St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   09-Resalet-Ghalatya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل غلاطية 2 - تفسير رسالة غلاطية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية:
تفسير رسالة غلاطية: مقدمة رسالة غلاطية | الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6

نص رسالة غلاطية: الرسالة إلى أهل غلاطية 1 | الرسالة إلى أهل غلاطية 2 | الرسالة إلى أهل غلاطية 3 | الرسالة إلى أهل غلاطية 4 | الرسالة إلى أهل غلاطية 5 | الرسالة إلى أهل غلاطية 6 | الرسالة إلى أهل غلاطية كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غل 1:2: ”ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذًا مَعِي تِيطُسَ أَيْضًا.”.

ثم بعد أربع عشرة سنة: غالبًا من تاريخ رؤياه وإيمانه بالمسيحية.

صعدت أيضًا إلى أورشليم: هذه الزيارة تقابل ما ورد في أع 15 (مجمع أورشليم).

مجمع أورشليم:

 كان بسبب الشرط الذي وضعه المتهودون بضرورة الالتزام بالناموس بالنسبة للأمم الداخلة للمسيحية كشرط للخلاص. ولقد صعد بولس وبرنابا لمشاورة الرسل في الأمر وليكون هناك رأي واحد لكل الكنيسة. ونسمع قول بطرس في المجمع عن الأمم "وطهر بالإيمان قلوبهم" (أع9:15). وبهذا نفهم أن الإيمان صار شرط الخلاص دون أعمال الناموس. والخلاص هو أن نصير خليقة جديدة (غل15:6) على شكل المسيح (غل19:4). والروح القدس هو الذي يعطي هذا التغيير فنصير خليقة جديدة. وهنا نقول:

1ـ قالت بعض الطوائف إن الله في محبته سيخلص الجميع دون شرط الإيمان وهذا إلغاء لعمل المسيح، فلن نتطهر ونصبح خليقة جديدة دون إيمان. ويكفي أن نقول إن هناك عشرات الآيات التي تثبت أنه لا خلاص إلا بالإيمان ونذكر فقط آخر آية في هذا الإصحاح " لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذًا مات بلا سبب" (غل21:2). وأهمية الإيمان هي أن الخلاص سيكون بأن يكون لي طبيعة جديدة، تموت فيَّ الطبيعة العتيقة وتقوم طبيعة جديدة، على شكل المسيح. فكيف يعمل فيَّ الروح القدس كل هذا دون أن أصدق وأؤمن بعمل المسيح الفدائي، ودون أن أريد هذا، أن أموت مع المسيح وأقوم.

إن لم أؤمن بموت المسيح عني فكيف أشتاق أن أموت معه، وإن لم أؤمن بقيامته فكيف أقوم معه. وإن لم أموت معه وأقوم معه فكيف تأتي لي الطبيعة الجديدة وإن لم تكن لي طبيعة جديدة فلا خلاص.

2ـ وهناك طوائف أخرى تركز على أن الخلاص هو الغفران بالدم. وكأن الخلاص اختُصر أمره على غفران الخطية بالدم. هذا خطأ، فالخلاص هو بأن المسيح يحيا فيَّ (غل20:2) وهذا لن يأتي إلا بأن أصلب جسدي، شهواتي وأهوائي (غل24:5) فحتى أقول إن المسيح يحيا فيَّ يجب أن أقول أيضًا " مع المسيح صلبت" (غل2: 20) وهذا هو الجهاد. فلا خلاص بدون جهاد.

 الطبيعة الجديدة إذًا تأتي بعمل الروح القدس فيَّ الذي سيظل يعمل فيَّ العمر كله حتى تموت الطبيعة القديمة وتقوم الجديدة، عليَّ أن أجاهد أنا بأن أقف أمام الخطية كميت (كو5:3) والروح القدس يعين (رو13:8).

برنابا: هو زميل بولس في كل زياراته لأورشليم. نال هو وبولس يمين الشركة لخدمة الأمم (أع2:13). وبرنابا كان من مواطني قبرص (أع36:4) وكان زميلًا للرسل في الأيام الأولى للكنيسة. وهو خال مرقس الرسول، أي أخو مريم صاحبة العلِّيَة التي ظل الرسل يجتمعون فيها، وفيها صنع الرب العشاء الأخير. وبرنابا هذا صار أسقفًا لقبرص.

