حينما تشترك الروح الإنسانية مع الروح القدس، يكون عليها واجبان: أحدهما إيجابي والآخر سلبي.
أما الجانب السلبي، فهو أن تبتعد عن إطفاء الروح، وأحزان الروح، ومقاومة الروح، والتجديف على الروح.
وعن هذا يقول الكتاب "لا تطفئوا الروح" (1تس19:5)، "لا تحزنوا روح الله الذي به ختمتم..." (أف18:5). وتكلم الكتاب أيضًا عن مقاومة الروح، في قول القديس اسطفانوس أول الشمامسة لليهود "يا قساة الرقاب... أنتم دائمًا تقاومون الروح القدس، كما كان آباؤكم، كذلك أنتم" (أع51:7). والتجديف على الروح القدس، ذكره السيد الرب (مت31:12).
أما العلاقة الإيجابية بالروح القدس، فتبدأ بالميلاد من الروح.
وهكذا قال الرب "المولود من الروح، روح هو" (يو6:3). وقال "أن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو5:3). وهكذا يولد الإنسان من الروح في المعمودية.
ثاني علاقة بالروح هي في مسحة الروح القدس.
هذه التي ذكرها القديس يوحنا الرسول في (1يو20:1، 27) فقال "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس..." إنها المسحة المقدسة في سر الميرون المقدس.
وهكذا بالمسحة يصير جسد الإنسان هيكلًا للروح القدس.
وعن ذلك قال القديس بولس الرسول "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذي فيكم..." (1كو16:3).
النقطة الثالثة في العلاقة بالروح القدس هي الشركة مع الروح.
وفى هذا يقول القديس بولس الرسول في البركة الختامية "نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس، تكون مع جميعكم (2كو14:13). إنها شركة لروح الله مع روح الإنسان.
شركة في العمل. فيها روح الله معك، وفيك، وبك.
المهم في هذا أن تستجيب روح الإنسان لعمل الروح القدس فيها.
وبهذا تكون في شركة معه، أما التجديف على الروح، فهو رفض عمل الروح، رفضًا كاملًا، مدى الحياة، وبهذا لا يتوب الإنسان، لأنه لا يستطيع التوبة بدون عمل الروح فيه. وإذ لا يتوب، لا تغفر له خطاياه.
رابعًا: أما الشركة مع الروح، فيظل الإنسان ينمو فيها، حتى يصل إلى إتمام الوصية القائلة:
"امتلئوا بالروح" (أف18:5).
أو على حسب ترجمة أخرى "اجعلوا روح الله يملؤكم"...
خامسًا: وبالشركة مع الروح، والامتلاء بالروح، يصل الإنسان إلى نتيجة هامة، وهي ثمار الروح، التي ذكرها القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية (غل22:5، 23). وثمار الروح تأتي كنتيجة لعمل روح الله في الإنسان، ونتيجة لاستجابة روح الإنسان لعمل روح الله، واشتراكها معه.
أية نتيجة للأمرين معًا... وهذا هو المنهج الروحي المتكامل، بالنسبة لسلوك الإنسان في حياة الروح. وإذا سارت روح الإنسان في شركة مستمرة مع روح الله، فلا بُد أن تصل إلى نتيجة واضحة، وهي:
سادسًا: حرارة الروح، كما قال الرسول"حارين في الروح" (رو11:12).
ما دام قد قيل عن الرب "إلهنا نار آكلة" (عب29:12)... إذن فمن الطبيعي أنه إذا اشترك روح الإنسان مع روح الله،لا بُد أن يصبح هذا الإنسان حارًا في الروح... وكلما ابتعد عن الله،تفتر روحه.
ليس غريبًا إذن أنه عندما حل روح الله على التلاميذ في اليوم الخمسين حل بألسنة "كأنها من نار" (أع3:2).
وهكذا لآن الملائكة أشخاص روحيون، أو لأنهم أرواح، لذلك قيل عنهم في المزمور "الذي خلق ملائكته أرواحًا وخدامه نارًا تلتهب" (مز4:104).
