St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   09-Resalet-Ghalatya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل غلاطية 1 - تفسير رسالة غلاطية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية:
تفسير رسالة غلاطية: مقدمة رسالة غلاطية | الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6

نص رسالة غلاطية: الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6 | الرسالة إلى أهل غلاطية كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غل 1:1: بُولُسُ، رَسُولٌ لاَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاللهِ الآبِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ”.

من أول آية يؤكد بولس أن إرساليته من الله حتى يثبت صدق تعاليمه عن الخلاص بالإيمان بدون أعمال الناموس. وبولس يؤكد على صدق إرساليته ليس عن افتخار بل لأنه لو ثبت أن الله أرسله وهو يتكلم به وفيه، فكلامه صدق وبذلك يثبت كذب تعاليم الإخوة الكذبة.

لا من الناس: يقصد بالناس البشرية كلها، فهو لم يُدعى بفكر إنسان، فلو إن رسالته من الناس لكانت تحتمل الخطأ. لكن دعوته سمائية، إذًا هي لا تحتمل الخطأ.

ولا بإنسان: لم يكن هناك وسيط في دعوته، ولا حتى أرسله الاثني عشر لأن الاثني عشر ظلوا على عوايدهم وكانوا يصلون في الهيكل (أع46:2، 1:3). بل نرى أن بولس يقول إن المسيح يحيا فيه، وبه يحيا ويكرز ويتكلم (غل20:2 + 2كو20:5) بل أنه لم يعد له فكر شخصي (1كو16:2) فالمسيح الذي فيه يلقنه ما يقول وما يفعل وما يعلم به. بولس فهم أن المسيحية هي أن يموت عن العالم فيحيا المسيح فيه. ومع كل هذا نرى دور الكنيسة في إرسالية شاول، فهو اعتمد على يد حنانيا وعلّمه حنانيا الأوليات (أع6:9-18) ثم وضعوا عليه اليد ثانية لينال نعمة الكهنوت والرسولية (أع2:13، 3). فمع أن الله هو الذي أفرزه وعلّمه، فلقد احتاج بولس للكهنوت الذي في الكنيسة، فالله هو الذي وضع نظام الكهنوت في الكنيسة، ولذلك هو لا يخالفه.

بل بيسوع المسيح والله الآب: في (أع2:13) نرى أن الذي قال إفرزوا لي شاول هو الروح القدس، وهنا نرى أن الذي دعاه الابن والآب. ولاحظ أنه ذكر الابن قبل الآب. وفي (غل3:1) نجده يضع الآب قبل الابن، وهكذا في (مت19:28). والذي قابله في الطريق إلى دمشق كان المسيح. من كل هذا نرى وحدانية الثالوث والمساواة بين الأقانيم، ونلاحظ أنه لم يقل بيسوع المسيح والله، فهذا يعني أن يسوع المسيح ليس هو الله. ولكن نفهم من قوله بيسوع المسيح والله الآب الوحدة بين الآب والابن. فمشيئة الآب هي مشيئة الابن. ولماذا يذكر الرسول الآب؟ لأن الآب أرسل الرسول ليشهد للمسيح ويبشر به. والله الآب دعا بولس الرسول بواسطة ابنه الذي ظهر له في الطريق. فالله الآب يدعو خدامه لخدمة المسيح والتعرف عليه.

الذي أقامه من الأموات: هذه الكلمات تشير لعمل المسيح معنا، فالمسيح حين مات متنا معه في المعمودية فتبرأنا من الخطية، وحينما قام قمنا معه في قيامته فصرنا أولادًا لله الآب في المسيح. بولس هنا يشهد أن المسيح الذي أرسله هو الذي رآه في طريقه إلى دمشق قائمًا من بين الأموات. هو يركز هنا على هذه القيامة التي صرنا بها أبناء لله الآب. هذا هو التبرير الذي ليس من الناموس. ولأن هذه الرسالة هدفها إثبات التبرير بالنعمة وليس بأعمال الناموس، هذه النعمة حصلنا عليها بالقيامة من الأموات، قيامة المسيح، وبالإيمان والمعمودية صرنا نقوم مع المسيح. لذلك فمن أول آية في الرسالة يشير للقيامة من الأموات التي حصل بواسطتها التبرير. فالرسول يدخل في الموضوع من الآية الأولى.

 

غل 2:1: ”وَجَمِيعُ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعِي، إِلَى كَنَائِسِ غَلاَطِيَّةَ:”.

