St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   23-Resalet-Youhanna-1
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

يوحنا الأولى 2 - تفسير رسالة يوحنا الأولى

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة يوحنا الرسول الأولى:
تفسير رسالة يوحنا الأولى: مقدمة رسالة يوحنا الأولى | أهمية المحبة في المسيحية وعند القديس يوحنا | يوحنا الأولى 1 | يوحنا الأولى 2 | يوحنا الأولى 3 | يوحنا الأولى 4 | يوحنا الأولى 5 | الخط العام لرسالة الرسول يوحنا الأولى

نص رسالة يوحنا الأولى: يوحنا الأولى 1 | يوحنا الأولى 2 | يوحنا الأولى 3 | يوحنا الأولى 4 | يوحنا الأولى 5 | يوحنا الأولى كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1:- يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ.

يا أولادي = تعني في أصلها اللغوي LITTLE CHILDREN أي يا أولادي الصغار. هي صيغة التصغير الدالة على التحبب. وهكذا كان المسيح يقول للتلاميذ (يو 13: 23). فيوحنا هنا يكتب كأب مهتم بأولاده بل يدللهم.

أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا = في الإصحاح الأول قال لهم أن "دم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية" (1 يو 1: 7). وهنا يقول لا تعتبروا هذا تصريحًا بالخطية. إذًا لا تستسهلوا الخطية. وقال أيضًا أن السلوك في النور شرط ليكون لنا شركة مع بعضنا البعض وشرط أن دم المسيح يطهرنا (آية 7) . فإن أخطأ أحد فعليه أن لا يستمر طويلًا بل يقوم فورًا، بتوبة وإعتراف. فالرسول هنا يحذر من إساءة إستخدام عقيدة الخلاص بدم المسيح أي لنخطئ ما دام دم المسيح سيكفر ويغفر. لا بل يجب أن نجاهد حتى لا نخطئ... ولكن من يستطيع أن لا يتعثر في هذه الحياة؟!

فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ هنا يطمئننا حتى لا نيأس بأن المسيح شفيع لنا عند الآب.

شَفِيعٌ = جاءت الكلمة في اليونانية باراكليت παράκλητος وهي لها معنيان:

1. وسيط أو محام.

2. مُعَزّي. فإذا جاءت عن المسيح تترجم وسيط أو شفيع وإذا جاءت عن الروح القدس تترجم معزى.

يسوع = أي مخلص أتى في محبته لكي يقدسنا ويبررنا ويخلصنا.

المسيح = أي ممسوح لأجل خلاصنا. المسح بالدهن في العهد القديم كان لرئيس الكهنة والملك وللأنبياء. وذلك لتقديسهم أي لتكريسهم أي لتخصيصهم للقيام بعملهم، ولكي يعطيهم الروح القدس الموهبة والقدرة والحكمة ليقوموا كل واحد بما كلفهم الله به.

St-Takla.org Image: John teaches: "My little children, these things I write to you, so that you may not sin" (1 John 2: 1) - 1 John, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: تعليم يوحنا الرسول: "يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا" (يوحنا الأولى 2: 1) - صور رسالة يوحنا الأولى، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: John teaches: "My little children, these things I write to you, so that you may not sin" (1 John 2: 1) - 1 John, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: تعليم يوحنا الرسول: "يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا" (يوحنا الأولى 2: 1) - صور رسالة يوحنا الأولى، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

والابن تخصص لعمل الفداء من قبل الآب والروح القدس (إش48: 16 + يو10: 36). وكما كان الروح القدس ينسكب على الممسوح بالدهن، هكذا حلَّ الروح القدس على المسيح يوم المعمودية ليخصصه للعمل الفدائي. حلَّ الروح القدس على المسيح يوم المعمودية إذ لا يوجد إنسان يمكنه أن يصنع هذا مع ابن الله.

الْبَار = فلو لم يكن بارًا كيف يموت عن آخرين، لو كانت له خطية كان قد مات عن نفسه وليس عنا. إن الآب ينظر لنا في شخص ابنه البار، وطالما نحن ثابتين فيه يرانا أبرارًا بلا لوم بل نحسب كاملين (أف1: 4 + كو1: 28). ولذلك يقول لنا المسيح "اثبتوا فيَّ..." ونحن نكون ثابتين فيه إن لم نخطئ أو لو قدمنا توبة سريعة حينما نخطئ. حينئذ المسيح يشفع فينا وتغفر خطيتنا. والخلاص ليس معناه فقط أن الدم يغفر، بل أن المسيح يعطي قوة نسلك بها في بر، وإن لم نفعل البر يبكتنا الروح (يو16: 8)، فهو ليس وسيط سلبي، لذلك يقول "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5) وبولس الرسول يقول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13)

فلنا شفيع = لاحظ أن القديس يوحنا وضع نفسه معنا، فلا يوجد من لا يخطئ. وشفاعة المسيح كانت كفارية أي يغطينا بدمه، فيرى الآب الدم ويغفر، ونصير مقبولين أمامه. لذلك قال الرب وجسده مغطى بالدم على الصليب " يا أبتاه إغفر.." فجسده هو كنيسته.

ونلاحظ أنه في (1 يو 1: 3) الرسول يقول نخبركم به لكي يكون لكم شركة معنا. وفي (1 يو 1: 4) يكتب لكي يكون فرحكم كاملًا. وهنا في (1 يو 2: 1) يكتب حتى لا نخطئ = أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. ومن هذا نفهم أن الخطية تمزق الشركة وتقضي على الفرح.

 

آية 2: - وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا.

