محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
طوبيا: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - (20 - 21 - 22)
[1- 5] |
||||
[6- 9] |
||||
[10- 15] |
||||
[16- 18] |
||||
5. الحب الزيجي |
[19] |
|||
|
يكشف هذا الأصحاح عن غاية السفر كله ألا وهو اهتمام الله نفسه والسمائيين وسرورهم بل وخدمتهم لإقامة عائلة بشرية مقدسة؛ وفي نفس الوقت مقاومة إبليس وملائكته الأشرار لأية أسرة مقدسة.
يُقَدِّم لنا السفر أربع عائلات مقدسة، كل عائلة لها ظروفها المختلفة تمامًا عن بقية العائلات، لنتعرَّف على إمكانية العائلة المقدسة.
العائلة الأولى: طوبيت وزوجته حنة وابنهما طوبيا بنينوى، وهم في الشتات أو في أرض السبي، يعجزون عن الذهاب إلى مدينة الله أورشليم والتمتُّع بهيكل الرب.
اتَّسم طوبيت بالتقوى ومحبة العطاء ودفن القتلى، وهذا كان يُعَرِّضه للقتل، إذ يحسب الإمبراطور هذا العمل تحديًا له شخصيًا. لم نسمع أن زوجته قبل إصابته بالعمى اعترضت على عطائه بسخاء واهتمامه بدفن القتلى.
بدأت مشكلة زوجته معه بعد أن أصيب بالعمى، فمع قيامها بالعمل بإخلاص للإنفاق على الأسرة، جاءت يومًا ما تحمل جديًا صغيرًا قُدِّم لها هدية من أجل أمانتها وإخلاصها في العمل وتقواها. إذ سمع طوبيت صوت الجدي لم يكن قادرًا على تصديق أن إنسانًا يعطي من تقوم له بالحياكة جديًا كهدية تذبحه في عيد الفوريم بجانب تقديم الأجرة لها. لقد ظن طوبيت أن الجدي مسروق، فرفض دخول الجدي بيته. انفعلت حنة لهذا الاتهام، وبدأت تهينه بكلمات جارحة! عبر الموقف ولم يُعاتِبها طوبيت على هذه الإهانة، بل وهو يتوقَّع موته، أوصى ابنه طوبيا أن يُحسن التعامل معها، ويسمع لها ويطيعها، كما طلب منه أن يدفنها في القبر الذي يُدفَن فيه.
إنها صورة جميلة يُقَدِّمها طوبيت وحنة لابنهما طوبيًا، إنهما وإن اختلفا في الرأي لكنهما يعيشان بروح التقوى والحب. مرور الزمن لم يجعلهما شديدي الحساسية بسبب ضعف الأعصاب كما يشتكي كثيرون من المتقدمين في السن، إنما كان يزيدهما حبًا وحكمةً ووحدةً في الرب. صورة رائعة عكست بركات كثيرة على ابنهما الوحيد طوبيا!
إن كان طوبيا يرمز للسيد المسيح في أمورٍ كثيرة، فقد كان ثمرة الحب الحقيقي بين أبيه وأمه وتحديهما لأية انفعالات بشرية ليعيشا في الرب، حافظين الوصية الإلهية.
حقا كان لطوبيت وحنة ضعفاتهما، لكن معالجتهما للمواقف كانت رائعة، سترت على ضعفاتهما فلم يكن لهذه الضعفات أية آثار سلبية في حياة وحيدهما طوبيا!
العائلة الثانية: رعوئيل وزوجته عدنا Edna وابنتهما الوحيدة سارة باحمتا (اكباتانا Ecbatana) في مادي Media،Madai . وهي عائلة تقية، تمُت بصلة قرابة لطوبيت، من سبط نفتالي. مع تقوى الأسرة غير أنهم كانوا يعيشون في مرارة بسبب التجربة التي حلَّت بهم.
كانت سارة فتاة حكيمة رزينة وجميلة، كلما تقدَّم لها شاب ليتزوجها (غالبًا ليس من بني جنسها) يقتله شيطان يُدعَى أسموديوس قبل أن يقترب إلى سارة، تكرَّر هذا الأمر مع سبعة شبان. لم يكن أحد يعرف ما وراء هذا التصرُّف، غير أنه في مخطوطة قبطية قيل إن الشيطان كان يحبها ولا يريد أحدًا أن يتزوجها.
أرجو أن يعطيني الرب فهمًا لتوضيح ما معنى حب الشيطان لها، وهو كائن لا يعرف الحب، بل يدعوه السيد المسيح "قتَّالاً للناس من البدء" (يو 8: 44)، مُبغِضًا للبشرية.
كيف كان الشيطان يحب سارة؟ حُب الشيطان هو كراهية، لأنه يريد لمن يحبهم أن يشاركوه عذبات الجحيم. يقول القديس أغسطينوس ليتنا في نزاعنا مع إخوتنا نكون كالحمام الوديع، الذي في نزاعه ينقرون بعضهم البعض دون أن يُسَبِّبوا أية أذية، وبعد النزاع يطيرون معًا ويأكلون معًا كما لو لم يحدث أي نزاع. وفي تقبيلنا لبعضنا البعض لا نكون كالذئاب التي إن قبَّلت حملان تفترسها! فنزاع الحمام مُفرِح، وقبلات الذئاب مُهلِكة!
ربما أدرك أغلب سكان المدينة، خاصة المحيطين بالأسرة، قصة قتل السبعة شبان في يوم زفاف كل منهم لسارة. قصتهم هذه كانت مثيرة وغريبة، حتى أن الجواري تجاسرن ووبَّخن سارة، متهمات هذه الفتاة أنها تقوم بقتلهم، وطلبن منها أن تموت هي معهم!
كانت سارة مُحِبّة للصلاة، فلم تدخل في مناقشات غبية معهن، بل لجأت إلى الله ليرفع عنها مرارة نفسها. واستجاب الله لها كما سنرى في بقية السفر كما هيَّأ لها أن تتزوج إنسان الله طوبيا.
العائلة الثالثة: طوبيا بن طوبيت وزوجته سارة ابنة رعوئيل. هذه العائلة التي هي ثمرة صلوات العائلتين التقيتين السابقتين. بالحقيقة على وجه الدقة هي ثمرة صلوات طوبيت والد طوبيا وصلوات سارة نفسها التي حملت نفس الروح. أحدهما كان يُصَلِّي في نينوى، والثانية كانت تُصَلِّي في أحمتا بمادي، رفع كل منهما الصلاة في نفس اليوم دون أن يعرف الواحد الآخر. تطلَّع الله نفسه إلى مرارة نفسيهما، مع الشعور بعجز الاثنين عن الوصول إلى حلٍ لمتاعبهما. الأول فقد بصره وصار موضوع سخرية زوجته في فترة ما من حياتهما، والثانية تسبَّبت في موت كل من تقدَّم للزواج منها قبل الاقتراب إليها، وصارت موضوع سخرية جواريها. تدخَّل الله في الاستجابة لصلوات الاثنين اللذين سبَّحا الله وشكراه، وتركا الأمر في يديه دون تقديم أي مطلبٍ مُعيَّنٍ.
