St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   09-Resalet-Ghalatya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل غلاطية 4 - تفسير رسالة غلاطية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية:
تفسير رسالة غلاطية: مقدمة رسالة غلاطية | الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6

نص رسالة غلاطية: الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6 | الرسالة إلى أهل غلاطية كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غل 1:4 ”وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ”.

 بولس يستخدم وسائل متعددة ليثبت لهم أن الناموس والختان كانا لمرحلة مؤقتة. وهنا يقول إن الطفل والعبد لا يستطيعان أن يتصرفا في ثروة صاحب البيت وبهذا يقول لهم إن ارتدادهم للناموس شبيه بهذا الموقف، فإنسان الناموس وعدم نضجه الروحي يشبَّه بالطفل. وفي عدم تمتعه بالحرية يشبه بالعبد. أما المسيحي بنضجه الروحي وتمتعه بالحرية فهو يكون لائقًا بالميراث. فالناموس يمثل الوصي على الولد القاصر حتى لا يمد يده على الميراث قبل أن يصل إلى حالة الإدراك الكافي، والوصي يعتني بالممتلكات ويحرسها، أما القاصر فلا حرية له في التصرف فيها. وفي هذا تأنيب لهم أنهم بارتدادهم للناموس يصيروا كمن يعود لمرحلة الطفولة أو يصير عبدًا فاقدًا لحريته.

 

غل 2:4: ”بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ”.

 الوصي هو المتولي القانوني على الطفل القاصر ويكون مسئولًا أمام القانون عن الأموال الموروثة. والوكيل هو المُعيَّن من البيت أو العائلة ليرى أمور حياته وصحته وتعليمه ويكون بمثابة أبيه. والناموس بأحكام وصاياه يمثل الوصي، وبتعاليمه [من ختان وغسلات وعدم لمس ميت لئلا يتنجس وعدم أكل أشياء معينة...] يمثل الوكيل، وعمله ذلك مؤقت إلى أن يأتي ناموس الحرية. ونفهم الآن في ظل ناموس الحرية أن الختان رمز للمعمودية، والموت يساوي الخطية، فالتلامس مع ميت رمز لمن يذهب لكي يتذوق ويتلامس مع الخطية فيموت... وهكذا.

 وفي مرحلة الطفولة (في ظل الناموس) كان الإنسان لا يستطيع أن يفهم سوى الماديات، وميراث الأرض والعمر الطويل والصحة.. هكذا كانت وعود العهد القديم للأبرار. أما في مرحلة النضج فصرنا نفهم الأمجاد السماوية ولا نهتم بالميراث الأرضي ولا الصحة (بولس كان عليل الصحة) ولا العمر الطويل (الشهيدين أبانوب وقرياقص). وصرنا نفهم أن التجارب هي طريق السماء، والإعداد للسماء.

الوقت المؤجل: أسماه بولس "ملء الزمان" (آية 4). حين يأتي المسيح ليعطينا الحرية. هو الوقت الذي كان الله يعلم أن الإنسان سيكون فيه ناضجًا ويستطيع أن يترك مرحلة الطفولة، وبالتالي يمنحه الله هذه الحرية. ولاحظ تعليم بولس عن الحرية "كل الأشياء تحل لي. لكن ليس كل الأشياء توافق"، وعليَّ أن يكون ما أختاره يبني علاقتي بالله، وعليَّ أن لا يتسلط عليَّ شيء (1كو12:6، 23:10) هذا تعليم يصلح للناضجين.

 

غل 3:4: ”هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ”.

 قبل المسيح كان اليهود قاصرون تحت عبودية الناموس (غل 10،9:4) وكان الأمم مستعبدين تحت أركان العالم (غل8:4). والمسيح حرر الجميع من عبوديتهم، هل بعد ما أصبحوا سادة للبيت يعودون ليصبحوا عبيدًا للناموس. وفي هذه الآية الشاملة (غل 3:4) يشمل أركان العالم وأركان الناموس في كلمة واحدة أسماها أركان العالم، ثم فصلها في آيات 8، 9، 10.

