St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   08-Resalet-Corenthis-2
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

كورنثوس الثانية 12 - تفسير رسالة كورنثوس الثانية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس:
تفسير رسالة كورنثوس الثانية: مقدمة رسالة كورنثوس الثانية | كورنثوس الثانية 1 | كورنثوس الثانية 2 | كورنثوس الثانية 3 | كورنثوس الثانية 4 | كورنثوس الثانية 5 | كورنثوس الثانية 6 | كورنثوس الثانية 7 | كورنثوس الثانية 8 | كورنثوس الثانية 9 | كورنثوس الثانية 10 | كورنثوس الثانية 11 | كورنثوس الثانية 12 | كورنثوس الثانية 13

نص رسالة كورنثوس الثانية: كورنثوس الثانية 1 | كورنثوس الثانية 2 | كورنثوس الثانية 3 | كورنثوس الثانية 4 | كورنثوس الثانية 5 | كورنثوس الثانية 6 | كورنثوس الثانية 7 | كورنثوس الثانية 8 | كورنثوس الثانية 9 | كورنثوس الثانية 10 | كورنثوس الثانية 11 | كورنثوس الثانية 12 | كورنثوس الثانية 13 | كورنثوس الثانية كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1:- "إِنَّهُ لاَ يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ. فَإِنِّي آتِي إِلَى مَنَاظِرِ الرَّبِّ وَإِعْلاَنَاتِهِ."

الرسول تحدث عن ألامه قبل الإعلانات والرؤى = مَنَاظِرِ الرَّبِّ التي رآها. فإن الإعلانات لا تزكيه، إنما تزكيه أتعاب المحبة، وهو يتحدث عن هذه الرؤى لكي يخجل مقاوميه ويثبت صدق رسوليته فينقذ المؤمنين من هؤلاء الكذبة الذين يدعون رسوليتهم مشككين في رسولية بولس. لاَ يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ = إنه لا يريحني أن أفعل ذلك وأتكلم عن نفسي، ولكن حينما تعلمون أن الله أراني هذه المناظر السماوية حينئذ ستتأكدون من صدق رسوليتي، وبالتالي مما علمتكم إياه من الإيمان الصحيح.

 

آية 2:- "أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ."

أعرف إنسانًا = هو يتكلم عن نفسه وبروح الاتضاع يقول أعرف إنسانًا قبل أربعة عشر سنة = إذًا هو كتم الرؤيا طيلة هذه المدة إلى أن اضطرته الظروف. أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم = كان الرسول في حالة علاقة شديدة وفي إتحاد قوي مع المسيح. إن الرسول إذن لم يعرف الكيفية التي تم بها هذا الاختطاف Rapture، أي كيف كانت علاقة روحه بجسده عندما تم هذا الاختطاف. فهل كانت روحه في جسده، أم كانت خارجة عن جسده. على أن عبارات الرسول تكشف أيضًا على أنه من الممكن أن يحدث الاختطاف أيضًا بالجسد. وربما لو خطفت الروح فقط لكان الجسد في حالة غيبوبة.

* والإنسان هو روح وجسد. والجسد يشتهي ضد الروح.. (غل 5: 17).

* والإنسان حر أن يسلك وراء شهوات جسده ضد صوت الروح القدس ودعوته فيتحول إلى إنسان جسداني حيواني ومثل هذا نهايته الموت. أو أن يسلك وراء صوت الروح القدس فيتحول إلى إنسان روحاني نهايته الحياة الأبدية.

* ويوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني.. (1كو 15: 44).

* أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد.. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد... (1كو 6: 16، 17).

* فالإنسان المؤمن حر في أن يرتقي السلم الروحي، مستجيبًا للروح القدس، وبهذا يصير روح واحد مع الرب. يصير الإنسان كأنه روح بلا جسد، هذا ما يسميه الرسول جسم روحاني. أو أن ينحدر الإنسان وراء شهواته وينقاد إلى الزنى وبهذا يصبح جسد واحد مع زانية. يصير هذا الإنسان كأنه جسد بلا روح، وهذا ما يسميه الرسول بالجسم الحيواني.

