St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   10-Resalet-Afasos
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل أفسس 4 - تفسير رسالة أفسس

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس:
تفسير رسالة أفسس: مقدمة رسالة أفسس | الرسالة إلى أهل أفسس 1 | الرسالة إلى أهل أفسس 2 | الرسالة إلى أهل أفسس 3 | الرسالة إلى أهل أفسس 4 | الرسالة إلى أهل أفسس 5 | الرسالة إلى أهل أفسس 6

نص رسالة أفسس: الرسالة إلى أهل أفسس 1 | الرسالة إلى أهل أفسس 2 | الرسالة إلى أهل أفسس 3 | الرسالة إلى أهل أفسس 4 | الرسالة إلى أهل أفسس 5 | الرسالة إلى أهل أفسس 6 | الرسالة إلى أهل أفسس كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قَدَّم الرسول في الإصحاحات الثلاثة السابقة (1-2-3) مقاصد الله من نحو الإنسان من قبل تأسيس العالم. ويبدأ هنا يعطي صورة لما يجب أن يكون عليه الإنسان ليكون حسب قصد الله لذلك يبدأ الإصحاح الرابع بحرف "فـ": فأطلب.

 

آية 1: فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا.

فأطلب: أي تطبيقًا لمبادئ الإيمان التي أعلنتها سابقًا أطلب منكم كذا وكذا وجاءت أطلب في اليونانية بمعنى أرجوكم رجاءً حارًا وأتوسل وأتضرع. لأن هذه المسألة تخص حياتهم كمسيحيين، نحن دعينا لدعوة سامية عليا لامتيازات سامية.

أنا الأسير في الرب: راجع تفسير (آية 1:3). ونقول أيضًا في هذه الآية في هذا الإصحاح أن الرسول يقصد أنه بالرغم من السلسلة التي تقيد يديه فهو في حرية في المسيح ويفتخر بعلاقته بالرب، وبخدمته التي سببت له هذه الآلام. وهي دعوة لكل من يسمعه أن يحتمل الألم لأجل المسيح، ودعوة لهم أن يسمعوا كلماته وينفذونها، فهو احتمل آلامه لأجلهم فعليهم أن يتحملوا بعضهم البعض في محبة لبنيان الكنيسة، وإن فعلوا يطيبون خاطره ولا تعود السلسلة في يديه سبب ألم بل سبب فرح. أن تسلكوا كما يحق للدعوة: ليرتفع السلوك إلى مستوى الدعوة. فالمدعو في المسيح يُستأمن على حمل اسم المسيح والتكلم باسمه. نحن مدعوين لمجد سماوي عظيم، وعلينا نتصرف كما يليق بهذه الدعوة.

 

آية 2: بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ.

تواضع= المسيح وحده العالي الذي جاء من السماء، هو حقيقة من يمكنه أن يتواضع أو ينزل، ولكن كيف أتواضع أنا، وأنا أصلًا من تحت؟ هذا يكون بأن أن أفهم حقيقة وضعي.

بكل تواضع: التواضع هو أساس الفضائل الأخرى. هو أن أشعر بأنني لا شيء بل تراب، بل أحقر من التراب، فالتراب لا يخطئ.. لكن هذه نصف الحقيقة. والنصف الآخر أنني أساوي ما دُفِعَ فيَّ أي دم المسيح، إذًا أنا لي قيمة غالية جدًا. إذًا علينا أن نفهم أننا بدون المسيح لا شيء. وبالتالي كيف ننظر باحتقار لمن هم أقل منّا.. فنحن وهم بدون المسيح أقل من التراب. وكل ما أخذناه هو من نعمة الله.

1. أخذناه مجانًا من الله، فلا فضل لي فيما أنا فيه من مميزات عن الآخرين.

2. علينا أن نشكر الله على ما أعطاه لنا، لا أن ننتفخ بما حصلنا عليه.

3. بل ما أخذناه هو وزنات لا بُد أن نتاجر بها ونربح لحساب مجد الله لا أن ننتفخ بها.

4. ونموذج التواضع الذي يجب أن نقتدي به هو السيد المسيح.

5. إذا كان المسيح له المجد تواضع هكذا، فعليَّ أن أحسب نفسي لا أستحق شيء مما أنا فيه.

بل علينا أن نذكر أن من حصل على 10 وزنات مُطالب بعشر وزنات أخر. ولكن من عنده خمس وزنات لم يطالب سوى بخمس وزنات أخر. وعكس التواضع هو الكبرياء والاعتداد بالذات. وهنا نجد الإنسان لا يعتمد على الله، بل على نفسه. والوجه الآخر للعملة (أي الكبرياء) هو صغر النفس أي شعور الإنسان أنه غير قادر على عمل شيء. ببساطة لأنه أيضًا لا يعتمد على الله. وغالبًا فكل متكبر يعاني من صغر النفس. أمّا بولس الرسول فيقول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى13:4).

ووداعة: كل متواضع لا بُد أن يكون وديع. والوداعة هي ما ينكشف عن المتواضع في تعامله مع الناس، هي رقة في المشاعر وبلا عنف. والوداعة هي صاحبة الميل الثاني والخد الآخر. وإنسان لطيف مثل هذا يحبه الناس أي يرث الأرض (مت5:5).

طول أناة: أي طويل النَفَس، صبور ومحتمل. وهي صفة هامة للمدبر والمعلم والرئيس المسئول. ولكن في بعض الأحيان تستوجب الأمور الحزم (1كو21:4). وطويل الأناة يكون بطيء الغضب.

محتملين: من يحتمل هو طويل الأناة، لا يُجازي عن الخطأ. فهو يتعامل في محبة.

 

آية 3: مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ.

مجتهدين: أي ابذلوا كل جهد في سبيل ذلك.

أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ: لم يقل أن تقيموا بل تحفظوا فهي قائمة فعلًا بإيماننا ومعموديتنا. والروح القدس الذي قبلناه والجسد المقدس الذي نأكله. ووحدانية الروح تتم لو خضع الجميع للروح القدس الواحد. وبهذا يصير الكل في محبة ولهم فكر واحد وهذا يأتي لو نفذنا الشروط السابقة أي التواضع والوداعة وطول الأناة واحتمال اختلاف الفكر والعادات. في الجسد البشري توجد روح تجمع الأعضاء معًا رغم تنوعها، والروح القدس يعمل هذا العمل في جسد المسيح، فهو يوحد الكل في جسد واحد وما يحطم وحدانية الروح، الكبرياء الذي يجعل الإنسان لا يسمع لصوت الروح القدس بل تجده معجبًا برأيه، مثل هذا الإنسان حينما تكلمه يقول لك "أنا رأيي كده" فهو لا يريد أن يسمع سوى صدى صوته . ومن هنا نفهم أن سبب الشقاقات والخصومات هو.. الأنا.