بولس في غضبه قال إلى كنائس غلاطية دون أن يصفهم بالأحباء أو بالقديسين كما تعود في باقي رسائله، بل وبلا أي كلمة مديح. جميع الأخوة: هو ذكر جميع الإخوة هنا ليشير أن جميعهم متفقين معه في الإيمان الذي يكرز به.

 

غل 3:1: ”نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ، وَمِنْ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ”.

الرسول يعطيهم البركة الرسولية ويطلب لهم ملء النعمة كقوة صادرة من المسيح لكل من يؤمن، وهذه النعمة تحفظ المؤمن من الهرطقات. ويطلب لهم السلام الذي يحفظهم من الانزعاج والتشويش الذي يثيره الإخوة الكذبة. وهم بارتدادهم عن النعمة يفقدون السلام مع الله. فمن له النعمة يكون له السلام. وسلام الإنسان مع الله علامة على رفع حالة الغضب الإلهي عن الإنسان كمتعدٍ على الله. والنعمة هي عطية الله المجانية، ومن يريد أن يعود للناموس يسقط من النعمة (غل21:2 +4:5). من الله الآب ومن ربنا يسوع: فالله الآب أكمل لنا نعمة الخلاص بالمسيح الابن. الآب يريد لنا الخلاص، والابن يحوِّل هذه الإرادة إلى عمل. فالابن والروح القدس هما أقنومي التنفيذ.

 

وغل 4:1: ”الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا”.

 هنا بولس يُذَكِّر أهل غلاطية بأن خطاياهم غُفرت بالفداء وليس بالختان أو أعمال الناموس، وراجع ما قاله في (غل21:2 + 4:5) فهو مكمل لهذه الآية.

وهذه الآية حين تأتى بعد آية 3 نفهم من هذا أن موت المسيح ليغفر خطايانا كان هو السبب في حصولنا على النعمة والسلام.

لينقذنا من الحاضر الشرير: هذا نفس ما قاله السيد المسيح " لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير... أيها الآب احفظهم في اسمك" (يو11:17، 15) ونلاحظ أن العالم نفسه ليس شرًا ولكن المشكلة في الاستخدام الخاطئ للعالم، فالأشجار ليست شرًا، ولكن الشر فيمن أخذ خشب الأشجار وصنع منها تماثيل ليعبدها. فالعالم إذًا ليس شرًا ينبغي علينا أن نتركه، لكن الرسول يطلب من الله أن ينقذنا من المبادئ الفاسدة والأفعال الآثمة التي في العالم. نحن قد غُفرت خطايانا بالمعمودية ولكننا نظل نعيش في العالم معرضين لحروب وخداعات ولا غنى لنا عن معونة المسيح حتى لا نهلك (2كو3:11+ أف12:6 + 1يو19:5) والله في محبته لا يطفئ فتيلة مدخنة، فهو يدرك أولاده بنعمته ليحفظهم، وإن تهاونوا كأهل غلاطية يرسل لهم خدامه الأمناء مثل بولس الرسول، وإذا أصر المؤمن على أن يبتعد عن الله قد يسمح الله بتجربة تعيده إلى صوابه (كما فعل مع الابن الضال إذ سمح له بمجاعة)، ولو فشلت كل هذه الوسائل يترك الله الإنسان لمصيره.

حسب إرادة الله وأبينا: فالله يريد أن الجميع يخلصون (1تى4:2) لذلك دبر الفداء، وبالفداء حصلنا على البنوة التي لم نكتسبها بالناموس، فلماذا العودة للناموس. الله وأبينا: هذه تعني الله الذي هو أيضًا أبينا.

 

غل 5:1: ”الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.”.

بولس إذ تحدث وشعر بعمل المسيح لأجله يسبحه بهذه التسبحة.

 

غل 6:1: ”إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ!”

في الآيات (6ـ9) نجد الرسول يشير إلى موضوع رسالته دون أي كلمة مديح لهم، بل بدأ بتقريعهم(1) مباشرةً وذلك يعبر عن انزعاجه وغضبه (غل20:4).