* والارتقاء على السلم الروحاني درجات، فكلما مات الجسد عن العالم ارتفعت الدرجة الروحية، وكلما ارتفعت الدرجة الروحية، صار الوعي الروحي والإدراك الروحي على درجة أعلى. ويبدو أن هذا ما يقصده الرسول يوحنا اللاهوتي حين وضع أمامنا درجتين الأولى أسماها كنت في الروح (رؤ 1: 10) وبهذه الدرجة أستلم الرسائل السبع من السيد المسيح. والثانية أسماها صرت في الروح (رؤ 4: 2) وفي هذه الدرجة رأى يوحنا عرش الله.

* وفي درجة من هذه الدرجات العالية رأى بولس السماء الثالثة.

* الإنسان الروحاني يفني جسده ويضرم الروح الذي فيه (1كو9 :27؛ 2 تي 1: 6).

* والإنسان الحيواني يطفئ الروح الذي فيه سائرًا وراء شهواته (1تس 5: 19).

السماء الثالثة = فالسماء الأولى هي سماء السحب والعصافير. والسماء الثانية هي سماء الكواكب. والسماء الثالثة هي الفردوس أي السماء الروحية. وهناك من قال أن السماء الأولى هي السماء في المعنى الطبيعي لهذه الكلمة والسماء الثانية هي السماء في المعنى الديني الذي يقابل الحياة الأرضية. وأن السماء الثالثة هي الفردوس حيث تنتظر أرواح المنتقلين في فرح. وفي هذه السماء الثالثة يكشف الله مجده. وإليها قد اختطف بولس الرسول. ولكن مجد الله الذي يظهر لهم هو مجد نسبي أقل كثيرًا من المجد الأبدي فيما يُسَمَّى سماء السموات. والله قد اختطف بولس الرسول للفردوس حتى لا يشعر أنه أقل من الرسل الذين رأوا المسيح بالجسد وهو على الأرض قبل صعوده.

 

آية 3:- "وَأَعْرِفُ هذَا الإِنْسَانَ: أَفِي الْجَسَدِ أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ."

هذه الآية تكرار للسابقة. ولكن قوله أعرف يشير لأنه يتكلم عن نفسه.

 

آية 4:- "أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا."

الفردوس = هي كلمة فارسية تعني حديقة استخدمت لجنة عدن في السبعينية. وفي المسيحية هي المكان الذي يستعيد فيه المسيحي أفراح جنة عدن بعد الموت. وفي هذه الآية أسماه الفردوس وسبق أن اسماه السماء الثالثة في آية 2. والفردوس الأرضي حيث عاش آدم وحواء كان رمزًا لسعادة السماء حيث ما لم تره عين ولم تسمع به أذن.. وفي الفردوس تنتظر الأرواح حتى يوم القيامة العامة، الفردوس هو مسكن الأرواح المطوَّبة المؤقت، إلى أن تلبس الأرواح الأجساد الممجدة وتدخل أورشليم السماوية في المجد النهائي يوم القيامة العامة بعد المجيء الثاني.

كلمات لا ينطق بها = كلمات لا تستطيع أن تعبر عنها لغة بشرية ولا يفهمها ذهن بشري. فاللغة البشرية عاجزة عن أن تُعَبِّرْ عن السماويات والذهن غير قادر على الفهم. لا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها = فهي كلمات مقدسة، وحالتنا الآن ونحن في جسد الخطية لا تسمح لنا بأن ننطق بها، وهي خاصة بعلاقة النفس مع الله، وهذه علاقة خاصة لا يسوغ أن نتكلم بها.

 

آية 5:- "مِنْ جِهَةِ هذَا أَفْتَخِرُ. وَلكِنْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِي لاَ أَفْتَخِرُ إِلاَّ بِضَعَفَاتِي."

من جهة هذا أفتخر = أنا أفتخر ليس بنفسي ولكن بما أنعم الله به عليَّ. أمّا من جهة نفسي لا أفتخر إلا بضعفاتي = فبولس لا يفتخر بالإنسان العادي الطبيعي. ولكنه يفتخر بالإنسان الذي هو في المسيح. ويفتخر بضعفاته لأنه في ضعفه يظهر عمل الله وهو يريد أن يفتخر بالله.

