هو أول وأشهر الشهداء في مصر وهو يوحنا الملقب مرقس وينحدر أصله من اليهود الذين كانوا قاطنين بالخمس المدن الغربية المسماة "بنتابوليس" Pentapolis التي كانت تقع في منطقه برقه بشمال أفريقيا. وقد أنشأ اليونان هذه المدن فيما بين القرنين السابع والخامس الميلادي على حدود مصر الشمالية الغربية. وكان ميلاد القديس مرقس في مدينة القيروان التي تقع في إقليم ليبيا بهذه المنطقة. وكان مرقس منذ ولادته ينعم بما كان لأسرته من ثروة كبيرة وأراضي زراعية شاسعة ولذلك تمكن أبواه من أن يهيئا له أفضل سبل التعليم والثقافة. فأتقن اللغتين اليونانية واللاتينية، كما أتقن اللغة العبرية وتعمق في دراسة كتب التوراة والناموس اليهودي. غير أن بعض القبائل المتبربرة من البدو هجمت على أسرة مرقس في القيروان وهبتها -وكان ذلك في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر- فاضطرت هذه الأسرة الكريمة إلى الهجرة، ومن ثم نزحت إلى فلسطين موطن أجدادها الأولين. وكانت قد استقرت هناك حين بدأ السيد المسيح ينادي ببشارته، وبذلك أتيح للقديس مرقس في حداثته أن يري السيد المسيح ويؤمن به ويصبح من تلاميذه. وكذلك تبعته أم مرقس واستضافته في بيتها. وصارت من النسوة اللاتي يخدمنه، كما كان بيتها هو أول كنيسة مسيحية في العالم، ولذلك كانت لهذه السيدة مكانه عظيمة بين المسيحيين الأوائل. وفي بيتها تناول السيد المسيح عشاءه الأخير مع تلاميذه عشية صلبه. وفيه كان يجتمع التلاميذ بعد قيامه السيد المسيح، حيث دخل عليهم وأظهر لهم نفسه. وفي هذا البيت حل الروح القدس عليهم. وحين خرج بطرس من السجن الذي وضعه فيه هيرودس مُزْمِعًا أن يقتله بسبب تبشيره بالمسيحية. ذهب بطرس مباشرة إلى ذلك البيت. والراجح أن مرقس هو الشاب الذي تبع ليلة تسليمه، إذ يقول في الإنجيل الذي يحمل اسمه: "وكان يتبعه شاب يلف جسده العاري بإزار فأمسكوه، فترك الإزار وهرب عاريًا" (مر 14: 51، 52).
وقد بدأ القديس مرقس كرازته مع بطرس الرسول في منطقة اليهودية، وفي جبل لبنان، وفي بيت عنيا، وفي مناطق من سوريا ولا سيما أنطاكيا حتى سنة 45 ميلادية – ثم كرز مع القديس بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى في قبرص وفي باخوس، حتى إذا وصلوا إلى "برجه بمفيلية" تركهما هناك وعاد إلى أورشليم سنة 51 ميلادية. ثم ظهر في إنطاكية مرة أخرى بعد مجمع أورشليم واشترك مع القديسين وبولس في تأسيس كنيسة روما.
وبعد ذلك قصد القديس مرقس وحده إلى مسقط رأسه في شمال أفريقيا حيث بشر الخمس مدن الغربية وهي القيروان، وبرينيكي وبرقه وأرسينوي وأبولونيا. وكانت هذه المدن في ذلك الحين تحت حكم الرومان، وكان شعبها خليطًا من اليونانيين والليبيين والرومان واليهود، وكانت ذات عبادات وثنية وثقافة يونانية. وقد وصل القديس مرقس إلى هذه البلاد في نحو سنة 58 ميلادية. وهناك واظب على التبشير، وكانت تجري على يديه كثير من المعجزات، مما جذب إليه كثيرين من المؤمنين، فيقول ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونيين في كتابه "تاريخ البطاركة": فلما عاد القديس مرقس من روما قصد إلى الخمس مدن أولًا، وَبَشَّر في جميع أنحاءها بكلام الله، واظهر عجائب كثيرة، حتى أنه أبرأ المرضي وَطَهَّر البُرص وأخرج الشياطين بنعمة الله الحالة فيه، فآمن بالسيد المسيح كثيرون وكسروا أصنامهم التي كانوا يعبدونها وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. وبعد أن قضي مرقس الرسول يبشر في الخمس المدن الغربية نحو بضع سنوات(1)، اتجه بعد ذلك إلى الإسكندرية سنة 61 ميلادية. وكانت هي عاصمة مصر في ذلك الحين، كما كانت العاصمة الثقافية للعالم كله – وكانت مدرسة الإسكندرية الفلسفية الشهيرة هي مركز العلم والفلسفة في كل الإمبراطورية الرومانية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقد كانت تزدحم بعدد عظيم من كبار العلماء كما كانت تزدحم مكتبتها الشهيرة بمئات الآلاف من الكتب النادرة والمخطوطات المتعمقة في كل العلوم، وكانت تلك المدينة الضخمة حينذاك تضم نحو مليون شخص من المصريين والرومان واليونان واليهود والفرس والأحباش وغير ذلك من الأجناس التي تعتنق عددا لا يحصي من ديانات الأمم مختلفة. وقد وقف مرقس وحيدًا أمام كل هذه الديانات والفلسفات يتأهب لأن يصارعها جميعًا وأن ينتصر عليها كلها.