تنتقلون: استخدمت هذه الكلمة في نقل المواريث. وكان هذا ممنوعًا في العهد القديم، فالله صاحب الأرض، وهو أعطاها لهم كأمانة، فليس من حقهم بيعها والمعنى الروحي أننا لنا نصيب في ميراث السماء وعلينا ألاّ نبيعه بشهوة أو لذة خاطئة فهذا ثمن رخيص. وتعني أيضًا ألاّ نغيِّر ما ورثناه من عقائد. أسلمها الله للكنيسة. عن الذي دعاكم: الذي دعاهم هو الله الآب نفسه، وبهذا فهم يتحولون عن الله نفسه (1كو9:1 + غل 16،15:1).

بنعمة المسيح: نعمة المسيح هي قوة، فكيف ارتد الذين دعاهم الله ولهم هذه النعمة؟! أولًا لأنهم استهانوا بما حصلوا عليه ولم يتمسكوا به وذلك تحت إغراء الحية في شخص الإخوة الكذبة، فتسرب سم الحية من أفواه الإخوة الكذبة إليهم. ولكن نجد المسيح لا يترك أولاده فهو بنعمته أرسل لهم بولس الرسول بهذه الرسالة. والمسيح بنعمته قادر أن يستعيد لهم نور الروح القدس المنطفئ في قلوبهم ليعيدهم إلى حظيرة النعمة. ومن يتمسك بالنعمة التي فيه ويقاوم صوت العدو لا تقدر قوة في الدنيا أن تزعزعه.

إلى إنجيل آخر: أي بشارة أخرى أو تعليم آخر.

 

غل 7:1: ”لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.”.

 ليس هو آخر: هم انتقلوا من بشارة النعمة المجانية إلى بشارة لها الخلفية المسيحية ولكن عمادها الختان وعوائد الناموس، وهذه ألغاها إنجيل المسيح. ونلاحظ أن لفظ "آخر" في آية 6 في اليونانية مختلف عن آية 7 ففي آية 6 "آخر" تعني من نوع مختلف تمامًا (مثل إنجيل المسيح وناموس موسى)، أما في آية 7 "آخر" تعني إنجيل ثان قد يكون من نفس النوع أو المضمون (مثل إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا مثلًا). وبهذا يقصد الرسول بولس أنهم تحوّلوا إلى إنجيل آخر مختلف في المضمون. لأن الناموس يلغي النعمة. وبالتالي فهم تحوّلوا إلى لا شيء، أي لا إنجيل بالمرة. ونلاحظ أن كل ما دعا إليه الإخوة الكذبة هو الاحتفاظ بالختان والسبت، وهذا سبب كل هذا الغضب لبولس وأسمى بشارتهم إنجيل آخر، فماذا عن الطوائف التي تغيِّر أساسات التعليم المسيحي، إن من يسمح بأقل انحراف عما تسلمناه يفتح الباب لأكبر انحراف. يزعجونكم: يريدون تغيير الإنجيل بالقوة أو بالحيلة أو التشكيك.

 

غل 8:1: ”وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!”.

 أناثيما: باطل أو محروم. وفي الحروب اليهودية كانوا يقتلون من حَرَّمَه الله ويحرقون كل ماله. إذًا أناثيما تعني ملعونًا وخاسرًا لحياته الأبدية. وفي (رؤ18:22، 19) من يزيد أو ينقص كلمات الله يصير محرومًا بهذا المعنى. وبشارة الإخوة الكذبة باطلة وتؤدي إلى حرمان المؤمنين وسقوطهم من نعمة المسيح التي دُعوا إليها.

نحن أو ملاك: هم قالوا إن بطرس ويعقوب أي الاثني عشر يقولون بعكس ما تقول... فقال ولو حتى ”ملاك من السماء” قال بعكس ما أقوله فليكن محرومًا فما أقوله هو ما تسلمته من الرب مباشرة، والرب هو خالق الملائكة. وقوله ملاك من السماء تمييزًا عن كهنة الكنائس الذين يسمون ملائكة أيضًا (راجع سفر الرؤيا ص 3،2،1). بولس يريد هنا أن يقول بنوع من المبالغة إنه حتى لو ملاك من السماء قال غير ما قلته، وليس فقط الاثني عشر، فليكن محرومًا. فليس المهم مَنْ الذي يبشر بل نوع البشارة التي نسمعها. والمبالغة التي استخدمها هنا، استخدمها أيضًا في (رو38:8). وبولس هنا لا يمجد نفسه فهو أدخل نفسه في دائرة الحرمان لو علَّم بغير ما سبق وقاله لهم ويقوله لهم أيضًا في هذه الرسالة.

 

غل 9:1: ”كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!”.

