محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
طوبيا: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - (20 - 21)
[1- 6] |
||||
[7- 16] |
||||
[17- 19] |
||||
|
يُعتبَر هذا الأصحاح نهاية الأحداث في هذا السفر، قبل أن يُعلِن رئيس الملائكة عن شخصه (طو 12)، ويُقَدِّم طوبيت صلاته الختامية (طو 13)، وكلماته الختامية (طو 14).
بدأ السفر بمواجهة طوبيت البار التجارب الخارجية سواء في مملكة إسرائيل أو السبي، ثم مواجهته للتجارب الداخلية من جسده الذي أُصيب بالعمى ومن زوجته التي كانت تُعَيِّره. والآن تتحوَّل كل الأحداث المؤلمة إلى أفراح كثمرة لصلوات المُجرَّبين: طوبيت وأسرته ورعوئيل وأسرته. تحوَّلت التجارب المُرَّة إلى جوٍ مُفرحٍ عجيبٍ.
أولاً: كان رافائيل حريصًا على خدمة الكل في الأمور الكبيرة والصغيرة، فإن كان قد هيَّأ طوبيا للزواج من سارة، وكشف له عن كيفية طرد الشيطان الذي كان يقتل كل من يتقدَّم لها، غير أننا نلاحظ أنه عند اقتراب كل الموكب من نينوى، طلب من طوبيا أن يسرع معه عن الموكب لكي يعدّا البيت لاستقبال العروس التي لم تكن قد تعرَّفت على حماها وحماتها، وأن يفرحا بحضور العروسين.
ثانيًا: الأم التي كانت تسير في الطريق الذي سلكه ابنها وهي تبكي بمرارة وتئن لأنها حسبته قد مات، الآن ترتمي عليه وتعانقه وتحسب كل أمنياتها قد تحققت برؤيتها ابنها. اعتبرت أنها لا تجد بعد شيئًا على الأرض تطلبه من الله. وحسبت ذلك استعدادًا أن تموت مستريحة القلب [9].
ثالثًا: إذ شعر طوبيت بهذا اللقاء المُفرِح بين حنة وابنها طوبيا أسرع ما استطاع ليستقبل طوبيا فتعثَّر عند الباب بسبب إصابته بالعمى. لكن أسرع إليه ابنه، وفي طاعة كاملة لرفيقه العجيب عزريا (رافائيل المتخفي) [7-8] طلب منه أن يدلَّك عينيه بمرارة السمكة وازالة القشور البيضاء منها[1] [12]. فكان أول ما نظره هو ابنه الذي كان يئن عليه بسبب التأخير [13]. من يستطيع أن يُعبِّر عن فرح طوبيت بلقائه مع ابنه وتفتيح عينيه ليرى ابنه الوحيد الذي حُرم من رؤيته قبل سفر طوبيا بمدة قد تكون طويلة!
رابعًا: أظهرت حنة مشاعرها الفياضة نحو ابنها وأيضًا نحو زوجها طوبيت. فعند لقائها بابنها قالت: "رأيتك يا ابني؛ لأمت الآن" [9] وإذ لم تستطع القبلات والأحضان والكلمات أن تُعَبِّر عن مشاعر الأم وابنها بكيا [9]، لكي تعبّر الدموع عما في داخل قلبيهما وعقليهما. شعرت أيضًا بما في قلب رجلها، فقالت له: "هوذا ابنك قادم والرجل الذي يصحبه" [6]. لم تقل ابني بل قالت "ابنك". وكأنها تود القول إن مشاعرك من نحوه لا تقل عن مشاعري من نحوه!
خامسًا: أسرع طوبيت للقاء سارة كنّته فرحًا! لقد صار أباها، يحبها كما يحب زوجها طوبيا! لقد باركها وحسب والديها مباركين من قِبَل الربّ [17].
سادسًا: كان طوبيا مُدرِكًا ما في قلب أبيه، أن يعرف أعمال الله معه في هذه الرحلة، لذلك تحدث طوبيا مع أبيه وهو متهلل "بكل الأمور العظيمة التي حدثت معه في ميديا" [15]، قبل أن يسأله أباه عن هذه الأحداث.
سابعًا: هذه المشاعر الفياضة من جانب طوبيا وأمه وأبيه لم تشغلهم عن تقديم الشكر لله، لذلك "قدم طوبيت الشكر، لأن الله رحمه" [16].
