St-Takla.org  >   Coptic-History  >   CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church
 

تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية - القمص ميخائيل جريس ميخائيل

44- البابا إنيانوس (البطريرك الثاني)
68 م. - 86 م.

 

لما كان القديس العظيم مار مرقس الرسول هو مؤسس الكنيسة القبطية فهو يعد البابا الأول للإسكندرية، وتعاقب من بعده الباباوات على سدته وكانوا خلفاءه واستمروا يتعاقبون الواحد تلو الآخر في سلسلة مترابطة متصلة الحلقات منذ استشهاده إلى يومنا هذا حتى الخليفة المرقسي الآن(1) حضرة صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث البابا المائة والسابع عشر وكان إنيانوس الخليفة التالي لمار مرقس وقد نال كرامة رياسة الكهنوت المقدس على يد القديس البشير نفسه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

+ مَنْ هو إنيانوس؟

St-Takla.org         Image: Relief of St. Mark baptizing Anianus. - By Tullio Lombardo, 1481, found in the Basilica dei Santi Giovanni e Paolo, Venice صورة: نحت نافر يصور القديس مرقس يعمد أنيانوس، الفنان توليو لومباردو، 1481، في بازيليكا دي سانتي جيوفاني إيه باولو، فينيسيا

St-Takla.org Image: Relief of St. Mark baptizing Anianus. - By Tullio Lombardo, 1481, found in the Basilica dei Santi Giovanni e Paolo, Venice

صورة في موقع الأنبا تكلا: نحت نافر يصور القديس مرقس يعمد أنيانوس، الفنان توليو لومباردو، 1481، في بازيليكا دي سانتي جيوفاني إيه باولو، فينيسيا

إن إنيانوس باكورة العمل الكرازي للقديس العظيم مار مرقس. هو البطريرك الثاني من بطاركة الكرسي الإسكندري. وقد كان من أهالي مدينة الإسكندرية، ابنًا لوالدين وثنيين وكان إسكافيًا وحدث عند قدوم العظيم مار مرقس الرسولي إلى الإسكندرية قادمًا من الخمس مدن الغربية بعد قضاء تسع سنوات هناك أنه اتجه إلى الواحات ثم الصعيد ثم تقدم شمالًا نحو نابليون وغادرها إلى الإسكندرية وهو يجول مبشرًا في طرقاتها حتى انقطع حذاؤه وكان ذلك فاتحة خير لأعماله المجيدة إذ دبرت العناية الإلهية أن يمر على إسكافي بالسوق هو إنيانوس وبينما هو يصلح حذاءه دخل المخرز في إصبعه، فصرخ قائلًا (ايس ثيئوس أي يا الله الواحد) فتعجب القديس مرقس عند سماعه هذه الكلمة اليونانية ووجدها فرصة مناسبة ليحدثه عن الله الواحد. وكان لابد أن يشفى يده أولًا ويخلصه من ألمه ثم يتحدث معه بعد ذلك. وهكذا تفل القديس مرقس على تراب من الأرض ودهن به إصبع إنيانوس فبرئ في الحال وتعجب إنيانوس جدًا من هذه المعجزة التي حدثت باسم يسوع المسيح وتفتح قلبه لكلمة الله.

و أخذ القديس مرقس يسأل إنيانوس عمن يكون هذا الإله الواحد الذي نطق الإسكافي باسمه. فأجابه إنيانوس أنني لا أعرف ولكني اسمع عنه وهنا بدأ القديس مرقس يحدثه عن ألوهية السيد المسيح وعن سر تجسده وموته وقيامته وعمل الآيات باسمه وما أن انتهى إنيانوس من إصلاح الحذاء وسلمه لمار مرقس، حتى دعاه أن يذهب معه إلى بيته ليكمل له هذا الحديث اللاهوتي الشيق وجمع له أقاربه وأصحابه ولما دخل مار مرقس إلى بيت إنيانوس رسمه بعلامة الصليب المقدس وقال "بركة الرب تحل في هذا البيت" وقد صار البيت فيما بعد كنيسة باسم مار جرجس كما ورد في cuna[arion سنكسار 20 هاتور وفي تاريخ البطاركة لابن المقفع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وعرف هذا الموضع على مدى تاريخه الطويل بعده أسماء مختلفة منها (بيت إنيانوس) وكان كنيسة تحت الأرض باسم مارمرقص وفيها دفن القديس مرقس في موضع أسفل هذه الكنيسة. أصبحت من بعده عادة أن تدفن الآباء البطاركة الإسكندريين بعد نياحتهم مع جسد مارمرقس في مقبرته. ثم جلس مارمرقس مع إنيانوس ومع أسرته يحدثهم عن السيد المسيح وعما ورد عنه في كتب الأنبياء وما حدث في صلبه العظيم والفداء الذي قدمه للعالم من أجل افتدائنا ومصالحتنا مع الله. فاستضاء عقل إنيانوس وآمن هو أهل بيته وعمدهم مارمرقس فكانوا هم باكورة المؤمنين في مصر كلها والثمرة الأولى لتعب مارمرقس في سبيل نشر الكرازة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رسامته أسقفًا:

أمام ازدهار الإيمان الكبير في مصر ونجاح مرقس الرسول في بشارته استشاط الوثنيون غيظًا وفكروا في قتل مارمرقس وراحوا يتربصون به الدوائر ليفتكوا به فنصحه المؤمنين أن يبتعد قليلا من أجل سلامة الكنيسة ورعايتها حينئذ قام بسيامة القديس إنيانوس أسقفاً على الإسكندرية حوالي عام 64م سام معه ثلاثة من الكهنة هم ميليوس وسابينوس وسردنوس وأيضًا سبعه من الشمامسة. كانت سيامته في مده حكم وسبانيوس قيصر في شهر بشنس.