أركان: كلمة باليونانية προσωπικό تعني أشياء مرصوصة بجوار بعضها مثل الحروف الأبجدية (أ،ب،ت..) وأحسن مثال لهذه الكلمة المكعبات المرسوم عليها حروف اللغة الأبجدية ليكون منها الطفل كلمة مفهومة. والأبجدية هي أول ما يعلمونه للطفل، لذلك صارت كلمة أركان باليونانية تعبر عن الشيء البدائي أو البدائيات أو المبادئ الأولية (عب12:5). وننتهي بذلك أن أركان اليهود هي إشارة لمطاليب الناموس البدائية روحيًا وأركان العالم الوثني هي خرافات الوثنيين مثل التفاؤل والتشاؤم واسترضاء الآلهة بالذبائح.

 

غل 4:4: ”وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ،”

مِلْءُ الزَّمَانِ: هو ما أسماه سابقًا الوقت المؤجل (آية 2) من أبى الولد الوريث لكي تفك وصايته، هو الوقت الذي رآه الله مناسبًا من كل الوجوه لكي يأتي المسيح. (راجع المقدمة).

أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ عبارة يفهم منها بوضوح أن المسيح كان موجودًا قبل أن يولد من العذراء.

من امرأة: أي ليست ولادة طبيعية. فالمسيح ليس من نسل رجل بل من عذراء.

تَحْتَ النَّامُوسِ: طالما وُلِدَ من امرأة يهودية فهو بالضرورة يكون خاضعًا للناموس. ولكن الناموس لم يحكم عليه ويسوده فهو بلا خطية فلم يُلعَن من الناموس. والمسيح التزم بكل طقوس الناموس كالتطهيرات والختان. هو الوحيد الذي التزم ونفذ كل وصايا الناموس فكان الكامل الوحيد بالنسبة للناموس، لذلك كل من يثبت فيه يصير كاملا (كو1: 28).

 

غل 5:4: ”لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ”.

 ليفتدي: يشتري لنفسه بثمن هو جسده ودمه، وبذلك دفع كل الديون التي علينا. وأنهى لعنة الناموس وأخرجنا من رباطات الخطية والموت وبهذا نلنا التبني والحرية من الناموس. حالة التبني ننالها كعطية بمقتضى الوعد القديم لأبينا إبراهيم.

التبني: في المعمودية نموت مع المسيح فتغفر خطايانا. ونقوم متحدين مع المسيح الابن فنصير أبناء. وهذا يتم بناءًا على الفداء الذي فيه مات المسيح وقام.

تحت الناموس: المسيح افتدى اليهود الذين هم تحت الناموس وافتدى الأمم أيضًا الذين بلا ناموس وأحرارًا منه. ولكن بولس الرسول يقول هنا ذلك إشارة للغلاطيين الذين كانوا أممًا، وصاروا في المسيحية أبناء مباشرةً، ويريدون الآن أن يعودوا للناموس. اليهود كانوا تحت لعنة الناموس إذ لم يستطيعوا الالتزام به. والمسيح حررهم من لعنته. وأنتم أيها الغلاطيون كنتم أصلًا أحرارًا من لعنة الناموس، إذ لم يكن الناموس لكم، فماذا تريدون، أتريدون الدخول إلى لعنة الناموس؟‍‍‍‍‍‍ !!

 

غل 6:4: ”ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ»”.

 من آمن وقبل الفداء صار ابنًا وحرًا من الناموس والخطية. وحل عليه الروح القدس نتيجة إتحاده بالابن. وصار الروح القدس الذي في داخلنا يشهد بهذه البنوة، فصرنا نصلي للآب بقولنا يا آبا الآب كما كان المسيح يقولها تمامًا (مر36:14). فنحن صرنا أبناء للآب بالتبعية أي بإتحادنا بالمسيح الابن. واللفظ يا آبا هي صرخة الطفل لأباه ومازالت تنطق هكذا بالعربية. ولفظ يا آبا هو عبراني أرامي אב معناه يا بابا. ولفظ باتير (الأب) يوناني πατέρ. ويصير المعنى (يا بابا الذي هو الآب) والمعنى أن الله صار أبًا للجميع يهودًا وأمم.