وقد كان قدوم مرقس الرسول إلى الإسكندرية في الغالب عن طريق الواحات، ثم الصعيد ثم تقدم شمالًا نحو بابليون ويقال أنه في هذه الفترة كتب إنجيله باللغة اليونانية ثم غادر بابليون إلى الإسكندرية، وهو لا يفتأ يجول مبشرا في الطرقات – وكان حذاؤه قد تمزق فمال علي إسكافي في المدينة يدعي انيانيوس ليصلحه. وفيما الإسكافي يفعل ذلك دخل المِخراز في يده فأدماها، فصرخ قائلًا "ايس ثيئوس" أي "يا الله الواحد" فانتهز القديس مرقس هذه الفرصة واخذ يده فشفاها، ثم راح يبشر ه بذلك الإله الواحد الذي هتف باسمه وهو لا يعرفه، فآمن الإسكافي بكلامه ودعاه إلى بيته، وجمع له أقاربه وأصحابه فبشرهم بالمسيح وعمدهم فكانوا هم باكورة المؤمنين في مصر كلها.
فلما رأي الوثنيين بوادر نجاح الرسول في بشارته حنقوا عليه وراحوا يتربصون به الدوائر ليفتكوا به ولكنه واصل أداء رسالته غير عابئ بما يدبرون، فأقام إنيانوس أسقفًا، ورسم معه قسوسًا وشمامسة، وشيد أول كنيسة بالإسكندرية في الجهة الشرقية منها عرفت باسم "بوكاليا" وبذلك ازداد عدد المؤمنين زيادة كبري في وقت وجيز. وفي ذلك يقول المؤرخ السكندري يوسابيوس الشهير "كان جمهور المؤمنين الذين اجتمعوا هناك في البداية من الكثرة حتى أن الفيلسوف اليهودي فيلون وجده أمرًا جديرًا بالاهتمام أن يصف جهادهم واجتماعاتهم وتعزياتهم وكل طرق معيشتهم ويقول الأب شينو في كتابه "قديسو مصر" إن الحياة التي تدعوا إلى الإعجاب في مصر بعد الإيمان جعلت الفيلسوف اليهودي الشهير فيلون يؤكد فيما بعد أن الإسكندرية أعادت إلينا ذكر الأيام الأولى التي كانت لكنيسة أورشليم.
وقد أسس القديس مرقس بالإسكندرية مدرسة لاهوتية لتتصدي لتعاليم المدرسة الوثنية التي كانت هي الخلفية الطبيعية لمدرسة أثينا وكان يقوم بالتدريس فيها أكبر الفلاسفة الوثنيين في ذلك الحين.
وقد أقام مرقس الرسول القديس يسطس أول رئيس للمدرسة اللاهوتية، هو الذي صار فيما بعد سادس بابا للإسكندرية.