برباط السلام: وحدانية الروح لا يمكن أن تقوم في جو الخصام والعداوة (1كو3:3). والمسيح هو سلامنا (أف 2: 15،14) فلا سلام حقيقي خارج المسيح. ويقول القديس يعقوب الرسول "ثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام" (يع3: 18) والمقصود أن المحبة موجودة فهي من ثمار الروح، ولكن علينا أن نجاهد بقدر إمكاننا أن نحفظ سلام القلب والسلام مع الآخرين والتنازل بقدر الإمكان عن الكرامة فلا نثور لأتفه الإهانات، وهذا ما قصده الرب بقوله "من ضربك على خدك الأيمن ..." كان قصد الله من الخد الآخر والميل الثاني هو حفظ السلام الداخلي والسلام مع الآخرين بقدر الإمكان، وبهذا تنمو ثمار البر وتستمر المحبة ونحفظ وحدانية الروح.

 

الكنيسة واحدة وحيدة قدسها المسيح بدمه، لتكون عروس له بلا عيب (أف5: 26)

سمات هذه الكنيسة أنها جسد واحد، روح واحد..

وتظهر سمات الكنيسة في الآيات التالية (4، 5، 6).

 

آية 4: جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ.

جسد واحد: تعبير عن الكنيسة جسد المسيح. وهي جماعة مقدسة في تنظيم كنسي، تتناول من جسد الرب ودمه وبهذا نتحد معًا كأفراد ونتحد بالمسيح (1كو17:10).

روح واحد: هو الروح القدس الذي جمعهم معًا في جسد واحد. وهو يطرد روح الشر وروح الانقسام.

رجاء دعوتكم الواحد: أي رجاء الحياة الأبدية. وهو رجاء واحد لكل من يؤمن والمعنى أنه كما أنكم لكم رجاء واحد في حياة أبدية، هكذا كونوا جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا. ولا يوجد ما يُوَحِّدْ الجماعات قدر الرجاء الواحد.

 

آية 5: رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ.

رب واحد: المسيح رأس الكنيسة وهو واحد.

إيمان واحد: لا يمكن أن تتم وحدة إلاّ على أساس الإيمان الواحد بلا انحراف، الإيمان المُسَلَّم مرة للقديسين (يه3). ليس من حق أحد أن يغيره.

معمودية واحدة: هي التي جمعتنا جميعًا في الجسد الواحد. منها نتقبل الوحدة في جسد المسيح الواحد، نشاركه موته وننعم بحياته المقامة. والمقصود أن يكون لنا كلنا، أي لكل المسيحيين مفهوم واحد عن المعمودية. فالآن هناك من يستعمل الرش وهناك من يستعمل التغطيس. وهناك من يقول أن المعمودية تعطي البنوة، وهناك من يقول إنها مجرد علامة ظاهرية. وهذا لا يفرح قلب الله. لذلك يطلب الرسول أن يكون لنا الفكر الواحد (فى2: 2).

 

آية 6: إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ.

أبوة الله تظهر في جوانب ثلاثة شرحها هنا:

على الكل: أي رئاسته الأبوية، عينه على الكل ويشرف على الكل ويعتني بالكل كأب.

بالكل: هو يعمل بنا. في محبته كأب يعمل بنا كأعضاء في جسد ابنه المحبوب.

في الكل: هو يسكن في داخلنا (يو23:14) وهو يملأ كنيسته (أف22:2) يجمع شمل الجميع كواحد، الكل يأخذ كيانه منه، فإذا كان هو واحد فهم واحد.

 

آية 7: وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ.

الكنيسة جسد واحد. ولكن الله يوزع على المؤمنين الأعضاء أنواعًا متعددة من المواهب (1بط10:4). وهذه المواهب موزعة توزيعًا بالغ الدقة بحسب معرفة الله كلي المعرفة. والله يعطي المواهب للشخص بسابق معرفته بالشخص. وبحسب العمل المطلوب منه والذي خُلِقَ ليعمله (أف10:2). ومن يُعْطَى أكثر سيُطالَبْ بأكثر.

النعمة: هنا هي الموهبة وليست النعمة التي يحصل عليها كل مؤمن مسيحي.

حسب قياس هبة المسيح: هي هبة مجانية ليست حسب استحقاقنا ولا حسب رغباتنا فالله له قياسات تختلف عن قياسات البشر. وكل واحد ينال بحسب المقياس الذي يقيس به الله نفسه (1كو18:12). فليس لأحد أن يحسد أخيه على ما عنده من مواهب. فالله رأى هذا بحسب مقاييسه، فهو يعلم استعداد كل واحد. والعمل المطلوب من كل واحد (اف2: 10) وهو يعطيني ما يساعدني على تأدية عملي بنجاح وليس أكثر، وأيضًا ليس لأن هذه الموهبة تعجبني. ولاحظ أن الدم الذي يذهب للرِجْل أكثر كثيرًا من الذي يذهب للإصبع، فهي تحتاج لكل هذا الدم لتؤدي عملها.

 

الآيات 8-10: لِذلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلًا إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ.

الاقتباس من (مز 18:68) بحسب الترجمة السبعينية.

نتيجة لسقوط آدم سَبَى الشيطان كل نفوس الراقدين. وصارت نفوس كل من يموت تذهب للجحيم إذ كان الفردوس مغلقًا أمامها. لذلك يقول الرسول أن المسيح نزل أولًا إلى أقسام الأرض السفلى: أي الجحيم أو الهاوية (لذلك تصلي الكنيسة " نزل إلى الجحيم من قبل الصليب ") مكان الأرواح المقيدة في أسر العدو. وبحسب تقليد الكنيسة فإن المسيح نزل إلى الهاوية (الجحيم) حيث كانت الأرواح البارة في انتظار ذلك اليوم منذ آدم حتى يوم الصليب، فذهب المسيح وبشرهم (1بط3: 20،19). ثم صعد من الهاوية حاملًا أرواح هؤلاء القديسين الذين كانوا مسبيين في سبي العدو إبليس، فاعتبر المسيح أنه سَبَى مرة أخرى هؤلاء المسبيين، ولكنه سباهم لحساب النعمة والملكوت، وخرج من الهاوية منتصرًا وقام وصعد للسماء وأعطى الناس الذين على الأرض مواهب أي عطايا أو كرامات، فالمسيح بعد صعوده أرسل للكنيسة الروح القدس.