كفارة لخطايانا = هو قدم نفسه ذبيحة كفارية فداء عنا ليغطي خطايانا (كفارة تعني غطاء). وبهذا يعطينا مصالحة مع الله، لأن الله لا يعود يرى خطايانا بل يرى دم ابنه الذي يغطينا. بل لخطايا كل العالم = كل من يقبل إليه لا يخرجه خارجًا، فهو حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يو 1: 29). دم المسيح ابن الله الغير المحدود، له قدرة غير محدودة لغفران خطايا كل من يقبله ويؤمن به من كل العالم عبر كل الأزمنة في العهد الجديد لمن آمن بالمسيح، وفي العهد القديم لمن رآه مستحقا (رو3: 25 ، 26) .

 

آيات 3، 4: - وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ قَدْ عَرَفْتُهُ وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ.

1*محبة المسيح هي الطريق لحفظ الوصية:

وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ = المعرفة ليست هي المعرفة السطحية، كما يعرف إنسان إنسانًا آخر (أي to know some one)، بل هي الإتحاد بالمسيح، وأنه يعطينا حياته (راجع تفسير مت11: 27). وإذا إتحدنا به تصبح معرفتنا به معرفة من خلال الإتحاد وهذه المعرفة هي أقوى بما لا يقاس من المعرفة الخارجية. وبهذا نعرفه حقيقة ومن يعرفه بالتأكيد سيحبه، فهو يستحق هذه المحبة.

وعلامة الحب الأكيدة طاعة وصاياه (يو14: 23). ولهذا قال المسيح "إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي، كما إني أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته" (راجع تفسير الآية يو 15: 10) . والقول أن الآب يحب الابن والابن يحب الآب فهذا تعبير عن الوحدة بينهما ، بلغة المحبة التي هي طبيعة الله ، فالله محبة . ومعنى أن المسيح الابن يحفظ وصايا أبيه الآب فهذا معناه تطابق المشيئة بسبب الوحدة بينهما.

وبالنسبة لنا فكل من يحفظ الوصية يثبت في المسيح. وكل من يثبت في المسيح يمتلئ بالروح، وبالامتلاء من الروح تنمو المحبة (رو5: 5)، وهكذا تصير الوصية سهلة.

إن من يرى الوصية صعبة هو لم يحب. فالعيب ليس في صعوبة الوصية بل في عجز القلب عن أن يحب. لذلك فيوحنا الذي أحب المسيح يقول "وصاياه ليست ثقيلة" (1يو3:5). وهكذا يقول بولس الرسول أيضًا (عب12: 1).

وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ = بهذا نعرف أي ندرك أننا متحدين به وثابتين فيه إن كنا نحبه. وكيف نتأكد أننا نحبه؟ من يحب شخصا يصعب عليه أن يخونه، بل يعتبر طلباته أوامر يسعده أن ينفذها. فمن يحفظ الوصايا فهذا يحب المسيح. ومن يحب المسيح فهو ثابت فيه. فنحن لا يمكننا الثبات فيه سوى بأن يكون لنا نفس طبيعته أي المحبة (يو15: 9). فإن كنا نحفظ وصاياه فنحن نحبه ونحن ثابتين فيه أي قد عرفناه.

2*النعمة هي قوة يمنحها لنا الروح القدس لنطيع الوصية بسهولة:

وإذا فهمنا أن كلمة عرفناه تشير للإتحاد بالمسيح، فحينما نتحد به، فالروح القدس الذي ينبثق من الآب وينسكب في الابن ينسكب علينا. وحينئذٍ نمتلئ من الروح القدس الذي يعطي معونة وقوة لتنفيذ الوصايا (النعمة). ولذلك يقول المسيح "إحملوا نيري فهو هين". وقوله إحملوا نيري يعني ارتبطوا معي وحاولوا تنفيذ وصاياي، [النير هو العصا التي تربط ثورين معا يجران شيئا واحدا كالساقية مثلا]. فمعنى النير أن يقبل الشخص أن يرتبط مع المسيح ويقرر تنفيذ الوصية، حينئذٍ سيجد أن المسيح هو الذي يحمل حقيقة، فهو القوي أما نحن فضعفاء. المهم أن نَقبَل تنفيذ الوصية وحينئذٍ سنجد المعونة.

من يعرفه سيعرف أن المسيح قدم له كل شيء وسيعطيه القوة على تنفيذ الوصية، وما عليه سوى أن ينفذ الوصية فيجد أن النعمة (القوة الخفية) تعينه = إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ وقارن مع (يو 14: 15، 21، 23).

وتشديد الرسول على حفظ الوصايا فيه رد على الغنوسيين.

3*الطريق لهذا هو الامتلاء من الروح القدس:

ولكي نحب الله علينا أن نمتلئ من الروح القدس الذي يسكب محبة الله في قلوبنا (رو5:5). والروح القدس أيضًا هو الذي يعطي النعمة. والروح القدس يُعطَي لمن يسأل (لو13:11). إذًا علينا أن نجاهد في الصلاة والتسبيح (أف5: 18-21).

وبهذا نفهم أن حفظ الوصية يصير سهلا:-

1. لمن عرف المسيح فأحبه.

2. من يقبل على تنفيذ الوصية مؤمنا ومصدقا وعد المسيح أنه سيجد قوة ومعونة يساندانه (النعمة).