بلغت صلوات الاثنين في وقتٍ واحدٍ أمام الله في حضرة رئيس الملائكة رافائيل، الذي يُسرّ بالطاعة لله، وبخدمة البشر في الرب. كم كانت مسرته أن يُحَقِّق خطة الله للأسرتين بالظهور كخادمٍ يعمل بالأجرة؛ مع أنه غير محتاج إلى مالٍ أو إلى أية عطية أرضية.
سرور رئيس الملائكة بهذا العمل يرمز لمسرّة كلمة الله أن يتجسد ويُصلَب كعبد ٍ من أجل البشرية. قال عنه الرسول بولس: "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلي نفسه، آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 6-8). كما قال: "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكّمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي" (عب 12: 2).
العائلة الرابعة: لا نعرف عنها سوى الرجل وهو غابيلوس، ولا نعلم إن كان متزوجًا أم لا. إنما ما نعرفه أنه يحمل سمات رائعة بروح التقوى:
أ. إنه أمين ومخلص، احتفظ بفضة طوبيت كوديعةٍ، كانت محفوظة في أكياسٍ مختومةٍ لم يفتحها طوال هذه السنوات.
ب. كان يشعر بأنه محتاج إلى صلوات طوبيت وزوجته حنة لأنهما تقيين.
ج. يحسب نجاح أصدقائه نجاحًا له. كثيرون يشاركون إخوتهم وأصدقاءهم في أحزانهم، لكنهم يحسدونهم ويغيرون منهم متى نالوا نجاحًا وبركات سماوية أكثر منهم. يصعب على كثيرين أن يجدوا من هم حولهم صاروا أكثر منهم في الغِنَى أو البركات أو النجاح حتى الروحي.
فكَفَّت عنِ البُكاء [1]. أما هما فمضيا في طريقهما، فبلغا في المساء إلى نَهْرِ دِجلَة، فباتا هناك [2]. وَنزَلَ الشاب لِيَغسِلَ رِجلَيه، فَوثَبَت سمكة مِنَ النهر وأَرادتَ أن تَبتَلِعَ الشاب [3]. فقالَ المَلاكُ لِلشاب: "أَمسِكْ بِالسمكة واقبِضْ علَيها". فقبَضَ عليها وألقاها عِلى الأَرض [4]. عندئذٍ قالَ لَه المَلاك: "شُقَّ السمكة وأَخرِجْ قَلْبَها وكَبدَها ومَرارَتَها وضَعْها في مكانٍ آمنٍ" [5] فَعملَ الشاب ما قاله الملاك، وشَوى السمكة وأَكَلا.
انطلق طوبيا مع من كان يظنه خادمًا أجيرًا، وكان الكلب يتبع صاحبه طوبيا طوال الرحلة. لم يكن طوبيا على معرفة بالطرق التي تؤدي به إلى راجيس بميديا، وكل ما في قلبه أن يطيع أباه ويأتي إليه بصك الوديعة التي عند غابيلوس. لقد أخذ الملاك اتجاهًا مضادًا لراجيس، ليُحَقِّق خطة الله لطوبيا أن يذهب به إلى اكباتانا قبل الذهاب إلى راجيس.
إذ حلّ المساء وهما على شاطئ نهر التيجر عسكرا بجوار النهر. فوجئ طوبيا بسمكة ضخمة جدًا هجمت عليه لتبتلعه. طلب منه الملاك أن يمسك بها ويلقيها على الأرض.
دُهِش طوبيا إذ أمره الملاك أن يشق بطن السمكة ويستخرج منها المرارة والقلب والكبد، وأن يحتفظ بهذه الأجزاء في مكانٍ آمنٍ. وطلب منه أن يشوي قطعة من السمكة، وأن يلقي أحشاءها بعيدًا.
يرى البعض أنه كان يليق بطوبيا ألاَّ ينزل بقدميه في مياه نهر التيجر. إن كان السيد المسيح قد نزل إلى عالمنا الشرير لكن مياه الخطية لم تلمسه، ولم يكن لرئيس مملكة الظلمة شيء فيه. ونحن إذ نكون في رفقة مسيحنا نسلك في العالم تحت قيادته، فلا يكون للخطية موضعًا فينا.
تمتَّع طوبيا كإنسان الله بفرصٍ رائعةٍ، يحسب كل فرصةٍ كأنها فريدة لم يسبق له أن تمتَّع بها، وحسب نفسه أسعد إنسانٍ على وجه الأرض. نومه على شاطئ النهر في صحبة من كان يظنه إنسانًا أجيرًا ومعه كلبه وراءه أو معه. كانت ليلة فريدة.
يرى البعض أنه يذكرنا بآدم الذي كان في جنة عدن، كان في صحبة السمائيين وكانت الحيوانات خاضعة له مثل كلب صغير يجري وراء صاحبه[1].
إن كان عصيان آدم عزله عن نعمة الله، فصار غريبًا عن الطغمات السماوية، كما ثارت بعض الحيوانات عليه، لكن الله الذي خلقه على صورته ومثاله يريد أن يرده إلى الفردوس السماوي ويكون موضوع إعجاب السمائيين وحُبّهم!
نام أول ليلة بمحاذاة النهر. المنظر هنا لطيف جدًا، فالجنة كانت في أرض دجلة والفرات (تك 10:2-14) وكان فيها الإنسان صديقًا للملائكة، والحيوانات تحت سلطانه. وها نحن أمام نفس الصورة، النهر هو نهر دجلة والإنسان يصاحبه ملاك، والكلب (الحيوان) يتبعه أي تحت سلطانه. إنها أول محطة نزلوا فيها واستراحوا وناموا. فإذا بسمكةٍ كبيرةٍ تريد أن تبتلعه، كما أرادت الحية أن تهجم على حواء وآدم لتحطمهما.
هذا الوحش الذي هجم على طوبيا يرمز للضيقة التي تهاجم أولاد الله، والله يُخرِج من الجافي حلاوة (قض 14: 14). السمكة العظيمة هي رمز للشيطان يريد أن يجذب طوبيا للماء فيغرق في ماء هنا العالم. ولكن بمعونة وإرشاد الملاك جذب الشيطان وفي هذا إشارة لهلاك الشيطان النهائي، بل أخرج من السمكة دواءً للشفاء. وهذا ما حدث، استخدم الله حتى الشيطان أداة لتأديب البشر (2 كو 5:5؛ 2 كو 7:12-9).
أولاً: السمكة التي ذُبِحَت ليأكل منها طوبيا، ويطرد بكبدها وقلبها الشيطان المقاوم لسارة بلا عودة، وبمرارتها فُتحِت عينا طوبيت، تشير إلى عمل مسيحنا المصلوب في حياة المؤمنين.
في الكنيسة الأولى، كانت السمكة أكثر الرموز تفضيلاً واستعمالاً، وهي تحمل معانٍ متعددةٍ، نذكر منها الآتي:
أ. ترمز السمكة لمؤمني الله، ففي (مت 13: 7؛ لو 5: 4-10) استخدمها الرب نفسه رمزًا لشعبه. وعندما دعا تلاميذه قال لكلٍ منهم: "اتبعني فإني أجعلكم صيادين للناس".
في هذا المعنى يقول القديس كيرلس الأورشليمي: [السيد المسيح يصطادنا كما بسنارة لا ليقتلنا وإنما لكي يقيمنا أحياء بعد أن نموت.] ويتحدث القديس غريغوريوس النزينزي عن الشهداء: [إنهم يعتمدون خلال دماءهم، أما بقية المسيحيين فهم كالسمكة تكفيها مياه المعمودية[3].]