كان الشيطان يقبض على كل نفس (روح) تنطلق من إنسان بعد موته. وكان المسيح هو أول من لم يقبض عليه الشيطان، وكان هذا معنى قول السيد المسيح " رئيس هذا العالم آتٍ وليس له فيَّ شيء" (يو30:14). وللآن فالخطاة غير الثابتين في المسيح ما زال إبليس يُلقي القبض على أرواحهم ويذهب بها للجحيم. وقد تعني سَبَى سبيًا أن المسيح بصليبه قد سبى الشيطان وأخذ كل من كان في يده من نفوس الأبرار. والصورة هنا مستعارة من صور الملوك القدامى المنتصرين، فهم يقودون سباياهم ويوزعون على شعبهم عطايا.

لذلك يقول: الوحي الذي أوحى لداود هذا في المزمور.

لكي يملأ الكل: تشير للمواهب المختلفة استعدادًا لتغيير كل شيء إلى حالة جسد مجده (فى21:3). فهو يملأها لتبلغ تمام كمالها، فهو يكملنا الآن في انتظار المجد المعَّد لنا. جميع السموات: بولس رأى السماء الثالثة ولكن المسيح الآن في مجد لم يراه أحد ولا يشاركه فيه أحد. فوق جميع السموات: أي في أسمى موضع وتسمى سماء السموات.

 

آية 11: وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ،

أعظم عطية نالها الإنسان بعد صعود المسيح هو الروح القدس (يو7:16) والآب يعطي الروح باسم الابن = أي بعمل الفداء القوي، انسكاب الروح على الكنيسة كان مبنيا على دم المسيح. وجميع العطايا يعطيها الآب لتعمل كلها وتخدم لأجل تكوين جسد المسيح الواحد.

رُسُلًا: هم الأعلى رتبة في الكنيسة فعليهم المسئولية العظمى في نشر المسيحية وتأسيس الكنائس، الرُسُل هم أول حجارة حيَّة في البناء. وهم قبل الأنبياء (أنبياء العهد الجديد) فهم يتنبأون بالإضافة إلى عملهم الأساسي وهو التبشير، ولكن الأنبياء ليسوا رُسُلًا. والرسل اختارهم المسيح بنفسه، وأرسلهم ليكرزوا. وهم عاينوا المسيح بالجسد، وكانوا يصنعون عجائب (2كو12:12) (بولس وبطرس أقاما أموات).

أنبياء: متكلمون بالروح بالإعلان ولكن دون غيبوبة، بل وهم صاحين (أع1:13). وهؤلاء ربما لم يعاينوا المسيح بالجسد، ولكن أعطاهم الروح القدس هذه الموهبة للوعظ وتعزية المؤمنين. وانتهى عصر الأنبياء بانتهاء عصر الرسل فهم كانوا مساعدين للرسل (مثال: أغابوس النبي).

مبشرين: هؤلاء كانوا وعاظ مساعدين للرسل مثل فيلبس المبشر (أع21: 9،8). وكان بنات فيلبس يعظن ويتنبأن، وكان عملهم مع غير المؤمنين خارجًا عن الكنيسة فهم غير الرعاة الذين عملهم مع المؤمنين.

رعاة ومعلمين: هؤلاء عملهم داخل الكنائس المحلية، أما الرُسُل فعملهم زرع كنائس جديدة. والمبشرون عملهم مع غير المؤمنين. ولكن ليس على مستوى الرسل.

 

آية 12: لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ،

لأجل = راجعة على الآية السابقة، فالله يرسل لكنيسته رسلا وأنبياء وخدام لبنيان الكنيسة.

وبعد أن تؤسس كنيسة يقيموا لها رعاة ومعلمين. فالمؤمنين يحتاجون باستمرار إلى عملية إصلاح وتصحيح وتكميل (1تس10:3+عب13: 21،20). ولكل خادم موهبته المختلفة عن الآخر، ولكن الكل يتكامل معًا: لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ: الكل يقوم بواجبه وخدمته لبنيان جسد المسيح في وحدة. وهذا عين ما قاله القديس بطرس الرسول (1بط4: 10).

 

آية 13: إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ.

نَنْتَهِيَ: هذا هو هدفنا النهائي، أي كمال الوصول للهدف الذي نسعى إليه وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ: الكل يتمسك بالإيمان المُسَلَم مرة للقديسين (يه3). والكل يكونون في اتفاق فكرى وذهني وروحي. وهذا يكون لو خضع الكل للروح القدس بلا كبرياء وإعجاب بالذات أو التشبث بالخطأ. ونلاحظ أن من له إيمان صحيح سيعرف المسيح بطريقة صحيحة وليست مشوشة. لذلك يضيف قائلًا ومعرفة ابن الله في الأصل المعرفة الكاملة لابن الله. فوحدانية الإيمان تعطي للكنيسة معرفة حقيقية بإبن الله وشركة معه. وحدانية الإيمان تخدم البلوغ إلى كمال معرفة ابن الله، التي هي الشركة مع المسيح. أماّ الإيمان الخاطئ فيعطي صورة مشوشة عن المسيح. وتعبير معرفة ابن الله يعني الإتحاد بابن الله (راجع تفسير مت11: 25 – 30) ، ولو عرف كل عضو في الكنيسة المسيح ابن الله أي اتحد به لصارت الكنيسة جسد واحد . إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل: إنسان جاءت بالمفرد، لأن المقصود هو الكنيسة ككل، جسد المسيح، فوحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله هي التي تصنع وحدانية للإنسان الكامل (جسد المسيح أي كنيسته). فهي إتحادنا كأفراد بجسد المسيح الواحد الذي هو كنيسته. فالإنسان في المسيح الآن لا يُعرف خارج الكنيسة. فالكنيسة هي وحدها الجسد أو الإنسان الجديد الكائن في المسيح. الإنسان الجديد يُعرف أنه إنسان جديد كعضو في الكنيسة جسد المسيح. هل نتصور عضو من جسد إنسان يكتب له حياة منفصلًا عن الجسد الأصلي.

نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ = ما علاقة الإيمان الصحيح المُسَلَّم مرة للقديسين (يه3) بمعرفة ابن الله والتي تعني الإتحاد والثبات في المسيح؟

الإيمان الصحيح والعقيدة الصحيحة التي إستلمتها الكنيسة من الآباء تفرز حياة روحية سليمة. ومن له حياة روحية سليمة يتحد بالمسيح. فمن له حياة روحية سليمة هو خاضع لعمل الروح القدس فيه، الروح القدس يقوده ويجدده ويبكته ويعينه ويقدسه، ومثل هذا الإنسان يصلح أن يثبته الروح القدس في جسد المسيح. أما من يسلك بطريقة خاطئة لن ينقاد للروح القدس ويعاند، ولن يخضع لتجديد الروح القدس وتقديسه (تى3: 5 1بط1: 2)، فيحزن الروح ويطفئه وبالتالي لن يثبت في المسيح، فلا شركة للنور مع الظلمة ولا اتفاق للمسيح مع بليعال (2كو6: 14 ، 15).

أمثلة:- وهنا لا نناقش الموضوع عقيديا، بل من الناحية الروحية.

هذه مجرد لمحات عن أهمية الإيمان بعقيدة صحيحة حتى يتم الإتحاد والثبات في المسيح. ولذلك نصلي قانون الإيمان في القداس مرات عديدة، فالقداس هدفه التناول من جسد المسيح ودمه لنثبت فيه.

إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ: راجع المقدمة. وتعبير قامة ملء المسيح يُقال عن الكنيسة كلها التي تملأ جسد المسيح ولا يقال على فرد في الكنيسة مهما كان ، فقامة ملء المسيح المقصود بها اكتمال كيان الكنيسة، بتكامل أعضائها لتكوين جسد المسيح. قامة المسيح في ملئه أو قامة المسيح الكامل هي المسيح كرأس... والكنيسة كجسد لهذا الرأس. ولكن حتى يتم هذا فعلى كل فرد أن يكون المسيح يملك عليه بالكامل، أن يموت ويحيا المسيح فيه (غل 20:2). فيكون له فكر المسيح، وتكون أعضاؤه كلها مقدسة للمسيح، والمسيح يحكم عليه في كل حركة. يكون حجرًا حيًا في بناء هيكل جسد المسيح، وبتكامل كل الحجارة الحية يكمل جسد المسيح، وتصل الكنيسة إلى قياس قامة ملء المسيح. وكما أن المسيح مملوء بالله جسديًا (كو9:2). فالكنيسة جسده تكون مملوءة بالله (كو10:2) + (أف22:2).

 

آية 14: كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالًا مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ.

أَطْفَالًا: غير ثابتين وغير مستقرين في الرأي والتعليم والإيمان، صغار في الوعي والبصيرة الروحية. فالصغار في الروح يسهل على الشيطان أن يخدعهم. وبالمقارنة مع ما سبق، فإنه إماّ أن نثبت في جسد المسيح بإيمان واحد ومحبة واحدة وروح واحد لبنيان جسد المسيح، وإماّ ننخدع وننجذب للأفكار والتعاليم الغريبة عن الكنيسة. الطريق الوحيد حتى لاَ نَكُونَ أَطْفَالًا مَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ: هو أن نثبت في الكنيسة ذات الإيمان الصحيح. فحين نثبت في الكنيسة جسد المسيح نمتلئ من الروح القدس الذي يكشف لنا عن كل تعليم غريب ومضلل.

 

آية 15: بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ،

صادقين في المحبة: speaking truth in love أي نقول الحق في محبة. فالحق لا يتعارض مع المحبة "ولقد سبق وقال متأصلون ومتأسِّسون في المحبة" (أف 18:3). أي أن المقصود أن نكلم المخطئ بمحبة، نعلن الخطأ بالحق، ونتكلم دون غش ولكن بدون عنف وصياح وكراهية.

ننمو في كل شيء: في القامة والحكمة والمعرفة والنعمة والإيمان والمحبة... فكلما كان المؤمن ناضجًا. كان أفضل في تأدية العمل الذي خلقه الله لأجله. وكل عضو في الجسد يجب أن ينمو نموًا طبيعيًا ليصبح شكل الجسد مقبول. وهكذا نحن يجب أن ننمو حتى يظهر المسيح فينا، في كنيسته. وكيف ينمو كل عضو؟ يكمل الرسول إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح = وجاءت الترجمة في الإنجليزية INTO HIM أي فيه بدلًا من إلى ذاك. وربما كانت هذه هي الترجمة الأدق، فلا نمو لأي عضو في جسد، إذا لم يكن ثابتًا في الجسد. لذلك يقول السيد المسيح "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم". أما من انفصل عن المسيح (بالخطية) فلن ينمو، وهل ينمو عضو في الجسد إذا حُرِم من الدم. ومن ينمو يليق به أن يشهد للمسيح.

 

آية 16: الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ.

ربما أن الترجمة الإنجليزية THE JERUSALEM BIBLE هي أوضح ترجمة لهذه الآية:

BY WHOM THE WHOLE BODY IS FITTED AND JOINED TOGETHER، EVERY JOINT ADDING ITS OWN STRENGTH، FOR EACH SEPARATE PART TO WORK ACCORDINC TO ITS FUNCTION.

وبمساعدة هذه الترجمة فلنحاول فهم الآية في العربية. الذي منه: أي الذي من المسيح (فهذه عائدة على الآية السابقة) كل الجسد مركبًا معًا ومقترنًا: فالمسيح هو الرأس الذي يتحكم في كل عضو (كما يحدث في الجسد عن طريق الأعصاب مع العضلات).

بمؤازرة كل مفصل: المفاصل هي أدوات الربط بين الأعضاء. وإذا فهمنا أن الجسد يبني في محبة تجمع بين أعضائه = لبنيانه في المحبة فيكون الروح القدس هو الذي يجمع الأعضاء في محبة. بل هو قوة للأعضاء = بمؤازرة. الرسول هنا تصور الجسم عبارة عن أعضاء متصلة ببعضها البعض بمفاصل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكل مفصل يعطي قوة للعضو بحسب احتياج العضو، فالعضو الكبير غير الصغير. وقوله مؤازرة تعني أنه لو كان المفصل سليم فنستطيع أن نحرك العضو بطريقة طبيعية، أي أن المفصل يؤازر الذراع مثلًا. ومفصل الذراع يعطي مؤازرة وقوة للذراع أكثر من مفصل الإصبع. لذلك نفهم أن المفصل هو قوة وعمل الروح القدس في الكنيسة الذي:

1. يربط المؤمنين في محبة.

2. يعطي للخدام (الأعضاء) مواهب الروح.