 

آية 5:- وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هَذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ:

تكملت محبة الله = هل محبة الله ناقصة لكي تكمل؟ قطعًا لا فإن محبة الله كاملة. لكن ينقص أن يكون هناك من يتقبلها ويكون مستعدًا لذلك. فمحطة إرسال التليفزيون تقوم بإرسال إشارات على موجات لاسلكية بصورة ممتازة، ولكن لكي يكمل العمل، لا بُد من وجود جهاز تليفزيون في حالة جيدة لاستقبال هذه الموجات وتحويلها إلى صورة.

تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ = هي (1) إدراك كم يحبني الله. (2) إشتعال محبة الله في القلب.

ومَنْ هو الذي يستطيع أن تكمل محبة الله فيه؟ هو من حفظ كلمته - لماذا؟ لأن حفظ الوصية يزيد ثباتنا فيه، وعدم حفظ الوصية هو ظلمة، ولا شركة للنور مع الظلمة. ومن يزداد ثباته في المسيح سيعرفه بالأكثر وسيكتشف محبته، وتكمل فيه محبة الله (كجهاز تليفزيون ستظهر فيه صورة الله، والله محبة). وكلما اكتشفنا محبة الله تزداد رغبتنا في حفظ وصاياه، وكلما حفظنا وصاياه نثبت فيه فتكمل فينا المحبة، فنزداد رغبة في حفظ وصاياه... وهكذا إلى أن تكمل فينا محبة الله. وبهذا نعرف أننا فيه - ذلك بأن المحبة تنمو والرغبة في حفظ الوصايا تزداد.

 

آية 6:- مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا.

 مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ = أي صارت له حياة المسيح، وله شركة ثابتة فيه .

يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ = كما سلك المسيح الذي أطاع حتى الموت، موت الصليب، وفي حياته أكمل كل بر، وأطاع الناموس، وكان بلا خطية (مت15:3) + (غل4:4). فالمسيح لا يثبت إلا فيمن هو في توافق معه . قبل المعمودية كان إنساننا العتيق هو الذي يقود أعضاءنا فتكون آلات إثم، وبعد المعمودية صارت لنا حياة المسيح، ووُلِد فينا إنسان جديد يقود أعضاءنا لتعمل بر فتكون آلات بر (رو6: 13).

فمن هو ثابت في المسيح تكون له حياة المسيح، وبحياة المسيح التي فيه يسلك كما سلك المسيح. نحن الآن، أي الكنيسة نُكمِل عمل المسيح على الأرض (يو14: 12). المسيح في كنيسته يعمل فيها وفي أعضائها ليكمل ما بدأه هو ويتمجد اسم الله (إش43: 7).

هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا = علينا الاقتداء بالمسيح، أي لنسأل أنفسنا دائمًا، ماذا كان المسيح يفعل لو كان مكاني. ولو تغصبت وسلكت كما سلك المسيح أزداد ثباتًا فيه، وهنا سيعطيني المسيح قوة لطاعة الوصية (يو4:15) وهذه القوة هي عمل النعمة. إذًا لنغصب أنفسنا أن نطيع الوصايا ونحب الآخرين ونغفر لمن أساء إلينا، ولا نحب العالم وما فيه من شهوات... فنثبت في المسيح.

 

آيات 8،7:- أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ. أَيْضًا وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ، مَا هُوَ حَقٌّ فِيهِ وَفِيكُمْ، أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ.

يوحنا هنا لم يفصح عن الوصية القديمة والجديدة في وقت واحد ولكننا نفهم أنها وصية المحبة (1يو21:4). وهذا ما أفصح عنه القديس يوحنا في رسالته الثانية لكيرية مكررًا نفس الكلمات تقريبًا عن الوصية القديمة والجديدة "والآن اطلب منك يا كيرية، لا كأني اكتب اليك وصية جديدة، بل التي كانت عندنا من البدء: ان يحب بعضنا بعضا" (2يو5). فهي قديمة إذ أن الإنسان يدركها منذ القديم، فالكتاب يتلخص في حب الرب إلهك... وحب قريبك (لو10: 28،27). وهي جديدة للأسباب الآتية:-

1. هذه المحبة لله غير ممكنة إلا بالروح القدس الذي يسكب محبة الله في قلوبنا (رو5:5). وكان رد المسيح على الناموسي الذي قام ليجربه "إفعل هذا فتحيا" كنوع من التحدي بمعنى "وأنت ناموسي حافظ للناموس لم تستطع ولن تستطيع أن تنفذ هذا. فهذا لا يتم تنفيذه إلا بالروح القدس، والذي من ثماره المحبة لله وللإخوة، بل حتى للأعداء.

2. هي محبة باذلة على شكل محبة المسيح "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم" (يو34:13). إذًا المحبة اكتسبت في العهد الجديد أبعادًا جديدة وصلت لأن المسيح بذل نفسه عن الخطاة. إذًا المحبة ليست عواطف وانفعالات بل بذل حتى للأعداء الذين يكرهوننا.

سمعتموها من البدء = فهذا تعليم موسى (تث5:6).

ما هو حق فيه وفيكم = الحب هو الحق الذي في المسيح، أما البغضة فهي باطل. الحب والنور والحق هي طبيعة الله، هي صفاته. ولاحظ قوله فيه وفيكم = هذه مثل قوله "إلهي وإلهكم... " الحق الذي فيه هو طبيعته والحب الذي فيه هو طبيعته، لكن الحق والحب فينا هما عطية منه على قدر ما نتقبل أن نأخذ. وهذا إذا جاهدنا أن نقتدي به يعطيها لنا. هما عطايا الروح القدس.

وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ ...... أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ. هذا سبب أن الوصية جديدة، أن صارت لنا مفاهيم جديدة وإمكانيات جديدة، فالمسيح النور صار يضيء الآن في قلوبنا، وأعطانا حياته، وأعطانا أن نكون خليقة جديدة – "هوذا الكل قد صار جديدا" (2كو17:5)، ونكون نورًا للعالم وأن يتصور هو فينا (غل19:4). والروح القدس ساكن فينا ومن ثماره المحبة، بل أيضًا يعطينا القدرة أن نسلك في النور وننفذ الوصايا بسهولة (رو8: 26). وكل هذا لم يكن ممكنًا قبل المسيح.

وما يريد القديس يوحنا أن يقوله، سبق القديس بولس أن قاله "هوذا الكل قد صار جديدا". نحن نحيا في العهد الجديد بحياة جديدة ومفاهيم جديدة وإمكانيات جديدة، بعد أن أنار المسيح حياتنا، لذلك قال المسيح أن "نيره هيِّن وحمله خفيف" (مت11: 27 - 30). ولكن لاحظ ترتيب الآيات في (مت11: 27 – 30) ولاحظ أن الرب ذكر أن حمله خفيف بعد أن أشار إلى الإتحاد به.

 

آية 9:- مَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ.

في هذه الآية يكشف الرسول صراحة عن الوصية الجديدة التي يبشر بها، ألا وهي المحبة. من قال أنه في النور = أي متحد بالمسيح، وفي المسيح ، ويرى الطريق بنور المسيح، فالمسيح نور.

وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ = هذا لا يمكن، فكما أن المسيح نور، فهو أيضًا محبة بالطبيعة. والبغضة ظلمة، فكيف يكون في داخل إنسان نور وظلمة معًا. نحن دعينا ليكون لنا شركة مع المسيح، والشركة معناها إتحاد بالجسد، وحيث أن طبيعته الإلهية هي المحبة "الله محبة" (1يو8:4)، إذًا من يتحد بالمسيح تدخل المحبة لحياته، وتكون المحبة بالضرورة صفة للمسيحي المخلوق على صورة الله كشبهه أولًا (تك1: 26)، ثم تجددت خلقته في المسيح (أف2: 10) ولا يمكن الثبات في المسيح بدون أن تكون لنا طبيعة المحبة (وراجع تفسير يو15: 9). فالمحبة (المسيح) لا يمكن أن يتحد بالكراهية، فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14).

 

آية 10:- مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ.

مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ = أخاه تشمل حتى الأعداء أي من يعاديني، ومن يحب الجميع فهو ثابت في المسيح، لأنه لا إتحاد بالمسيح سوى بمحبة الإخوة أولًا (يو15: 9). يَثْبُتُ فِي النُّورِ = ومن يثبت في المسيح نور العالم، يضيء له المسيح فلا يتعثر في طريقه ولا يعثر أحدًا. يضيء له طريق الإيمان فلا يتعثر في هرطقة، يضيء له طريق الطهارة فيكره الخطية = لَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ وقوله ليس فيه عثرة تعني:-

1. لا يتعثر الشخص نفسه في طريقه، فالنور يوضح له الطريق فلا يتعثر. وتكون أحكامه صحيحة، وينمو روحيًا.

2. لا يكون عثرة لأحد. فمن يتكلم عن المحبة ولا يحياها يُعْثِر الناس. وهذا ما سبق الرسول وقاله في (1 يو 1: 5، 6). وما أضافه هنا هو أن المحبة هي شرط أن نثبت في النور.

 

آية 11:- وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ.

هنا نرى الرباط بين المحبة والنور، فالله محبة والله نور، ولا شركة للنور مع الظلمة. والمكان الخالي من المحبة هو خالي من الله، والله نور. إذًا هذا المكان ظلمة. ومن امتلأ قلبه بغضة لا يسكن فيه الله، وبالتالي لا يسكن فيه النور فتظلم عينيه ويتعثر في كل شيء. إذًا لنتجنب الظلمة علينا أن نحب إخوتنا، حتى من يسيئون إلينا.

 

آيات 12-14:- أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ.

يكتب الرسول هنا لثلاث فئات:-

1. الأولاد:- LITTLE CHILDREN أي صغيري السن.

2. الآباء:- FATHERS أي كبار السن.

3. الأحداث:- YOUNG MEN أي الشباب.

 

ويمكن فهم الثلاث مراحل روحيًا.

1. الأولاد:- المبتدئين روحيًا أو حديثي الإيمان، صاروا أولادًا لله بالمعمودية. وبالمعمودية تغفر الخطايا. ولكن أصحاب السن الصغير أو حديثي الإيمان هم معرضين للخطأ كثيرًا فيكلمهم عن غفران الخطايا، وهذه تكون بالتوبة.

2. الآباء:- هم من لهم عمق ورجولة روحية، متقدمين في الإيمان، هؤلاء يكلمهم عن معرفة المسيح، أي خبرة الإتحاد بالمسيح، وحياة المسيح فيهم. فالمعرفة حياة (يو17: 3).

3. الأحداث:- هم دخلوا الإيمان ولهم بعض الخبرات. واختبروا القوة التي يعطيها لهم الله وبها يغلبون الشر والشرير. هم ليسوا بضعفاء إذ هم ما زالوا أحداث. بل الله يعطيهم قوة تتناسب مع إغراءات الشر التي يتعرضون لها. وهم أقوياء لشبابهم.

إذًا هنا نرى 3 هبات:

1. غفران.

2. معرفة.

3. غلبة بقوة.

وليس معنى هذا التقسيم أن الآباء لم يغلبوا الشرير، أو هم ليسوا أقوياء لكن هم أقوياء وغلبوا الشرير ولكنهم أكثر معرفة، فكلما دخلنا للعمق تزداد معرفتنا بالله أي إتحادنا به وثباتنا فيه وإدراكنا لحياة المسيح التي صارت فينا. فهو أي الرسول يكلم كل فئة بما يناسبها.