صَارِخا: الروح يصرخ أي يقول لي أصرخ قائلًا يا رب أنت أبي. هو يعطيني شعور بالبنوة لله. ولنلاحظ أننا معرضين في كل لحظة بحروب من إبليس ليوقع بيننا وبين الله، ويشككنا في محبته وأبوته، مثل مرض أحد أحبائنا أو موته، أو في تجربة تحدث لي أو مرض يصيبني شخصيًا فيأتي الشيطان ويصور لي أن هذا ناتج عن عدم محبة الله لنا أو ناتج عن قسوته أو أن الله يكرهنا. وهنا يصرخ الروح القدس في داخلنا قائلًا... أبدًا لا تصدق. الله يحبك. أنت ابن محبوب لله. ثق أن هذه التجربة هي طريقك للسماء، لو لم تكن طريقك للسماء ما سمح بها الله. اثبت أنت ابن. هل يترك أب ابنه. أذكر قول المسيح "هل يطلب ابن من أبيه رغيف فيعطيه حجر، هل يطلب سمكة فيعطيه حية". نسمع صوت إبليس يوقع بيننا وبين الله، إن هذه التجربة هي عقرب فيصرخ الروح القدس داخلنا، أنت ابن، هل يعطي أب لابنه عقرب أو حية. هذه سمكة (سمكة = حياة تخرج من موت، فالبحر هو موت للإنسان أما السمكة فتحيا في البحر). افهم إذًا أن هذه التجربة إنما هي طريقك للسماء. هي لصالحك. هذا هو صراخ المصالحة مع الله (2كو18:5، 19).

 وإذا سلكت في طريق الخطية يصرخ الروح القدس في داخلي. أنت ابن لله. أنت تنتمي للسماء. هل يصح أن تفعل ما تفعله. هل تقبل أن تكون سبب في التجديف على اسم أبيك السماوي وهذا ما يسمى تبكيت الروح القدس على خطية.

والروح القدس يصرخ في قلب الخادم أن لا يتكاسل فهو ابن الله. وأن المخدومين إخوته وعليه أن يفتقدهم فهم جميعًا أبناء الآب السماوي. وهو يصرخ فينا ليدفعنا لنصلي ونسبح لنتذوق الأحضان الأبوية. وهذا يسمى تبكيت الروح القدس على بِر.

ولو تكاسلت واعتذرت بأن الشيطان أقوى مني وسبب هذه السقطات، يصرخ(1) في داخلي بأن الشيطان قد دِين، وأن المسيح صرخ للآب قائلًا "أيها الآب احفظهم في اسمك" (يو11:17). فهل يعود الآب ويترك ابنه لسلطان إبليس؟! خصوصًا أن إبليس مُدان؟ وهذا ما يسمى "تبكيت على دينونة" (يو8:16).

 والروح القدس يحكي لي عمن هو المسيح فأحبه. ويحكي لي عن المجد المعد فأشتهيه. فيقول لي كل هذا لك فأنت ابن. فأصرخ لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا (يو14:16+ 1كو 9:2-12+ في 23:1).

 والروح القدس هو الذي يعطيني الشعور بالبنوة، وبدالة البنوة ويقول لي أطلب بثقة من الله. أنت ابن.

 

غل 7:4: ”إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ للهِ بِالْمَسِيحِ”.

(رو17:8): " فإن كنا أولادًا فإننا ورثة أيضًا ورثة الله ووارثون مع المسيح"

(عب2:1): ابنه الذي جعله وارثًا لكل شيء.

ما معنى أن المسيح يرث؟ هل كان المسيح ابن الله بلا مجد وصار له المجد؟

إذا تكلمنا عن لاهوت المسيح فهو لم يفقد مجده لحظة واحدة ولا طرفة عين. وإذا تكلمنا عن جسده، فهو وُلِدَ بجسد عادي كجسدنا تمامًا. هذا الجسد صار له كل المجد حينما جلس عن يمين الآب، وهذا ما طلبه المسيح من الآب (يو17: 5).

وكان هذا لحسابنا فكل من اتحد به، واستمر ثابتًا فيه سيصير له المجد كميراث " أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو22:17)+ من يغلب (أي يظل ثابتًا في المسيح أعطيه أن يجلس معي في عرشي" (رؤ21:3). لذلك يقول السيد المسيح اثبتوا فيَّ وأنا فيكم (يو4:15). فَمَنْ يظل ثابتًا في المسيح فما يحصل عليه المسيح سأحصل عليه أنا. الله الذي أعطى لإبراهيم الوعد ها هو ينفذ وعده ويعطي الميراث لأبناء إبراهيم بالإيمان.

 

غل 8:4: ”لكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً”.

