدرة الشعر علي النمو المستمر، جعل منه رمزًا للحياة، فكان تَرْك الشعر ينمو ويطول، رمزًا لتكريس الحياة للرب (عد 6: 1-21؛ قض 13: 5)، وكان مثل هذا النذر يعني بركة الله وقوته ، كما كان الأمر في حالة شمشون (قض 13: 5)، كما كان قص الشعر أو حلقه يعتبر دليلا علي أن أيام الانتذار للرب قد انتهت (عد 6: 18؛ أع 18: 18؛ 21: 23، 24).
والأشعر هو الشخص غزير الشعر علي جسده كما كان عيسو (تك 27: 11)، وكذلك كان إيليا النبي (2 مل 1: 8).
* انظر أيضًا: اللحية، الصوف، النذير، الصلع، ناصية الرأس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/at5xt62