 

آية 6:- "فَإِنِّي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْتَخِرَ لاَ أَكُونُ غَبِيًّا، لأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ. وَلكِنِّي أَتَحَاشَى لِئَلاَّ يَظُنَّ أَحَدٌ مِنْ جِهَتِي فَوْقَ مَا يَرَانِي أَوْ يَسْمَعُ مِنِّي."

إن أردت أن أفتخر فسأجد ما أفتخر به من نجاح للخدمة إلى معجزات وصلت لإقامة ميت، بل حسبه الناس في عدة أماكن إلهًا كما حدث في لسترة ومالطة. فهو ليس مخطئًا لو افتخر = لا أكون غبيًا. ولكنه لا يفضل هذا الأسلوب، لأنه يعرف أن النجاح هو من عند الله، وحتى لا ينظر إليه أحد أكثر مما ينظر هو إلى نفسه، أنه أداة ضعيفة في يد الله القادر.

لأني أقول الحق = أي أن الأعمال والمعجزات التي قام بها قد حدثت فعلًا ولكن كان هذا نتيجة لعمل الله فيَّ، والرسول لا يريد أن يفهم أحد أن الأعمال هي أعماله هو. بل هي أعمال الله. إذًا هو صمت حتى لا يعظمه أحد. وتكلم حتى لا يحطم أحد عمله الرسولي.

 

آية 7:- "وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ."

ترتبط كثرة الإعلانات بالضيق حتى لا يسقط الرسول في الكبرياء. إذن الضيقات هنا تعتبر حارس لهُ حتى لا يغتر بنفسه وربما هذه الشوكة كانت:-

1- ضعف في بصره، فكان لا يكتب رسائله بنفسه بل يمليها (رو 16: 22 + غل 4: 15 + غل 6: 11). وفي بعض الأحيان يكتب السلام بيده في آخر الرسالة (2تس 3: 17).

2- قروح في جسده (أع 19: 11، 12 + غل 4: 14).

3- ربما هي الاضطهادات المستمرة التي أثارها ضده الشيطان في كل مكان.

ونرى أن بولس أسلم زاني كورنثوس للشيطان (1كو 5: 5) وبولس نفسه سمح الله للشيطان أن يلطمه. بهذا نفهم فائدتين للتجارب:-

1- التنقية من خطية معينة... كما في حالة زاني كورنثوس وحالة أيوب.

2- الحماية من السقوط.... كما في حالة بولس.

ليلطمنى = وردت في صيغة المضارع إشارة إلى أن عملية اللطم كانت تحدث على الدوام ولاحظ أن الرسول أشار إلى الرؤيا التي رآها ولكنه لم يدخل في تفاصيلها، بل في تواضعه لم يقل رأيت ولكن قال أعرف إنسانًا. وسريعًا ما تحول للشوكة التي في جسده ولم يطيل الحديث عن المناظر والإعلانات.

 

آية 8:- "مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي."

الله لا يستجيب لما نطلبه مباشرة، بل لما هو فيه الخير لنا، فقد نطلب ما هو ضد خيرنا، كما طلب بولس هنا. حقًا كل ما نطلبه في الصلاة مؤمنين نناله (مر 11: 24) ولكن علينا أن نضع بجانب هذه الآية آية أخرى هي "إن طلبنا شيئًا حسب مشيئته يسمع لنا" (1يو 5: 14) فشفاء بولس كان ضد مشيئة الله، لأن شفاءه لن يساعده على خلاص نفسه، لذلك لم يستجب له الله. ولذلك سمعنا قول الكتاب "والمحتاجون إلى الشفاء شفاهم" (لو 9: 11). فهناك مرضى محتاجون للشفاء، لأن الشفاء سيكون الوسيلة التي بها يرجعون إلى الله ويعرفونه فيخلصوا، وهناك مرضى محتاجين للمرض ليتنقوا مثل أيوب، فيخلصوا، وهناك مرضى محتاجين للمرض حتى لا يسقطوا مثل بولس. إذًا لنصلي من أجل المرضى ليشفيهم الله، ولكن إن لم يعطِ الرب الشفاء فليس معنى هذا أن الله لم يستجب لنا، بل أن هذا المرض يكون لصالح المريض. وإن أراد الرب أن يأخذ المريض بعد صلواتنا وأصوامنا، فليس معنى هذا أن الله لم يستجب، بل سيستجيب بأن يُنَيِّحْ نفسه في الفردوس ويعطينا روح الصبر والعزاء. ونلاحظ أنهم كانوا يأخذون المناديل والمآزر من على جسد بولس فَتُشْفَى الأمراض، لكن لم يستطِع هو أن يشفي نفسه، بل لم يستطع أيضًا أن يشفي بعض تلاميذه المرضى مثل تروفيمس (2تى 4: 20) وأبفرودتس (في 2: 27) والرب يسوع نفسه صلى لكي ترفع عنه الكأس. ولكن لنتعلم الصلاة النموذجية من الرب يسوع إذ قال "ولكن لتكن لا بحسب مشيئتي بل بحسب مشيئتك" إذًا لنصلي من القلب "لتكن مشيئتك". والله يحقق دائمًا طلباتنا بشروط:

