محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
رسالة بطرس الرسول الثانية: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
آية 1:- سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ:
سمعان = هو اسمه العبراني. بطرس = الاسم الذي أطلقه عليه المسيح واستعمال الاسمين فيه إشارة لعمل النعمة في شخص سمعان والتغيير الذي حدث له نتيجة الهبة الإلهية التي وهبت له والتي تكلم عنها في آية 4،3. فذكر الاسمين هو تأمل في ماذا كان وكيف أصبح بعمل النعمة.
عبد = الله يتنازل ويسمينا أبناء، ولكن علينا ألا ننسى حقيقتنا كخدام وعبيد مملوكين لله، وعلينا أن نفعل مشيئته. والمحبة التي بيننا تجعلها عبودية حلوة بمحض اختيارنا، فالعبودية لله تحرر بينما العبودية لأي أحد آخر أو لأي شيء آخر تذل الإنسان. وكان السيد العبراني يحرر عبده العبراني في السنة السابعة، لكن إذا جاء العبد وقال لسيده "لن أجد سيدا مثلك يحبني ويرعاني أنا وأولادي وأريد أن أستمر عبدًا لك العمر كله" كان السيد يتخذه له عبدًا العمر كله (خر21: 1 – 11). وبهذا المنطق يود بطرس هنا أن يقول أنه لم يجد مثل السيد المسيح في محبته ورعايته فأراد أن يصير له عبدًا كل العمر.
المسيح إفتدانا وإشترانا وقال لنا أنتم أحرار من عبودية إبليس ومن عبودية الخطية. وبحريتنا هذه يمكن لنا أن نعود للخطية ولكن الخطية تستعبد الإنسان وتذله. بينما أننا لو إستعبدنا أنفسنا للمسيح سنستمر أحرارا، فمن يتبع المسيح تسانده نعمة قوية حتى لا يسقط في عبودية خطية تذله. وهذا معنى قول الرب "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36) = المعنى أن الرب يقول لقد حررتكم فلا تعودون لخطية تستعبدكم وتذلكم مرة أخرى. ومعنى أن نستعبد أنفسنا للمسيح أن نحفظ وصاياه. ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه، ومن يثبت فيه يحيا حياة السلام الداخلي والفرح الحقيقي (يو16: 22 ، 33). ومن إختبر هذا السلام وهذا الفرح يفضل العبودية للمسيح.
مثال: إنسان يُدخِّن ويقول لك أنا حر إذا طلبت منه أن يمتنع عن التدخين لأجل صحته. هذا ليس حرًا بل مستعبد للتدخين، بدليل أنه غير قادر أن يمتنع. وهب أنه إمتنع وعولج من أثار التدخين. فهو بعد أن يتذوق حلاوة نظافة الرئة والتنفس المريح سوف يفضل عدم العودة للتدخين خصوصا لو وجد قوة تسانده على أن يظل ممتنعا عن التدخين (هي النعمة في مفهومنا المسيحي).
نقطة أخرى فالرب يسوع حتى لا ندخل في كبرياء تسقطنا طلب أننا نقول أننا عبيد بطالون إن فعلنا كل ما أمرنا به (لو17: 10).
ورسوله = إذًا كاتب الرسالة من الاثني عشر. ولقد شاهد التجلي (2بط18،17:1).
إلى الذين نالوا = أي الأمم.
مَعَنَا = أي (أ) نحن الرسل. أو (ب) نحن الذين كنا من اليهود شعب الله المختار سابقا.
مُسَاوِيًا لَنَا = الملكوت ليس خاصًا بالرسل ولكنه لكل من يؤمن، والفرصة متساوية للجميع. وكلمة مُسَاوِيًا إستخدمها كتاب تلك الأيام للإشارة للتساوي في حقوق المواطنة وإمتيازاتها. ومعنى الكلام أن من رأى المسيح بالجسد كالتلاميذ له نفس حقوق وإمتيازات من آمن ولم يرى السيد المسيح، إن كان من اليهود أو الأمم. وهكذا شرحها بولس الرسول أن الأمم صاروا شركاء الميراث مع اليهود. وقال عن هذا أنه سر المسيح الذي كان مخفي عن اليهود وعن كل العالم، بل عن الملائكة أيضًا (أف2: 11 – 3: 10).
بِبِرِّ إِلهِنَا والْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ = هو إلهنا وهو أيضًا مخلصنا.
ومعنى بر إلهنا:-
1. كل ما نلناه كان بسبب فداء المسيح، الذي وهو بار بلا خطية مات عنا ليحمل خطايانا. فلو كانت له خطية لمات عن نفسه هو، وليس عنا.
2. وبار تعني أنه كان أمينًا، وبحسب ما وعد تمم الخلاص.
3. وتعني أيضًا أنه يعطينا بره فنحن نحيا بحياته أبرارا (2كو21:5) "نصير بر الله فيه.. ونخلص بحياته" (رو10:5). "فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2). لي الحياة هي المسيح (فى21:1). وهذا هو الخلاص.
4. وكلمة بر تترجم عدل أيضا، إذًا فداء المسيح إستوفى عدل الله = بر إلهنا = ولأنه إستوفى عدل الله بالنيابة عنا صار المخلص يسوع المسيح .
آية 2:- لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا.
النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ = راجع تفسير (1بط2:1). النعمة هي عطية الله لنا بعد الفداء، ومن نتائجها السلام الداخلي.
بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا = المعرفة المقصودة ليست هي المعرفة العقلية بل هي المعرفة الإختبارية الناشئة عن علاقة وخبرة شخصية بالله. هي علاقة حياة عملية، فمن إختبر قوة ومحبة الله وحمايته، سيعيش في سلام كامل، غير خائف من الغد ولا من أي أمر مخيف. ولن يتذمر على أي قرار يتخذه الله ولن يرفض بل سيسلم تسليما كاملا لله. فالله في محبته لن يسمح سوى بالخير لأولاده فكيف نخاف من أي أمر الآن أو في المستقبل (رو8: 28) + (1كو22:3). ومن يختبر الله ويدرك محبته وأبوته، وأيضا قوته فهو القادر على كل شيء، سيزداد إيمانه بالله وثقته في الله القادر أن يحميه. وبالتالي يزداد ثباتا في الله. ومثل هذا يزداد في النعمة وبالتالي يزداد سلامه. فالمعرفة أي الثبات في المسيح إذًا هي الدائرة التي يتمتع فيها المسيحي بالنعمة والسلام (يو16: 33).