فالإنسان الذي يكون في حالة روحية، تعرف رو حياته من حرارته:
يكون حارًا في الروح: إذا صلى، تكون صلاته حارة جدًا، ملتهبة بالحب الإلهي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. والصلاة بالروح تظهر حرارتها في الدموع. أو في الانسحاق، أو في الإيمان القوي. أو ربما تكون حرارتها في ألفاظها وتعبيراتها.
ومن أمثلة الصلاة الروحية، صلاة المؤمنين من أجل الرسل، التي زعزعت المكان (أع31:4).
أيضًا الإنسان المشتعل بالروح، تظهر روحياته في حرارة خدمته.
خدمة ملتهبة، فيها الغيرة النارية التي يقول فيها "غيرة بيتك أكلتني" (مز119). فيها حماس الخدمة، وقوة الخدمة، بعكس الخدمة غير الروحية الخاملة الذابلة، التي هي مجرد روتين وبلا تأثير.
الحياة الروحية الملتهبة تظهر أيضًا في حياة الإنسان الخاصة:
كما يقول القديس يوحنا الحبيب في بدء رؤياه "كنت في الروح، في يوم الرب" (رؤ10:1)، أي في حالة روحية معينة...
وقد تبدو حياة الروح في المحبة الإلهية القوية.
لأن المحبة وصفت بالنار، كما قيل في سفر النشيد "مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها" (نش7:8). فالمحبة كالنار، سواء كانت محبة لله، أو للناس أو للكنيسة والخدمة.
عمل الروح في الإنسان يعطيه حرارة، على أن البعض ربما يفهم الوداعة فهمًا خاطئًا، كما لو كان الوديع بلا حرارة ولا حيوية...!
سابعًا: إذا سلك الإنسان حسب الروح، وتمتع بسكنى روح الله فيه، فإنه سوف يتمتع بما يُسَمَّى: سلطان الروح، أو قوة الروح.
يكون لروحه سلطان على جسده، ويكون لروحه سلطان على الشياطين. كما قيل عن التلاميذ إن الرب "أعطاهم سلطانًا على أرواح نجسة حتى يخرجوها" (مت10: 1). وقال لهم "ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 10: 19).
ويكون للروح سلطان في تأثيرها حتى على الناس.
وهذا هو الذي يعطي للكلمة قوة، ويكون لها سلطان أن تدخل إلى العقل والقلب، وأن تحدث تأثيرًا في الناس.
الشخص الذي يشعر بهيبة أبيه ويخافه، هناك سلطان من روح أبيه عليه، وسلطان من الشريعة والوصية والطبيعة. أما الإنسان الذي لا تزال هناك معركة بين جسده وروحه "ويقاوم أحدهما الآخر" (غل 17:5)، وتقف الروح أحيانًا في موقف المنهزم، فهذا قد فقد سلطان روحه. أما إذا انتصرت روحه، فحينئذ يكون لها سلطان.
هذا السلطان كان يجعل الشياطين ترتعب أمام بعض القديسين.
ثامنًا: الإنسان الذي يحيا بالروح، هو إنسان قوي، ولا يخاف.
عنده قوة داخلية، لا تخشى شيئًا من الخارج. أما الذين يخافون، فأرواحهم ليست لها قوة. وهكذا فإن الخائفين وضعهم سفر الرؤيا في قمة الهالكين. إذ كتب "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدمة بنار وكبريت..." (رؤ8:21). عجيب أن الخائفين هم بعيدون عن روح الله الذي هو مصدر القوة.
هذا الذي قال عنه الرب "ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع8:1).
أما الذي أخذت روحه قوة من روح الله فإنه إن خدم يخدم بقوة. وإن تكلم، يتكلم بقوة، وهكذا كانت الكنيسة الأولى قوية. وقيل عن خدمتها إن ملكوت الله قد أتى بقوة.
أما عيب الخدام، فهو أنهم يخدمون كثيرًا، ولكن ليس بقوة... يخدمون بنشاط كبير، ولكن ليس بقوة الروح!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/company.html
تقصير الرابط:
tak.la/grcczb6