تأليه الإنسان - الجزء الثاني
شركاء الطبيعة الإلهية partakers of the divine nature
تعبير "شركاء في الطبيعة الإلهية"!!
هل الله أراد تأليهنا منذ خلقه لنا؟!
هل نشترك في الطبيعة الإلهية عن طريق التبني؟!
هل القيامة من الأموات هي شركة في الطبيعة الإلهية؟!
هل نشترك في الطبيعة الإلهية بالافخارستيا؟!
هل الله صار إنسانا لكي يصير الإنسان إلها؟!
هل الشركة في اللاهوت تظهر في السلطان على الشيطان؟!
هل القداسة هي شركة في الثالوث القدوس؟!
هل حلول الروح القدس أقنوميًّا هو تأله؟!
هل النعمة هي شركة في الطبيعة الإلية؟!
إلحاقًا بما نشرناه عن (تأليه الإنسان)!! نصدر هذه التكملة عن (مشاركة الطبيعة الإلهية)!!
وسنرد في هذا الكتيب عن هذا الفكر ممثلا في مدرسة واحدة كما يظهر في كتاب (القديس أثناسيوس الرسولي).. للدكتور جورج حبيب بباوي، وكتاب (الأصول الأرثوذكسية الآبائية ج 2) لبعض رهبان دير أنبا مقار.
وكل من فرعى المدرسة الواحدة يترجم قول القديس بطرس الرسول "شركاء الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4) بعبارة "شركاء في الطبيعة الإلهية "! بمعنى شركاء في نفس الطبيعة الإلهية، وليس شركاء مع الطبيعة الإلهية، في العمل وفي الإرادة مثلا...
فالدكتور جورج حبيب بباوي في كتابه عن القديس أثناسيوس، يذكر هذا التعبير "شركاء في الطبيعة الإلهية" في عناوين كل من الفصل الثامن، والفصل 11، والفصل 12، والفصل 13، والفصل 14، والتناول من الأفخارستيا (ص 214).. مع التفاصيل التي تحويها هذه العناوين...
ويقول في (ص 214) "حقيقة اشتراكنا في اللاهوت (!!) بسبب حصولنا على السر السمائي واهب الحياة الأبدية".
وقال في (ص 138).. "حتى نستطيع أن نشترك في لاهوت الكلمة!!" ما أعجب الجرأة في هذا التعبير!!
وقال في (ص 159) "صلة الكلمة المتجسد بالذين اشترك هو في طبيعتهم، حتى !! يشتركوا هم في ألوهيته
وكتاب (الأصول الأرثوذكسية الآبائية... ج 2) يذكر عبارة الشركة في الطبيعة الإلهية في (ص 11، ص 12، ص 35، ص 45). ويذكر في (ص 10) "شركتنا في الله"، "شركتنا في طبيعة الثالوث"، وفي (ص 11) نعمة التأليه في المسيح. وفي (ص 12) الشركة في طبيعة اللاهوت.
ونحن لا يمكن أن نقبل الاشتراك مع الله في طبيعته ولاهوته، مهما حاولوا تبرير هذا الأمر بمعانٍ واقتباسات.
فماذا تراهم يقولون في هذا الأمر؟
يقولون إن تأليه الإنسان هو غرض إلهي منذ البدء! فقد كان قصد الله منذ البدء هو تأليه الإنسان! فلما أخطأ الإنسان، زال هذا القصد!
وطبعًا هذا الكلام غير مقبول للأسباب الآتية:
1-لو كان قصد الله أن يؤله الإنسان منذ البدء، ما كان قد خلقه قابلا للموت في قوله له عن شجرة معرفة الخير والشر "يوم تأكل منها موتًا تموت" (تك 2: 17) أي أنه بطبيعة قابلة للموت. وقد مات فعلًا.
2-ولو كان قصد الله ت أليه الإنسان منذ البدء، لخلقه معصومًا، أي غير قابل للخطية. لكنه كان معرضًا للخطأ. وبالفعل قد أخطأ...
3-ولو كان قصد الله تأليه الإنسان، ما كان قد خلقه من تراب ومتحدًا بالمادة، أي بالجسد، بينما الله روح (يو 4: 24) إذن كان يمكن أن يخلقه كالملائكة وهم أرواح (مز 104: 4).