ب. ترمز السمكة للسيد المسيح، فقد كتب العلامة أوريجينوس[4]: [يُدعَى المسيح مجازيًا بالسمكة]، كما يقول العلامة ترتليان: [نحن السمك الصغير بحسب سمكتنا يسوع المسيح قد ولدنا في المياه، ولا نكون في أمان بطريقٍ ما غير بقائنا في المياه على الدوام[5].] ويقول: القديس أغسطينوس: [السمكة التي خرجت حية من النهر إلى طوبيا والتي تألم قلبها وكبدها وبهما طُرِد الشيطان أسموديوس هي رمز للمسيح الذي بمرارة الصفراء (التي يفرزها الكبد) شُفِي الأعمى[6].]
وعندما اعتزل بونوسوس Bonosus صديق القديس جيروم إلى دير في جزيرة كتب إليه القديس يقول: [إلى بونوسيوس، ابن السمكة (يسوع المسيح)... الذي يطلب على الدوام أن يقطن المناطق المائية[7].]
وقد لمَّح القديس أغسطينوس إلى هذه الحقيقة بقوله إن السيد المسيح يُدعَى سمكة، لأنه قادر أن يعيش في هاوية هذا الموت كما في أعماق المياه، بدون خطية[8].
دُعي السيد المسيح هكذا لأن الحروف اليونانية لكلمة سمكة هي ІXθΥΣ وهي تحوي الحروف الأولى للكلمات XΡΙΣTΟΣ θΗΟΥ ΥΙΟΣ ΣΩTΗΡ ΙΗΣΟΥΣ أي يسوع ابن الله المخلص.
وفي التلمود دعي المسيا "سمكة".
ولا ننسى أن السمك هو إحدى العنصرين اللذين قدَّمهما الرب طعامًا للجماهير ليُشبِعهم (يو 6: 1-14) رمزًا عن نفسه طعام الحياة.
ثانيًا: أرسل الله رئيس الملائكة رافائيل كطبيبٍ يشفي ما حلّ بعائلتي طوبيت ورعوئيل.
أ. يشفي سارة المتأزمة نفسيًا بسبب ما حلّ بالسبعة رجال الذين تقدَّموا للزواج منها، فيقوم الملاك بطرد الشيطان المُهلك أَسموديوس Asmodeu، إلى غير رجعة، وذلك بتقديم صلواتٍ وبخورٍ مع دخان كبد السمكة وقلبها.
حرق قلب السمكة وكبدها مع تقديم صلوات، ليس من أعمال السحر، إنما لتأكيد أن الشياطين التي لا أجساد لها كي تتأثَّر برائحة الدخان، يظهر ضعفها الشديد أمام صلوات المؤمنين، ولا تحتمل رائحة المسيح الذكية فيهم.
ب. ينزع عن سارة مرارة نفسها التي حلًّت بها بواسطة جواريها، ومن نظرة أهل المدينة إلى لغز قتل المُتقدِّمين للزواج منها.
ج. يشفي طوبيت من العمى الذي أُصيِب به، فعجز عن الاهتمام باحتياجات شعبه في أرض السبي، خاصة دفن المقتولين المُلقي جثاميهم في الشوارع والساحات.
د. عالج نفسية عائلتي طوبيت ورعوئيل. إذ حقَّق للعائلتين قدرتهما على حفظ الشريعة. وذلك بزواج طوبيا من سارة قريبته، والاثنان من سبط نفتالي. فعائلة طوبيت كانت تشتهي زواج طوبيا من إحدى قريباته من نفس السبط حسب الشريعة. وكان هذا الأمر يبدو صعبًا وهم في نينوى. وفي نفس الوقت كانت الشريعة تُلزم ألا تتحوَّل إمكانيات أسرة من سبطٍ إلى سبطٍ آخر. ولم يكن لدى أسرة رعوئيل ابنًا يرثهما، ولا تزوجت سارة من أحد أبناء السبط لحفظ ميراث عائلة رعوئيل في ملكية سبط نفتالي.
هـ. تتطلع الكنيسة إلى رئيس الملائكة رافائيل أنه شفيع المرضى.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ثُمَّ سارا كلاهما معًا حتَّى اقتربا مِن أحمتا (اكباتانا) [6]. حينَئِذٍ قال الشاب المَلاكَ: "يا عَزَرْيا أَخي، ما هي فائدة قَلْبِ الحوتِ وكَبِدِها ومَرارتِها؟" [7] أجابَه: "إن عَذّب شَيطان أو رُوحٌ شرير أحدًا يُحرق قَلْبُ السمكة وكَبدها، فيصعِد دُخانَهما أَمامَه إن كان رجلاً أو امرأة، فيَهرُبُ ولا يَعودُ يُزعجُه [8]. وأَمَّا المَرارة، فتَمسَحُ بِها عَينَيِ الإِنْسانِ الَّذي أُصيبَ بِقشورٍ فيَبرَأ" [9].
لم يُسَجِّل لنا طوبيت كيف قضى ابنه طوبيا مع المرُشِد الأجير وقتهما أثناء السير في الطريق. ولم يُسَجِّل لنا شكر ابنه طوبيا لمُرشِده الذي أنقذه من السمكة التي وثبت عليه وأرادت أن تبتلعه، إنما سجَّل لنا طاعة ابنه للمُرشِد، إذ لم يحاوره كيف يمسك تلك السمكة الضخمة.
اكتشف طوبيا حُبّ مُرشِده له وحكمته، لهذا سأله: "يا أخي، ما هي فائدة قلب السمكة وكبدها ومرارتها؟ بلا شك كانا يشتركان معًا في التسبيح لله، ويقضيان جزءًا من الوقت في الصمت المقدس؟ وكان طوبيا يسأله فيما يخص بنيانه أو في الأسئلة التي لا يعرف لها إجابة.
حسن للإنسان أن يدرك قيمة الوقت، هكذا حسب طوبيا سيره مع المُرشِد فرصة للأسئلة البنَّاءة. ما حدث هنا يذكرنا بما حدث مع تلميذي عمواس اللذين تحدثَّا مع السيد المسيح وهما يجهلانه. لقد قالا: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا حين كان يكلمنا؟!" (لو 24: 32). أغلى ما في حياتنا على الأرض هو الزمن، حيث يلزمنا أن نختبر عربون السماء أينما وُجِدنا، سواء كنا في الكنيسة أو في مخدعنا، أو في العمل أو الدراسة، أو في زيارة لأحد الأحباء أو في الطريق... كل دقيقةٍ هي وزنة خلالها نتمتَّع بالشركة مع الله، فينمو حبنا له ولإخوتنا.
حين سار إبراهيم مع الرب والملاكين الذين ظهروا له، دخل في حوارٍ رائع مع الرب! المؤمن لا يعرف مفهوم الفراغ، لأنه لن يشعر به حتى في نومه، إذ قيل: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 5: 2).