كما أن القديس مرقس وضع القداس الإلهي للصلوات الكنسية وهو المعروف بالقداس المرقسي والكيرلسي نظرًا لان البابا كيرلس الأول هو الذي دونه بعد أن كان رجال الكنيسة يتسلمونه بعضهم من بعض شفهيًا. فلما رأى الوثنيين بوادر نجاح الرسول في بشارته اشتد حنقهم عليه وراحوا يتربصون به ليقتلوه. ولكنه واصل أداء رسالته غير عابئ بما يدبرون ثم اعتزم أن يترك مصر بعض الوقت ويعود ليفتقد أولاده من المؤمنين في الخمس مدن الغربية ثم مضي منها إلى أفسس حيث تقابل مع القديس تيموثاوس، ثم اتجه إلى روما تلبية لدعوة القديس بولس الرسول، وبقي معه هناك حتى استشهاده في سنة 68م، وبعد ذلك عاد إلى مصر واستأنف فيها عمل الكرازة وقد كان عدد المؤمنين لا يفتأ يتزايد تزايدا عظيما. فلما كثر عدد المؤمنين وتوطدت دعائم الكنيسة التي أسسها تغلغل الحقد في قلوب الوثنيين عليه واضمروا الغدر به، حتى إذا كان عيد القيامة المجيد في 26 ابريل سنة 68م الذي يوافق 30 برمودة بالتقويم المصري القديم وكان المسيحيون يحتفلون بهذا العيد في كنيسة بوكاليا وقد تصادف أن كان ذلك اليوم هو نفسه يوم الاحتفال بعيد الإله الوثني، وقد تدفقت جموع الوثنيين للاحتفال بهذا العيد، فلما علموا أن القديس مرقس يحتفل بعيد القيامة في الكنيسة مع شعبه حتى اندفعوا إلى الكنيسة في جموع ساخطة وهجموا على القديس ووضعوا حبلا في عنقه وألقوه على الأرض وراحوا يسحلونه في طرقات المدينة وساحاتها وهو لا يفتأ يرتطم بالأحجار والصخور حتى تناثر لحمه ونزف دمه واستمروا يفعلون به هكذا طوال النهار، حتى إذا خيم الليل ألقوا به في السجن. وفي ظلام ذلك السجن ظهر له السيد المسيح في نور عظيم وشجعه وقواه وهو يخاطبه قائلًا (يا شهيدي الأمين) واعدا إياه بفردوس النعيم، ولذلك أصبح لقب القديس مرقس المعروف به في طقوس الكنيسة وصلواتها هو (ثيورديموس) أي (ناظر الإله) ثم في فجر اليوم التالي عاد الوثنيين إلى القديس مرة أخرى، وربطوا عنقه أيضًا بحبل غليظ، ثم راحوا يسحلونه كذلك في كل طرقات الإسكندرية حتى اسلم الروح. على أن موت القديس لم يهدئ من ثائرة الوثنيين وحقدهم فاعتزموا حرق جثته بعد موته إمعانا في التنكيل به والتشفي منه وبالفعل جمعوا كومه عظيمة من الحطب واعدوا نارا للمحرقة، غير أنه حدث في اللحظة التي أوشكوا فيها أن يلقوا الجسد في النار أن هبت عاصفة مصحوبة بمطر غزير فانطفأت النار وتفرق الشعب وعندئذ أسرع جماعة من المؤمنين فأخذوا الجسد وحملوه إلى كنيسة (بوكاليا) ووضعوه في تابوت ثم صلي عليه خليفته القديس إنيانوس مع الإكليروس والشعب ودفنوه في قبر نحتوه في الجانب الشرقي من الكنيسة أطلقوا عليها اسم كنيسة القديس مرقس، وتحتفل الكنيسة القبطية في كل الأنحاء بذكري استشهاد القديس يوم 30 برمودة من كل عام وقد كان استشهاده في الثامنة والخمسون من عمره.