ونلاحظ أن الرسول يكتب مرة بصيغة الماضي ومرة بصيغة الحاضر فمرة نجده يقول أكتب. ومرة نجده يقول كتبت. وهذا لأن:-

1. هبات الله مستمرة "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" (عب13).

2. طالما الله يعطي دائمًا فهذا حق لنا، علينا أن نطالب به دائمًا.

 

بل سر القوة = وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ.

 

آية 15:- لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ.

لا تحبوا العالم = ليس المقصود أن لا نحب الناس فهذا ضد ما ينادي به الكتاب المقدس. وليس المقصود أن لا نحب الطبيعة الجميلة التي نسبح الله عليها، فهذه الخليقة الجميلة تعلن عظمة ومجد الله. لكن المقصود:-

1. العالم الشرير الذي يخلو من الله، بعثراته وشهواته الخاطئة.

2. أن لا نحب أحدًا أكثر من الله "من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني... (مت37:10).

وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ = الله خلق العالم والأشياء التي فيه لنستعملها فمن يتعلق بالأشياء التي في العالم، ويخلو قلبه من محبة الله يكون كزوجة تتعلق بهدايا زوجها ولا تحبه هو لشخصه. هل نتصور أو نصدق من يقول "أنا أحب الله" وهو لا وقت لديه يقضيه مع الله في صلاة أو كنيسة... إلخ، بل هو مشغول بمباهج العالم أو عمله.

إذن المطلوب أن لا يجعل المرء قلبه على الأمور الزمنية، وأن لا يتعلق بما هو فانٍ وباطل تاركًا الله. الله خلق العالم لنستعمله لا لنعبده ويكون هو هدفنا، نحزن إن خسرناه وننتفخ لو حصلنا على الكثير منه. من يحب العالم هكذا لن يكون في قلبه متسع لكي يحب الله، لذلك قيل أن محبة العالم عداوة لله (يع4:4). بل لا يستطيع إنسان أن يحب الحق (الله) والباطل (العالم) معًا = إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ.

بل الله يقول "يا ابني أعطني قلبك" ومن يستطيع أن يفعل ويحب الله من كل قلبه سيملأ الفرح قلبه. هو سيعود للحالة الفردوسية الأولى، حب متبادل مع الله والنتيجة فرح (عَدْنْ = فرح). أما الذي قلبه منقسم بين محبة الله ومحبة العالم فلن يعرف الفرح. بل إن محبة العالم تدفع الناس للصراع حتى يحصلوا على أكبر نصيب منه. أما من يحب الله فلن يسقط في هذا الصراع، بل ستكون له القناعة إذ هو شبعان بالله (فى4 :11، 12). علينا أن نشعر أن الله يعطينا أفضل شيء، ولكن أفضل شيء في مفهوم الله هو ما يوصلنا للسماء.

وفضلًا عن أن محبة العالم ستشغلنا عن محبة الله، فإننا نرى في الآية القادمة لماذا لا يجب أن نحب العالم.

 

آية 16:- لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.

شهوة الجسد = شهوة الجنس والأكل. هذا إنسان لا تحركه سوى حواسه وغرائزه.

شهوة العيون = كل ما تراه العيون تشتهيه، حب اقتناء وحسد الغير.

تعظم المعيشة = عدم قناعة الإنسان بوضعه، دائمًا يطلب الرفاهية الزائدة ويطلب مديح الناس والشهرة.

ملحوظة: الزوجة المخلصة لزوجها تحب زوجها وتتعلق به، ولكنها تتعامل مع بقية الرجال بمنتهى الود والأدب دون أن تشتهيهم. وإن اشتهتهم وسعت وراءهم فهذا يعتبر خيانة وعداوة لزوجها.

ولقد جرب عدو الخير السيد المسيح في هذه الأمور الثلاثة.

شهوة الجسد = إرضاء الرغبة الجسدية وإشباعها = تحويل الحجارة إلى خبز.

شهوة العيون = أراه كل ممالك العالم ومجدها ليشتهيها.

تعظم المعيشة = شهوة ما ليس في استطاعة البشر كعمل المعجزات = اطرح نفسك فلا يصطدم بحجر رجلك = هذه معجزة باهرة حينما يراها الناس لا بُد وأنهم سوف يؤمنون، لكن المسيح رفض واختار الصليب.

وبنفس الأسلوب جرب عدو الخير أبوينا الأولين آدم وحواء.

شهوة الجسد = رأت حواء الشجرة جيدة للأكل.

شهوة النظر = رأت حواء الشجرة بهجة للنظر.

تعظم المعيشة = أرادت الأكل من الشجرة لتصبح كالله عارفة الخير والشر.

مرة أخرى. . . الله خلق العالم لنستعمله، والله لا يحزن ولا يغضب إن أكلنا وشربنا ولبسنا مما أعطاه لنا، ولكن الله لا يريد لنا أن ننشغل عنه بما أعطاه لنا، الله لا يريد أن نفرغ قلوبنا من محبته لنحب ما أعطاه لنا ، لئلا يستعبدنا هذا الشيء الذي ننشغل به. الله وحده ننشغل به فيعطينا الفرح وهو وحده الذي يحررنا. والله لا يحب أن أحدا يستعبد أولاده .

المسيح صار زمنيًا (دخل في الجسد) ليجعلنا نحن الزمنيين، أبديين... فلماذا نصر أن نبقى زمنيين (أي متعلقين بالعالم).