وهب الله الطبيعة غنية بأعشاب وحيوانات ونباتات تصلح للعلاج، وأحيانا يستخدم الله وملائكته أشياءً غريبة لكي يكشف لنا أن سرّ الشفاء يكمن في الطبيب السماوي لا في الأمور الأرضية، وذلك كاستخدام السيد المسيح للطين في تفتيح عيني الأعمى (يو 12). ما قدَّمه رئيس الملائكة كعلاجٍ سواء لسارة أو طوبيت ليس ثمرة خبرة سابقة أو معرفة لأسرار معينة، إنما هي تنفيذ لوصية إلهية قُدِّمت له، قوتها تنبع عن عملٍ إلهي. وذلك كما أعطى الله داود النبي أن يعزف موسيقي تطرد الأرواح الشريرة من الملك شاول. استخدم الله حرق كبد السمكة وقلبها حيث لا يحتمل الشيطان رائحة دخانهما، فيهرب لا من بلدةٍ إلى بلدةٍ مجاورة، بل من قارة إلى قارة. بهذا يؤكد الله ضعف الأرواح الشريرة وعدو الخير إبليس الذي لا يطيق أن يشمّ رائحة المسيح الذكية فينا.
بالنسبة للكبد، فمعروف علميًا أنه يستقبل سموم الجسم ويتعامل معها ثم يرسلها للكلى كي تتخلَّص منها. لهذا عندما يكون الكبد غير سليم يحرص الأطباء على عدم إعطاء المريض بعض الأدوية التي لا يستطيع الكبد التعامل معها بسبب ضعفه، لئلا تُسَبِّب له ما يُسَمَّى بغيبوبة الكبد.
إذ يُعتبَر الكبد أشبه بمخزن للسموم التي يريد الجسم التخلُّص منها، فهو يشير إلى الخطايا. لهذا يُحرَق الكبد مع الكليتين في ذبيحة السلامة وذبيحة الخطية وذبيحة الإثم.
وإذ لا يتوافر في حجال العُرْسِ ثور أو كبش ليقدم طوبيا كبده محرقة رمزًا لحرق الخطية، طلب منه رئيس الملائكة حرق كبد السمكة.
في حرق كبد الحوت مع تقديم الصلوات، يرمز لحرق الشهوات الجسدية.
1. تُقَدَّم الأعمال السحرية لإرضاء إبليس والآلهة الوثنية. أما ما فعله طوبيا فكان لمقاومة الشيطان.
2. ارتبط هذا الحرق بتقديم صلوات لله الحقيقي.
ولَمَّا اقتربا مِن راجيس، [10] قالَ الملاك لِلشاب: "يا أَخي علَينا أن نقضي اللَّيلةَ مع رَعوئيل، وهو قريبك وله ابنة وحيدة اسمها سارة [11]. وأَنا سأتحدث عنها أَن تُعْطى لَك زوجة، وسيكون لك جَميعَ ميراثها، لأنك أنت وحدك من شعبها. وهي فتاةٌ جَميلَةٌ ورصينةٌ [12].
الآن اسمع لي، فإِني سأُكلِّمُ أَبَاها، ومتى عُدْنا مِن راجيس نُقيمُ عُرْسَها. وأَنا عالِمٌ بِأَنَّ رَعوئيلَ لا يَستَطيعُ أَن يَخطُبَها إلى رَجُلٍ آخَر، وإِلاَّ استحق المَوتَ بحَسَبِ حُكْمِ كِتابِ موسى، لِعِلْمِه بِأَنَّه مِن حَقِّكَ أَن تنال الميراث دون إنسانٍ آخر" [13].
قالَ الشاب لِلملاك: "يا عَزَرْيا أَخي، سَمِعتُ أَنَّه قد عُقِدَ لها على سَبعةِ رِجالٍ، فماتوا جميعًا في حجال العُرْس [14]. فأَنا الآنَ وَحيدٌ لأَبي، وأَخْشى أَن أَموتَ في حجال العُرْسِ مثل هؤلاء الذين سبقوني. لأن شيطانًا يُحِبّها، وهو لا يؤذي أحدًا إلا الذي يقترب منها. الآن أخشى أن أموت فأُنزِلَ حَياةَ أَبي وأُمِّي إِلى قَبرهماِ غَمًّا علَيَّ، ولَيسَ لَهُما ابنٌ آخَرُ لِيَدفِنَهُما" [15].
عند اقتراب رئيس الملائكة وطوبيا من راجيس حيث تقطن سارة مع والديها، فتح رئيس الملائكة الحديث مع طوبيا بخصوص زواجه حسب الشريعة من فتاة من بني سبطه.
لم يطلب طوبيت منه أن يبحث له عن فتاة تصلح أن تكون زوجة لابنه، كما فعل إبراهيم حين أرسل اليعازر الدمشقي كبير بيته للبحث عن زوجة لابنه اسحق من عشيرته (تك 24: 1-9). ولعل طوبيت شعر أن هذا العمل ليس من دور خادم أجير يقود ابنه حتى يلتقي به مع غابيلوس ليسترد الوديعة.
لقد استجاب رئيس الملائكة لطلب طوبيت أن يذهب مع ابنه إلى بيت غابيلوس، لكن تحركاته كانت بتوجيه إلهي خفي. لهذا انطلق رئيس الملائكة إلى اكباتانا كطلب طوبيت، غير أنه اتجه أولاً إلى راجيس لينقذ سارة ويُهَيِّئها للزواج من طوبيا حسب خطة الله. أخبر الملاك طوبيا بأن رعوئيل له قرابة مع عائلة طوبيا، حتى يهيئه لقبول ابنته سارة زوجة.
جاء حديث رئيس الملائكة مع الشاب رقيقًا للغاية، فلم يصدر أمرًا بأن يتزوج سارة، إنما قَدَّم هذا الاختيار كاقتراح، وترك لطوبيا فرصة للحوار بعد إبراز الجوانب التالية:
أ. هذا الزواج في ذهن الله قبل الخليقة.
ب. إنها فرصة نادرة أن يجد فتاة مثل سارة من نفس سبطه في أرض السبي.
ج. بهذا الزواج يخدم قريبه الذي في حكم عمه، لأن كل ممتلكاته ستتبدَّد بموت ابنته دون زواجها من نفس السبط، وهي وحيدة والديها ليس لها أخ ولا أخت.
د. أن الفتاة مؤمنة، ابنة صلاة وتسبيح مثل طوبيا وأبيه، فيعيش معها بروحٍ واحدٍ يُمَجِّدان الله.
هـ. تتسم بالعقل والحكمة والتمييز.
و. مع جمال إنسانها الداخلي، يتَّسِم جسدها أيضًا بالجمال.
ز. بزواجه منها يتزكَّى طوبيا، إذ يؤمن بقدرة الله على طرد الشيطان الذي يحبها لا ليُسعِدها، بل يُحَطِّمها هي ووالديها وكل من يتقدَّم إليها.
ح. بزواجه منها يصير طوبيا رمزًا للسيد المسيح، الذي يطرد عن المؤمنين إبليس وجنوده، ويُحَطِّم سلطانهم، ليُقِيم منهم العروس المقدسة الحاملة صورة الله.
حديث رئيس الملائكة المتخفي فتح الباب لطوبيا أن يتحدَّث معه بكل صراحةٍ، فكشف عن مخاوفه أن ما حدث مع السبعة أزواج السابقين قد يحدث معه. إنه ليس مضطربًا من الموت إنما مما يحلّ بوالديه عندما يموت ابنهما الوحيد في ليلة زفافه.