ثامنًا: عمل الله مع هذه الأسرة هزّ مشاعر كل إخوته اليهود المسبيين، خاصة أقرباءه مثل أحيور وناداب، فجاء الكثيرون يشاركون في الاحتفال بالعُرْسِ.
من يقدر أن يصف أيضًا مشاعر سارة هذه التي عيَّرتها جواري أبيها، وانتشرت قصة الرجال السبعة الذين قتلهم الشيطان في ليلة زفافهم، هوذا الآن الكثير من اليهود المسبيين في نينوى صاروا في فرحٍ عظيم من أجل أعمال الله مع طوبيت وزوجته وابنهما طوبيا وكنّتهما سارة. لم تعد تشعر بالمرارة والضيق، حتى والديها في احمتا بميديا كانا متهللين بعمل الله معهما ومع ابنتهما.
تاسعًا: في احمتا امتدّ عُرْس طوبيا وسارة أربعة عشر يومًا ببهجة، وها هنا في نينوى استمر العُرْسُ سبعة أيام أيضًا حتى يفرح كل شعب الله في نينوى.
عاشرًا: لا ننسى أيضًا أن الكلب الذي رافق صديقه طوبيا في كل رحلته قد فرح ليس فقط لأنه عاد إلى بيته، وإنما لمس الجو المُفرِح للعائلتين طوبيت وزوجته، وطوبيا وزوجته، وأيضًا كل شعب الله الذي جاء يشترك في أسبوع الفرح! إن كان آدم وحواء قد أَفسدا الطبيعة الجميلة بعصيانهما للوصية، فإن جو الفرح السائد شعر به حتى الكلب غير العاقل.
وسافروا إلى أن اقتربوا من نينوى [1]. وقال رافائيل لطوبيا: "ألا تعلم يا أخي كيف فارقت أباك؟" [2] لنُسرِع أمام زوجتك لنُعدّ البيت [3]. والآن خذ بيدك مرارة السمكة. فمضيا وسار الكلب وراءهما [4]. وفي نفس الوقت كانت حنة تجلس في الطريق تحدق بنظرها فيه منتظرة ابنها [5]. أدركت أنه قادم، وقالت للأب: "هوذا ابنك قادم والرجل الذي يصحبه. [6]
كان رئيس الملائكة يتعجَّل طوبيا كي يصلا البيت قبل سارة [3] للأسباب التالية:
أ. أن ينزع عن الوالدين حالة القلق الشديد، فيستقبلا سارة وهما متهللان بمجيء ابنهما وزواجه من سارة.
ب. يحتاج الوالدان الشيخان إلى وجود طوبيا لمساندتهما في إعداد البيت لاستقبال سارة.
إذ كانت سارة قادمة ومعها كل ملابسها وحاجاتها الخاصة بجانب نصف الممتلكات التي لوالديها، فوجود طوبيا مع والديه في استقبالها يعطي الوالدين أن يُظهِرا مودة خاصة لسارة.
ج. لو أن طوبيا جاء مع سارة، فإن عامل الدهشة قد يشغل والدي طوبيا بابنهما، فتظن أنهما لم ينشغلا بها مثل انشغالهما بزوجها.
د. كان من المهم أن يسبق طوبيا سارة في لقائه حتى تأخذ أمه حنة حريتها في التعبير عما في داخلها دون حرجٍ. نراها تقول له: لقد رأيتك يا ابني، فالآن أنا أموت... " ومن جانب آخر عند مجيء سارة رآها والده وقد شُفيت عيناه فيفرح برويته لكنته.
ه. ربما أراد أن يكشف طوبيا لوالديه عن دور الملاك في تشجيعه على الزواج من سارة في غير وجودها.
كانت حنة مشغولة ليلاً ونهارًا بأن يرجع ابنها إلى البيت وتراه بعينيها، هكذا يليق بنا ألا نتوقَّف عن الصلاة والعمل من أجل الذين ضلُّوا الطريق حتى يعودوا إلى كنيسة المسيح ويتمتَّعوا بأُبوة الآب السماوي وبركات النعمة الإلهية.