تيطس: يوناني أممي (غل3:2)، صار أسقفًا على كريت، وكتب له بولس الرسول رسالة. وكون تيطس غير المختون يوجد مع بولس في مجمع أورشليم، وقبول التلاميذ له، فذلك علامة على قبول التلاميذ للأمم دون ختان. هنا الكنيسة جمعت بين برنابا اليهودي وتيطس الأممي، وجمعهم الروح القدس الذي طهَّر بالإيمان قلوبهم.

 

غل 2:2: ”وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الإِنْجِيلَ الَّذِي أَكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلكِنْ بِالانْفِرَادِ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ، لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلًا”.

إعلان: هي دعوة إلهية خاصة لبولس أن يصعد إلى أورشليم، إلى الرسل الاثني عشر عارضًا عليهم تعاليمه بعدم أهمية الختان والعوائد اليهودية وبولس يركز أنه صعد بإعلان وليس من تلقاء نفسه، فلو كان قد صعد من تلقاء نفسه لكان هذا يعني أنه في شك مما يعلم به طوال 14 سنة. ولكن أعلن له الروح أن يصعد حتى يتضح أمام الجميع أن بولس مع الاثني عشر لهم روح واحدة وتعليم واحد وفكر واحد، بل أن صعود بولس للاثني عشر شجع أهل غلاطية على أن يتخلوا عن العوائد اليهودية، خصوصًا حينما سمعوا عن نجاح مهمة بولس في مجمع أورشليم. فأهل غلاطية حينما سمعوا أن هناك اتفاقًا بين بولس والاثني عشر زال عنهم كل شك.

باطلًا: بولس واثق مما يبشر به. ولكن في محبة هو يهتم بوحدة الرأي مع باقي الرسل حتى لا يعتبروه قد سعى باطلًا، أو يترك أهل غلاطية الإيمان إذا تشككوا في صحة تعاليم بولس، فيكون سعي بولس باطلًا، إذا ترك تلاميذه الإيمان. فلقد انتشرت الإشاعة أن بولس ليس رسولًا قانونيًا مثل الاثني عشر. لكن بسبب المجمع ظهرت وحدانية الرأي، ولم يرتد تلاميذ بولس عن إيمانهم السليم. المعتبرين: وليس لبقية المؤمنين، لأن بقية المؤمنين هم متعصبين للتهود. وما زال إيمان هؤلاء من مسيحيي الختان ضعيفًا. ولذلك تشاور بولس مع المعتبرين في السر.

 

غل 3:2: ”لكِنْ لَمْ يَضْطَرَّ وَلاَ تِيطُسُ الَّذِي كَانَ مَعِي، وَهُوَ يُونَانِيٌّ، أَنْ يَخْتَتِنَ”.

 إذا كان مجمع أورشليم قد قبل أمميًا ولم يختنوه، فإن هذا أعظم تأييد لبولس. وهنا يظهر ثبات مبدأ بولس الرسول على عدم أهمية الختان للخلاص. ويبدو أن هناك تعارضًا بين موقف بولس الرسول هنا وموقفه من تيموثاوس الذي ختنه (أع1:16ـ3). ولكن هناك فروق في الموقفين:

1ـ تيموثاوس أباه يوناني لكن أمه يهودية (2تى5:1). واليهود يعتبرون أن من أمه يهودية هو يهودي. وهذا أثار مسيحيي الختان أن أباه اليوناني رفض أن يتبع ناموس أمه اليهودية ويختن الصبي في صغره.

2ـ تيموثاوس سيخدم وسط هؤلاء اليهود ويبشرهم، فلكي لا يعثر بولس الرسول الإخوة الضعفاء ختنه ليصير لليهود كيهودي، وهو ختنه ليرضيهم ويجتذبهم لكن لم يُعَلِّم أن الختان ضرورة للخلاص.

3ـ تيطس يوناني أبًا وأمًا ومجال خدمته وسط الأمم فلماذا الختان، هنا لو قبل بولس أن يختنه لكان بذلك يرضي الإخوة الكذبة الذين يقولون إن الختان شرط للخلاص.

 

غل 4:2: ”وَلكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا”.