3. يعطي كل عضو القوة التي يحتاجها بحسب عمله واحتياجه = حسب عمل على قياس كل جزء. إذًا العضو الصغير يأخذ موهبة صغيرة، فلو أُعْطِيَ أكثر ينتفخ هذا العضو ويتكبَّر فيضيع ويهلك.

والأعضاء تأخذ قوة من الروح القدس لتنمو = يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ: هدف المواهب التي يعطيها الروح هو نمو الجسد = لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ فلا نمو ولا مواهب ولا بنيان بدون محبة.

المسيح كرأس متصل بكل الأعضاء كما تتصل الرأس بالأعضاء في وحدة غير منفصلة والأعضاء معًا في الجسم الواحد تأخذ علاقتها ببعضها من الرأس. فالرأس يحدد عمل كل عضو بالنسبة للعضو الآخر ولبقية الأعضاء (فالرأس يعطي إشارة لليد لتتحرك لتمنع شيئًا سيصيب العين مثلًا). والجسد مربوط بمفاصل ورُبُطْ. هكذا نفهم الضرر من خصام عضو مع عضو، فهذا قد يحدث شللًا للجسم. فتصور أن العين رأت نارًا مشتعلة ولم تخبر اليد الممتدة إليها فسيحترق الجسم كله). والكنيسة تنمو بعمل المسيح فيها وعمل الروح القدس فيها. مُقْتَرِنًا: اقتران العضو بالعضو بدقة وحكمة ليحدث انسجام في العمل. ومن (كو2:2) نرى أن هذا الاقتران يتم في المحبة التي ترفع الخلاف بين الأشخاص في التعليم (الثقافة) والعادات والطباع، فهذه الخلافات تؤدي للخلاف بين الأعضاء، ولكن في وجود المحبة ترفع عوائق الاقتران بأن تجعل العضو ينسى ما هو لنفسه ويطلب ما فيه منفعة الآخرين.

 

آية 17: فَأَقُولُ هذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ: أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ.

الكنيسة التي أسسها المسيح سماوية، (راجع المقدمة نقاط أرقام 10، 11). وسيرتنا أي مواطنتنا هي في السماء (فى3: 20). لذلك تحيا الكنيسة منشغلة بالأمجاد التي أعدها الله لها، في شركة حلوة مع القديسين والسمائيين. ناظرة إلى ما لا يُرى ليس إلى ما يُرى أي الأرضيات (2كو4: 18). أما الأمم فهم لا يدرون عن السماء شيئا فتجد أنه لا يشغلهم سوى الأرضيات وملذاتها.

أشهد في الرب: بولس لا يجد نفسه سوى في المسيح، مرتبطا به، متحدًا به، ثابتًا فيه، والمسيح يعطيه قوة تؤازره، بل يعطيه حياته. والمعنى طالما أنا في المسيح فكلامي بالحق وبالإخلاص. ومعنى كلام الرسول.. أن عليهم أن يقفوا أمام محكمة ضمائرهم ليقيسوا أنفسهم بحسب ما يقوله الرسول قبل أن يقفوا أمام القاضي السماوي.

كما يسلك سائر الأمم: هم كانوا من الأمم وآمنوا وتابوا عن وثنيتهم.

بُطل الذهن: انشغال الذهن وارتباكه في الأمور الباطلة الزمنية الزائلة عوضًا عن الانشغال بالسماويات. والعبارة فيها إشارة لتفاهة وانحلال الوثنية. فأوثان الأمم هي لا شيء ومن يسير وراءها يصير مثلها لا شيء وباطل.

تدريب: لا تترك عقلك بطال وإلاّ يشغله الشيطان في النجاسة. بل ردد مزمور أو صلاة يسوع أو آية. وهذا ما يطلبه الرسول في (كو1:3). إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق... أي انشغلوا بالسماويات.

 

آية 18: إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ.

مظلمو الفكر: تأتي في مقابل "مستنيرة عيون أذهانكم" (أف 18:1) والظلمة هي ظلمة الخطية، فهبة العقل والفكر هي هبة إلهية اخْتُصَّ بها الإنسان المخلوق على صورة الله وبها يُسَبِّح الله إذ يُدرك أعماله. وكل ما يأتي من الله ينير الفكر والقلب الذي هو مركز الشعور والإحساس والمعبرَّ عن الشخصية. والابتعاد عن الله يطمس معالم العقل. وبالتالي كلما تزداد الخطية يظلم الفكر ويعجز عن الاقتراب إلى الله فيتجنب الله ويرتاح في الظلام (يو19:3+40:12).

في (رو1: 19-21) نرى أن الله وضع للإنسان عقلًا يستطيع به أن يدرك الله من خليقته فالعقل جزء منير في الإنسان يصل به لقرارات صحيحة. ولكن الخطية تبعد الاستنارة وتأتي بالظلمة. "فلا شركة للنور مع الظلمة، وأي خلطة للبر والإثم وأي اتفاق للمسيح مع بليعال" (2كو6: 15،14). فإذا أصر الإنسان على خطيته لا يثبت فيه المسيح، فتضيع منه الاستنارة، فالمسيح هو النور الذي يضيء لأولاد الله حياتهم وفكرهم. فمن يبتعد عن المسيح النور يصير في ظلمة. ومن فكره مستنير يدرك الله ويتلامس معه بسهولة. أما الذي في ظلمة فلن يرى طريقه ويسقط لأنه منجذب وراء شهوته فقط. فهناك من هو منجذب لشهواته أو أحقاده، هذه فقط هي التي تحركه. وبهذا يفصل نفسه عن المسيح النور الحقيقي، ويصير في ظلمة، لذلك نسمع من الشواذ جنسيًا في الغرب هذه النغمة... ما الضرر فيما نعمله، بل ويطالبون في الغرب الآن أن تسمح البلاد الشرقية بهذا. وهذا القول منتهى الظلمة:

1. هو ظلمة روحية، فهم لم يدركوا أن الله أحرق سدوم وعمورة بسبب هذه الخطية.

2. ظلمة اجتماعية، فهم لا يدركون انحطاط مركزهم أمام الناس الطبيعيين.

3. لا يدركون أن حتى قوانين وأخلاقيات البلاد الشرقية تمنع ذلك. هم لا يرون كل ذلك فشهوتهم فقط هي التي تحركهم.

والكنيسة تسمى المعمودية سر الاستنارة، ففيها يموت الإنسان العتيق، وبها يحيا المسيح فينا، ويكون نورًاُ لنا، به نرى الحقائق بطريقة صحيحة.