فلنستعمل العالم شاكرين الله على عطيته قانعين بما أعطاه وقسمه لنا "لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر" (1تى4: 4 + 1تى6: 6).

 

آية 17:- وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.

العالم يمضي = فكل شيء مصيره الفناء، فلماذا نتمسك بهذا الفاني. أما الذي يصنع مشيئة الله = أي يحب الله ويعطي كل قلبه لله، ويطيع الله الذي أحبه فيثبت إلى الأبد = راجع تفسير آيات 1-6 من هذا الأصحاح لترى أن الثبات في المسيح شرطه حفظ الوصية، ومن يفعل يثبت في الله ويجد لذته في الله للأبد، ويثبت في المسيح أي يثبت في حياة أبدية. كأن الرسول يوجه سؤالًا لنا.هل تريد أن تصبح أبديًا أم أن تظل زمنيا، هل تريد أن تجد لذتك في الله الحي أم العالم الفاني. ولاحظ أن الرسول لم يقل وأما الذي يحب الله فيثبت. لأن من يحب الله سيصنع مشيئته (يو14: 21، 23).

 

آية 18:- أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ.

أيها الأولاد = لقد ولدتم في الكنيسة على أساس إيمان سليم فلا تتركوه. هي الساعة الأخيرة = قد تعني:-

1. التدبير الأخير في حياة البشرية، أو التدبير الذي سوف يستمر لنهاية الدهور.

التدبير الأول = الخليقة.

التدبير الثاني = الناموس.

التدبير الثالث = الأنبياء.

التدبير الأخير = الخلاص بالمسيح.

2. أن أيامنا نحن قد اقتربت فلا نترك الإيمان المُسَلَّم لنا.

3. قوله ساعة أي تبقى وقت قليل.

وفي التدبير الأخير ومع اقتراب أيام النهاية وحتى مجيء المسيح الثاني سيظهر أضداد للمسيح يشككون في العقيدة الصحيحة وهم مخادعين، كذابين، مقاومين للمسيح وكنيسته، يثيرون بدع مهلكة. وهذا راجع لازدياد محاولات الشيطان لتحطيم الكنيسة. وهذا ما نراه في الغرب الآن، في مئات الطوائف الموجودة. ومن هذه الطوائف من ينكر ألوهية المسيح أو دوره كمخلص للبشرية، بل هناك من عبدوا الشيطان.

ضد المسيح = عرف الرسل من المسيح أنه في نهاية الأيام سيأتي هذا الضد للمسيح، وستنتشر الضلالات، وربما إذ شعر يوحنا بزيادة الهرطقات أيامه شعر أنها الساعة الأخيرة. وبنفس المفهوم تكلم بولس الرسول في (2تس2) وأسماه إنسان الخطية. ولكن ضد المسيح هو لقب عام قد يطلق على كل من يقاوم الإيمان بالمسيح آخذًا شكل المسيح ولكن في كذب، أي سيَدَّعي أنه المسيح، رافضًا الإيمان بالمسيح الحقيقي.

 

آية 19:- مِنَّا خَرَجُوا، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لَكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا.

هم كانوا في الكنيسة، لكن قلبهم كان في مكان آخر، وجاء وقت لم يحتملوا فيه أن يستمروا في الكنيسة، فخرجوا ساعين وراء شهوات قلوبهم وكبريائهم، هؤلاء الهراطقة قال عنهم القديس أغسطينوس أنهم كانوا كالدمل في الجسد، ولن يتعافى الجسد إلا إذا خرج هذا الدمل منه. هم اعتمدوا وكان لهم شركة في الكنيسة ولكنهم كانوا كيهوذا، لأجل شهواتهم الخاصة انشقوا على الكنيسة. [كان يهوذا محبًا للمال فكان يسرق ما في الصندوق (يو12: 6)]. أما الذين خرجوا من الكنيسة لفترة وعادوا تائبين فهم منا أي من جسد الكنيسة.

مثال لهؤلاء المنحرفين... ديماس... ترك بولس إذ أحب العالم الحاضر. هذا كان موجودًا لفترة مع بولس لكن كان حب العالم يملأ قلبه.

كانوا منا = معمدين وعائشين في الكنيسة، ثابتين في المسيح.

لم يكونوا منا = كانوا في خداع قلبهم في مكان آخر، لم يكونوا ثابتين في المسيح.

 

آية 20: - وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ.

فلكم مسحة من القدوس = يقصد الروح القدس الذي يحل في المؤمنين بمسحة الميرون. والروح القدس يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله السيد المسيح (يو26:14). فهو نور ينير لنا فنرفض أي هرطقة، وهو يعلمنا حقيقة التجسد فلا نتشكك. ويعطينا أن نحب المسيح، فحتى لو خرجنا عن محبته يحركنا الروح بالتوبة فنتوب ونرجع. وبهذا نثبت في المسيح ونرفض كل بدعة غريبة عن الكنيسة. هذا ما حدث مع الشعب في العهد القديم أن السحابة كانت تقود الشعب في البرية، وهكذا الآن نجد أن الروح القدس يقود أفكار وشهوات وقرارات أولاد الله بل كل حياتهم (يو16: 8 + رو8: 26). أما الهراطقة فلأن لهم شهواتهم الخاصة وإرادتهم المختلفة عن إرادة الله، فهم أحزنوا الروح وأطفأوه لعنادهم ومقاومتهم لصوت الروح وذلك بسبب كبريائهم، فما عادوا يسمعون صوته.