 أي أن بولس صعد للتلاميذ الاثني عشر بسبب الإخوة الكذبة الذين قالوا باختلاف تعاليم بولس عن تعاليم الاثني عشر. فحين يظهر اتفاق بولس مع الأعمدة يخزي الإخوة الكذبة. وهذا ما حدث إذ أعطوه يمين الشركة (غل9:2+ أع 5:15، 7، 10). ولقد سمح التلاميذ الاثني عشر بالختان. ولكن الإخوة الكذبة قالوا إن التلاميذ أوصوا بالختان كشرط للخلاص وهذا كذب. والرسل سمحوا بهذا وسط العالم اليهودي حيث كان الناموس متغلغلًا. ولكن الإخوة الكذبة أرادوا نشر هذا وسط العالم الأممي ولقد تأثر الغلاطيون فعلًا بتعاليمهم. وهناك فارق بين أن أوصى بشيء وأن أسمح به أو أقبل بشيء أو أغض الطرف عنه بسبب الضعف.

مدخلين خفية: أدخلهم اليهود أو المتهودين سرًا دون دعوة ودون علانية.

ليتجسسوا: يتجسسوا تعاليم بولس التي ألغى فيها الختان، ثم يثيروا الدنيا ضده كهادم للناموس ومخالف لشريعة موسى.

كي يستعبدونا: أي لنعود إلى العوائد اليهودية وهذا فيه استعباد وطاعة للإخوة الكذبة عوضًا عن طاعة الإنجيل. حريتنا = هي حرية من عوائد الناموس كالختان والتطهيرات. وفي إصحاح (5) خاف الرسول أن يفهموا الحرية أنها تحرر من الأخلاقيات ووصايا الناموس الأخلاقية فنبه لهذا.

 

غل 5:2: ”اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإِنْجِيلِ”.

بالخضوع: إذًا هم لا يسعون للحوار بل لإخضاع بولس الرسول لآرائهم.

حق الإنجيل: الإيمان الصحيح الْمُسَلَّمِ مرة للقديسين (يه3) وهنا يقصد به بولس الرسول، أن الخلاص هو بفداء المسيح دون أعمال الناموس، وذلك للجميع، لكل من يؤمن، اليهود أو اليونانيين.

 

غل 6:2: ”وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَيْءٌ ­ مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِي، اَللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ ­ فَإِنَّ هؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ”.

 هذا ليس كبرياء من بولس بل تأكيد على أن دعوته إلهية وتأكيد على رسوليته وأنه لا يشك فيما يعلِّم به، وأن الرسل لم يزيدوا على ما يؤمن به وما يكرز به شيئًا، بالإضافة إلى أن بولس مهتم بأن يظهر أنه لا يقل عن باقي الرسل (فالمسيح أرسله شخصيًا) وذلك ليرد على الإخوة الكذبة.

مهما كانوا: مهما كان عظم شأن التلاميذ لم يكونوا ليُغيِّروا شيئًا من عقيدتي. لأنني تسلمت عقيدتي هذه من المسيح. حقًا هم أعمدة ولهم علاقة خاصة بالمسيح، لكن إن علَّموا بضرورة الختان للخلاص فسيعطون حسابًا أمام المسيح عن هذا الخطأ: فالله لا يأخذ بوجه إنسان: أي بمركزه.

 

غل 7:2: ”بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ”.

بل بالعكس: تشير للإيجابية المطلقة في قبول التلاميذ لبولس.

اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ: إنجيل الغرلة يعني أن الخلاص لكل من يؤمن من الأمم حتى وهم في غرلتهم أي بلا ختان.

إِنْجِيلِ الْخِتَانِ: هو البشارة بالخلاص لليهود الذين اختتنوا وهم صغار (كان ختان الذكور يتم في اليوم الثامن). والآية تشير لان الله هو الذي إستأمن بولس على البشارة للأمم.

 

غل 8:2: ”فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ عَمِلَ فِيَّ أَيْضًا لِلأُمَمِ”.

 الله هو الذي يعمل في كل خدامه ليدعو الكل للخلاص فهذه هي إرادته، أن الجميع يخلصون (1تى4:2)، فالمسيح أتى ليخلص الجميع يهودًا وأمم.

 

غل 9:2: ”فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ”.

