St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   27-Sefr-El-Ro2ya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي
سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

الرؤيا 17 - تفسير سفر الرؤيا

بابل والوحش

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب سفر رويا يوحنا الإنجيلي:
تفسير سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: مقدمة سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي | الرؤيا 1 | الرؤيا 2 | الرؤيا 3 | الرؤيا 4 | الرؤيا 5 | الرؤيا 6 | الرؤيا 7 | الرؤيا 8 | الرؤيا 9 | الرؤيا 10 | الرؤيا 11 | الرؤيا 12 | الرؤيا 13 | الرؤيا 14 | الرؤيا 15 | الرؤيا 16 | الرؤيا 17 | الرؤيا 18 | الرؤيا 19 | الرؤيا 20 | الرؤيا 21 | الرؤيا 22 | مراجع البحث

نص سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: الرؤيا 1 | الرؤيا 2 | الرؤيا 3 | الرؤيا 4 | الرؤيا 5 | الرؤيا 6 | الرؤيا 7 | الرؤيا 8 | الرؤيا 9 | الرؤيا 10 | الرؤيا 11 | الرؤيا 12 | الرؤيا 13 | الرؤيا 14 | الرؤيا 15 | الرؤيا 16 | الرؤيا 17 | الرؤيا 18 | الرؤيا 19 | الرؤيا 20 | الرؤيا 21 | الرؤيا 22 | الرؤيا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

يتحدث هذا الأصحاح عن بابل الزانية وعلاقتها بالوحش:

 

1. سماتها

   

1 - 6.

سمات بابل

 

 

 

2. سر المرأة والوحش

   

7 - 18.

كيف يغلب الحمل؟

 

 

 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. سماتها

1 ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلًا لِي: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ دَيْنُونَةَ الزَّانِيَةِ الْعَظِيمَةِ الْجَالِسَةِ عَلَى الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، 2 الَّتِي زَنَى مَعَهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، وَسَكِرَ سُكَّانُ الأَرْضِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا». 3 فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. 4 وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، 5 وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ». 6 وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبْتُ لَمَّا رَأَيْتُهَا تَعَجُّبًا عَظِيمًا!

 

"ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة جامات،

وتكلم معي قائلًا:

هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة"[1].

انتقل الرب بيوحنا إلى رؤية جديدة، إذ جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معه السبعة جامات. ومجيء هذا الملاك بالذات ليريه هذه المرأة الزانية، إنما ليكشف لنا مدى قسوة قلب الإنسان الشرير، خاصة ضد المسيح نفسه وأتباعه. ويليق أن يقوم بهذا الدور أحد الملائكة الذين يسكبون الجامات السبعة حتى لا نتهمهم بالعنف أو القسوة عن غيرهم.

 

أما سمات بابل فهي:

1. "الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة".إذ يقدم الله نفسه عريسًا للنفس البشرية، لهذا يطلب القلب كله. وكل انحراف للقلب خارج الرب يُحسب خيانة زوجية وبالتالي يدعى "زنا روحي". لهذا يسمى الكتاب المقدس عبادة الأصنام ومحبة المال زنا.

St-Takla.org Image: The judgment on Babylon, by Dore (Jer. 50:23) صورة في موقع الأنبا تكلا: القضاء الإلهي (الحكم) على بابل (إرميا 50: 23)

St-Takla.org Image: The judgment on Babylon, by Dore (Jer. 50:23)

صورة في موقع الأنبا تكلا: القضاء الإلهي (الحكم) على بابل (إرميا 50: 23)

أما جلوسها على مياه كثيرة فكما نعلم أن المياه تشير إلى الشعوب، أي يسيطر روح العداوة، روح ضد المسيح، على شعوب كثيرة. هذا الوصف سبق أن اتسمت به بابل القديمة التي خربت، إذ نقرأ عنها "أيتها الساكنة على مياه كثيرة" (إر 51: 13).

2. "التي زنى معها ملوك الأرض، وسكر سكان الأرض من خمر زناها" [2]. أي تشترك بلاد وممالك أخرى معها في شرها وتجديفها، ويكون ذلك خلال انحراف ملوكها. وبسقوط الملوك تستهوي أفكارهم شعوبهم، فينجذبون معهم في تجديفهم بلا تعقل ولا تفكير كالسكرى.

3. جلوسها على وحش قرمزي: "فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي، مملوء أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون" [3].نقله الروح إلى موضعها "إلى برية" فهي تعيش في قحل روحي وجفاف، فالعالم الذي يحتضنها مهما بدا بخيراته ولذاته هو برية قاحلة لا يشبع النفس ولا يرويها.