الشيطان لا يحب إنسانًا من أجل تعقُّلِه وحكمته وجماله الجسدي، إنما يبث الشهوات الشريرة فيمن يسلكون في عفةٍ وطهارةٍ. إنه شيطان الشهوة الشريرة التي يدعوها حبًا كي بخبثه يُفسِد الطاهرين ما استطاع. أوضح رئيس الملائكة لطوبيا أن الشيطان لا يستطيع أن يفعل شيئًا للمؤمنين بدون سماحٍ من الله. هذا ما أبرزه سفر أيوب في مقاومة الشيطان له. يقول القديس أغسطينوس: [لا تقدر الشياطين أن تفعل أكثر مما يسمح به الله لها سرًا1.]
لماذا قال له الملاك: "من حقك أيضًا أن ترث جميع ميراثها، لأنك أنت وحدك من شعبها" (12)؟
أولاً: أراد الملاك أن يجتذب قلب طوبيا وفكره إلى أعمال الحب والرحمة بالآخرين. فإن كان أبوه طوبيت قد قدَّم بسخاء لإخوته في إسرائيل وأيضًا في أرض السبي، واهتم بدفن القتلى من بني جنسه في السبي، لن يبقَى الله مدينًا لأحدٍ، بل يرُد هذه الأعمال بالبركة وبسخاء في حياة أولاده وأحفاده.
ثانيًا: أراد أن ينقي الملاك فكر طوبيا من التعييرات التي وجهتها والدته لأبيه في لحظات غضبها.
ثالثًا: كان اليهود يعتزّون بالميراث ليس من حيث قيمته المادية، وإنما كمن يرث بركة الرب العاملة في الوالدين. لهذا قدَّم لنا الكتاب المقدس مباركة اسحق لابنه يعقوب، ومباركة يعقوب لأبنائه، وعلى وجه الخصوص بارك ابني يوسف قبل موته.
قالَ لَه الملاك: "أَلا تَذكُرُ كلمات أَبيكَ التي أوصاك بها أَن تتَّخِذَ زوجة مِن شعبك. فاسمع الآنَ لي يا أَخي، فإنها ستكون لك زوجة. خُذْها ولا تَحسِبْ لِهذا الشَّيطانِ حِسابًا. فإَنَّها ستُزَفُّ إِليكَ زوجة هذه اللَّيلة [16].
ومتى دخلت حجال العُرْس، تأخُذُ جمرًا مِن البخور ومن كَبِدِ الحوتِ وقَلْبِه وتَضَعُه على المِبخَرَة، فتَنبَعِثُ الرَّائِحةُ. يشتمها الشَّيطانُ فيَهرُب، ولَن يَعودَ أَبدًا [17]. وإِذا اقتربت إليها انهضا كِلاكُما واصرخا إلى الله الرحيم، فيُخَلِّصكما ويرحمكما. لا تَخَفْ، فهي نَصيبُكَ مُنذُ القِدَم، وأَنتَ الَّذي ستُخلِّصُها، وستَذهَبُ معكَ. وأَعتَقِدُ أَنَّه سيكونُ لكَ مِنها أَولادٌ" [18].
إذ اقتربا من منزل رعوئيل وزوجته عدنا Edna وابنتهما سارة، طلب الملاك من طوبيا أن يسمع نصيحة أبيه طوبيت فلا يتزوج إلاَّ من سبطه (نفتالي)، وقد تحقَّق ذلك بزواجه من سارة وحيدة والديها.
تحدَّث الملاك معه عن قدسية الزواج وهو حضور الله في الأسرة، فالزواج ليس فرصة للتهاون أو والتراخي في النمو والتقدُّم الروحي.
طوبيا المهتم بقداسته، أرشده الله لزوجة صالحة حفظها له. وسارة لقداستها، سمح الله لإبليس أن يقتل أزواجها لأنهم إما وثنيين أو أشرار لا يستحقُّون هذه القديسة. فبينما كان إبليس يُدَبِّر الهلاك والحزن والكآبة للفتاة القديسة والآلام لطوبيت، كان الله يخرج من الجافي حلاوة (قض 14: 14). الشيطان قوَى على الأزواج السبعة، لأنهم كانوا غير صالحين.
يرى الملاك أنه يليق بالمتزوجين حديثًا أن يقضوا الثلاثة أيام الأولى هكذا[9]:
في اليوم الأول يجحد العروسان الشيطان ويسحقانه بالربِّ. ربما يقصد بذلك أنهما يحسبان عُرْسَهما بداية لحياةٍ جديدةٍ مقدسة في الربّ، فلا يسمحان لعدو الخير أن يكون له موضع في بيتهما.
وفي اليوم الثاني يشعران أنهما ليسا معتزلين عن جماعة القديسين، مخدعهما كنيسة مقدسة.
وفي اليوم الثالث يتمتَّعان ببركة الربِّ الذي يهبهما أبناء وبنات، أي ثمار روحية مقدسة ونجاح في حياتهما.
هكذا يؤكد الملاك أن العلاقة الزوجية غايتها إنجاب الأطفال، وليس إشباع الشهوة [6].
ما أوصاه رئيس الملائكة لطوبيًا صار له فاعليته في الكنيسة في الشرق والغرب. ففي الكنيسة القبطية يطلب الكاهن من العروسين أن يستعدَّا للعُرْسِ بالتوبة وتناول جسد الرب ودمه. وفي الكنيسة الكاثوليكية ينصح مجمع Trent أن يتقدَّم العريسان للإكليل بعد ممارسة سّري الاعتراف والإفخارستيا قبل الزواج بثلاثة أيام. وفي الكنيسة اليونانية جاء في مجمع قرطاجنة الخاص بهم أن يقضي العريسان الليلة الأولى في تعفُّفٍ (قانون 13).
أشار رئيس الملائكة في حديثه مع طوبيا إلى أمرين:
أولاً: وصية طوبيت أبيه أن يأخذ زوجة من سبطه (نفتالي) وفقًا للشريعة.
* (بخصوص وصية أبيه أن يتَّخِذَ امرأة مِن شعبه،) لا يجوز الزواج من الأمم (الوثنيين). قيل في وصية طوبيت لابنه: "خذ لك زوجة من نسل آبائك، ولا تأخذ زوجة غريبة ليست من سبط والديك". أيضًا في سفر التكوين أرسل إبراهيم خادمه لكي يتَّخِذ من أقربائه رفقة زوجة لابنه اسحق. وفي رسالة بولس الأولى لأهل كورنثوس يقول: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفأخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا. أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد، لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد." (1 كو 6: 15-17) كذلك في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس: "لا ترتبطوا بغير المؤمنين، فإنه أية شركة بين البرّ والخطية؟ وأية خلطة بين النور والظلمة؟" (2 كو 6: 14) وأيضًا بخصوص الملك سليمان في سفر الملوك الثالث (أخبار الأيام الأول) الزوجات الغريبات جعلن قلبه ينحرف وراء آلهتهن (1 مل 11: 4)[10].
ثانيًا: أن الله رحوم يطرد الشيطان المُهلِك [18- 22].