 يتضح هنا التوافق الصريح بينهم، وأنهم قسَّموا العمل فيما بينهم. ووضع اسم يعقوب أولًا فلأنه أخو الرب.

 

غل 10:2: ”غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ الْفُقَرَاءَ. وَهذَا عَيْنُهُ كُنْتُ اعْتَنَيْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ”.

 حتى في موضوع الجمع للفقراء، كان بولس قد بدأه حتى بدون أن يشير بهذا الاثني عشر، أي أن توجيه الله له هو نفسه ما وجه به الله الاثني عشر. ونلاحظ أنهم قسموا الكرازة فيما بينهم، ولكن المحبة والتعاون لا ينقسم، فعلى الأمم أن يساعدوا الختان والعكس صحيح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذه الآية تشير لوحدة الكنيسة. وعندما حدثت مجاعة فعلًا في أورشليم وجمع بولس الرسول تبرعات كنائس الأمم وأعطاها لفقراء أورشليم، وهذا قد فتح قلب مسيحيي الختان على الأمم.

 

غل 11:2: ”وَلكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا”.

ربما كان ذهاب بطرس الرسول إلى إنطاكية بعد أن أخرجه الملاك من السجن، إذ يقول الكتاب "وذهب إلى موضع آخر" (أع17:12)، وهناك رأي آخر هو مصر ثم عاد منها إلى إنطاكية . وربما أن الأصوب في رأيي أن بطرس قد توجه إلى بابل التي كان بها جالية يهودية تقترب من 5 ملايين شخص ومن هناك كتب رسالته الأولى (راجع مقدمة رسالة بطرس الأولى).

 

غل 12:2: ”لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفًا مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ”.

 وقد يقصد بالأكل، التناول من جسد الرب ودمه أو الطعام العادي. وكان بطرس لما ذهب إلى إنطاكية قد عمَّد الأمم وتناول معهم (سواء من سر الإفخارستيا أو الطعام العادي). وسمع بهذا مسيحيي الختان فذهبوا ليعقوب مستائين، لأن اليهود كانوا لا يأكلون مع الأمم لأنهم يعتبرون هذا نجاسة، ويعقوب أرسل بعثة لتحري الأمر إرضاءً لهؤلاء. وأمام هؤلاء من أفراد بعثة يعقوب أفرز بطرس نفسه وأكل مع الختان فقط. ربما لأجل خوفه منهم أو لئلا يتعثروا وتتعطل الكرازة. ويقول فم الذهب إنه فعل هذا عامدًا ليعطي بولس فرصة أن يعلن رأيه بوضوح ويكون هذا درسا للجميع، وكأنه يأخذ الدرس معهم. وحين يُلام بطرس أمام الجميع يسكت الجميع، ولا يحدث شرخ في الكنيسة إذ يشعر الأمم باحتقار الختان لهم، فها هو بولس الذي من الختان ينتصر لهم ويدافع عنهم. وكان هذا بحكمة من بطرس حتى لا يتعثر الختان حين يرون بطرس يترك الناموس فجأة. وراجع في المقدمة عن الخلاف بين بطرس وبولس.

 

غل 13:2: ”وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ!”

راءى: سلك سلوكًا يرضي به الآخرين عن غير اقتناع منه. وبولس حزن بسبب هذا التصرف لأنه سيعثر الأمم وبالذات الذين آمنوا على يدي برنابا، وقوله راءى فهذا لأن برنابا مقتنع بقبول الأمم وهو الذي بشرهم.

 

St-Takla.org Image: Christianity and Judaism, Cross and a Jewish star of David, live as a Jew. - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 27 April 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيحية واليهودية، صليب مع نجمة داود، التهود. - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 27 أبريل 2023 م.

St-Takla.org Image: Christianity and Judaism, Cross and a Jewish star of David, live as a Jew. - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 27 April 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيحية واليهودية، صليب مع نجمة داود، التهود. - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 27 أبريل 2023 م.

غل 14:2: ”لكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيًّا لاَ يَهُودِيًّا، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟»”

حق الإنجيل: المقصود به التعليم الصحيح والإيمان الصحيح الذي تسلمته الكنيسة من المسيح ورسله. وهنا هو خلاص الأمم بالإيمان دون أعمال الناموس. ولنعلم أن من يحيد عن إيمان الكنيسة وعقيدتها فهو يحيد عن الحق.