والمعرفة نوعان:
1. معرفة من الخارج، كما يعرف إنسان إنسانا آخر. هنا لن يتمكن هذا الإنسان من معرفة كل تفكير ومشاعر الآخر. هذه يقال عنها To know. وهي معرفة يمكن أن يقال عنها معرفة سطحية.
2. كلمة معرفة في الكتاب المقدس تشير للإتحاد، وهو إتحاد ينشأ عنه معرفة إختبارية، وهي أعمق بكثير من To know. معرفة ناتجة عن العشرة، الناشئة عن الإتحاد، قال عنها الرسول "لأن مَن مِن الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه" (1كو11:2). هي معرفة تنشأ من الإتحاد والثبات في المسيح الذي أعطانا حياته. ومعرفتنا بالمسيح هي من النوع الثاني. فعلاقتنا بالمسيح هي علاقة إتحاد به وثبات فيه ووحدة معه (رو5:6) + (يو56:6) + (يو4:15) + (يو21:17).
فنحن لا نعرف المسيح من الخارج كما يعرف شخص شخص آخر ، بل من خلال إتحادنا به. لذلك أمكن لبولس الرسول أن يقول "وأما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو16:2) وقال بولس بنفس المعنى "وأوجد فيه... لأعرفه" (فى10،9:3).
فكلمة يعرف هي كلمة تشير بطريقة سرية للإتحاد الذي ينشأ عنه حياة. ولها 3 تطبيقات:-
على المستوى الجسدي:- "وعرف آدم إمرأته فحبلت وولدت قايين" (تك1:4). فهي معرفة أو إتحاد جسدي خرجت منها حياة.
على المستوى اللاهوتي:- تشير للوحدة بين الآب والإبن.
وقارن بين: "ليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب" مع "إني أنا في الآب".
"ولا من هو الآب إلا الإبن" مع "والآب فيَّ".
فمعرفة الآب للابن والابن للآب راجعة لإتحادهما وأن الآب في الابن والابن في الآب. وهذا الإتحاد ينشأ عنه حياة. فالآب يريد، والابن الذي به كان كل شيء، يخلق فتوجد حياة.
على مستوى الإتحاد بين المسيح وبيننا:-
هذه أيضًا معرفة أو إتحاد ينشأ عنه حياة، هي حياة المسيح فينا "وهذه هي الحياة الابدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو17: 3). وبنفس المفهوم يقول الرب "ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت11: 27). فمن أراد الابن أن يعطيه حياة، يتحد به ويعطيه حياته هو (فى21:1) وهي حياة أبدية.
وهنا نفهم أن هذه هي المعرفة التي ليست من خارج بل من خلال الإتحاد به، لذلك فهي معرفة إختبارية وليست معرفة سطحية. وإذا كانت هذه المعرفة ناشئة عن إتحاد المسيح بنا فتصير لنا حياته، فبهذا تكون لنا حياة أبدية (رو6).
وإذا فهمنا هذا فإن معرفة الله ويسوع المسيح ربنا هي نوع من الإتحاد الذي من خلاله يحل فينا الروح القدس فتكثر النعمة والسلام.
ولكن حتى يحدث هذا الثبات وهذا الإتحاد لابد من نقاوة القلب فلا شركة للنور مع الظلمة ولا إتفاق للمسيح مع بليعال (2كو15،14:6) ولذلك نفهم أن طلب السيد المسيح منا "إثبتوا في وأنا فيكم" (يو4:15) ، هو دعوة للهرب من الشر وتجنبه وأن نحيا في محبة، فنثبت في المسيح (يو15: 9). وهذا ما سوف يطلبه القديس بطرس الرسول في الأيات القادمة. ومن يثبت فيه يعرفه وتكون له حياة أبدية فتكثر له النعمة والسلام.
بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا = يقول الرب يسوع في صلاته الشفاعية "ليكون الجميع واحدًا، كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا" (يو17: 21). فالمسيح اتحد بجسدنا الإنساني ليوحدنا فيه ويحملنا إلى حضن الآب لنتحد به = بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا. وهذه هي إرادة الآب الذي فرح بعودة أولاده في المسيح فقال "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" يوم تأسيس سر المعمودية. وما يريده الآب ينفذه الإبن. والإبن نفذ الإتحاد بنا بتجسده وبمعموديته ثم بموته وقيامته التي أعطت للمعمودية قوتها. والروح القدس هو الذي يوحدنا بالمسيح. والمسيح يحملنا فيه إلى حضن الآب كأبناء.
آيات 4،3:- كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.
كما أن = المسيح لم يعطنا فقط النعمة والسلام بل أن قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا ...
شركاء الطبيعة الإلهية = راجع تفسير (كو 2: 9، 10).
الله وهب لنا بقدرته الإلهية كل ما يقودنا للحياة والتقوى فالله أعطانا أسرارا كنسية نحصل بها على نعم غير منظورة، فبالمعمودية نحصل على ميلاد سماوي، به نتحد بالمسيح في موته وقيامته، فيعطينا المسيح حياته وهذه هي الحياة الأبدية التي لنا. وبالميرون يحل علينا الروح القدس الذي يبكتنا على الخطية فنحيا في تقوى، وبالتوبة والاعتراف تغسل خطايانا وبذلك تتكرس أعضاءنا وحواسنا. وبالتناول نثبت في المسيح. والروح القدس الذي حصلنا عليه يثبتنا في المسيح ويعطينا أن تكون لنا ثمار بر. وباتحادنا بالمسيح صار لنا المسيح مصدر كل نعمة نحصل عليها. فالروح القدس حل علينا وصرنا مسكنا له، وصار لنا حياة أبدية، ومجد وسلطان ندوس به الحيات... = صرنا شركاء الطبيعة الإلهية.
بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا = الله خلق الإنسان وكان القصد الإلهي أن يحيا الإنسان في مجد وفرح ووحدة وأن يحيا أبديًا، راجع مقالة "ماذا قدم لنا المسيح بتجسده" في نهاية تفسير رسالة كولوسي. ولكن بالخطية ضاع كل هذا. فجاء المسيح ليتحد بالبشر ليتمم القصد الإلهي. والإتحاد يشار له بكلمة المعرفة = بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا.
وراجع تفسير (آية 2) فالمعرفة تشير للإتحاد، فالمسيح اتحد بنا ليهبنا حياته. فمعرفة المسيح هي الحياة (يو3:17). ولذلك يقول بولس الرسول "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تى16:3)، والمعنى أن سر تقوى الإنسان المسيحي هو ظهور الله في الجسد أي تجسد المسيح فبتجسد المسيح وفدائه، وعن طريق الأسرار صارت لنا حياة المسيح، التي بها نحيا في تقوى. حياة المسيح فينا تستخدم أعضاءنا كألات بر (رو6: 13). ووجود المسيح فينا أعاد لنا المجد ولكنه غير مستعلن الآن. وأعاد لنا الفرح ولكن كعربون. أضف لهذا أن من يعرف المسيح حقيقة وما أعده لنا من مجد غير منظور على الأرض ومنظور في السماء يحتقر العالم وما فيه ويحسبه نفاية (فى8:3). والله دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ = الْمَجْدِ هو في إتحادنا بالله، والفضيلة هي ثمار هذا الإتحاد، أي حياتنا التي نحياها في بر إلهنا.
ولاحظ ماذا أعطانا الله ودعانا إليه الْحَيَاةِ
، ومَجْدِ .... هذه للحياة الأبدية.ولكننا نحصل على العربون هنا .... تَّقْوَى وفَضِيلَةِ.
هذا العربون كافيًا جدًا ليقول القديس بطرس "فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد، نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس" (1بط1: 8 ، 9).
*فالحياة الأبدية هي في السماء ولكنها تبدأ هنا باتحادنا مع المسيح ابن الله الحي في المعمودية. ويقول القديس بولس الرسول "لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" (كو3: 3). ويقول أيضًا "مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله" (غل2: 20). فنحن نرى أننا الآن نموت بالجسد، ولكن بالإيمان ندرك أننا حصلنا على حياة أبدية بإتحادنا بالمسيح في المعمودية. نموت الآن بالجسد ولكن الروح حية وسنقوم بجسد ممجد عند المجيء الثاني.
والمجد الحقيقي في السماء ولكننا نأخذ عربونه هنا... أما صرنا هيكلا لله، أما نتناول جسده ودمه ونتحد به، ألا يوجد الله وسطنا دائمًا وفي هذا مجدنا الحقيقي (زك 5:2) ولكن المجد الآن خفي لا نراه ولكن سيستعلن فينا في الأبدية (رو 18:8).
المجد في نظر البشر هو المال والمراكز والأملاك. وكان هذا ما نوه عنه الكتاب المقدس. فأول مرة ذكرت كلمة المجد في الكتاب المقدس كانت عن قطعان ماشية خاصة بلابان حمو يعقوب "فسمع كلام بني لابان قائلين أخذ يعقوب كل ما كان لأبينا. ومما لأبينا صنع كل هذا المجد" (تك1:31) وارتقى الكتاب المقدس بالفكر البشري لنفهم أن المجد هو شيء خاص بالله، بل هو الله نفسه ولاحظ قول الله "أكون (أنا) مجدا في وسطها" (زك5:2) + "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو22:17). المسيح تجسد ليمجد جسده الإنساني (يو17: 5) فهو يريد أن يعيد لنا المجد (يو17: 24).
اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ
= اللَّذَيْنِ بِهِمَا = عائدة على:-1) قدرته الإلهية. و2) اتحاده بنا (معرفة).