وحتى هؤلاء الذين خلقهم الله أرواحًا، قد أخطأ البعض منهم...
وليست حجة، استخدام عبارة "باركت طبيعي فيك" كما ورد في القداس الغريغوري. فمباركة الطبيعة شيء، وتأليه الطبيعة شيء آخر... فالله بارك طبيعتنا ولم يؤلهها...
* فما أكثر عبارات تأليه الناسوت، وتأليه الجسد، في كتاب د. جورج بباوي إذ يقول "قيامة الجسد هي تأليه الناسوت" (ص 137)، "المسيح أله جسده بعد الموت"، "ألَّه الجسد، " ( وجعل هذا الجسد عديم الموتص 133)، "وتأله جسد المسيح هو أن يصبح هذا الجسد عديم الموت" (ص 134)، و"الناسوت الذي تأله بالاتحاد" (ص 214). ينادى كذلك بأن ارتفاع المسيح أي صعوده هو تأله طبيعته الإنسانية (ص 134).
وواضح أن السيد المسيح اتخذ جسدًا قابلا للموت، وقد مات.
أما كتاب (الأصول الأرثوذكسية الآبائية ج 2) فيردد نفس الفكر عن تأله ناسوت المسيح (من ص 59 إلى ص 70) بعناوين كثيرة تقول "تأله ناسوت الرب يسوع المسيح"..
* ونحن نؤمن أن لاهوت المسيح اتحد بناسوته، بلا تغيير... فلم يصر اللاهوت ناسوتًا، ولا صار الناسوت لاهوتا. وإلا تكون قد زالت إحدى الطبيعتين. فالناسوت ظل ناسوتًا، لم يتحول إلى لاهوت. ولكنه تمجد. والسيد المسيح قام بقوة لاهوته، وصعد إلى السموات بقوة لاهوته وليس لأن الناسوت صار لاهوتًا!!.. إنما الناسوت تمجد وتجلى في القيامة والصعود...
* والخطير أنهم في المناداة بتأله جسد المسيح، يقولون إن "الجسد الذي أخذه الرب من والدة الإله هو جسدنا" (ص 22).
ورد في (الأصول الأرثوذكسية الآبائية ج 2) (ص 25):
كان المسيح هو الذي قال للآب أبا (مر 14: 36)
فكيف تكون علاقتنا به على مستوى المجاز أو الرمز ثم نصرخ بذات الكلمات؟ كيف ننطق بما لا نملك، وبما لم يعط لنا؟ ولكن لأن الابن الحقيقي ربنا يسوع هو ابن الآب، فقد "أخذ الذي لنا، وأعطانا الذي له" وهي تسبحة وذكصولوجية الكنيسة، فقد أعطانا شركة في بنوته".
ونحن نقول إن هناك فرقًا جوهريًا بين بنوة المسيح للآب، وبنوتنا نحن للآب.
ولذلك فهو يسمى الابن الوحيد (يو 1: 18؛ 3: 16، 18؛ 1 يو 4: 9) لأنه الابن الوحيد من جوهر الآب ومن طبيعته. أما نحن فإننا أبناء بالتبني، بالنعمة. وما أعظم الفرق بين التبني والبنوة. نحن أبناء بالإيمان، كما يقول الكتاب "أما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12) كذلك نحن أبناء بالمحبة
كما يقول الرسول أيضًا "انظروا أَيَّة محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1 يو 3: 1).
نحن أخذنا روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 8: 15).
ليس لأننا مثله، ومحال أن نكون مثله. لقد أعطانا بنوة للآب غير بنوته هو. لذلك هو ابن لله بالطبيعة، ونحن أبناء بالتبني. والتبني محال أن يرقى بنا إلى التأله...
ولن نكون مساوين للابن في بنوته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فأقصى ما نصل إليه، أن نكون "مشابهين صورة ابنه (رو 8: 29) نحن مخلوقون، أما الابن فأزلي. والمخلوق لا يتأله. والبنوة التي أعطيت لنا هي من خارج طبيعتنا.