  1. أن تكون الطلبة مفيدة لنا ولخلاص نفوسنا. ولنلاحظ أن معرفتنا ضئيلة جدًا.

  2. أن تكون لمجد اسمه. وليس كل شفاء فيه فائدة لنا كما رأينا، وليس كل شفاء فيه مجد اسم الله.

  3. أن تكون الطلبة بإيمان.

 

آية 9:- "فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ."

نعمة الله تبدو أكثر فيمن يشعر بضعفه وبحاجته إلى هذه النعمة، لذلك فبولس يفتخر بضعفاته لتحل فيه قوة المسيح وتعمل في خدمته وكرازته. الله يعمل فيمن يشعر أنه وحده عاجز عن أن يخدم. وهذا هو معنى أن قوة الله تُكْمَل في ضعف البشر، أي تستطيع أن تعمل في الإنسان الذي يشعر بضعفه. ولذلك فالله لم يرفع الشوكة عن بولس الرسول لكنه زاده نعمة وطلب منه الاحتمال. ولنلاحظ أن القوة البشرية والحكمة البشرية يفسدان عمل الله.

أمثلة:-

  1. المسيح على الصليب كان في وضع ضعف شديد. ولنتصور أنه أتى بملائكة أنزلوه من على الصليب وقتلوا اليهود والرومان.. ماذا كان سيحدث؟ ببساطة كانت قصة الفداء قد فشلت. ولكننا رأينا مبدأ جديد على الصليب. قوة الله الجبارة تعمل خلال ضعف المسيح الشديد وتهزم إبليس والموت وتخلص البشر.

  2. تصور أن بولس الرسول كانت له قوة جسدية جبارة، وحين يهاجمه اليهود كان يضربهم وينتقم منهم. هل كان كل هؤلاء المؤمنين آمنوا على يديه، أم كانوا قد حسبوه إنسانًا قويًا جبارًا وكانوا قد نفروا منه وابتعدوا عنه.

  3. القديسة دميانة في عذاباتها ثم في شفائها كانت سببًا في إيمان المئات بل واستشهادهم، هل لو كانت للقديسة دميانة قوة أماتت الوالي فور أن ابتدأت آلامها. هل كان كل هؤلاء قد آمنوا.

إن الله له خطة حكيمة ولو تدخلت بحكمتي أو بقوتي سأفسد خطة الله. بل أن الإنسان القوي سيغتر بقوته ويتكبر فيحرم من قوة الله وعمله. تَصَّور معي أن رسام يستخدم فرشاة ليرسم بها لوحة. ما هو الوضع الأمثل للفرشاة؟ قطعًا أنها لا يكون لها رأي، بل حينما يضعها الرسام في اللون الأحمر تتلون بهذا اللون وهكذا. ولكن تصور أن الرسام حينما أتى ليضع الفرشاة في اللون الأحمر إستدارت من نفسها وتلونت باللون الأخضر، حسب رأيها!! فهي بهذا ستفسد اللوحة. ولهذا فبولس يفتخر بضعفه فهو يعلم أنه بقدر ما هو ضعيف ولا يتدخل في خطة الله بقدر ما تنجح خطة الله وينجح عمل الله.

 

آية 10:- "لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ."