متجنبون عن حياة الله: إذ هم تجنبوا الله، تجنبوا الحياة. يعيشون في الموت غرباء عن الحياة الروحية (أف5:2) + (أش2:9). وكل من يحيا حياة الله لا يطيق الإثم بل يشعر مع كل خطية أن سحابة ظلمة خيمت على عقله فيسرع بالتوبة والاعتراف.

مثال: الخاطئ الذي يحيد عن الله أي يتجنب الله يموت. هذا مثل أعمى، يكون الماء أمامه، ولكنه لا يراه ويموت من العطش. والخاطئ يبعد عن الله، والله هو الحياة، هو حياته، وذلك بسبب ظلمة فكره.

لسبب الجهل.. بسبب غلاظة قلوبهم: الخاطئ في البداية يلومه قلبه بشدة إذ يبكته الروح القدس على خطيته، بل يفقد النوم والراحة. ولا يرتاح إلاّ إذا تاب واعترف. ولكن إن داس على صوت القلب وقاوم صوت الروح القدس وتغاضى عن صراخه في الداخل واستمر يخطئ، فإنه يطفئ الروح القدس. فالروح يُضرَمْ فيمن يتجاوب معه وينطفئ فيمن يقاومه. وفي هذه الحالة إذ ينطفئ الروح يتقسَّى القلب وتخمد ثورته، ومع المزيد من الخطايا يجف جفافًا وهذه هي غلظة القلب. وغليظ القلب يفقد الإحساس والشعور والعواطف ويصير جاهلًا والجهل ناتج عن إطفاء الروح، فالروح هو الذي يعلم كل شيء (يو26:14).

 

آية 19: اَلَّذِينَ ­إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ­ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ.

من تجنبوا حياة الله وإظلمت أفكارهم وعشعش الجهل فيهم بسبب غلاظة قلبهم، هؤلاء يكونوا قد فقدوا الحس: باليونانية تعدوا الشعور بالألم. والألم يدفع الإنسان للطبيب والدواء، وحيث لا ألم فلا تفكير في العلاج، وهذا يعني الموت، فمن لا يشعر بالعطش سيموت ومن لا يشعر بالجوع سيموت، ومن فقد الإحساس بالألم لن يفكر في علاج، إذًا سيموت. هذا يعني أن الخطأ موجود لكنه لا يراه. ومن فقد إحساسه بأي تأنيب أو تبكيت يكون معرضًا للسقوط أكثر وأكثر، فهو ما عاد يهتم بما يسيء إلى سمعته أو شرفه أو حياته، بل تسوقه شهوته للزنا بل يطمع في امرأة غيره (إر8:5) = كل نجاسة في الطمع هكذا كل من عاش نجسًا. الدعارة = كل ممارسة جنسية خاطئة.

 

آية 20: وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا.

لم تتعلموا المسيح: لم يقل تتعلموا من المسيح، فالمسيح يعلمنا ذاته حيًا فينا.

فكر بولس الرسول أن المسيح فينا (غل20:2) فنحن لا نتعلم من مصدر خارجي. لكن حتى نسمع من المسيح ونتعلمه هناك شرط الثبات فيه. تتعلموا المسيح: تكون لكم حياة المسيح فيستخدم المسيح اعضائنا كآلات بر (رو6) فيكون لنا تصرفات وفضائل المسيح، ببساطة أن نلبس المسيح (رو14:13).

 

آية 21: إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ.

إن كنتم قد سمعتموه: إن لا تفيد الشك فبولس نفسه هو الذي كرز لهم وعلمهم وقدَّم لهم المسيح، لكنها تفيد التأكيد. ومن عرف المسيح فهو يستطيع أن يميز الحق من الباطل. وهم تعلموا الحق إذ هم في المسيح. ولكن مع الإصرار على الخطية ينطفئ الروح ويقل الثبات في المسيح، فلا نعود نسمع ولا نعرف المسيح.

 كما هو حق في يسوع: لأن الحق هو في يسوع AS THE TRUTH IS IN JESUS.

 

آية 22: أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ.

هذا هو جواب إن كنتم قد سمعتموه (آية 21). فطالما سمعتم تحتم عليكم أن تخلعوا الإنسان العتيق الفاسد: أي حتى تثبتوا في المسيح عليكم أن تمتنعوا عن كل تصرفاتكم القديمة، أي أن تموتوا عن خطاياكم (رو11:6)، أي أن تميتوا أعضاءكم التي على الأرض (كو5:3) أي أن تقفوا أمام شهواتكم الخاطئة التي هي الإنسان العتيق الفاسد كأموات، والروح يعين من يفعل ذلك (رو13:8).وهذا هو الجهاد السلبي. وأن تجاهدوا جهادًا إيجابيًا، أي بالصلوات والأصوام ودرس الكتاب والتسابيح والخدمة.. وبجهاد ويقظة نخلع الإنسان العتيق، أي يموت فينا ونلبس الجديد (2كو16:4) الذي على شكل المسيح (رو14:13) والبداية تحتاج نية صادقة وتصميم وإيمان حي، وبعد ذلك جهاد طويل.

شَهَوَاتِ الْغُرُورِ: الغرور أصلها المخادعة، فالشهوات المخادعة لها علاقة بالإنسان العتيق، وهي تأتي في شكل مخادع، مُصَوِّرَة للإنسان أن فيها سعادة ولذة، فإذا ما سقط فيها يشعر بالغم والضيق وبأنه خُدِعَ. والخداع أن الشيطان يصوِّر بإلحاح لذة الخطية ويخفي ما بعدها من آلام. ومن يستسلم لهذه الشهوات يستعبده الشيطان ويذله.. هنا على الأرض يكون الإنسان في هم وقلق وغم. وفي لحظة الموت يقبض عليه الشيطان.. ويأخذه للجحيم. وقارن بين موسى وسِنّه 120 سنة ونضارته لم تفارقه وداود وعمره سبعون عامًا وغير قادر على الحركة ويأتوا له بحاضنة (تث7:34 +1مل1: 1، 2).

 

آية 23: وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ.