السلاح ضد الشيطان هو الصوم ويُمَثِّله هنا عدم التجاوب مع شهوة الجسد. طلب من طوبيا أن يتفرَّغ مع سارة للصلوات. هذا ما يهزم الشيطان، أما حرق كبد الحوت فيرمز لحرق شهواتهم أو كأنهم قتلوا شهواتهم الشريرة.
ما كان يمكن لسارة أن تكون عروسًا لطوبيا إن لم يُحرَق كبد السمكة وقلبها، وما كان لطوبيت أن تُشفى عيناه ليرى النور بعد كل هذا الزمان، ما لم تُمسَح عيناه بمرارة كبد السمكة، هكذا ترمز السمكة إلى السيد المسيح. لقد اقتنى المؤمنين عروسًا سماوية تشاركه المجد بموته واحتماله مرارة الآلام والتهاب قلبه لخلاص العالم، ولا نستطيع أن نخلص من العمى الروحي وندرك الأسرار الإلهية، ونحمل انعكاس النور الإلهي فينا ما لم نتمتَّع بمسحة المصلوب القائم من الأموات.
يرى البعض أن المرارة هي الفضيلة الرئيسية التي نتمتَّع بها من خلال السمكة (السيد المسيح)، فإنها وإن بدت مُرَّة غير أنها تنزع عن البصيرة الداخلية كل غشاوة، فتتمتَّع النفس برؤية الأسرار السماوية وتختبر عذوبتها التي لا يُعَبَّر عنها.
بالمسيح يسوع نتمتَّع بالحياة الجديدة التي تتحدَّى الموت، فنترنم مع الرسول: "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟!" (1 كو 15: 55). وبه تستنير قلوبنا وتتعرَّف على الأسرار الإلهية.
يرى البعض في حرق قلب السمكة وكبدها [17] تقديم ذبيحة سلامة، حيث كان مُقَدِّم الذبيحة يأكل جزءًا منها ويحرق ما تبقَّى من الكبد مع الدهن الموجود في الذبيحة. وقَدَّم السيد المسيح نفسه ذبيحة مصالحة الله مع المؤمنين!
حرص رئيس الملائكة رافائيل على تمييز المؤمن بين معرفة الله غير المحدودة ومعرفة الخليقة سواء السماوية أو الأرضية المحدودة. فإن كان طوبيا ووالديه لم يعرفا شخص رئيس الملائكة رافائيل الذي نزل في شكل إنسانٍ أجيرٍ كي يخدم أسرتي طوبيت ورعوئيل وذلك حسب خطة الله وإرادته المقدسة المملوءة حبًا، فقد كشف الله لرئيس الملائكة بعض الأمور وأخفى عنه الأمور الأخرى. كشف له بعض أسرار العائلتين ليقوم بشفاء أمراضهم الجسدية والنفسية والروحية. وكشف له أن زواج طوبيا بسارة كان حسب فكر الله حتى قبل تأسيس العالم، لكن أخفى عنه إن كانا سينجبان أطفالاً أم لا [18]. هذا الإخفاء كان ضروريًا حتى لا يخلط المؤمن بين إمكانيات الله غير المحدودة وإمكانيات المخلوقات المحدودة مهما بلغ سموها.
ولَمَّا سَمِعَ طوبِيَّا هذه الكلمات، أَحبَّها حُبًّا شَديدًا وتعَلِقَت نفسه بِها [19].
يكشف هذا السفر عن مفهوم الحب الزيجي كيف تتعلَّق نفس كل من الخطيبين بالآخر حسب فكر الله. وما هو دور الوالدين في قرار كل من المُتقدِّمين للخطبة ثم الزواج؟ وكيف نتعرَّف على مشيئة الله في اختيار الزوج أو الزوجة؟ وما هو دور أب الاعتراف أو المُرشِد الروحي في مساعدة الخطيبين.
أولاً: ما هو الحب الزيجي؟
أ. لم يصدر هذا الحب عن انفعال عاطفي مُتسرِّع، إنما أكد له رئيس الملائكة الذي قام بدور المُرشِد الروحي لطوبيا أن سارة عاقلة أو حكيمة وجميلة [12]، فربط جمالها بحكمتها وتعقُّلها.
ب. أدرك طوبيا أنها من قبل الله، إذ حفظ هو وأسرته، وسارة وأسرتها الالتزام بالوصية الإلهية، وهي ألا يدخلا في علاقة زوجية مع غريبٍ غير مؤمنٍ، وإن كان والدا سارة أخطًأ إذ قبلا سبعة أزواج لابنتهما غالبًا من الأمم الوثنيين.
ج. كان دور المرشد أن يسنده، فقد أكد له: "لا تخف" (18).
د. أكد المُرشِد دور الله في الاختيار وفي بدء الحياة الزوجية والاستمرار في التركيز على الحضور الإلهي: "إذا اقتربتَ إليها أنهضا كلاكما واصرخا إلى الله."
ه. إن كان قد أبرز أن الله جعل من سارة نصيبًا لطوبيا منذ القدم (18)، غير أنه لم يلزمه بالزواج منها، ولا طلب منه أن ينتظر رأي والديه، إذ يعلم أنهما يُسرّان بهذا الاختيار.
و. دور الوالدين أن يهيئا الابن أو الابنة لإدراك الحب الأسري، وذلك بكونهما مثالين رائعين للزوج والزوجة المقدسين في الرب، والمملوئين حبًا لبعضهما البعض. إن وصية الوالدين لأبنائهما تبدأ منذ رضاعة الأبناء والبنات، إذ يرون الوصية مُعلَنة في حياة الوالدين بالحب العملي، والسلام الحقيقي وفرح الروح.
ثانيا: الحب الزيجي والالتزام بالصدق
ما طلبه رئيس
الملائكة من طوبيا هو أن يدرك العريس وعروسه أنه يفتتح الزواج بالتلامس مع الحياة
السماوية لمدة ثلاثة أيام[11]،
بهذا يُدرِكان أن عُرْسَهما هو أيقونة للعُرْسِ السماوي
لماذا لم يطلب رئيس الملائكة من طوبيا أن يذهب أولاً إلى والديه لينال رضاهما؟
لم يفعل هذا ليس تجاهلاً لدور الوالدين في زواج الأبناء، إنما ذكَّر رئيس
الملائكة طوبيًا بوصية أبيه. فَرِضا الوالدين ليس أمرًا شكليًا، إنما هو طاعة لوصية
الوالدين التي في الرب.
اكشف لي عن أسرارك يا أيها الرفيق العجيب!
* يحسب البعض قصة رفقة رئيس الملائكة لطوبيا خيالية،
ماذا لو أدركوا أن خالق السمائيين يُقِيم ملكوته في داخلنا؟
انطلق رئيس الملائكة من نينوى،
وبات مع طوبيا على شاطئ نهر الدجلة!
وها أنت مُنطلِق بي من مجدٍ إلى مجدٍ!
في كل ليلة أشعر أنني مستقر في أحضانك!
خاف طوبيا من السمكة الشرسة،
وها أنا لا أرتعب من إبليس وكل قواته!
حوَّلت الأرض لي سماءً بنزولك إليّ!
لست محتاجًا إلى قلب سمكة وكبدها ومرارتها!
قدَّمت لي جسدك ودمك طعامًا وشرابًا،
يهباني الاتحاد بك فأَتمتَّع بشركة سماتك!