 هذا الكلام موجه للغلاطيين الذين عبدوا الأوثان قبل إيمانهم بالمسيح، ولم يعرفوا الله الحق. الله هو الحق، ومن لا يعرف الله لا يعرف الحق، وهكذا تتزيف له كل الحقائق، ومثل هذا الإنسان يصدق الشيطان الكذاب. ومن يعرف الحق يتحرر، ومن يتبع الشيطان يستعبد. والله أرسل المسيح وهو الطريق والحق والحياة لنعرف الحق (يو32:8).

إذ كنتم لا تعرفون الله استعبدتم: ما الذي جعل إنسان مؤمن يذهب لأماكن خطية فيستعبد لها؟ إنه لم يعرف الله ولم يتذوق حلاوة عشرة الله. وما الذي يجعلنا نهرب من الصلاة والأصوام والقداسات؟ إننا لم نعرف الله أي لم نتذوق حلاوة عشرة الله. حقًا " هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4).

 

غل 9:4: ”وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟”

 الله أعلن نفسه في شخص المسيح، ومن آمن بالمسيح وعرفه فقد عرف الآب أيضًا " من رآني فقد رأى الآب" (يو9:14+ يو18:1).

عَرَفْتُمُ اللهَ: "لا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت 27:11). ومعرفة الله هذه عبارة تعني الإتحاد بالله (راجع تفسير مت11: 27) عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ: وكأن الرسول بعد أن قال عرفتم الله تدارك فقال بل عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ = فأنا لا أستطيع أن أتحد بالله من نفسي، فالله هو الذي جاء للإتحاد بي، وأنا لن أستطيع أن أعرف الله وأسرار الله من نفسي بل أن الله هو الذي يعرفنا نفسه ومن خلال الإتحاد به (فأنا لن أستطيع إقتحام قصر الملك لأعرفه وأشاهد قصره، بل هو يدعوني إن أحبني، والحب هو أساس هذا الإتحاد ووسيلة هذا الإتحاد... راجع تفسير يو15: 9) إذًا المبادرة من الله (رؤ3: 20). فنحن ليس لنا القدرة الذاتية على معرفة الله. ولكن قوله عُرِفتم تعني أن الله يعرف من يستحق أن يكشف له نفسه ويكشف له أسراره. وكونه عرفنا نفسه أو كوننا عرفناه فهذا يعني أنه حسبنا من أخصائه بل من أبنائه.

الأركان الضعيفة: الرسول يتعجب كيف بعد أن عرفوا الله في شخص ابنه يعودون للختان وخلافه من ذبائح وتطهيرات، يُسَكِّن بها الخاطئ ضميره الملوث، وأنه عمل كل المطلوب وتبرر أمام الله. أو يعود الأممي لذبائح أوثانه. وهي ضعيفة إذ هي غير قادرة على تطهير الضمائر. وهي فقيرة إذ لا قوة فيها. وهذه الآية تنطبق علينا. إذ كيف بعد أن عرفنا الله وكشف الله لنا عن محبته وعن الأمجاد التي أعدها لنا، نرتد لشهواتنا السابقة التي ليس فيها شبع حقيقي ولا فرح حقيقي ولا تملأ القلب سلام. الشهوات الحسية هي أركان ضعيفة فقيرة فهي تعطي لذات حسية للحظات. أما الله فيعطي سلامًا يملأ القلب العمر كله، سلام يفوق كل عقل (فى7:4). هذا ما جعل الله يتساءل ويعاتب شعبه أنهم تركوه هو ينبوع الماء الحقيقي الحي وذهبوا ينقروا لأنفسهم آبار مشققة لا تضبط ماء (إر13:2).

 

غل 10:4: ”أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟”

 يتكلم هنا عن مواسم الفصح والأصوام اليهودية، والسنين كسنة اليوبيل.

 

غل 11:4: ”أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!”

 يخاف بولس أن تغويهم الحية بمكرها (أي إبليس) (2كو3:11). ويضيع تعبه فيهم. وكلمة أخاف تحمل معنى التشجيع والاهتمام والحب.

 

غل 12:4: ”أَتَضَرَّعُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كُونُوا كَمَا أَنَا لأَنِّي أَنَا أَيْضًا كَمَا أَنْتُمْ. لَمْ تَظْلِمُونِي شَيْئًا”.