والسؤال لنا... هل نعطي أنفسنا فرصة لسماع صوت الروح القدس، وهذا يحتاج للصلاة والدراسة والجلوس بهدوء للتأمل في الكتاب المقدس. ويحتاج أيضًا للامتلاء من الروح القدس.... وهذا يتطلب أن 1) نجاهد رافضين كل شر وشبه شر، فالسعي وراء الشر هو مقاومة للروح القدس وهذه المقاومة تحزن الروح وتطفأه؛ 2) الصلاة والتسبيح (أف5: 18-21)

 

آية 21:- لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ.

بل لأنكم تعلمونه = الرسول يقول أنه لا يتهمهم بأنهم لا يعرفون الحق، بل هم يعرفونه، ولكن مع ازدياد الهرطقات يقول لهم " أنني أعود وأؤكد ما تعلمتموه سابقا وأؤكده لكم. فانا أكتب لكي تثبتوا في الحق الذي تعلمونه". ونحن لا نحتاج إلى تعاليم جديدة من خارج كنيستنا، بل لعمل الروح القدس الذي يذكرنا بالحق. ويهبنا التمييز الذي به نرفض الكذب ونقبل الحق فقط. كل كذب = هو ما ينادي به أضداد المسيح، وهو ليس من الحق = ليس من عند الله.

 

آيات 22، 23:- مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هَذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالاِبْنَ. كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الاِبْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالاِبْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا.

الرسول يهاجم هرطقات القرن الأول التي أنكرت حقيقة التجسد. هنا نرى الرسول يتكلم عن الكذاب وهو إبليس (يو44:8). وإبليس يريد أن يلغي التجسد فهو سر التقوى وبدونه لا خلاص (1تى16:3).

من هو الكذاب = هو إبليس. وهذا في مقابل الحق الذي هو المسيح ومن يخضع لإبليس الكذاب يردد كذبه. ومن يثبت في المسيح يعرف الحق.

يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ = هذا هو الحق أن المسيح هو المخلص، هو الله الذي تأنس ليخلصنا.

الذي ينكر الآب والابن = من ينكر الابن فهو ينكر الآب، فالابن هو صورة الآب أي بهاء مجد الآب ورسم جوهره (عب1: 3). ومن لم يعرف الابن فهذا لأنه لم يعرف الآب. ومن ينكر الآب والإبن تعني أيضًا = من ينكر أن الله الآب بذل ابنه الوحيد إذ أرسله ليخلص البشرية = هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ.

كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضًا = فنحن حصلنا على البنوة للآب عن طريق إتحادنا بابنه يسوع المسيح، فمن ينكر الابن لن يتحد به ويفقد البنوة للآب. (راجع يو23:15 + يو14: 7، 9، 10 + مت27:11 + يو19:8). ومن يعرف الابن ويحبه فلسوف يعرف الآب، فالابن هو صورة الآب. ومن عرف الابن وأحبه، فهذا لأنه كان يعرف الله بطريقة صحيحة، ولذلك آمن التلاميذ البسطاء بالمسيح إذ كانوا في بساطة قلوبهم قد أحبوا الله غير طالبين مجد أنفسهم مثل الكتبة والفريسيين .

وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا = من يعترف بالمسيح الابن ويؤمن به وبفدائه وعمله الخلاصي ويعتمد، سيتحد بالابن ويصير بالتالي ابنًا لله الآب.

هناك البعض الآن الذين يرددون أننا لا نحتاج للمسيح، إذ يمكننا أن نعيش بأخلاقيات عالية ونؤدي أعمالنا بأمانة وهذا يكفي. وهذا يشجع عليه الشيطان جدًا، إذ هو يريد أن يقطع كل علاقة لنا بالمسيح، بل لن يحارب هؤلاء. فهؤلاء هم أموات روحيا. فمن لا علاقة له بالمسيح كيف يحيا أبديا والمسيح هو الحياة؟!

 

آية 24:- أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الاِبْنِ وَفِي الآبِ.

أما أنتم = الذين لم تنشقوا عن الكنيسة. فما سمعتموه = أي رسالة الإنجيل الذي سمعتموه جيلًا بعد جيل (يه3). فليثبت إذًا فيكم = أي يتأصل في أعماقكم. وعلينا أن نصر أن لا نغير في إيماننا حرف واحد.

إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ = وهو الحق الإلهي بخصوص التجسد. وأن الآب أرسل ابنه متأنسًا ليتحد بنا ويعطينا البنوة للآب = تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ . فمن يثبت في الابن سيثبت في الآب، فالابن في الآب. ولكن من الذي يثبت فيه ما سمعه؟ هو من يتعلم من الروح القدس ولا يعاند. وهو من يواظب على الصلاة ودراسة الكتاب في هدوء فيسمع من الروح القدس ويتعلم. وهو من إذا أخطأ يستجيب لصوت تبكيت الروح القدس ويتوب ولا يقاوم الروح. وهو من لا يرفض تعاليم الكنيسة في كبرياء. فكل الهرطقات نشأت بسبب كبرياء الهراطقة.

 

آية 25:- وَهَذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

من يثبت في الابن تكون له حياة الابن وهي حياة أبدية، وهذا هو وعده (يو25:11) "من آمن بي ولو مات فسيحيا... أنا هو القيامة والحياة".

 

آية 26:- كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هَذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ.

أكتب هذا إليكم حتى لا تنخدعوا بضلالات أضداد المسيح.

 

آية 27:- وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هَذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌّ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.

كما قلنا فالروح القدس يعلم (يو26:14) ويعطي إستنارة.

وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ = لو فهمنا الآية بطريقة خاطئة، إذًا فما الداعي أن يوحنا الرسول يكتب رسالته ويعلمهم، أما كان الروح القدس قادر على هذا. هذه الآية لا تعني عدم حاجتنا للتعليم، فنحن نحتاج لمن يعلمنا. لذلك وضع الله في الكنيسة معلمين (أف11:4). والمعلم يزرع ويسقي الزرع والله هو الذي ينمي (1كو3: 7).

فلا يوجد إنسان مملوء من الروح ومعصوم من الخطأ. وكلام الخدام الأرثوذكسيين الحقيقيين الذين لا يشوهوا الإيمان يكون عملهم هو جذب انتباه السامع. والروح القدس الذي يعطي كلمة للمتكلم هو يعمل في قلب السامع ليفهم، ولكن إن لم يكن السامع لديه الروح القدس فعبثًا ينادي المعلم. التعليم الخارجي كالبستاني يروي الأشجار والذي ينمي هو الله، أي المسحة التي نأخذها. والروح القدس أيضًا يعطي للسامع أن يميز، هل هذا التعليم من الله أم لا.

وهي حق = أي المسحة هي حق، أي أن عمل الروح القدس فينا هو عمل حقيقي.

كما علمتكم تثبتون فيه = إذا أراد المؤمن حقيقة أن يسمع صوت الروح في داخله فسوف يسمعه. وإن كنا في شك فلنصل ونطلب والروح الذي فينا سيخبرنا بالحق، والكتاب المقدس يحوي التعليم الحق، وتعليم الآباء المرتشدين بالروح حق، وعندئذ علينا أن نطيع صوت الروح.

كما علمتكم تثبتون فيه = فمن لا يعاند صوت الروح القدس، ويكون له إيمان صحيح بالمسيح سيثبت في المسيح. أما الهراطقة فلا يثبتون فيه.

الْمَسْحَةُ ... كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ = ولنلاحظ أن الروح القدس = المسحة يقوم بما لا يمكن للمعلم أو الواعظ القيام به، فالمعلم يقضي معك ساعات قليلة، أما الروح القدس فهو ماكث معنا العمر كله. إذا أخطأنا ولو بالفكر يبكت (يو16: 8). لو شككنا عدو الخير في محبة الله، يذكرنا ويشهد داخلنا بأننا أولاد الله (غل4: 6). أو لو عملنا ما لا يليق بنا كأولاد الله، يبكت قائلا وهل يليق ما فعلته أو حتى ما فكرت فيه كابن لله. وإن شككنا عدو الخير في حقائق الإيمان يذكرنا بآيات الكتاب ويقنعنا (إر20: 7). وهذا لا يقدر عليه أي معلم أي التبكيت الفوري على أي فكر خاطئ أو الإقناع العقلي. المعلم يقدم لنا الآية وشرحها، أما الروح القدس الذي يعلم احتياجات كل منا، فهو يعطينا التطبيق الخاص بنا، والذي يناسب احتياجنا. وهذا يختلف من شخص إلى آخر. وهذا لا يستطيعه أي معلم.

 

آية 28: - وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ.

إذ يثبت أولاد الله في كلامه وإيمانه سيفرحون بمجيئه، بل يتشوقون إليه "آمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤ22: 20) ليفرحوا معه للأبد. أما غير الثابتين فسيقولون للجبال غطينا (رؤ6: 16).

إِذَا أُظْهِرَ = إذا = تفيد عدم معرفة موعد ظهوره. إذًا لا بُد من الاستعداد الدائم.

 

آية 29:- إن علمتم أنه بار هو فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه.

أنه بار... كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ = فالمولود يشابه أبيه. نحن نولد منه في المعمودية بالإتحاد بإبنه فنصير أبناء له. والذي يتحد بالمسيح تكون له حياته، ويستخدم المسيح أعضاءه كآلات بر فيصنع البر. وإن لم يسلك في البر يبكته الروح القدس (يو16: 8)، وإن كانت إمكانياته ضعيفة فالروح القدس يعينه (رو8: 26).

تكلم في الآية السابقة عن عدم الخجل من المسيح عند ظهوره. وهنا يعطينا العلامة التي تجعلنا لا نخجل عند ظهوره، وهي أن نحيا نصنع البر مثله. ولنفهم أن المؤمنين الذين اعتمدوا ليسوا مجرد أناس عاديين يحاولون أن يحيوا على نحو أفضل، ولكنهم صاروا خليقة جديدة، أولادًا لله (2كو17:5). ويقول القديس بولس الرسول أن الخلاص سيكون لمن له هذه الخليقة الجديدة (غل6: 15). ولنفهم أن البر الكامل لن يوجد هنا على الأرض، فنحن مازلنا في الميدان نحارب، نَضرِب ونُضرَب، ومن ينتصر هو من يعتمد في صراعه على قوة الله. ونلاحظ أن المسيح أعطى لنا قوة لنسلك في البر، بل أعطى لكل من إعتمد حياته ليحيا بها في بر، حياة المسيح البار تسكن فيه، ويستخدم أعضاءه كآلات بر، فيصنع البر. وهكذا فلأن المسيح بار وهو أعطى حياته للكثيرين، فهو يبرر الكثيرين. والمسيح أعطانا الروح القدس الذي يبكتنا إن فعلنا خطية وأيضًا إن لم نفعل البر. فالمولود من الله البار يتشبه به ويكون بارًا، بارًا نسبيًا على الأرض، فالبر الكامل في السماء.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يوحنا الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/23-Resalet-Youhanna-1/Tafseer-Resalat-You7anna-1__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/m9jka9c