وقد ظل جسد القديس مرقس في تابوته حتى سنة 644م في كنيسة بوكاليا بالإسكندرية، وكانت تطل على الميناء الشرقي للمدينة. فلما وقع الانشقاق العقيدي في مجمع خلقدونية سنة 450 م. تعرضت الكنيسة القبطية التي تؤمن بالطبيعة الواحدة والمشيئة الواحدة للسيد المسيح لاضطهاد عنيف من أصحاب بدعه الطبيعتين والمشيئتين الذين أطلق عليهم لقب الملكيين لأنهم اعتنقوا مذهب الملك الروماني واستولي أولئك الملكيون على الكنائس القبطية ومنها كنيسة القديس مرقس بالإسكندرية وبداخلها جسد القديس وظلت تحت سيطرتهم حتى سنة 644 م. وفي هذه السنة التي تم فيها الفتح العربي لمصر بقياده عمرو بن العاص، حاول أحد البحارة سرقة رأس القديس بعد أن فصلها عن الجسد وخبأها في سفينة معتقدًا أنها تخص رجلًا عظيمًا ولكن حين تحرك أسطول عمرو بن العاص وخرج كله من الميناء حدث أن السفينة التي تحمل رأس القديس ثبتت في مكانها ولم تشأ أن تتحرك علي الرغم من كل ما بذله البحارة من المحاولات، فأدركوا أن في الأمر سرا ومن ثم أصدر عمرو بن العاص أمره بتفتيش السفينة. فلما أخرجوا الرأس تحركت السفينة على الفور. فاستحضر عمرو بحار السفينة واستجوبه، فلما علم أنه سرق هذا الرأس من الكنيسة استدعى القديس بطرس بطريرك الأقباط وسلمه الرأس كما وهبه عشرة آلاف دينار لبناء كنيسة لصاحب هذا الرأس الذي له كل هذه الكرامة. وبالفعل تم بناء الكنيسة بالإسكندرية وهي المعروفة بالمعلقة بالقرب من المسلة الأثرية، وقد استقر الرأس فيها حتى القرن السادس، بينما كان جسد القديس مرقس راقدًا في كنيسة بوكاليا التي كانت لا تزال تحت سلطان الرومان الملكيين وقد ظل الجسد في هذه الكنيسة حتى حدث في نحو عام 815 م. وبعدها بسنوات قليلة أن احتال بعض البحارة من أهل البندقية وسرقوه ونقلوه إلى مدينتهم حيث ظل بها واهتم حاكم البندقية جستنيان ببناء هيكل فخم جميل ووضع فيه الجسد، غير أن هذا الهيكل احترق سنة 977م. فجدد عمارته الدوق بطرس أرسيلوا، ثم أقيمت للجسد كنيسة تعتبر من أضخم وأفخم كنائس العالم وهي كنيسة القديس مرقس بالبندقية وقد بدأ في بناءها سنة 1052 م. ولم يتم بناؤها إلا في القرن الثامن عشر للميلاد وقد تباري في بنائها وزخرفتها أعظم واقدر مهندسي وفناني العالم فخرجت تحفه بديعة رائعة. أما رأس القديس مرقس فقد ذكرنا أن البابا بنيامين الثامن والثلاثين بدأ في بناء كنيسة لتوضع فيها الرأس. غير أن الرومان بدأوا يحاولون الاستيلاء على الرأس أيضًا. حتى أخذها الأقباط المؤمنين وخبأها في دير القديس مكاريوس ببريه شيهيت حوالي سنة 1013م. ثم في خلال القرن الحادي عشر وحتى القرن الرابع عشر تتابع نقل رأس القديس إلى كثير من بيوت أغنياء الأقباط لإخفائها عن الولاة العرب الذين كانوا لا يفتأون يفتشون عنها ليقسروا على دفع مبالغ ضخمة لاستعادتها فكانوا لا يعلمون أن رأس القديس موجودة بأحد بيوت سراة الأقباط حتى يقبضوا عليه ويضربوه ويهينوه ويفرضوا عليه مبلغًا فاحشًا من المال فإذا اضطر إلى دفعه تركوا الرأس له وإذا رفض وعجز نكلوا به وأوثقوه والقوة في السجن وقد تكرر هذا مرارًا كثيرة، وحتى تم أخيرًا بناء مدفن خاص لرأس القديس في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية في القرن الثامن عشر ووضع فيه داخل صندوق من الرخام. وذلك منذ أيام البابا بطرس السادس.
و قد ظل جسد القديس مرقس راقدًا في كاتدرائيته العظمى في البندقية منذ سنة 828 م. حتى طلب البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذكس من بابا روما إعادة الجسد إلى موطنة الأصلي في مصر وكان ذلك بمناسبة الاحتفال بمرور تسعة عشر قرنًا على استشهاد القديس، وكذلك بمناسبة تأسيس الكاتدرائية المرقسية الكبرى بأرض الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة لتكون مقرًا للجسد المقدس وفي يوم 24 يونيو سنة 1968 ميلادية عاد الوفد الذي أوفده البابا كيرلس السادس لإعادة الجثمان إلى مصر، ومعه أعضاء البعثة التي أوفدها بابا روما يحملون الرفات المقدس. وكانت في هذه الأثناء أجراس الكنائس تدق في القاهرة كلها ابتهاجًا بهذه المناسبة الرائعة.