إنهما دواء الحياة، يفتحان لي أبواب الأبدية!
* ذهبا إلى أحمتا، فتحدَّث رئيس الملائكة عن سارة التي من عائلة طوبيا.
صارح طوبيا بأن الله قد أَعَدَّهما ليكونا عروسين.
وها أنت تحملني وتقترب بي من سماواتك.
أرى الطغمات السماوية مشتاقة إلى عُرْسِي السماوي!
ارتفعت على الصليب لتفتح لي أبواب الفردوس.
صرتَ لي أخًا بكرًا وأنت خالقي الأزلي!
تُقِيم عُرْسِي لا في أحمتا،
بل في أحضان الآب، حجال العُرْسِ سماوي فائق.
هوذا إبليس تصطك أسنانه حسدًا وغيظًا.
أنزله كبرياؤه عن درجته الملائكية،
ورفعني عريس نفسي المتواضع إلى درجة لا يُعبَّر عنها!
* يحاول العدو أن يقويني بحبه المُهلِك.
يشتهي أن تشاركه كل البشرية مسكنه الناري!
حبه فاسد ومُفسِد!
* كم كان طوبيت وحنة ينتظران عوده ابنهما.
وها هو الآب يُسرّ باتحادي مع ابنه الوحيد الجنس.
ينتظرني الآب ويُرَحِّب بي.
فأَتمتَّع بما لم تره عين، وما لم تسمع به أُذن،
وما لا يخطر على فكر إنسان.
أعماقي تصرخ متهللة:
غربتي طالت عليّ، متى تردّني، فأَتمتَّع بأسرارك الإلهية.
مبارك أنت أيها الآب مع ابنك الوحيد وروحك القدوس!
✞✞✞
[2] راجع كتابنا: الكنيسة بيت الله، الرموز والمبنى الكنسي.
[3] ST. Gregory of Nazianzus: Resurrection, 52.
[4] Origen: In Matt. 5.
[5] Tertullian: De Bapt. 1.
[6] Sermon 4 On. Peter and Paul.
[7] Farrar, p. 14.
[8] ST. Augustin: De Civit Dieo 18: 25.
[9] راجع طوبيا 8: 4 ترجمة الخبر السار.
[10] Treatise 13: 3; 62.
[11] راجع طوبيا 8: 4 ترجمة الخبر السار.
الثلاثة أيام الأولى للعروسين
ورد في الترجمة اللاتينية (الفولجاتا) التي قام بها القديس جيروم والترجمة الخاصة ببعض الأسفار السبعينية باسم الخبر السار في نهاية الأصحاح السادس من سفر طوبيت، حديث لرئيس الملائكة رافائيل لطوبيا بخصوص زواجه سارة:
[فقال له الملاك رافائيل: استمع فأُخبِرك من هم الذين يستطيع الشيطان أن يقوى عليهم [16]]. إن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم، ويتفرَّغون لشهوتهم كالفرس والبغل الذين لا فهم لهم، أولئك للشيطان سلطان عليهم [17].
فأنت إذا تزوَّجتها ودخلت المخدع، فامتنع عنها ثلاثة أيام ولا تتفرَّغ معها إلاَّ للصلوات [18].
في تلك الليلة إذا أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان [19].
وفي الليلة الثانية تكون مقبولاً في شركة الآباء القديسين [20].
وفي الليلة الثالثة تنال البركة حتى يولد لكما بنون سالمون [21].
وبعد انقضاء الليلة الثالثة تتَّخِّذ (سارة) البكر بخوف الربّ وأنت راغب في البنين أكثر من الشهوة لكي تنال بركة ذرية إبراهيم في بيتك [22].
هكذا انتهى الأصحاح السادس في الفولجاتا بدون الإشارة إلى ردّ فعل طوبيا تجاه النصيحة التقوية التي قدَّمها له رئيس الملائكة، ولم تشر إليها النصوص اليونانية القديمة.
أشار نص الفولجاتا (طو 8: 4-6) إلى إتباع نصيحة الملاك رافائيل.
في تأكيد على الاهتمام البالغ للدارسين من الغرب للكنيسة الأولى الذي أولوه للطهارة، كتب جيفين 1969م عن تفرُّد الفولجاتا في الإشارة إلى هذه الثلاثة أيام: [أخبر ميتزجر Metzger 1957 أن التأجيل ثلاثة أيام كانت فكرة تتعلَّق بمسيحي القرون الوسطى بما فيهم الملك لويس التاسع ملك فرنسا والملكة عام 1234م. بحسب جنسن Jansen 1965م، مارس بعض اليهود في مصر القديمة نوع آخر من تأجيل العلاقة الجسدية... [1]
طلب رئيس الملائكة من طوبيا أن يُقَدِّم هو وزوجته نموذجًا لكيفية بدء الحياة الزوجية في الرب.
أولاً: في الليلة الأولى يحرق طوبيا كبد السمكة وقلبها مع بخور وتقديم صلوات، فلا يطيق الشيطان رائحة البخور المُصَاحِبة للصلوات، فيهرب ولا يرجع إلى هذا البيت المقدس الذي تفوح فيه رائحة المسيح الذكية.
إن كان حرق قلب السمكة وكبدها يشير إلى ذبيحة السلامة في العهد القديم، فإنه يليق بالعروسين في العهد الجديد أن يحسبا بيت الزوجية كنيسة مقدسة، ومخدعهما هو لقاء عند ذبيحة صليب ربّ المجد حيث يتمتَّع العروسان بالاتحاد معًا في المسيح يسوع المصلوب. فإذ صالح السماء مع الأرض بذبيحة صليبه، يُصَالِح أيضًا العروسين مع السماء، كما يهبهما مصالحة دائمة مع بعضها البعض في جوٍ شبه سماوي، لا يقدر إبليس أن يفسده.
ثانيًا: إن كان سرّ اتحادهما معًا وتمتُّعهما بالحياة السماوية هو السيد المسيح المصلوب، ففي الليلة الثانية يتجلَّى أمامهما بكونهما كنيسة المسيح ويدخلان في شركة مع القديسين. إذ يختليا معًا خاصةً بالليل، يشعران أنهما ينتسبان لأسرة خفية مقدسة، ويُدرِكان أن الله أبوهما السماوي وأن القديسين اخوة لهما، يصلّيان معًا ليكملا كل حياتهما في سلام الله وفرح الروح، والانشغال بالسماويات المقدسة.
ثالثًا: أما في الليلة الثالثة فيُدرِكان أنهما ينتسبان لأب الآباء إبراهيم، ويطلبان أن يكون نسلهما بالحق أولاد إبراهيم، لهم حق الميراث لا في كنعان، أرض الموعد، بل في أورشليم السماوية حيث يحسبان "ورثة الله، ووارثان مع المسيح" (راجع رو 8: 17).
خلال هذه الليالي الثلاثة، يتعرَّف العروسان كيف يمارسان حياتهما الجديدة، التي تحمل لمسة سماوية (الليلة الأولى)، لا ينحرفان عن التطلُّع إلى المسيح المصلوب (الليلة الثانية)، ويشتهيان أن تنشغل الأجيال القادمة بأورشليم العليا (الليلة الثالثة).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هذه الوصايا التي قدَّمها رئيس الملائكة لطوبيا، في جوهرها أن يسلك طوبيا مع زوجته سارة في حياة داخلية سرّية، تجعل عُرْسَهما دائم التهليل والفرح بلا انقطاعٍ. من يُرَكِّز على أعماقه، يرى ملكوت الله في داخله (لو 17: 21). ينمو ملكوت الله فيه، أو ينمو العروسان في الملكوت الذي في داخلهما.