حينما شعر الرسول بضعفه واحتياجه لقوة المسيح، أعطاه المسيح قوة، بل كان الرسول يشعر بلذة حين يحس بالضعفات والضيقات العظيمة التي تقابله في الخدمة، فالضيقات تقابله من الخارج ولكن في الداخل يشعر بقوة عظيمة. هو كان في ضيقاته يُسَّر لأنه أصبح يعرف أن الله لا بد وسيعمل. وأنه لو طلب الله، فالله لا بُد ويستجيب وهذا بحسب وعده. وأما من يشعر بقوته وإمكانياته فلا يطلب الله فان الله يتركه وحده لكبريائه.

 

آية 11:- "قَدْ صِرْتُ غَبِيًّا وَأَنَا أَفْتَخِرُ. أَنْتُمْ أَلْزَمْتُمُونِي! لأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ أُمْدَحَ مِنْكُمْ، إِذْ لَمْ أَنْقُصْ شَيْئًا عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَسْتُ شَيْئًا."

وبهذا الافتخار صرت غبيًا في نظركم، وأنا نفسي لا أحب أن أفتخر بشيء إلاّ بضعفاتي، لكنكم ألزمتموني. وكان يجب عليكم أن تقدروني ولا تلزموني بأن أفتخر، خصوصًا بعد أن خدمتكم كل هذه الخدمة، كل هذه المدة، وبعد أن تغيرتم من وثنيين خطاة إلى قديسين لهم مواهب. وبهذا فأنا لست أقل من سائر الرسل. إن كنت لست شيئًا = أنا لست شيئًا بدون المسيح.

 

آية 12:- "إِنَّ عَلاَمَاتِ الرَّسُولِ صُنِعَتْ بَيْنَكُمْ فِي كُلِّ صَبْرٍ، بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ."

إن جميع الأدلة والبراهين التي تحتاجون إليها كي تثقوا أن الذي يكلمكم وقد علمكم هو رسول كباقي الرسل، كل هذه الأدلة قد تمت لي بينكم. فخدمتي كانت بعجائب وقوات تدل على أحقيتي في الرسولية. ولاحظ أنه قال ُصنِعَتْ ولم يقل صنعتها فالله صنعها به. في صبر = يتكلم هنا عن احتماله كل آلام الخدمة.

 

آية 13:- "لأَنَّهُ مَا هُوَ الَّذِي نَقَصْتُمْ عَنْ سَائِرِ الْكَنَائِسِ، إِلاَّ أَنِّي أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ؟ سَامِحُونِي بِهذَا الظُّلْمِ!"

لأنه ما هو ذلك الشيء الذي قبلتموه أنتم أقل من الكنائس الأخرى، إلاّ أن يكون ذلك الشيء هو أني لم أحاول أن أثقل عليكم باحتياجاتي ومطالبي المادية، فإذا كنتم تعتبروني قد ظلمتكم بهذا فسامحوني. وهذه الآية فيها تأنيب شديد لهم.

 

آية 14:- "هُوَذَا الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ أَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَلاَ أُثَقِّلَ عَلَيْكُمْ. لأَنِّي لَسْتُ أَطْلُبُ مَا هُوَ لَكُمْ بَلْ إِيَّاكُمْ. لأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنَّ الأَوْلاَدَ يَذْخَرُونَ لِلْوَالِدِينَ، بَلِ الْوَالِدُونَ لِلأَوْلاَدِ."

سآتي إليكم محتفظًا بمبدئي، أنه لا أثقل عليكم، فأنتم كأولادي لا أريد سوى خلاص نفوسكم. ولا أنتظر منكم نفعًا ماديًا.

 

 آية 15:- "وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ!"

بل أنا مستعد أن أُنْفِقْ ما لديَّ من أموال عليكم، بل أنا على استعداد أن أُنْفَقْ = وهذه تعني استعداده أن يضحي بحياته ويبذل ذاته حتى الموت لأجلهم ولأجل خلاص نفوسهم. ومع كل هذه المحبة لم يقابل أهل كورنثوس الرسول إلاّ بفتور. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إذن على الخادم أن لا يتوقع الكثير من مخدوميه، لكن مع ذلك عليه أن يبذل نفسه عنهم، فالرسول هنا نجده مستعد أن يُنْفِقْ وأن يُنْفَقْ لأجلهم وهو يعلم نقص محبتهم لهُ.