 التكرار للأهمية. ونلاحظ أن أي تغيير في العقيدة يتسبب في الحرمان.

 

غل 10:1: ”أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ.”.

يقصد بولس هنا أنه مسوق من الله ليقول هذا التعليم، وأيضًا هذا الكلام العنيف. هو ينفذ وصايا سيده ويرضيه، ولا يهتم إن كان هذا الكلام يرضيهم أم لا. بل ولا يهتم في كلماته بأن يرضي الإخوة الكذبة أو يرضي اليهود حتى وإن صمموا على قتله وغالبًا فقد رَوَّجَ الإخوة الكذبة إشاعة ضد بولس أنه يداهن(2) البشر لأجل منفعته أو ليرضي جماعة ما. وبولس يرد هنا أنه لو كان يخدعهم لما استطاع أن يخدع الله، أما لو أراد أن يرضي الناس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لكان الأصلح له أن يبقى مع اليهود مضطهدًا للكنيسة، أو بعد أن صار مسيحيًا أن يرضي المتهودين، وبهذا يرضي اليهود أيضًا ويرضي الرومان الذين يعترفون باليهودية كدين رسمي في الدولة. أما الآن فهو يعرض نفسه لغضب الرومان واليهود والمتهودين.

 

غل1: 12،11: ”وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ."

يبدأ هنا بولس الرسول في سرد جزء من حياته الشخصية لنرى أنه استلم هذا الإنجيل من الله مباشرة. والإنجيل الذي استلمه يتلخص في أن المؤمن يخلص بفداء المسيح بالنعمة وليس بأعمال الناموس. والله اختاره من بطن أمه خاصة لنشر هذا الإنجيل. وهو لم يستلم ما يُعلِّم به من الرسل، فالرسل ما زالوا يمارسون الصلوات في الهيكل ويمارسون الختان، بل أن يعقوب نصح بولس الرسول أن يحلق شعره...

 

غل 13:1: ”فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلًا فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا.”.

هنا نرى بولس الرسول قبل أن تفعل فيه النعمة فعلها. واعتراف الرسول العلني هنا يريد به إثبات عمل النعمة فيه.

 

غل 14:1: ”وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي.”.

نرى هنا أن بولس الرسول يشير إلى أن تعمقه في الديانة اليهودية أدى إلى وحشيته ضد كنيسة الله فلماذا يريدون الارتداد لليهودية؟

ولكن هل اليهودية والتعمق فيها تقود للوحشية، كيف وهي ديانة إلهية؟!

هنا نلاحظ دقة تعبيرات بولس الرسول فهو يقول:

إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات أبائي: ومن هنا نفهم أن الدين اليهودي في حد ذاته لا يؤدي للوحشية فهو من كلمات الله نفسه، وكلمات الله لا تؤدي للوحشية ولكن نرى أن ما قاده للوحشية:

1ـ تقليدات الآباء: فهو استلم الغيرة الجاهلة والتعصب المجنون من آبائه، وما أوصلهم لهذا هو البر الذاتي والأنا. فالمتعصب دائمًا يتعصب لنفسه وليس لله. والمتعصب يصل للتوحش.

2ـ الغيرة: وهي التعصب المجنون دون فهم وهذا ما أسماه في (رو2:10) أنها غيرة ليست حسب المعرفة. هذه هي التي أدت لهذه الوحشية. ولكن لو كان بولس تعمق في اليهودية بتواضع لصاحبته نعمة الله ولصار مثل الاثني عشر. ولكن الغيرة مع التعصب والكبرياء والذات تصل بالإنسان للضلال. وهذا هو الفارق بين سمعان الغيور (لو15:6) ويهوذا الجليلي (أع37:5). لذلك قال بولس الرسول: "حسنةٌ هي الغيرة في الحُسنى" (غل18:4). ونفهم أن بولس في غيرته اليهودية ما كانت قوة في الدنيا قادرة على إقناعه، وإنما إقناعه تم بنعمة إلهية وقوة فائقة. ولقد انتشله الله كشعلة منتشلة من النار (زك2:3) وجعلته النعمة خليقة جديدة (2كو17:5).

 إذًا ما قاد بولس للوحشية ليست الديانة اليهودية بل تفسيرات وتعاليم آباء اليهود الخاطئة والتي شوهت الديانة اليهودية، وهذا ما هاجمه السيد المسيح أيضًا (مت1:15ـ9 + 16:23ـ22).