هذه المرأة تخفي تحتها وحشًا، هو الشيطان العامل فيها، الذي تتربع عليه كل معاداة الله، كعرش يحتضن الإثم وفاعلي الإثم. يرى ابن العسال أن هذا الوحش هو جيش ضد المسيح الذي يستند عليه في مقاومة الكنيسة، والذي يعمل بروح الشيطان. أما لونه القرمزي فيشير إلى سفك الدماء. وامتلاؤه بأسماء تجديف يشير إلى ما يفكر فيه وهو أنواع (أسماء) من التجديف. والرؤوس السبع والقرون العشرة سبق الحديث عنهما(117)، وسيأتي الحديث عنهما في نفس الإصحاح.

4. تزينها وتجملها: "والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها، مملوءة رجاسات ونجاسات زناها"[4].إنها عروس الوحش، كيف لا تتزين حتى تخدع الناس وتجذبهم إلى سمومها؟! إنها "متحلية بذهب"، أي أن جمالها ليس طبيعيًا بل صناعي مخادع. ما أبعد هذه العروس عن عروس المسيح الكنيسة المتزينة (رؤ 12)!

هذه تتزين بالزمنيات للخداع، وتلك تزينها السماء، فتتسربل بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا. هذه تمسك في يدها كأسًا مملوء رجاسات ونجاسات زناها، وتلك حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة. إنها تسير في طريق الصليب. هذه تقدم كل لذات العالم لأبنائها، وتلك لا تجد لها موضعًا، فيعد الله لها موضعا لكي يعولها (رؤ 12: 6). هذه تتربع على عرش إبليس، وتلك يقف منها التنين موقف الحاسد الذي يريد افتراسها.

5. وقاحتها: "وعلى جبهتها اسم مكتوب: سرّ. بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض"[5]. يقول العلامة ترتليان إن الزانيات في القديم كن يكتبن أسماءهن على أبوابهن حتى يأتي إليهن من يهواهن. وعلى هذا فإن هذه المرأة بلغت بها وقاحتها لا أن تكتب اسمها على بابها بل على جبهتها افتخارًا بالشر وتجاسرًا وتشبثًا بأعمالها. أما كلمة "سرّ" فلم تأت مضافًا و"بابل" مضافًا إليه، بل هي كلمة اعتراضية تعني أن لها معنى رمزيًا، هذا المعنى هو: "بابل" أي معاندة الله. إنها مأوى الأشرار المقاومين لله.

فكما أن الكنيسة تدعى "أورشليم" و"صهيون" بكونها صارت مقدسة للرب، هكذا مملكة ضد المسيح تدعى "بابل" مدينة إبليس، رمز للزنا الروحي والعناد.