الَّذِي دَعَانَا = فالله دعانا لنحيا في الفضيلة، ولم يتركنا وحدنا بل اتحد بنا = هذا معنى بمعرفة الذي دعانا. وأنظر ماذا حصلنا عليه من خلال هذا الإتحاد معه .. أن قدرته الإلهية - وهذه القدرة الإلهية غير محدودة - قد وهبت لنا أن نحيا في الفضيلة والمجد. فنحن نحيا ونعمل بحياته التي فينا لإتحاده بنا، ونعمل بقدراته. وهذه تذكرنا بقول عروس النشيد "اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ، كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ" (نش8: 6) [راجع التفسير في مكانه: نش 8: 6]. فهو قادر وهو يريد أن يعطينا هذا المجد وأن نحيا في فضيلة. فوعود الله وعطاياه ليست خاصة بالمجد الأبدي فقط أي وعودا للمستقبل، بل أعطانا العربون في الحياة الحاضرة، بحياة تقوية بارة أي فضيلة... وما هي نتيجة كل عطايا الله من حياة وتقوى ومجد وفضيلة؟ وما الذي سيحصل عليه من آمن بأن له حياة أبدية ومجد أبدي فإلتزم بحياة التقوى أي مخافة الله والسلوك في الفضيلة؟ الإجابة نصير شركاء الطبيعة الإلهية = لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ. وطبعا لن نكون شركاء في لاهوته وجوهره، فالرسول لم يقل شركاء في طبيعته الإلهية. وشركاء الطبيعة الإلهية تعني أننا نأخذ من طبيعته كل احتياجاتنا مما هو من طبيعته ولا يوجد سوى عنده أو فيه ، مثلًا نأخذ من قداسته وأبديته وحياته الأبدية، ومحبته ووداعته وطول أناته وبساطته واحتماله وتواضعه. ومجده فنحن سيكون لنا صورة جسد مجده (جسد مجد المسيح) (فى21:3) بل سيكون لنا أن نرث الله نرث مع المسيح (رو17:8). بل سيكون لنا نصيب في عرشه (رؤ21:3). وأيضًا صرنا شركاءه في فضيلته عمومًا. وصار روحه القدوس يسكن فينا (1كو3: 16). وهذه الصفات، المحبة والأبدية والمجد... هي صفات لله وهي صفات مطلقة نأخذ منها أي نشترك فيها معه لكن على قدر طاقتنا فما نأخذه هو نسبي وليس مطلق مثل الله. ويقول القديس بولس الرسول في بركته لأهل كورنثوس "نعمة ربنا يسوع....وشركة الروح القدس مع جميعكم" (2كو13: 14) فالروح القدس يشترك معنا في كل عمل صالح. ويقول السيد المسيح "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو15: 5). فنحن في المسيح الذي يقوينا نستطيع كل شيء (فى4: 13). لذلك أضاف هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ = فالشهوة الخاطئة هي سبب الفساد الذي في العالم، ولكن بعطية الله الذي أعطانا كل ما سبق من فضائل وعطايا. بل وكان ذلك عن طريق إتحادنا به صرنا نستطيع النصرة. ولولا عطية الله وإتحاده بنا ما إستطعنا النصرة. فالتقديس يعني إتحادنا بالله بروحه القدوس لكي يقدسنا. هذا هو مجد المسيحية. فالمسيح أخذ الذي لنا (شركة طبيعتنا البشرية) وأعطانا الذي له (شركة طبيعته الإلهية) طبيعة الله وجوهره هي المحبة. فالمسيح أخذ جسدنا ليعطينا طبيعة المحبة فنحب الله ونحب كل إنسان حتى أعدائنا. أي تصير قلوبنا مملوءة محبة. فالروح يسكب المحبة فينا (رو5:5) ومن ثمار الروح المحبة (غل22:5). فنحن لا نتبع زعيما دينيا أو مصلحا جاء من العلاء، بل إلهًا نتحد به ونصير واحدا معه. لقد صارت حياة المسيح فينا "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21) وهذا هو سر التقوى التي أصبح الانسان المسيحي يحيا فيها أن الله ظهر في الجسد (1تى3: 16)، وصارت لنا حياة المسيح، فصار المسيح يستخدم أعضاءنا كألات بر (رو6: 13). ونلاحظ أن شركتنا في الطبيعة الإلهية تسبق هروبنا من فساد العالم = لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ. فشركتنا في الطبيعة الإلهية هي سبب نصرتنا، فطبيعة المحبة وبالذات محبة الله تجعلنا نحتقر العالم بما فيه من خطايا وتكون وصاياه ليست ثقيلة (1يو3:5) + (فى3: 7، 8).
آيات 5-7:- وَلِهذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً.
رأينا العطايا الإلهية في الآيات السابقة، ولكن هل يمكن للإنسان أن يخلص بها دون جهاد؟ قطعًا لا. لذلك يكمل الرسول... ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد = والجهاد نوعان:-
1. جهاد إيجابي = كالصلاة والصوم وأعمال البر...
2. جهاد سلبي = أي الامتناع عن كل خطية والهروب من الشهوة والفساد اللذين في العالم (آية 4).
ولهذا عينه = أي إذا كان الله قد دعاكم لأن ترثوا مجدا معدا لكم وتكونوا شركاء الطبيعة الإلهية فالأمر يستحق كل اجتهاد من جانبكم، وأن نحمل كلنا كل صليب يسمح به الله، وأن نقدم أجسادنا ذبيحة حية، ونذبح كل شهوة. قدِّموا في إيمانكم فضيلة... وفي المودة الأخوية محبة = نلاحظ هنا:-
1. هذه سلسلة من الفضائل تبدأ بالإيمان وتنتهي بالمحبة، لخصها بولس الرسول بقوله "الإيمان العامل بالمحبة" (غل6:5) أما بطرس الرسول فيفصلها ويشرح كيف تنبع المحبة من الإيمان.
2. هذه الفضائل ليست منفصلة عن بعضها فالرسول لم يقل قدموا بعد إيمانكم فضيلة بل قال في إيمانكم فضيلة، فالفضائل سلسلة مترابطة لا تتقدم الواحدة عن الأخرى.
3. الله أعطانا عطايا جيدة، فعلينا أن نستعملها في نمونا الروحي.
قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً = قدموا أي جاهدوا أن تكون لكم أعمال صالحة، فإيمان بدون أعمال ميت. أنتم مؤمنين هذا حسنٌ جدًا، لكن لتجاهدوا ليكون لكم أعمال فضيلة. فمن يؤمن بأنه سيرث أمجاد أبدية لن يتصارع على ميراث أرضي. ومن يؤمن بأن الله يراه في كل حين سيمنع نفسه حتى من الفكر الخاطىء. وعدم الصراع على الماديات ومنع النفس عن الفكر الخاطئ، كل هذه أمثلة للفضائل الناشئة عن الإيمان، وهي تزداد مع نمو الإيمان، بل هي علامة على أن الإيمان حي (يع2).
وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً = من يعمل أعمالا صالحة وينفذ الوصايا تصير له معرفة حية بالمسيح. ولاحظ قول السيد المسيح "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي" (يو17:7) فمن يغصب نفسه أن يعمل وينفذ وصايا الله سيعرف من هو المسيح وحقيقة تعاليمه. مثلا من يتبع وصايا المسيح تجد السلام والفرح يملآن قلبه، وإذا إرتد للخطية يفقدهما. هنا سيعرف أن وصايا المسيح حق وأنها لصالحه. وفي مثال الرجل الذي بنى بيته على الصخر، هذا الذي سمع أقوال السيد المسيح وعمل بها فتذوق فرح عشرته فأحبه. نجد أن البيت صمد أمام المطر والأنهار والرياح (التجارب والآلام والتي يأتي إبليس خلالها ويشكك في محبة المسيح) لكن من إختبر المسيح وعرفه لن يستجيب لتشكيك الشيطان. لهذا لم يقع البيت (مت24:7-27) أي لم يشك في المسيح ولا في محبته فهو قد عرفه حقيقة إذ عمل بوصاياه. عموما من ينفذ الوصية يتنقى قلبه فتنفتح عيناه ويعرف المسيح ويراه "فطوبى لأنقياء القلب..." . أما الذي يترك نفسه وراء شهواته، تغلق الخطية عينيه فلا يرى المسيح ولا يعرفه.
وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا
= من له معرفة عملية بالمسيح تعوف نفسه الخطية ويزهد في مجد العالم إذ اكتشف حقيقة الأمجاد السماوية. ومن يعرف المسيح سيكتشف أن العالم بما فيه نفاية (فى8:3). ومن وجد اللؤلؤة كثيرة الثمن سيزهد في كل شيء.وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا = التعفف النابع عن محبة السماويات إذ أدرك جمالها ومجدها، يعطي قدرة على الإحتمال والصبر، فمن إحتقر وزهد في أمجاد هذا العالم سيصبر على ألامه فعينيه صارت مثبتة على السماء وأمجادها، ينتظرها ويشتهيها، وما عاد ينتظر شيئا من الأرض (2كو4: 18). فمن ما زال ينتظر الأرضيات والماديات يضطرب ويتعجل الحصول عليها ، هذا عكس من عينه مثبتة على السماء ، هذا لا ينتظر شيئا من الأرض فيتعجل الحصول عليه . بل ينتظر وصوله للسماء ليستريح هناك وسط السمائيين ، وحتى في هذه يتوقعها بصبر غير متعجل ، فهو يعلم أن الله لن ينقله للسماء قبل ان أ) يتمم الله تنقيته. ب) يتمم هو وينهي العمل الذي خلقه الله ليتممه (أف2 : 10). وهذا معنى قول بولس الرسول "لي إشتهاء أن أنطلق.... لكن أن أبقى ألزم لأجلكم" (فى1: 23: 24). فالرسول يسلم الأمر لله لينقله للسماء التي يشتهيها، ولكن في الوقت المناسب الذي يراه الله. بعد أن يتمم الله تنقيته ويتمم هو خدمته التي عينها له الله .
إذًا الصبر هنا ناشئ عن:-
1.
العين المثبتة على السماء وأمجادها.2.
أن الله يعرف الوقت المناسب لنترك هذا العالم. وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى = حين يثبت الانسان عينيه على السماء منتظرا إنتقاله لن يجري وراء شهواته الخاصة ، بل سيخاف الله ويعمل مشيئته. فمن يصبر على التجربة مثبتا نظره على أمجاد السماء التي ينتظرها، كيف يُحَوِّل نظره إلى أدناس العالم، بل هو سيسلك في تقوى وهنا يجد التعزيات تسانده، بل تتضح أكثر وأكثر صورة أمجاد السماء أمام عينيه فيتمسك بالتقوى. وأيضًا حين يحتمل المؤمن التجارب بصبر ناشئ عن فهم أن التجربة يسمح بها الله وهو الأب المحب لينقي أبناءه وتكون هي طريقه للسماء وهو في حالة نقاوة ، وأن كل الأشياء تعمل معا للخير ، يصبر هذا الإنسان على الألام ، وهذا ما قاله يعقوب الرسول (يع1: 2 – 5) ، وهذا الصبر يزيد معرفته الإختبارية بمحبة الله. وكلما ازدادت المعرفة، ازداد الثبات في المسيح وهذا يعطي للإنسان أن تثبت فيه حياة المسيح. وهذا هو سر التقوى أن المسيح ظهر في الجسد (1تى16:3) وأعطانا حياته (فى21:1). ولاحظ أن من يحتمل بصبر يستطيع أن يرى ويدرك تعزيات الله ومساندته له في شدته، فتزداد خبراته عن الله ومعرفته. أما المتذمر فلن يدرك شيئا لذلك قال بولس الرسول أن الشكر يزيد الإيمان (كو7:2).وفي التقوى مودة أخوية = من يخاف الله ويتقيه يعامل إخوته بلطف وحنان. فلا تذمر ولا جفاء معهم بل يتعامل بروح الوداعة والود والمسالمة. عمومًا من ثبتت فيه حياة المسيح تصير له صورة المسيح (غل 4: 19).
وفي المودة الأخوية محبة = كلما ثبتت فينا حياة المسيح نأخذ صورته بالأكثر (2 كو 3: 18) والله محبة والمسيح هو ابن الله. وكيف تثبت فينا حياة المسيح؟ بقدر ما يتعامل الإنسان بمودة أخوية مع الناس فلا يتذمر عليهم، ولا يتكلم عليهم بالسوء ويقدم لهم خدمات ويصلي لأجل الكل حتى أعداءه، بقدر ما تنسكب المحبة في قلبه لهم. وهذا ما علم به السيد المسيح حين قال أحبوا أعداءكم (كيف يا رب)... باركوا لاعنيكم (تكلموا عنهم حسنا) أحسنوا إلى مبغضيكم (قدموا لهم خدمات) صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم (مت44:5). وهذا ما نسميه الجهاد والنعمة. فانسكاب المحبة هي عطية من الله، إذًا هي نعمة ولكن النعمة لا تعطي إلا لمن يستحقها أي لمن يجاهد. ومن يغصب نفسه أن يتعامل بمودة أخوية، ويتكلم حسنا على الناس، ويخدمهم تنسكب المحبة في قلبه. والجهاد يعني أن يغصب الإنسان نفسه على فعل ما هو صحيح وما يرضي الله.