ثم ذهب مارمرقس ليفتقد الشعب الذي بشره في الخمس مدن الغربية بليبيا والذين حملوا رسالة الكرازة إلى مواطنهم أثناء غياب القديس العظيم مارمرقس ومكث هناك سنتين يبشر ويرسم كهنه بعد استشهاد الرسولين العظيمين القديس بطرس والقديس بولس رجع مارمرقس إلى الإسكندرية فواجد أن تعبه لم يذهب هباءًا وان غرسه قد نما وازدهر وكان عمل القديس إنيانوس الأسقف في الكرازة واضحًا لدرجة أن عدد المؤمنين قد تزايد جدًا وقد بنوا لهم كنيسة في المنطقة الشرقية من الإسكندرية عرفت باسم "بوكاليا" (كلمة بوكاليا معناها دار البقر وقيل أنها سميت كذلك لأنها كانت حظيرة للبقر ولأنه كانت تنبت في ذلك المكان حشائش وأعشاب برية فكانوا يرعون فيها البقر وموضعها الآن الكنيسة المرقسية بالإسكندرية) كما بنوا إلى جوارها عددًا من المساكن جعلوها بيوت ضيافة للغرباء والفقراء ثم لما نال الكاروز العظيم إكليل الشهادة في 30 برمودة في السنة الرابعة عشرة لحكم نيرون الظالم في 26 ابريل سنة 68 م. أتى القديس إنيانوس ومعه جماعه من المؤمنين الباسلين فأخذوا جسد أبيهم في الأيمان وحملوه إلى كنيسة بوكاليا ووضعوه في تابوت حيث صلي عليه خليفته القديس انيانوس مع الإكليروس وكل الشعب وتبارك الجميع منه وتسلم إنيانوس رعاية الشعب المسيحي مباشرة لأنه قد نال كرامة الأسقفية من يد القديس مرقس نفسه عام 64 م. أي قبل استشهاده بأربع سنوات. فأصبح إنيانوس بذلك البابا الإسكندري الثاني وأول السلسلة التي تتألف من تعاقب خلفاء القديس مرقس واحدًا بعد الآخر على السدة المرقسية الجليلة. وقد كان البابا إنيانوس من الحكماء الصالحين الساهرين علي رعيتهم يعلم الشعب ويثبته على الإيمان القويم بإخلاص متناه وبهمة لا تعرف الملل وكان فوق كل هذا على جانب عظيم من البساطة والتواضع فاستطاع بجهاده الحسن أن يكسب عددًا كبيرًا من الشعب إلى المسيحية كما استطاع أن ينشر الإيمان المستقيم في ربوع مصر وان يثبت قلوب المصريين على هذا الإيمان فقام الكثيرون من أرباب المناصب العالمية والأكابر والأعيان وبعض رجال الدولة بالالتفاف حوله بعد اعتناقهم الديانة المسيحية وكثر المؤمنين فرسم منهم كهنة وخدامًا.

St-Takla.org Image: Saint Mark the Evangelist (of Libya), modern Coptic icon صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مارمرقس الرسول، الليبي - أيقونة قبطية حديثة

St-Takla.org Image: Saint Mark the Evangelist (of Libya), modern Coptic icon

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مارمرقس الرسول، الليبي - أيقونة قبطية حديثة

وقد شهد المؤرخون للبابا إنيانوس بالصلاح والتقوى وقال عنه أوسابيوس المؤرخ "أنه كان محبوبًا من الله مقبولا عنده" وقال آخر "كان قلبه ينظر قلب الله ويعرف مشيئته ويتممها".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نياحته:

تنيح في 20 هاتور من عام 86 م. وهي السنة الثانية من ملك دوميتيانوس إمبراطور الرومان وكان قد تولي أثناء جلوس البابا إنيانوس على كرسي مارمرقس سبعة قياصرة هم نيرون وجلبا وواثون وفيتليوس وسباسيان، وتيطس، ودومتيان.

بهذا يكون البابا إنيانوس قد سيم أسقفًا عام 64 م. بيد القديس مرقس نفسه وجلس على كرسي مارمرقس كخليفة له في عام 68 م. واستمر في خلافته المرقسية حتى 20 هاتور 86 م. تاريخ نياحته بسلام أي نحو اثنين وعشرون سنة من رسامته أسقفًا فيكون بهذا قد استمر مسئولًا عن شعب السيد المسيح كبطريرك مده ثماني عشرة سنة وكانت أيام رئاسته كلها هدوءًا واستقرارًا.

وكان البابا إنيانوس أول من حمل لقب "بابا" كما يتضح من المخطوطات القديمة ولقد حمل خلفاء مارمرقس لقب "بابا" ومعناه "أبو الآباء" من البداية وقد جاء في أوشية الآباء للقداس الإلهي للقديس مرقس والذي رتبه فيما بعد البابا كيرلس عمود الدين (البابا الإسكندري الـ24).

ما نصه:

صلوا من أجل أبينا الأنبا (فلان) بابا وبطريرك وسيد ورئيس أساقفة مدينة الإسكندرية العظمي.

فلتكن روح القديس البابا إنيانوس والبطريرك الثاني معنا وليعطينا الرب أن نسير معه على الطريق فلا نفتخر باطلًا بأننا أبناء القديسين دون أن نعمل عملهم مكملين رسالتهم.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أي حتى تاريخ نشر هذا الكتاب.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church/Christian-Church-History__044-Patriarch-2-Enianos.html

تقصير الرابط:
tak.la/3wrwd6r