قدام الجميع: لأن خطأ بطرس وبرنابا كان سبب عثرة للأمم وسيضر الكنيسة كلها.

وأنت يهودي تعيش أمميًا: كان بطرس بعد رؤياه بخصوص كرنيليوس، قد قبل الأمم في الإيمان، وأهمل الفروض الناموسية كالختان وخلافه (فصار كالأمم في تركه الناموس) وهذا بالرغم من أنه وُلد يهوديًا وعاش فترة طويلة تحت الناموس (أع15:10، 28).

فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا: الأمم بطبيعتهم أحرار من الناموس (ناموس موسى) فلماذا العودة للوراء وإلزامهم أن يتهودوا أولًا ويُلزَموا بالناموس. فبطرس بهذا يناقض الصوت الذي سمعه بخصوص قبول الأمم.

 

غل 15:2: ”نَحْنُ بِالطَّبِيعَةِ يَهُودٌ وَلَسْنَا مِنَ الأُمَمِ خُطَاةً”.

 كان اليهود يحتقرون الأمم لوثنيتهم وأخلاقياتهم المتدنية ولذلك أسموهم كلاب، فالكلب نجس عند اليهودي. أما بولس اليهودي فكان يرى نفسه أنه بار وبلا لوم بحسب الناموس (فى3:3ـ6) إذ أنه كان يلتزم بالناموس خارجيًا، أي يلتزم بقوانينه لكن الضمير كان ملوثًا.

 

غل 16:2: ”إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا”.

 لقد اختبر بولس أن أعمال الناموس لم تبرره، أي تنقيه داخليًا أو تمنع وحشيته ضد الكنيسة. ولكنه تبرر حين آمن بالمسيح. لقد شعر بولس بعد أن اختبر بر المسيح، أنه كان يعيش في الخطية، بينما كان يظن أنه بار بحسب الناموس، فالبر المسيحي رفعه لمستوى القداسة ونقاوة الضمير (عب14:9) التي لا يمكن الوصول إليها سوى بالنعمة. وإٍذا كان هذا حال اليهودي، فكم بالأولى الأمم الذين هم خطاة (الكل محتاج للتبرير بالمسيح رو22:3 - 26).

 بولس في الآيتين 15، 16 يقول لبطرس: ماذا اٍنتفعت بيهوديتك وكنت تعتبر نفسك بارًا اٍذ كنت ملتزمًا خارجيًا بكل وصايا الناموس (سواء أنت أو أنا) لقد اختبرنا فشلنا في أن نتبرر حقًا بالناموس. لقد كنت أنت يا بطرس وأنا بولس أبرارًا بحسب الناموس، ولكن كل منا كان أدرى بالفساد الذي في داخله. أما في ظل النعمة، فلقد اختبرنا التبرير الحقيقي بالمسيح. فلماذا يا بطرس تريد أن تلزم الأمم بأن يسلكوا في طريق اختبرنا فشله. ولقد اقتبس بولس فكرة عدم تبرير إنسان أمام الله حتى بالناموس من "لا يتبرر قدامك حي" (مز2:143). ونحن الآن كمسيحيين علينا أن نستفيد من هذا الكلام ونفهم أن ممارسة الطقوس دون أن تكون لنا حياة عميقة مع الله، فهذا لن يفيد.

 

غل 17:2: ”فَإِنْ كُنَّا وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ، نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا خُطَاةً، أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيَّةِ؟ حَاشَا!”

 اليهودي أو الأممي الذي اعترف بخطيته وآمن بالمسيح برره المسيح، فَمَنْ يعود بعد ذلك إلى أعمال الناموس بعد قبوله الإيمان بالمسيح يعني أنه وجد أن الإيمان بالمسيح لم يكفه لأن يتبرر، أو أن الإيمان بالمسيح عاجز عن تبريره: نوجد أنفسنا خطاة: خطاة لأن المسيح وحده لم يستطع أن يطهرنا وإننا في احتياج لناموس موسى لنتطهر من خطايانا.

أفالمسيح خادم للخطية:

1ـ تعني أن الإيمان بالمسيح لم يستطع سوى أن يظهر له أنه خاطئ ومحتاج للناموس وتبرير الناموس.