أذكر قصتان إحداهما في الاسكندرية والأخرى في ملبورن بأستراليا. الأولى في زيارتي لأسرة وجدت ضيفًا قادمًا من القاهرة، سألني إن كنتُ أَقْبَل اعترافه لأنه بعيد عن أب اعترافه. وجاء مُلَخَّص اعترافه، أن زوجته توفت منذ 27 عامًا، وأنه طوال حياته لم يختلف معها قط. وكان كل منهما يرشم الطرف الآخر بالصليب عند خروجه من البيت. بقيت حياتهما في حبٍ وسرّية، لأنهما مشغولان بمجد الله في الأسرة.
أما الثانية فشاب كان على اتصالٍ دائمٍ بي بملبورن أستراليا، وقد تزوَّج منذ 15 عامًا عند زيارتي له. طلب مني كلمة منفعة، فقلت له: أطلب منك ألاَّ تنام في أية ليلة وأنت متضايق من زوجتك. دُهِش من كلماتي وقال: لي خمسة عشر عامًا معها لا أذكر يومًا ما أني تضايقت منها لمدة دقيقة واحدة، ولا هي تضايقت مني... ثم ختم حديثه بقوله: إن كان أحد الطرفين عاقلاً لا يحدث خلاف أو مضايقة بينهما قط. سرّ محبتهما وسلامهما هو تركيز نظرهما على ملكوت الله الذي يُقِيمه ربّ المجد داخلهما. لقد تدرَّبا في حياتهما قبل الزواج ألاَّ ينشغلا بشيءٍ سوى التصاقهما بالربّ. هذا يتحقَّق إن كنا نرى في داخلنا الكنز السماوي، أي ملكوت الله، ولا يشغلنا شيء من الزمنيات.
حسن أن يُفَكِّر العريس وعروسه معًا في تكريس الأيام الثلاثة الأولى بعد إتمام الزواج تشبُّهًا بطوبيا وسارة. يظن البعض أن هذا يتحقَّق بذهاب العروسين معًا إلى أحد الأديرة بعد حفل زواجهما. أرجو في الربّ معالجة هذا الأمر في شيءٍ من الصراحة:
أولاً: وضع رئيس الملائكة لطوبيا برنامج هذه الليالي الثلاث في حديث سرّي معه، لم يُصارِح به أحد سوى سارة بعد دخولها حجال العُرْس، وبدورها لم تُخْبر أحدًا من أصدقائها حتى والديها. أما أن يعرف الكثيرون عن العريس وعروسه أنهما ذاهبان إلى أحد الأديرة بعد إقامة حفل الزواج فهذا دفع الكثيرين أن يتطلعوا إلى هذين العروسين كأنهما ذا قامة روحية عالية عن الآخرين، وكأنهما قاما بعملٍ نسكي علانية.
يليق بالعروسين أن يتأملا فيما ورد في سفر نشيد (الأناشيد) الأنشاد: "أختي العروس، جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم". (نش 4: 12) ويطلعا إلى الاهتمام بالحياة الداخلية السرية لهما، ويمارسا تكريس الثلاثة أيام الأولى، بل وكل بقية أيام حياتهما لله الساكن في قلبيهما سريًّا.
ثانيًا: رسالة الدير بل والكنيسة كلها تشجيع العروسين على صلاة المخدع السرية بجانب شركتهما في العبادة الكنسية الجماعية كل أيام حياتهما لا أن تستضيف عريس وعروسه ليعيشا ثلاثة أيام في الدير حتى وإن حبس كل منهما نفسه في قلايته.
يليق بالعروسين أن يقضيا هذه الفترة في الصلاة والصوم والتسبيح في حجرتهما الخاصة ليتقدَّس حجال عُرْسهم ويصير كنيسة بيتهما بعمل روح الله القدوس الذي لا يطيق الانشغال بالمظهر والشكليات.
أرى أن الظاهرة تحتاج إلى دراسة من المجمع المقدس على ضوء الحياة الإنجيلية والفكر الآبائي والرهباني السليم.
لا نجد في كتابات الآباء القديسين في العصور الأولى من أشار إلى قضاء الأيام الثلاثة الأولى من الحياة الزوجية في ديرٍ ما، إنما بالأحرى اهتم الآباء بالحديث عن قدسية الزواج.
* إذ يحب المسيح الكنيسة مقدسةً عفيفةً وبلا دنسٍ، فليحب الأزواج أيضًا زوجاتهم في عفة. وليَعْلم كل أحد كيف يحفظ إناءه في قداسةٍ وكرامةٍ، وليس في دنس الشهوة الردية كالأمم الذين لا يعرفون الله "لأن الله لم يدعنا (يختارنا) للنجاسة، بل للتقديس عالمين أنكم قد خلعتم الإنسان العتيق بأفعاله ولبستم الإنسان الجديد الذي يتجدَّد (باستمرار) لمعرفة صورة ذاك الذي خلقه![2]
* الزواج صورة مُقدَّسة يجب حفظها طاهرة مما يدنسها. يليق بنا أن نقوم مع المسيح من سباتنا، ونرجع لننام بشكر وصلاة.
* [عن آدم وحواء العروسين في الفردوس]
زيَّن حواء العروس البتول وأعطاها آدم...
جمع كل العالم إلى العُرْس العظيم الذي صنعه، فتزركش العروسان بأكاليلهما وثيابهما.
وشَّحهما بنورٍ بهيٍ وضياءٍ لائقٍ، وتركهما يتنعَّمان بين الأشجار.
كل الأشجار وأثمارها أعطت هدية لهما، وابتهجت الجنة بالعروس والختن المحبوبَين.
كانت شجرة الحياة مخفية في خدر عدن العظيم، لتصير لعريسَي النور عندما يكتملان[3].
قال لي خادم تقي يعيش في أمريكا عندما سألته عن أخته الوحيدة إنها تزوجت، وأخبرني أنه قد بذل كل الجهد معها في خدمتها لأنه يحبها جدًا، وفي أثناء إكليلها كان يصلي من أجلها ومن أجل عريسها أن يكون بيتها مقدسًا للربّ. وعندما ذهب ليبارك لها في اليوم التالي كالعادة المتبعة، قالت له: "لقد كنت حاضرًا طوال الإكليل، لكنني لم أرك في الحفلة التي بعد الإكليل".
أجابها: أنت تعلمين مدى محبتي لكِ، كنت أُصَلِّي من أجلك طوال الإكليل. أما بخصوص الحفل فقد قضيت طول الفترة في كنيسة مفتوحة، وكنت أُصَلِّي من أجلك ومن أجل عريسك، لكي يكون بيتكما كنيسة المسيح المقدسة.
فرحت جدًا وشكرتني، وقالت تصرُّفك هذا رائع، وطلبنا الصلاة من أجل بعضنا البعض.
_____
← تفاسير أصحاحات طوبيا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
تفسير طوبيت 7 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير طوبيت 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/f3vknqt