 في الآيات 12ـ20 يلجأ الرسول لوسيلة جديدة عاطفية ليثنيهم عن نيتهم في إتباع الختان، فهو يذكرهم بالمحبة التي كانت له عندهم. ومن هذه الآيات يمكننا أن نعرف الشوكة التي كانت في جسده. الرسول لم يقصد أن يتكلم عن نفسه ولكنه يريد أن يقول لهم "لقد بشرتكم وأنا في منتهى الألم والضعف، ولقد أحببتموني. فلماذا تشكوا فيَّ وفي تعاليمي الآن.

أيها الإخوة: يكرر الرسول كلمة الإخوة هنا ليتودد لهم. وهو يتودد لهم بمشاعر أبوية بعد أن استخدم الشدة معهم. يقول لهم أنا أحبكم فيا ليتكم تحبونني كما أحببتكم ولا تصدقوا الإشاعات المغرضة عني. أو يا ليتكم تحبونني كما أحببتموني من قبل. كونوا كما أنا: أنا كنت يهوديًا وبعد أن عرفت المسيح تركت عوائد الناموس فكونوا مثلي في هذا. لأنني أنا أيضًا كما أنتم: فهم أصلًا بلا ناموس، وفي هذا صار بولس مثلهم تاركًا للناموس.

لم تظلموني شيئًا: أي ليس هناك مشاكل شخصية بيننا.

 

غل 13:4: ”وَلكِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي بِضَعْفِ الْجَسَدِ بَشَّرْتُكُمْ فِي الأَوَّلِ”.

كان بولس حاملًا في جسده تجربة مرة اعتبرها ضربة من الشيطان ولكن قطعًا بسماح من الله، ولكن بالرغم من ضعفه كان الله عاملًا فيه بروحه بقوة (زك6:4). وقالوا عن مرضه آلام في العين وقالوا إنه ملاريا. وقالوا صديد في جسمه. ولاحظ أن بولس لم يستطع شفاء نفسه بالرغم أنه كان يشفي الآخرين.

 

غل 14:4: ”وَتَجْرِبَتِي الَّتِي فِي جَسَدِي لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا، بَلْ كَمَلاَكٍ مِنَ اللهِ قَبِلْتُمُونِي، كَالْمَسِيحِ يَسُوعَ”.

كان لبولس مرض له رائحة صديد كريهة لكنهم لم يزدروا بها (أع12:19). هنا نراهم يأخذون خرق من على جسد بولس. فقيل كان في جسده قروح.

 

غل 15:4: ”فَمَاذَا كَانَ إِذًا تَطْوِيبُكُمْ؟ لأَنِّي أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِي”.

 فهم بعض المفسرين أن بولس كانت عينيه مريضة لقوله هنا لَوْ أَمْكَنَ لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِي: وما يؤيد هذا أنه كان يكتب بحروف كبيرة (إذ أنه غير قادر على الكتابة بوضوح) (غل11:6). وهو كان يملي رسائله لتلاميذه فهو لا يقدر أن يرى الحروف الصغيرة (رو16: 22 + أف6 : 24). وفي بعض رسائله إضطر أن يكتب بعض كلمات بحروف كبيرة ليميزوا الرسائل التي يرسلها هو من الرسائل المزورة التي كتبها أعداءه ونسبوها إليه (2تس3: 17). وبسبب ضعف عينيه لم يميز رئيس الكهنة (أع23: 3 - 5).

تطويبكم: لقد فرحوا بمجيء بولس لهم وأحبوه وطوبوا أنفسهم على ذلك أي حسبوا أنفسهم سعداء إذ تعرفوا على بولس وآمنوا بما أتى به إليهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي هذا عتاب لهم إذ هم نسوا محبتهم لبولس وسعادتهم السابقة به وبتعاليمه ومواهبهم التي نالوها على يديه، وتركوا تعاليمه مصدقين تعاليم الإخوة الكذبة.

 

غل 16:4: ”أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَنِّي أَصْدُقُ لَكُمْ؟”.

الاخوة الكذبة أزعجوا الغلاطيون بتعاليمهم. وبولس يقول أنه هو: الأصدق

عدوًا: قطعًا من يكذب فهو عدو وليس صديق.

 

غل 17:4: ”يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ.”.