6. مقاومتها للرب: "ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين، ومن دم شهداء يسوع، فتعجبت لما رأيتها تعجبًا عظيمًا"[6].تعجب أن هذه المرأة المتزينة والمتحلية التي تُظهر كل رقة وعذوبة في حقيقتها سافكة دم الأبرياء القديسين، لا يلذ لها إلا مقاومة ربنا يسوع بقتل شهدائه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Babylon: "And another angel followed, saying, “Babylon is fallen, is fallen, that great city, because she has made all nations drink of the wine of the wrath of her fornication.”.. Then one of the seven angels who had the seven bowls came and talked with me, saying to me, “Come, I will show you the judgment of the great harlot who sits on many waters, with whom the kings of the earth committed fornication, and the inhabitants of the earth were made drunk with the wine of her fornication.” So he carried me away in the Spirit into the wilderness. And I saw a woman sitting on a scarlet beast which was full of names of blasphemy, having seven heads and ten horns. The woman was arrayed in purple and scarlet, and adorned with gold and precious stones and pearls, having in her hand a golden cup full of abominations and the filthiness of her fornication. And on her forehead a name was written: MYSTERY, BABYLON THE GREAT, THE MOTHER OF HARLOTS AND OF THE ABOMINATIONS OF THE EARTH. I saw the woman, drunk with the blood of the saints and with the blood of the martyrs of Jesus. And when I saw her, I marveled with great amazement" (Revelation 14: 8; Revelation 17: 1-6) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: بابل: "سقطت! سقطت بابل المدينة العظيمة، لأنها سقت جميع الأمم من خمر غضب زناها..! ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قائلا لي: «هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة، التي زنى معها ملوك الأرض، وسكر سكان الأرض من خمر زناها». فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون. والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها مملوة رجاسات ونجاسات زناها، وعلى جبهتها اسم مكتوب: «سر. بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض». ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع. فتعجبت لما رأيتها تعجبا عظيما!" (الرؤيا 14: 8؛ الرؤيا 17: 1-6) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Babylon: "And another angel followed, saying, “Babylon is fallen, is fallen, that great city, because she has made all nations drink of the wine of the wrath of her fornication.”.. Then one of the seven angels who had the seven bowls came and talked with me, saying to me, “Come, I will show you the judgment of the great harlot who sits on many waters, with whom the kings of the earth committed fornication, and the inhabitants of the earth were made drunk with the wine of her fornication.” So he carried me away in the Spirit into the wilderness. And I saw a woman sitting on a scarlet beast which was full of names of blasphemy, having seven heads and ten horns. The woman was arrayed in purple and scarlet, and adorned with gold and precious stones and pearls, having in her hand a golden cup full of abominations and the filthiness of her fornication. And on her forehead a name was written: MYSTERY, BABYLON THE GREAT, THE MOTHER OF HARLOTS AND OF THE ABOMINATIONS OF THE EARTH. I saw the woman, drunk with the blood of the saints and with the blood of the martyrs of Jesus. And when I saw her, I marveled with great amazement" (Revelation 14: 8; Revelation 17: 1-6) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: بابل: "سقطت! سقطت بابل المدينة العظيمة، لأنها سقت جميع الأمم من خمر غضب زناها..! ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قائلا لي: «هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة، التي زنى معها ملوك الأرض، وسكر سكان الأرض من خمر زناها». فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون. والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها مملوة رجاسات ونجاسات زناها، وعلى جبهتها اسم مكتوب: «سر. بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض». ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع. فتعجبت لما رأيتها تعجبا عظيما!" (الرؤيا 14: 8؛ الرؤيا 17: 1-6) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

2. سر المرأة والوحش

7 ثُمَّ قَالَ لِي الْمَلاَكُ: «لِمَاذَا تَعَجَّبْتَ؟ أَنَا أَقُولُ لَكَ سِرَّ الْمَرْأَةِ وَالْوَحْشِ الْحَامِلِ لَهَا، الَّذِي لَهُ السَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ: 8 الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتَ، كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، وَهُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَصْعَدَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاَكِ. وَسَيَتَعَجَّبُ السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، حِينَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ أَنَّهُ كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ. 9 هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ! اَلسَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ هِيَ سَبْعَةُ جِبَال عَلَيْهَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةً. 10 وَسَبْعَةُ مُلُوكٍ: خَمْسَةٌ سَقَطُوا، وَوَاحِدٌ مَوْجُودٌ، وَالآخَرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. وَمَتَى أَتَى يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى قَلِيلًا. 11 وَالْوَحْشُ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ الآنَ فَهُوَ ثَامِنٌ، وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَيَمْضِي إِلَى الْهَلاَكِ. 12 وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكًا بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ. 13 هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14 هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ». 15 ثُمَّ قَالَ لِيَ: «الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هِيَ شُعُوبٌ وَجُمُوعٌ وَأُمَمٌ وَأَلْسِنَةٌ. 16 وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى الْوَحْشِ فَهؤُلاَءِ سَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَجْعَلُونَهَا خَرِبَةً وَعُرْيَانَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ. 17 لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ. 18 وَالْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا مُلْكٌ عَلَى مُلُوكِ الأَرْضِ».

 

"ثم قال لي الملاك: لماذا تعجبت؟

أنا أقول لك سرّ المرأة والوحش الحامل لها،

الذي له السبعة الرؤوس والعشرة قرون.

الوحش الذي رأيت كان وليس الآن

وهو عتيد أن يصعد من الجحيم،

ويمضي إلى الهلاك"[7-8].

واضح أن هذا الوحش هو الشيطان الذي كان، أي كان له سلطان على البشر ويشتكي عليهم ويأسرهم، "وليس الآن"، لأنه لم يعد له سلطان علينا، إذ بالصليب صار ملكوت الله في داخلنا، وصرنا نتمتع بحرية أولاد الله الغالبين الذين لا سلطان لإبليس أو جنوده أو أعماله عليهم، لهذا يقول الكتاب أنه رجع السبعون بفرح قائلين: "يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم: رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء" (لو 10: 17-19). وقيل: "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدًا لنا، وقد رفعه من الوسط مسمرًا إياه بالصليب. إذ جرّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه" (كو 2:14-15). الكتاب المقدس وأقوال الآباء(118) وسير القديسين، الكل مشحون بما يؤكد انهيار قوة الشيطان بالنسبة للمؤمن. لهذا يقول عنه سفر الرؤيا "كان وليس الآن"، لأنه قد تحطمت قوته ودخلنا بالرب معه في الملكوت الألفي كعربون للملكوت الأبدي الذي هو امتداد للملكوت الألفي لكن ليس في هذا العالم ولا كمن هم في لغز بل في أمجاد علنيّة أبديّة.

وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ومع الصلاة ارشم نفسك بالصليب على جبهتك وحينئذ لا تقترب إليك الشياطين، لأنك تكون متسلحًا ضدهم(119).]

أما قوله:"وهو عتيد أن يصعد من الجحيم، ويمضي إلى الهلاك" فهو إعلان عن صعود سلطانه مرة أخرى في شخص ضد المسيح كما رأينا، لكنه سرعان ما يمضي إلى الهلاك الأبدي إلى جهنم. لهذا يقول: "وسيتعجب الساكنون على الأرض، الذين ليست أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة منذ تأسيس العالم، حينما يرون الوحش أنه كان وليس الآن، مع أنه كائن"[8]سيتعجب أتباع ضد المسيح الأرضيون الماديون في تفكيرهم، إذ يرون الوحش، أي إبليس الذي كان له سلطان وقد انتزع منه قد صار كائنًا، عادت إليه قوته وصار كأنه لا يُقهر ومملكته لا تزول، يسكب من الأرضيات بسخاء على أتباعه.

"هنا الذهن الذي له حكمة.

السبعة الرؤوس هي سبعة جبال عليها المرأة جالسة.

وسبعة ملوك خمسة سقطوا وواحد موجود

وآخر لم يأت بعد ومتى أتى ينبغي أن يبقى قليلًا.

والوحش الذي كان وليس الآن فهو ثامن

وهو من السبعة ويمضي إلى الهلاك"[9-11].

يرى الأب أيبوليطس أن الخمسة رؤوس الذين سقطوا هم خمسة ملوك وهم يمثلون دولًا عظيمة ملكت وسيطرت على العالم:

1. بختنصر الكلداني.        2. قورش المادي.           3. دارا الفارسي.

4. إسكندر اليوناني.         5. الأربعة الذين ملكوا بعده.

6. مملكة الرومانيين وهي الدولة التي كانت أثناء كتابة السفر.

7. مملكة ضد المسيح التي ستأتي في آخر الأزمنة.

St-Takla.org Image: "Then one of the seven angels who had the seven bowls came and talked with me, saying to me, “Come, I will show you the judgment of the great harlot who sits on many waters, with whom the kings of the earth committed fornication, and the inhabitants of the earth were made drunk with the wine of her fornication.” So he carried me away in the Spirit into the wilderness. And I saw a woman sitting on a scarlet beast which was full of names of blasphemy, having seven heads and ten horns. The woman was arrayed in purple and scarlet, and adorned with gold and precious stones and pearls, having in her hand a golden cup full of abominations and the filthiness of her fornication. And on her forehead a name was written: Mystery: Babylon the Great, the Mother of Harlots and of the Abominations of the earth" (Revelation 17: 1-5) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قائلا لي: «هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة، التي زنى معها ملوك الأرض، وسكر سكان الأرض من خمر زناها». فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون. والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها مملوة رجاسات ونجاسات زناها، وعلى جبهتها اسم مكتوب: «سر. بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض»" (الرؤيا 17: 1-5) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "Then one of the seven angels who had the seven bowls came and talked with me, saying to me, “Come, I will show you the judgment of the great harlot who sits on many waters, with whom the kings of the earth committed fornication, and the inhabitants of the earth were made drunk with the wine of her fornication.” So he carried me away in the Spirit into the wilderness. And I saw a woman sitting on a scarlet beast which was full of names of blasphemy, having seven heads and ten horns. The woman was arrayed in purple and scarlet, and adorned with gold and precious stones and pearls, having in her hand a golden cup full of abominations and the filthiness of her fornication. And on her forehead a name was written: Mystery: Babylon the Great, the Mother of Harlots and of the Abominations of the earth" (Revelation 17: 1-5) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قائلا لي: «هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة، التي زنى معها ملوك الأرض، وسكر سكان الأرض من خمر زناها». فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون. والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها مملوة رجاسات ونجاسات زناها، وعلى جبهتها اسم مكتوب: «سر. بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض»" (الرؤيا 17: 1-5) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

ويرى القديس ايريناؤس أنهم يمثلون جمهورًا من الملوك الظالمين الذين اضطهدوا المؤمنين عبر القرون، دون التقيد بأسماء معينة أو عدد معين، وأن الموجود حاليًا (أثناء الكتابة) هو دومتيانوس المضطهد للكنيسة والآتي هو ضد المسيح. والكل قد سيطر على قلبهم الشيطان.