* عندما نفقد البعض نترجَّى عودتهم، ألا نوجه عيوننا نحو الموضع الذي يأتون منه؟ هكذا نستمر يوميًا مترجّين ذلك حتى نفقد قوتنا. هكذا فعلت حنة كانت تتطلع نحو الطريق منتظرة مجيء ابنها وهي تراقب الطريق بلا ملل.
وهكذا فعل داود النبي متطلعًا من البرج في غيرة متقدة كأبٍ مهمومٍ ليسأل إنسانًا يجري قادمًا من المعركة عن صحة ابنه (2 مل 18: 24).
هكذا تفعل الزوجة في سن لم يعرف المشقة، وهي في برج المراقبة المطل على شاطئ البحر تنتظر مجيء زوجها في ترقُّبٍ لا يعرف التعب، فتتطلع على الدوام، كلما رأت سفينة تتخيَّل أن رجلها مبحرًا فيها. إنها تخشى أن شخصًا ما ينال امتياز رؤية رجلها المحبوب قبلها، ولا يكون في إمكانها أن تكون أول من يقول: "لقد رأيتك يا زوجي"، كما فعلت حنة عندما رأت ابنها: "لقد رأيتك يا ابني والآن أنا موافقة أن أموت" (طو 11: 8)، لأن عذوبة اشتياقها الكثير لرؤيته لا يجعلها تشعر بألم الموت[2].
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
قال رافائيل: "إنني أعلم أن عيني أبيك ستبصران [7]. أدهن عينيه بالمرارة. وعندما تؤلمانه يدلكهما ويلقي القشور البيضاء عنهما، فيراك [8].
أسرعت حنة نحو ابنها ووقعت على عنقه، وقالت له: لقد رأيتك يا ابني. لأمت الآن وبكيا [9]. ثم خرج طوبيت إلى الباب وزلت قدماه، فجرى إليه الابن [10]. وأمسك أباه، وطلى عيني أبيه بالمرارة، وقال: "تشدَّد يا أبي" [11]. وإذ تألمت عيناه دلكهما بالمرارة، وسحب القشور البيضاء من طرفي عينيه [12]. فإذ أبصر ابنه، وقع على عنقه، وبكى وقال: [13]
"مبارك أنت يا الله، ومبارك هو اسمك إلى الأبد. مباركة هي كل ملائكتك القديسين. لقد أدبتني، ولتكن رحمتك عليّ. هأنذا أبصر ابني طوبيا" [14]. دخل ابنه فرحًا، وأخبر أباه بكل الأمور العظيمة التي حدثت معه في ميديا [15]. ثم مضى طوبيت للقاء كنته فرحًا، وبارك الله عند بوابة نينوى. وكان الذين يرونه سائرًا يتعجّبون أنه استطاع أن يبصر [16].
يعترض البعض كيف تُشفى عينيّ طوبيت بمسحهما بمرارة الكبد [11]. جاء في سفر إشعياء النبي (إش 38: 21) أنه وضع قرص تين على الدبل فبرأ حزقيا الملك. ووضع السيد المسيح الطين على عينيّ الأعمى فانفتحت عيناه، فهل التين يشفي، والطين يفتح العيون؟
الله يحب عبيده الشاكرين [16]:
1. فرح طوبيت بعمل الله معه ومع ابنه.
2. بارك الله وهو منطلق إلى بوابة نينوى ليلتقي بزوجة ابنه.
3. قدَّم شكرًا لله الذي ردَّ له البصر.
4. بارك طوبيت عائلته التي تمتَّعت بعمل الله معها.
سبق أن نصح رئيس الملائكة العريس طوبيا وحيد والديه الذي غاب طويلاً عن والديه، أنه متى رآهما لا يجري بسرعة يرتمي عليهما، بل قال له: "اسجد في الحال للرب إلهك، واشكره، ثم ادنِ من أبيك وقَبِّله".
إذ أبصر طوبيت ابنه، ووقع على عنقه، وبكى [13]، يذكرنا بلقاء الأب بابنه الراجع إليه (لو 15).
* هذه علامات قوة إلهية وليست بشرية، أن تُفتَح ظلال ليل دائم للأعمى، وتُشفى جراحات عيون مغلقة بنورٍ كامل، وأن ينال أصم سمعًا، وأن يُعَاد تشكيل أعضاء مقيدة، وأن يُستدعى ميت إلى النور بقوة متجددة. كل هذه الأمور كانت نادرة أو لم تُوجد قبل الإنجيل. طوبيت نال عينين، والعلاج كان من ملاك وليس من إنسانٍ[3].