2ـ إذا كان نسياننا للناموس لأجل المسيح لا يبررنا بل يديننا، إذًا فإيماننا بالمسيح سيكون سببًا لدينونتنا ويكون المسيح هو السبب في خطيتنا ودينونتنا......لماذا؟

3ـ المسيح هو الذي ألغى أحكام الناموس إذ قال "من آمن واعتمد خلص" (مر16:16)، وقال أيضًا " الذي يؤمن به لا يدان" (يو18:3)، وقال "من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو25:11). وفي كل هذا لا إشارة للناموس، فهل قادنا المسيح لأن نخطئ ونؤمن به تاركين الناموس، وهل أخطأ المسيح إذ لم يشر للناموس كطريق للخلاص، إنما تكلم فقط عن الإيمان به والمعمودية؟ حاشا.

 ويقول بولس إن من يفعل هذا لن ينفعه المسيح شيئًا (غل4:5) وأنه قد سقط من النعمة. فمن لا يثق في المسيح كمخلص وحيد فهو لا يؤمن به. ومن لا يؤمن به لن يرضيه (عب6:11). ومن لا يرضيه لن يحصل على نعمته.

 

غل 18:2: ”فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَبْنِي أَيْضًا هذَا الَّذِي قَدْ هَدَمْتُهُ، فَإِنِّي أُظْهِرُ نَفْسِي مُتَعَدِّيًا”.

حين آمنوا بالمسيح وتبرروا بالإيمان، هم هدموا العوائد الناموسية وبعودتهم الآن لها، يحسبون أنهم بهدمهم للعوائد الناموسية قد أخطأوا إذ تعدوا على الناموس سابقًا. ويُفهم من هذه الآية أيضًا أن المسيحي الذي يفعل هذا ويرتد للناموس يكون قد جحد الإيمان المسيحي الذي أبطل فرائض الناموس.

 

غل 19:2: ”لأَنِّي مُتُّ بِالنَّامُوسِ لِلنَّامُوسِ لأَحْيَا للهِ”.

لأني مت بالناموس: لقد حكم اليهود على المسيح بالصلب بحسب الناموس، إذ حسبوه ضالًا ومضل (مت63:27)، وأنه قد جدف ومستوجب الموت (مت65:26، 66). ونحن حسب الناموس خطاة مستوجبين الموت. فكيف نموت ليستوفي الناموس حقه، ونظل أحياء في الوقت نفسه. كان هذا بأن المسيح أسس لنا سر المعمودية لنموت معه. فنحن نموت مع المسيح في المعمودية لنكمل قوانين الناموس. فنحن نموت بالناموس أي بحسب حكم الناموس الذي حُكِمَ به على المسيح.

للناموس: الناموس يستطيع أن يحكم بالموت على الأحياء، لكنه بلا سلطان على الأموات. فإذا كنا قد متنا مع المسيح فالناموس لا سلطان له علينا. نحن في المعمودية متنا وقمنا مع المسيح. نحيا بالمسيح. الناموس بلا قوة ضدنا. فمن يرجع للناموس الآن ماذا يريد؟ هل يريد أن يحكم الناموس عليه بالموت ثانية. ولنلاحظ أن الناموس يقف عاجزًا عن الحكم على الأموات، وحقًا نحن متنا في المعمودية، ولكننا نظل أموات والناموس عاجز عن الحكم علينا إذا جاهدنا أن نظل أموات عن الخطية (رو11:6 + كو5:3) لذلك نجد بولس الرسول هنا يقول " مع المسيح صلبت.." (آية20) فهو يقدم جسده ذبيحة حية (رو1:12)، ويصلب أهواءه وشهواته (غل24:5) حتى يحيا المسيح فيه، ويظل الناموس عاجزًا عن الحكم عليه بالموت ثانية. لأحيا لله: ولكن أي نوع من الحياة. هذا يشرحه في (آية20). ونفهم منها أن الحياة هي حياة المسيح فيه. وقارن مع (فى21:1). ويحيا المسيح فيه ويصير هو نبع حياته وأفكاره وأقواله وأعماله. بل تصير أعضاؤه هي أعضاء للمسيح الذي يحيا فيه (1كو15:6). وحياة المسيح التي فينا هي حياة أبدية. وإذا كنا أحياء في المسيح فالناموس أيضًا لا سلطان له أن يحكم علينا بالموت، فالحياة التي فينا هي حياة أبدية، هي حياة المسيح الذي لن يموت ثانية.