ثم في الساعة السادسة من صباح يوم الأربعاء 26 يونيه سنة 1968م بدأ الاحتفال الديني الطقسي بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بدير الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة، فجاء قداسة البابا كيرلس السادس بسيارته يحمل صندوق رفات القديس مرقس الرسول من الكاتدرائية المرقسية بالأزبكية التي ظل موضوعًا بها منذ ثلاثة أيام وتقدم الموكب يحف به المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة إلى أن صعد البابا إلى الكاتدرائية الجديدة، ووضع الصندوق بكل إجلال على مائدة خاصة في شرقية الهيكل، وبدأت مراسم القداس الحبري الحافل الذي خدمه قداسة البابا كيرلس السادس واشترك معه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من المطارنة الأقباط والأثيوبيين والسريان والهنود الأرمن الأرثوذكس، وحضرة الإمبراطور هيلاسلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا ቀዳማዊ ኃይለ ሥላሴ والكاردينال دوفال رئيس البعثة البابوية الرومانية وكثير من رؤساء الأديان والمطارنة والأساقفة ورجال الدين من مختلف بلاد العالم ونحو عشرة آلاف من الشعب وما أن انتهى القداس حتى نزل البابا كيرلس يحمل الرفات ومعه الإمبراطور وبطريرك السريان الأرثوذكس ورؤساء الكنائس في موكب كبير واتجه إلى مزار القديس مرقس الذي كان قد سبق إعداده تحت المذبح الرئيسى للكاتدرائية وأوضع الصندوق المزخرف في القبر الرخامي وغطس بلوحة رخامية كبيرة وسط الترتيل والأناشيد. وقد اشتهر القديس مرقس الذي أسس كنيسة الإسكندرية بلقب ظل يطلق علية على مدى التاريخ القبطي كله وهذا اللقب هو "كاروز الديار المصرية ورئيس بطاركة كرسي الإسكندرية العظمى".
و قد اشتهر أسم القديس مرقس على مدى التاريخ المسيحي والقبطي فأصبح يطلق بعده على كثير من البطاركة والأساقفة والكهنة والرهبان والكنائس باعتباره هو كاروز الديار المصرية ومؤسسها.
أ- فمن بطاركة الأقباط الأرثوذكس أطلق اسم هذا القديس على سبعة منهم وهم البابا مرقس الثاني البابا 49 - البابا مرقس الثالث البابا 73 - البابا مرقس الرابع البابا 84 - البابا مرقس الخامس البابا 98 - البابا مرقس السادس البابا 101 - البابا مرقس السابع 106 - البابا مرقس الثامن 108.
ب- أما الأساقفة الذين أطلق عليهم اسم القديس مرقس فكانوا كثيرين جدًا، لم يخل منهم عهد ومكان ومن أمثلة ذلك انه عندما قام البابا بنيامين وهو الثاني والثمانون بصنع الميرون شاركه في ذلك اثنا عشر أسقفًا كان منهم أربعة باسم مرقس. وفي عهد البابا ديمتريوس الثاني (111) كان وكيل الكرازة المرقسية وهو الأنبا مرقس مطران البحيرة. كما كان يوجد بهذا الاسم الأنبا مرقس مطران أبو تيج. ويوجد حاليًا نيافة الأنبا مرقس الأسقف الأرثوذكسي لمرسيليا وطولون بفرنسا، إلخ..
ج- أما الكهنة والرهبان والنساك الذين يحملون اسم القديس مرقس فعددهم عظيم جدًا يصعب حصره. وقد بنيت كنائس كثيرة في أنحاء مصر باسم القديس مرقس فأندثر بعضها وبقيت آثار البعض الآخر.
من أقاصي الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة بلغت أقوالهم.
_____
(1) كان مكتوبًا "نحو تسع سنوات"، ولكن ذهب إلى الخمس مدن الغربية نحو سنة 58 م.، ثم الإسكندرية نحو سنة 61 م.، فغالبًا كان هذا فقط خطأ في الكتابة.
البابا انيانوس |
مذكرات في تاريخ الكنيسة القمص ميخائيل جريس |
ميناندر |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4zvzh86