هنا بولس يكشف مكر وخداع الإخوة الكذبة فهم في غش يدَّعون الأمانة. وهو هنا يقول إنهم يدَّعون الغيرة والاهتمام بالغلاطيين.

ليس حسنًا: أي ليس بنية صادقة. يصدوكم: يبعدونكم عن الإيمان الصحيح.

لكي تغاروا لهم: أي تنحازوا لهم. فليس مُهِمًا في نظر الإخوة الكذبة أن يُغَيِّر الغلاطيون لله بل أن يستحوذوا هم على غيرتهم تعمل لحسابهم وأهدافهم. وأن تكون الغيرة لله فهذا شيء حسن، أما الغيرة للأشخاص فليست حسنة، خصوصًا إذا كانت عن خداع. هؤلاء الإخوة الكذبة أرادوا أن يحولوا الغلاطيين لمجرد تابعين لهم.

 

غل 18:4: ”حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِي عِنْدَكُمْ فَقَطْ”.

 هنا ينبه بولس الغلاطيين إنهم كانوا يغيرون للمسيح حين كان بولس الرسول موجودًا بينهم، وبولس رأى أن هذا خطر لأن هذا يعتبر تعلق بشخص بولس وليس بالمسيح. وبولس كان حريصًا على الغيرة لله فقط.

 

غل 19:4: ”يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ”.

 أتمخض: يشبه بولس آلامه التي عانى منها في كرازته لأهل غلاطية بألم الولادة للأم، وذلك حتى يلد أولادًا لهم صورة المسيح. وبولس الرسول هنا يقول أنا كنت لكم كأم ولدتكم بآلام شديدة. ولنرى صورة لآلام بولس في كرازته (راجع 2كو 11). وبالذات فبولس واجه آلامًا شديدة في غلاطية، فهم رجموه في لسترةلسترة في إقليم غلاطية) وجروه خارج المدينة ظانين أنه مات، ولكنه عوفيَ بل عاد ودخل المدينة ثانية (أع 19:14ـ 21). ونحن نحصل على صورة المسيح فينا أولًا بالإيمان ثم بالمعمودية ثم بأن نحيا كأموات عن الخطية، بل كمصلوبين أمام العالم، فيحيا المسيح فينا (غل20:2). وعلينا أن نتغذى على كلمة الإنجيل لتنمو بداخلنا البذرة التي حصلنا عليها بالمعمودية (1بط23:1) وهذا لا يتم في لحظة بل طوال حياتنا (2كو16:4+ كو10:3).

 

غل 20:4: ”وَلكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ!”

 هنا يعلن الرسول ضيقه من سلوك شعب غلاطية. أغيّر صوتي: قد تعني أبكي لأستعطفكم. وقد تعني أصرخ وأهدد وأتوعد كأب يربي أولاده. وغالبًا فهي تعني الاثنين، مرة يستعطف، ومرة يهدد.

 

الآيات 21-31:

هنا يلجأ الرسول لتشبيه جديد. ويستخدم صورة زوجتَيّ إبراهيم سارة الحرة وهاجر العبدة. سارة الحرة تنجب ابنًا بحسب وعد الله وضد الطبيعة، ابنًا يعطيه الله حياة من موت. وهاجر الجارية تنجب ابنًا بطريقة طبيعية مثل كل الناس. والرسول يقارن بين عهد النعمة والحرية بيسوع المسيح وبين عهد الناموس الذي أخذوه في سيناء. وشبه بولس عهد سيناء بهاجر عبدة سارة التي ولدت إسماعيل. وهذا العهد هو عهد العبودية. ويقارن مع إسحق ابن الموعد الذي هو ليس ابنًا بحسب الطبيعة. وكان في حياة إبراهيم عهدان، عهد الختان الذي أخذه في حياة إسماعيل وبوجود هاجر العبدة. وعهد الموعد الذي سيقيمه الله في نسله. وكما عبر إبراهيم على عهد الختان رمز العبودية بسبب إسماعيل وهاجر إلى عهد الموعد رمز الحرية بسبب إسحق وسارة. هكذا عبر شعب الله من عهد العبودية في سيناء وهو عهد الختانة والناموس إلى عهد الحرية بالمسيح النسل الموعود.