آية 8:- لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
ترجمة Jerusalem Bible "إمتلاك هذه الفضائل والنمو فيها سيمنع أن تكون معرفتكم بربنا يسوع غير مثمرة". وبصورة أبسط أن إمتلاك هذه الفضائل سيجعل معرفتكم بالمسيح مثمرة. فهناك من يعرف الرب معرفة نظرية بطريقة to know هذا تجده دارسًا للكتاب ومتعمق نظريًا. ولكن الرسول يطلب ليس المعرفة النظرية، بل معرفة الإتحاد، ولأنه لا شركة للنور مع الظلمة أي الخطية، نجد الرسول يطلب النمو في الفضائل التي بها يحدث الإتحاد. ولكن هذا يكون لمن يسلك بتقوى. والإتحاد بالمسيح يعطي حياة والغصن الحي يكون مثمرا (يو15: 1 – 8).
هدف كل الفضائل المسيحية هو معرفة المسيح معرفة كاملة. فمن يجاهد لكي ينمو في الفضائل السابقة سيعرف ربنا يسوع معرفة حقيقية. أي يثبت فيه ويكون له هذا الثبات حياة أبدية. ويثبت في مواجهة التجارب والتي يستغلها عدو الخير الكذاب ويخدعنا بأن الله قاسٍ إذ سمح بهذه التجربة، لأن مَنْ عَرف المسيح وانفتحت عيناه وأدرك كم أن المسيح يحبه، فهو سيكتشف بسهولة أكاذيب عدو الخير هذه (مت 7: 24-27). وسلسلة الفضائل السابقة والتي تبدأ بالإيمان والتغصب على فعل ما هو صالح، وتنتهي بالمحبة، هي خط واضح ومن يحاول أن يسير على هذا الطريق سيزداد معرفة بالمسيح، وآخر السلسلة كانت المحبة. والله محبة فمن يسير في هذا الخط ليصل إلى محبة الله ومحبة الناس، فهو يسير فعلا في طريق معرفة الله.
كثرت = أي تنمو، فالحياة المسيحية يجب أن تكون في حالة نمو دائم.
تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ = كلما تحاولون أن تكون هذه السلسلة منهج لحياتكم سيمتنع التكاسل الذي في حياتكم، ويكون لكم نشاط أن تعرفوا عن المسيح أكثر فمن يعرف المسيح يريد أن يعرف عنه أكثر وأكثر، والرب يقول "طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون" (مت5: 6). وكل من يعرفه بالأكثر يزداد ثباتا فيه، لأن المعرفة إتحاد. والإتحاد بالمسيح حياة، لأن المسيح هو القيامة والحياة (يو11: 25). والغصن الحي يأتي بثمر (يو15: 1 - 8). لذلك فكل من يحاول سيكون مثمرا = لاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ = فمن يعرف أي يتحد بالمسيح ، والمسيح هو الحياة، تكون له حياة المسيح، فيكون مثمرا. فلا ثمر بدون حياة.
آية 9:- لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ.
أما الإنسان الخالي من الفضائل فهو بلا خبرة روحية ولا معرفة إختبارية بالمسيح
= أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، وما الذي فعل به هكذا؟ هو مثل الفلاح غير الحكيم الذي نسى تطهير حقله من الأحجار التي فيه والحشائش الضارة، هذا لا يمكن أن ينمو في أرضه نبات له حياة وثمر. وهكذا هي الخطية.... فطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله. ونحن نحصل على القلب النقي الذي يعاين الله فيعرفه عن طريق المعمودية ثم بالتوبة والاعتراف والتناول من جسد الرب ودمه. وبالمعمودية تصير لنا طبيعة جديدة بها نعاين الله، ومن ينسى هذا ويعيش بلا توبة (لينقي قلبه) وبلا أعمال صالحة، وينسى أنه حصل على طبيعة جديدة، فيكف عن جهاده يصير أعمى لا يستطيع أن يعرف الله. ونحن نعرف أن أنقياء القلب هم من يعاينون الله أي لهم بصيرة وليسوا عميانًا (مت5: 8).
آية 10:- لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا.
لذلك = راجعة على الآية السابقة والمعنى أنه حتى لا تصيروا عميان إجتهدوا.
اجْتَهِدُوا ... أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ = لقد أفرزكم الله بروحه القدوس عن العالم، وإختاركم للمجد، فهل ترتدوا فتخسروا كل البركات... لا بل إجتهدوا، والجهاد يجعل الدعوة والإختيار ثابتين. إجتهدوا أي جاهدوا لتنموا في حياة الفضيلة فيزداد ثباتكم في المسيح وتنفتح أعينكم عليه وتعرفوه. وبدون الجهاد يزل الإنسان ويتعثر كالأعمى ويخسر دعوته وإختياره. هذه الآية تشبه قول الرب يسوع "من يغلب لن أمحو إسمه من سفر الحياة" (رؤ3: 5). سبق الرسول في الآية السابقة وقال أن من يجاهد ليحصل على الفضائل تنفتح عيناه، ولا يعود بعد أعمى قصير البصر. وأصحاب الأعين المفتوحة لا يتعثرون في الطريق = لن يزلوا أبدا.
وفي هذه الآية رد على مَنْ يتصور أن الإيمان بدون أعمال يخلص، ورد على من يتصور أن هناك مختارين يخلصون دون أن يجاهدوا. فها نحن نرى هنا أناس مدعوين ومختارين لكن يلزمهم أن يجاهدوا لكي يثبت هذا الاختيار وهذه الدعوة.
آية 11:- لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ.
لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ = لأنه = أي كما قلنا سابقًا أنه عليكم أن تجاهدوا لتثبتوا في المسيح.. حينئذٍ يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا = سيكون لكم الطريق إلى ملكوت السموات مفتوح ومتسع، والرسول يقول عن دخول الملكوت أنه بسعة = حتى لا ييأس أحد من خلاصه.
