المحراث في فلسطين بدائي. ويتكون من قائمة خشبية أو غصن شجرة، يعلّق النير في أحد طرفيها، بينما يبرز من الطرف الآخر غصن أو ترشق فيه دعامة مغلقة بصفيحة رقيقة بصفيحة رقيقة من الحديد تشكل سكة المحراث (اشعياء 2: 4). وفي العصر البرونزي كانت سكة المحراث من خشب, ومن المحتمل أن الفلسطينيين هم الذين أدخلوا سكة المحراث الحديدية (1 صموئيل 13: 20). ويجر المحراث بواسطة ثيران أو أبقار، ويوجه باليد (أيوب 1: 14؛ لوقا 9: 62). ومثل هذه الأداة لا تقدر أن تفعل أكثر من أن تخدش سطح الأرض. عندما كان أليشع يحرث باثني عشر فدانًا من الثيران ربما كان هناك اثنا عشر محراثًا، كل محراث منها بزوج ثيران ورجله، وكان أليشع آخر الاثني عشر (1 ملوك 19: 19، 20).
المحراث آلة لحرث الأرض، وما زال المحراث المصري القديم مستخدمًا حتى الآن في مصر وفلسطين وسوريا. ولعله كان تطويرًا للمعزقة اليدوية المصرية القديمة، وذلك بإطالة يدها وربطها إلى خشبة مستعرضة عليها لتوضع على أكتاف حيوانين ليجرانها كما يجري اليوم، مع عمل يد لها ليمسك بها الحرَّاث. ولا شَك في أنه كان يختلف في التفاصيل من منطقة إلى أخرى.
وكلمة حرث في العبرية هي "حرش" وتعني "يخدش" وهي تعبير سليم عما يفعله المحراث القديم بالأرض، فهو لا يقلبها كما تفعل المحاريث الحديثة بل يخدش قشرتها السطحية.
وكان الحرَّاث يمسك يد المحراث بيد، ويمسك باليد الأخرى المنساس (قض 3: 31) ليسوق به البقر أو الثيران، أو غيرها من الحيوانات التي تجر المحراث.
وقد منعت الشريعة أن يحرث على ثور وحمار معًا (تث 22: 10)، وهو أمر لا يُراعى اليوم دائمًا. وتستخدم عادة الثيران في جر المحراث (أيوب 1 : 14). وأحيانًا كان يستخدم أكثر من محراث يجر الواحد منها خلف الآخر إجادة حرث الأرض، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فقد كان أمام أليشع اثنا عشر فدان بقر، أي اثنا عشر زوجًا من البقر تجر اثني عشر محراثًا (1مل 19: 19 و21).
وكان الحراث عادة من العبيد (لو 17: 7). وكانت عملية الحرث تستلزم جهدًا شاقًا في الشتاء، فكان الكسلان يتقاعس عن ذلك، فلا يجد في الحصاد ما يشبعه (أم 20: 4). وكان الحرث والفلاحة من الأمور الممنوع القيام بها في يوم السبت (خر 34: 21).
الحرث مجازيًا: "على ظهري حرث الحرَّاث طولوا أتلامهم" (مز 129: 3) وهي صورة مجازية للآلام التي تحملها الرب يسوع عندما جلده الجنود الرومان القساة (يو 19: 1؛ لو 22: 63).
ويقول أليفاز التيماني لأيوب: "قد رأيت أن الحارثين إثمًا والزارعين شقاوة يحصدونهما" (أيوب 4: 8؛ هوشع 10: 13؛ غل 6: 7)، وتعني أن من يرتكبون إثمًا، إنما كمن يزرع زرعًا لا بُد أن يحصد ثماره من نفس ما زرع ولكن بكميات مضاعفة.
وكما أن الزرع لا بُد أن يأتي بعد الحرث، هكذا لا بُد أن يتمم الله قضاءه (إش 28: 23-25). ويعد الرب شعبه القديم بأن " يكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم" (إش 61: 5) إشارة إلى سيادتهم على الشعوب.
ويقول عاموس: "هل تركض الخيل على الصخر أو يحرث عليه بالبقر؟" (عا 6: 12)، للدلالة على غباوة ما يفعلون. ويقول إرميا: "إن صهيون تفلح (تحرث) كحقل وتصير أورشليم خرابًا" (إرميا 26: 18) أي أنها ستقلب وتدمر تمامًا.
أما القول: "يدرك الحارث الحاصد" (عا 9: 13) فيرمز إلى شدة خصوبة الأرض وإنتاجها الوفير السريع للمحاصيل.
وكما ينتظر الحارث أن يكون له نصيب في الثمار، هكذا ينتظر خادم الرب أن يقوم المؤمنون بسد احتياجاته الزمنية (1 كو 9: 10).
وقال شمشون لرجال تمنة: "لو لم تحرثوا على عجلتي لما وجدتم أحجيتي" (قض 14: 18)، أي لولا أنكم هددتم زوجتي وجعلتم منها مطية، لما وصلتم إلى حل الأحجية.
أما القول: "يطبعون سيوفهم سككًا (أسلحة للمحاريث) ورماحهم مناجل" (إش 2: 4؛ ميخا 4: 3) فتعبير عن السلام الشامل.
ويقول يوئيل: "اطبعوا سكاتكم سيوفًا ومناجلكم رماحًا" (يوئيل 3: 10) أي استعدوا للحرب.
ويقول الرب: "ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لو 9 : 62؛ انظر تك 19: 26؛ في 3: 13)، أي النكوص عن السير وراء الرب، يجعل الإنسان غير صالح للملكوت.
* انظر أيضًا: تلم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/tsr55cg