ورد أيضًا في كتاب د. جورج بباوي (أثناسيوس الرسولي)..
"شركة الطبيعة الإلهية هي الحصول على عطية التبني بواسطة الابن. ورفض ذلك هو عودة صريحة إلى اليهودية. (ص 134).
نحن لا نرفض التبني بل نؤمن به. إنما نرفض أن يكون التبني علامة على المشاركة في الطبيعة الإلهية، بحيث ننال التأله بالتبني.
كما أن اليهودية لم ترفض التبني إطلاقًا. وقيل عن آدم أنه "ابن الله" (لو 3: 38).
ونسل شيث وأنوش قيل إنهم أولاد الله. وورد عن هذا النسل في بدء قصة الطوفان "رأى أولاد الله بنات الناس أنهن حسنات" (تك 6: 2).
ولم يمنع الله لقب البنوة عن الذين عصوه. فقال في بدء نبوءة اشعياء "ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليَّ" (إش 1: 2) واشعياء يشهد قائلًا "الآن يا رب أنت أبونا" (إش 64: 8).
البنوة لله موجودة إذن منذ العهد القديم، فلا نقل إن رفض التبني عبارة عن عودة إلى اليهودية. فالقديس بولس الرسول يقول عن اليهود "الذين هم إسرائيليون، ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع (رو 9: 4).
ولكن لا علاقة إطلاقًا بين التبني والتأله. فنحن نقول لله "يا أبانا". وفي نفس الوقت نقول له نحن عبيدك وخليقتك. ولا نتألَّه!
والرب يقول في اليوم الأخير لكل وكيل أمين حكيم من وكلائه: "نعما أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينًا في القليل، فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك" (مت 25: 21) ... فمهما كان صالحًا وأمينًا، هو لا يزال عبدًا، ومكافأته أن يدخل إلى فرح سيدهدون أن يتأله...
لذلك تواضعوا أيها الأبناء. ومن أجل خلاص نفوسكم، أقول لكم لا تتألهوا. لا ترتأوا فوق ما ينبغي (رؤ 12: 3).
قيامة السيد المسيح تدل على لاهوته، لأنه الوحيد الذي قام بمشيئته وقدرته، ولم يقمه أحد. أما كل البشر الذين قاموا من بين الأموات، فقد قاموا بقوة خارجة عنهم. وهكذا القيامة أيضًا في اليوم الأخير، ستكون بمعجزة من الله نفسه، ولا تدل مطلقًا على تأله من سوف يقيمهم الرب.
* ولكن د. جورج بباوي يرى القيامة شركة في اللاهوت!!
فيقول في (ص 216) من كتابه عن القديس أثناسيوس "معنى الشركة في الطبيعة الإلهية... شركة في الحياة الأبدية وعدم الفساد... وهذه هي الشركة في الطبيعة الإلهية، لأنها شركة في المسيح القائم من بين الأموات" إلى أن يقول:
"شركة في اللاهوت، لأن الحياة الأبدية هي حياة الله نفسه".
* ونفس التعبيرات تقريبًا في (كتاب الأصول الأرثوذكسية الآبائية ج 2).
إذ ورد في (ص 46) "الحياة الأبدية هي حياة الله نفسه. وشركتنا في هذه الحياة هي شركة في الله نفسه حسب كلمات الرسول يوحنا".
وورد أيضًا "الحياة الأبدية هي حياة الله نفسه. وإذا لم تكن هذه شركة في طبيعة الله، أي حياة الله، فماذا تكون؟".
أي أن الاشتراك في الحياة الأبدية هي شركة في طبيعة الله، أي هو نوع من التأله!!
كما ورد أيضًا في نفس الكتاب (ص 58) "لكي يمنح الإنسان الثبات في عدم الموت والخلود بواسطة الشركة في اللاهوت"!!
* ونرد على هؤلاء بأن الحياة عند الله هي من ذات طبيعته. أما عندنا فهي منحة من الله بنعمته. فلا نتخذ المنحة دليلا على التأله..!!
ولذلك نقول في القداس الإلهي "أنعم عليهم بالحياة الأبدية". كما أن البشر الذين ينعمون . بالحياة الأبدية، كانوا قبل القيامة أمواتًا وهذا الموت يتنافى مع التأله...