يقول الرب يسوع "أدخلوا من الباب الضيق لأنه واسع الباب ورحب الطريق (ملذات العالم الحسية الخاطئة) الذي يؤدي إلى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب وأكرب الطريق (حفظ الوصية والتعفف عن مغريات هذا العالم الخاطئة) الذي يؤدي إلى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه" (مت7: 13 ، 14). ولكن نهاية هذا الطريق الذي بدأ بالضيق وحمل الصليب، هي الفرح المتزايد والسلام القلبي الحقيقي. وهذا معنى الإتساع والنهاية ملكوت السموات.
ولاحظ في الرسم أن من إختار الدخول من الباب الضيق، باب حمل الصليب سيؤدي به ذلك إلى حياة كلها فرح وسلام = يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ. والعكس لمن إختار طريق الخطية.
آيات 12-15:- لِذلِكَ لاَ أُهْمِلُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ دَائِمًا بِهذِهِ الأُمُورِ، وَإِنْ كُنْتُمْ عَالِمِينَ وَمُثَبَّتِينَ فِي الْحَقِّ الْحَاضِرِ. وَلكِنِّي أَحْسِبُهُ حَقًّا مَا دُمْتُ فِي هذَا الْمَسْكَنِ أَنْ أُنْهِضَكُمْ بِالتَّذْكِرَةِ، عَالِمًا أَنَّ خَلْعَ مَسْكَنِي قَرِيبٌ، كَمَا أَعْلَنَ لِي رَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ أَيْضًا. فَأَجْتَهِدُ أَيْضًا أَنْ تَكُونُوا بَعْدَ خُرُوجِي، تَتَذَكَّرُونَ كُلَّ حِينٍ بِهذِهِ الأُمُورِ.
لِذلِكَ
= لأن هناك تهديد بخسارتهم لكل شيء إن أهملوا، وهناك وعد بملكوت أبدي لو ثبتوا مجاهدين. وإدراك الرسول باقتراب يوم إنتقاله جعله يهتم بأن يذكر أولاده أن يجاهدوا.كما أعلن لي ربنا = لقد سبق رب المجد وأعلن له أنه سيموت مصلوبًا (يو18:21).
ولكن الرسول هنا يتكلم عن رؤيا حديثة، أعلن له فيها رب المجد عن قرب انتقاله.
ما دمت في هذا المسكن = مسكن أصلها خيمة. والخيمة إشارة للجسد الحالي (2كو1:5). ويقول التاريخ أن الوثنيون استشاطوا غيظًا من القديس بطرس فأرادوا قتله. فأوعز إليه المؤمنون أن يهرب، فقبل الرسول مشورتهم، وفيما هو خارج من باب مدينة روما رأى السيد المسيح داخلًا، فسأله بطرس "إلى أين تذهب يا سيدي = كوفاديس"، فأجابه السيد "إلى روما لكي أصلب ثانية" فأدرك القديس بطرس أن السيد المسيح يريده أن يعود ليستشهد، فرجع في الحال وأخبر المؤمنين بذلك، وسجن 9 شهور ثم صلب منكس الرأس. وفي نفس اليوم قطعت رأس بولس الرسول بالسيف، وكان هذا لأن بولس له جنسية رومانية والروماني لا يصلب.
بعد خروجي = أي موتى (لو31:9).
آيات 16-18:- لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلًا مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ.
لم نتبع خرافات مصنعة = فلو كانت كذلك، أي لو لم نكن متأكدين تمام التأكد مما قلنا، فلماذا نحتمل كل هذه الآلام. وهذا ما قاله أيضًا بولس الرسول (1كو15: 30). إذًا كرازتنا بالملكوت ليست من وحي الخيال. وهنا يشير القديس بطرس إلى أنه عاين هو ومن معه عظمة السيد المسيح، هذه التي ظهرت بوضوح على جبل التجلي.
وهذا ما أعلنه أيضًا يوحنا الرسول إذ شهد بمجد المسيح على جبل التجلي (يو14:1).
أخذ من الله الآب كرامة ومجدا = فالمسيح تجلى أمام بطرس ويعقوب ويوحنا على الجبل المقدس = فتجلى الرب عليه جعله جبلا مقدسا. الصوت مقبلا من السماء = فمجد الرب وكرامته ليسا أرضيين بل سماويين.
المجد الأسنى = المجد البهي، وهو تعبير يستخدم ليشار به إلى الله. والأسنى تعني جل جلاله (جَلَّ جَـلاله) وتعني الفائق والأرفع والأعظم وذو المهابة والقدرة. وكلمة "السَنِى" في العربية تعني الرفيع، والسنا هو ضوء البرق. وهذه الكلمة هي كلمة فريدة لم تأتي سوى في هذه الآية.
آية 19:- وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ.
إن كنتم في شك من شهادتنا عن المسيح، فعندكم النبوات في العهد القديم، وهي شهادات أنبياء شهدوا بها عن المسيح منذ مئات السنين. وهي ثابتة، والكتب في يد اليهود شاهدة على صدق ما نقول.
إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم = كوكب الصبح هو إشارة عن المسيح واستخدم هذا في (عد17:24) + (لو78:1) + (رؤ16:22) + (ملا2:4) + (أف14:5). وهذا الكوكب يظهر قبل ظهور الشمس مباشرة. والمعنى أن بطرس يريد أن يقول أنه هو رأى المسيح على جبل التجلي، أما بالنسبة لمن لم يرى فعنده نبوات الأنبياء عن شخص المسيح وفدائه، وهذا كمرحلة مؤقتة حتى يكون للمؤمن الإعلان المباشر لشخص المسيح في قلبه. وهذا الإعلان يفوق النبوة ويفوق رؤية المسيح بالجسد، هذا الإعلان أو هذه الرؤية القلبية التي ينكشف فيها محبة المسيح اللانهائية ستكون كإشراق الشمس في القلب. وهذا الإعلان هو عمل الروح القدس (يو16: 14).