 

غل 15:1: "وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ".

أفرزني: كلمة فريسي تعني مفرزًا للناموس، فكانت مسرته السابقة أن يكون مفرزًا للناموس. ولكن مسرة الله دعته ليكون مُفرزًا للإنجيل. ولكي نفهم أن النعمة مجانية، نرى بولس يشرح هذا، بأن الله دعاه وهو ما زال في بطن أمه دون أن تكون له أعمال مثل التي يدعون للعودة إليها كالختان وأعمال الناموس.

الرسول يريد أن يقول: أنتم تقولون إن الخلاص بالختان وأعمال الناموس والله أفرزني واختارني بدونها وأنا مازلت في بطن أمي. وبولس لم يخترع شيئًا جديدًا إذ قال هذا. فإرميا سبق وقال نفس الشيء (غل 5:1).

 

غل 16:1: "أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا."

دعوة بولس الرسول هي من الله (1كو1:9 + 8:15 + أع14:22، 18).

وحين آمن بولس وعرف المسيح، صار المسيح حياته، وصار له فكر المسيح، صار المسيح يحيا فيه (غل20:2+ فى21:1 + 1كو16:2). وبهذا كانت تعاليم بولس ليست من كتب وقراءات أو من مصادر خارجية بل من المسيح الذي يحيا فيه: يعلن ابنه فيَّ لأبشر به: المسيح الذي في بولس أنار عقله وقلبه فتكلم باختبار حيّ. المسيح هو كلمة الله، فحينما سكن الله في بولس سكنت كلمة الله فيه. هو اختبر الابن متحدثًا فيه. هو لا يقدم شيئًا عن المسيح بل يقدم المسيح ذاته (غل1:3). لأبشر بين الأمم: فالله دعاه وأعطاه هذه الرؤيا لينفذ خطة معينة، وليتمم عملًا هو بشارة الأمم. والله يضع لكل منا خطة ويطلب منا عملًا معينًا خلقنا لأجله أف 10:2

لم أستشر لحمًا ولا دمًا: لم أسأل الرسل الاثني عشر، ولم أستشر حتى نفسي ورغباتي. فحتى لو كانت رغبتي ضد دعوة المسيح لما إستجبت لرغبتي. فيونان مثلًا تشاور مع نفسه ورفض دعوة الله. ونحن علينا أن ننفذ وصايا الله دون حتى أن نفكر أو نتشاور مع أنفسنا.

 

غل 17:1: "وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ".

من استلم إرساليته من الله لا يحتاج أن يستشر أحدًا وقوله هذا ليس فيه شبهة كبرياء. بل هو لتأكيد أن إرساليته من الله. ولو كان قد سأل الرسل لكان في شك مما قاله له الله ويريد أن يتأكد. هو يقول هذا ليقطع الطريق على المعلمين الكذبة الذين يشككون في صدق إرساليته.

انطلقت إلى العربية: العربية هي شرق بلاد الشام أي سوريا، فبعد ظهور الرب لبولس في الطريق احتاج لمزيد من الوجود في حضرة الرب لمراجعة الحياة برمتها، أي ما عرفه وتعلمه كيهودي من الكتاب المقدس وما استلمه حديثًا من الرب. والروح القدس كان يرشده. وهذه هي الخلوة المطلوبة لكل واحد منا، ولذلك يوصي بولس تلميذه تيموثاوس بالتعليم. في هذه الخلوة وسط ضجيج العالم نسمع صوت الروح القدس يعلمنا ويكلمنا عن المسيح (يو14:16) وهذا لا يمكن سماع صوته إلاّ في الهدوء، كما سمع إيليا صوت الله في الهدوء (1مل19: 12) وليس وسط الأسواق (نش2:3). إن ما نسمعه في الخلوة الهادئة من صوت الروح القدس هو الذي ينطبع في قلوبنا ويؤثر فينا فعلًا. مثال: لقد قرأنا مئات المرات قول الكتاب: " لا تخف" ونعرف عددها في الكتاب وإنه 365 مرة بعدد أيام السنة، فهل فعلًا نحن لا نخاف؟! لكن إذا سمعنا صوت الروح في الداخل خلال خلوتنا اليومية في هدوء لإنتزع الخوف من داخلنا ولشعرنا بسلام عجيب.