 

آية 16:- "فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ، لكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالًا أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!"

فليكن = ليكن ما يكون من أقوال المعلمين الكذبة عني، فأنا لم أثقل على أحد، ولكن بمكر = المعلمين الكذبة قالوا أنه اجتذبهم بمكر، فليكن فأنا لم أجتذبكم إليَّ ولم أثقل عليكم بل اجتذبتكم للمسيح.

 

آية 17:- "هَلْ طَمِعْتُ فِيكُمْ بِأَحَدٍ مِنَ الَّذِينَ أَرْسَلْتُهُمْ إِلَيْكُمْ؟"

هل طمع فيكم أحد ممن أرسلتهم إليكم، أو طلبوا هم لأجلي أموالًا.

 

آية 18:- "طَلَبْتُ إِلَى تِيطُسَ وَأَرْسَلْتُ مَعَهُ الأَخَ. هَلْ طَمِعَ فِيكُمْ تِيطُسُ؟ أَمَا سَلَكْنَا بِذَاتِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ؟ أَمَا بِذَاتِ الْخَطَوَاتِ الْوَاحِدَةِ؟"

هل سلب تيطس أو الأخ المرسل معه أموالكم لحسابه أو لحسابي.

 

آية 19:- "أَتَظُنُّونَ أَيْضًا أَنَّنَا نَحْتَجُّ لَكُمْ؟ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ نَتَكَلَّمُ. وَلكِنَّ الْكُلَّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لأَجْلِ بُنْيَانِكُمْ."

وأنا إذ كنت أتكلم لكم على هذا النحو فلست أقصد بكلماتي أن أحتج لديكم أي أحاول أن أبرر نفسي أمامكم وألتمس الأعذار. فليس لديكم ما تحكمون به عليَّ. أمام الله في المسيح نتكلم = فأنا أتكلم أمام الله، والله شاهد عليَّ، وأنا مسوق وملهم من السيد الرب المسيح. وكل كلامي لنفعكم = لأجل بنيانكم.

 

آية 20:- "لأَنِّي أَخَافُ إِذَا جِئْتُ أَنْ لاَ أَجِدَكُمْ كَمَا أُرِيدُ، وَأُوجَدَ مِنْكُمْ كَمَا لاَ تُرِيدُونَ. أَنْ تُوجَدَ خُصُومَاتٌ وَمُحَاسَدَاتٌ وَسَخَطَاتٌ وَتَحَزُّبَاتٌ وَمَذَمَّاتٌ وَنَمِيمَاتٌ وَتَكَبُّرَاتٌ وَتَشْوِيشَاتٌ."

أنا أكتب لكم هذا لأني أخشى عندما أجيء أن لا أراكم كما أرجو. وكما كنت أنتظر منكم كأولاد مؤمنين لهم حياة توبة وقد أصلحوا أمورهم. بل يجد في وسطهم خصومات ومحاسدات.. وتكبرات = من يأخذه روح الغرور والفخر. وأوجد منكم كما لا تريدون = أي أكون مضطراُ أن أوبخ وأعاقب.

 

آية 21:- "أَنْ يُذِلَّنِي إِلهِي عِنْدَكُمْ، إِذَا جِئْتُ أَيْضًا وَأَنُوحُ عَلَى كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَتُوبُوا عَنِ النَّجَاسَةِ وَالزِّنَا وَالْعَهَارَةِ الَّتِي فَعَلُوهَا."

 أن يذلني = الرسول كأب لهم ولدهم في الإيمان سيشعر بمذلة لو وَجَدَ أنهم يسلكون في خطايا سبق وذكرها، إذ بهذا ستكون خدمته بلا نفع وبلا ثمر، فخطايا الأولاد تسبب عارًا لأبيهم. أخطأوا من قبل = في خطايا زنى ووثنية ونجاسة إن الخادم حينما يشعر أن أولاده في حالة روحية متأخرة يشعر بذل، والعكس فهو يفرح بقوة أولاده الروحية فهو كأب لهم (غل 4: 19) يريد أن يفتخر بهم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات كورنتوس الثانية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/08-Resalet-Corenthis-2/Tafseer-Resalat-Koronthians-2__01-Chapter-12.html

تقصير الرابط:
tak.la/xks7vsw