فاليهود رأوا المسيح بالجسد ولم يعرفوه بل صلبوه، وهم كانت عندهم النبوات أيضا وتعاموا عنها وما يزالوا حتى الآن. أما الإعلان الذي في القلب فهو يعطي اليقين الكامل والإستنارة والفرح والثقة فيه ومحبته.
آيات 21،20:- عَالِمِينَ هذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
مسوقين = محمولين كما تحمل الريح السفينة وقارن مع (2تى16:3).
ولكن لنفهم أن مفهوم الوحي لدى المسيحيين واليهود هو ليس أن الروح القدس يملي على الكاتب ما يكتب بل:-
3. هو يعطي الفكرة للكاتب، والكاتب يصيغ ما يكتب بحسب أسلوبه وثقافته وفلسفته وخبراته.
4. الروح القدس يحمي الكاتب من الوقوع في أخطاء.
5. الروح القدس يكشف للكاتب ما هو غامض ومستور (مثلا أحداث الخليقة تك 1).
ليس من تفسير خاص = ليس عن اجتهاد بشرى، بل بوحي من الروح القدس.
أعلن رب المجد للرسول أن عمله على الأرض قد إنتهى، وأنه ذاهب إلى السماء. وهو كأب يخاف على أولاده نجده هنا يوصيهم ويذكرهم بما حصلوا عليه، وما هي واجباتهم في المقابل (12 - 15).
نرى في الإصحاح الأول ماذا حصل عليه من آمن بالمسيح؟
إمكانية أن يحيا المؤمن حياة أبدية في مجد غير مستعلن تبدأ هنا على الأرض كلها تقوى وفضيلة، ثم ينتقل إلى المجد المعلن بعد أن ينهي أعماله وجهاده. وما حصلنا عليه ليس بالقليل، بل صرنا شركاء الطبيعة الإلهية (3 - 4). وما حصلنا عليه راجع لإتحادنا بالمسيح والثبات فيه = نعرفه (2).
الأدلة :-
1. القديس بطرس نفسه تغير من سمعان إلى بطرس رسول المسيح (1)، بعمل النعمة (2).
2. بطرس رأى المسيح على جبل التجلي ويشهد بذلك (16 - 18).
3. النبوات حينما تطابقت مع أحداث التجسد، هي إثبات لصحة المواعيد (19،4). وهذه النبوات كانت بالروح القدس (20 ، 21).
4. بل حينما ينتبه كل منا إلى الكتاب المقدس ونبواته "يأخذ الروح القدس مما للمسيح ويخبرنا" (يو16: 14) فتتضح صورة المسيح (كوكب الصبح) في قلوبنا (19).
إيمان المسيحي بالمسيح هو إيمان عامل وليس خامل (5 - 7).
حقًا بالإيمان وبعد المعمودية نتحد بالمسيح ونثبت فيه. ولكن رب المجد يطلب منا قائلا "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4). فالارتداد للخطية يفقدنا هذا الثبات. وحتى نستمر في حالة الثبات ينبغي أن نجاهد. بأن نسلك في الفضيلة = أعمال صالحة ولاحظ أن النعمة تساندنا. ومن يفعل تنفتح عيناه (مت5: 8) فيعرف المسيح بمعنى: 1*الإتحاد والثبات فيه + 2*معرفة حلاوة عشرته كلؤلؤة ثمينة نكتشفها من خلال ثباتنا فيه، فنزهد في كل لآلئ العالم = تعفف. ومن يعرف المسيح سيرى مجده ويفرح بما ينتظره هو أيضًا كمؤمن مكانه سيكون مع المسيح، ولن يهتم بخفة الضيقة الوقتية في هذا العالم بجانب المجد الذي أعلنه له الروح القدس (1كو2: 9 ، 10) وهذا ما يعطي المؤمن أن يحتمل تجارب هذا العالم في صبر. ومن يصبر واضعا مجد السماء نصب عينيه يستفيد من التجربة، فالله يسمح بالتجربة لكي نكمل (يع1: 4) ويكف عن أخطاءه (1بط4: 1) فيزداد تقوى. ومثل هذا الإنسان يزداد ثباتا في المسيح بل يأخذ صورة المسيح (غل4: 19) فنجده الوديع، طويل الأناة المتواضع = مودة أخوية. وقمة التشبه بالمسيح هي المحبة فالله محبة.
وكل من يجاهد لكي يثبت في المسيح يمتلئ بالروح القدس المحيي الذي يثبت فيه حياة المسيح، والغصن الحي يثمر بل يلتهب غيرة نارية ليمتلئ بالأكثر بعد أن تذوق حلاوة المسيح + لا يتكاسل في جهاده وخدماته للمسيح ولكنيسته (8) (وراجع نش7: 8).
والآن ماذا نقول عمن ليس عنده كل ذلك سوى أنه أعمى لم يرى المسيح ولم يختبر حلاوة عشرته. والسبب أنه اكتفى بالإيمان النظري ولم يجاهد فخدعه العالم بخطاياه وغلبه، فانطمست عيناه بسبب الخطية (مت5: 8). إذ أننا بالجهاد نحصل على النعمة التي هي القوة التي تساندنا ضد الخطية (9).
الرسول بعد كل هذا يدعو أولاده ويدعونا معهم أن نجاهد فنمتلئ نعمة ونظل ثابتين في المسيح. فلا نخسر الهدف وهو ملكوت ربنا يسوع الأبدي (10 ، 11).
ويكمل الرسول في الإصحاح الثاني والثالث: تحذير أولاده وتحذيرنا من الذين يحاربون الكنيسة ويحاربوننا بنشر هرطقاتهم سعيا وراء مكسب مادي أو لشهوات رديئة في قلوبهم أو باسم العلم الكاذب. فالحرب معلنة من إبليس ضد المسيح وكنيسته كل الأيام. ولكن من ينجذب وراء هؤلاء فنهايته مخيفة "مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب10: 30 ، 31).
← تفاسير أصحاحات بطرس الثانية: مقدمة | 1 | 2 | 3
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير بطرس الثانية 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة رسالة بطرس الثانية |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xyy8ar5