تتجددوا بروح ذهنكم: قارن مع (رو2:12) ومع (أف18:1) "مستنيرة عيون أذهانكم". فالله خلق ذهن الإنسان ذهنًا نقيًا مستنيرًا يدرك به الحقائق الإلهية ويدرك به إرادة الله. ولكن الخطية والعصيان والتعدي جعلته عتيق، ولبسته ظلمة الخطية فصار أحمقًا غبيًا، لا يدرك الحقائق حتى البسيط منها. والرسول يطلب أن نستعيد الذهن المستنير، ويصير الذهن العتيق، ذهنًا جديدًا: تتجددوا وهذا ما أراده الله منذ البدء أن يكون لنا الذهن المستنير.. وكيف يكون هذا؟

بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ: هذا التجديد يحدث بالروح القدس وتوجيهه، ويصبح الذهن منقادا بالروح القدس، وبحسب العمق الروحي الذي إستنار بالتعاليم الروحية الصحيحة من قِبَلْ الروح القدس. أماّ حينما ينحاز الإنسان لشهوات جسده يظلم ذهنه. وحينما ينفتح الذهن بالروح القدس يفهم كلمة الله وأمور الله. فالذهن المظلم إذا بدأ صاحبه حياة روحية أي بدأ يصلي ويقرأ في الكتاب المقدس ويحيا في الكنيسة، سيبدأ صراع بين الحياة القديمة والاشتياق إليها، وبين الحياة الجديدة. لكن مع الوقت يبدأ الإنسان ينفر من الطريق القديم ويرتاح للطريق الجديد إذ يختبر أنه الأفضل وهو هكذا فعلا. والطريق القديم قد لا يكون فيه خطية واضحة، كمن يريد أن يحيا في أحد الأندية العالمية تاركًا كنيسته، مفضلًا شلة النادي عن الكنيسة، إلاّ أن هذه تقود للظلمة أيضًا إذ فيها ينفصل الإنسان عن الله. والاستنارة لا تحدث إلا بالعشرة مع الله في حياة روحية يوجهها الروح.

 

آية 24: وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.

كلما تعمقنا في درس كلمة الله وفي الصلاة وفي الأعمال الصالحة، يتجدد الذهن ونتغير عن شكلنا إلى صورة المسيح (الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ). المخلوق بحسب الله = الله خلق الإنسان على صورته وفقد الإنسان هذه الصورة بعد السقوط ، والإنسان الذي يولد من المعمودية يكون له صورة الله ثانية في البر وقداسة الحق . ومع الحياة في العالم تبهت هذه الصورة . لكن كلما زاد التصاقنا بالمسيح نستعيد الصورة وسيكمل هذا في السماء. ولاحظ أن من يلتصق بالمسيح ستكون له صورة المسيح، ومن يعيش في الأندية سيكون له صورتها.. وهكذا.

راجع (2كو16:4) + (رو14:13) + (غل19:4) + (1كو15: 45، 47، 49).

يقول الوحي على لسان إشعياء النبي "لانهم يخجلون من اشجار البطم التي اشتهيتموها وتخزون من الجنات التي اخترتموها. لأنكم تصيرون كبطمة قد ذبل ورقها وكجنة ليس لها ماء" (إش1: 29 ، 30). فكان عباد الأوثان يقدسون هذا النوع من الأشجار ويقدمون عباداتهم تحتها. وكانت كلمات الله لهم لقد صرتم تشبهونها. تعبدون وتقدسون أشجار البطم فصرتم كبطمة. وهكذا كل من يعبد أو قُل يَجْري وراء المال والجنس ... إلخ من الآلهة الجديدة. والنتيجة تذبلون وتصيرون كجنة ليس بها ماء = ينطفئ الروح القدس وتخبو حياة المسيح في هذا الشخص. فمن يعبد إلها أبكم يشبهه ويصير مثله وهكذا. ولاحظ أنه لا يمكن لأحد أن يعبد سيدين (مت6: 24). ويقول الوحي أيضًا "الذين يصورون صنما كلهم باطل ومشتهياتهم لا تنفع وشهودهم هي. لا تبصر ولا تعرف حتى تخزى" + "لا يعرفون ولا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار وقلوبهم عن التعقل".(إش44: 9 ، 18) فمن يسير وراء صنم بكم وعُمي يصير مثله والنهاية سيخزى. أما من يعبد المسيح يصير مثله.

ونحن نصل إلى صورة الكمال والقداسة، صورة المسيح هنا على الأرض، في محبته ووداعته وتواضعه وقداسته ونقاوته، فهو يفيض علينا من طبيعته ليجعلنا سماويين أكثر وأكثر، وشركاء الطبيعة الإلهية أي شركاء في هذه الصفات فتكون لنا صورة مجده في السماء (1يو3: 2 + فى3: 21).

أبونا آدم ورثنا عنه الإنسان العتيق، والمسيح آدم الأخير أخذنا منه الإنسان الجديد. فبالمعمودية نخلع الإنسان العتيق إذ نموت مع المسيح ونلبس الجديد إذ نقوم معهُ. وخلال رحلة حياتنا علينا أن نجاهد ليموت هذا الإنسان العتيق أو الأصح ليظل ميتًا، أما إذا أيقظناه بأعمال الخطية وتجاوبنا مع الشهوات الخاطئة وإستهنا بدم المسيح نطفئ الروح، ونحزنه، فيكف عن المؤازرة والنصيحة فتخدعنا الحية بمكرها ونفقد الخلاص. وليس فقط علينا أن نميت الإنسان العتيق بل نمارس أعمال بر ونجاهد لنحيا في قداسة. الْبِرِّ: هو في تعاملنا مع الناس في بر وعدل، هو ما فقدناه بسقوط أبونا آدم. القداسة هي ما نحتاجها لنحيا مع الله.

 

آية 25: لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ.

لذلك: كيف نعيش في قداسة الحق وفي البر كما قال في آية 24؟

اطرحوا: اخلعوا القشرة الخارجية من الكذب لأنه لا يليق بالحق الذي تعيشون فيه، والحق هو المسيح، والمسيح هو حياتنا. لذلك فلنترك الغش والكذب فهذا تعدِّ على الحق، والحق هو المسيح (رؤ15:22+7:21). والشيطان هو الكذاب وأبو الكذاب أي والد الكذب في قلوب الناس، وهو الذي يوحي به، لذلك علينا أن لا نستهين بخطية الكذب. أمّا المسيح فهو الحق ويوحي به (يو12:8). فمن يكذب كأنه يعترف أنه ليس أهلًا للمسيح ولا للحياة معه ولا يستحق الحياة الأبدية.

تكلموا كل واحد بالصدق مع قريبه = مأخوذة من (زك 8: 16، 17). إذًا لا بُد أن تكون كلمة المسيحي هي الحق بعينه. لأن بعضنا أعضاء بعض: أننا نكون جسدًا واحدًا للمسيح. ولكي يبنى الجسد يجب أن يبنى على الحق. فلو غشت العين الِرجْلْ يسقط الإنسان في حفرة وينكسر، وتمتد اليد لجمرة النار وتمسكها فتحترق.