ذهب بولس للعربية ليتزود بالروح ويسمع صوت الروح، يعلِّمه كنوزًا جددًا وعتقاء. قبل أن ينطلق للكرازة، محتملًا آلامًا في سبيل الرب. وغالبًا فهو قد كرز هناك، وكانت كرازته عظيمة بدليل غضب الحارث والي دمشق عليه. ولكنه لتواضعه لم يحكي لنا عن نجاحاته في العربية.

ثم رجعت أيضًا إلى دمشق: وهناك كان الحارث الذي سمع بأخبار كرازته فنصب له كمينًا ليقتص منه ولكنه هرب من السور في سلٍ (أع25:9ـ30 + 2كو32:11، 33).

 

غل 18:1: ”ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.”.

إذًا نفهم أن بولس قضى 3 سنوات يكرز بالمسيح دون أن يذهب للرسل فهو إذًا لم يستلم إرساليته منهم. لأتعرف: لا ليتعلم منه أو ليضيف شيئًا لإيمانه. بل هو أراد أن يتعرف ويتباحث مع من هو عمود الكنيسة، هذا الذي سمع عنه كثيرًا، فيتعزوا ويفرحوا معًا بعمل الله في الكنيسة. وهو قد ذهب إلى بطرس في محبة متحملًا مشقات السفر. إذًا نزاعه معه بعد ذلك لم يكن بدافع شخصي بل لحماية الإيمان. ولقد ترك بولس الرسول أورشليم بعد ذلك إثر رؤيا (أع17:22، 21). فالله لا يريد له البقاء في أورشليم بل أن ينطلق للأمم.

 

غل 19:1: ”وَلكِنَّنِي لَمْ أَرَ غَيْرَهُ مِنَ الرُّسُلِ إِلاَّ يَعْقُوبَ أَخَا الرَّبِّ.”

أخا الرب: من زوجة سابقة ليوسف أو ابن خالة أو ابن عم.

 

غل 20:1: ”وَالَّذِي أَكْتُبُ بِهِ إِلَيْكُمْ هُوَذَا قُدَّامَ اللهِ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ فِيهِ.”

هو يؤكد أقواله أمام الله حتى لا يتهمه أحد بالكذب. قدام الله: إن بولس دائمًا يشعر أنه في حضرة الله (رو8:1، 9).

 

غل 21:1: "وَبَعْدَ ذلِكَ جِئْتُ إِلَى أَقَالِيمِ سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ."

الله دعا بولس الرسول سنة 36 م. ثم قضى 3 سنوات في العربية. ثم زار أورشليم سنة 38 م. ولم يرى فيها سوى بطرس ويعقوب. ثم ذهب لسوريا وكيليكية في شمال البحر المتوسط (شمال شرق)، وطرسوس هي عاصمة كيليكية.

 

غل 22:1، 23: "وَلكِنَّنِي كُنْتُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَجْهِ عِنْدَ كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ: « أَنَّ الَّذِي كَانَ يَضْطَهِدُنَا قَبْلًا، يُبَشِّرُ الآنَ بِالإِيمَانِ الَّذِي كَانَ قَبْلًا يُتْلِفُهُ»."

 بولس كان غير معروفًا بالوجه لكنهم كانوا يسمعون عنه، كيف أنه كان مضطهدًا للمسيحية ثم تحوَّل إلى كارز لها، لكنهم لم يعرفوه أو يسمعوه ككارز. هم أشاعوا عنه أنه علَّم في اليهودية بضرورة الختان (غل5: 11)، وهنا ينفي أنه علّم أصلًا في اليهودية.. معنى كلامه هنا: من أين أتيتم بهذا الكلام وهذه الإشاعات.

 

غل 24:1: "فَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ فِيَّ."

 لم يقل أعجبوا بيَّ، بل مجدوا الله لعمله فيَّ، أي أعطوا المجد لله لأنه غيَّر بولس كل هذا التغيير (ملحوظة: حينما نمجد الخادم نجعله ينتفخ. إذًا فلنمجد الله الذي يعمل في الخادم). في هذه الآيات يثبت بولس أنه لم يكن هناك عداء بينه وبين مسيحيي الختان في كنائس أورشليم واليهودية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تقريع أي تعنيف أو توبيخ scolding.

(2) المداهنة أي التملق.

(3) الأتراب أي الأصدقاء أو الزملاء من نفس السن friend/peer/fellow.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/09-Resalet-Ghalatya/Tafseer-Resalat-Ghalatia__01-Chapter-01.html

تقصير الرابط:
tak.la/sr8s5xz