* فسيناء المصرية وهاجر المصرية وإسماعيل رموز لعهد الناموس (والناموس أخذوه في سيناء المصرية ومصر تذكرهم بالعبودية). كل هذا إشارة للعبودية والختان.

* إسحق ابن الوعد، هو ابن سارة الحرة مولود ضد الطبيعة، ولكن بحسب الوعد، هو رمز للمسيح الموعود به المولود من عذراء ضد الطبيعة، وإسحق أيضًا يرمز لعهد النعمة.

* أورشليم ترمز لأورشليم السماوية وللكنيسة الآن.

* سارة الحرة ترمز للعهد الجديد وللكنيسة التي حررها المسيح.

* هاجر الجارية (العبدة) تشير لأورشليم الحاضرة أيام بولس الرسول، والمستعبدة للناموس وللرومان (وهذا ما يريد الإخوة الكذبة ردهم إليهم).

 

غل 21:4: ”قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ: أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟”

بولس هنا يؤنب الغلاطيون، إذًا إنهم حين قرأوا الناموس وقفوا عند حدود الفروض الناموسية، ولم يدركوا أن الناموس يتكلم عن المسيح. فكانوا مثل تلميذيّ عمواس محتاجين لمن يشرح لهم عن المسيح.

ألستم تسمعون الناموس: هذه مثل تضلون إذ لا تعرفون الكتب (مت42:21 + مت29:22 + لو26:24، 27). الرسول يريد أن يقول للغلاطيين "هل تفهمون ما تقرأونه في الناموس".

 

غل 22:4، 23: ”فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. لكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ”.

 لقد كان اليهود يفتخرون بأنهم أولاد إبراهيم بحسب الجسد. وهنا بولس يظهر لهم أن إسماعيل أيضًا ابن الجارية هو ابنًا لإبراهيم حسب الجسد. أما إسحق فله ميزة أنه ليس حسب الجسد بل حسب الوعد، لذلك ليس غريبًا أن ندعى أولاد إبراهيم رغمًا عن عدم التصاقنا به جسديًا. وكما تأخرت سارة في الولادة تأخر الأمم في الإيمان، وتأخرت الكنيسة في الولادة عن بداية الشعب اليهودي. وهذا هو الوعد أنه كما خرج إسحق من مستودع سارة الميت هكذا خرج الأمم المؤمنين الذين صاروا أحياءً بإيمانهم من مستودع الأمم الوثني الميت. وهنا سؤال للمتهودين أو اليهود.. من يفتخر بأنه ابن لإبراهيم بالجسد فهو نظير إسماعيل. وأما نحن المسيحيين نفتخر بأننا أولاد لإبراهيم بالإيمان. نحن صرنا أبناء بحسب الموعد نظير إسحق.

 

غل 24:4: ”وَكُلُّ ذلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ”.

 هاجر جارية وعبدة تشير لعبودية مَنْ في العهد القديم. وكان من نسل إبراهيم العبيد الذين أتوا من جارية. وذلك رمز لأن كل نسل إبراهيم بالجسد هم عبيد تحت الناموس، فأولاد إبراهيم ليس كلهم متساوون في المقام. وهاجر العبدة المصرية صارت رمز للناموس الذي كان في سيناء والذي ولد أولادًا يعيشون في عبودية: الوالد للعبودية.

 

غل 25:4: ”لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا”.

أطلق بولس على عبودية شعب إسرائيل في سيناء للناموس اصطلاح "هاجر". فهاجر الجارية مصرية، وسيناء حيث أخذوا الناموس مصرية. وهذا ينطبق على اليهود والمتهودين وأورشليم اليهودية أيام بولس.

 

غل 26:4: ”وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِيَ حُرَّةٌ”.

أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا: هي الكنيسة الآن، أولاد المعمودية وامتدادها بعد ذلك في السماء. وهي عليا في مقابل أورشليم الحالية المستعبدة. وهي عليا لأن المسيح قال ينبغي أن تولدوا من فوق (يو7:3)، وهي عليا لأننا نحيا في السماويات (أف6:2) وسيرتنا هي في السماوات (فى20:3). ولذلك يسأل الكاهن في القداس أين هي عقولكم ونرد هي عند الرب. وأورشليم العليا سننطلق إليها في النهاية (يو2:14 و3). هي مدينة السلام، مركز العلي، وطننا السماوي (رؤ2:21، 3، 9-27،11). والكنيسة هي كنيسة واحدة مكونة من نصفين، الكنيسة المنتصرة في السماء، والكنيسة المجاهدة على الأرض والتي سيرتها أيضا في السموات. وكلمة أورشليم حرفيًا تعني رؤية السلام. ففي مقابل هاجر سيناء التي ولدت عبيدًا، نجد أورشليم العليا التي نُولد منها جميعًا يهودًا وأمم كأبناء أحرار.