 

آية 26: اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ.

اغضبوا ولا تخطئوا: [(مز4:4) سبعينية]. قد يغضب الإنسان على ابن عاق أو إهانة أو حق مسلوب أو لإنسان مظلوم. ولكن من يغضب عليه أن لا يخطئ أي يشتم أو يلعن أو يفكر في الانتقام أو تتولد مشاعر الكراهية والعداوة في قلبه. وحتى لا يحدث هذا يقول= لا تغرب الشمس على غيظكم: لكن هناك من يرفض أن يسامح العمر كله من أخطأ في حقه. وهناك غضب مقدس كالذي يصدر بسبب الغيرة على مجد الله والكنيسة. ومن المسئول عن الحفاظ على حق أو من الرؤساء ضد الإهمال.

 

آية 27: وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.

إذا تحول الغضب إلى ثورة وحقد وعداوة نعطي لإبليس مكانًا. فسلاحه العداء. والقلب المملوء غيظًا وحقدًا يصبح صيدًا سهلًا للشياطين.

 

آية 28: لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلًا الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ.

(1كو10:6، 11) السارقون لا يرثون الملكوت.

 

آية 29: لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.

عوضًا عن أن نتكلم كلامًا رديًا يعثر الآخرين فلنتكلم كلامًا بناءً للبناء، لنتحدث بما يمجد الله. فالشفاه التي تنطق باسم الرب قبيح بها أن تتكلم بالباطل (راجع يع1:3-12). ونحن سنُدان على كلماتنا كما على أفعالنا. عمومًا فالفكر غير المنشغل بالله، يستلمه الشيطان فيخرج كلامًا رديئًا.

 

آية 30: وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ.

سبق في (آية 29) أن حدثنا الرسول عن الكلام الرديء، وهنا يتكلم عن إحزان الروح القدس. إذًا هناك علاقة بينهما. فالروح القدس يوحي بالكلام الحسن والتسبيح، فإن فعلنا نمتلئ بالروح إذ سيفرح الروح بنا ويملأنا لأننا تجاوبنا معهُ.

أماّ الكلام الرديء فهو لا يحزن الناس فقط بل يحزن الروح القدس فينطفئ فينا. وإن صمت الروح القدس فينا تكلم الشيطان، وفقدنا السلام والفرح. وإن نطقنا بما يوحي به الشيطان من كلام سفه أو إدانة أو كلام بطال يحزن الروح وينطفئ. قارن قول السيد المسيح "الإنسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات والإنسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور" (مت35:12) ومن هذا نفهم أن ما في القلب يقود اللسان.. قارن هذا مع قول معلمنا يعقوب الرسول أن اللسان يقود الجسد كله كدفة تدير سفينة (يع2:3-12). فكيف نوفق بينهما؟

ببساطة العملية هي كدائرة. لو بدأ اللسان بتسبيح الله يمتلئ القلب فرحًا. ومن هذا الكنز يزداد التسبيح وهكذا. وإذا تكلم الإنسان كلام بطال يمتلئ القلب شهوات نجسة، مما يزيد اللسان كلامًا بطالًا، فيمتلئ القلب بالأكثر شهوات نجسة وهكذا.

ولو إنسان أصابه مرض وبدأ يشكو مرضه لكل إنسان يمتلئ القلب تذمرًا، وهذا التذمر في القلب يقود اللسان لمزيد من الشكوى، بل قد يشتكي الإنسان الله نفسه.

ختمتم: قطعان الماشية تختم كعلامة ملكية. والعبيد يختمون كعلامة ملكية. والله اشترانا بدمه ووضع علينا ختمه علامة ملكية وهي علامة لا تزول، لذلك فلا تكرار لسر الميرون. فيوم اعتمدنا ومسحنا بالميرون ختم الروح القدس على قلوبنا وهذا الختم يجعلنا في القطيع الملوكي. به أخذنا السمة التي تعطينا أن نكون أولاد الله. المسيح وضع علينا ختم ملكيته، فصرنا مخصصين له بسكنى الروح القدس فينا. يوم الفداء: يوم تكمل لنا كل بركات الفداء بحصولنا على الجسد الممجد. فالفداء له مرحلتين. وما حصلنا عليه الآن هو العربون.

 

آية 31: لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ.

المرارة: هي شعور داخل النفس بالضيق والتذمر وعدم الرضى. وقد يكون هذا الشعور ضد إنسان يكرهه أو ضد الظروف. ومن له هذه الروح هو عسير المصالحة. ولا تناسبه سكنى الروح فيه.

السخط: المرارة هي مشاعر داخلية لا تكون ظاهرة، والسخط هو ظهورها في حالة هياج في الطبع وعدم الاحتمال، وقلة الصبر. والإنسان المملوء مرارة يكون متهيئًا للانفعال المشتعل ويؤدي هذا للغضب والصياح والتجديف.

الصياح: هو الشجار بلا سبب مع تعلية الصوت، وهو نوع من الإعلان عن الذات بعد شعور بالنقص.

التجديف: فيه يسلم الإنسان نفسه للشيطان ويتكلم بلسانه.

الخبث: المكر السيئ.

 

St-Takla.org Image: K is for kindness, we always must show, when help is needed to all whom we know. "Be ye kind one to another" (Ephesians 4: 32) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations صورة في موقع الأنبا تكلا: اللطف الذي نظهره للكل عندما يُطْلَب منا المعونة: "كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض" (أفسس 4: 32) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا

St-Takla.org Image: K is for kindness, we always must show, when help is needed to all whom we know. "Be ye kind one to another" (Ephesians 4: 32) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations

صورة في موقع الأنبا تكلا: اللطف الذي نظهره للكل عندما يُطْلَب منا المعونة: "كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض" (أفسس 4: 32) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا

آية 32: وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ.

ما هو علاج ما سبق من مرارة وسخط... إلخ.؟ نقطتان هامتان.

1. الصراخ لله ليرفع حالة المرارة.

2. ممارسة أعمال إيجابية أي محاولة أن نكون لطفاء مع الناس. نحاول أن نرسم ابتسامه على شفاهنا دائمًا حتى لو بالتغصُّب ونحن نتكلم مع الناس. وهذا لا يُسَمَّى رياء، بل في هذه الحالة يُسَمَّى جِهاد، فالجهاد هو أن نغصِب أنفسنا على عمل ما هو صحيح. ومعاملة الناس بابتسامة شيء صحيح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات أفسس: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/10-Resalet-Afasos/Tafseer-Resalat-Afacoc__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/8jttjyg