 

غل 20:2: ”مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي”.

مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ: المسيح صُلب لأجلي وأنا بولس صُلبت معه. من يقول هذا هو من صلب الجسد مع الأهواء الشهوات (غل 24:5) كما فعل بولس الرسول الذي كان يقمع جسده ويستعبده (1كو9: 27)، وأيضًا صُلب للعالم والعالم صُلِبَ له (غل 14:6) أي يقف كميت مصلوب أمام الأهواء والشهوات. وكلمة صُلبت في هذه الآية جاءت في اليونانية في صورة فعل استمرار، فحياتنا المصلوبة عن العالم حياة مستمرة ومن يضع هذا في قلبه ويصمم أن ينفذه يعينه الروح القدس(رو8: 26).

ومن يحيا هكذا يكون المسيح حياته: فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ: فأنا أصلب نفسي (جسدي مع أهوائي وشهواتي) لا لكي أموت بل لأقوم مع المسيح. فالمسيح قام ليعطيني حياته لأحيا بها إلى الأبد مهتما بالسماويات لا الأرضيات، فحياتي الجديدة هي حياة المسيح السماوي. وهذا تم بالمعمودية ولكنه يتجدد ويستمر فيَّ بإيماني وجهادي أن أقف أمام الخطية كميت. والروح القدس يسكن فيَّ لأن المسيح ثابت فيَّ (هذا ما حدث في المعمودية) (رو5:6) والمسيح يثبت فيَّ ويحيا فيَّ بالروح القدس المحيى (2كو21:1). هناك من يدخل في الرهبنة ليصلب نفسه عن العالم. وهناك من يعيش في العالم حارمًا نفسه من ملذاته ليصلب نفسه عن العالم. ومن لا يفعل هذا ولا ذاك يساعده المسيح بصليب من عنده (تجربة) ليحيا فيه لذلك علينا أن نفرح في التجارب (يع2:1)، فهي طريق لحياة المسيح فينا.

فما أحياه الآن في الجسد: أي لا داعي للموت حقيقة ولا داعي للانسحاب من هذا العالم، إنما بالإيمان نشترك مع المسيح في صلبه وقيامته، فنموت عن الإنسان العتيق ونحيا لله في المسيح، ونحن ما زلنا في الجسد.

أحياه في الإيمان: المسيح يحل بالإيمان في قلوبنا (أف17:3) فنحن لا نرى بعيوننا الجسدية هذا الحلول، ولا حياة المسيح فينا، وسنستمر في شكلنا الحالي. ولكن بالإيمان يحيا المسيح فيَّ ويستعمل أعضائي كأعضاء له، كآلات بر تعمل لمجد اسمه.

الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي: هنا نرى العلاقة الشخصية التي تربط بولس بالمسيح. هذه مثل " أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش3:6). وهذه العلاقة الخاصة هي التي يطلبها السيد المسيح حين يطلب أن من يريد أن يصلي عليه أن يدخل إلى مخدعه ليصلي، فهي علاقة خاصة.

 

غل 21:2: ”لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ!”

لست أبطل نعمة الله: يريد أن يقول الرسول أنا لن أعمل مثلكم يا أهل غلاطية، ولن أوافقكم على ما تقولونه إن الختان أو أعمال الناموس شرط للخلاص. هل أعود للناموس الذي يحكم عليَّ بالموت وأترك النعمة التي أماتت فيَّ الإنسان العتيق (أي قتلت الخطية وأبطلتها) وأعطتني بالحب حياة المسيح. فمن يعود ويقول إن أعماله أو أعمال الناموس تخلصه فهو يبطل عمل النعمة. وإن كانت أعمال الناموس كافية للخلاص فلماذا مات المسيح إذًا: إن كان بالناموس بر فالمسيح إذًا مات بلا سبب: هذه الآية الأخيرة رد على من يقول إنه لا داعي للإيمان حتى يخلص الإنسان. فإذا كان الخلاص لكل إنسان حتى بدون إيمان فالمسيح مات بلا سبب.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/09-Resalet-Ghalatya/Tafseer-Resalat-Ghalatia__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/v3txkxc