 

غل 27:4: ”لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِي وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ»”.

يستعير بولس الرسول هنا من قول إشعياء (إش1:54) حيث يخاطب أورشليم في حالتها الأولى قبل السبي وكأنها أم مخصبة لها بعل، أما حالتها أثناء السبي فهي كأم مهجورة بلا زوج ولا بنين فأولادها ذهبوا إلى السبي. ثم يخاطبها بعد عودتها من السبي وهي مسرورة بعودة بنيها. ولكن الآية تشير حقيقةً إلى كنيسة الأمم التي كانت بلا عريس ولا أبناء لله ثم صارت عروسة له وأم وَلودة تلد أولادًا لله، أولادها من اليهود والأمم المؤمنين في كل العالم. فالآية نسبيًا على أورشليم، لأن أورشليم قبل السبي كانت تلد ولم تكن عاقرًا. ولكن الآية تشير كليا إلى الكنيسة. وقارن مع (إش 1:60 – 5 + 10 - 13). ثم يصور صورة كنيسة المسيح آخر الأيام (إش18:60 - 20).

 

غل 28:4: "وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ".

إسحق يشير لأولاد الموعد أي كنيسة المسيح، المواطنون السماويون شركاء الميراث، الذين ما زالوا على الأرض لكنهم لهم حياة سماوية. ونحن نحصل على البنوية لله بحسب وعد الله الذي نسمعه من فم الكاهن في العماد.

 

غل 29:4: ”وَلكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هكَذَا الآنَ أَيْضًا.”.

 قيل في سفر التكوين إن إسماعيل كان يمزح مع إسحق ولكنه لم يكن مزاح بريء. فكلمة يمزح المستخدمة في الكتاب تشير للاستهزاء والسخرية. ونلاحظ أن أولاد الله غرباء في الأرض مضطهدين فيها. وكل غريب يكون مكروه كمتطفل. ولكن من يرفض الآلام على الأرض فهو يرفض نصيبه السمائي. وبولس يقول هكذا الآن أيضًا: فاليهود الذين ما زالوا في عبودية الناموس (نظير إسماعيل المولود من عبدة) ما زالوا يضطهدون المسيحيين الذين هم نظير إسحق الحر ابن الوعد. وكم عانى بولس الرسول في كل مكان من اضطهاد اليهود له.

 

غل 30:4: ”لكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ»”.

 سارة قالت "هذا لا يرث مع ابني" وكأن الله يُؤَمِّن على كلام سارة، والرسول يلتقط هذا ويقول إن ابن ناموس العبودية أي اليهود أو المتهودين لن يرثوا مع الأحرار أي الكنيسة. فابن الجارية لا يرث مع ابن الحرة وابن ناموس العبودية لا يرث في بركات المسيح وميراثه السماوي. وهذه نهاية المضطهِدين الذين عاشوا لا يهتمون سوى بميراث الأرض ويضطهِدوا أولاد الله، فلا ميراث سماوي لهم. أما من تألم مع المسيح على الأرض فنصيبه في السماء. هنا بولس يحذرهم أن يكون نصيبهم الطرد كهاجر وإسماعيل بسبب استمرارهم في التمسك والالتزام بالناموس كعبيد فهم طالما يريدون أن يعيشوا كعبيد فلا ميراث سماوي لهم.

 

غل 31:4: ”إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ”.

يريد الرسول أن يقول فلنكن أولاد المسيح وليس أولاد الناموس لنرث الله مع المسيح. وإسحق رمز للحرية لذلك علق بولس في الآية التالية (غل 1:5) على الحرية الحقيقة. فالآية (غل 1:5) هي الخاتمة المنطقية للأصحاح الرابع.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أي الروح القدس يصرخ في داخلي..


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/09-Resalet-Ghalatya/Tafseer-Resalat-Ghalatia__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/kbsfs6t