والأبرار الذين يقومون من الموت، سيسكنون مع الله في أورشليم السمائية التي قيل عنها إنها "مسكن الله مع الناس" (رؤ 21: 3) وليس مسكن الله مع الآلهة... فهم بعد القيامة سيظلون بشرًا كما كانوا على الأرض...
* ويقولون إن قيامة المسيح هي تأليه للناسوت (ص 137).
وهذا كلام غير مقبول لاهوتيًّا. فالناسوت سيظل ناسوتًا بعد القيامة. والسيد المسيح بعد قيامته احتفظ بلقب ابن الإنسان. كما أن تأليه الناسوت معناه تلاشى الناسوت... وهذا ضد الإيمان.
وهذا واضح في كتاب د. جورج بباوي (ص 137) إذ يقول:
"الشركة في الطبيعة الإلهية تظهر بشكل واضح في سلطان الإنسان على الشيطان، وفي السماء في حياة عدم الفساد".
ونقول إن الانتصار على الشيطان هو هبة من الله (مت 10: 1) وليس تألهًا للإنسان. وواضح في سفر الرؤيا (رؤ 12: 7-9) أن الملاك ميخائيل انتصر على الشيطان وطرحه إلى الأرض. فهل هذا دليل على تأله الملاك ميخائيل أيضًا؟!
وما أكثر ال قديسين الذين انتصروا على الشياطين، والذين كانت لهم موهبة إخراج الشياطين، فهل تأله كل أولئك..؟!
إن الانتصار على الشيطان يأتي بالاتضاع وليس بالتأله.
يقول د. جورج بباوي في (ص 214) من كتابه عن القديس أثناسيوس:
"التناول من الافخارستيا كشركة في الطبيعة الإلهية" ويقول "حقيقة الاشتراك في اللاهوت بسبب حصولنا على السر المائي واهب الحياة الأبدية".
ويقول في (ص 216) "هنا تصل الشركة في الطبيعة الإلهية إلى غايتها وهي حصول الإنسان... على الأسرار الإلهية غير المائتة السمائية.
وفي كتاب (الأصول الأرثوذكسية الآبائية... ج 2) (ص 24).
يقولون "عجيب! ها نحن نشرب اللاهوت، طبعًا سرائريًا، ونحن نشرب الدم المحيي حسب النعمة".
وهذا عجيب حقًا، فاللاهوت لا يؤكل ولا يشرب. ولكن السرائر الإلهية في سر الإفخارستيا، لا تعطى لنا للاشتراك في اللاهوت، حاشا! وإنما تُعْطَى "خلاصًا، وغفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه" وكذلك "طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا" كما نقول في القداس الإلهي.
وإن كان المتناول يشرب اللاهوت، فماذا عن الذين يتناولون بغير استحقاق؟! (1كو 11).
وإن كان المتناول يأكل ويشرب اللاهوت، فلا شك أنه يخرج من التناول وقد صار إلهًا. ولا يسجد للأسرار المقدسة، إنما يسجد الناس له!
وإن كانوا يحتجون بالاتحاد بين اللاهوت والناسوت، فهذا لا يعنى أن الإنسان يأكل اللاهوت! (لا 17: 11، 14) وأمامنا مثل الدم: يقول الكتاب: نفس الجسد هي في الدم فالذي يأكل أو يشرب الدم، لا يأكل النفس معه...
لو آخذت هذه العبارة على ظاهرها، لكان غرض التجسد هو تأليه الإنسان!! بينما المعروف أن الله صار إنسانًا لفداء الإنسان وليس لتأليهه. وهذا واضح جدًا في كتاب تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس. وواضح أيضًا من قول الرسول عن الآب أنه "أرسل ابنه كفارة لخطايانا (1 يو 4: 10).
لذلك أرى أن نقول إن الله صار ابنًا للإنسان، لكي يصير الإنسان ابنًا لله. مع بقاء الفداء السبب الأساسي للتجسد...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/new-heresies/partakers-of-the-divine-nature.html
تقصير الرابط:
tak.la/v97j2kt