كم كانت مسرة طوبيت حين رأى ابنه فأدرك أن الله لقد أَدَّبه، ولكن رحمته عليه عظيمة للغاية [14-15].
* الله لن يسمح لأولئك الذين احتملوا شرورًا كثيرة وخطيرة، وقضوا كل الحياة الحاضرة في تجارب ومخاطر بلا عددٍ ألاَّ يُكافأوا بعطايا عظيمة للغاية... عندما ترى إنسانًا في ضيقٍ وحزنٍ وفي مرضٍ وفقرٍ، وأيضًا في ويلات أخرى لا تُحصَى حتى نهاية حياته الحاضرة، قل لنفسك، لو أنه لا توجد قيامة ودينونة لما كان الله يسمح لأحدٍ أن يحتمل شرورًا عظيمة كهذه من أجله، ويرحل من هنا دون التمتُّع بأية خيرات صالحة...[4]
قَدَّم طوبيت الشكر لأن الله رحمه. وإذ اقترب طوبيت من سارة كنته ليلتقي بها باركها، قائلاً: لتكوني في صحة كاملة يا ابنتي، مبارك هو الله الذي جاء بكِ إلينا ومبارك هو أبوك وأمك" [17]. وفرح كل إخوته الذين بنينوى [18]. وجاء أحيور وناداب (ناباط) ابن أخيه، إذ استمر عُرْس طوبيا سبعة أيام ببهجةٍ [19].
هب لي يا ربّ الفكر المُتَّسِع بالحب!
* مبارك أنت أيها الربّ إلهنا،
أرسلت رئيس الملائكة متخفيًا،
كي نتعلَّم منه الفكر المُتَّسِع بالحب.
بفرحٍ انطلق مع طوبيا وسارة وغنمهم وقطعيهم.
انطلق من أحمتا بميديا متجهًا إلى نينوى.
يسير معهم كواحدٍ من الأسرة يُشارِكهم السير كإنسان.
وهو كرئيس ملائكة أرسله الربّ من السماء،
وفي لحظات يمكن أن يكون على الأرض يُحَقِّق ما أمره به خالقه!
بالحب لم يسرع حتى لا يضطرب هذا الموكب البشري مع قطيع الأغنام والجمال.
* هب لي يا ربّ أن أَترفَّق بالضعفاء، فأرتل لك:
صرتُ مع الضعفاء كضعيفٍ لأربح الضعفاء (1 كو 9: 22).
فلا يسقطون في صغر نفس.
أسند الضعفاء ما استطعت، فتسندني نعمتك وتسندهم!
* اهتم رئيس الملائكة بالأسرة كلها،
وأنت أيها العجيب في حُبِّك تهتم بالبشرية كلها!
كان يُذَكِّر طوبيا بوصية أبيه له لينال بركة أبيه الشيخ.
كان في الموكب القادم إلى نينوى كصديقٍ عجيبٍ.
طلب من طوبيا أن يسرع معه،
لكي يلتقيا بأمه التي لم تعرف الراحة بسبب غياب ابنها.
انطلق معه كي تقع أمه على عنقه وتتهلل.
وسأله أن يأخذ الدواء لشفاء عيني أبيه.
أسرع مع طوبيا لكي يُعِدّ والديه بل والبيت كله لاستقبال العروس المباركة.
* هب لي يا ربّ أن أهتم بكل من هم حولي.
وأعمل لراحة المتألمين والحزانى،
وأُهيئ الجو ليشعر الكل برعايتك أيها الخالق محب البشر!
كم كانت مسرَّة ملاكك حيّن اهتز أقرباء طوبيت وبني قومه بتفتيح عينيه،
وبلقاء حنة بالعروسين.
حتى كلب الفتى طوبيا فرح بابتهاج القلب!
* إلهي ... إن كان ملاكك مُتَّسِع الفكر بالحب،
فكم وكم يكون اتِّساع قلبك يا من صُلِبت لأجل خلاص البشرية؟!
_____
← تفاسير أصحاحات طوبيا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
تفسير طوبيت 12 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير طوبيت 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dpq4kz3