أما الثامن أي الوحش، وهو من السبعة أي له نفس الروح العدائيّة التي للملوك الظالمين السابقين. فقد ذكره بمفرده كأنه يقول إن كل ما مر على الكنيسة منذ آدم إلى يوم مجيء ضد المسيح من اضطهادات ومضايقات، هذا كله يوضع في كفة وما يثيره ضد المسيح يوضع في كفة أخرى.هذا ما يكشفه لنا الوحي عن ضد المسيح فسيكون في شره يفوق مجموع كل الشرور التي أثيرت ضد الله منذ نشأة البشرية.

"والعشرة القرون التي رأيت هي عشرة ملوك

لم يأخذوا ملكًا بعد،

لكنهم يأخذون سلطانًا كملوك ساعة واحدة مع الوحش.

هؤلاء لهم رأي واحد ويعطون الوحش قدراتهم وسلطانهم.

هؤلاء سيحاربون الخروف، والخروف يغلبهم،

لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه

مدعوون ومختارون مؤمنون"[12-14].

يقول القديس إيرونيموس في تفسير الأصحاح السابع لدانيال ما يقوله ابن العسال أنه يخضع لضد المسيح عشرة ملوك يسلمونه كل إمكانيتهم وطاقاتهم لمحاربة الحمل (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأن العشرة منهم سبعة يقبلونه ويرضون به، وأما الثلاثة فيقاومونه أولًا فيغلبهم. وبهذا يسيطر ضد المسيح على الجميع.

والعجيب أن الحمل لا يتركهم، هكذا بل يغلبهم، ليس من أجل نفسه، بل من أجل الذين معه، إذ هم "مدعوون ومختارون ومؤمنون" فلا يتركهم إلى النهاية.

 

وكيف يغلب الحمل؟

يقول الرائي: "وأما العشرة القرون التي رأيت على الوحش فهؤلاء سيبغضون الزانية، وسيجعلونها خربة وعريانة، ويأكلون لحمها ويحرقونها بالنار. لأن الله وضع في قلوبهم أن يصنعوا رأيه، وأن يصنعوا رأيًا واحدًا، ويعطوا الوحش ملكهم حتى تكمل أقوال الله. والمرأة التي رأيت هي المدينة العظيمة التي لها ملك على ملوك الأرض" [16-18].

هذه بداية الغلبة للحمل وأتباعه أنه يترك الشر يفسد نفسه بنفسه، فلا نعرف ماذا يحدث. فربما ينقلب الملوك العشرة ليبغضوا بابل الزانية، أي مركز عمل الوحش الشيطاني، أي يحدث انشقاق بين السلطانين الزمني والروحي (الشيطاني) لضد المسيح وأتباعه، فيقوم الملوك عليها ويجعلونها خربة، أي يجردونها من كل حيوية، فلا يطيق البشر التطلع إليها ولا يقبلونها. وعريانة، فتصير في خزي وعار لأن من كانوا يسندونها صاروا أعداء لها. ويأكلون لحمها، وهنا يكشف مقدار السُعر الذي يحل بهم في الفتك بها. ويحرقونها بالنار حتى لا يتركوا لها أثرًا، وهذه هي عادة الملوك عند افتتاح مدن عظيمة.

وكل ما يفعلونه يصنعونه لحساب المسيح، حتى وإن كانوا يفعلونه بدافعهم الشخصي، لكنهم من غير أن يدروا "الله وضع في قلوبهم أن يصنعوا رأيه" أن تقاوِم التخطيطات المدنية الشيطانية، أولئك القائمين بالتخطيطات الروحية الدنسة، وينتهي الأمر إلى تحطيم بعضها البعض.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(117) راجع تفسير رؤ 13: 1.

(118) راجع أقوال الآباء عن سلطاننا على إبليس بواسطة الصليب في كتاب "الله مخلصي ج3" وحياة الصلاة الأرثوذكسية.

(119)Homilies on St. Matt., 60.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/27-Sefr-El-Ro2ya/Tafseer-Sefr-Roia-Youhanna-El-Lahouty__01-Chapter-17.html

تقصير الرابط:
tak.la/t29zfg4